رواية عهود الحب والورد الفصل السابع 7 بقلم سارة نيل
رواية عهود الحب والورد الجزء السابع
رواية عهود الحب والورد البارت السابع
رواية عهود الحب والورد الحلقة السابعة
– عريس.!! عريس مين يا حماتي؟ طب مش ادتينا خبر ليه!
– أديني بقولكم أهو، رنيت على توفيق أفندي ومردش على أمه.
تجمدت عهود وهي تشعر بالتيهة والإضطراب والتزمت الصمت بينما تسائلت والدتها بحماس وفرحة:-
– مين هو يا حماتي، شاب كويس وابن حلال كدا.
تنهدت الجدة وابتسمت ثم قالت:-
– تعالي بس اقعدي ارتاحي الأول يا أم عهود، وبعدين إنتِ عارفة إن مستحيل أرضى لعهود حد أي كلام..
شاب من طرف حد حبيبنا وسألت عليهم بنفسي وكدا كدا هقول اسمه لتوفيق علشان يسأل بردوة..
الناس عايزين ميعاد علشان يزورنا..
– أنا هحاول أكلم توفيق يا حماتي.
قالت الجدة بصرامة ودهاء:-
– لا ملكيش دعوة بتوفيق إنتِ يا أم عهود أنا هعرف أجيبه لغاية هنا إزاي.
ابتسمت نجلاء ونظرت لعهود التي بالكاد كتمت إبتسامتها..
– يلا يا نوجا تعالي ارتاحي في أوضتك وخدي العلاج..
ونظرت لجدتها نظرة ذات مغزى وقالت:-
– هاجي تاني يا دولا علشان أحضر العشا لأن جعانة جدًا..
اصطحبت والدتها حيث غرفة بسيطة مريحة الأجواء وأخذت تساعدها بإزالة ملابسها وهتفت بحنان:-
– يلا خدي دوش كدا علشان تفوقي..
خلعت والدتها ملابسها وقالت بحماس:-
– أنا مبسوطة أوي يا عهود .. حاسه إن في خير جاي والله .. وأول مرة أحس الإحساس ده، متفائلة بالعريس ده أوي ويارب يكون لكِ نصيب يا بنتي ويفرحك ربنا.
اضطرب قلب عهود والخوف يتمكن منها رغمًا عنها، الخوف من شبح التجارب السابقة التي كانت تترك الأثار السلبية بداخلها .. إضافة إليها خوف جديد وهو الخوف من المشاعر المستحدثة التي باتت تحتل قلبها..
كتمت كل مشاعرها عن والدتها وأخذت تصب الماء البارد فوقها وتُدلك ظهرها بحنان لكن هيهات فقلب الأم استطاع أن يلتقط تلك الذبذبة..
ساعدتها في إرتداء ملابس نظيفة وجلست خلفها تجفف شعرها وتمشطه بهدوء..
– حاسه بيكِ .. عارفة إنك خايفة، متحاوليش تخبي عني خوفك وقلقك، أوعي تضعفي يا عهود أنا معاكِ من النهاردة ومش هسيب إيدك تاني أبدًا..
أنا بتقوى بيكِ ومينفعش تبقي ضعيفة لأن الضعف مش لايق على عيونك..
عارفة إنك مريتي بتجارب سيئة بس قبل كدا كنا كلنا ضدك وقاومتي وحاربتي ودلوقتي مش لواحدك .. أنا معاكِ في ضهرك ومش هسيبك..
صمتت قليلًا بينما كانت أعين عهود تفيض بدموع ولم تستطع السيطرة على مشاعرها لترتمي بحضن والدتها، وشهقت قائلة بلهفة:-
– أيوا يا ماما أوعي تسبيني تاني، أنا كنت تايهة ومن غيرك ولا حاجة يا أمي، إنتِ النور والحياة من غيرك ضلمة، إنتِ الأمان ومن غيرك الوحشة بتملى أيامي..
دايمًا احضنيني يا أمي .. حضنك بيداوي كل إللي العالم بيخربه جوايا..
شددت والدتها من احتضانها وهي تزيد من بكائها متحسرة على ما فرطت به.. مسحت على رأسها ثم هتفت بهدوء:-
– تعرفي إن مريت بنفس تجربتك دي قبل جوازي، وكان جدك راجل بسيط شغال ممرض في مستشفى، واتقدملي يجي أكتر من عشر عرسان .. فيهم إللي يرفضني وإللي مش مناسب وإللي مفيش نصيب..
