رواية عينيكي وطني وعنواني الفصل السابع عشر 17 بقلم أمل نصر
رواية عينيكي وطني وعنواني البارت السابع عشر
رواية عينيكي وطني وعنواني الجزء السابع عشر
رواية عينيكي وطني وعنواني الحلقة السابعة عشر
حانقة.. غاضبة.. تهز اقدامها بعصبية تحت الطاولة الجالسة عليها أمامه في المطعم الشهير والذي كان قد وعدها منذ فترة قريبة.. لصحبتها في زيارته.. وفي أعلى الطاولة كانت مستندة عليها بمرفقيها وهي تستمع لتبريره بأعين متوسعة كبركتي عسل بلونهم ..مكورة شفتيها كالأطفال على وجهها الذي تخضب بحمرة قانية من الغضب.. هيئتها الشهية اخرجته من تركيزه بضع مرات فازداد غضبها منه وازدادت رؤيتها تسلية بعيناه وهو يكبت ابتسامة ملحة بصعوبة عن وجهه.
– يابنتي زي مابقولك كدة.. هو دا كل اللي حصل.
برقت عيناها اكثر تهتف :
– ياسلام.. وانا بقى عيلة صغيرة ولا هبلة عشان اصدق حاجة زي دي.
رد بابتسامة مستترة:
– صغيرة دا إيه بس ياشوشو؟ دا انت عاقلة وست العاقلين كمان .
قالت غاضبة:
– بلاش أسلوبك ده معايا ياحسين.. عشان انا حساك بتسخر مني ومن كلامي.
لم يستطع كبح ابتسامته وهو يردف:
– أسخر من مين بس يابنتي؟ هو انتي في حد يقدر يسخر منك برضوا ياقمر؟
ارتخت ملامح وجهها قليلًا ولكنها قاومت الضعف امامه.. فقالت بإصرار:
– طب قولي الحقيقة واعترف ان كانت البنت دي حب قديم ولا انت عملت معاها علاقة.. وانا هاصدقك واسامحك لو قولت الحقيقة.
– حب او علاقة!! هههه
دون ارادته.. دوت الضحكة بصوتٍ عالي قبل أن يكبتها بوضع كفه على فمه.. راقبته لعدة لحظات وهو يقهقه بصوتٍ مكتوم ولا يستطيع التوقف.. مما اثار استيائها اكثر.. فنهضت عن كرسيها بعنف
– ماشي ياحسين.. خليك انت كدة اضحك مع نفسك وانا ماشية وسايباك .
امسك بمرفقها يوقفها بحزم قبل ان تذهب:
– استني بقى واقعدي ياشروق.. الناس بتبص علينا.. اقعدي بقى عيب.
أجفلت على النظرات الفضولية حولها فجلست مضطرة وهي تطحن اسنانها غيظًا:
– هما دقايق بس ياحسين هاقعدهم.. ولو فضلت فيهم تتكلم وتضحك بأسلوبك الساخر ده مني و من عقلي.. هاقوم واسيبك وابقى دور بعد كدة بقى على حاجة تصالحني بيها.. عشان انا مش هاسمحلك نهائي.. وان شالله حتى تتفسخ……
– اوعي تكمليها لازعل بجد وربنا .
قاطعها بجدية حقيقية بوجهٍ ذهب عنه المرح.. فتابع جديته بصوتٍ أجش ممسكًا بكفها:
– انا مش بستهزأ بيكي.. انا بس شايف ان الموضوع كله هزار ومش مستاهل لخناقة مابينا انا وانتي
رقت قليلًا من نبرته فقالت ببعض الرزانة:
– انت شايفه موضوع مش مستاهل و انا شايفة العكس.. يبقى تفهمني الحقيقة.
