روايات

رواية غابت شمسها الفصل الثالث عشر 13 بقلم مايسة ريان

رواية غابت شمسها الفصل الثالث عشر 13 بقلم مايسة ريان

رواية غابت شمسها الجزء الثالث عشر

رواية غابت شمسها البارت الثالث عشر

غابت شمسها
غابت شمسها

رواية غابت شمسها الحلقة الثالثة عشر

ترددت مرام فى أخذها .. قربت الحبة من شفتيها ثم أبعدتها وهي تضغط على كوب الماء بيدها .. فى ماذا تفكر بحق الله ؟ أسبوع حتى الأن وهي لا تأخذ تلك الحبوب وفى كل يوم تؤنب نفسها بنفس الطريقة .. ثم تعود وتقنعها بأنها لو أمتنعت عن أخذها وأصبحت حامل سوف تثبت لصالح بتلك الطريقة أنها تغيرت وأنها باقية عليه وترغب فى أن تقضي كل حياتها معه .. ربما سيسامحها حينها ويكون الطفل الذي سيولد سببا فى عودة حبه لها .. ألقت الحبة فى سلة المهملات اسفل الحوض وهي تتساءل ان كان ما تفعله صح أم خطأ ؟
لقد مرت ثلاثة أشهر على زواجهما وكل يوم يمر تزداد حياتها سؤا .. كانت تطيعه فى كل شئ آملة أن يغير فكرته عنها ويستمع الى تبريرها الذى يرفض حتى الأن الأستماع اليه فقد حاولت مرة وكان رد فعله مهينا …
تأملت نفسها في المرآة .. لقد تغير شكلها أيضا .. برزت عظام وجهها وتحلقت عيناها من التعب وهزل جسدها ونحف وباتت نظراتها مظلمة بنظرة خاوية .. لا شئ يحدث فى أيامها جديدا .. أصبحت منقطعة عن العالم الخارجى تماما .. فقد سحب صالح منها هاتفها وهما فى الجونة فلم تعد تعرف شيئا عن أصدقاءها .. وتحدثت مرة واحدة فقط مع خالها وكان هو من طلبها على هاتف صالح عندما فشل بالتواصل معها على هاتفها وظل صالح طوال المكالمة واقفا أمامها ينظر اليها بحدة .. يخشى أن يمرر لها خالها شيئا عن فودة أو تتجرأ هي على السؤال عنه ولكنها لم تكن تريد أن تعرف عنه شيئا فيكفيها ما تعانيه ولا تريد أن تزيد من همها بأن تضيف عليه هم فودة أيضا .. والده ثري جدا وقادر على الأستعانة بمحاميين كبار للدفاع عنه وربما يجد له معارف مهمين يخرجوه من القضية بسهولة .
لم تكن تخرج من البيت الا لماما وبصحبته هو فقط ولكنه سمح لها مرة بالسفر الى القاهرة بصحبة شقيقته نهال ووالدها وكان بناء على ألحاح نهال التى أشفقت عليها لأنها تراها حبيسة البيت فأرادت أن تروح عنها وكان السفر من أجل أجراء بعض التحاليل والأشعة وبعدها كان من المقرر أن يأخذهما والدها لزيارة بعض الأماكن ومن بينها المساجد والأضرحة التى تصر نهال على زيارتها كلما ذهبت الى القاهرة ولم تعترض مرام على برنامج الزيارة فقد كانت ترغب فى الخروج لتغيير الجو ليس الا .. وأثناء وجودهم بالمشفى تركتهم مرام وذهبت لبعض الوقت الى الكافتريا لشرب القهوة وأكل شئ ما وعندما عادت وجدت حالتهما غريبة وفهمت أن صالح قد أتصل وعرف بأنها ليست معهما فثارت ثائرته فقال لها والدها متجهما وهو يناولها هاتفه