ميغركيش أبوكِ دلوقتي، اتشغل كتير والشغل أكل راسه..
ربنا عوضني بيه، كان راجل بسيط وحنين وعوضني عن كل ألم ووجع مريت بيه في حياتي ودوقني كل الحب..
بس كان ليل ونهار بيشتغل علشان يبني نفسه بنفسه ولما شغله كبر .. نساني وبعد عني بس أنا واثقة إن قلبه لسه زي ما هو .. متزعليش منه يا عهود كان شيطان ومسيطر علينا ومسيره كمان يتخلص منه..
– عمري ما زعلت منكم يا أمي أبدًا .. أهم حاجة عندي إنكم بخير وأنا على يقين إن كل حاجة هترجع لمجراها..
– يارب يا بنتي يارب، يلا علمني كل حاجة إنتِ اتعلمتيها..
– يلا يا ست نوجا، أعملك أحسن ضفيره، ونتغدى وتاخدي علاجك ونقعد برا تحت تكعيبة العنب ونتكلم ونتعلم كل حاجة..
وأخذت تُجدل خصلاتها ويكاد قلبها يقفز من سعادته، لكن ما يعكر صفو تلك السعادة هو هذا العريس المزعوم..
همست بداخلها:-
– يارب مبقيتش حِمل أي انتكاسات تانية، أنا متوكله عليك يارب وتاركة أمري لك يا مدبر الأمر .. خليك معايا أنا خايفة أووي، التجربة دي بقت توجعني..
يارب لا تجعل وِدي لمن لا يستحقه يا لطيف بعباده..
لك الحمد يارب شكرًا على رجوع أمي ليا ويارب طيّب قلب بابا وأختي سمر أبعد عنهم همزات الشيطان وشيل الغيامة عن عيونهم..
*********
دخل المنزل يلهث مسرعًا وجثى أمام والدته التي كانت تجلس بشموخ وكبرياء..
تحدث بلهفة يسأل مُمسكًا بيدها:-
– حقيقي يا أمي إللي سمعته .. أوعي تعملي كدا فيا يا أمي.
انتزعت يدها بشدة من يده وأردفت بحدة:-
– أهلًا بتوفيق أفندي .. يعني مشرفتش ألا علشان مصالحك، مش علشان تشوف أمك..
عمومًا دا حقيقي الأرض بتاعتي كلها أنا اتبرعت بيها .. هيتبنى عليها مستشفى ومدرسة .. أنا حرة في مالي يا سيدي..
قال بلهفة بينما كانت عهود ووالدتها جالستان يشاهدون ما يحدث بصمت تام:-
– بس يا أمي إنتِ عارفة إن كنت عايز أعمل مشروعي عليها، وطلبت أشتريها منك..
ظلت الجدة دلال على شموخها وقالت بصرامة شديدة تليق بها:-
– وأنا يا ابن فاضل بقولك مش بايعة وهعمل بيها لنفسي صدقة جارية علشان عارفة إن بعد موتي مش سايبة ورايا ولد صالح يدعيلي ولا يتصدق على روحي..
أعمل مشروعك بعيد عني وعن البلد إللي كبرت عليها بعد ما بقيت توفيق باشا ومش مقامك تنزلها أبدًا .. يبقى هتعمل مشروعك هنا ليه!!
أخفض رأسه بخزي من نفسه وكأن حديث والدته العجوز قد أعراه أمام نفسه، رفع رأسه ليجد زوجته جالسة بعيدًا تشاهد ما يحدث، تعجب من وجودها وتسائل:-
– نجلاء إنتِ هنا بتعملي أيه.!!
ابتسمت بسخرية وهتفت وهي تقترب:-
– يعني ملاحظتش لما روحت البيت إن مش موجودة فيه، يا خسارة عليك يا توفيق للدرجة دي مشغول وعايش في دنيا تانية حتى وأنا تعبانة مكلفتش نفسك إلا مادي بس مسألتش عليا مرة ولا نمت جمبي ليلة..
كل ده ليه يا توفيق..!!!
عمومًا عهود هي الوحيدة إللي سألت عليا فيكم زي ما كانت بتعمل كل مرة وانتوا كل واحد عايش في دُنيته، وحاسه من غير لا ممرضة ولا دكتور ولا علاج إن صحتي رجعتلي..
قال بعصبية عندما علم أنها قد خرجت من المنزل وتركته فارغ فبقى إذن وحيدًا:-
– بقى كدا يا نجلاء تسيبي بيتنا .. يعني كدا أطلع وأدخل البيت الاقيه فاضي، اتصافيتي مع بنتك وجيتي تقعدي معاهم هنا وسيبتيني هناك مع بنتك إللي مش بتكلم ألا خطيبها..
ابتسمت عهود فهي حقًا تعلم مدى طيبة قلب والدها فهو يشبه الأطفال في غضبه، جاءت نجلاء تتحدث فسبقتها الجدة دلال بغضب وهي تلكزه بكتفه بيدها المجعدة:-
– ماله هنا يا ابن دلال.. إنتِ إللي اختارت بيتك يبقى فاضي، وأيه بنتك دي !.. إنت إللي عملت كدا وبعدت عن بناتك..
ومالها عهود يا واد إنت!! مقاطع بنتك ولاوي بوزك في وشها حقيقي النعمة تقيلة على البني آدم..
نظر توفيق لعهود فابتسمت له ليجأر قلبه حنينًا لها ولإحتضانها فهي كانت الأقرب لقلبه، لكن واصل بعناده وقال بغضب:-
– دي إللي بتكسر كلام أبوها عاجبك يعني إللي هي بتعمله دي والحال إللي بقت فيها..وناسيه زمان إزاي واطت راسي..
نظرت الجدة لعهود ووجهت أنظارها نحو ولدها وقالت:-
– زينة البنات .. أيوا عجبني إللي عملته؛ لأنها عملت الصح عقبالك..
جاء يتحدث فقاطعهم رنين الهاتف، نظر لهم توفيق بسخط ثم أجاب الهاتف بتذمر ليصعق بعدها ويُلقي بالهاتف بعيدًا مما جعل الجميع في حالة شديدة من الذعر، خرج يركض وهو يصيح بإسم واحد جعل الجميع يدركون أنها مصيبة سقطت عليهم..
– سمر … سمر..
خرجت عهود تركض وخلفها الجدة ووالدتها التي أصابها الفزع من أجل ابنتها الصغرى..
– في أيه .. حصل أيه يا توفيق.!
ركب السيارة في عجالة ليقفز الجميع في السيارة، وأجابهم وهو بالكاد يتمالك:-
– سمر .. سمر .. كلموني من المستشفى .. أصحابها وبيقولوا إنها انتحرت..
*********
– أمان .. إنت يا واد مدفوس في الأوضة بتعمل أيه..
خرج أمان وعلامات النوم تبدوا عليه وهتف:-
– نعم يا أمي خير..
قالت والدته بخوف وحيرة:-
– شوفت بيت ستك دلال خارجين بعربية ابنها على الأخر وهما بيجروا .. شكل في حاجة عندهم يا ابني.. اتصل اطمن..
ردد بفزع بتلقائية:-
– عهود..
سعى نحو هاتفه ولم يجد سوى رقم الجدة التي يلازم هاتفها جيب عباءتها .. ضغط يتصل ودقات قلبه بلغت عنان السماء والرعب تلبسه من أن يكون أصابها مكروه..
– ستي .. في أيه .. حصل حاجة عندكم..
قالت الجدة بإنهيار وهي تشعر بالتيهة وأن العالم يدور حولها:-
– أمان .. حفيدتي هتروح مني .. خلاص إدمرت..
فور أن سمع تلك الكلمات ألقى الهاتف ولم يتمالك نفسه معتقدًا أنها تتحدث عن عهود..
ركض خارج المنزل غير مستمع لنداء والدته القلقة، فقد كان بعالمٍ آخر وهو يتصور أن قد حدث السيء لعهود، فمازال لم يخطو أول خطوة تجاهها..
– عهود … لا يارب .. مش هقدر مش هتحمل..
واختتم قوله بالدموع التي سقطت رغمًا عنه..
**********
– في أيه يا دكتور بنتي مالها..
– حالة إنتحار متأخرة، لأن بنتكم قطعت شريان إديها الأتنين وفقدت كتير جدًا من الدم.
اهتز بدن عهود من الصدمة وكلمة “انتحار” تتردد بأذنها، أصبحت قدميها كالهُلام فسقطت على الأرض الصلبة وهي تضع كفها فوق فمها بإنهيار..
سند توفيق كلًا من زوجته ووالدته التي أوشكتا على السقوط..