– يابنتي ما انا قولتلك.. كانت لعبة هزار من واحد صاحبي.. حب يعمل فيا مقلب مع مجموعة من الزملا لما كنا في حفلة لشركة السياحة اللي كنت بشتغل فيها الأول قبل ما استقل وافتح شركة لوحدي.. ودا كان في سهرة مع وفد سياحي.. صاحبي ده زق البنت الخوجاية دي تيجي ترزل عليا وفي نفس الوقت كان هو بيصور اللي حاصل.
سألته بشك:
– يعني الموضوع رزالة بس ومافيش أي حاجة تاني؟
هز رأسه بالنفي وهو يبتسم بسعادة:
– وحياة غلاوتك عندي.. مش أكتر من كدة.. دا صاحبي عمل المقلب دا مخصوص نكاية فيا عشان انا كنت دايمًا مقفل وسطهم .
– طب وانا إيه اللي يخليني اصدق؟
حدق بعيناها الجميلتان يقول بصدق رأته جليًا في عيناه
– عشان انا مش هانكر لو كنت كدة فعلًا.. الموضوع ده مر عليه اكتر من سنتين يعني مكنتش لسة شوفتك ولا عرفتك عشان تتحسب عليا خيانة.. بس انا اللي مستغربه بجد هي ازاي وصلتك الصورة!
– أهي وصلتني وخلاص..
– يعني مش هاتقولي على المصدر ؟
قالت بتحدي:
– لأ مش هاقول ياحسين.. عندك مانع ؟
رفع حاجبه بتسلية:
– ماشي ياشروق.. المهم بقى انتي صدقتيني ولا لسة برضوا مصممة عاللي في دماغك.
هزت كتفها وقالت بدلال:
– مش عارفة؟
ازداد اتساع ابتسامته فقال بمرح وهو يشير بيده للنادل:
– بس انا عارف.. مدام اتكلمتي كدة باسترخاء نسبي يبقى بدأتي تحني.. نكمل عتابنا بقى واحنا بنتغدى.. تحبي اطلبلك إيه؟
……………………….
مع قرب انتهاء اليوم الدراسي وخروج الطالبات من غرفة الحاسبات بعد انتهاء حصتها معهم.. وقفت تلملم أشيائها وتضعهم بحقيبتها اليدوية.. قبل ان تنصرف هي الاخرى وتعود لمنزلها.. وسط انهماكها وصل لأسماعها صوت صفير من الفم بصوتٍ خفيض .. رفعت راسها لتتبين مصدره ناحية الباب المفتوح بمواربة صغيرة ولكنها لم تجد احد فعادت لما تفعله فتكرر الصوت مرة أخرى واثنان وهي ترفع عيناها ولا تجد سوى الهواء.. زفرت بغيظ وهي ترجح بانها معاكسة من إحدى الطالبات لتستفزها فتناولت عصا خشبية تستخدمها ساعة الضرورة في التدريس وذهبت لتفاجأ من يشاكسها .. رفعت يدها الممسكة بالعصا بتحفز وهي تمسك بمقبض الباب لتفتحه لتباغت من يقف خلفه. لتفاجأ بشهقة انثوية ضاحكة :
– حاسبي يا ابلة فجر انتي هاتضربي صاحبتك ولا إيه؟
فغرت فاهاها بشهقة هي الأخرى مشتاقة لصديقتها التي ارتمت عليها تعانقها:
– سحر!! وحشتيني يامجنونة.. وحشني جنانك .
سحر وهي تشدد عليها بذراعيها وهي تقهقه بمرح:
– مش اكتر مني يا فجر وربنا.. مش اكتر مني .
بشويش ياجماعة على نفسكم.. دول اخرهم اسبوعين فراق مش سنين يعني .
نزعت فجر نفسها عن صديقتها مجفلة على هذا الصوت الساخر لشابٍ يقف خلف سحر مباشرةً لم تراه هي في خضم انشاغلها بمعانقة صديقتها سوى الاَن.. نظرت لسحر باستفسار فوجدتها تبتسم بسعادة فسألتها بمشاكسة:
– اوعي تقولي انك معرفتهوش؟ والنعمة ازعل منك .