– من الأفضل أن تتصلي به .. فقد كان يهدد بالمجئ .
طلبت مرام رقم صالح وأجاب مع أول رنة وعندما سمع صوتها صرخ بها بغضب هادر
– أين كنت ؟ .. من قابلتي ؟ .. مع من تحدثتي ؟
قالت بصوت يكاد يختنق
– كنت فى كافيتريا المشفى .
ردد ساخرا
– كافيتريا ؟ .. أم عدت تتسللين من الأبواب الخلفية كما فعلت فى المطعم من قبل ؟
شحب وجهها .. كيف عرف ؟
– أنها آخر مرة أسمح لك فيها بالذهاب لأي مكان من دوني .
وأغلق الهاتف فى وجهها ومن بعد تلك المكالمة ظلت ملازمة لوالدها وزوجته ولم تتمتع بشئ طوال تلك الرحلة وعندما عادوا نفذ صالح تهديده فلم تعد تخرج مع أحد وكان يأخذها أحيانا للغداء بالخارج وفى نفس المطعم المعتاد ولم تسأله مرة كيف عرف بما فعلت هي وليلي فى ذاك المطعم عندما قابلتا فودة .
خرجت مرام من الحمام وأعادت شريط الحبوب الى الدرج وأغلقته
كانت الساعة تشير الى الحادية عشر ليلا .. دقائق وسيأتى صالح بعد أن ينتهي من شرب شايه مع والدها وكالعادة ستكون بأنتظاره فى الفراش .. ان أرادها سيقترب منها بصمت بعد أن يغرق الغرفة فى الظلام فقد أصبحت هذه احدى طقوسه وكأنه بذلك ينسى من تكون وبعد أن ينتهي منها يوليها ظهره بصمت وينام .
جلست مستقيمة فى الفراش وهى تنصت لخطواته تتقدم داخل الغرفة , ترك مصباح الطرقة الخارجية مضاءا وهذا يعنى أنه لا يرغبها الليلة فأنزلقت تحت الغطاء ببطئ واستلقت على ظهرها مغلقة عيناها .. شعرت به يندس تحت الغطاء بجانبها وبعد عدة حركات هدأ جسده وسكن .. بعد عدة دقائق أنقلبت على جانبها وفتحت عينيها تنظر الى الظلال التى تتراقص على وجهه .. رفرفت رموش عينيه ولكن عيناه ظلت مغلقة فابتسمت .. لو يعلم كم تعشقه .. يظن أنها باقية معه لأنها خائفة من تهديده لها بالسجن .. ربما كانت كذلك فى البداية ولكن فيما بعد أكتشفت أن أي مكان ستذهب اليه وهوغير موجود به سيكون أسوأ من أي سجن توضع به .. سيكون فراقها عنه كحكم بالأعدام ينفذ بها كل يوم .. فهل يمكن أن يحب الأنسان أحدا هكذا .. هل أحبها صالح فيما مضى الى هذه الدرجة التى تشعر بها تجاهه الأن ؟ .. أنها تذكر جيدا ما همس به لها فى ليلة زفافهما (( هذا ليس حبا .. ولا يمكن أن يكون عشقا .. فما أشعر به تجاهك لا أسم له .. أنه شئ لم يخلق لأحد غيري ولم يشعر به أحد من قبلي )) .
مدت يدا مرتجفة الى وجهه يدفعها فيضان الحنان بداخلها ومست بشرة وجهه برقة .. تجعدت الخطوط حول عيناه واشتدت شفتاه .. كان مستيقظا ومع ذلك لم تتراجع فماذا يمكن أن يحدث .. يرفضها ويسخر منها ؟ وما الجديد ؟ .. فقد فعل ذلك من قبل دون أن تكون هى البادئة , مررت أناملها على وجنته وعينيه ورسمت بهما على شفتيه .. تسارعت أنفاسه فشعرت بمزيد من الجرأة والثقة فاقتربت منه بجسدها تعيش نشوة انتصارها وهمست له بالكلمة التى لم تلفظها أبدا من قبل