صاحت الأم بلوعة وانهيار تام:-
– محصلش .. بنتي متعملش كدا، دي دايمًا مبسوطة وعمر ما حد زعلها .. بنتي مستحيل..
حاول توفيق الصمود وهو يشعر أن جبل سقط فوق قلبه، تسائل بإرتعاش:-
– طب هي هتعيش صح .. يعني أنا مستعد أعمل أي حاجة قولي أيه المطلوب..
– محتاجين دم كتير علشان نعوض إللي فقدته، بس للأسف فصيلتها مش متوفرة في المستشفى ومحتاجين كذا حد يتبرع لو مناسب علشان نوفر الكمية..
توسعت أسماع عهود فهي الوحيدة التي تتطابق فصيلتها مع فصيلة شقيقتها ولا أحد يعلم هذا..
التفت الجميع لبعضهم البعض فلا أحد منهم تتطابق فصيلته مع سمر .. لكنهم لا يعلمون ما هي فصيلة عهود من الأساس..
– هدور على الفصيلة وأجيبها من تحت الأرض..
تحاملت عهود على نفسها وسط انشغال الجميع، وخرجت خلف الطبيب وقد قررت ما ستفعل..
– السلام عليكم، لو سمحت يا دكتور أنا نفس فصيلتها وهتبرع.
نظر الطبيب لجسدها النحيل وقال بعملية:-
– بس شكلك ضعيف جدًا..
– بس الحمد لله صحتي تمام، تقدر تسحب من دمي كل إللي تحتاجه..
– طبعًا مش ممكن؛ لإننا محتاجين كمية كبيرة، لو إنتِ مناسبة هنسحب منك الكمية المسموحه.
– تقدر حضرتك تسحب الدم إللي هي محتاجاه..
– مينفعش يا أستاذة دا خطر على صحتك.
– سيبها على الله يا دكتور.
– كله على الله، بس لا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة.
صمتت قليلًا وقالت:-
– تمام أنا جاهزة، بس لو سمحت متعرفش حد إن أنا اتبرعت.
نظر لها بتعجب لكن حرك رأسه بإيجاب وردد:-
– تمام اتفضلي.
قال الطبيب قبل أن يقوم بعملية سحب الدم:-
– على فكرا حضرتك عندك ضعف تام وضعف في الفيتامينات وبنصحك بلاش.
قالت بتوسل:-
– يا دكتور توكل الله وأنقذ اختي أرجوك، اختي لازم تعيش حتى لو المقابل إن أنا هموت .. أختي مش لازم تموت منتحرة وتكون كفرت .. لا لازم ترجع وتتوب من الذنب ده.
أغمضت عينها وسقطت دمعتان حملتا الكثير وهمست داخلها مستنجدة به:-
– يارب انقذها وأنا بوعدك هي مش هتعمل كدا تاني .. اتلطف بيها يارب وقويها وقومها بالسلامة يارب..
إنت أرحم الراحمين يارب …رجعهالي علشان نصلح علاقتنا، وأنا مش هزعل منها تاني..
هقبل كل معايرتها وكل ما هتقولي يا بايرة ياللي محدش بيبص في وشك وكل إللي يشوفك يهرب هحضنها ..
أنا مليش غيرها يارب وأنا عمري ما زعلت منها .. أنا إللي غلطانة علشان بعدت عنها .. الغلط عليا أنا..
*********
جاء أمان يهرول بلهفة وذهب مسرعًا نحو الجدة دلال التي تجلس بغير حولٍ ولا قوة..
– ستي .. ستي مالها عهود .. هي فين .. أيه حصلها؟
نظرت له بعدم فهم ليُكرر:-
– مالها .. متخوفنيش .. هي حصلها أيه..
تنهدت بتعب وقالت موضحة لتنتشل أمان من غيابات الجُب التي سقط بها:-
– مش عهود يا بني الله يحميها .. دي سمر أخت عهود..
سيكون منتهى العيب إن تنهد براحة أو سجد شكرًا لله أمامهم فمهما كان فشقيقتها من تنازع الموت، عاد قلبه إليه وعادت الدماء لوجهه وأردف وهو يواسيها:-
– هتبقى بخير ربنا كبير وإن شاء الله تقوم بالسلامة..
كان توفيق يجري اتصالته وجاء مسرعًا مسرورًا:-
– لقيت كيس دم والأسعاف جيباه أقل من خمس دقايق هيكون هنا .. وهدور على باقي الكمية..
ترعرع الأمل في قلب نجلاء والجدة وسارعت نجلاء نحوه وهي تتكأ على الحائط:-
– بنتنا هتكون كويسة يا توفيق .. أنا أم مش كويسة لبناتي يا توفيق .. أيه يوصل بنتي للإنتحار وأنا بعيدة عنها..
قال بندم وهو يُسندها:-
– أنا إللي أب مش كويس يا نجلاء .. أنا مكونتش عارف قيمة حاجات كتيرة أووي في حياتي وكنت بجري ورا الشغل وإن أجمع فلوس وأملاك..
نظر حوله وتسائل ببعض الحدة:-
– أمال فين عهود .. دا وقت تختفي فيه، بدل ما تقف جمب أختها وتقف جمبك إنتِ وامي سيباكم وراحت فين!
قليلة الأصل.. أمال فين الأخلاق والطيبة والكلام إللي كانت بتهرتل بيه.. هي بس مش شاطرة ألا تكسر كلام أبوها..
تعرفي لو كان حد قالي إن هي إللي انتحرت مكانش هيبقى موقفي ده..
توفيق كان يقصد؛ أن عهود تتعرض لضغطٍ عصبي ونفسي دائم وشديد من الجميع فسيكون الدافع للإنتحار موجود لديها غير سمر التي تتلقى الدلال والمحبة من الجميع، لكن من كان بجانبه لم يفهمها كذلك فأمان والجدة وحتى نجلاء قد فهمت بأنه يقصد أنه كان يتمنى الخلاص من عهود بدلًا من سمر..
أما عن عهود التي جاءت من خلفه تترنح بعد تعرضها لسحب كمية الدم الباقية لأجل شقيقتها، وقفت وكأن أحدهم قد طعنها بخنجر مسموم..
استندت على الحائط وشعرت بأن جسدها لم يتبقى به بقعة دمٍ واحدة، العالم قد اسود داخل عينيها وتلك الكلمات القاسية تدور وتتكرر داخل عقلها دون رحمة..
تمكن الدوار منها لكن واصلت السير مستنده بقوة وتحاملت ولم تُظهر شيء من ضعف.
بينما كانت جميع الوجوه مصدومة أكثرهم أمان الذي تألم قلبه لتلك الكلمات..
الجميع قد اعتقد أنها لم تسمع شي لكن هو كان قد قرأ على وجهها الحسرة والخيبة والألم..
راقبها وهي تسير مترنحة ووجها يبدو شاحب شحوب الأموات..
لماذا كل هذا!! ما الذي يحدث معها مجددًا بعد كل ما عانته؟!
أمن الممكن أن يكون هذا تبعات ما حدث في الماضي؟
– كنتِ فين .. سيبتي جدتك وروحتي فين، هو إنتِ للدرجة دي مش هامك أختك .. للدرجة دي بتكرهيها..
رفعت رأسها نحوه ونفت بهدوء وهمست:-
– كنت بسأل الدكتور على حالتها..
قال توفيق بغضب لا يعلم إن كان من نفسه أم هو نتيجة الصدمة:-
– ليه هي تهمك .. تلاقيكِ بتتمني موتها وشمتانة علشان كان الكل بيحبها وإنتِ لا..
نظر الجميع له بصدمة لهذا الكلام بينما رفعت عهود رأسها وابتسمت وهي حزينة لأجله ورأت الطبيب يأتي إليهم مسرعًا حاملًا البشارة:-
– الحمد لله بنتكم دخلت العمليات وعدت مرحلة الخطر.
صُدم توفيق واستفهم بتعجب:-
– ليه هو إنتوا لقيتوا باقي الدم.
نظر الطبيب نحو عهود وقال بإبتسامة صافية:-
– لقينا متبرع .. واتبرع بالكمية الناقصة
كان أمان يراقب الموقف واستطاع فهم الأمر بسهولة ليغرق في تعجبه..
– يعني كدا بنتي خلاص هتعيش يا دكتور..
– الحمد لله.. إن شاء الله تبقى بخير..
فرح الجميع واحتضن توفيق زوجته ولم يُدرك أنه أنقذ إحداهم بذبح الأخرى..
اسندت عهود رأسها على الحائط بتعب يفتك بها وابتسمت وهي تُغمض عينها وتسقط في ظلامٍ دامس..
– عُــــهــــــود..
يتبع..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عهود الحب والورد)