رواية عشق مهدور الفصل الثاني والأربعون 42 بقلم سعاد محمد سلامة
رواية عشق مهدور الجزء الثاني والأربعون
رواية عشق مهدور البارت الثاني والأربعون
رواية عشق مهدور الحلقة الثانية والأربعون
قبل وقت بالمشفى
إنها غريزة البقاء قد تتحكم في الإنسان حتى في أوج شعوره بالبؤس، هذا ما حدث مع هويدا، رغم بؤسها لكن حين شعرت بقدمها تهوا تمسكت بيديها بأطراف باب المصعد تنظر الى طاهر الذي يقترب منها تستغيث به بلهفه قطع المسافه في لحظات وإنحني أمسك إحد يديها اللتان كدن أن تنزلقن، صرخ قائلا: حد يوقف الأسانسير بسرعه.
بنفس الوقت كان يجذب هويدا التي تمسكت بيديه وهو يجذبها بقوته لكن لسوء الحظ لعدم توقيف المصعد أغلق على إحد ساقيها وبترت من تحت المنتصف بقليل…
صرخت بآلم مهلك وهي تنظر الى إندفاع الدماء مكان إحد ساقيها، كذالك تدمعت عين طاهر الذي جلس أرضا يضمها، يستغيث في ثوانى كان هنالك نقاله قامت بنقلها الى غرفة العمليات فورا.
بغرفة أسعد.
كان غير مصدق لحديث هويدا، كل ما قالته كذب هو لن ييبقى قعيدا، مجرد إصابة وقت وسيشفى منها، نظر الى آيسر سائلا بعصبيه: الكلام اللى قالته هويدا ده صحيح، الدكتور قال عن إصابتي أيه.
قال هذا ولم ينتظر آيسر، حاول النهوض من فوق الفراش لكن تآلم كثيرا، إقترب منه آيسر قائلا بتهدئه: بابا حاول. تتحكم في عصبيتك، إنت…
-أنا أيه قولى الحقيقة.
صمت آيسر، إستطرد أسعد ثورانه قائلا: حقيقة، إضجع برأسه على الوساده خلفه يشعر بصدمه مصحوبه بآلم يكاد يصرخ من شدته، ظهر على ملامح وجهه وتلك الدمعه التي سالت من عينيه، لاول مره بحياته يراها آيسر، حتى بعد مقتل سامر لم يرا دموع عينيه عكس والدته التي لم تجف دموعها الى الآن، بنفس الوقت دلفت يارا الى الغرفة إستغربت وهي تقترب من أسعد سائله: إهدا يا بابا،
فى أيه؟
أيه اللى عصب بابا أوى كده.
زفر آيسر نفسه قائلا: هتصل عالدكتور يجي فورا.
بنفس الوقت حاولت يارا تهدئة أسعد لكن هو في قمة ثورته يستغيث من الآلم والعجز.
بعد وقت.
نظر الطبيب الى أسعد الذي خمد للنوم بسبب ذاك المسكن المصحوب بمهدأ، ثم الى آيسر الذي تنهد براحه قائلا: واضح إن المرض إتعرض لصدمة، الهدوء النفسي أهم من العلاج، والمريض يادوب فايق من تآثير العمليه من كام ساعه، مش عاوزين يتعرض لإنتكاسه ويدخل العنايه المركزه مره تانيه، وكمان هضطر أمنع الزيارات، نفسية المريض مهمه.
تنهد آيسر يشعر بآسف قائلا: تمام أكيد ده مش هيحصل مره تانيه، ومتشكر.
غادر الطبيب بينما سالت دموع يارا وهي تقترب من آيسر تشعر بآلم في قلبها سائله: بابا كان كويس قبل ما أطلع من الأوضه أيه اللى حصل فجأة خلاه ينهار بالشكل ده، أول مره أشوف بابا بيبكي.
ضمها آيسر مربت على ظهرها بأخوه قائلا بآسف: هويدا كانت هنا وصدمته بحقيقة أنه ممكن يبقى مشلول.
إستغربت يارا ذلك قائله: وليه عملت كده، المفروض كانت تعمل العكس، ده يادوب ممرش على جوازهم يومين.
زفر آيسر نفسه بغضب وقبل أن تنهى يارا حديثها كانت دخلت شكران الى الغرفه دون طرق على الباب، وسمعت نهاية حديث يارا، نظرت نحو أسعد الممدد شفق قلبها على رقدته، لكن للغرابه كآنه شخص عادي ليس زوجها الذي عاشت معه لحوالي ثلاث عقود من الزمن، ثم نظرت نحو آيسر ويارا قائله: أنا شايفه الدكتور لسه خارج من الأوضه.
تحدث آيسر بلوم قائلا: .
مكنش لازم تتعب نفسك يا ماما عشان صحتك، آصف مش قالك إن الزيارات ممنوعه.
نظرت شكران الى أسعد قائله: فعلا قالى بس دى عشرة عمر، قولى
هو أيه اللى حصل ل أسعد، مش شكل شوية إرهاق زي ما آصف قالي؟
علم آيسر أن شكران لن تقتنع بأي إجابه غير منطقيه لما تراه أمامها، سرد لها فقط أنه تعرض لإصابة طلق ناري.
فزعت شكران سائله: ومين اللى ضرب عليه رصاص، يكون حد من المنافسين له في عضوية مجلس الشعب.
نظر آيسر الى يارا ثم أجابها بإختصار ثم رجاء: يمكن…
الدكتور محرج الزيارات، وكفايه كده عشان صحتك ياماما.
تغاضت شكران عن الرد على رجاء آيسر ونظرت الى يارا سائله بفضول: وأنا داخله سمعت يارا بتقول ممرش على جوازهم يومين مين دول وأيه علاقتهم ب أسعد.
إرتبكت يارا كذالك آيسر، لم يستطع المراوغه كذالك يارا التي أخبرت شكران بتردد تشعر بآسى وآسف في نفس الوقت: كنا بنتكلم على هويدا وبابا، إتجوزوا من يومين.
غرت شكران شفاها، ليست مصدومه ولكن غير مصدقه وسألت: هويدا مين، قصدك هويدا أخت سهيله ولا واحده غيرها.
بآسف أكدت يارا، تهكمت شكران بداخلها وهي تنظر ل أسعد وسأل عقلها.
ما سبب هذه الزيجه، هل كان يود إستمرار الشعور بأن قلبه مازال شاب ليتزوج إمرأة بمنتصف عمره، بل أصغر من بعض أبناؤه، لكن لم تستغرب ذلك فهذه طبيعة أسعد اللهث خلف المنظره، نظرت نحو آيسر وتغاضت عن الأمر سائله: أنا شوفت طاهر وأنا طالعه من الأسانسير كان داخل للأسانسير التانى وهدومه عليها دم كتير، والأسانسير نزل بسرعه، ملحقتش أسأله.
خفق قلب يارا بتوجس بينما إستغرب آيسر قائلا: هو كان هنا بيزور بابا وكان مشي وكان كويس معرفش.
بينما نظرت شكران الى يارا التي تبدلت ملامحها وحاولت غض فكرها عن فرض السوء قائله: يمكن أنا مركزتش ومش هو، عالعموم زيارة المريض لازم تبقى قصيره، واضح أن أسعد مش هيفوق دلوقتي، هبقى أتصل عليك يا آيسر أطمن عليه.
تنهد آيسر قائلا: تمام ياماما، ده الأفضل عشان صحتك.
تبسمت وهي تضع يدها على كتفه ثم غادرت، بينما القلق مازال مسيطر على عقل وقلب يارا، نظرت نحو والدها بغصه ثم تحججت قائله: هطلع أكلم شيرويت، أقول لها أن الدكتور منع الزيارات عن بابا وهحاول أطمنها عشان متقلقش.
أومأ لها آيسر موافقا، بنفس الوقت صدح رنين هاتفه، أخرجه من جيبه علم أن روميساء هي من تتصل تنهد بإشتياق وكاد أن يرد لكن فتح باب الغرفه بعد أن سمح للطارق بالدخول، إستغرب ذاك الذي دخل وأغلق رنين الهاتف بعد أن قال له: ياريت تقفل الإتصال، أنا وكيل النيابه المكلف بالتحقيق في القضيه، وكنت لسه مع الدكتور وعرفت حالة المريض بالظبط، وكمان هنضطر هنحط فرد أمن على غرفة المريض لحد ما ناخد أقواله هو كمان، لآن للآسف، الشخص التانى توفى بنوبة هبوط في القلب.
ذهل آيسر سائلا: رامز مات!
رد وكيل النيابه: للآسف قلبه إتوقف ومقدروش ينعشوه، بكدا ناقص أقوال السيد/أسعد عشان نقفل القضيه بعد أقوال آصف والشخص التالت، كمان آصف قدم بلاغ بإعادة فتح قضية سامر شعيب وكان إتهم رامز بقتله وقدم أدله تثبت ده، بس للآسف بموت رامز القضيه إنتهت.
تسائل آيسر: والنيابه معندهاش شك إن ممكن يكون موت رامز متعمد؟
رد عليه: حتى لو عندنا شك فالنهايه التقرير الطبي هو المستند الثابت لينا، مره تانيه بتمني الشفا للسيد /أسعد، وهكون على تواصل مع الدكتور، وفرد الأمن إجراء روتيني فقط للتحفظ عالسيد أسعد لحد ما ناخد أقواله ونطابقها ببقية أقوال الشهود.
أومأ له آيسر بتفهم، وهو مذهول بعد مغادرته.
بحديقة المشفى.
بلا تردد من يارا هاتفت طاهر، الذي قام بالرد عليه تسمع صوته شبه مختنق، وسألته: طنط شكران بتقول أنها شافتك وإنت داخل الاسانسير، وهدومها كانت ملوثه بالدم.
تنهد بآسى قائلا: هويدا…
توقف عن بقية حديثه يشعر بآلم يضيق بصدره، شعرت يارا بذلك وسألته: إنت لسه في المستشفى قولى إنت فين بالظبط.
أجابها بالمكان الموجود به، قالت له: تمام أنا جايه لك.
بعد دقائق أمام إحد غرف العمليات، رغم بؤس طاهر على ما أصاب هويدا لكن شعر بهدوء نسبي وتبسم بخفوت حين راى يارا تقترب منه، حين نظرت له إرتجف قلبها من ذاك الدم الذي يلوث معظم ثيابه، بسرعه قالت بلهفه: إنت بخير؟
أيه سبب الدم اللى مغرق هدومك ده.
تنهد طاهر بأسى: انا بخير، بس هويدا للآسف…
صمت قليلا، ثم سرد ل يارا ما حدث مع هويدا، شعرت بآسف عليها قائله: أنا كنت سمعت أن في مشكله حصلت قدام واحد من الاسانسيرات اللى في المستشفى، بس حلوها بسرعه، ومحدش طلع من الاوضه.
رد بنفي: لاء، بس صعبان عليا هويدا أوي، هويدا صحيح ليها أخطاء، بس…
توقف عن بقية الحديث يشعر بالأسى والحزن على ما أصابها ومازال صراخها يطن في أذنيه وهي ترى بتر إحد ساقيها، لكن نظر الى يارا قائلا: متشكر يا يارا إنك جيت حسيت إنى هديت نفسيا.
إرتبكت يارا، وقالت بتوتر حتى لا تكشف لهفتها عليه: ناسي إن هويدا تبقى مرات بابا.
تبسم بغصه يعلم أنها تتحجج، أيقن فداحة خطأوه بالماضى حين أخذها بذنب آصف،.
آصف الذي ذهب إليه قبل عدة أيام يطلب منه أن يساعده بإقناع يارا بقبول الزواج منه ووافق على مساعدته وبالفعل تحدث مع يارا موضحا لها أن أحيانا يؤخد البعض بذنوب الآخرين، وعليها إعطاء نفسها فرصه مع طاهر، إن لديها مشاعر نحوه، لا داعي لإضاعة العمر والندم لاحقا، كما حدث معه، إقتنعت بذلك، لن تضيع الفرصه، لكن قبلها لابد من مراوغة طاهر كذالك ردا لكبريائها، ما كانت عاشت تلك المراره.
مساء
بالنيابه العامه.
دلفت شهيره الى غرفة وكيل النيابه الذي نظر لها يبدوا من ملامحها الهادئه أنها مازالت لا تعلم بوفاة شقيقها، تنحنح قائلا: إتفضل اقعدي يا مدام شهيره، معرفش المستشفى بلغوا حضرتك أو لاء، بس واضح من هدوء حضرتك أنك لسه متعرفيش.
إستغربت شهيره وإستفهمت سائله: مش فاهمه، أيه اللى المستشفى مبلغتهوش ليا.
نظر لها بآسف قائلا: للآسف السيد/رامز البقاء لله توفي بعد فجر اليوم.
صدمت شهيره قائله بتسرع: مستحيل الدكتور كان قالى إن حالته صحيح خطيرة بس في امل، بالتأكيد
أسعد هو اللى قتله، هو غرصه ينتقم مني.
إستغرب وكيل النيابه قائلا: وهيقتله إزاي وهو كان في غيبوبه.
ردت شهيره بتسرع وغل: آصف
آصف ممكن يكون هو اللى قتله، آصف كان بيكرهه.
رد عليها: آصف غادر المستشفى.
-يبقى آيسر.
ذهل وكيل النيابه من إتهامتها الغير منطقيه كآنها تود إلصاق تهمة القتل لأي أحد، حتى ان ملامحها لم تتغير الى الحزن او تصرخ، حتى تبكي على أخيها، أو تطلب رؤيته للمره الأخيره قبل التصريح بدفنه، لكن ما وصل له من أدله عن القتيل انه كان شخصا سيئ ربما كان كذالك معها أيضا.
بالعوده الى منزل البحيرة.
بغمرة تلك القبلات ولمسات آصف لها.
فاق عقلها من تلك الغفوه غصبا بعد شعورها ببعض التقلصات بمعدتها، تنفست بعمق قائله: أنا جعانه يا آصف.
بوسط زخم تلك المشاعر والإشتياق المتمكنه من قلبه الذي يترجمها بقبلات ولمسات حنونه، شعر بيدها على كتفه تدفعه برفق للحظه غص قلبه أن تكون عادت لرفض إقترابه لكن قولها أدهشه، توقف عن تقبيل عنقها ورفع وجهه ونظر لوجهها بإستفهام، شعرت سهيله بحياء وعادت قولها: أنا جعانه، على فطوري من الصبح يادوب أكلت شوية فتافيت عيش من اللى كنا بنرميها للطيور في البحيره.
تبسم غامزا يقول: يعني طمعت في أكل الطيور.
تذمرت بخجل قائله: لاء مش طمع، بس انا كنت جعانه ويظهر لما نمت نسيت الجوع.
ضحك آصف ونهض عنها وقبل أن تستقيم على الفراش تفاجئت به يحملها قائلا بمرح: خليني أشيلك لا تدوخي ويغمي عليك من الجوع.
وكزته في كتفه بيدها قائله: .
بطل أسلوب السخافه ده، عادى لما أجوع، إنت مش بتجوع زي بقية البشر، ولا عشان ضخم، ولا آصف شعيب طبعا لو…
قاطعها بتقبيل شفاها، نسيت تذمرها وقامت بلف يديها حول عنقه تستقبل قبلاته بقبول، حتى ترك شفاها ليتنفسا من أنفاسهم المختلطه، حتى هدأت، تبسم بإنشراح سائلا بمرح: لسه جعانه.
زفرت نفسها قائله بغيظ ووعيد: آصف.
ضحك بإستمتاع قائلا بإيحاء
خلاص بلاش عصبيه، خلينا ننزل المطبخ، شكلك جعانه أوى، ولا يمكن في سبب تاني بيخليك بتحسي بالجوع بسرعه.
لم تنتبه لإيحاء آصف وتذمرت قائله: هو كمان الجوع لازم يكون له سبب، ولا طبعا عشان ضخم وكمان تضخمت أكتر بعد ما بطلت شرب سجاير ونفسك إتفتحت عالأكل أكتر.
ضحك آصف قائلا: إنت هتقري عليا، عالعموم وصلنا للمطبخ.
تنهدت سهيله قائله: طب نزلني بقى عشان أشوف هاكل أيه.
ضح آصف وهو يضعها على الأرض قائلا: معظم الأكل معلبات وسريع التحضير.
نظرت له بإستهجان قائله: لاء كتر خيرك، ممكن تسيبنى بقى أشوف أيه اللى في المعلبات دى ينفع نجهزه بسرعه.
تبسم وهو يضع يده على خصرها قائلا: على فكره انا عندي خلفيه كويسه في الطبيخ خليني أساعده أهو نخلص بسرعه.
شعرت بكهرباء في جسدها لو نظرت لوجه آصف ستنسى الجوع وتلقى بنفسها بين يديه كي يضمها وتستمتع بقبلاته ولمساته لكن عادت خطوه للخلف قائله بتهرب: في مكرونه وكمان صلصه…
نعمل مكرونه بالصلصه ونسلق بيض ونحمره وكمان سلطه.
تبسم آصف قائلا بإعتراض
بس أنا مش بحب البيض المسلوق.
وضعت يديها على خصرها قائله: مش بتحب البيض مسلوق لكن بتحبه ني تفقش يجي خمسين بيضه في شوب اللبن وتحط عليهم عسل وتشربه عالريق، معرفش بتستطعمه إزاي.
ضحك آصف قائلا: ده وجبه مغذيه وبتشبع، وكمان اللبن مع العسل بيغيروا طعم البيض، بالأصح بيختفي وسطهم، فمبحسش بطعمه، لكن أنا مش بحب البيض، بس ممكن أكل مكرونه وسلطه.
تنهدت بصبر قائله بتوتر: تمام ممكن تطلع بقى من المطبخ وتسيني أجهز الأكل.
ضحك على توترها قائلا: المطبخ واسع، كمان ممكن أساعدك، وأعمل انا السلطه.
وافقت سهيله قائله: تمام عندك الخضار، أعمل السلطه بس بلاش تكتر لأن ماليش مزاج للسلطه، هاكل مكرونه وبيض محمر.
ضحك آصف، وقام بالجلوس على أحد المقاعد يراقب سهيله وهي تتحرك بالمطبخ وتأففها للحظات بسبب بعض اللسعات كذالك تذوقها المبالغ فيه للطعام أثناء تحضيره تبدوا جائعه للغايه، ظلت هكذا حتى إنتهت وقامت بوضع تلك الأطباق على الطاوله أمامه، نظر آصف الى المكرونه سائلا: .
هى دي مكرونه بصلصة الطماطم، ولا بالوايت صوص.
نظرت سهيله الى المكرونه قائله: مكرونه بالصلصه، مش شايفها حمره.
نظر آصف الى المكرونه قائلا: دى مش حمره دى بينك واضح إن الصلصه مكنتش كفايه.
تنهدت سهيله بضيق قائله بإستهزاء: بينك…
لاء الصلصه كده كفايه أنا مش بحبها حمره أوي، ومن فصلك ياريت بلاش تريقه ومش عاوزه أعرف رأيك في المكرونه.
قطب بين حاجبيه وشرع في تناول الطعام، إمتعض قليلا بوضوح قائلا: أنا مش بحب المعجنات.
تبسمت سهيله قائله: عارفه إن المكرونه طعمها مش كويس ومعجنه شويه بس ممكن تتاكل عادي، أنا أهو باكلها، إنت عندك علم سابق إني مش أوي في الطبيخ، يادوب بعرف امشى نفسي بالموجود، تيتا آسميه حاولت كتير في أنها تديني خبرتها، بس على رأي بابا دي مسألة نفس، هبه ربانيه يعني.
علي سيرة آسميه إمتعض آصف، لاحظت سهيله ذلك وتبسمت تعلم أن هنالك عدم إستلطاف متبادل بينهم.
تنهد آصف قائلا: تمام أنا هاكل سلطه بعيش، تبسمت سهيله قائله: براحتك، بس انا إتعودت إن أى أكل يتحط قدامي أكله وأحمد ربنا.
للحظات سأم وجه سهيله وتذكرت فترة مكوثها بالسجن، لاحظ آصف سأم ملامحها، غص قلبه لكن قال بمرح: لو كنت سيبتني انا أحضر العشا كنت أثبتلك إنى بعرف أطبخ كويس.
تبسمت له قائله: تمام قدامك فطور بكره تثبت فيه براحتك، دلوقتي لو مش هتاكل طبق المكرونه بتاعك هاته وانا أكله.
تبسم وهو يمد يده بطبق الطعام لها قائلا: واضح إنك جعانه أوي.
تبسمت وهي تلتهم الطعام قائله: فعلا.
ضحك آصف وظل بينهم حديث هادي بشتي المواضيع، كما كان في السابق قبل ليلة زواجهم الأولى، لكن إختلف قليلا سابقا لم تكن تسمح له حتى بلمس يدها، اليوم عكس ذلك…
إنتهي الطعام.
تبسم آصف وهو ينظر الى الاطباق الشبه خاويه قائلا بمزح: متهيألي في لسه شوية مكرونه في الحله وممكن نسلق بيض تاني لو لسه جعانه.
نظرت سهيله له قائله: لاء خلاص أنا حاسه إنى أتنفخت من كتر الأكل.
ضحك آصف، بينما تذمرت سهيله قائله: إنت بتتريق عليا صح.
ضحك آصف قائلا: أبدا، أنا كنت هقولك تحب أعملك شاي أو عصير.
تنفست سهيله ثم تثائبت قائله: عارفه إنك بتتريق عليا، بس أنا معدتى خلاص إتملت، وكمان كبس عليا النوم، ومبقتش قادره ومش عارفه هقوم أمشي على رجليا إزاي حاسه إنى تقيلت جدا.
ضحك آصف وهو ينهض واقفا وإنحني لجوارها وحملها قائلا بمزح: فعلا تقلت شويه.
وكزته في كتفه ثم لفت يديها حول عنقه تميل براسها على صدره، تشعر براحه أصبحت ليست غريبه عليها، صعد آصف بها الى غرفة النوم حتى وضعها على الفراش وإنضم جوارها يجذبها لصدره شعرت سهيله بتوتر وإرتباك وهي تقوم بجذب خصلات شعرها خلف أذنيها وأخفضت عينيها، تخشى النظر لوجهه خوف أن لا يصدقها قائله بتردد: آصف في شئ مهم لازم تعرف بيه.
تبسم آصف على ذاك الخجل الواضح على وجهها، في نفس الوقت غص قلبه للحظات سهيله مازالت تشعر بعدم ثقته بها، لكن لن يدع الماضى حائلا أكثر من ذلك، وضع يده على بطنها وإقترب من أذنها هامسا: سبق وقلت لك إنى كنت واعى، وحاسس بكل
نفس، همسه، لمسه. منك وعندي إستعداد أعيد كل اللى حسيت بيه في الليله دي.
رفعت عينيها ونظرت الى وجهه بتفاجؤ سائله بخجل: قصدك أيه، إنت كنت…
قاطعها بتأكيد: كنت واعى
لكل حركه، . همسه، لمسه…
مع كل كلمه كان يعيد لها جزء مما شعر به تلك الليله ويبث مشاعر ناعمه بعثرت كيانها تستسلم لطوفان هادر من مشاعر طغت عليهم تجذبهم نحو منحدر من بدايته الى نهايته هادئا مفعم بنسائم عشق آخاذ لأنفاسهم ونبضات قلبيهم، ليعودا بأنفاس منعشه لقلب كل منهم، علاقة عاطفيه كامله والإثنين يشعران بكامل السكينه والهدوء النفسي اللذان كانا يحتاجان إليه، علاقه أظهر كل منهم مدى عشقه للآخر وصلا الى كمال العشق في قلبيهم، وضع آصف قبلة عشق على جبين سهيله ونظر الى وجهها، تبسم حين رأها تخفض وجهها بخجل، وضع إبهامه أسفل ذقنها ورفعه قليلا ونظر الى عينيها اللتان تلاقت مع عينيه، تمركزت النظرات بينهم، للحظات كانت مثل قراءة الأعين بالنسبه لكل منهم.
قرأت سهيله عين آصف الصافيه التي عشقتها، منذ البدايه كان سهل عليها قراءة صدق مشاعره من عيناه، تبسمت بحياء وعادت تخفض عينيها تنفض تلك الذكرى لن تدعها تفسد نشوة قلبها…
بينما آصف كان يقرأ من عينيها خجلا كان قديما أحيانا يضجر منه، الآن يزداد عشقه لهذا الخجل الذي إرتسم بعينيها، ومازال يندم على ذكرى تلك الليله البائسه، لكن هو الآخر نفض عن رأسه لا يود تعكير صفو قلبه، تنحي بجسده عنها وإستلقى على الفراش وجذبها لتبقى بحضنه وقبل وجنتها قائلا بصدق: بحبك يا سهيله.
تبسمت بدلال وهي تدس رأسها في صدره قائله: قولتها كتير قبل كده.
رفع وجهها قليلا ونظر لها بهيام قائلا: وهفضل أقولها طول عمري، ومش بس هقولها كمان أوعدك هيفضل قلبي مفيش فيه أغلي منك.
تبسمت ووضعت راسها على صدره وتثابت ثم غفوت دون شعور منه كذالك آصف هو الآخر غفى هو يشعر بهدوء كان يفتقده، عودة سهيله له كان هدوء بعد الصخب الذي كاد أن يصم قلبه.
بعد وقت صحوت سهيله بسبب شعورها ببعض التقلصات بمعدتها، وجدت نفسها محاطه بيدي آصف تبسمت وهي تنظر الى وجهه وهو نائم، على ذاك الضوء الخافت، حاولت سحب جسدها من بين يديه ذهبت الى الحمام وخرجت بعد قليل، تشعر ببعض الوهن، عادت تندس الى جوار آصف، تنظر لوجهه تشعر كآنها تعود بالزمن الى الخلف تبسمت حين تذكرت أنها كانت تخجل من النظر الى وجهه، شريط ذكريات يمر أمام عينيها منذ أن تعرفت على آصف قبل أن تكمل التاسعه عشر من عمرها الآن هي بالثلاثون حوالى إثني عشر عام يمروا أمام عينيها، بين إخفقات وإمتيازات حصلت عليها، هنالك خمس سنوات بعمرها لم تلتقي ب آصف مباشرة، لكن كانت تقرأ عبر المنصات الاليكترونيه عن نجاحه في تلك القضايا، أحيانا كانت تكره ذاك الصيت، وأحيانا كانت تشعر بالغبطه، كان هنالك شئ بداخلها لم يبغض آصف رغم ما مرت به حاولت إلهاء نفسها بالحصول على إمتيازات وتقدم أعلى لتثبت أنها لم تنكسر لكن كان داخلها بالفعل مهشم، تحصل على إمتياز أعلى وتسمع الإشادات بذكائها العلمي ممن حولها وهي تتقدم لكن بداخلها كان هدف واحد أرادت إثباته ل آصف أنها الطبيبه إبنة الموظف البسيط الذي سخر منه تلك الليله، بداخلها فقدت مذاق اللذه، فقط كانت تبتسم للمديح التي تناله ويعلوا شآنها، بآخر الليل كانت ترثي نفسها بذاك المديح التي لم يكن سوا لحظات وتعود تنكفي على فراشها تفصل عن عالم لا تشعر فيه بالحياه، قلبها مثل الآله بداخلها، تنهدت وهي تنظر الى آصف، تبسمت كآنه كان لها مذاق الحياه التي كانت ومازالت تود العيش بها، حلمت يوم أن تكون أسره صغيره معه حين كان يخجلها بكلماته وهي تتهرب منها، كانت تشتاق لتلك الكلمات الصادقه والنابعه من قلبه، آصف كان لها متنفسا للحياة، بغمرة أفكارها شعرت بيدي آصف تجذبها لصدره، إمتثلت لذلك وغفت.
مع شروق الشمس
إستيقظ آصف، تنهد بشعور الصفاء والسعاده وهو يضم سهيله بين يديه هذا ما تمناه أن يصحو على وجه سهيله وهي بين يديه.
بالمشفى
إستقبل طاهر كل من سحر وأيمن اللذان أخبرهم بجزء مما حدث ل هويدا دون إخبارهم ببتر إحد ساقيها، لكن بمجرد ان دخلا الغرفه إنصعق قلبيهم، وتدمعت عين أيمن كذالك سحر التي إقتربت من ذاك الفراش النائمه عليه هويدا وإنحنت تقبل وجنتيها تسيل دموعها بحسرة قلب…
كذالك أيمن الذي سأل طاهر قائلا: هويدا هتفوق أمتى، وايه اللى حصل لها.
سرد لهم طاهر ماحدث ثم أخبرهم: الدكتور قال محتاجه وقت عقلها يفصل قبل ما تفوق عشان الصدمه اللى عاشتها.
تحدثت سحر بحسرة قلب: قلبي إتنفض من وقت ما إتصلت علينا من إمبارح وقولت هتبات هنا عشان مخلصتش بقية أوراقك، والفجر لما أتصلت إتأكد إحساس قلبي، يا حسرة قلبي عليها لما تفوق.
بالمشفى مساء
أمام غرفة أسعد.
وقف آيسر ينظر يمينا ويسارا، قبل ان يخطف قبله من روميساء التي تذمرت من فعلته وقالت بغضب: وقح، ما بتعرف إننا بممر المشفى،
يكون بعلمك يا آيسر لو بصيت بعيونك لواحده من الممرضات والله بخلعلك عينيك وبيعشك أعور.
ضحك آيسر قائلا: لاء خلاص، توبنا الى الله.
نظرت له روميساء بعين تشع غضب قائله: كمل وندمنا على ما فعلنا.
ضحك آيسر غامزا بوقاحه: ندمنا شدت الندم كمان يا جميلتي.
تبسمت له قائله: وهديك الممرضه اللى كانت عم تتمرقع وتتمايص، والله لو عطيتها وش بسكر عيونك للأبد.
ضحك آيسر قائلا: لاء وعلى أيه اقول للدكتور يغيرها أنا مش مستغني عن عينيا، عشان اشوفك بيهم يا جميلتي.
تبسمت روميساء بخفاء قائله: تمام، هلأ برجع للشقه مره تانيه، وبكره راح إجي المسا ومعاي غيار نظيف إلك.
غمز لها قائلا: طب أيه رأيك ناخد أوضه هنا جنب بابا نبات فيها سوا، دا أنا حاسس إن عضم جسمي مخشب ومحتاج مساچ من إيدين ناعمين.
نظرت له بإستهجان قائله: إتحشم، وبلاه هالحكى بيكفي، راح إمشي السواق وبابا ناطريني بالسياره، بس انا حبيت احذرك.
ضحك لها قائلا: طب هاتي بوسه تصبيره.
نظرت حولها وإطمئنت أن الممر خالى قامت بتقبيله على وجنته. بينما هو جذبها وقام بتقبيل شفاها، دفعته عنها بعضب بينما هو تبسم قائلا: البوسه تبقى كده يا جميلتي.
بالآتلييه الخاص ب شهيره.
كانت تجلس تقوم بمراجعة بعض التصميمات الخاصه ببعض مصممي الآتلييه، تركت التصميمات وشعرت بضجر حين صدح رنين هاتفها، نظرت الى الشاشه وقامت بالرد، سمعت الى من يخبرها: إحنا من المستشفى المحجوز فيها جثمان السيد/رامز، والطب الشرعي خلاص صرح بدفن المتوفي، وبنتصل على حضرتك عشان تجي تستلمي الجثمان.
تأففت قائله: تمام، بكره هاجي أستلم الجثمان.
أغلقت الهاتف وقامت بوضعه أمامها عدة مشاعر تضغي عليها، بين الحزن والكره والغضب، لكن للكره كان النصيب الاكبر، ضحكت وهي تتذكر أسعد الذي سيبقى قعيدا جزءا بغدره بها، لكن لم تستمر ضحكتها حين سمعت صوت طرقعه عاليه تشبه الإنفجار…
خرجت من مكتبها الى الخارج تفاجئت بنيران مشتعله تلتهم الآتلييه بضراوه، صرخت بهلع
تستنجد بالعمال اللذين يهرعون للخارج هرب من النيران، ومنهم ما إلتهمته النيران بالفعل…
فصل عقلها للحظات، فأصعب إحساس هو ضياع كيان قضيت وقت ومجهودا وضعيت بسببه ملذات أخري في الحياة
صرخت بهستريا تريد إطفاء تلك النيران قبل ان تنهي مشوار عمر قضته من أجل أن يصبح هذا المكان وجهة أشهر مصممي الازياء وأغني الزبائن لم تنتبه الى النيران الا حين إشتبكت بملابسها وتسربت الى جسدها صرخت وهي تهرع الى الخارج قبل أن تحترق هي الأخرى
بمنزل البحيره
علي آريكه بغرفة المعيشه.
كانت سهيله نائمه رأسها على صدر آصف، لكن رفعت رأسها ونظرت لوجهه تبسمت حين وجدته مستيقظ، كذالك هو تبسم لها، نهضت جالسه تتكئ بإحدي يديها على الآريكه، إستغرب آصف ذالك ورجف قلبه أن يكون فعل شئ أزعجها بدون قصد منه، إعتدل جالسا هو الآخر يسألها: أنا عملت حاجه أزعجتك.
أومأت رأسها ب لا
تنهد براحه قائلا بإستخبار: طب ليه بعدتى عن حضني.
تبسمت بحياء قائله: قبل كده قولت لى إن كل حقيقه ليها واجهين، يعنى أيه؟
تبسم قائلا بتوضيح ونبرة ندم: يعنى أنا عمري ما دافعت عن شخص ظالم، بغض النظر عن عيوبهم، بس أنا في حياتي مظلمتش حد غيرك يا سهيله.
لمعت عينيها ببسمه قائله: طب ليه معتذرتش وطلبت السماح مني؟
للحظه أخفض وجهه بخزي وندم ثم رفع رأسه ونظر لها قائلا بندم: عشان أنا مستحقش السماح.
تبسمت سهيله قائله: ده كبر وغرور آصف شعيب.
تركزت عينيه بعيني سهيله، إقترب منها جذب يديها بين يديه وأحنى رأسه وقبل كف يديها قائلا: معاك بنسى إنى آصف شعيب
إنت عارفه إنك الوحيده اللى مش بقدر أتكبر أو أتغر عليها، بالعكس لو مستعده تسامحيني، أنا هطلب السماح ألف مره.
تبسمت بدلال قائله بغنج: ألف مره بس؟
إقترب منها وضمها بين يديه وقبل إحد وجنتيها قائلا: قد ما تطلب، أنا بحبك يا سهيله وهفضل طول عمري ندمان ومش هسامح نفسي أبدا إنى في لحظه كنت جلاد غاضب.
ضمته هي الأخرى بيديها، عاد برأسه للخلف ونظر لعينيها ولبسمة شفتيها، إقترب من شفاها مقبلا بلا إنتظار، تزداد قبلاته شوق وشغف
حين لم يجد منها رهبه أو تمنع، حتى أنها عادت تتسطح على الأريكه وهو يقبلها، حتى ترك شفاها ينظر لعينيها اللتان عاد بريقهم، رفع يديه يملس على وجنتيها بآنامله قائلا بندم: أنا عارف إنك كرهتيني.
وضعت يديها على كتفيه وأومأت رأسها ب لا ثم قالت: حاولت كتير أغصب قلبي يكرهك، بس للآسف قلبي خذلني، مقدرش يكمل ويكرهك يا آصف، بس ده مش معناه إنى سامحتك.
شعر بإنشراح في قلبه ثم سأم وجهه للحظه، لكن وعاود يقبلها، يكفيه أنها تقبلت قبلاته، يشعر بلمسات يديها على كتفه وظهره، هذا ما أراده دائما أن يشعر بلمساتها على جسده، أخطأ حين قيد يديها تلك الليله ربما لو كان شعر بلمسات يديها على جسده كان تهاون وما وصل الى تلك الدرجه من الغضب الذي أعماه، وإغتصبها بحقاره، بالتأكيد ما كان عاش وسيظل يعيش بمرارة الندم.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عشق مهدور)