رفغت فجر عيناها اليه مرة اخرى فهزت براسها ضاحكة حينما تذكرت ملامح وجهه:
– لا ماتزعليش مني ياسوسو.. انا دلوقتي حالاً افتكرته من الصور اللي انتي بعتيهالي.. استاذ رمزي صح؟
قالت الاَخيرة وهي تشير اليه بسبابتها.. اومأ اليها هو قائلًا :
– صح فعلًا يا انسة فجر .
رحبت فجر بمصافحته الودودة وانتقلت عيناها لسحر التي تورد وجهها بفرحة جعلت ملامحها تبدوا كامرأة اخرى شديدة الفتنة والجمال .
– طب إيه هانفضل هنا واقفين عالباب والطالبات يبصوا علينا ..تعالوا ندخل جوا الغرفة على الاقل نقعد بدل الوقفة .
……………………..
دلف لداخل منزله المتواضع بغضبٍ حارق تتبعه شياطينه حتى أنه لم يلتفت للطفلة الصغيرة التي كانت جالسة على الاَريكة الخشبية والخاصة بوالدته تشاهد التلفاز.. هتفت بمرح:
– خالي سعد.. ازيك ياخالي .
لم يسمعها ولم يرها أيضًا وهو يسرع بخطواتٍ ناحية غرفته.. والتي بمجرد دلوفه إليها صفق بابها يغلقه بقوة اجفلت الطفلة ذات السبع سنوات منتفضة.. وجعلت والدتها تخرج من داخل المطبخ سائلة وهي تجفف يداها:
– إيه الصوت ده؟ هو في حد دخل عندنا هنا يامروة؟
– ايوة ياماما.. خالي سعد ودخل على اؤضته وقفلها عليه كمان من غير مايعبرني ولا يرد عليا حتى.
تمتمت المرأة وهي تخطو ناحية الغرفة:
– خالك سعد!! مش بعادة يعني يجي بدري كدة؟
طرقت بخفة على باب الغرفة فوصلها صوته من الداخل:
– مش عايز اشوف حد .
– انا اختك لبنى ياسعد…
لم تكمل جملتها حينما قاطعها صارخًا بصوتٍ جهوري يصُم الاَذان:
– قولت مش عايز اشوف حد.. ابعدوا عني بقى ابعدوا عني .
ارتدت عائدة لوالدتها في مطبخهم الصغير وهي ترتجف:
– اخويا سعد ماله ياما؟
سالتها نشوى بهدوء وهي متربعة على ارضية المطبخ تنزع بيدها ريش الدجاجة المذبوحة:
– مالوا اخوكي يابت؟
بصوت مرتعش وهي تتربع امامها على الارضية:
– دخل اؤضته زي القطر واما خبطت على باب الاؤضة عشان اشوفه او اسلم عليه.. صرخ عليا خضني وقعد يقولي ابعدوا ومش عايز اشوف حد فيكم..هو ماله يامًا؟
نشوى وهي تعيد الدجاجة داخل إناء المياه الساخنة قبل ان تخرجها مرة اخرى وتكمل ما تفعله:
– يعني هايكون ماله يعني؟ دا واد نكدي يموت لو ملاقاش حاجة ينكد بيها على نفسه وعلى اللي حواليه..لا هو وصغير راضي ولا حتى بعد ما كبر وربنا فتحها عليه راضي.. عيل فقري.
– بس انا خوفت اوي من شخطته فيا ياامّا.. هو انا باجي عندكم كل يوم عشان الاقي منه المعاملة العفشة دي؟.
قالت نشوى بتحدي:
– ليه ياعين امك؟ هو انتي قاعدة في بيته؟ دا انتي قاعدة في بيت ابوكي ومع امك مش مع مراته.. سيبك منه يابت ومن قرفه واستني كدة لما اعملك طبق ملوخية تاكلي صوابعك وراه على مرقة الفرخة دي.. عشان ترمي بيها عضمك ياعين امك .
اندمجت لبنى مع والدتها في حديث الطعام الشهي وتناست سعد وما يفعله ..فسالتها:
– طب مش كان احسن ياما تخلي سيد الفرارجي ينضفها بالمرة بدل تعب القلب ده؟
ردت نشوى باقتناع:
– في بيتنا احسن يابنتي.. عند سيد الفرارجي اكيد هاينقصها من حوايجها!
………………………..
وبداخل غرفته كان كالبركان الثائر بنيران الحقد.. صوت انفاسه الهادرة مسموعة بوضوح داخل فضاء الغرفة .. ترتعش مقلتيه باضطراب وهو يستعيد بذاكرته وجه غريمه من وقت أن سمع بإسمه.. والذي عاد الاَن بعد كل هذه السنوات لينبش في الماضي الذي تظل اَثاره عالقة بذهنه ولا تتركه حتى بنومه من أحلام تقبض على صدره لتذكره دائمًا حينما يغفل أو يُحاول المضي قدمًا بحياته فلا ينسى ابدًا ماحدث بوقتها ولا ينسى ما سبقها من سنوات كان يتألم ويحترق فيها صامتًا ولا يشعر به أحد.. نشأته الصعبة وهو صغير حينما كان فقيرًا معدمًا بجسدهِ الضئيل الذي لالطالما أغرى أقرانه الصغار في الحارة ليتنمروا عليه فيسحقوا ضعفه بالإهانة والاعتداء لولا وجود علاء المصري الذي كان رغم صغر سنه يقف بوجههم لمناصرته واخذ حقه وقت الزوم..كان مصدر حماية وأمان له.. أحبه كشقيق لم تلده أمه رغم شعور النقص الذي كان ينموا بداخله مع نمو جسده.. فقد من الله على علاء بالخلقة الحسنة والجسد الرجولي الخشن منذ صغره بالأضافة لمال ابيه وحسبه ونسبه.. عكسه هو الذي كان يرى النقص في كل شئ حوله.. لكنه كان يكيف نفسه ويتعايش مع هذا الشعور البغيض بفضل تواضع علاء معه الذي كان يغدق عليه بالحنان الأخوي بما يخفف عنه.. لكن مع دخول مرحلة الجامعة وتعرف علاء على هذا المدعو عصام ابن الطبيب الشهير.. انقلبت حياته لمرار وهو يرى نمو الصداقة بينهم بتكافئ مذل له.. بل ومهين وهو يرى التفاف الاصدقاء حولهم من فتيات وشباب وكأنهم نجمان متلألاَن.. الكل يتهافت على التعرف اليهم وهو بينهم على الهامش وغير مرئي اطلاقًا وتمر السنوات وتتطور العلاقة ليحتل هذا العصام مكانه في الحارة ايضًا بعد الجامعة.. فيأسر قلوب الطبقة الفقيرة من اصدقاء وجيران لهم.. وكأنه فرد نشأ وتربى بينهم.. وهو على حاله دومًا غير مرئي ولا أحد يشعر به ولا أحد يسمعه صمته.. حتى اتى هذا اليوم حينما راَها بسيارته؟ هي حب عمره وحلم حياته.. في سيارته.. فكانت هي الفرصة.
التمعت عيناه فجأة وهو يعيد بعقله ماحدث.. ويقسم بداخله على النجاة وان كان الله انقصه من نعم كثيرة انعم بها على غيره.. فقد ميزه هو بالدهاء والذكاء.. وكما نجح قديمًا فلابد له من النجاح الاَن ايضًا مهما كان الثمن!
…………………………
في المساء
تفاجات فجر وهي تجلس امام شاشة التلفاز تشاهد إحدي البرامج بعودة شقيقتها من مشوارها بصحبة خطيبها بوجهٍ يشع بالسعادة عكس ما خرجت به.. تدندن بصوتها وهي تقترب منها لتناكشها و تغني .
– عارف انت الحظ بعينه ..كان وشك حلو عليا
كل اللي الناس شايفينه.. مايجيش واحد في المية
مللي انا لسة ماقولتوش.. انا لو تبقى معايا بيترج
القلب ويتهز… انا لو تاخد عيني يانور عيني عيني ماتتعز.
استجابت ضاحكة وهي تدغدغها فقالت مندهشة.
– والنبي إيه؟ طالعة من عندنا ابو الغضب مرسوم على وشك ودلوقتي راجعة وعمر دياب بيغني على لسانك؟ إيه يابت الجنان ده؟
قالت بدلال:
– وماله بس لما ارجع بعمر دياب ولا سنية العالمة حتى ..مش المهم اكون مفرفشة يااختي الابلة .
اومأت برأسها موافقة وهي تضحك:
– ان شالله يارب دايمًا ياحبيبتي.. المهم بقى احكيلي اتصالحتوا ازاي؟
اعتدلت بجلستها تسالها ببلاهة:
– وانتي عرفتي ازاي ان احنا اتصالحنا بقى؟
مالت اليها برقبتها وابتسامة متسلية على وجهها.. فردت شروق:
– معلش بقى سؤال غبي؟ وانا اساسًا مكتوب على وشي الصلح والدلع كمان .
سالتها بتوجس يشوبه المداعبة:
– دلع ياشوشو؟
اومأت برأسها:
– اه والنبي يااختي دلع.. دا خدني الاول على المطعم اللي قولت عليه قبل كدة .. صالحني هناك وفهمني اصل الصورة ومناسبتها واكلنا فيه على موسيقى هادية ورومانسية وبعدها فسحني في الملاهي وهيصنا فيها وجابلي جيلاتي.. انا النهاردة كان من اسعد ايام حياتي يافيفي..
– قالت فجر بارتياح:
– طب الحمد لله ياستي انه عرف يصالحك ويبسطك كمان ..ياريت بقى تاخدي بالك بعد كدة من اي حاجة تجيلك من ناس غريبة.. عشان ماتضريش نفسك وتاخدي خطيبك بذنب هو معملهوش.
– عندك حق يافجر.. حسين دا طيب قوي وعرف يمتص غضبي منه.. وانا بعد ما شرحلي صدقت كل حرف طالع منه.
– تمام اوي الكلام ده.. هو فينه بقى مجاش معاكي؟
– لا ماهو دخل عند والدته يشوفها ويشوف علاء اخوه.. اصل اتصل بيه وطلب يقابلوه وهو معايا بنتفسح .. المهم بقى.. انتي ليه قاعدة هنا في الصالة مش في اؤضتك وفين باقي العيلة مش شايفاهم؟
اجابت فجر:
– والدك ووالدتك أخدوا إبراهيم لدكتور العظام عشان الكسر بتاعه.. وانا بقى قاعدة هنا في الصالة كنت بستناكي عشان اطمن ياستي واديني والحمد لله اطمنت .
– حبيبة قلبي انتي .
قالتها وهي تقبلها بوجنتها قبل ان تنهض وهو تتابع:
– ربنا يرزقك انتي كمان يااحلى فجر باللي ينسيكي كل تعب السنين ويدلعك بقى.. دا الدلع حلو قوي ياجدعان .
والنعمة حلو اوي .
كانت ترددها وهي تتجه بخطواتها نحو غرفتها.. جعلت فجر تتبعها بنظراتها وهي تهمس بداخلها:
– معقول ياشروق هايجي اليوم ده اللي احب فيه واتحب زيك انتي كدة وزي سحر كمان؟
……………………….
حبيب قلبي يا ابوعلاء
قالها حسين وهو يفتح على اخيه باب الغرفة قبل يقطع جملته متابعًا بعد ذلك:
– ايه ياعم الدخان دا كله؟ دي الاوضة معمية بريحة السجاير .
قال بابتسامة ومزاح:
– ادخل يااض على طول واسترجل ولا انت هاتخاف على صدرك من الريحة كمان .
تقدم للداخل متافافًا وهو يهوي بيده:
– اخاف ياعم وماخافش ليه؟ ما في الحالتين الضرر واحد.. وانت بقى اللي بتعمله ده اسمه انتحار .. طب افتح شباك البلكونة حتى عشان تهويها شوية .
– اشار بلامباة:
– افتحها انت.. انا مكنتش واخد بالي اصلًا .
فتح حسين باب الشرفة على مصراعيه متنهدًا بارتياح قبل ان يعود بنظره جيدًا لاخيه الجالس على طرف الفراش بشرود وهو يدخن بشراهة ومطفأة السجائر بجانبه وقد امتلائت بالأعقاب .
ردد وهو يتناول كرسي ويقترب به للجلوس امامه:
– يانهار ابيض دا انت عاملها حريقة بجد.. كل دي سجاير شربتها ياعلاء؟ انت عايز تنتحر يابني.. وماتقوليش والنبي خاف على نفسك والكلام ده.. اصل ده مش شرب دي حريقة.
زفر علاء وهو ينفث دخان السجيارة التي بيده:
– لا ياسيدي مش هاقولك.. انا اصلًا ماعنديش مزاج ولا فيا حيل لأي كلام.
قطب حاجبيه بقلق:
– ليه ياعلاء؟ انا فهمت انك محتاجني لما اتصلت بيا.. بس شكلك بيقول ان في كارثة .
مط شفتيه بزاوية:
– هو مش كارثة قد ما هو حيرة وانا حاسس نفسي في داومة ومش عارفة طريق خروجي منها .
ربت على قدمه قائلًا بمؤازرة:
– سلامتك ياعلاء من الحيرة.. قولي اللي محيرك وانا احاول معاك في حل للدومة الغرقان فيها دي .
قال علاء برجاء:
– انا عشان كدة اتصلت بيك ياحسين.. انت اخويا وصاحبي ورغم انك الأصغر لكن انا بحسك بتشوف الامور بميزان العقل اكتر مني.. وانا عايز احكي لحد يفهمني.
بعد ان سرد علاء لأخيه كل ماحدث بينه وبين فجر وماقاله عصام وما رأه من سعد وحيره اكثر .. ظل منتظرًا لعدة لحظات لرد حسين الذي كان متكتفًا بذراعيه يستوعب ويفكر بصمت.
– إيه يابني ماتتكلم؟ هاتفضل ساكت كدة كتير؟.
حك حسين بسبابته على ذقنه المهذبة وهو يتحدث بتركيز:
– اصل بصراحة كمية المعلومات دي اللي قولتهالي مرة واحدة.. جعلتني انا كمان احتار زيك.. رغم شكي من زمان .
سأله باستفسار:
– شكك في إيه ؟
– كنت شاكك بوجود لغز في اختفاء فاتن من الحي وبين مقاطعتك انت لموضوع الجواز .
قال علاء:
– ماهو دا اللي انا كنت معتقد فيه من زمان.. انها خانتني.. لكن اخلاقي بقى منعتني احكيلك ولا اقول باللي شوفته بعيني.. لكن اللي حكاه عصام دلوقتي وتأكيد فجر على كلامه..قلب كل الموازين معايا.. وانا بقلبها في دماغي ومش عارف اتأكد ازاي انا كمان واعرف الحقيقة.
– طب ما انت قولت انك هاتدور على البنت الخدامة .
– حصل ياحسين.. بس انا مش عارف اسال مين غير سعد اللي لخبط الدنيا معايا وقالي انه مايعرفهاش ولا حتى تبقى قريبته زي ما انا كنت فاهم..
– وانت صدقته؟
– نعم!
– بقولك ياعلاء.. انت صدقت ان سعد ما يعرفش البنت؟
– تقصد آيه؟
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عينيكي وطني وعنواني)