– أحبك .
وفجأة وجدت نفسها مستلقية على ظهرها مثبتا اياها فى الفراش وهو يطل عليها من أعلى ينظر اليها بنظرات قاتلة
تسارعت أنفاسها وضربات قلبها وهى تحدق فى وجهه تنتظر أنفجاره الذى يحضر له ولكنه بدا كما لو كان يصارع شيئا بداخله وجاء صوته محملا بمشاعر غير مفهومة
– لا تدعي ما لا تشعرين به حتى تنالي ما تريدين
لا تعرف لماذا فعلت ما فعلته ولكن عندما تراخت يداه عن كتفيها أقتربت منه وعانقته .. تجمد للحظة متفاجئا من هجومها ولم تبالي هي بآلام عظام ظهرها التى تكاد تتحطم تحت ضغط أصابعه .
فقد السيطرة على نفسه .. نسى كيف يقاوم ضعفه .. تعرت مشاعره وتجاهل جراح قلبه .. عرف بأنه سيندم فيما بعد ولكن لا حيلة له فقد تعب من المقاومة كمن يجدف طوال الوقت عكس تيار نهر جارف .. سيحبها الليلة كما يشتهي وغدا سيكون لعقله قولا آخر .
****
– صباح الخير .
قالتها مرام ببشاشة وهي تنضم الى والدها ونهال على مائدة الأفطار .
فنظرا الى بعضهما البعض باستغراب يراقبانها وهي تقرب طبق الفول أمامها وتبدأ الأكل بشهية وسألت بعد أن أبتلعت لقمتها الأولى
– هل خرج صالح منذ مدة ؟
لقد أستيقظت ولم تجده وقد توقعت شيئا كهذا .. ابتسمت وهي تتذكر ليلة امس .. لقد تأكدت ، هناك شئ من حبها مازال موجودا داخل قلبه حتى وان أنكر ذلك عنها .
ردت نهال بجفاء
– نعم خرج .. ولم يكن فى حال جيد كما أنت هذا الصباح ما شاء الله .
أبتسمت لها مرام وقد قررت أن لا تجعل أي شئ يفسد عليها سعادتها هذا اليوم
– مشاكل فى العمل ؟
ونظرت الى والدها متساءلة وكادت أن تضحك على النظرة المتفاجأة التى علت وجهه فهي لا توجه له أي كلام تقريبا وكانت نهال من أجابتها بشئ من الحدة
– مشاكل العمل ليست هى من تجعله حزينا وكئيبا طوال الوقت وتدفعه لأول مرة فى حياته للعصبية وهو يتحدث معي .
جاء دور مرام لكي تندهش .. هل فقد صالح أعصابه على شقيقته حقا ؟ وهذا هو السبب الذي يجعلها تتحدث اليها بمثل هذا الجفاء لأنها تعتقد بأنها السبب ؟ حسنا أنها السبب فعلا ولكن ليس كما تعتقد فصالح وان كان غاضبا فهو غاضبا على نفسه وليس منها
تركت مرام الخبز من يدها ونظرت الى نهال
– لم أفهم .. ماذا تقصدين ؟
كانت تشعر بأن بعض من قوتها قد عادت اليها , قالت نهال بأنفعال
– لا أعرف ماذا فعلت له .. منذ أن تزوجك وهو تعيس ولا تنكري ذلك .. ولا تنكرى أيضا انك السبب .. فقبل أن يعرفك كان شابا مرحا خلوقا والأن أصبح كئيبا ونزقا .
أختنق صوتها فابتلعت ريقها وتابعت
– لطالما دافعت عنك وتغاضيت عن مساؤك لأننى رأيت صالح يريدك وسعيدا بك ولكن هذا لم يعد يجدي نفعا بعد الأن وبعد ما أصبح عليه بسببك .
كانت يدها ترتجف وهي تتكلم وقد أزرقت شفتاها فشعرت مرام بالقلق وشاركها والدها قلقها عندما نهض بسرعة وأحاط كتف نهال بذراعه وهو يقول
– أهدأي من فضلك .
ثم نادى على أم عبيد والتى جاءت مسرعة من المطبخ
– أحضري دواء القلب .
أسرعت أم عبيد لتنفيذ أوامره وظلت مرام تنظر الى وجه نهال الأصفر الشاحب وقد فقدت شهيتها للطعام .
****
في المصنع
عانى العمال والموظفين من سؤ طباعه هذا الصباح .. رئيسهم الهادئ طويل البال عادة لم يعد كذلك وكان الجميع يتهامسون منذ فترة أنه من بعد زواجه وقد تغيرت أحواله فى البداية كان عابسا ولم يعد يضحك مع أحد وبعد ذلك أصبح فاتر الهمة وغير مقبل على العمل بحماس كما كان مما دفع بعض العاملين الى التراخي والتسيب فى العمل والأن جاءهم فى الصباح كبركان غضب كان خاملا وفجأة ثارت ثائرته ليحرقهم جميعا بحممه .
دلف الى مكتبه ورباب من بعده وكانت ترمقه بنظرات حذرة وسألته
– هل حقا ما سمعت .. طردت أثنين من العمال ؟
نظر اليها بغضب وصاح
– أليس هذا من حقي ؟ .. هذا مصنعي أعين من أشاء وأطرد من أراه لا يقوم بعمله ويتسبب بخسارتي .. وهذين الأثنين هما من تسببا فى تعطل الماكينة لأكثر من مرة بسبب أهمالهما .
أحمر وجه رباب بسبب تعنيفه ولكنها قالت بشجاعة
– ولكنهما يعملان فى المصنع من أكثر من خمسة عشر عاما والمصنع مصدر رزقهما الوحيد و ..
قاطعها
– اذا كانا يدركان حقا أنه مصدر رزقهما الوحيد فكان يجب أن يراعيا ذلك ويعملا بضمير .
– ما رأيك لو نكتفي بالخصم ولفت النظر و ..
قاطعها رنين جرس هاتف المصنع فأشار لها صالح بأن تجيب , رفعت رباب السماعة وفجأة أكفهر وجهها ونظرت الى صالح بقلق وهي تجيب
– نعم سأخبره .
وقبل أن يسألها قالت
– ابنة عمي مريضة وقد قام عمي أحمد بالأتصال بالطبيب .
شحب وجه صالح بقلق ودون لحظة تردد خرج من الباب تتبعه رباب وهي تسرع بخطواتها خلفه كي تلحق به .
أنه السبب فيما حدث بالتأكيد .. لقد ثار فى وجهها هذا الصباح بطريقة لم يفعلها أبدا من قبل .. أستيقظ فى مزاج سيئ وهي كعادتها تلح لكي تعرف ما به فكان فيما سبق يحايلها ويتهرب من الأجابة عليها ولكن اليوم لم يكن يتحمل شيئا على الأطلاق .. ان حدث لها مكروه لن يلوم الا نفسه .. وهي .. تلك الحية التى تسللت تحت جلده وأغرقته بسمها ستنال نصيبها من اللوم وقد أقسم على ذلك .
أصرت رباب على الذهاب معه واستحسن الأمر فوجودها سيخفف من الوضع قليلا وقد تحتاج نهال اليها فى شئ قد لا تقدر عليه أم عبيد وحدها وكان قد أستثنى مرام من فكره فهو لن يعتمد عليها فى شئ يخص شقيقته أبدا برغم أنها تحاول ارضاءه بشتى الطرق وهو يعلم لماذا تفعل ذلك .. لتتقي شره وتخدعه للمرة الثانية ولكنه لم يعد ساذجا كما فى السابق بأستثناء ليلة أمس بالطبع .
****

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غابت شمسها)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى