رواية غابت شمسها الفصل التاسع 9 بقلم مايسة ريان
رواية غابت شمسها الجزء التاسع
رواية غابت شمسها البارت التاسع
رواية غابت شمسها الحلقة التاسعة
وبعد الغداء عرضت مرام موضوعها الثاني والذي قلب الجو بينهما الى حد الخصام فقد قالت له أنها تريد الحجز عند طبيب أمراض نساء فسألها عن السبب
– أريده أن يصف لي وصفة لمنع الحمل .
كانا على الطريق فانحرف صالح بالسيارة بحده جعلتها تتخبط فى مقعدها ثم أوقف السيارة على جانب الطريق ضاغطا على المكابح بشكل مفاجئ متجاهلا أحتجاجات أصحاب السيارت التى فاجأتها حركته
– ماذا تقولين ؟
كان قد استدار بكامل جسده ناحيتها والشر يتطاير من عينيه فقالت وقد اتسعت عيناها خوفا
– ماذا قلت ؟ .. لا شئ غريب فيما قلته .. معظم الأزواج يفعلون ذلك الأن .. تأجيل الحمل بضعة أشهر حتى ..
قاطعها بحده
– حتى ماذا ؟ تعنى فترة أختبار ليروا ان كان الزواج سينجح أم لا .
أنكرت بسرعة
– لا .. ليس لهذا السبب .. أنها فترة ليستمتع كلاهما بالآخر .. يأخذون وقتا حتى يعتادا على الحياة معا قبل مجئ الأطفال .
تفحص وجهها بحدة لبعض الوقت
– هذا الأمر لا يعجبني .
قالت بعناد وقد ذهب خوفها من ردة فعله
– وأنا لي رأيي فى هذا الأمر .. فأنا من ستحمل وتلد وتربي .. ولا أريد أن أجد نفسي حاملا بعد شهر من الزواج وأعاني من الوحم والتضخم وما الى ذلك .
لم تكن هذه كل الحقيقة .. فهي لا تجد لديها الرغبة في أن تصبح أما .. لا تجد فى نفسها القدرة على أعطاء أي مشاعر لأي مخلوق حتى ولو كان طفلها .. ليس الأن على الأقل والمستقبل مازال غامضا بالنسبة لها .
أشاح صالح بوجهه وعاد لينطلق بالسيارة وظل صامتا ومتجهما بقية الطريق حتى أوصلها الى البيت ولم يدخل معها وقال باقتضاب
– سأعود الى المصنع .
كانت هي أيضا غاضبة فاستدارت عنه بحده ودخلت الى البيت دون وداعه
****
فى حجرة نهال
جلس صالح على مقعد بجوار فراش شقيقته وكان مازال يشعر بالضيق الشديد وقد عرض عليها المشكلة التى حدثت بينه وبين مرام فقالت له
– ليس سيئا الى هذه الدرجة يا صالح .. هناك الكثير من الأزواج يفعلون ذلك هذه الأيام .. أصبحت موضة كما يقولون .
– كنت أظن أنك ستكونين فى صفي .. تريدين رؤية أولادي بسرعة كما كنت تتمنين
تنهدت وقالت
– آه لو تعلم كم أريدهم .. ولكنني أريد سعادتك قبل أي شئ .. أي طفل ستنجبه أنت ومرام لن يكون فقط ابن أخي الغالي سيكون كذلك حفيد زوجي .. هذا الطفل سيجمعني به برباط أقوى .. ولكن لا بأس لو ننتظر بضعة أشهر قليلة .. تتمتع فيهم بعروسك وتتفاهمان جيدا قبل مجئ الصغير ليأخذها منك .
وغمزت له بمكر ضاحكة فابتسم لها وشبه أصبح مقتنعا برأيها وما عليه الأن سوى الذهاب لرؤية مرام ليعلن لها ذلك .
****
في حجرة الجلوس
جلست مرام على الأريكة تثني ساقيها تحتها وهى تقلب قنوات التلفاز دون هدف تنتظر خروج صالح من حجرة شقيقته والتى دلف اليها فور حضوره مباشرة وكان مازال عابسا وقد حياها بجفاء جعل والدها ينظر اليهما بفضول .. حاولت تجاهله وهو جالس على الأريكة الأخرى يتظاهر بقراءة صحيفة قديمة ولكنها كانت ترى نظراته المتشفية التى يلقيها عليها من حين لآخر حتى كادت أن تنفجر فى وجهه صارخة .
تحدث اليها فجأة مما جعلها تجفل وتلتفت اليه بحده
– هل ظننته مثلي ؟ .. أنه مصنوع من طينة أصلب بكثير .. أنت لا تعرفينه حتى الأن.
قالت ببرود متصنعة اللأمبالاة
– لا أعرف عن ماذا تتحدث ؟
ضحك بخفوت ساخرا
– حقا ؟ .. لقد لاحظت طريقته المتصلبة معك منذ قليل .. ورأيت امتعاضك وضيقك وهذا يعني أنه لم يوافقك على شئ تريدينه .. صالح لا ينفع معه حيل النساء الرخيصة ولا تنطلي عليه ألاعيبهن .. أنه رجل .
تأففت مرام بضيق شديد وتلوت أحشاءها بعصبية وأرادت الأنتقام منه فقالت ساخرة
– وأنت لم تكن كذلك ؟ .. يبدو أن ما فعلته بك أمي أصابك بعقد نفسية يستحيل علاجها .
أشتعل وجهه غضبا
– أمك كانت شيطانة .
قالت بنفس البرود
– بل كانت أمرأة .. أمرأة أقل من عادية ولكن أنت من تركتها تهزمك وتفعل بك ما فعلته .. ليس بسبب قوتها بل بسبب ضعفك وما كنت تسميه أنت حبا .. لم يكن لديك كرامة لكي تتركها وتمنعها عن سحق كبرياءك كما فعلت .. فلا تضع عليها اللوم كله.
وقف بحده وجسده ينتفض انفعالا
– لقد أحببتها بصدق ولو كانت قد طلبت روحي لأعطيتها لها ولكنها ألقت بقلبي فى وجهي .. بادلت المعروف بالخسه والعطف بالقسوة حولت عشقي لها لنقطة ضعف كانت بها تعذبني … كنت أأمن أن لا وجود للكرامة والكبرياء فى الحب لهذا تنازلت وتنازلت حتى وجدتني قد صفيت من الداخل وأصبحت خاويا كالوعاء الفارغ ثم ألقت بي بعيدا بعد أن أنهكتني وأنهتني .
اتسعت عينا مرام جزعا وهي ترى أمامها شبح رجل معذب عيناه تبدوان وكأنهما رحلتا لعالم آخر .. عالم ذكرياته التعيسة .. ولأول مرة تشعر بالعطف تجاهه وتفهم ما قاله لها خالها مروان من قبل عن معناته .
سألها بصوت مضطرب
– هل ستأتي لحضور الزفاف ؟
كان يسأل عن أمها وقدرت أن سبب ضيقة وتحامله عليها الزائد عن الحد خلال الأيام الماضية كان لهذا السبب فسألته بهدؤ
– هل مازلت تحبها ؟
نظر اليها بحدة وعصبا ينتفض بجانب صدغة فلم تحتاج الى اجابة منه لتفهم فقالت وقد قررت أن تبتعد عن استفزازه فيكفيه ما يعانيه
– لا .. لن تأتي .. لم أدعوها فى الواقع وطلبت من خالي مروان أن لا يذكر لها شيئا عن زواجي .
