روايات

رواية غابت شمسها الفصل التاسع عشر 19 بقلم مايسة ريان

رواية غابت شمسها الفصل التاسع عشر 19 بقلم مايسة ريان

رواية غابت شمسها الجزء التاسع عشر

رواية غابت شمسها البارت التاسع عشر

غابت شمسها
غابت شمسها

رواية غابت شمسها الحلقة التاسعة عشر

لقد أختفى صالح ..
بعد ذلك اليوم الذى زارت فيه فودة بالسجن .. تهديده جعلها تظن أنها ستراه باستمرار ولكن مرت أربعة أيام ولم يظهر له أثر ..
وقد أصابها هذا بالهوس فعندما تنزل من البيت فى الصباح تتوقع أن تراه أمامها وعندما تخرج من محل عملها تتلفت حولها فقد يكون بأنتظارها .. وفى المساء كانت تظل تنظر الى شاشة هاتفها فربما يرسل لها رسالة أو يتصل .. وبعد مرور تلك الأيام الأربعة كانت قد وصلت الى مرحلة صعبة وأصبحت عصبية المزاج ودائمة القلق والتوتر .
لاحظت مها حالتها وكانتا جالستان فى حجرة الجلوس بعد العشاء وسألتها ان كانت مقابلتها لزوجها من جديد قد أثرت فيها فأنفجرت صائحة
– أنني أكرهه .. من يظن نفسه .. يأتي ويهددني ثم يعود ويختفي .. أنه يتلاعب بي .. يلعب بأعصابي .. يحلو له عذابي وأنشغال بالي .. يظن أنني لا أعرف لعبته ولكنه ينسى دائما أنني لست بفتاة ساذجة .. لقد رأيت كل تلك الألاعيب من قبل ولعبتها أيضا .
أتسعت عينا مها ذهولا من أنفجارها الغاضب ثم أنفجرت ضاحكة عند جملتها الأخيرة
– ألاعيب ولعبتها .. ما هذا يا مرام .. لقد نسيت هذا الجانب منك .
أرتجفت أبتسامة على شفتيها وهي تزفر وتحاول تهدأة أعصابها
– آسفة .. لا أقصد أن أتباهى بوقاحتي .
ثم استطردت بحنق
– ولكنه يغيظني .. لا أعرف ما الذي يريده مني ولماذا عاد الى حياتي .. كان يستطيع أن يطلقني ويعيش حياته .. فلماذا يعود ثم يختفى بهذا الشكل .. يعاقبني من جديد ؟ لن أحتمل هذه المرة .
دمعت عيناها وهي تتذكر قوله .. عندما سألته (( ألن تكتفي أبدا من تعذيبي ؟ وقد أجابها فى حينها بلهجة أثارت الرعب فى قلبها وارتجفت لها أوصالها (( أبدا .. ولا أعتقد أننى سأكتفي حتى آراك تتلاشين )) فهل عاد حقا ليكمل ما بدأه ولكن لماذا تأخر كل تلك الشهور مادام كان يعرف بمكانها
قالت مها برقة
– أنت تحبينه بشدة يا مرام .. ظننت أنك قلت أنك تكرهينه .
أخرجها قولها من شرودها فهزت رأسها بضعف
– لم أستطع .. حاولت وفشلت ويأست من المحاولة .. أحبه وأنتهى الأمر .
– ولماذا عاد فى رأيك وكان المجال أمامه كما قلت ليتخلص منك ويتزوج غيرك .. أبنة عمه أليست هي ؟
أحمر وجه مرام وقالت بحقد
– لتشبع به تلك الغبيه .
أخفت مها أبتسامة وهي تقول
– ولكنه لم يتزوجها وعاد اليك وبرغم كل ما فعلته به وعرفه عنك لم يتركك … هربت منه وتتبعك .
هذا صحيح وقال أيضا أنها له حتى يفرق الموت بينهما ولكن هناك شئ خاطئ , قالت بأنفعال
– نعم صحيح ولكن ..
ثم توقفت وسألتها بحيرة
– ماذا تقصدين ؟
– أريد أن أعرف تفسيرك أنت أولا .
