رواية عينيكي وطني وعنواني الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم أمل نصر
رواية عينيكي وطني وعنواني الجزء السابع والثلاثون
رواية عينيكي وطني وعنواني البارت السابع والثلاثون
رواية عينيكي وطني وعنواني الحلقة السابعة والثلاثون
بداخل السيارة وهي جالسة في الأمام بجواره كانت مستندة برأسها لخلف المقعد تنظر من نافذة السيارة للطريق الخارجي واليه مع ترديدها لكلمات الأغنية التي يصدح بها مذياع السيارة..
وهمسلي قالي الحق عليه
نسيت ساعتها بعدنا ليه
فين دموع عيني اللي مانامت ليالي .
بابتسامة من عيونه نساهاني .
أمر عذاب واحلى عذاب، عذاب الحب للأحباب
ماقدرتش اصبر يوم على بعده
ماقدرتش اصبر يوم على بعده
دا الصبر عايز صبر لوحده.
كان يقود السيارة هو مندمج معها ومع صوتها الرقيق ومعاني الكلمات الموجهة اليه وهي خالصة بالعشق.. رفع كف يدها يقبلها بحب قائلًا :
– ربنا مايحرمني منك يارب.
تنهدت قائلة بصوتٍ كخرخرة القطة:
– انا بحب الأغنية دي قوي ياعلاء عشان بتعبر قوي عن اللي جوايا ناحيتك.. انا فعلًا مااقدرش اصبر يوم على بعدك ولا حتى دقيقة احس فيها بجفاك.. يعني لو حصل.
ضغط بكفه المطبقة على كف يدها يضعها على ركبته متأوهًا :
– بس بقى الله يخليكي كفاية كدة انا مصبر نفسي بالعافية.. مش كفاية عملة الزفت حسين اللي هاتخليني انتظر فرحي عليكي شهور تاني.. كنت ناقصه انا ده .
ضحكت بدلال وهي تزيح بكف يدها الحرة خصلات شعرها المتطايرة على وجهها بفعل الهواء.
– ياسلام يعني لدرجادي انت مستعجل على جوازنا؟
ترك الطريق لينظر اليها ويحدثها بصدق:
– اوي يافجر.. نفسي اليوم دا يبقى امبارح مش بكرة ولا النهاردة.. نفسي اغمض عيني وافتحها الاقيكي معايا في بيتي ومعانا اولادنا.. انا مقدرش اوصفلك إحساسي كان إيه لما شوفت بنت عصام النهاردة.. قلبي رفرف جوا ضلوعي وانا بتخيل انها تبقى بنتنا انا وانتي.. حتة منك وشبهك.. ياه ياجدعان امتى دا يحصل؟.
تبسمت بمرح قائلة :
– بس بنت عصام دي حلوة زي الخوجات.. لكن انا ياعم على قدي .
التف اليها محذرًا :
– مين دي اللي على قدها.. اثبتي مكانك طيب بدل ما اتعصب عليكي.. لو بنت عصام قمر فاانتي قمرين وبنتنا هاتبقى تلت قمرات في بعض عندك اعتراض بقى؟
قهقهت ضاحكة تقول:
– طيب انا كنت عايزة اسألك بقى مدام عجباك لدرجاك كدة زي مابتقول.. ايه اكتر حاجة شدتك فيا؟
التف اليها مجيبًا دون تفكير:
– عنيكي.
هزت رأسها قائلة بوجه متورد يشع بالسعادة:
– اشمعنى عيوني بقى؟ افهم .. اصل انا طول عمري شايفاهم عادين يعني.. مش زي عيون شروق مثلًا لونهم العسلي بيلفت النظر خصوصًا في الشمس.
كان قد وصل الى وجهته فاأوقف السيارة أمام البناية التي تضم شقتيهم.. نظر اليها محدقًا بعيناها يرد:
– مش موضوع لونهم ولا شكلهم ايه؟ الموضوع اني اول ما بصيت فيهم حسيت وكأن فيهم رابط بيربط مابينا.. فيهم حاجة بتشدني ليكي زي المغناطيس.. فاكرة لما قولتلك بلاقي فيهم راحتي وقولت كلام كتير تاني عنهم.. انا مكدبتش في حرف يافجر.. انا عندي استعداد اقعد بالساعات وانا مركز فيهم واقرا كل لفته منهم.. وعمري ما امل.. عيونك المرسى اللي رست عليه مراكبي بعد شقا سنين طويلة يافجر.
فغرت فاهاها واغلقتها عدة مرات حتى خرج صوتها اَخيرًا :
– طب انا اقول ايه دلوقت قصاد كلامك الحلو ده؟ انا حاسة اني لو حاولت اردلك هاطلع حمارة وش قدام رومانسية المعلم علاء .. انت بتجيب الكلام دا منين؟
صدحت ضحكته الرنانة :
– الكلام بيخرج من قلب المحب من غير تفكير ولا تركيز.. ياقلب علاء.
بقلب يضرب بالسعادة داخل صدرها لوحت بكفها قائلة:
– كفاية والنبي.. خليني استوعب شوية شوية الكلام الحلو ده بعد نشفان وشد اعصاب الأيام اللي فاتت .. عشان ما يغماش عليا قدامك دلوقتي.
قرب وجهه منها يقول بحنان:
– سلامتك ياعمري من أي سوء.. انا عارف اني مقصر معاكي عشان الظروف اللي طبت علينا فجأة.. بس وعد عليا.. كل ده هايتعوض الأيام اللي جاية.
هتفت بلهفة :
– بجد ياعلاء.. يعني هايبقى فيه كلام حلو زي اللي قولتوا دلوقتي؟
تنهد باضطراب أمامها محدقًا بها بصمت وملامح مبهمة غير مفهومة وهي منتظرة الإجابة ثم مالبث ان قال:
– بقولك إيه يافجر.. قومي الله يرضى وخلينا نكمل كلامنا بعدين عشان بس مانعملش فضايح .
تسائلت باستفسار وحسن نية:
– فضايح ليه؟ هو احنا بنعمل حاجة غلط ؟
رد مقررًا بتأكيد :
– انا اللي هاعمل لو ماقومتيش من قدامي دلوقتي على طول.. يبقى اتحملي انتي اللوم لو والدك ولا حد من الجيران ظبطني وانا بحضنك او…….
– لا وعلى إيه؟ سلام ياعم .
قالتها بعجالة وهي تترجل من السيارة هاربة اثارت ضحكته المرحة مرة أخرى.
اعتلت الدرج وقلبها يقفز من السعادة معها وهي تستعيد كل لفتة وكل همسة منه.. تغزله لعيناها ولهفته عليها ونظراته المشبعة بالعشق.. ولكنها توقفت فجأة وكأنها استفاقت من سكرة عشقه.. ليصدح هذا الصوت بداخلها:
– ياترى لو عرف فاتن عايشة هايفضل على حبه ولهفته دي ولا هايحن لحبه القديم؟
تنهدت بأسى تكمل اعتلاء الدرج وقد ذهب عنها مرح اللحظة وعاد اليها هم القادم .
……………………………..
بداخل المدرسة محل عملها كانت جالسة مع صديقتها في ركن وحدهم تحت ظلال إحدى الشجيرات يتحدثن كالعادة في الموضوع الملح:
– ماتقولي يابت رديتي وقولتي ايه ؟
زفرت سحر تشيح بوجهها عنها:
– يووه عليكي يافجر ماقولتلك موضوع وخلص.. لزوموا ايه بس الرغي .
هتفت عليها حانقة:
– لزوموا ان الراجل بيكلمني ويتصل بيا عشان اقنعك.. هو في ايه بالظبط؟ انا حاسة ان الموضوع اكبر من حكاية سفرك معاه.
التفت اليها تنظر صامتة باعين خاوية مما جعل قلب فجر يسقط في صدرها:
– ايه اللي حصل ياسحر ؟ وليه الحزن دا اللي انا شايفاه في عيونك؟ هو غلط فيكي ولا خانك ولا إيه بالظبط؟
ردت بصوت منكسر:
– مخانيش ولا غلط فيا بس انا قولتلك احنا ماننفعش لبعض.. انا أبلة وروحي في مناخيري وهو حلو ومتشيك تليقله واحدة زيه صغيرة تدلعه ويفتخر بيها.
لكزتها بقبضتها على ذراعها:
– بت انتي انا مش ناقصة اللغاز.. طلعي اللي جواكي واحكي ايه اللي حصل بالظبط؟
صدح هاتف فجر فجأة ليقطع تركيزها في التفكير لمعضلة صديقتها.. زفرت بغيظ وهي تنظر في اسم المتصل:
– اسمعي اما اقولك لينا قاعدة نرغي فيها وتحكيلي كل اللي جواكي.. لولا ان اني بس مش ورايا حاجة مهمة دلوقتي.. لكن والنعمة ماهسيبك ياسحر.. سامعة .
نهضت عن المقعد ترد على الهاتف بعد أن توعدت صديقتها:
– الوو…….. ايوة ياعصام ………..تمام حاضر هاتصل بيها ونيجي على طول ماتقلقش انا عارفة العنوان.
بعد ان ابتعدت بمسافة كافية وسحر تتابعها بعيناها بشرود اجفلت فجأة على اهتزاز المقعد بجوارها يشير لجلوس احدهم .. وبمجرد التفافاها الى الجالس تفاجأت به يحدثها:
– انا اسف لو فاجئتك او ازعجتك.. بس انتي ممكن تسمعيني الأول .
ضيقت عيناها متسائلة:
– اسمعك في إيه بالظبط ياأستاذ عبد الله؟
………………………………
وفي مكان اخر
كان حسين على سريره الطبي يحاول جاهدًا بيده السليمة ان يتناول منديل ورقي من العلبة الموضوعة على الطاولة القريبة منه.. يستحي ان يوقظ والدته التي غفت بجواره على المقعد الجلدي ولا يريد النداء على الممرضة.. انتابته رغبة ان يصل الى العلبة بنفسه دون المساعدة من أحد ولكنه كلما حاول ان يرفع جسده تألم بشدة.. تكررت المحاولات وفي كل مرة كان يسقط متنهدًا بتعب حتى كاد ان يفقد الأمل.. ليفاجأ في المرة الاَخيرة بشهقة انثوية وصوتها يصدح:
– انت بتعمل ايه ياحسين؟
انتفضت زهيرة من نومتها وكادت ان تستيقظ فلاحقها حسين :
– نامي ياأمي ماتقلقيش دي شروق بتهزر .
عادت زهيرة لنومتها ودلفت شروق للداخل بخطوات خفيفة.. هتف عليها حسين ضاغطًا على اسنانه بصوت هامس:
– مش تخلي بالك ياشروق.. دا انا مصدقت عيونها غفت من لطعتها جمبي طول الأيام اللي فاتت.
تقربت منه قائلة بأعتذار:
– معلش اسفة بس انا بصراحة لما شوفتك قلقت.. هو انت كنت بتعمل ايه؟
رد بصوت خشن :
– انا كنت عايزة اوصل لعلبة المناديل اللي هناك دي.. بس مدام انتي جيتي اتفضلي يالا هاتيلي منديل .
حينما تناولت المنديل اردف بأمر:
– اتشطري بقى وامسحي العرق اللي على وشي كمان.
همت لتنفذ امره ولكنها ارتدت فجأة قائلة بتوجس:
– حسين.. اوعى تكون دي لعبة من الاَعيبك؟
قال متصنعًا الغضب:
– الاعيب إيه وزفت إيه؟ في ايه شروق هو احنا هانهزر؟
تخصرت مدافعة:
– اه الاعيب ولا انت نسيت امبارح.. لما قولتلي اشوف عينك اللي اتطرفت عملت ايه؟
رد بابتسامة خبيثة:
– عملت ايه؟ ماتفكريني بقى عشان انا مش فاكر.
قالت بابتسامة ازدادات اتساعًا تخفي خجلها:
– ياسلاااام… يعني نسيت لما شدتني بدراعك السليم ده لحد اما اترميت عليك و…….
لعب حاجبيه قائلًا بابتسامة عبثية:
– وايه؟! ماتقولي.. ولا تيجي نعيد من تاني .
لكزته بقبضتها على دراعه السليم هاتفة بضحك:
– بس بقى قلة ادب اومال لو مكنتش مدشدش كنت عملت إيه؟
تأوه متألمًا :
– اه ياني يامّا.. دراعي يامجنونة.
صدح صوت زهيرة خلفهم :
– مالوا دراعك ياحبيبي.. عملتلك ايه البت دي؟
وضعت كفها على فمها بإحراج غير قادرة على الإلتفاف نحو المرأة فرد حسين بجدية مصطنعة:
– مافيش حاجة ياامي دا انا بس بهزر مع شروق.
– كدة طب تمام يانور عيني.. ربنا يهنيكم ببعض.. بس ياريت والنبي توطوا صوتكم شوية عشان اعرف انام يعني.
قالتها بنبرة تنضح بالخبث جعلت حسين يضحك من قلبه متشفيًا في شروق التى تسمرت محلها تكاد أن تموت من الخجل ووجهها اصبح كقطعة الفراولة من الإحمرار.
…………………………
– انا عارف انك متفاجئة وتلاقيكي مستغرباني كمان؟ بس بصراحة انا مصدقت اتشجع عشان اكلمك.. خصوصًا لما عرفت بموضوع فسخ خطوبتك مع الجدع البقف ده .
– بقف!
تفوهت بها مجفلة وقبل ان تتابع وجدته يقاطعها:
– ارجوكي سيببني اكمل كلامي ياسحر.
– سحر!! حاف
تمتمت بها داخلها باستنكار وهي تستمع الي باقي حديثه:
– اكيد انت عارفة او حسيتي من طريقة معاملتي ليكي ان معجب من زمان ونفسي اتقدم.. بس طبعًا كنت متردد عشان يعني كنت خايف لترفضيني عشان شكلي.. رغم اني في اوقات كتير كنت بحس بإعجابك بيا من خلال نظراتك او تلميحاتك بالكلام .
اشارت بسبابتها نحوها بجزع :
– انا كنت معجبة بيك وبلمح بالكلام؟
باغتها فجأة وهو يتناول كف يدها قائلًا :
– مش مهم ياسحر ان كنتي لمحتي ولا لأ.. المهم اني فوقت لنفسي اخيرًا واتشجعت وفاتحتك.. فاضل بقى انك تتشجعي انتي كمان وتعترفي باللي جواكي .. بأنك متقبلاني رغم اني شكلي يعني على قدي مش زي الجدع دا اللي فاكر نفسه ولا نجوم السيما وهو مايسواش قشر بصلة.
– قشر بصلة !!
غمغمت بها مصدومة قبل ان تفاجأ بالأستاذ عبد وهو يرفع من ياقة قميصه وصوت رجولي خشن محمل بالغضب:
– مين ياض اللي مايسواش قشر بصلة ؟
هتفت بجزع:
– يانهار اسود رمزي.. سيبه يا رمزي.
لوح بسبابته محذرًا نحوها :
– اخرسي انتي مااسمعش نفسك خالص.. وانت ياض.. لساك ماسك في ايدها؟ سيبها ياض بدل ما اقطعلك ايدك دي.
قالها وهو يفلت كفه عن كفها عنوة فصاح عبد الله:
– وانت مالك انت يابارد.. هي مش خلاص فسخت خطوبتها منك.. ماتسبيها بقى تشوف حياتها مع الإنسان اللي بتحبه.
شهقت سحر بغيظ من كلمات عبدالله لتفاجأ برد فعل رمزي القوي وهو يهتف:
– بقى انا بارد وهي بتحبك انت ؟ طب دافع بقى ياشاطر عن حبها ليك .
ثم طرحه ارضًا ليكيل لها باللكمات وسحر تهتف لتركه خوفًا على الاثنان ودرءًا للفضائح رغم انتشاءها بكل ضربة يتلقاها عبدالله بعد افتراءه عليها
…………………………………..
على منضدة خشبية صغيرة بإحدى الإندية الخاصة بعلية القوم كان جالسًا يراقب صغيرته التي تلعب حوله مع أقرنائها من الاطفال.. منتظرًا بشرود اللقاء المرتقب.. لا يصدق حتى الاَن ان تكون حقيقة.. لقد مرت سنواتٍ طوال منذ الحادثة المأساوية التي ظلت عالقة بذهنه دون ان يتمكن من تخطيها والنسيان.. وكانت السبب الرئيسي لتحوله من آنسان عابث الى دكتور جاد لايلتفت سوى لمستقبله والمحافظة على ارث والده الذي كاد ان يفقد صحته حزنًا على اصابة ابنه وحيده.. هذه الإصابة التي نتجت عن الحادثة وجعلته يتأخر في مساعدتها وهو يثق تمام التقة في برائتها وطهارتها.
– في مكان نقعد جمك يادكتور ؟
رفع رأسه على مصدر الصوت فارتد بمقعده للخلف مجفلًا لاتصدق عيناها رؤيتها.. رغم النظارة السوداء التي اكلت نصف وجهها لكنه عرفها.. ملفحة بحجاب طويل على ملابس عصرية ذو ماركات غالية يعلمها هو جيدًا .. وجهها الأبيض ازداد صفاءً ونضارة اكثر من ذي قبل مع ابتسامة رائعة زادته اشراقًا كما اظهرت النظارة الشمسية رقيًها ونضجها.. وتحمل بيدها طفلًا اكبر من ابنته بقليل ولكنه اجمع بين صفات ابيه الشكلية وجمال والدته .. طرقت فجر بقبضتها على المنضدة بقوة:
– هاتفضل متنح لها كدة كتير مش ناوي بقى تقولنا اتفضلوا .
نفض رأسه وهو ينهض عن مقعده بارتباك:
– ااه طبعًا اتفضلوا ياجماعة.
مدت اليه كفها الحرة بابتسامتها المعهودة
– طب مش تسلم الأول يادكتور.
مد كفه المرتجفة يصافحها بتوتر :
– أهلًا بيكي يا فاتن… انتي عاملة إيه؟
– انا كويسة والحمد لله.. انتي اللي ايدك باردة اوي واكنك عيان .
قالتها وجلست على الفور مع ابنها .. نظر هو لكفه التي صافحتها للتو صامتًا ولكنه اجفل على صوت فجر التي هتفت عليه:
– انا واقفة على فكرة قدامك لسة.. ولا اقولك اقعد احسن مش وقت سلام
لم يرد على مزحتها بل أكتفى ان يجلس على مقعده أمامهم وهو مازال مأخوذًا برؤيتها
تكلمت فاتن بمرح:
– انت لسة برضوا مش مصدق ان انا اللي قاعدة فصادك؟
– بصراحة متأخذنيش دي حاجة ولا في الخيال.. خصوصًا كمان لما عرفت انك كنني متجوزة الدكتور منذر .. يعني قرببة من دايرتي وانا اللي بقالي سنين بضرب اخماس في اسداس عن مصيرك المجهول.
خبئت ابتسامتها وهي تتنهد قانطة قبل ان ترد:
– عندك حق فعلًا.. اللي حصل كان اكبر من اي استيعاب او اي منطق.. بس الحمد لله ربنا وضع في سكتي اللي ياخد بإيدي وينجدني.. بس انا عمري مانسيت جميلك معايا ياعصام.
ضيق عيناه متفكرًا :
– جميل ايه بالظبط؟ انا مش فاكر حاجة .
أجابت ممتنة:
– يمكن انت متكونش فاكر.. بس انا لايمكن انسى اللحظة لما…..
توقفت قليلًا متأثرة بذكرة الماضي ثم اردفت:
– لما دخل علاء واشتغل ضرب فيك وانت كل اللي على لسانك فاتن شريفة وملمستهاش.. اتحملت الضرب وانت بتدافع عني في اضعف اوقات حياتي من غير ماترد بضربة واحدة على علاء اللي سابك في الأرض سايح في دمك.. وانت برغم كل اللي فيك كنت رافض مني المساعدة او انقذك.. دا انت حتى فضلت تنتظر والدم بينزف من دماغك.. مش راضي تتصل بحد ينجدك غير بعد ماانا امشي عشان ماتضرش بسمعتي.. كان اهم حاجة عندك انى افضل مستورة ومانفضحش .
ظل ساهمُا بحديثها وهو لا يجد مايرد به عليها وكيف يرد وهذه الحادثة حاضرة في ذهنه كأنها حدثت أمس وجرحهها مازال ينزف بداخله.. صفقت فجر بكفيها لتفيق الاثنان:
– اصحوا ياجماعة اللي فات راح وعدى خلينا في الحاضر .. وشوفوا اجتماعكم النهاردة على ايه من بالظبط.
انشق ثغره بابتسامة مضطربة وهو ينظر نحو الطفل الصغير ليغير دفة حديثهم:
– بسم الله ماشاء صحيح.. ابنك جامع في الصفات اللي هاتخلي البنات تجري وراه لما يكبر.
ابتسمت بإشراق قائلة وهي تنظر نحو الطفل:
– دي حبيبي دا ابن عمري .. عبد الرحمن هدية والده ليا قبل ما يتوفاه ربنا.
– ربنا يخليهولك يارب ويرحم الدكتور منذر.. دا كان من احسن الناس خلقًا والله حتى في شراكته معانا كان في منتهى الإخلاص والتفاني .
تبسمت ترد على كلماته :
– اه شركته ليكم.. جينا بقى للمهم.. عشان انا كنت عايزة اتكلم معاك في الموضوع ده.
اومأ برأسه:
– حقك طبعًا.. انا جايب معايا النهاردة كل حسابات الشهور الي فاتت.. دا غير طبعًا اني عايزك تطلعي على كل التطورات اللي حصلت في الفترة دي وخصوصًا قسم الدكتور منذر…
قاطعته فجر.
– بس بس ياعم انا معنديش دماغ للتفاصيل بتاعتكم دي.. ايه رأيكم اخد عبد الرحمن ونروح نلعب مع الأمورة نانيس بنتك.؟
نهضت من جوارهم لتعلب مع الطفلان بحرية وسعادة متناسية الزمان والمكان حتى اتاها اتصاله فردت ضاحكة:
– الوو ياحبيبي عامل ايه؟
اتاها صوته الغاضب :
– انتي فين يافجر؟
ردت مرتبكة :
– يعني هاكون فين يعني رحلت مثلًا ؟ هو انت بتسأل عليا ليه؟
وصلها صوت زفره طويلة وحادة قبل ان يهتف بغضب:
– عشان انا روحتلك مدرستك وسألت عليكي قالولي خرجت من يجي ساعتين وفي البيت مش موجودة وعند حسين وشروق في المستشفى برضوا مش موجودة.. قاعدة فين يافجر دلوقتي ؟ جاوبيني حالًا .
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عينيكي وطني وعنواني)