ثم أبتسمت ساخرة بمرارة وهي تتابع
– لا يهمني وجودها من عدمه .. فكما كانت زوجة سيئة لك .. كانت أما أسوأ بالنسبة لي .
لاحظ صالح الجو المتوتر بين مرام ووالدها عندما دلف الى حجرة الجلوس وقد استأذن أحمد فور دخوله وتركهما وحدهما
قال لها صالح دون مقدمات
– لقد قامت نهال بالحجز لك عند طبيبها الخاص وسنذهب اليه معا فى الغد .
نظرت اليه بدهشه فقال متبرما
– ولكن يجب أن تعرفي بأنني لن أسمح بأن يطول هذا الأمر لأكثر من بضعة أشهر فقط .
قفزت مرام من فوق الأريكة وأسرعت اليه واحتضنته بقوة فقال بارتباك وهو يطوقها بذراعيه
– قد يعود والدك مرة أخرى أو تقتحم أم عبيد المكان مدججة بسكاكين المطبخ وتقضي علينا .
أبتعدت عنه ضاحكة وهى تقول
– ولما كل هذا .. قصدي شريف تماما وبلا نوايا سيئة .. أردت فقط أن أشكرك على تفهمك لي .
ضحك وقال
– اذن سوف أقوم بالكثير من الأفعال البطولية فى المستقبل كي تقومين بشكري دائما بهذا الشكل .
شعرت بحنان جارف تجاهه وقالت
– أنت رائع حقا .
جذبها بين ذراعيه غير مبالي لمن يراهما وقال برقة
– وأنت أروع بكثير .
****
أقيم الزفاف فى فندق شيراتون القاهرة ولم يحضره من جهة مرام غير خالها مروان وزوجته وحماته وصديقتها ميمي التى ظلت متجهمة ومتعبة طوال الوقت ولم يتسنى الوقت ولا الظرف لمرام لكي تسألها عن مشكلتها ولا عن سبب أختفاءها خلال الأيام الماضية .
كان صالح فى قمة سعادته ورأت مرام كيف أن الناس تحبه فقد أمتلأت القاعة بأصدقاءه ومعارفه وأقاربه ورأت أحترامهم ومحبتهم له فى نظراتهم اليه وفرحتهم الصادقة من أجله ووجدت نفسها تحسده وتساءلت من يمكن أن يسعد من أجلها هكذا فنظرت بأتجاه خالها الذي كان يولي كل أهتمامه لزوجته الحامل فى شهرها الأول ثم نظرت الى ميمي العابسة والغارقة فى حزنها وأخيرا الى والدها الذى بدا وكأنه يحضر جنازة شخص ما وبجانبه جلست رباب تداري خيبة أملها بابتسامة .
تنهدت مرام بقوة وعادت بنظراتها الى وجه زوجها الجالس بجوارها ووجدت عيناه مسلطتان عليها .. تشع حبا وحنانا ورقة فابتسمت له وتساءلت .. هل من الممكن أن يكون هو الشخص الوحيد الذى سيسعد دائما من أجلها ؟
****
فى حجرة الفندق
سوف يقضيان ليلة زفافهما فى الفندق وغدا بعد الظهر سيكونان فى طريقهما الى الجونة لقضاء شهر العسل الذى قدر بعشرة أيام فقط .
كانت مرام قد حزمت ما ستحتاجة لهذه الليله فى حقيبة صغيرة وتركت بقية حقابها كما هى وأثناء وجود صالح فى الحمام تأكدت من أن المخدرات قابعة بأمان فى قعر حقيبة ملابسها فغدا سوف تكون بالجونة ومن هناك ستحاول الأتصال بفودة وايجاد طريقة ما لتسليمة تلك التهمة وتنتهي من همها نهائيا .
خرج صالح من الحمام يلف خصره بمنشفة فقط .. شهقت مرام وأحمر وجهها حرجا فقال ضاحكا بحرج
– آسف .. لقد نسيت أن آخذ ملابس معي .
أشاحت بوجهها بأرتباك وأسرعت الى الحمام بدورها وهي تحمل قميص نومها بين يديها وعندما أغلقت الباب استندت عليه خافقة القلب وكانت ماتزال ترتدي ثوب زفافها .. لم تكن تظن أنها ستكون خجولة الى هذه الدرجة وخائفة ايضا .. مازال صالح غريب عليها وأقامة علاقة حميمية معه تخيفها وتكاد لا تتخيلها لأنعدام خبرتها رغم انجذابها الشديد نحوه .
قضت مرام مدة طويلة فى الحمام وعندما خرجت وجدت صالح واقفا بجوار النافذة يرتدي سروال رياضي وتي شيرت .. لاحظ نظرتها الى ما يرتديه وقال مازحا
– آسف مرة أخرى .. فأنا أكره أرتداء البيجامات الحريرية .
أبتسمت له وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها البارز من تحت قميص نومها الأبيض
– لا عليك .. هكذا أفضل .. ليتني أستطيع أن أفعل مثلك .
قال بعبث وهو يقترب منها ببطئ وعيناه تحومان عليها بجرأة
– لا لن أسمح بذلك .. أريد أن أرى كل الأشياء التى أشتريتها من أجلي لقد صبرت كثيرا حتى أراها .
أشتعل وجهها أحمرارا وراحت فجأة تفكر فى طريقة ما للهرب ولكن عندما أصبح بالقرب منها أسقط في يدها .. وعندما جذبها بين ذراعيه نسيت كل شئ عن فكرة الهرب واستسلمت له منصاعة اليه بكل كيانها .. وكأنما تحولت لشخص آخر .. تعيش في عالم آخر .. تنتابها أحاسيس ورغبات جياشة .. تتلذذ بألمها وحلاوة مرها .. تصرخ وتحتج .. تبتعد .. ثم تعود وتقترب .. لا تفهم بالضبط ماذا تريد أو ما يجب عليها فعله .. وكان صالح صبورا ومراعيا لقلة خبرتها وخوفها .. فكان حنانه لا يوصف ولم يحرمها من كلمات الحب التى كانت من رقتها قد دفعت الدموع لتسيل من عينيها .. وبصوت يرتعش كجسده كان يهمس لها
– هذا ليس حبا .. ولا يمكن أن يكون عشقا .. فما أشعر به تجاهك لا أسم له .. أنه شئ لم يخلق لأحد غيري ولم يشعر به أحد من قبلي .
ثم دفن وجهه فى عنقها يتنفس عطرها الذى ألتصق بجلدها
– لقد انتظرتك طويلا .. ليتنى أستطيع أن أعبر كل الأيام والسنين الماضية وأكون الى جوارك منذ لحظة ميلادك .
ضمته مرام اليها بقوة وهي عاجزة عن التعبير عم تشعر به بالكلمات ولكنها قررت أن تعبر عنها بالأفعال وكما أسعدها أسعدته وقضيا ليلة زفافهما كأفضل ما يمكن أن تكون ليلة العمر .
****
فندق موزايك الجونة
وقف صالح فى شرفة غرفتهم بالفندق يتأمل المنظر الرائع للبحر الهادئ .. مازال هناك لسعة برد ولكنها منعشة وخفيفة ولا يمكن أن تؤثر أو تقلل من حرارة عواطفه .. ان كان قد تمنى يوما أن يجد السعادة مع أمرأة يحبها فانه لم يتخيل أن تصل سعادته الى هذه الدرجة من القوة .. فعندما يصل به الأحساس بالحب الى درجة البكاء
فهذا يعني أنه حصل على أكثر مما حلم وتمنى .. ارتسمت على شفتيه ابتسامة حالمة وهو يتنشق ويعبئ صدره من هواء البحر وبعد لحظات استدار ودخل الى الغرفة .. لقد أنتهى ومرام من تناول افطارهما منذ قليل وقررا أن يخرجا الى الشاطئ فمنذ مجيئهما منذ يومين وهما لم يتركا غرفتهما أبدا .. اتسعت ابتسامته وهو يفكر بأنه كان قرارا مشتركا فحبييته كانت سخية جدا فى منحه حبها ولم تخفي عنه لهفتها التى تماثل لهفته اليها .. وكأن تفكيره بها قد استدعاها فتمثلت أمامه على الفور خارجة من غرفة النوم .
سألها بدهشه وهو يتأمل ماترتديه وقد بدأت مشاعره تشتعل من جديد
– هل غيرت رأيك ولن نخرج ؟
شهقت وضربت جبينها بكف يدها وهي تستدير عائده الى الغرفة وتقول
– معك حق لقد نسيت .
ثم عادت بعد لحظات وهي تضع حقيبة كبيرة من القماش على كتفها وهي تقول ضاحكة
– لقد نسيت حقيبتي .. وفيها كريم الشمس والنظارة .
وقف عاجزا عن الكلام يحدق بها للحظات وهي تنظر اليه مبتسمة وتقول
– هيا بنا .
ما لبث صالح أن أنفجر ضاحكا .. ضحك بشدة حتى دمعت عيناه من شدة الضحك ووقفت مرام تنظر اليه بدهشة ومازالت الأبتسامة على شفتيها وهي لا تفهم سبب ضحكه الشديد
– ماذا ؟!!!
ثم قالت ضاحكة بحيرة
– ماذا هناك حقا .. هل هناك شيئا خاطئا بي ؟
أقتربت بسرعة من المرآة التى بجوار الباب وتأملت نفسها من كل جانب ولم تجد شيئا فاستدارت اليه وكان قد ألقى بنفسه عل مقعد بقرب الشرفة وهو مستمر بالضحك
وكان يحاول أن يسيطر بصعوبة على ضحكه وهو يشير اليها بيده من أعلى لأسفل فجاء صوته متقطعا
– هل .. حقا .. تعتقدين .. أنك ستنزلين معي وأنت ترتدين هكذا ؟
أختفت الأبتسامة من على شفتيها ونظرت الى ملابسها عابسة .. كانت ترتدي ثوب سباحة وفوقه رداء بحر مشجر ومعقود حول عنقها تاركا كتفيها وجزء من ظهرها عاريين وكان ملفوفا عليها ومفتوح من الأمام حتى منتصف فخذها .. لقد دفعت في هذا الطقم مبلغ كبير
– أنها ملابس بحر .. ستجد الجميع هنا يرتدون هكذا .
هدأ ضحكه ووقف مقتربا منها
– نحن لا نتحدث عن الجميع بل نتحدث عنا نحن .. ان رأى الرجال كل هذا منك .. ماذا سيبقى لي كي أراه وحدي .
لوت شفتيها ونفخت بضيق
– وماذا تريدني أن أرتدي .. كيف سأنزل الى البحر ؟
– لا تعقدي الأمور هناك العديد من أثواب البحر أكثر حشمة مما ترتدينه الأن ونستطيع أن ننزل الى المتاجر هنا ونجد لك شيئا ملائما .
قالت بعناد وقد بدأت تشعر بالغضب
– لن أرتدي تلك الأشياء التى ترتديها النساء على الشواطئ العامة وتجعلهم أشبه بالضفادع البشرية .
حاول صالح أن يظل صبورا وقال بهدؤ
– مرام .. لن تنزلي عارية بهذا الشكل .. لن أكون رجلا لو سمحت بذلك .
عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بعصبية
– وأنا لن أنزل الا هكذا .
زم شفتيه وانقلبت سحنته بجمود وقال
– اذن أبقي هنا ولا تنزلي .
حدقت به بغيظ ثم استدارت وسارت غاضبة الى غرفة النوم وأغلقت الباب بقوة فى وجهه .
ألقت بحقيبتها على الفراش وجلست تهز ساقها بعصبية وهي تجز على أسنانها .. لن تجعله يفرض رأيه عليها .. أنها واثقة من أنه لن يتحمل زعلها وسيأتي ليصالحها .. فخلال الأيام الماضية عرفت مدى تأثيرها عليه فكان دائما عاجزا عن ابعاد يده عنها ويحب مراضاتها .. وعندما يأتي الأن ليصالحها ستتدلل عليه قليلا ثم تسامحه ولكن .. مر الوقت ولم يأتي .. أقتربت من الباب وأنصتت السمع وكان الهدؤ تاما بالخارج .. عادت وجلست على الفراش تنظر الى الباب عابسة وهي تتساءل أين هو الأن ؟ مرت أكثر من نصف ساعة فوقفت وقررت أن تخرج وترى ما الأمر .
وجدت الغرفة فارغة فوقفت فاغرة فاها بذهول .. لقد خرج وتركها وحدها .
****
مر بعد الظهر سريعا وانتصف النهار ومرام فى الغرفة وحدها تتميز حنقا وغيظا من تصرف صالح وعندما بدأت معدتها تأن من الجوع أمسكت هاتفها وفتحته لتتصل به وقد قررت أن تتشاجر معه وبمجرد أن فتحت الهاتف تعالى رنين الرسائل الوارده ووجدت رسالة من فودة فتحتها بعصبية وقرأتها
( أين أنت ؟؟؟؟ لماذا هاتفك مغلق؟؟)
بقى يوم على مهلة العشرة أيام التى وعدته بها .. وتلك التهمة التى بلاها بها مازالت فى حقيبة سفرها .. كانت تعلم بأنها لن تستطيع الأنفراد بنفسها على الأقل خلال الأيام الأولى من زواجها وعندما ستجد الفرصة سوف تتصل به .. أعادت أغلاق الهاتف وألقت به على الأريكة .
عاد صالح وكان شعره مبتلا وقميصه ملتصقا بجذعه فضاقت عينا مرام بشدة عليه..
لقد كان يسبح .. تركها هنا وقضى يومه بسعادة على الشاطئ .
سألها بهدؤ
– هل طلبت الغداء ؟
ردت بعنف
– لا .
تجاهلها وهو يسير الى غرفة النوم
– أطلبيه اذن حتى أنتهي من أخذ حماما .
حدقت فى اثره وهي لا تصدق البرود الذى يتعامل به معها ولولا أنها تكاد تموت جوعا لرفضت طلبه .
وصل الطعام وجلسا يأكلان بصمت وبعد أن أنتهيا سألها صالح بطريقة عادية
– هل ترغبين بالخروج ؟
قالت على الفور بحدة
– لا .
وقف عن المائدة قائلا بلامبلاة
– كما تشائين .
أحمر وجهها وكادت أن تبكي غيظا
– سأنام ساعة .
وذهب الى غرفة النوم .. لوت شفتيها بمرارة .. فهذه الساعة كان يناماها معا .. أنها حرب ارادات اذن … وسوف لن ينتصر فيها عليها .. وبعد أن أصابها الملل خرجت الى الشرفة وتمددت على مقعد طويل تحاول التظاهر بالأسترخاء ولكنها فى الحقيقة كانت عكس ذلك تماما .. مر الوقت وبدأت تشعر بالبرد فعادت الى الداخل ووجدت صالح فى وجهها وآثار النوم بادية على وجهه فعبست به رافعة رأسها بكبرياء ومرت من جواره صامته وأقسمت أنها رأت ابتسامة ساخرة ترتسم على شفتيه ولكنها لم تتبينها جيدا .
وقالت ببرود
– سأنام أنا أيضا ساعة .
وأغلقت الباب بحدة كما فعلت قبل ذلك .
****
عندما أستيقظت مرام ووجدت الظلام قد حل .. لم تعرف كيف سقطت فى النوم سريعا فجلست فى الفراش تتثاءب بقوة وللمرة الثانية لم تجد صالح فى الغرفة فصرخت بغيظ وهي تضرب الأرض بقدميها .. سوف تريه فهو لن يتحمل مقاومتها , عادت الى غرفتها وارتدت قميص نوم جديد كان طويلا ويبدو للوهلة الأولى أنه محتشما ولكن نوع القماش وقصته يعطيانه أغراء أكثر من القصير والشفاف ثم تمددت على الأريكة تشاهد التلفاز وتنتظر .
بعد منتصف الليل بنصف ساعة عاد صالح وكانت مرام كما هي فى مكانها ولكن غضبها كان أكثر أشتعالا وعندما واجهها بابتسامته الهادئة أنفجرت فيه غاضبة
– لن أتحمل معاملتك هذه .. تتجاهلني بهذا الشكل المقيت وتخرج على راحتك .
قال وقد أصبح وجهه صارما كصوته
– لقد سألتك ان كنت تريدين الخروج وقلت لا .. ماذا أفعل .. أحملك وأخرج بك رغما عنك ؟
جزت على أسنانها بغيظ
– لا .. ولكن أتركني وحدي طوال اليوم وعش حياتك وحدك .
لمعت عيناها بالدموع وهي تستدير وتدخل الى غرفة النوم ومنها الى الحمام .. غسلت وجهها وجففته ثم عادت الى الداخل لتجد صالح بأنتظارها .. أقترب منها وحاول معانقتها ولكنها رفضت وابتعدت عنه بحده فقال
– هيا .. أنا آسف .. دعينا ننهي هذه اللعبة السخيفة لقد مر كلانا بيوم سئ وفى الحقيقة لم استمتع بأي لحظة وأنا بعيدا عنك .. لقد أشتقت اليك حبيبتي .
شعرت مرام بالرضى وقد حان وقت أنتقامها .. أنه يريدها ونظرات عينيه الى جسدها تقول ذلك وأكثر .. فوقفت بطريقة مستفزة لرجولته وقالت وعيناها ترمشان بخبث وأغراء
– أنا لست جاريتك كي تصالحني متى أردتني .. سوف أنام وحدي الليلة تماما كما تركتني وحدي طوال اليوم .
تسمر صالح في مكانه للحظات حتى أستوعب كلماتها التى لم يتخيل أن تقولها له فى يوم من الأيام فهل هذا نوع العقاب الذى ستمارسه ضده كلما أختلفا فى شئ ما ؟ ثم تحرك وكانت حركاته عنيفة وهو يأخذ ملابس نومه ويدخل الى الحمام .. صعدت مرام الى الفراش وهي تشعر بالرضى عن نفسها وابتسمت بخبث وفكرت أنه عندما يأتي الى الفراش ستستفزه أكثر حتى يفقد سيطرته على نفسه ويتوسل اليها كي تحبه وترضى عنه ولكن رهانها للمرة الثانية قد خسر فقد خرج صالح من الحمام وهو أكثر هدؤا وبرودا وأخذ الغطاء الأحتياطي من الخزانة وخرج من الغرفة مغلقا الباب خلفه بهدؤ شديد .. جلست مرام فى الفراش وقد أصابها الذهول ثم قالت بعنف
– أذهب الى الجحيم .. لن أتأثر .
ولكنها تأثرت وبشدة فقد راحت تتلوى فى الفراش وترفس بقدميها الأغطية وقد جفاها النوم وأضناها الشوق اليه .. لقد طار غضبها وأستياءها منه وظلت حاجتها الى دفئ أحضانه تؤرقها وفى الرابعة فجرا أصبحت لا تطيق البقاء بدونه أكثر من ذلك .
فخرجت من الغرفة وقد سحقت كبرياءها وعنادها بقدميها وتقدمت من الأريكة التى ينام عليها ومن خلال الضؤ الآتي من الشرفة رأته ممددا على بطنه ويده فوق رأسه والشرشف يغطية حتى خصره .
أحتارت ماذا ستفعل .. كان فمه نصف مفتوحا دليلا على أنه غارقا فى النوم وقد أغاظها هذا بشدة ففى الوقت الذى تتلوى فيه شوقا اليه ينام هو قرير العين وغير شاعرا بها فقفزت من فوق ظهر الأريكة واستقرت فوقه غيرعابئة بأن حركتها آلمته فهو يستحق الوجع .. أنتفض صالح واستيقظ مفزوعا وصاح
– ماذا ؟
قالت
– أنه أنا .
صاح بها
– وماذا تفعلين بحق الله ؟
– أنام .
قال مزمجرا وهو يحاول رفع ثقلها عن ظهره
– عودي الى فراشك .
– خائفة .
رد بعصبية
– كنت تعيشين وحدك فى شقة طويلة عريضة ولم تخافي .
ردت ببرود
– صرت أخاف الأن .
عاد يقول وصوته مخنوق
– قلت أذهبي من هنا .
لفت ذراعيها حوله واندست به أكثر
– تعال معي اذا .
لف حول نفسه بحركة حادة وأصبح مواجها لها يتكئ على جنبه قائلا بغضب ساخر
– أنا لست عبدا لديك كي تأتي الي عندما تريدينني .
أرتعشت شفتيها بابتسامة فقد كان يعيد عليها ما سبق وقالته له
فقالت بصوت مثير
– سأرضى أن أكون جاريتك اذا وافقت أنت أن تكون عبدي
واقتربت بوجهها منه فتراجع مجفلا الى الخلف مما جعله يسقط من فوق الأريكة على الأرض في مشهد مضحك تعالت له ضحكات مرام المرحة فجلس صالح على ركبتيه ينظر اليها بغيظ للحظات ثم شاركها الضحك , مدت يدها تداعب وجهه وهى تقول بصدق وندم شديد
– آسفة .. والله آسفة وأعترف بخطأي .
نظر الى عينيها النادمتين قائلا وقد عاد وجهه للعبوس
– لن تفعلي ذلك مرة أخرى .. مهما حدث بيننا من خلاف لا تبعدينني عنك بتلك الطريقة أبدا مفهوم .. هذه طريقة لا تليق ببنات الأصول فمن تلجأ لمعاقبة زوجها والضغط عليه لتنفيذ مطالبها بأن تحرمه من حقوقة عليها فهي ..
وضعت كفها على فمه لتمنعه من قول المزيد
– فهمت ولن يحدث هذا مرة أخرى أبدا .. وأنت أيضا لا تعاقبني بأن تتجاهلني بهذا الشكل .
قبل كفها وأمسك يدها بيده
– وأنا أيضا آسف .
وفى لحظات كان يقف ويحملها بين ذراعيه عائدا بها الى غرفة نومهما وقلباهما يتنافسان أيهما أكثر سرعة فى دقاته من قلب الآخر .
****
– أريده أن يصف لي وصفة لمنع الحمل .
كانا على الطريق فانحرف صالح بالسيارة بحده جعلتها تتخبط فى مقعدها ثم أوقف السيارة على جانب الطريق ضاغطا على المكابح بشكل مفاجئ متجاهلا أحتجاجات أصحاب السيارت التى فاجأتها حركته
– ماذا تقولين ؟
كان قد استدار بكامل جسده ناحيتها والشر يتطاير من عينيه فقالت وقد اتسعت عيناها خوفا
– ماذا قلت ؟ .. لا شئ غريب فيما قلته .. معظم الأزواج يفعلون ذلك الأن .. تأجيل الحمل بضعة أشهر حتى ..
قاطعها بحده
– حتى ماذا ؟ تعنى فترة أختبار ليروا ان كان الزواج سينجح أم لا .
أنكرت بسرعة
– لا .. ليس لهذا السبب .. أنها فترة ليستمتع كلاهما بالآخر .. يأخذون وقتا حتى يعتادا على الحياة معا قبل مجئ الأطفال .
تفحص وجهها بحدة لبعض الوقت
– هذا الأمر لا يعجبني .
قالت بعناد وقد ذهب خوفها من ردة فعله
– وأنا لي رأيي فى هذا الأمر .. فأنا من ستحمل وتلد وتربي .. ولا أريد أن أجد نفسي حاملا بعد شهر من الزواج وأعاني من الوحم والتضخم وما الى ذلك .
لم تكن هذه كل الحقيقة .. فهي لا تجد لديها الرغبة في أن تصبح أما .. لا تجد فى نفسها القدرة على أعطاء أي مشاعر لأي مخلوق حتى ولو كان طفلها .. ليس الأن على الأقل والمستقبل مازال غامضا بالنسبة لها .
أشاح صالح بوجهه وعاد لينطلق بالسيارة وظل صامتا ومتجهما بقية الطريق حتى أوصلها الى البيت ولم يدخل معها وقال باقتضاب
– سأعود الى المصنع .
كانت هي أيضا غاضبة فاستدارت عنه بحده ودخلت الى البيت دون وداعه
****
فى حجرة نهال
جلس صالح على مقعد بجوار فراش شقيقته وكان مازال يشعر بالضيق الشديد وقد عرض عليها المشكلة التى حدثت بينه وبين مرام فقالت له
– ليس سيئا الى هذه الدرجة يا صالح .. هناك الكثير من الأزواج يفعلون ذلك هذه الأيام .. أصبحت موضة كما يقولون .
– كنت أظن أنك ستكونين فى صفي .. تريدين رؤية أولادي بسرعة كما كنت تتمنين
تنهدت وقالت
– آه لو تعلم كم أريدهم .. ولكنني أريد سعادتك قبل أي شئ .. أي طفل ستنجبه أنت ومرام لن يكون فقط ابن أخي الغالي سيكون كذلك حفيد زوجي .. هذا الطفل سيجمعني به برباط أقوى .. ولكن لا بأس لو ننتظر بضعة أشهر قليلة .. تتمتع فيهم بعروسك وتتفاهمان جيدا قبل مجئ الصغير ليأخذها منك .
وغمزت له بمكر ضاحكة فابتسم لها وشبه أصبح مقتنعا برأيها وما عليه الأن سوى الذهاب لرؤية مرام ليعلن لها ذلك .
****
في حجرة الجلوس
جلست مرام على الأريكة تثني ساقيها تحتها وهى تقلب قنوات التلفاز دون هدف تنتظر خروج صالح من حجرة شقيقته والتى دلف اليها فور حضوره مباشرة وكان مازال عابسا وقد حياها بجفاء جعل والدها ينظر اليهما بفضول .. حاولت تجاهله وهو جالس على الأريكة الأخرى يتظاهر بقراءة صحيفة قديمة ولكنها كانت ترى نظراته المتشفية التى يلقيها عليها من حين لآخر حتى كادت أن تنفجر فى وجهه صارخة .
تحدث اليها فجأة مما جعلها تجفل وتلتفت اليه بحده
– هل ظننته مثلي ؟ .. أنه مصنوع من طينة أصلب بكثير .. أنت لا تعرفينه حتى الأن.
قالت ببرود متصنعة اللأمبالاة
– لا أعرف عن ماذا تتحدث ؟
ضحك بخفوت ساخرا
– حقا ؟ .. لقد لاحظت طريقته المتصلبة معك منذ قليل .. ورأيت امتعاضك وضيقك وهذا يعني أنه لم يوافقك على شئ تريدينه .. صالح لا ينفع معه حيل النساء الرخيصة ولا تنطلي عليه ألاعيبهن .. أنه رجل .
تأففت مرام بضيق شديد وتلوت أحشاءها بعصبية وأرادت الأنتقام منه فقالت ساخرة
– وأنت لم تكن كذلك ؟ .. يبدو أن ما فعلته بك أمي أصابك بعقد نفسية يستحيل علاجها .
أشتعل وجهه غضبا
– أمك كانت شيطانة .
قالت بنفس البرود
– بل كانت أمرأة .. أمرأة أقل من عادية ولكن أنت من تركتها تهزمك وتفعل بك ما فعلته .. ليس بسبب قوتها بل بسبب ضعفك وما كنت تسميه أنت حبا .. لم يكن لديك كرامة لكي تتركها وتمنعها عن سحق كبرياءك كما فعلت .. فلا تضع عليها اللوم كله.
وقف بحده وجسده ينتفض انفعالا
– لقد أحببتها بصدق ولو كانت قد طلبت روحي لأعطيتها لها ولكنها ألقت بقلبي فى وجهي .. بادلت المعروف بالخسه والعطف بالقسوة حولت عشقي لها لنقطة ضعف كانت بها تعذبني … كنت أأمن أن لا وجود للكرامة والكبرياء فى الحب لهذا تنازلت وتنازلت حتى وجدتني قد صفيت من الداخل وأصبحت خاويا كالوعاء الفارغ ثم ألقت بي بعيدا بعد أن أنهكتني وأنهتني .
اتسعت عينا مرام جزعا وهي ترى أمامها شبح رجل معذب عيناه تبدوان وكأنهما رحلتا لعالم آخر .. عالم ذكرياته التعيسة .. ولأول مرة تشعر بالعطف تجاهه وتفهم ما قاله لها خالها مروان من قبل عن معناته .
سألها بصوت مضطرب
– هل ستأتي لحضور الزفاف ؟
كان يسأل عن أمها وقدرت أن سبب ضيقة وتحامله عليها الزائد عن الحد خلال الأيام الماضية كان لهذا السبب فسألته بهدؤ
– هل مازلت تحبها ؟
نظر اليها بحدة وعصبا ينتفض بجانب صدغة فلم تحتاج الى اجابة منه لتفهم فقالت وقد قررت أن تبتعد عن استفزازه فيكفيه ما يعانيه
– لا .. لن تأتي .. لم أدعوها فى الواقع وطلبت من خالي مروان أن لا يذكر لها شيئا عن زواجي .
ثم أبتسمت ساخرة بمرارة وهي تتابع
– لا يهمني وجودها من عدمه .. فكما كانت زوجة سيئة لك .. كانت أما أسوأ بالنسبة لي .
لاحظ صالح الجو المتوتر بين مرام ووالدها عندما دلف الى حجرة الجلوس وقد استأذن أحمد فور دخوله وتركهما وحدهما
قال لها صالح دون مقدمات
– لقد قامت نهال بالحجز لك عند طبيبها الخاص وسنذهب اليه معا فى الغد .
نظرت اليه بدهشه فقال متبرما
– ولكن يجب أن تعرفي بأنني لن أسمح بأن يطول هذا الأمر لأكثر من بضعة أشهر فقط .
قفزت مرام من فوق الأريكة وأسرعت اليه واحتضنته بقوة فقال بارتباك وهو يطوقها بذراعيه
– قد يعود والدك مرة أخرى أو تقتحم أم عبيد المكان مدججة بسكاكين المطبخ وتقضي علينا .
أبتعدت عنه ضاحكة وهى تقول
– ولما كل هذا .. قصدي شريف تماما وبلا نوايا سيئة .. أردت فقط أن أشكرك على تفهمك لي .
ضحك وقال
– اذن سوف أقوم بالكثير من الأفعال البطولية فى المستقبل كي تقومين بشكري دائما بهذا الشكل .
شعرت بحنان جارف تجاهه وقالت
– أنت رائع حقا .
جذبها بين ذراعيه غير مبالي لمن يراهما وقال برقة
– وأنت أروع بكثير .
****
أقيم الزفاف فى فندق شيراتون القاهرة ولم يحضره من جهة مرام غير خالها مروان وزوجته وحماته وصديقتها ميمي التى ظلت متجهمة ومتعبة طوال الوقت ولم يتسنى الوقت ولا الظرف لمرام لكي تسألها عن مشكلتها ولا عن سبب أختفاءها خلال الأيام الماضية .
كان صالح فى قمة سعادته ورأت مرام كيف أن الناس تحبه فقد أمتلأت القاعة بأصدقاءه ومعارفه وأقاربه ورأت أحترامهم ومحبتهم له فى نظراتهم اليه وفرحتهم الصادقة من أجله ووجدت نفسها تحسده وتساءلت من يمكن أن يسعد من أجلها هكذا فنظرت بأتجاه خالها الذي كان يولي كل أهتمامه لزوجته الحامل فى شهرها الأول ثم نظرت الى ميمي العابسة والغارقة فى حزنها وأخيرا الى والدها الذى بدا وكأنه يحضر جنازة شخص ما وبجانبه جلست رباب تداري خيبة أملها بابتسامة .
تنهدت مرام بقوة وعادت بنظراتها الى وجه زوجها الجالس بجوارها ووجدت عيناه مسلطتان عليها .. تشع حبا وحنانا ورقة فابتسمت له وتساءلت .. هل من الممكن أن يكون هو الشخص الوحيد الذى سيسعد دائما من أجلها ؟
****
فى حجرة الفندق
سوف يقضيان ليلة زفافهما فى الفندق وغدا بعد الظهر سيكونان فى طريقهما الى الجونة لقضاء شهر العسل الذى قدر بعشرة أيام فقط .
كانت مرام قد حزمت ما ستحتاجة لهذه الليله فى حقيبة صغيرة وتركت بقية حقابها كما هى وأثناء وجود صالح فى الحمام تأكدت من أن المخدرات قابعة بأمان فى قعر حقيبة ملابسها فغدا سوف تكون بالجونة ومن هناك ستحاول الأتصال بفودة وايجاد طريقة ما لتسليمة تلك التهمة وتنتهي من همها نهائيا .
خرج صالح من الحمام يلف خصره بمنشفة فقط .. شهقت مرام وأحمر وجهها حرجا فقال ضاحكا بحرج
– آسف .. لقد نسيت أن آخذ ملابس معي .
أشاحت بوجهها بأرتباك وأسرعت الى الحمام بدورها وهي تحمل قميص نومها بين يديها وعندما أغلقت الباب استندت عليه خافقة القلب وكانت ماتزال ترتدي ثوب زفافها .. لم تكن تظن أنها ستكون خجولة الى هذه الدرجة وخائفة ايضا .. مازال صالح غريب عليها وأقامة علاقة حميمية معه تخيفها وتكاد لا تتخيلها لأنعدام خبرتها رغم انجذابها الشديد نحوه .
قضت مرام مدة طويلة فى الحمام وعندما خرجت وجدت صالح واقفا بجوار النافذة يرتدي سروال رياضي وتي شيرت .. لاحظ نظرتها الى ما يرتديه وقال مازحا
– آسف مرة أخرى .. فأنا أكره أرتداء البيجامات الحريرية .
أبتسمت له وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها البارز من تحت قميص نومها الأبيض
– لا عليك .. هكذا أفضل .. ليتني أستطيع أن أفعل مثلك .
قال بعبث وهو يقترب منها ببطئ وعيناه تحومان عليها بجرأة
– لا لن أسمح بذلك .. أريد أن أرى كل الأشياء التى أشتريتها من أجلي لقد صبرت كثيرا حتى أراها .
أشتعل وجهها أحمرارا وراحت فجأة تفكر فى طريقة ما للهرب ولكن عندما أصبح بالقرب منها أسقط في يدها .. وعندما جذبها بين ذراعيه نسيت كل شئ عن فكرة الهرب واستسلمت له منصاعة اليه بكل كيانها .. وكأنما تحولت لشخص آخر .. تعيش في عالم آخر .. تنتابها أحاسيس ورغبات جياشة .. تتلذذ بألمها وحلاوة مرها .. تصرخ وتحتج .. تبتعد .. ثم تعود وتقترب .. لا تفهم بالضبط ماذا تريد أو ما يجب عليها فعله .. وكان صالح صبورا ومراعيا لقلة خبرتها وخوفها .. فكان حنانه لا يوصف ولم يحرمها من كلمات الحب التى كانت من رقتها قد دفعت الدموع لتسيل من عينيها .. وبصوت يرتعش كجسده كان يهمس لها
– هذا ليس حبا .. ولا يمكن أن يكون عشقا .. فما أشعر به تجاهك لا أسم له .. أنه شئ لم يخلق لأحد غيري ولم يشعر به أحد من قبلي .
ثم دفن وجهه فى عنقها يتنفس عطرها الذى ألتصق بجلدها
– لقد انتظرتك طويلا .. ليتنى أستطيع أن أعبر كل الأيام والسنين الماضية وأكون الى جوارك منذ لحظة ميلادك .
ضمته مرام اليها بقوة وهي عاجزة عن التعبير عم تشعر به بالكلمات ولكنها قررت أن تعبر عنها بالأفعال وكما أسعدها أسعدته وقضيا ليلة زفافهما كأفضل ما يمكن أن تكون ليلة العمر .
****
فندق موزايك الجونة
وقف صالح فى شرفة غرفتهم بالفندق يتأمل المنظر الرائع للبحر الهادئ .. مازال هناك لسعة برد ولكنها منعشة وخفيفة ولا يمكن أن تؤثر أو تقلل من حرارة عواطفه .. ان كان قد تمنى يوما أن يجد السعادة مع أمرأة يحبها فانه لم يتخيل أن تصل سعادته الى هذه الدرجة من القوة .. فعندما يصل به الأحساس بالحب الى درجة البكاء
فهذا يعني أنه حصل على أكثر مما حلم وتمنى .. ارتسمت على شفتيه ابتسامة حالمة وهو يتنشق ويعبئ صدره من هواء البحر وبعد لحظات استدار ودخل الى الغرفة .. لقد أنتهى ومرام من تناول افطارهما منذ قليل وقررا أن يخرجا الى الشاطئ فمنذ مجيئهما منذ يومين وهما لم يتركا غرفتهما أبدا .. اتسعت ابتسامته وهو يفكر بأنه كان قرارا مشتركا فحبييته كانت سخية جدا فى منحه حبها ولم تخفي عنه لهفتها التى تماثل لهفته اليها .. وكأن تفكيره بها قد استدعاها فتمثلت أمامه على الفور خارجة من غرفة النوم .
سألها بدهشه وهو يتأمل ماترتديه وقد بدأت مشاعره تشتعل من جديد
– هل غيرت رأيك ولن نخرج ؟
شهقت وضربت جبينها بكف يدها وهي تستدير عائده الى الغرفة وتقول
– معك حق لقد نسيت .
ثم عادت بعد لحظات وهي تضع حقيبة كبيرة من القماش على كتفها وهي تقول ضاحكة
– لقد نسيت حقيبتي .. وفيها كريم الشمس والنظارة .
وقف عاجزا عن الكلام يحدق بها للحظات وهي تنظر اليه مبتسمة وتقول
– هيا بنا .
ما لبث صالح أن أنفجر ضاحكا .. ضحك بشدة حتى دمعت عيناه من شدة الضحك ووقفت مرام تنظر اليه بدهشة ومازالت الأبتسامة على شفتيها وهي لا تفهم سبب ضحكه الشديد
– ماذا ؟!!!
ثم قالت ضاحكة بحيرة
– ماذا هناك حقا .. هل هناك شيئا خاطئا بي ؟
أقتربت بسرعة من المرآة التى بجوار الباب وتأملت نفسها من كل جانب ولم تجد شيئا فاستدارت اليه وكان قد ألقى بنفسه عل مقعد بقرب الشرفة وهو مستمر بالضحك
وكان يحاول أن يسيطر بصعوبة على ضحكه وهو يشير اليها بيده من أعلى لأسفل فجاء صوته متقطعا
– هل .. حقا .. تعتقدين .. أنك ستنزلين معي وأنت ترتدين هكذا ؟
أختفت الأبتسامة من على شفتيها ونظرت الى ملابسها عابسة .. كانت ترتدي ثوب سباحة وفوقه رداء بحر مشجر ومعقود حول عنقها تاركا كتفيها وجزء من ظهرها عاريين وكان ملفوفا عليها ومفتوح من الأمام حتى منتصف فخذها .. لقد دفعت في هذا الطقم مبلغ كبير
– أنها ملابس بحر .. ستجد الجميع هنا يرتدون هكذا .
هدأ ضحكه ووقف مقتربا منها
– نحن لا نتحدث عن الجميع بل نتحدث عنا نحن .. ان رأى الرجال كل هذا منك .. ماذا سيبقى لي كي أراه وحدي .
لوت شفتيها ونفخت بضيق
– وماذا تريدني أن أرتدي .. كيف سأنزل الى البحر ؟
– لا تعقدي الأمور هناك العديد من أثواب البحر أكثر حشمة مما ترتدينه الأن ونستطيع أن ننزل الى المتاجر هنا ونجد لك شيئا ملائما .
قالت بعناد وقد بدأت تشعر بالغضب
– لن أرتدي تلك الأشياء التى ترتديها النساء على الشواطئ العامة وتجعلهم أشبه بالضفادع البشرية .
حاول صالح أن يظل صبورا وقال بهدؤ
– مرام .. لن تنزلي عارية بهذا الشكل .. لن أكون رجلا لو سمحت بذلك .
عقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بعصبية
– وأنا لن أنزل الا هكذا .
زم شفتيه وانقلبت سحنته بجمود وقال
– اذن أبقي هنا ولا تنزلي .
حدقت به بغيظ ثم استدارت وسارت غاضبة الى غرفة النوم وأغلقت الباب بقوة فى وجهه .
ألقت بحقيبتها على الفراش وجلست تهز ساقها بعصبية وهي تجز على أسنانها .. لن تجعله يفرض رأيه عليها .. أنها واثقة من أنه لن يتحمل زعلها وسيأتي ليصالحها .. فخلال الأيام الماضية عرفت مدى تأثيرها عليه فكان دائما عاجزا عن ابعاد يده عنها ويحب مراضاتها .. وعندما يأتي الأن ليصالحها ستتدلل عليه قليلا ثم تسامحه ولكن .. مر الوقت ولم يأتي .. أقتربت من الباب وأنصتت السمع وكان الهدؤ تاما بالخارج .. عادت وجلست على الفراش تنظر الى الباب عابسة وهي تتساءل أين هو الأن ؟ مرت أكثر من نصف ساعة فوقفت وقررت أن تخرج وترى ما الأمر .
وجدت الغرفة فارغة فوقفت فاغرة فاها بذهول .. لقد خرج وتركها وحدها .
****
مر بعد الظهر سريعا وانتصف النهار ومرام فى الغرفة وحدها تتميز حنقا وغيظا من تصرف صالح وعندما بدأت معدتها تأن من الجوع أمسكت هاتفها وفتحته لتتصل به وقد قررت أن تتشاجر معه وبمجرد أن فتحت الهاتف تعالى رنين الرسائل الوارده ووجدت رسالة من فودة فتحتها بعصبية وقرأتها
( أين أنت ؟؟؟؟ لماذا هاتفك مغلق؟؟)
بقى يوم على مهلة العشرة أيام التى وعدته بها .. وتلك التهمة التى بلاها بها مازالت فى حقيبة سفرها .. كانت تعلم بأنها لن تستطيع الأنفراد بنفسها على الأقل خلال الأيام الأولى من زواجها وعندما ستجد الفرصة سوف تتصل به .. أعادت أغلاق الهاتف وألقت به على الأريكة .
عاد صالح وكان شعره مبتلا وقميصه ملتصقا بجذعه فضاقت عينا مرام بشدة عليه..
لقد كان يسبح .. تركها هنا وقضى يومه بسعادة على الشاطئ .
سألها بهدؤ
– هل طلبت الغداء ؟
ردت بعنف
– لا .
تجاهلها وهو يسير الى غرفة النوم
– أطلبيه اذن حتى أنتهي من أخذ حماما .
حدقت فى اثره وهي لا تصدق البرود الذى يتعامل به معها ولولا أنها تكاد تموت جوعا لرفضت طلبه .
وصل الطعام وجلسا يأكلان بصمت وبعد أن أنتهيا سألها صالح بطريقة عادية
– هل ترغبين بالخروج ؟
قالت على الفور بحدة
– لا .
وقف عن المائدة قائلا بلامبلاة
– كما تشائين .
أحمر وجهها وكادت أن تبكي غيظا
– سأنام ساعة .
وذهب الى غرفة النوم .. لوت شفتيها بمرارة .. فهذه الساعة كان يناماها معا .. أنها حرب ارادات اذن … وسوف لن ينتصر فيها عليها .. وبعد أن أصابها الملل خرجت الى الشرفة وتمددت على مقعد طويل تحاول التظاهر بالأسترخاء ولكنها فى الحقيقة كانت عكس ذلك تماما .. مر الوقت وبدأت تشعر بالبرد فعادت الى الداخل ووجدت صالح فى وجهها وآثار النوم بادية على وجهه فعبست به رافعة رأسها بكبرياء ومرت من جواره صامته وأقسمت أنها رأت ابتسامة ساخرة ترتسم على شفتيه ولكنها لم تتبينها جيدا .
وقالت ببرود
– سأنام أنا أيضا ساعة .
وأغلقت الباب بحدة كما فعلت قبل ذلك .
****
عندما أستيقظت مرام ووجدت الظلام قد حل .. لم تعرف كيف سقطت فى النوم سريعا فجلست فى الفراش تتثاءب بقوة وللمرة الثانية لم تجد صالح فى الغرفة فصرخت بغيظ وهي تضرب الأرض بقدميها .. سوف تريه فهو لن يتحمل مقاومتها , عادت الى غرفتها وارتدت قميص نوم جديد كان طويلا ويبدو للوهلة الأولى أنه محتشما ولكن نوع القماش وقصته يعطيانه أغراء أكثر من القصير والشفاف ثم تمددت على الأريكة تشاهد التلفاز وتنتظر .
بعد منتصف الليل بنصف ساعة عاد صالح وكانت مرام كما هي فى مكانها ولكن غضبها كان أكثر أشتعالا وعندما واجهها بابتسامته الهادئة أنفجرت فيه غاضبة
– لن أتحمل معاملتك هذه .. تتجاهلني بهذا الشكل المقيت وتخرج على راحتك .
قال وقد أصبح وجهه صارما كصوته
– لقد سألتك ان كنت تريدين الخروج وقلت لا .. ماذا أفعل .. أحملك وأخرج بك رغما عنك ؟
جزت على أسنانها بغيظ
– لا .. ولكن أتركني وحدي طوال اليوم وعش حياتك وحدك .
لمعت عيناها بالدموع وهي تستدير وتدخل الى غرفة النوم ومنها الى الحمام .. غسلت وجهها وجففته ثم عادت الى الداخل لتجد صالح بأنتظارها .. أقترب منها وحاول معانقتها ولكنها رفضت وابتعدت عنه بحده فقال
– هيا .. أنا آسف .. دعينا ننهي هذه اللعبة السخيفة لقد مر كلانا بيوم سئ وفى الحقيقة لم استمتع بأي لحظة وأنا بعيدا عنك .. لقد أشتقت اليك حبيبتي .
شعرت مرام بالرضى وقد حان وقت أنتقامها .. أنه يريدها ونظرات عينيه الى جسدها تقول ذلك وأكثر .. فوقفت بطريقة مستفزة لرجولته وقالت وعيناها ترمشان بخبث وأغراء
– أنا لست جاريتك كي تصالحني متى أردتني .. سوف أنام وحدي الليلة تماما كما تركتني وحدي طوال اليوم .
تسمر صالح في مكانه للحظات حتى أستوعب كلماتها التى لم يتخيل أن تقولها له فى يوم من الأيام فهل هذا نوع العقاب الذى ستمارسه ضده كلما أختلفا فى شئ ما ؟ ثم تحرك وكانت حركاته عنيفة وهو يأخذ ملابس نومه ويدخل الى الحمام .. صعدت مرام الى الفراش وهي تشعر بالرضى عن نفسها وابتسمت بخبث وفكرت أنه عندما يأتي الى الفراش ستستفزه أكثر حتى يفقد سيطرته على نفسه ويتوسل اليها كي تحبه وترضى عنه ولكن رهانها للمرة الثانية قد خسر فقد خرج صالح من الحمام وهو أكثر هدؤا وبرودا وأخذ الغطاء الأحتياطي من الخزانة وخرج من الغرفة مغلقا الباب خلفه بهدؤ شديد .. جلست مرام فى الفراش وقد أصابها الذهول ثم قالت بعنف
– أذهب الى الجحيم .. لن أتأثر .
ولكنها تأثرت وبشدة فقد راحت تتلوى فى الفراش وترفس بقدميها الأغطية وقد جفاها النوم وأضناها الشوق اليه .. لقد طار غضبها وأستياءها منه وظلت حاجتها الى دفئ أحضانه تؤرقها وفى الرابعة فجرا أصبحت لا تطيق البقاء بدونه أكثر من ذلك .
فخرجت من الغرفة وقد سحقت كبرياءها وعنادها بقدميها وتقدمت من الأريكة التى ينام عليها ومن خلال الضؤ الآتي من الشرفة رأته ممددا على بطنه ويده فوق رأسه والشرشف يغطية حتى خصره .
أحتارت ماذا ستفعل .. كان فمه نصف مفتوحا دليلا على أنه غارقا فى النوم وقد أغاظها هذا بشدة ففى الوقت الذى تتلوى فيه شوقا اليه ينام هو قرير العين وغير شاعرا بها فقفزت من فوق ظهر الأريكة واستقرت فوقه غيرعابئة بأن حركتها آلمته فهو يستحق الوجع .. أنتفض صالح واستيقظ مفزوعا وصاح
– ماذا ؟
قالت
– أنه أنا .
صاح بها
– وماذا تفعلين بحق الله ؟
– أنام .
قال مزمجرا وهو يحاول رفع ثقلها عن ظهره
– عودي الى فراشك .
– خائفة .
رد بعصبية
– كنت تعيشين وحدك فى شقة طويلة عريضة ولم تخافي .
ردت ببرود
– صرت أخاف الأن .
عاد يقول وصوته مخنوق
– قلت أذهبي من هنا .
لفت ذراعيها حوله واندست به أكثر
– تعال معي اذا .
لف حول نفسه بحركة حادة وأصبح مواجها لها يتكئ على جنبه قائلا بغضب ساخر
– أنا لست عبدا لديك كي تأتي الي عندما تريدينني .
أرتعشت شفتيها بابتسامة فقد كان يعيد عليها ما سبق وقالته له
فقالت بصوت مثير
– سأرضى أن أكون جاريتك اذا وافقت أنت أن تكون عبدي
واقتربت بوجهها منه فتراجع مجفلا الى الخلف مما جعله يسقط من فوق الأريكة على الأرض في مشهد مضحك تعالت له ضحكات مرام المرحة فجلس صالح على ركبتيه ينظر اليها بغيظ للحظات ثم شاركها الضحك , مدت يدها تداعب وجهه وهى تقول بصدق وندم شديد
– آسفة .. والله آسفة وأعترف بخطأي .
نظر الى عينيها النادمتين قائلا وقد عاد وجهه للعبوس
– لن تفعلي ذلك مرة أخرى .. مهما حدث بيننا من خلاف لا تبعدينني عنك بتلك الطريقة أبدا مفهوم .. هذه طريقة لا تليق ببنات الأصول فمن تلجأ لمعاقبة زوجها والضغط عليه لتنفيذ مطالبها بأن تحرمه من حقوقة عليها فهي ..
وضعت كفها على فمه لتمنعه من قول المزيد
– فهمت ولن يحدث هذا مرة أخرى أبدا .. وأنت أيضا لا تعاقبني بأن تتجاهلني بهذا الشكل .
قبل كفها وأمسك يدها بيده
– وأنا أيضا آسف .
وفى لحظات كان يقف ويحملها بين ذراعيه عائدا بها الى غرفة نومهما وقلباهما يتنافسان أيهما أكثر سرعة فى دقاته من قلب الآخر .
****
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غابت شمسها)