عقدت مرام حاجبيها وفكرت .. يبدو الأمر من تلك الزاوية التى طرحتها مها وكأن صالح يحبها لدرجة تجعله يتغاضى عن كل أفعالها وعيوبها ويقبل أن يستمر معها برغم كل ما عرفه عنها ولكن من زاويتها هي تراه أميرا للأنتقام .. يثأئر لكرامته منها .. تهديداته وما فعله بها حتى يوم أجهاضها لطفلها خير دليل على ذلك .. صعب أن تنسى أو أنها تخشى أن تنسى فيعود ويؤلمها وهي تعبت من الألم خاصة ألم شوقها الذي لا يرتوى اليه .
– صالح ربما كان يحبني فى مرحلة ما .. ولكنه لم يعد كذلك .. أعترف أنه صدم في .. خدعته وغششته وما سمعه من فودة يجعل لديه كل الحق لكي يغضب ويحتقرني ولكن لو أنه أحبني حبا حقيقيا لأستطاع أن يرى حقيقة مشاعرى نحوه وأستطاع أن يسامحني لو كنت فى مكانه لفعلت .
ثم رفعت وجهها الى مها وسألتها
– وما تفسيرك أنت ؟
قالت بجديه
– أنت وهو لديكما نفس المشكلة .. عدم الثقة .. هو لايثق بأنك تحبينه .. تملأه الريبة والشك من ناحيتك وهذا سببه الصدمة التى مني بها فى بداية علاقته بك وأنت .. تألمت بسببه وجرحت حتى أصبحت تخافين الألم ولا تثقي بقدرته على حبك من جديد قالت مرام بأبتسامة مشاغبة
– تعجبني وجهات نظرك الفلسفية .
عقدت مها ذراعيها وعادت الى الخلف على الأريكة وقالت مبتسمة
– تسخرين من الفلسفة اذن .. أنها أساس الحياة .. الكون نفسه أسس على أساس فلسفى .. كل شئ فى حياتنا مبني عليها .. الدين والعلم والسياسة والفن … هي البحث عن الحق والخير والجمال فى كل شئ .
ردت مرام مبتسمه
– لم تكن أبدا مادتي المفضلة .. ولكن ما فهمته .. أنها ما يجب أن تكون عليه الأمور وليست ما هو حقا موجود .. لهذا هي منفصلة عن الواقع .. ليس كل شئ حولنا حق وخير وجمال هذا ما رأيته وخبرته فى هذه الدنيا .. لم آخذ حقي .. لم أجد خيرا في شئ أو في أحد .. ولا أرى سوى القبح من حولي .
مطت مها شفتيها بأستياء
– هذا ليس ذنب الفلسفة … أنها فقط تشير للطريق الصحيح .. ترصد وتحلل وتستنبط وعلى الأنسان أن يتأمل ويختار .
وقفت مرام وهي تتثائب
– اذن لماذا أجد نفسي دائما مجبره على الأختيار ما بين السئ والأسوأ .
وقبل أن تتابع مها نقاشها قالت ضاحكة
– لن أقتنع خاصة وأنا غاضبة جدا .. تصبحين على خير .
أستلقت على الفراش بين الأغطية وهي تفكر .. أين هو ؟ هل عاد الى المزرعة ؟ ولكنه قال بأنه لن يعود وسيظل هنا من أجلها .. ليس من أجلها حقا ولكن من أجل اخضاعها .. برقت عيناها فى الظلام وكأنه أكتشاف .. نعم هذا هو هدفه .. أن يجعلها تخضع له وتصبح منكسره ومذلوله أمامه .. لم يعجبه هروبها منه وربما جعل سيرته بين الناس سيئة فقضى تلك الشهور يضع الخطط التى تقوم على أخطاء تقع فيها .. يراقبها ويتجسس على حياتها .. منتظرا أن تخطئ وعندما فعلت بزيارتها المحرمة لفودة كانت حجة جيده .. تقلبت فى الفراش بضيق .. ولكن أين هو ؟
****
فى أحد فروع شركة المحمول بالأبراهيمية ..
أخذت مرام الشفت الليلي .. تنهدت بضيق وهي تنظرت الى الصف الطويل من العملاء المنتظرين وهى جالسة خلف مكتبها وأمامها شاشة الحاسوب وفى الخارج كان هناك أمطار لا تتوقف عن الهطول .. كان يجب أن يكون هؤلاء الناس فى منازلهم فى مثل هذا الطقس السئ ..
مرت الساعات وشارف يومها الثقيل على الأنتهاء وكان يجلس أمامها أحد العملاء عندما رفعت رأسها بالصدفة ورأته .. أرتبكت وتسارع نبضها .. رأت صالح يجلس على أحد مقاعد الأنتظار وعيناه ثابتتان .. ليس عليها وانما على الشاب الجالس أمامها وهنا أنتبهت لمظهر الشاب لأول مرة .. كان وسيم مفتول العضلات بأبتسامته أنيقة .. لقد أعتادت على ثرثرة الزبائن ومحاولتهم المستمرة لأطالة الجلوس معها لدرجة جعلتها تعتاد على هذا الأمر وكأنه روتين يومي .. عادت بنظراتها الى صالح والذي أنتبه الى نظرتها المسلطة عليه فرفع أحد حاجبيه وزم شفتيه بغضب فعبست وهي تتساءل ما به الأن ولما هو غاضب .. أنها تعمل وليست فى موعد غرامي .. أعاد الشاب أنتباهها اليه بطرح سؤال سخيف آخر ووجدت نفسها دون أن تدري تطيل الحديث والشرح وزادت من توهج أبتساماتها .. شياطينها أخذت منها المبادرة وراحت تعبث بعقلها وتتحكم فى تصرفاتها ولكنها لم تكن تتوقع ما هو آت .. بعد ان أنتهت ووقف الشاب لينصرف على كره منه رأت صالح يقف بدوره وقد أسود وجهه من الغضب وأصبح أمامهما بخطوتين وقال بصوت بارد
– هل أنتهيتم ؟
أبتلعت ريقها بصعوبة وقررت أن تتحداه أكثر وقالت بسرعة وبطريقة عمليه
– أنتهى عملي سيدي .
وأشارت الى زميلها فى المكتب المجاور
– تفضل هنا .
, تجاهلها صالح وجلس على المقعد الذي تركه الشاب لتوه قائلا بحدة
– أفضل أن تساعديني أنت .
شحب وجهها وتلفتت حولها بقلق ورأت المدير وكان قريبا منهم ينظر بأتجاهها متساءلا وهو عابس الوجه فنظرت الى صالح بغضب فهو هكذا سيتسبب لها فى مشكلة
– هذا مكان عمل .
قال ساخرا والغضب مشتعل فى عينيه
– حقا ؟ .. لم يبدو لي كذلك منذ قليل .. هل هكذا تجذبون زبائنكم بالمغازلة والكثير من الضحك والمسخرة ؟
أشتعل غضبها كذلك
– أنا أعمل فى خدمة العملاء .. يعني علاقات عامة والكياسة والتهذيب مع الزبائن ضروري .
أستفزته أكثر فقال
– ولكن ما رأيته كان قلة تهذيب .
شهقت بغضب وهنا جاء صوت المدير يقول بأنزعاج
– هل هناك من مشكلة أنسة مرام ؟
ألتفت اليه صالح بحدة وقد ازدادت ملامحة شراسة
– أنسة مرام ؟
وانكمشت مرام فى مقعدها فهو على وشك أفتعال فضيحة لها فى مقر عملها وبين زملاءها مد يده عبر المكتب وسحب يدها اليسرى ونظر الى أصابعها الخالية من الخواتم وقال بغيظ
– آه فهمت .
قال المدير بتجهم
– ماذا يحدث هنا ؟
وقفت مرام بحدة وقالت ووجها أحمر من شدة الحرج وقد أصبحوا محط أنظار الجميع تقريبا
– لا شئ سيدي .. هل أستطيع الذهاب الأن ؟
رمق المدير صالح بريبة والذي كان قد وقف بدوره
– لو هناك مشكلة أنسة مرام ..
قاطعه صالح بحدة
– هذه هي المشكلة بالضبط .. فأنا زوج الأنسة مرام .
رفع المدير حاجبيه بدهشة ونظر الى مرام بتساؤل ورأى وجهها الممتقع فقال
– تستطيعين الذهاب الأن .
أرتدت معطفها وحملت حقيبتها وكانت تتجنب النظر الى وجوه زملاءها وهى خارجه وتدرك أن صالح يتبعها .
سارت على الرصيف تبتعد بسرعة غير مباليه بالمطر الذى ينهمر على رأسها
ولكن سرعان ما ألتفت أصابعه حول ذراعها وأوقفها صائحا بها
– لا تتجاهلينني .
صاحت بدورها
– وأنت لماذا تلاحقني وكيف تتجرأ على أحراجي فى مكان عملي ؟
– وكيف تريدين مني أن أتصرف وأنا أراك تغازلين الرجال أمام عيني .
عجزت عن الرد للحظات ولكنها سرعان ما قالت
– عقلك متعفن شكاك .. كنت أؤدي عملي ولم أكن أتغزل فى أحد .
– أين خاتم زواجك .
رفعت رأسها تتحداه
– خلعته ولم أعد أرتديه منذ أن تركتك .
أصبح خطيرا وبدأت تندم على أستفزازها له ونظرت الى الشارع الخالي من حولهم بخوف وأنتبهت للمرة الأولى أن كلاهما غارق بالماء تحت رذاذ المطر المنهمر جرها من ذراعها خلفه ووجدت نفسها فى لحظات بجوار سيارته ودفعها بفظاظة فى المقعد الأمامي وأغلق الباب عليها بعنف .. استدار حول السيارة وصعد على مقعد القيادة وأغلق بابه بعنف مماثل .. أصدر اطار السيارة صريرا عاليا وهو ينطلق بها .
هل كانت تتساءل حقا عن مكانه ؟؟ ليته ظل مختفيا للأبد
****
لوران على البحر ..
تساءلت بقلق الى أين يأخذها ؟
أوقف السيارة أمام بناية شاهقة وكان المطر قد هدأ فأمرها بحدة
– أنزلي .
أطاعته ونزلت من السيارة وتبعته الى داخل البناية .. وقف حارس الأمن بتهذيب ونظر اليهما بفضول مستتر
سألته وهما أمام المصعد
– الى أين تأخذني ؟
رمقها بنظرة عنيفة
– الى شقتي يا أنسة مرام .
تراجعت خطوة الى الخلف وقد أعتراها الخوف
– وهل تملك شقة هنا ؟
فتح باب المصعد ودفعها الى داخله ولم يجيبها فقالت تحتج بعجز
– لا أريد أن أصعد معك .
قال ساخرا بغيظ وهو يضغط على زر الدور العاشر
– هل صدقت حقا أنك آنسة .. ونسيت أنني زوجك ؟
كان الطابق يحتوي على أربع شقق أحصتهم مرام سريعا وصالح يفتح باب الشقة ثم دعاها للدخول قبله
كانت شقة جميلة وكل شئ فيها حديث وجديد وتساءلت .. منذ متى يملكها ولما أشتراها وتذكرت وعده لها بأن يشتري لهما شقة على البحر فى الأسكندرية بمجرد أن تنصلح أموره الماليه .. فهل أشتراها من أجلها ؟ تركها صالح واقفة تتأمل ما حولها وأختفى بالداخل وعاد بعد دقائق وكان قد خلع معطفه وكان يحمل منشفة ناولها اياها قائلا
– خذي جففي نفسك ولكن أخلعي معطفك أولا .
ثم توجه الى داخل المطبخ المفتوح على الصالة وهو يشير الى حجرة جانبيه مواجهة للمطبخ ويفصلها عن الصالة باب جرار
– أدخلى الى هناك وسأصنع الشاي لكلانا .
أشعلت الضوء وخلعت معطفها ووضعته على ظهر مقعد .. أعجبتها هذه الحجرة كذلك بل أعجبتها كثيرا كانت دافئة ومريحة .. الأرائك والمقاعد واسعة خليط من اللون الفضي والرصاصي الغامق ووسائد باللون الفيروزي الهادئ .
– ما رأيك ؟
ألتفتت اليه .. كان يقف حاملا صينية الشاي , ردت بصدق
– شقة جميلة .. أنت من فرشها ؟
وضع الصينية على المنضدة ثم انتصب واقفا ونظر اليها
– نعم .. هذا ذوقي بمساعدة من مهندس ديكور رشحه لي أحد أصدقائي .
جلست مرام على طرف الأريكة وهي تقول بتوتر
– سأشرب الشاي ثم أذهب .
لوى شفتيه دون أن يقول شيئا وجلس على الأريكة بجانبها لا يفصله عنها الكثير
وقال بهدؤ
– أصبحت الشقة جاهزة لأستقبالك .
ألتفت رأسها اليه بحدة وسألته بأنفاس مبهورة
– ماذا تقصد ؟
– هذا البيت لك .. لنا .. أخبرتك أنني راغب بأستعادتك .
سألته يحدوها بعض الأمل
– لماذا ؟
قال بحيرة
– لأنك زوجتي ومكانك الطبيعي هو معي .. وأنا أريدك .
– وماذا عما أريده أنا ؟
عاد اليه الغضب من جديد
– وماذا تريدين أكثر من ذلك .. أشتريت لك شقة أحلامك .. أحوالي المالية تحسنت كثيرا .. مضيت عقود تصدير ستجعلني قريبا من الأثرياء .. سأوفر لك حينها كل ما ترغبين به .. ألا يسد هذا جشعك ولو قليلا .
للحظات كانت تأمل .. ولكن كلماته نسفت أملها .. مازال يراها بصورة سيئة .. أنه يرغب بها ولكن لا يحبها حقا .. لا أحد يحب شخص لا يحترمه .
وقفت بحزم وتناولت معطفها وحقيبتها
– يجب أن أذهب .. ستقلق خالتي مها علي .
أمسك يدها وسألها متجهما
– أجيبي أولا .. هل ستعودين الي ؟
نظرت الى عينيه مباشرة وسألته
– ولو رفضت .. هل ستجبرني ؟
تصارعت المشاعر على وجهه ثم قال أخيرا
– لا .. لن أجبرك .. ولكن قبل أن تقررى يجب أن تعرفي أنني مستعد أن أوفر لك كل ما ترغبين به وسأقبل بأي شروط من جهتك وفى المقابل سأطلب منك الأخلاص التام وأن لا تكذبي علي أبدا .
صمت يحدق فى وجهها ينتظر ردها ..
أصبح جرحها عادة لديه .. كل كلمة وكل نظرة تحمل أهانة لها .. أعترفت لنفسها بمرارة بأنها من دمرت ثقته بها وليس له ذنب فى سؤ ظنه فهي وحدها الملومة لما وصل اليه حالها وان وافقت على عرضه المهين الذي يصلح لأن يعرض على عشيقة ستكون بذلك تثبت وجهة نظره فيها .
سارت بهدؤ الى الباب وهو يقف مذهول .. ستذهب وكان يظن أنها ستقفز لتنتهز الفرصة خاصة بعد أن رأت الشقة وأخبرها عن تحسن أعماله فهل فاته شئ ؟
قال بسرعة وقلبه يعصف
– سأشتري لك أي سيارة تعجبك وسأضع لك مبلغ كبير فى حسابك بالبنك .
توقفت .. تجمدت فى الواقع فهدأت أنفاسه ولكن عندما أستدارت صدم وهو يرى الدموع تنساب غزيرة من عينيها بصمت وقالت بصوت متحشرج
– لا أريد شقتك ولا أموالك .. ولا أريد أن أراك أبدا بعد اليوم .
وسارت مرة أخرى بخطوات أسرع الى حيث باب الشقة فلحق بها وفكرة فقده لها نهائيا قد جعلته مجنونا .. دفعها الى الحائط وثبتها هناك بجسده وهو يصرخ بها
– ماذا تريدين .. أخبريني أيا ما كان وسأنفذه لك .
حاولت دفعه عنها وقد سقط معطفها وحقيبتها على الأرض
– أخبرتك أنني لا أريد شيئا منك .. فقط أتركني وشأني .
مر خاطر بباله جعله يسألها بعنف
– هل هناك شخص آخر ؟
آلام قلبها لم تعد تطاق وزادت دموعها فى الأنهمار فتوسلت اليه
– أتركني يا صالح أرجوك .
ولكنه لم يكن يستمع .. يحبها ويريدها وفى هذه اللحظة هو عاجز تماما عن تركها سحقها وراح يعانقها حتى كادت أنفاسها أن تزهق .. عانقها بيأس .. يأمل أن تشعر وتحس به .. يحاول أثارة رغباتها فربما يكون هذا الشئ الذي يجعلها تعيد النظر وتوافق على العيش معه ولو من أجل ذلك فقط .
صوت بكاءها ونحيبها أخرجه من غيبوبته فتركها لتسقط على الأرض وهى ترتجف .. مدت يدها وأخذت حقيبتها ومعطفها وضمتهما اليها وكأنها تحتمي بهما ثم وقفت وساقيها ترتجفان .. توجهت الى الباب ودون أن تنظر اليه أو تهتم بترتيب شكلها المشعث قالت
– لا أريد أن تقع عيناي عليك أبدا بعد اليوم .
****

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غابت شمسها)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى