روايات

رواية عيسى القائد الفصل الحادي عشر 11 بقلم آية محمد

رواية عيسى القائد الفصل الحادي عشر 11 بقلم آية محمد

رواية عيسى القائد الجزء الحادي عشر

رواية عيسى القائد البارت الحادي عشر

عيسى القائد
عيسى القائد

رواية عيسى القائد الحلقة الحادية عشر

” بصراحه.. كنت ناوي اتجـوزها “..
” اي؟! “..
” كنت.. كنت في الماضي زمان، دلـوقتي لا، أنا لو كنت أتجوزتها كنت هظلمها وأظلم نفسي لأني مبحبهاش “..
” يعني اي! ما أنت أتجـوزتني وأنت مبتحبنيش!! “..
ابتسم عيسـى و اقترب يطبع قبلـه رقيـقه علي وجنتها يقول بهدوء:
” أنتي حاجه تانيـه، يـلا سلام “..
تحـرك عيسـى للخارج وتركهـا تنظر في أثـره بإرتبـاك، أغلقت البـاب وعادت للداخل تجـلس تُفكـر في أمره، ومن لها سواه!!!
فحتي أبيـها يهاتفهـا فقط ولم يُفكـر في زيارتها برغم أنها بالنهايـة عروس!!!
………………………………………………….
وأخيـرا تركت غرفتهـا بعدما قضت بهـا عدة ساعـات معظمهـا في البكـاء و لم تتحرك من مكانها سوي لشعورها بالجـوع…
تحركت فردوس للخـارج لتجـد منتصـر ممتد بجسده علي الأريكـة يبدو نائمـا، يضم ذراعيه لصدره و استطـاعت تبين رجفتـه بوضـوح و تعرقـه الزائد، أقتربت فردوس بقـلق تجاهه و برغم ترددها إلا أنها وضعت يدها علي جبهته تتحسس حرارته لتجدها بالفعـل مرتفعـه…
تحـركت سريعـا للداخـل تبحث عن منشفـه نظيفه و ماء بـارد ثم أخذتهم لتضع المنشفه المبلله علي جبهته..
” أنت يا جدع أوعي تموت هنا!! “..
اتجـهت لغرفتهـا تُحضر الأغطيه الثقيـله لتساعده علي الدفء ثم جـلست بجـواره تنظر له بمـلل، تذكرت جوعها فأتجهت للحقائب التي أحضـرها وأخذتها تتحرك للمطبخ ثم عادت بعـد قليل بالعديد من الشطـائر بيدهـا وجلست تتناولهم بإستمتـاع…
وغفت علي الأريكـة قبل أن يقتلهـا الملل جوار ذلك المريض الذي جاء لحمايتهـا، انتفضت عندما تحـرك، برغم كل المسافة بين الأريكتيـن وأعتدلت وهي تتابعه وهو يرفع عنه الأغطيه والمنشفـه….
” أنا سخنت!؟ “..
” كنت فوق الأربعين تقريبـا.. أنت المفروض تاخد علاج بس أنا معرفش اذا كان في صيدليات قريبه ولا لا فمرديتش أخاطر و أنزل “..
صمت منتصـر وهو ينـظر لها أو ينظر خلفها حيث الباب الرئيسى للشقـة يري ظلا خلفـه و حركـة خفيفه ولكنه بحكم خبرته استشعـرها فتحـرك يبحث عن جاكيته و رفعـه يأخذ سلاحه من داخـله فشهقت هي بصدمـه ولكنه أشار لها بحـده أن تصمت…
أقتـرب منهـا يسحبهـا من يدها خلفـه واشار لها يقول بهمس:
” ورا الكنبـه دي ومتطلعيش.. “.
تحركـت فردوس بـقلق حيث أمرها بينمـا هو استـدار علي صوت دفـع الشخص للبـاب فرمي بجسده خلف الأريكـة الأخري يتفادي سيـل الطلقات النارية التي انطلقت تجـاهه وصوت الشخص يقول بتحذير:
” سيب البت أحسنلك بدل ما أخلص عليك!! ”
تحرك الشاب لجهـة اليمين فتحرك منتصر للجهـة الأخـري مختبئا خلف جسد الأريكـة وفجأه انقض علي الفتي من خلفـه يُمسك بذراعه وفي ثواني صر’خ الشاب متأ’لما مع صوت تكسيـر عظامه…
لينطلق صفيـرا عاليـه وتصفيقا من فردوس التي وقفت تُحيي منتصـر بتشجيـع بينمـا هو نظر لها بضيق يسألها بسخريـة:
” تحبي تتعلمي السواقـه يا فردوس!! “..
…………………………………………
كان قد مر عدة ساعـات علي جـلوسهم بشقـة قريبه ذلك، وعليهم قضاء ساعات أخري أو ربما يومـا كاملا أخر معه بمفـردهم حتي يجـد لهم والده طريـقة للسفـر بدون أن يعرف أحد بمكـانهم…
” تسلم إيديكي علي الأكل “..
” يسلمك من كل سوء “..
ابتسم خـالد وهو يحمـل الأطباق يتحرك بهـا للداخل فتحركت خلفه تسأله بتوتر:
” هو إحنا مينفعش نسافر بالقطر أحسن بدل ما نستني؟! “..
” لا أنا ولا أنتي ينفع يتعـرف مكاننا يا حنة، أنا عارف إنك مش مرتاحه بس دا وضع مؤقت “..
” مش مرتاحـه خالص، لأن لا دا وضع يصـح ولا ينفع، بحـاول أفهم بس ليـه بيحصـل كدا معايا.. أنا بدفع ثمن غلطـة ماما هي اللي عملتها، دا حتي هي ماتت وسابتني لسه بدفع في تمنها دا “..
قالتهـا بيأس فسـألها هو بحيره:
” تفتكـري مقولـه ان الشخص حياته بتتغير كل 15 سنه دي حقيقه!! “..
” يعني اي!! “..
” يعني مثلا أنا قضيت أول 15 سنه من حياتي كويسين الحمد لله، و بصراحه ال15 اللي بعدهم كمان، سبحان الله أكتر من تلاتين سنه عايش مبسوط و مرتاح و حققت كل اللي كان نفسي فيـه، هاجي دلـوقتي و انقم كل النعم دي علشان كام شهر تعبت فيهم “..
” مش بجحـد النعمة والعياذ بالله، أنا بس.. تعبت والله و الإنسان طـاقة، وأنا كل اللي كنت عـاوزاه أعيش في هدوء ، بدعي ربنـا ينعم عليا براحه البـال “..
ابتسم خـالد يقول بهدوء:
” ربنا يرزقك براحـة البـال “…
ابتسمـت هي الأخري و تحركـت تجـلس بالخارج وتابعهـا هو من مكـانه حيث استطـاع رؤيتها من داخل المطبخ المفتـوح، كم تلك الفتاة بسيطـة و رائعـة و قـوية!!
ليست هشه كما تبدو ولكنها تحملت المزيد، طاقتهـا قد استنزفـت ولم تُمهلها الحياة وقتا لإعادة ملئ هذه الطـاقـة…
جميـلة، رقيقـة، بريئـة المشاعر، لا يدري ما مرت بـه فكلماتها كانت متقطـعه وكأنها تقص له كابوسا ما، كابوسا لا يتلائم مـع فتاة في نعـومتها أبدا…
اعتدل خالد وهو يفرك رأسه بتعجـب، هل كان شاردا بها للتو يُحصي صفات تلك الحسـناء داخل رأسه؟! حمحم بحرج من نفسـه حتي وتحرك للخـارج يجـلس علي بعد منهـا….
بعـد دقائق انتفض كـلا منهما علي صوت صـرخـات عاليـة فتحرك خـالد للخـارج وهي خلفه حيث الطـابق الأعلي ليجـدا شخصـا يقف علي الباب يتحدث في هاتفه بغضب….
” الإسعاف لسـه موصلتش، هات العربيـة تحت البيت و أنا هنزل بإيمان يا عبد الله “..
آتاه صوت الأخر علي الهاتف:
” الإسعاف قدامها دقيقتين يا يوسف استهدي بالله وأدخل هدي مراتك، لو روحنا بالعربية هتولد مننا في الطريق بسبب الحادثـه الطريق كله واقف “..
صعـدت حنـة للأعلي تقـول للرجل بإهتمام:
” أنا ممرضة ممكن أدخلها!! إحنا جيرانكم تحت “..
” ادخلي بالله عليكي لو تعرفي تساعديها بأي حاجه “..
تحركـت للداخـل لتجـد السيده علي فراشهـا تصـرخ بألم فأقتـربت منهـا حنة تفحصهـا ثم قـالت بتوتر:
” أنتي بتولدي! مش هنلحق حتي الإسعـاف! “..
ركضـت حنة للخارج لتجـد خالد يقف مع زوج الفتاة فقالت بجـدية:
” دي بتولد، مش هتلحق.. دكتور خالد يولدها وبعدين تبقي تروح المستشفي “..
قال خالد بصدمه:
” مين! أنا مش بتاع نسـا أنا!!! “..
قالت بغضب:
” وهو دا وقتـه يا خالد أنت أكتر واحد هتعرف تتصرف ولازم تتصـرف “..
سحبـته حنه للداخـل فتحرك خلفهـا يقول بصدمه:
” أنا مولدتش حد قبل كدا!! مولدتش “..
” بس علي الأقل دارس.. يـلا اتصرف الست هتروح مننا “..
تحـرك خالد يقول بتـوتر:
” مساء الخير، أنا دكـتور خـالد، لو معندكيش اعتراض أكشف عليكي يعني “..
صرخـت إيمـان به بغضـب:
” مين العبيط دا!!! يا يوسـف وربي لما أخلص من اللي أنا فيـه لأوريك النجـوم في عز الضهـر “…
قالت حنة بضيق:
” اخلص يا دكـتور خالد “..
أقترب خـالد بالفعـل منها وقد أدرك الوضـع وبدأ في مساعـدة السيـدة و حنة بجـواره تساعـده و اقتـرب يوسف يُمسك بيد زوجـته التي تمسكت به بخوف و ألم حـاد بكـل جسدها حتي كادت تفقد وعيها لعدم قدرتها علي التحمـل و لكنهـا عادت لرشدها عندما استمعت لصـرخات الصغيـر حيث وضعه خـالد بين يديهـا بعدما تأكد أنه بخيـر ثم أكمـل ما استطـاع فعله….
” الإسعاف وصلت!!؟ “..
هز يوسف رأسه:
” ايوا ايوا، طالعين علي السلم، هي كويسه صح!! “..
” تروح المستشفي ودكـتور النسائيـة يفحصهـا وهو هيطمنك عليهـا، لكن هي والبيبي بخيـر بشكل عام “..
قالت إيمـان بتعب:
” ربنـا يرزقكم ويراضيكم بالذرية الصالحـة “…
نـظرت لهـا حنـة بإرتبـاك ثم ابتسمت لها لتطمئنهـا عندما أقترب رجـال الإسعاف و وضعوها علي الحـامل وهي تحتضـن رضيعهـا بتعـب…
تحـرك خـالد و خلفـه حنة للأسفل واتجـه هو ليُبـدل ثيابه وأنزوت هي في زاوية علي الأريكـة تعـود للماضي…
” شكـلك حامل يا حنة “..
” ازاي أنا باخد الحبوب اللي أنتي قولتـيلي عليها، أنتي متأكده يا فيفي!! “..
” لا.. بس نتأكـد، أنا هروح أجيبلك اختبار من الصيدلية “..
” اقعدي هنا تروحي فين، أنا اللي هنزل أجيبـه.. أنتي لسه صغيـرة مينفعش تروحي تشتري حاجه زي دي “..
قالت فردوس بضحـك:
” حبيبتي أنا عديت ال 15 سنـة يعنـي كبيـرة مش صغيـرة، وبعدين الصغيرة دي أنتي واقفه تاخدي نصيحتها وهي اللي قايلالك تاخدي الحبوب أصلا “..
” أنا مش عارفة أنتي بقيتي عامله زي اللي عندها أربعين سنـة كدا ليه؟!.. أنتي بتجيبـي المعلومـات دي منين يا بت ها!! “..
” الحق عليـا إني ساعدتك “..
” ساعدتيني في اي!! ما أنا متنيـلة علي عيني أهوه شكلي حامل فعلا!! أنا لو حملت هتضيع عليا الثانويـة، دي الإمتحانات باقي عليها أربع شهور! أعمل اي؟ “..
” ثانوية اي يا منيـله أنتي كمـان!!! أنتي يا بت هيوثقوا ام الجـوازة دي امتي؟! بدل الورقة العرفي اللي ملهاش اي تلاتين لازمة دي!! “..
” لسه باقي علي عيـد ميلادي شهـر ونص وهتم ال18 “..
” طب ما سهلـة مفرقتش خـلاص يكتب رسمي من دلوقتي عادي أي مأذون هيمشيها مجتش علي الشهر ونص دول “..
” طيب خلينـا دلوقتي في موضوع الحمـل دا، أنا هنزل أجيب الإختبـار وآجي علطـول، خليكي هنا استنيني “..
تحـركت حنـة في خطي سـريعـة تجاه الصيدليـة لتُحضـر ما تـريد و هي تتمني مع كل خطـوة بأن يكون ذلك الإختبـار سلبي…
مرت دقائق قبل أن تخـرج من المرحـاض تُمسك به بأصابعها المرتجـفة فأخذته فردوس من بين يديهـا تنظـر لـه ثم قالت بحزن:
” شرطتين.. أنتي حامـل يا حنة “..
” طب.. طب وبعدين هعمـل اي!! “..
” العمل عمـل ربنا، نصيبك كدا مهي ملهاش حل يا حنـة غير ان الجوازة الشؤم دي تبقي رسمي بقي!! “..
” أنتي مصدقه نفسك يا فردوس!!! أنا وأنتي عارفين ان الجوازة دي مش هتبقي رسمي أبدا وكون اني قاصر دي حجه بس عملها أبوكي قدام أمي عشان تخضع ليـه، في الأخر حمدي هيرميني رامية الكلاب و هيرجع لبيته ومراته وعيـاله.. وأنا اللي هشيل العيل دا لوحدي!! مش هيكون ليه أب يا فيفي!! أنا مش هعرف أربي لوحدي! مش هعرف اشيل مسئوليته.. أنا حيـاتي انتهت كدا خلاص و اتدمرت و مستحيل هعرف اكمل الثانوية و لا هدخل جامعه “..
” إهدي.. تعـالي اقعدي، تعـالي يا حبيبتي استهدي بالله وخدي نفسك “..
هزت رأسها رفضا ببكـاء و سحبت حقيبتهـا:
” أنا هرجـع البيت لو اتأخرت هيعرف ويزعقلي “..
” متمشيش وأنتي في الحالة دي! طيب أنا هاجي معاكي أوصلك وأرجع.. يلا عشان أبقي مطمنـه عليكي “..
لم تمنعهـا حنة فهي علي وشك الإنهيـار إن لم تكن قد فقدت كل حصـون قوتهـا في هذه اللحظـات، مسئوليـة كبيرة تقـع علي عاتقهـا تفقـد معهـا كل أحلامهـا، هي تري أمامها شاشة سوداء كُتب عليها بخط عريض” حياتك “..، في النهاية هي مجرد مراهقة لم تبلغ الثامنة عشر بعـد و تلك التي تُساندهـا مراهقة أصغر منهـا في الخامسة عشر من عمرها…
فقـد تُوفي والدها قبل ولادتهـا و بعد ذلك بعـام تزوجـت والدتها من” مجـدي ” وأنجبت منـه فردوس.. كان يُعطيـهم القليل من الأموال، بالكاد تكفيهـم حتي ملّ منهم حسب قولـه ثم هجـرها ليعـود بعـد سنـوات وتقبلته علي مضض لأجل كلمات المجتمع الفاقد لكل الحواس “ظل رجـل ولا ظل حائط!!” و هو في نيتـه ينوي الإستفادة من صبيـة في بدايـة شبابهـا بأحقر الطرق…
عودة للحـاضر، كانت تتصبب عرقا برغم ان الطقس لم يكن حـارا، بل بدأت برودة الشتاء وأخيرا التسلل بين نسمات الصيف الحـارة وإنعاش قلوبنا وأجسادنا… تحركت تأخذ كوبا من المـاء تحـاول الهروب من ذكرياتها و لكن ذكري أخري تسللت لعقلهـا من جديد..
” أبويا مات يا خرابة البيـوت، مـات من بوزك يا فقـر أنتي وأهلك الطماعين “..
قالت ببكاء:
” أنا والله ما كنت عاوزة اتجـوزه حتي، انا مليش ذنب، مليش ذنب “…
قال كـارم بضيق:
” غـوري من هنـا، مش عاوز امي لما ترجع من الأقصر تشوف خلقتك، لو شافتك هتخلص عليكي، مش عاوز اشوف خلقتك تاني خالص”..
قالت ببكـاء:
” أنا عاوزة ورقة الجـواز، بالله عليك عاوزاها اثبت اني كنت متجـوزة “..
” هو دا اللي فارق معاكي طبعا، عاوزة تثبتي انك مراته عشان تورثيه، يا شيخه عيب عليكي دا لسه متدفنش، هعايب علي عيـلة!! “..
” لا والله مش عاوزة حاجة.. بس، أنا حامـل “…
” شايفاني بقي قدامك بريـل علشان اصدق الفيلم الحمضان دا، غـوري من هنا بدل ما أقسم بالله أخلص عليكي وأدفنك قبل منه! “…
تحـركت حنـة للخـارج وظل تسيـر في طريق بلا نهايـة حتي اصبحت في شارع حـي ليصطدم بها المـاره وهي لا حـول لها، شـاردة وأمامها غمامـه تمنع عنها الرؤيـة و سائل دافئ يسيـل علي قدمها و تذكرت صوت ارتطامها بالأرض و تجمع المارة حـولها وصرخة سيدة لا تعرفها…
” يلهوي دي بتسقط!! “..
تألمت حنـة فعادت للواقع لتجـد نفسها قد جُر’حت بسك.ين تمسكـه بين يديهـا، نظر خالد لها بتعجب ثم رأي الجـر’ح..
” اي دا اي اللي حصل، ارفعي ايديكي لفـوق علي ما أجيب حاجه نربطها “…
رفعت يدهـا حتي عاد لهـا يربط لها جرحهـا ويضغطه حتي يتوقف نزيفـه ليسألها بتعجب:
” معقـوله سرحانة لدرجـة تعوري نفسك!! “..
” أنا أصلا مخدتش بالك اني ماسكـة السك.ينـة، مش فاهمه اي اللي حصل “…
” حصل خير، ابقي خدي بالك “..
……………………………………………………….
” يـلا، دوسي بنزين زي ما علمتك بالظبط “..
قالت بحماس:
” متقلقش هشرفك “..
ضحك منتصـر بسخـرية وهو يقف خـارج السيـارة يُملي عليها تعليماته و منذ دقـائق كان قد قيـد ذلك الشاب الملقي أرضا خلف السيارة من يده بحبـل طويل أحكم ربطه علي حقيبة السيـارة الخلفيـة، وبمجرد أن تتحرك فردوس ستسحـبه خلفهـا، أو ربما تُخطئ وتعـود للخلف!!
وكانت هي اكثـر من متحمـسة للفكـره..
فتح منتصـر السيـارة يجـلس جوارها يُملي عليها تعليمـاته فتحركت ببطئ للأمام يحتك جسد الشاب بالأرض و مع زيادة سرعتها صـرخ بهم الشاب بالتوقف…
” هقول كل حاجه يا باشا بس كفاية بالله عليك كفاية “..
ابتسم منتصـر بخبث ثم تحـرك لخارج السيـارة و هي خلفـه تنظر للشاب بإنتصـار و كأنها أحبت ما فعلت وزاد حماسها أكثـر عندما رأت خضوعه بعد تعذيبها له..
جلس منتصر أمامه يسأله بجدية:
” مين اللي باعتك!! “..
” م.. مجدي باشا هو اللي باعتني “..
سألت فردوس بتعجب:
” مجـدي مين؟! أنا معرفش غير مجـدي واحد، ان شاء الله ميكونش هو!! “..
قال الشاب بخوف:
” هو، أبـوكي.. هو اللي كان مخلينا نخطفك أساسا وهو اللي بعت البنت اللي شبهـك علشان يقلب عيسـى باشا في فلوس و كمـان كان عاوز البت التانيه عشان تشتغل معاه “..
” حنة!؟ تشتغل معاه اي!! “..
قال منتصر بسخريـة:
” في شقـة مفروشـه “..
فتحت فرودس عيناها بصدمه تنقل نظرها بين الشاب ومنتصـر و هي تحـاول استيـعاب مدي حقـارة من تخمل اسمـه، أخفت تأثرها وحزنها رغم ذلك وقالت بسخرية:
” وهو فاكر انه هيقدر يقف قدام عيسى و رجـالته “..
اقتـربت تُربت بقـوة في حركة لا إرادية علي كتف منتصر تقول بحده:
” روح قـوله إن أنا وحنـة بقينا في حماية راجـل و هو عيسـى، اللي وراه رجـاله زي ما أنت شايف يودوه ورا الشمس “..
بادلها منتصـر نظرات الثقـة وقال بإحترام لأخت رئيس عمله رغم كل شئ:
” نفذ كـلام الهانم يا روح أمك.. سكتك خضـرا “..
فك منتصـر وثـاقه فركض الشاب بعيدا عنهم قدر المستطـاع حتي أصبح علي الطريق العام، فتلك العمارة السكنية تبتعد قليلا عن المدينة والإزدحـام و تبتعد بمسافـة ما عن البحـر…
تعجب منتصر يسأل بضيق:
” إحنـا مكاننا اتكشف ازاي بالسهولـة دي؟! “..
قـال فيفي بجـهل وهي تأثـرت بالجو الإجر’امي:
” أكيد في بينا خاين يا باشا! “..
نظـر لها منتصـر ولأول مره لا يغضب بل ضحك بسخـرية علي حديثها و تحرك أمامها يقـول بجدية:
” إحنا لازم نغيـر مكاننا، تعـالي ورايا “..
” أنا محتاجه موبايل أسجـل المغامرة دي عشان أنزلها علي صفحتـي علي التيكتوك “…
” عندك صفحـه علي التيكتوك، شغـاله بقي!! “..
” لا طبـعا عاملاه برايفت، احنا من عيلـة محافظة حـتي أبويا زي ما أنت شايف كدا حاجة تشرف “..
ضحك منتصـر ولكنه استطـاع بسهـولة سماع حسرتهـا و شعر بألمهـا الذي أخفته خلف ستار الضحك والسخـرية، فأبتسم يقول بهدوء:
” اخت عيسـى القائد مينفعش تكون غير بنت محترمه و متربيه، بس لو اللسان يتقص شويـة!! “..
” يتقص!! ليه شايفني لسـاني طـويل ولا اي!! اما أنك أعمي البصر صحيح “..
” مش معقوله بجد! “..
تركهـا وتحـرك تجـاه المبني و ظلت هي مكانها تنظـر تجاهه بغيـظ:
” بـارد… بس كاريزما “..
……………………………………….
في المسـاء عـاد عيسـى لمنزله أخيـرا ليجـد زوجتـه تجـلس في الداخل بجـوار والدته يتحدثان فأتجـه لغرفتـه بهـدوء يفتح اللابتوب الخاص بـه ممسكـا بهاتفـه فقد أتته مكالمه ينتظرها من بداية اليوم…
” مفيش حاجه اتبعـتت.. ”
” في خلال ثواني يا قـائد “..
انتـظر عيسـى دقيقـة أخري ثم اقتـرب يُشاهد تسجيـلات الكاميـرا الخاصه بمنزل سليـم… تمعن بنظره وهو يـري سليـم يقتـرب منها حين نزع عنها تلك الذقن الإصطناعيـة، ظل يُشـاهد التسجيـلات الأقدم حتي أدرك بأنها كانت تخدعه بأنها رجل ربمـا ولكنهـا منذ يوم تقـريبا وهي تخلت عن تلك الثياب الرجالية بعد مناقشة حادة دارت بينهـم، ربما عندما اكتشف الطبيب حقيقتها..
” ايوا سايبها في بيته ليه مش فاهم!! “..
تحـرك عيسـى ذهابا وإيابا بالغرفـة وهو يُفكر بالطريقة التي سُيخبر بهـا خالد عن أمرها ولكنه في النهاية أخرج هاتفه ليتصل بـه…
” إزيك يا خـالد، و حنة أخبارها اي؟! “..
” كويسين الحمد لله، متقلقش بكرا الصبـح هنتحـرك، بس مش بالطيارة هنتيجي بالعربيـة “..
” لا.. تعالوا بالقطر، العربية سهل تتبعهـا “..
” تمام زي ما تشوف “..
” تعـال علي القـاهرة، هبعتلك عنـواني، خلي بالك كويس من حنـة، وراها ناس يا خالد يمكن لو وصلولها معرفش أجيبها تـاني “…
” ناس ميـن!؟! “..
” لما توصل هفهـمك كل حاجه، متقلقش رجـالتي حواليكم لو حصل اي حاجه هتلاقيهـم… ولما تيجي ليك أمانه عندي “..
سألها خالد بلهفه:
” زين!!! لقيتها؟! “..
” وصلت لمكانها، هي هنا في القاهرة بس لسه هروح أجيبها، بكرا هتشوفهـا “..
تهللت أساريـر خالد وعاد قلبه للحياة من جـديد..
” الحمد لله.. الحمد لله، هي كويسه صح؟! جرالها حاجه، كويسه يا عيسـى؟! “..
” قولتلك أنا يدوب وصلتلها يا خـالد بس هي كويسه متقلقش عليهـا، هي دلوقتي في حمايتي لحد ما أنت توصل، خلاص هانت يا صاحبي “..
” أنا مش عارف أشكرك إزاي يا عيسـى، بحمد ربنا علي الصدفه اللي خلتنا أصحاب.. مش هتأخر عليك هتحرك أول ما النهار يطلع، مش هتأخر “..
” ماشي خلي بالك.. سلام “..
أنهي عيسـى المكـالمة وتحرك للخـارج فأصطدم جسده بزمرد التي تراجعـت بصدمه وهي تصرخ:
” حـرامي… حرامي، إلحقـونا “..
” حرامي اي يخربيتك هتلمي علينا النـاس!! إهدي دا أنا!! “…
” بسم الله الرحمن الرحيم، أنت رجعت امتي يا عيسى!!
“لسه واصل، وخـارج عندي مشوار مهم”..
” رايح فيـن!!، جيت في اي وهتمشي في اي دلوقتي مش فاهمه!! “..
” ما قولت عندي مشوار “..
سألته بتعجب:
” في اي يا عيسـى مـالك؟! “..
” مفيش حاجه يا زمـرد قولت مره، عندي شغل مش فايق بس “..
تحـرك للخـارج ونـظرت هي في أثـره بحزن فهو لم يعاملها بتلك الطريقه من قبـل، كان حنونـا متفهمـا لعلاقتهم برغم كل شيئ، أكثـر منها حتـي برغم انه هو من أنقذهـا و لم يكـن مضطـرا أو مجبرا علي ذلك..
هل ملّ الأمر،أو شعـر بالإستياء منهـا لأجل تقبلها البطئ لعلاقتهم!
………………………
“كـانت صامته، علي عكس عادتهـا، ربما حزينـة من أفعـال والدها، أخرج هاتفـه يبحث عن رقم خالد وقد أرسله له عيسـى ثم هاتفـه ليأتيه الرد بعد دقائق..
” ازيك يا خالد، أنا منتصـر “..
” ايوا مهو عيسى بعتلي رقمك و مسجـله عنـدي، اي الأخبار”..
” والله الدنيا مش تمام في واحد هجم الصبح علي الشقـة وكان معاه سلا’ح، بس اتصرفت معاه و غيـرت المكـان اللي احنا فيه.. “..
” دا كدا المفروض تسيبوا بور سعيد خالص “..
” اه، غالبا هنرجع القاهرة أو اي حته تانيـه، المشكلة اننا متراقبين وعيسى بس كان عاوز يبعدهم لغاية ما يعرف مين وراهم و بما إنه عـرف خلاص فأظن هنرجـع، وجـودهم مع عيسـى هيخلي اي حد يفكر مليون مره قبل ما يقربلهم “..
” هو عيسى عرف مين!!! دا منبهني أخد بالي كويس من حنة بالذات! بس أنا مش فاهم اي اللي بيحصل بالظبط “..
” عيسى هيبقي يفهمك علشان أنا مليش أقولك، المهم دلوقتي حنة صاحية؟! عاوزها تكلم اختها “..
” حاضر هشوفهـا “..
تحـرك منتصـر تجـاه غرفـة فردوس يدق بابها وكذلك فعـل خـالد لتخـرج له حنـة تنظر له بتساؤل فقال بهدوء:
” دي أختك.. “..
ابتسمت حنـة بسعـادة واشتيـاق وأخذت الهاتف تضعه علي أذنهـا:
” فيفي!! حبيبتي أنتي كويسـه!! “..
علي الطرف الأخر نظرت فردوس بتعجـب عندما وجدته أمامها يمد يده لها بهاتفـه ولكن صوت حنة الصادر من الهاتف لم يعطيها مجال للأئلة لتصرخ بسعادة:
” حنـة!! “..
” أنتي كويسه؟! جرالك حاجه؟ “..
” أنا كويسه زي الفل، طمنيني أنتي عليكي، اي اللي حصل معاكي انتي بخير “..
” أنا الحمد لله، وحشتيني أوي يا فيفي وحشتيني، كنت مرعوبة عليكي، كنت حاسة اني بموت، لولا مساعدة عيسى الله أعلم كان اي اللي هيحصل من تاني “..
أجابتها فردوس بإمتنان:
” أنا مكنتش متوقعه إنه واخد باله مننا كدا بجد، أنتي عارفة ان هو اللي حط قدامي شغل الكافيه اصلا؟! كنت بقولك معجزة، و كمـان طلع عندي اخين غيره!! ”
” ايوا ما أنا عارفه وشوفتهم كمـان ”
“اي دا طيب احكيلي كل حاجه بسرعه”..
” لما نتقابـل نتكلم براحتنا “..
” لا ما إحنا براحتنا اهو ورانا اي يعني، احكيلي “..
نظـر لها منتصـر بضيق فها هي قد استولت علي هاتفه، ان اعطتهـا اختها الفرصـة للحديث فلن تتوقف قبل الصبـاح، ارتمي بجسده علي الأريكـة بمـلل و تركها للثرثرة كما تشاء..
وعلي جانب أخر نظرت حنة بحرج لخالد الذي ابتسم لها يقول بهدوء:
” خدي راحتك، أنا هدخل أنام و اعملي حسابك هنتحرك بعد الفجر علطول “..
تـركهـا خـالد لتبدأ حنة في إخبـارها بكـل ما حـدث و تقاطعهـا فردوس بمزاحها المعتـاد لتعـود الضحكات وأخير لوجـه حنـة ولكن لم تدم تلك السعادة عندما أخبرتها فردوس بأمر والدها و ما ينوي علي فعله بهـا وعن رغبته في أخذها لذلك العمل واستغلالها بهذه الطريقة البشعـة…
لم تُجيبهـا حتي و أنهت المكـالمه و خرجـت لتضع لتُعطـي خالد الهاتف ولكنها لم تجـده فوضعته علي الطـاولة ثم عادت تجاه غرفتها…
انتفضـت بسبب انقطـاع الكهرباء بشكل مفاجئ ليسـود الظلام بالمكـان حولهـا و تسمرت قدماها بالمكـان تنـادي بصوت خافت:
” خـالد!! دكـتور خالد أنت نايم ولا صاحي!! “..
حاولت التحرك ولكنها تخـاف الظلام بشكـل مبالغ بـه فجـلست مكـانها ترتجف وبدأت في البكـاء، حلها الوحيد للتعامل مع جميـع مشاكلها….
بعد دقائق خـرج خالد لتصـرخ هي بخـوف عندما شعرت بالحركه حولها وقد ظنته نائما..
سألها بفزع:
” حنة!! أنت فيـن! أنتي كويسه؟! “..
قالت بخوف:
” أنا قـاعدة في الأرض مش عارفه اتحرك خالص، أنا بخاف أوي من الضلمة “..
” وفين تليفوني؟! “..
” علي الترابيزة “..
” طيب متخافيش هشغل ال…….
لم يُكمـل حديثـه اذ تعثـر بهـا و سقط فـوقهـا لتصـرخ حنة بصدمه وألم أيضا فأبتعـد عنهـا خالد بحرج:
“أنا اسف والله مش شايف حاجه، هروح أجيب التليفـون”..
كاد يتحـرك ولكن التفت الإثنان فجـاءة علي ضوء شديد يأتي من الخـارج فأرتعبـت حنة وأمسكت بذراع خالد تسأله برعب:
” اي دا!! “..
” دا أكيد نور الإيمان، او نور العلم.. او حرامي جاي يسرقنا “..
” طب روح اضربه او خلص عليه “..
” أنا دكتور مش شغال مع سلاحف النينجا “..
صوت طرقـات خافته جعلهـم يلتفتون للباب من جـديد..
” دكـتور خالد! أنتم كويسيـن؟! “…
سألته بريب:
” الحرامي عارفك!! “..
أجابها بضيق:
” حرامي اي دا صوت يوسف جارنا اللي فوق، هروح أشوفه عاوز اي “…
تحـرك خالد يفتح لـه البـاب فسأله يوسف بإهتمام:
” حضراتكم كويسين!! أنا سمعت صـوت حد بيصـرخ هنا “..
” اه دا بس النور قطـع و…. و المدام بتخاف “..
” طيب الحمد لله انكم بخيـر، اتفضل الكشاف دا خليه لو معندكوش واحد لأن النور لسه قدامه ساعتين، أنا كدا كدا كنت جاي أخد هدوم لإيمان وللبيبي “..
” هما أخبارهم اي، كل حاجه تمام!! “..
” ايوا الحمد لله، الفضل لحضرتك بعد ربنا، هو بس الدكـتور قالها تبات النهاردة و هنرجع بكرا الصبح “…
” الحمد لله ربنا يقومهالك بالسلامة “..
شـكره يوسف و تحرك للأسفل واخذ منه خالد مصباح الضوء الكبيـر وأعطـاه ل حنة:
” خديه بقي خليه في أوضتك و أنا هـاخد الموبايل “..
” شكـرا يا خالد “..
ابتسم خالد وهو يتابعها تعـود للغـرفـة و تحرك هو ايضا يعبث بشعـره يقـول بتعجب:
” هو أنا مبسوط كدا ليه!! “…
……………………………………………
” دي قسيمة جـواز بإسمي وإسمك، بس مزيفة طبعا، ماقلقيش محدش هيقدر يعرف انها مش حقيقيـة، يعني من النهاردة قدام كل الناس أنتي مراتي، و دا هيبقي حقيقة بمجرد ما تولـدي،و كمان حاجه الجـواز دا مش هيكون مشروط،يعني هيكـون جواز كامل..اعتبري الست شهور اللي جايين هما فترة تعـارف أو خطوبة بيني وبينك ”
اومأت برأسها و هي تطوي الورقـه ثم قالت بهدوء مزيف:
” أنا حضرت الأكل، غير هدومك علي ما أسخنه “..
برغم ثقـل الأمر علي قلبهـا و فكرة أنها ستكـذب لأشهر طويلـة أو ربما لبقية حيـاتها، وأيضا تفكـر في طفلها الذي سيأخذ اسما غير اسمه، كيف ستخبره يومـا ما بالحقيقـة، قالت لنفسها:
” خليكي في الحاضر يا زين.. خليكي في الحاضر دلوقتي، الحاضر هو سليـم “..
ابتسمت بحزن وإمتنـان وهي تضع أمامه الطـعام و قبل أن يبدأ في طعامه سمع طرقات علي الباب فقال بهدوء:
” استني أنا هفتح “..
تحرك سليـم يفتح الباب لتفاجأ أو ربما تملكته الصدمه لرؤيـة عيسى، رجل الأعمال المعروف مؤخرا يقف أمامه:
” عيسـى باشا!؟ خير!! “..
” عاوزك في موضوع مهم “..
” طيب اتفضـل.. اهلا وسهلا “…
جـلس عيسـى بهدوء وبدأ بحديثه بدون اي مراوغه:
” زين الشافـعي… تخصني “..
شعر سليم كيف علم بأمرها وبرغم ذلك هو بكـل براعه لم يُظهر صدمته تلك و قال بصوت حاد:
” مش فاهم حضرتك.. مراتي تخصك ازاي!! “..
وقف سليـم فتفاجأ عيسى و وقف أمامه هو الأخر يسأله بصدمه:
” مراتك!!! “..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عيسى القائد)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى