رواية عقاب مؤجل الفصل الرابع 4 بقلم ناهد خالد
رواية عقاب مؤجل الجزء الرابع
رواية عقاب مؤجل البارت الرابع
رواية عقاب مؤجل الحلقة الرابعة
-أنتِ الي مش موافقة اتقدملك رسمي, خلاص خلينا نرجع نتجوز عُرفي لحد ما تحسي إنك مستعدة تواجهي أهلك ووقتها اتقدملك.
ضحكت ساخرة وهي تهتف بمرارة:
-عاوزني أرجع للحر’ام تاني!
نفى برأسه باعتراض وهو يقول بض’ يق:
-حرا’م ايه أنتِ مراتي, بقولك هنتجوز تاني.
رفعت حاجبها وهي تقول باستياء:
-عُرفي! ده اسمه جواز! على فكرة دي كلمة بنضحك بيها على نفسنا لكن الحقيقة الي احنا عارفنها كويس بس بنتستهبل إن علاقتنا من غير جواز خالص والعُرفي شيء واحد, العُرفي ده مش جواز أصلاً لأن أهم شرطين في الجواز متحققوش أولاً موافقة الوالي ثانيًا الإشهار! يبقى ازاي مقتنع انه جواز ومبنعملش حاجة حر’ام؟
نظر لها بصدمة قبل أن يسألها بعدم استيعاب:
-هو أنتِ اكتشفتي الي بتقوليه ده دلوقتي! ما احنا فضلنا سنة ونص متجوزين مسمعتكيش يعني مرة قولتيلي ده مش جواز ولا اتكلمتي بطريقتك دي!
تنهدت بعمق قبل أن تقول بحزن دفين:
-كنت بستهبل زيك, كنت عاملة نفسي مصدقة إني متجوزة ومبعملش حاجة غلط عشان أرضي ضميري, لحد ما حصل الحمل.. وقتها بس عرفت إني مهما حاولت استهبل في حاجات هتجبرني اتخلى عن استهبالي واعترف إني بغلط.
أدمعت عيناها وهي تكمل بق’هر:
-تخيلت لو وقتها كنا متجوزين بجد قدام أهلنا كانت هتبقى فرحتي بالطفل ده ازاي, وماما كنت هجري عليها أعرفها وأنا طايرة من الفرحة, لكن لما عرفت بحملي اتصدمت وعرفت إني في كار’ ثة, وكنت بداري أي حاجة ممكن تكشفني, عشت أسبوع كامل على اعصابي وحاسة الدنيا بتضيق بيا ومش عارفه اتصرف ازاي, لا قادرة أقول واشيل ذنب غلطي لأني استاهل العقا’ ب أيًا كان, ولا قادرة اعمل زي ما قولتلي..
صمتت تبتلع ريقها ثم نظرت له هاتفة بح’سرة:
-فاكر يومها قولتلي ايه!
نظر لها بصمت وعقله يسترجع أحداث تلك الليلة التي قلبت حياتهما رأسًا على عقب..
جالسان فوق الأريكة في غرفة النوم الخاصة بهما في شقته التي لا يعلم عنها وقد استأجرها منذُ زواجهما, يجلس هو باستقامة ساندًا ظهره لمسند الأريكة وممددًا قدميهِ أمامه وتجلس هي بين قدميهِ مستندة بظهرها على صدره وممددة قدميها مثله, يشاهدان فيلم ما أثناء تناولهما لحبات الفشار التي أعدتها, ضحكت بتوتر حين مال برأسه يداعب عنقها وهو يأخذ من طبق الفشار الذي تمسك بهِ, توترها ليس من قربه أبدًا لكنها لا تعلم كيف تخبره بما جاءت اليوم خصيصًا من أجله.. وبعد فترة طويلة من التوتر والقلق والتردد كانت تستدير له بعدما ضمت قدميها لصدرها وهي تقول :
-حبيبي كنت عاوزه اقولك حاجه مهمة.
عبث بيده في خصلات شعرها وهو يقول بابتسامة:
-قولي يا حبيبي.
-هو أنتَ هتتقدملي امتى؟
وكان سؤالها تمهيدًا للقادم, زفر بضيق وهو يشيح بوجهه قائلاً:
-تاني! هو كل شوية هتتقدملي امتى وكل شوية اقعد اشرحلك! يا حبيبتي اتقدملك ايه بس لا أمك هترضى ولا أبويا هيوافق.
ردت بغ’ضب وهي تنتفض واقفة:
-ايوه ليه؟ قولتلي الأول أبوك مش هيرضى عشان سنك صغير دلوقتي أنتَ مش صغير.
نظر لها مجيبًا بسخرية:
-والله! 23 سنة مش صغير! بعدين مش بالسن, بابا رفضه عشان سني عشان شايف إني مش هقدر اتحمل المسؤولية لبيت وأسرة في السن ده, وهو صح أنا مش هقدر اتحمل المسؤوليه لسه, أنا يدوب أول شهر ليا في شغلي في الشركة وفترة تدريب يعني مفيش قبض أول شهرين بعدها هقبض كام 2000 جنية! دول هيعيشوني ازاي وعاوزاني اخطب واتجوز وده مرتب يكفي مصاريفي أصلاً عشان يبقى في مسؤولية تانيه! عشان كده بقولك اصبري احنا كمحاسبين المرتبات بترفع بسرعة يعني ممكن 6 شهور ويوصل مرتبي ل 3500 مثلاً وكل فترة بيزيد, بعد سنة بقى ممكن بالحوافز والمكافئات أوصل ل 5000 ويمكن اكتر وقتها أقدر أخد خطوة زي دي, وكمان تكوني كبرتي شوية أنتِ لسه متمتيش 20 وقولتي إن مامتك رافضة تمامًا الارتباط لحد فيكم قبل سنه رابعة كلية عشان متهملوش تعليمكم اهو وقتها هتكوني في آخر تالته مثلاً نقدر نقنعها توافق.
-ملكش دعوة بماما أنا هقنعها بس أنتَ أتقدم, احنا لازم نكون في خلال شهرين متجوزين .
قالتها ببكاء في جملتها الأخيرة وقد فقدت التحكم في أعصابها, ليهتف بسخرية:
-شهرين أنتِ بتحلمي! مستحيل حد من أهلنا يوافق على الي بتقوليه ده, بعدين أنتِ بتعيطي ليه؟!
وقف مقتربًا منها في جملته الأخيرة وقد شعر بشيء ما خاطئ, نظرت له من بين دموعها وهي تقول بقه’ر:
-أنا.. أنا.. حامل.
جحظت عيناه بصدمة ووقف لقرب دقيقتين دون حِراك وقد لجمته صدمته وحين نطق أخيرًا كان يصر’ خ بها:
-حامل ازاي! أنتِ مش قيلالي إنك بتعملي احطياطاتك حامل ازاي فهميني؟!
ردت ببكاء صارخة بهِ هي الأخرى:
-معرفش.. معرفش اهو الي حصل.
هز رأسه بهستيريا رافضًا وصر’ خ بها:
-لازم ينزل, أنتِ سامعه مفيش اختيارات.
ارتجف جسدها وهي تقول بخو’ف:
-مش هقدر, أنا هخاف اعمل كده ممكن امو’ت مش…
قاطعها وهو يجذبها من ذراعها بقوة:
-ولو منزلش هتمو’ تي, بس بايد أمك والأكيد إن هيجرلها حاجة بعدك, الطفل ده هيكون سبب في كا’رثة ليا وليكِ سامعة!
عاد من شروده على صوتها يقول ببكاء:
-ونزلته ورفضت حتى وقتها تبقى معايا ونز’ فت وكنت همو’ت فيها لولا ستر ربنا, وبعدها بكام يوم جيت تتصل بيا وتسألني أنتِ كويسة! أسخف سؤال سمعته في حياتي عشان كده يومها صممت اقابلك وصممت نطلق وننهي كل شيء بينا لأني عرفت إني اختياري ليك من البداية كان غلط, ده أنا حتى موقفتش جنبي في محنتي يدوب قولتلي روحي نزليه وهربت وسبتني أنا أواجه.
توترت ملامحه وهو يجيبها:
-أنا عارف إني غلط وقتها, بس أنا كنت خايف ومقدرتش أروح معاكِ يوم العملية من التوتر كان كل الي بييجي في بالي إن ممكن يجرالك حاجة و…
ابتسمت ساخرة وهي تكمل:
-وتلبسها أنتَ مش كدة! أنتَ عمرك ما حبتني يا عاصم متضحكش على نفسك لو كنت حبتني بصحيح مكنتش سبتني أروح اعمل عملية زي دي وأنتَ عندك شك كبير إني ممكن أموت فيها وسبتني أروح اعملها المهم تخلص من المصيبة الي في بطني! مش هقدر أقول إن سني الصغير هو الي خلاني أغلط غلطه زي دي أنا متجوزاك ويدوب كنت تميت ال18 سنة من كام شهر, بس ده مش مبرر لأني وقتها كنت عارفة كويس إني بغلط بس عملت نفسي عبيطة وقعدت ابرر لنفسي, أصل لو استنيت مش هنتجوز قبل 4 سنين وأنا بحبه ومش هقدر استنى, أصل عاصم مش هيستناني كل دة وهو بيحبني وقالي لازم نكون مع بعض في أقرب وقت, أصل ده وضع مؤقت بس لحد ما الظروف تتحسن.. أصل وأصل وأصل حجج كنت بحطها لنفسي, واقتنعت كمان بكلامك ليا لما قولتلي لازم نتجوز عشان لو فضلنا مستنيين موافقة أهلنا قدامنا سنين على ما نعرف نتجمع وأنا بحبك ومش قادر ابعد عنك أكتر, للأسف أنا غميت عيني ومشيت في طريق متأكدة إن أخرته سود’ة واهو بدأ العقاب واحدة واحدة.
أنهت حديثها وتركته دالفة للداخل دون كلمة أخرى ليقف هو ينظر لأثرها بشرود, يعلم أنه أخطأ كثيرًا في حقها في الماضي لكنه حقًا يحبها, رغم كل تصرفاته الهوجاء سابقًا لكنه لم يدرك مقدار حبها في قلبه سوى حين ابتعدت عنه لسنوات وكلما حاول إرجاعها تتعنت أكثر حينها وجد أن حياته بدونها بدون طعم كالطعام بدون الملح! وعزم على إرجاعها بأي طريقة كانت حتى وإن كان سيرتكب المزيد من الحماقات.
———————–
شهران كاملان مروا بين شد وجذب بينها وبين عاصم الذي لم يترك لها فرصة دون الحديث معها والإلحاح لتفكر في العودة له, ومؤخرًا بدأ يهددها! مما زاد حدة الأمر بينهما خاصًة وقد اتفق الأهلان على عقد قران ” عاصم و رغد ” بعد ثلاثة أيام من الآن فعاصم شقته جاهزة كما قال والده ورغد هي الأخرى جاهزة بمستلزماتها فلِمَ التأجيل وأما عن الفرح فسيكون بعد شهر من عقد القران..
زفرت بضيق وهي تستمع لرنين هاتفها المتواصل دون أن انقطاع, فتحت عيناها ونظرت لساعة الحائط لتجدها الواحدة صباحًا بعد منتصف الليل من يحدثها الآن! رفعت هاتفها لتجده رقم غير مسجل ولكنه مُصر في الرنين, ضغطت زِر الإيجاب بضيق وهي ترد بغ’لظة:
-مين؟
أتاها صوتًا لم تفشل يومًا في معرفته يقول بهدوء:
-أتمنى مكونش ازعجتك يا روحي.
أغمضت عيناها بغ’ ضب وهي تسأله:
-عاوز ايه يا عاصم؟ وبتكلمني دلوقتي ليه أنتَ اتجننت؟
-أختك معايا.
جملة واحدة دبت الز’عر في قلبها فانتفضت واقفة وهي تسأله بارتجاف:
-أختي معاك الساعة واحدة بليل بتعمل ايه؟
أتتها تنهيدة عابثة وصوته يقول:
-شوفي أنتِ بقى, معتقدش هتكون معايا بمزاجها في وقت زي ده! المهم هقفل وابعتلك حاجة على الواتس هتعجبك.
أغلق معها وهي تتحرك في الغرفة بلا هوادة, ثواني واستمعت لصوت رسالة أتت لهاتفها ففتحتها سريعًا لتشهق بفز’ع وأدمعت عيناها وهي ترى شقيقتها ممددة على فراش ما مغمضة العينين يبدو أنها غير واعية لأي شيء يحدث ورسالة منهِ أسفل الصورة يقول فيها:
” أختك مش حاسه بالدنيا يعني مهمتي أسهل مما تتوقعي, لو حبيت أنفذ الي في دماغي دلوقتي محدش هيمنعني ولا حتى هي, بس يا ترى أنتِ هتمنعيني وتلحقيها؟ ولا هتقفي تتفرجي ويبقى مصير أختك أسوء من مصيرك لأني عمري ما هفكر أتجوزها بعد النهاردة ببساطة لأني مبحبهاش زيك فمتفرقش معايا أصلاً.. لو حابة تنقذيها تعالي على العنوان ده**** **** قدامك نص ساعة يا حبيبتي وبعدها متلومنيش”
سقطت جالسة فوق الفراش بأعين جاحظه لا تصدق الوضاعة التي وصل لها, هل سيؤ’ذي شقيقتها بسببها! هل سيفعل إن لم تذهب له! وهي تعلم جيدًا إن ذهبت له الآن فلا سبيل للعودة…
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عقاب مؤجل)