رواية عينيكي وطني وعنواني الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم أمل نصر
رواية عينيكي وطني وعنواني البارت الثالث والثلاثون
رواية عينيكي وطني وعنواني الجزء الثالث والثلاثون
رواية عينيكي وطني وعنواني الحلقة الثالثة والثلاثون
الوجه الطفولى المستدير ذا اللون البرونزي المحبب للعين والرموش السوداء الكثيفة.. لم يغطوا ابدا على باقي الملامح المعروفة لديها .. لون العسل في عينيه.. الأنف الصغير والمستقيم بعزة وكبرياء.. وجنتية الممتلئتين.. عظام الوجه نفسها تشهد بقرب الشبه العجيب.. فمه الصغير المنفرج بابتسامة مازالت ذكراها صاخبًة بعقلها .. مما جعلها تنتفض عائدة بظهرها للكرسي وكف الصغير مازلت بكفها.. لتسألها بخوف:
– مين دا ياعمتي؟
تبسمت فوزيه قائلة بمكر :
– ايه فجر؟ هو انتي بتشبهي عليه ولا الولد شكله عاجبك؟
رفعت عيناها من وجه الولد لتنظر لعمتها التي ارتسمت التسلية على ملامحها بوضوح مما جعل فجر تقف مذعورة تتلفت في اركان المنزل وهي تردد :
– هو احنا فين بالظبط؟ وانتي جايباني هنا ليه ؟مين يقربلك في البيت ده ياعمتي…
توقفت ابصارها فجأة على إحدى الزوايا في الحائط لتتقدم بخطواتها نحو الصورة المؤطرة الكبيرة وهي معلقة على الحائط لتجد الطفل في أحضان إمرأة جميلة وو………. انتفضت مذعورة وهي تحدق بوجهها في الصورة .. استدارت لعمتها وهي تردد بعدم اتزان :
– دي فاتن ياعمتي.. هي اتصورت امتى كدة؟ ومين الولد اللي في حضنها؟ و….
حدقت بالطفل بأعين متسعة قبل ان تعود للصورة المؤطرة مرة اخرى فوجدتها هي نفسها واقفة امامها بابتسامتها الرائعة تقول :
– ازيك يافجر!
شهقت مفزوعة فاغرة فمها للحظات ترتد بأقدامها للخلف تفرك بعيناها لتتبين جيدًا هل ماتراه الاَن حقيقة ام خيال ولكن الخوف لم يمهلها الاستيعاب لتسقط مغشيًا عليها على الارض ويحاوطها الظلام.
…………………………
متسمرًا مكانه بمدخل الغرفة كتمثالٍ من الرخام.. وجهه انطفئت فيه الحياة.. شفتاه المطبقتان وعيناه تتحرك بداخلهم مقلتيه باضطراب وكأنه يستجدي منهم التكذيب.. ولكن كيف؟ وهذا مانطق بهِ أخيه.. عن مؤامرة من صديق خائن بالأتفاق مع أبيه؟ نعم أبيه الذي ينظر اليه الاَن بترجي رجل اذنب في حقه.. حق ابنه! وبالتحالف مع الشيطان!
– علاء يابني ماتصدقش كلام اخوك.. دا مش فاهم حاجة؟
نظر الى كف ابيه التي اطبقت على ذراعه وهو يسحبه بتمهل لداخل الغرفة قليلًا قبل ان يخرج من صمته ويسأله بتماسك مزيف:
– امال الحقيقة هي إيه..بقى؟
ازدرد ريقه أدهم ليردف بخزي وعيناه لاتقوى على النظر في وجه علاء:
– انا مش هكدب حسين واقول اني ما ادتلوش فلوس..انا فعلًا دفعتله.. بس دا لما اقنعني ان البنت لايفة على صاحبك كمان.. ومعلقاكم انتوا الاتنين في حبالها.
قال حسين من خلفهم :
– وطبعًا انت ماصدقت ياابوعلاء ولقيتها فرصة عشان تبعد بنت النجار الغلبان عن ابنك .
اضطرب ادهم عن الرد عليه فجاء صوت علاء يكمل على قول أخيه:
– قولتلته اثبت لعلاء وخليه يشوف خيانتها بنفسه صح ياابويا؟
حرك رأسه بالرفض قبل ان يقول بتوسل:
– والله يابني ماكنت اعرف الكلام اللي قالوا اخوك دلوقتي.. سعد قالي ان البنت هربت من عريسها الصعيدي وقاعدة مع عصام في شقته اللي مأجرها للأُنس والفرفشة.. عايزني كأب.. هافكر في أيه بس ساعتها؟ غير ان ابني يشوف حقيقة البنت اللي عايز يتجوزها ويعرف أخلاقها.
تكلم علاء بصوتٍ يقطر بالمرارة:
– كدة من غير بينة! صدقت على البنت وادتلوا فلوس عشان يعمل جريمته ويلبسها في عصام واعيش انا من بعدها بوجع الخيانة من صاحبي والبنت اللي كنت عايز اتجوزها.. هونت عليك.
– مساء الخير
قالها عصام وهو يتقدم لداخل الغرفة بتوجس من هيئتهم لم ينتبه عليه علاء وهو يتابع مع أبيه:
– طب ليه تعمل فيا كدة ؟ ليه تسيبني اتعذب في مرارة الخيانة والظلم لناس بريئة…انا فتحت دماغ صاحبي وشاركت في ظلم البنت اللي اتدبحت بسببك انت والنجس سعد.. عايزني ابص في وشك ازاي دلوقتي ؟ ولا ابص لوش انا في المراية ازاي بس ؟ وانا حاسس بالعجز والمُر اللي سكن جوايا منك .
التفت فجأة نحو عصام الذي تسمرت أقدامه عن التحرك بالقرب منهم قائلًا بهذيان:
– خدت بالك ياعصام؟ دا بيقولك ان ادالوا فلوس عشان يبعد البنت عني؟ شوفت بقى ياسيدي .. اديني اَخيرًا صدقت انك برئ واني فتحت دماغك ظلم.. حقك عليا ياصاحبي .
نزع ذراعه بحدة من أبيه ليتقدم نحو عصام وبحركة مفاجئة يقبل رأسه وهو يردد كالمذبوح بكلماته:
– حقك عليا من تاني ياصاحبي .. بس دي غلطتك انت عشان كنت مصاحب واحد حمار.. زي ماهي كانت غلطة فاتن برضوا عشان حبت واحد عاجز زيي..
تحركت رأس عصام بعدم فهم بين الثلاثة قبل ان ينتهد مربتًا على كتف علاء قائلًا بإشفاق على حالته:
– اهدى ياعلاء وريح نفسك شوية.. انا مسامحك من زمان.. أي واحد في وضعك كان لازم هايعمل نفس اللي عملته .
اقترب ادهم بخطوات مثقلة نحو ابنه الذي انتفص للخلف يتجنب لمسته :
– ياحبيبي اهدى على نفسك شوية.. انا مقدر صدمتك بس كمان عايزك تسمعني وتفهم موقفي..
قاطعه بحدة قائلًا :
– افهم ايه تاني ماخلاص؟ كل المستور انكشف وبان ياعم الحج.. ياراجل دا انت شوفتني بعينك وانا بطردها من المحل وشوفت عذابي وانا فاقد الثقة في كل الناس بعدها.. طيب مصعبتش عليك البنت ولا صعب عليك ابوها اللي متحملش اللي حصل وساب البلد وهج بعيلته عشان يهرب من جبروتك ويتخلص من بنته اللي شالت مصيبة أكبر من طاقتها وهي كانت عيلة يدوب ١٨ سنة .
هتف ادهم يرد بصوت مبحوح
– يابني كنت فاكرها مش كويسة وكل اللي كان في دماغي اني انجدك منها.
صاح عليه هادرًا:
– ماتغيرش الحقايق .. انت كنت عايزها كدة عشان يبقى ليك حجة تقنع بيها نفسك باللي عملته مع الوس……. سعد.. انت مذنب زيك زيه حتى لو مكنتش عارف باللي عمله..
صمت قليلًا وهو ينظر بقوة لأبيه الذي تغضنت ملامحه بالأسى والندم الشديد.. ثم تابع :
– انا كل ما ابص في وشك دلوقتي هافتكر خيبتي وافتكر اني كنت مخدوع طول السنين اللي فاتت .
اختنقت الكلمات في حلقة ولم يعُد قادرًا على التفوه ببنت شفاه.. خرج مسرعًا من أمامهم ليهتف عليه والده بجزع وحينما لم يرد التفت أدهم نحو عصام :
– ابوس إيدك ياحبيبي حصله.. انا رجلي مش شلاني عشان اوقفه .
حرك عصام رأسه بغير فهم قبل أن يغادر مسرعًا خلف صديقه.. خطا أدهم بتثاقل نحو أقرب المقاعد ليسقط عليه بتعب.. التفت نحو حسين والتقت عيناه بعينيه قبل ان يشيح بوجهه هو الاَخر عن ابيه غاضبًا.. أطرق أدهم يضع كف يده على رأسه وقد تراكمت هموم العالم أجمع فوق ظهره
…………………….
رفرفرت رموشها وهي تستعيد الرؤية وتستفيق من غشيتها على اثر رائحة العطر القوية التي اخترقت حواسها.. لترى عمتها جاثية على عقبيها امامها وهي مازالت ممسكة بزجاجة العطر:
– الحمد لله اَخيرًا فوقتي بعد ما وقعتي قلبي عليكي يافجر.
حاولت استعادة ذهنها وهي تنظر لسقف المنزل الغريب لتنزل بأعينها فوجدت نفسها مستلقية على أريكة اثيرة ناعمة الملمس .. ازدردت ريقها لتتكلم وقد استعاد عقلها المشهد الاَخير الذي راته عيناها .
– عمتي هو انا كنت بحلم ولا حصل ايه بالظبط ؟ انا اتهيألي زي ما اكون شوفت فاتن!
قلبت عيناها فوزية وهي تجيبها :
– هي ماكنتش حلم ياعين عمتك ولا انتي نسيتي الولد كمان وافتكرتيه تهيؤات؟.
جحظت عيناها وهي تنهض بجذعها لتجلس مستقيمة:
– يعني اللي شوفته جد وحقيقي! طب ازاي؟
صدر الصوت الناعم من خلفها :
– ها اكلمك بقى ولا هاترجعي يغمى عليكي من تاني؟
التفت رأسها اليه بحدة فوجدتها تضحك وهي حاملة طفلها:
– طب بذمتك ياشيخة.. في عفريت حلو كدة؟
برقت عيناها بصدمة وهي تجدها تتقدم لتجلس امامها وتردف :
– يابنتي مالك مسبهلة بصدمة كدة ليه؟ انا فاتن قدامك اهو وماموتش .
همست بتردد وهي تتنقل بعيناها بينهم :
– طب ازاي ؟واحنا حضرتا جنازتك في الصعيد وعمتي اللي قدامك دي كانت مقطعة نفسها من العياط عليكي ؟
نهضت فوزية عن الأرض لتجلس بجوار ابنتها مطرقة الرأس وكانها استعادت الذكرى .. فردت فاتن وعيناها على والدتها:
– عمتك كانت مقطعة نفسها بكى على الوضع كله ياحبييتي .. ماهو اللي حصل ماكنش قليل عليها برضوا .
وهو إيه اللي حصل ؟
سألتها بدون تفكير مما اثار ابتسامة ماكرة من فاتن :
– ياسلام.. يعني انتي متعرفيش باللي حصل ؟ ولا هاتقولي انك نسيتي؟
اسبلت عيناها ترد على كلماتها بحرج:
– لا طبعًا فاكرة .. بس انا عرفت من عصام ان علاء برئ وان اللي حصل معاكي كانت متدبر بمكيدة هو نفسه لحد دلوقتي ما يعرفش مين اللي عملها فيكم؟
– بس انا كنت عارفة باللي عملها؟
– كنت عارفة!
قالتها مصدمة وأكملت :
– طب هو مين يافاتن؟ خلينا نعرفه ونرتاح بقى .
اجابت ببساطة :
– سعد .
– سعد!!
صرخت بالأسم فجر مصعوقة :
– انتي بتتكلمي جد يافاتن؟ هو إيه حكاية البني أدم ده بالظبط ؟ وانتي إيه اللي خلاكي ساكتة من غير ماتكشفيه وتفضحيه وتجيبي حقك منه الوس…. ده؟
راقبتها فجر وهي تقبل ابنها و تطالبه بالذهاب لغرفته للعب بألعابه هناك .. وبعد ذهاب الطفل سألتها مرة أخرى بلهفة:
– ماتجاوبي يافاتن بقى.. إيه إللي خلاكي سكتي ؟
تنهدت عاليًا قبل ان تجيبها :
– عشان للأسف أنا نفسي معرفتش غير في اليوم اللى كنت هاسافر فيه مع ابويا الصعيد.. ولو قولتلك عرفته ازاي مش هاتصدقي؟
– قطبت حاجبيها تسألها بحيرة :
– ازاي يعني ؟ ممكن تحكيلي .
– هاحكيلك
في فناء منزلهم الفسيح كانت جالسة على بسطة اسمنتية صغيرة منزوية على نفسها.. ضامة ركبيتها الى صدرها وهي مستندة بذقنها عليهم وكأنها بعالم اخر .. غير شاعرة بسخونة الشمس عليها بعد أن انهار عالمها الوردي وانتهت قصة عشفها بمأساة تقترب من الفضيحة.. ولم يتبقى لها شئ بعد ان عادت الى ابيها بعد تهربها منه لأيام تتلقى عقابها بالركلات والضرب المبرح رغم تعللها بالأختفاء لدى إحدى صديقاتها.. هربًا من الزواح بابن عمها الذي اصر والدها حفظًا لكرامته بالسفر الى الصعيد وعقد قرانها عليه بالإجبار.. ولتتحمل وزر فعلتها.. فهي من أخطأت وهي من عليها دفع الثمن غاليًا حتى لو كان عمرها.
– الشمس سخنة عليكي يافاتن.
رفعت رأسها مجفلة على الصوت المتردد لتمسح بإبهامها الدمعات المتساقطة على وجنتها وقالت :
– سعد! انت واقف هنا من أمتى ؟
خطا ليقترب منها قائلًا :
– انا هنا عشان عمي بدر بعتني لخالتي فوزية ابلغها بميعاد العربية اللي هاتيجي تلم العفش بتاعكم وتروح بيه عالصعيد .
اومأت برأسها وهي تعود لوضعها فاقترب أكثر فاردًا كف يده امامها لتنهض:
– قومي يافاتن وكل مشكلة وليها حل.. وانا سداد .
رفعت رأسها اليه ناظرة باستفهام :
– مشكلة إيه اللي تقصدها؟ وانه حل دا اللي انت سداد فيه ؟
تحركت عيناه يسارًا ويمينًا قبل أن يجيبها بصوت خفيض:
– انت عارفة قصدي على إيه يافاتن ؟ ولا انتي ناسية إن علاء صاحبي وبيحكيلي على حاجة؟
على الفور احترقت مقلتيها بدمعة ساخنة تشيح بوجهها عنه لتخفي هذا الألم العاصف بقلبها فتابع هو :
– انا مش بقولك كدة عشان اجرحك.. انا بقولك كدة بس عشان تعرفي طينة البني أدم اللي باعك بسهولة وسلمك لصاحبه يبقى إيه؟ احنا غلابة يافاتن وملناش غير بعض .
حدقت مندهشة فاأكمل :
– ايوة يافاتن.. انا عايزك تعرفي كويس اني بعشق التراب اللي بتمشي عليه وطول عمري ساكت ومش قادر اتكلم لتكسفيني .. بس انا بقولهالك اهو .. انا راضي بيكي مهما حصل.
تكلمت بحرقة:
– مهما حصل ازاي؟ لهو صاحبك مشرحلكش الوضع اللي شافني فيه؟ هاتقبلها ازاي دي على كرامتك؟
قال مسرعًا:
– انا قابل بأي حاجة منك يافاتن؟ عشان تعرفي بس اني عارفك وعارف اخلاقك.. انتي عيلة صغيرة واكيد الكل….. عصام هو اللي عمل فيكي الملعوب ده .
– عصام معملش حاجة…
قاطعها بحدة
– انت لساكي برضوا مصدقاه؟ ماتفوقي بقى يابنت الناس واعرفي كويس اننا لعبة في ايدين الناس دي ..قومي معايا يافاتن وانا هاقنع عمي بدر بجوازنا .. انا خلاص ربنا فرجها عليا وهاعمل ورشة نجارة كبيرة تعيشنا ملوك..
قرب كفه اكثر وهو يردف بلهجة مقنعة:
– قومي يافاتن وانا مش هاسمح لابوكي يأذيكي ابدًا طول ماانا عايش على وش الدنيا .
وضعت يدها بكفه مترددة لتنهض..فاطبق عليها بقوة لتنهض فقربها منه بجموح والتمعت عيناه بالرغبة نحوها ارتجفت هي تبتعد عنه بدفاعية ولكن اشتعل ذهنها برائحته لتتذكر اين اشتمتها قبل لك ..لم ينتبه وهو يقربها منه مرة اخرى قائلًا بحرقة :
– اه لوتعرفي انا بحبك قد ايه؟ اه لو تعرفي انا مستعد اعمل إيه عشانك ياترضي عني يافاتن؟
برقت عيناها بوحشية بعد أن تأكدت من ظنها لتدفعه بكفيها على صدره تبعده عنها بعنف وهي تخاطبه بازدراء :
– وانا عندي الموت اهون من إني اتجوز واحد ندل وجبان زيك!
استفاق من نشوته وكلماته خرجت بغير تصديق:
– ازاي يعني؟ هو انت ناسية ابوكي هايعمل فيكي ولا ابن عمك لما يتجوزك ويكتشف الحقيقة :
قالت بتحدي:
– عارفة ياسعد.. وانا مستعدة وجاهزة للي يعملوه فيا ان شالله حتى يقطعوا من جلدي .. بس دا برضوا عندي اهون من أن اطل على خلقتك العكرة دي.
بصقت كلماته وذهبت لتدلف داخل منزلها ويسقط هو محلها على البسطة مذهولًا مصعوقًا من قولها الجارح وازدراءها له””
قالت فجر وهي تمرر عيناها على انحاء المنزل الفخم ذو الاثاث الراقي:
– انا فاكرة بنفسي لما ودعتك في العريية اللي مسافرة عالصعيد وبعدها اتصلت بيكي وقولتيلي انك في مصيبة وطلعتي حامل كمان.. وبعدين انقطعت اخبارك وكل حاجة عنك لحد اماسمعت انك ….. اتوفيتي بحمى شديدة .. ايه اللي حصل بقى وقلب الوضع .
تدخلت فوزية :
– اللي حصل احكيلك انا عنه يابنتي.. اصلها كانت في الأيام دي واكنها واحدة تانية غير بنتي اللي اعرفها .. كانت بتتحدى ابوها وترفض ابن عمها بكل قوة واكنها بتستفزه عشان تخرج شياطينه عليها لدرجة انها قالتلوا كدة بالفم المليان انها حامل من واحد ماتعرفوش .. شوفي انتي بقى وضع ابوها لما يسمع كدة من بنته هايظن فيها إيه؟
– ضربها؟
– ضربها دا إيه؟ قولي عدمها العافية وهي ماكننش ساكتة معاه واكنها بتحرضوا بالقوة عشان يقتلها لحد اما طبت ساكته بين إيديه وانا افتكرتها ماتت وهي بتنزف من كل حتة في جسمها .. قلبي وجعني عليها ماقدرتش اسكت واسيبها تموت بالبطئ وهي بتنزف .. استعنت على ربنا واخدتها على الوحدة عشان الحقها من الموت وقابلنا هناك الدكتور منذر اللي شخط فيا اول ماعرف حالتها وفهم اللي بيها.. وهددني انه يبلغ عننا لو حد قرب لها من تاني.. و انا بقى كنت فاقدة الأمل
“” على سرير المشفى كانت ممدة كجثة هامدة لا تشعر بشئ .. بعد أن انقذها الرجل الاربعيني وهي على حافة الموت.. بقلب منفطر على حال الفتاة الصغيرة التي لا يتجاوز عمرها الثامنة عشر .. صاح على والدتها :
– انتوا اتجننتوا ياست انتي؟ اقسم بالله انا ممكن ابلغ عنكم دلوقتي واوديكم في داهية انتي واللي عمل فيها كدة
ردت فوزية الجالسة على أرض الغرفة تبكي وتندب:
– بلغ واعمل اللي انت عايز تعملوا يادكتور .. انا خلاص بنتي ضاعت واللي كان كان .
هدر عليها :
– بطلي ندب بقى وفوقي.. البنت محتاجة رعاية .. احنا وقفنا النزيف بصعوبة دلوقتي .. لكن وربنا لو رجعت تاني ولا عرفت انها اتأذت منكم ما هارحمكم .
ردت مقررة بيأس :
– اطمن يادكتور مش هاتسمع عنها حاجة .. عشان هي خلاص انكتبت شهادة وفاتها وابوها مش هايستريح غير لما يخلص عليها .
– لا بقى دا انا ابلغ عنه احسن
قالها وهو يلتف نحو مكتبة يتناول الهاتف فأوقفه صوت همهاماتها.. خطا ليقترب منها مستفسرًا :
– عايزة حاجة يافاتن .
همست بضعف :
– ابوس إيدك يادكتور ماتبلغ عن ابويا.. خليه يريحني بقى والنبي.. ابويا غلبان وانا عايزة الراحة بقى .. ابوس ايدك يادكتور.
حرك رأسه بغير تصديق:
– يابنتي ماينفعش كلامك ده .. مامتك بتقول انه مصر على قتلك.
اومأت موافقة:
– وانا استاهل يادكتور وقابلة وراضية.. والنبي ماتبلغ عنه خليه يربي خواتي.. كفياني بقى أذية ليه ؟ انا عايزة استريح بقى وهو اللي هايرحني .
استقام بجسده يتنقل بعيناه بينهم بعجز لا يدري ماالعمل ماهذا الوضع الغريب ..الفتاة مصرة على الانتحار بيد والدها ..والمرأة مستسلمة للأمر وعاجزة عن الدفاع عن ابنتها الصغيرة من بطش ابيها .
فما الحل وكيف له ان يترك هذه الزهرة البريئة لهذا المصير البائس .
احتدت عيناه فجأة وهو يخاطب المرأة :
– انا عندي الحل.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عينيكي وطني وعنواني)