روايات

رواية عشق مهدور الفصل الثالث والأربعون 43 بقلم سعاد محمد سلامة

رواية عشق مهدور الفصل الثالث والأربعون 43 بقلم سعاد محمد سلامة

رواية عشق مهدور الجزء الثالث والأربعون

رواية عشق مهدور البارت الثالث والأربعون

عشق مهدور
عشق مهدور

رواية عشق مهدور الحلقة الثالثة والأربعون

حريق يلتهم كل شئ أمامها يتدمر الى ركام، حتى لامست النيران جسدها وأصبح عليها الفرار من تلك النيران قبل أن تحترق هي الأخري، هرولت نحو باب الخروج من الآتليه لكن بسبب إندفاع بعض العاملين الذي يهرولون للنجاة بأنفسهم تصادمت مع احدهم وسقطت على الارض بمكان مشتغل، لهفت النار جانب من وجهها كذالك يديها، وبعض أجزاء من جسدها نهضت مسرعه نزعت ملابسها التي تشتعل، تبتعد عن النيران خرجت شبه عاريه حتى تمكنت من النجاة أمام باب الاتلييه إستعبت إنها شبه عاريه ربما لم يكن هذا الاهم بالنسبه كان المؤلم تلك الحروق التي بجسدها، سريعا كان هنالك سيارات إسعاف ومطافئ توجهت الى إحد سيارات الإسعاف التي سرعان ما أمرت المسؤولين عنها بالسير سريعّا الى إحد المشافى الفخمه، وصلت بعد قليل الى المشفى شعرت بإنسحاب في جسدها إستسلمت له.
بالمشفى
دلف الطبيب لغرفة هويدا، نهض أيمن سائلا: لو سمحت يا دكتور هو مش الطب إتقدم أنا بنت التانيه دكتورة وسمعتها مره بتقول إن بقى في لحم الجزء المبتور تاني بالجسم.
رد الطبيب: فعلا أصبح سهل لحم جزء مبتور، بس للآسف في حالة المريضة دى مش هينفع لأن الجزء المبتور للآسف يعتبر إدمر بسبب هبوط الاسانسير عليه، كمان سهل تعويض الجزء ده بطرف صناعي وهترجع الحركه العاديه مش هقول زي الطبيعي.
تفهم أيمن ذلك غص قلبه، بينما نظر الطبيب الى هويدا قائلا: مفعول المخدر قرب ينتهي والمريضه أكيد حالتها النفسيه هتأثر على مدى تقبلها للواقع.
أومأ له أيمن متفهما…
غادر الطبيب بنفس الوقت دلف طاهر برفقة سحر ومعهم رحيم
تسألت بلهفه: الدكتور قال أيه؟
تدمعت عين أيمن قائلا: قال إن هويدا ممكن تفوق بأي لحظه، ربنا يستر لما تفوق.
سالت دمعة عيني سحر بحسرة قلب، كذالك طاهر ورحيم الذي رأي إنهيارها الغير متوقع هو لم يتفاجئ بحقيقة هويدا أنها ليست أختهم كما كان يعتقد سمع حديث جدته مع والدته صدفه أثناء إحد الإجازات صدم لكن لم يسأل عن الحقيقه من البدايه، وعلم لما قسوة قلب هويدا عليهم أنهم ليسوا اخوة الدم وإن كان هذا ليس سبب لجحود قلبها، إنهيارها كان صدمه له، ظن أنها لو علمت سترحب بالحقيقه بل وكانت ستتباهى بها، نظر رحيم نحو طاهر الذي يعلم هو الآخر حقيقة أن هويدا ليست أختهم بعد إخبار رحيم له سابقا، كذالك سهيله تعلم هذا الامر لكن أخفوه بينهم، ربما أرادوا أن تظل هويدا بمكانتها لديهم أختهم الكبري حتى وإن كانت جاحدة القلب، بينما عادت سحر بنظرها نحو هويدا…
هويدا إبنتها، ليست فقط من أرضعتها واعطتها من حنان ثديها بل أستحوزت على مكانة إبنتها بالتمام، تذكرت حكايتها الحقيقه.
من وهي مازالت بأحشاء إبتهال حين تفاجئوا بأنها حامل دون زواج معلن، لكن هي أخبرتهم أنها متزوجه من زهير شعيب عرفيا وكان معها وثيقة زواج عرفي، كما أخبرتهم أن زهير وبأول أجازه له سيحول هذا الزواج الى زواج رسمي بعد أن يعلم بحملها، لكن هو كان خسيسا وخذلها وإستغرق عليها أشهر يماطل في تحويل الزواج الى رسميا معلن، حتى مضت أشهر الحمل وجائت طفله الى الحياه مجهولة النسب، في البدايه ماطل بالإعتراف بتلك الطفلة خوف من أحاديث من حوله كيف سيخبرهم فجأة أنه تزوج ولديه طفله، كيف سيستفهمون ذلك بالتأكيد سيسألون.
متى وكيف تزوج كي يكون لديه طفله، يريد بعض من الوقت لجعلهم يتقبلون ذلك، ظل متعنتا لأشهر كان هنالك تفاوض وصراع بينه وبين إبتهال، حتى ضجرت وهددته باللجوء الى المحاكم، فهى تمتلك إثبات بتلك الورقه العرفيه التي معها، كذالك هنالك تحليل البصمه الوراثيه، بالتأكيد ستثبت ذلك بسهوله، خاف أن يؤثر ذلك على سمعته كرجل شرطه ووافق على الزواج بها، كذالك وعدها بإرسال إعتراف رسميا بنسب الطفله من أجل تسجيلها بالدفاتر الحكوميه بإسمه لكن لسوء الحظ لم يصل ذاك الإعتراف إلى إبتهال بسبب وفاة زهير بإحد المدهمات أثناء تأدية مهمته، يآست إبتهال وقتها قد مضى عدة أشهر على ميلاد هويدا، ومازالت غير مسجله، لم يكن هنالك حل آخر غير أن أيمن وسحر اللذان تعلقا بتلك الصغيره التي أطفأت آلم فقدان طفلهم الاول بعد ساعات من مولده، وافق أيمن وسحر وقام أيمن بتسجيلها على إسمه وأصبحت إبنتهم الكبرى وكآن القدر كان مأساويا على هويدا الرضيعه، توفت إبتهال بفترة قليلة بحادث سير، وأصبحت هويدا يتيمة الابوين الحقيقين، لكن إن كان هنالك أبوين حقيقين فهما سحر وأيمن الذي أثبت بالفعل أن الخال والدا لم يفرقوا بين هويدا وابناء صلبهم بل العكس كانت هويدا صاحبة الحظ الاوفر بكل شئ، كان كل شئ يتوفر لها عكس سهيله التي كانت كثيرا تعلم إمكانيات والداها وتحاول تخفيف اعبائها عنهما، حسب المتاح امامها، رغم آنانية هويدا لكن كانوا يتقبلون ذلك، حتى طفلها التي تركت مهمة رعايته لهما لم يضجرا منه بل أعتبروه الونس لهم، تأثرت أيمن سائلا: حسام، لازم ترجعى كفر الشيخ عشانه.
ردت سحر: متخفيش عليه أمي هتعرف تهتم بيه أنا هفضل جنب هويدا
تنحنح رحيم قائلا بآسف: أنا أجازتي خلصت ولازم ارجع للكليه هبقى أتصل عليك يا بابا أطمن على هويدا.
أومأ له أيمن يشعر بالبأس، بينما قال طاهر: خدني معاك اوصلك وبالمره أروح السفاره أشوف الأوراق خلصت ولا لسه.
غادر الإثنين
بعد قليل إنتبه أيمن كذالك سحر التي إنتفضت وإقتربت من ذاك الفراش بعد أن سمعا صوت هويدا.
التى بدأت تهزى قبل أن تعود الى الوعي، نظرا الاثنين لبعضهما متأثران بحال هويدا بعد أن تعود للوعى.
بالفعل عادت هويدا للوعى تنظر عينيها زائغه بداخل عقلها أن ما حدث مجرد كابوس وبفتح عينيها إنتهى، لكن حين حركت يديها شعرت بوخز آلم، نظرت نحو يدها رأت تلك الإبر الطبيه المغروسه بيدها، كذالك وقوف كل من سحر وأيمن جوار الفراش، سمعوا همسها لاول مره تسأل: حسام!
تعجب الإثنين من سؤالها، حاولا إخفاء دمعة أعينهم، لكن كآن هويدا كانت بسكره حين صرخت بعد أن حاولت رفع ساقها، صرخة مؤلمه لفؤادها، حين حاولت رفع قدمها لم تشعر بآلم بالتاكيد بسبب المسكنات لكن كان الآلم الأقوى هو ذاك الفراغ التي شعرت به بدأ عقلها يعود للوعي، كل ما حدث لم يكن كابوس بل حقيقه، بدايتا من حقيقتها انها بلا نسب عاشت حياتها بكذبة ان لها والدين، بالحقيقه هي لم تكن سوا إبنة رجل، ماذا تنعته.
بالخسيس اصبح بقبره لن تشفع له كلمتها، حقيقة مره بأبشع من العلقم، فقط تود الصراخ كى تنفض ذاك الآلم، إستجابت لرغبتها، صرخت، بعزمها الواهن، جلست جوارها سحر سريعا تضمها تحاول تهدئتها كذالك أيمن هاتف الطبيب سريعا، ثم جلس لجوارها يضع يده فوق كتفها قائلا برجاء: هويدا إهدي وإحمدي ربنا، إن ربنا نجاك كل شئ يتعوض.
-أيه اللى يتعوض.
صرخت بها هويدا بحسرة ثم أكملت: رجل ولا نسب، أيه فيهم يا بابا…
توقفت تقول: المفروض إنت خالي، أنا…
كان لفظا نابيا، صعق الإثنين ضمتها سحر قائله: لاء يا هويدا، إنت شوفتي إعتراف زهير بنسبك له، كمان أنت بنتنا…
أكدتها سحر: بنتنا، من أول لحظه في عمرك كنت بين إيديا، كفايه متوجعيش قلبي أكتر من كده، ربنا كان له هدف يخفي الحقيقه عشان تبقى العوض ليا أنا وأيمن، وقت ما كنا يآسين كنت الأمل.
نظرت لهما هويدا بآسف، بنفس الوقت دلف الطبيب، ورأي حالة هويدا وضم سحر لها، فهم انها بحالة هيستريا لصعوبة تقبل ما حدث، قام بإعطائها مسكن جعلها تغفوا مره أخري، ربما تهدأ فيما بعد، بينما سحر وأيمن قلبيهما يآن بالحزن على حالها ورد فعلها الغير متوقع.
بأثناء سير طاهر مع رحيم بممر المشفى تقابلا صدفه مع يارا وشيرويت توقف طاهر مبتسم ينظر الى يارا التي توقفت هي الاخري تبتسم بخجل، سائلا: حالة باباك أيه دلوقتى.
شعرت يارا بغصه قائله: الحمد لله فاق وبدأ يتقبل الوضع بعد ما الدكتور قال إن في أمل إن يكون ده وضع مؤقت، وهويدا أخبارها أيه؟
رد طاهر بآسف: لسه مفاقتش من المخدر الدكتور كان اداها حقنه مخدره عشان متوقع حالة إنهيار قال يتجنب رد الفعل شويه.
رغم أنها زوجة أبيها لكن قالت بصدق: ربنا…
قطبت يارا على بقية حديثها حين صدح رنين هاتفها، أخرجته من حقيبة يدها، للحظه إرتجف قلبها وهي تنظر الى شاشة الهاتف، لاحظ طاهر ذلك، كذالك شيرويت التي تأففت من الوقوف قائله: مش بتردي ليه؟
نظرت لها يارا قائله: الرقم ده معرفوش.
-وفيها أيه ردي عليه.
هكذا حثتها شيرويت على الرد، أومأت يارا وقامت بفتح الخط وقامت بالرد لتتغير ملامح وجهها الى عبوس حين سمعت: حضرتك إحنا من إدارة المستشفى وبنبلغ حضرتك إن مدام/شهيره محجوزة عندنا هنا في قسم الحريق.
لا تعرف كيف خرج الحديث من فمها قائله: تمام أنا جايه فورا.
أغلقت يارا الهاتف نظرت الى شيرويت التي سألت بإستفسار بعد ان لاحظت هي الاخري عبوس ملامح يارا: مين اللى كان بيتصل.
ردت يارا بصوت مرتجف: دى إدارة مستشفى بيقول إن ماما محجوزه عندهم في قسم الحريق.
إرتجفت شيرويت هي الاخري قائله برعشة صوت: وقالك أيه تاني، مامي جرالها أيه، خلينا نروح لها بسرعه.
إستغرب رحيم وطاهر الذي قال: خليني أجي معاكم.
بينما قال رحيم: للآسف انا هتأخر على الكليه، ولو إتأخرت هتعاقب، هبقى أتصل عليك يا طاهر.
إنصرف رحيم التي إغتاظت منه شيرويت دون تفسير لسبب، بينما ذهب طاهر معهن الى المشفى.
بمنزل البحيره.
ضم آصف جسد سهيله على صدره وقبل جبينها، شعرت بخجل وظلت تضع راسها فوق صدره شعور هادئ في القلب رغم أنفاسهم الصاخبه. مشاعر خاصه أعطاها كل منهم للآخر، مشاعر تأخرت، وكادت تطمس بنزيف البعاد، لكن الفرصه الثانيه أعادت لها البريق لتشع مره أخرى وتسري بين الأورده تضخ عشقا يكتسب مناعة من سقم الماضي، فرصه أخري تستحقها القلوب،.
بعد لحظات هدأت أنفاسهم أيضا، بسبب حياء سهيله من النظر الى آصف بعد ذاك اللقاء الحميمي، تبسم آصف على ذاك الحياء الذي يمنعها من النظر له أو حتى الحديت وهمس جوار أذنها: سهيله إنت نمت.
رفعت سهيله رأسها عن صدره نظرت لعيناه بحياء للحظات، ثم تهربت سائله: مفسرتش يعنى أيه عمرك ما دافعت عن متهم مش واثق من برائته.
تبسم آصف وهو يزيح تلك الخصلات الثائره عن وجهها قائلا: يعني قبل ما كنت بقبل القضيه اللى هترافع فيها كنت لازم أتأكد إن الشخص ده مذنب أو لاء.
لم تفهم وسألته: مش فاهمه، يعنى كنت بتعمل عليهم تحريات قبل ما تقبل القضيه.
أومأ برأسه مبتسم وأجابها: يمكن شغلي في القضاء ساب عندي خبرة أقدر بها أعرف وأو عالاقل أستشف حقيقة الشخص اللى قدامي.
-غرور
ومنين جالك إن مش بيمثل البراءة.
أجابها بإبتسامه: مش غرور، وفعلا سهل تمثيل البراءة، لكن في شواهد بتأكد الحدث بتاعي، وبالتالى بقبل القضيه اللى هترافع فيها وأنا واثق إن الشخص ده يستحق دفاعي عنه.
نظرت له سهيله سائله: طيب في كذا قضيه لفتوا نظري وكان عليهم ضجة إعلامية كمان.
تبسم آصف قائلا: أيه هما؟
نظرت الى عين آصف قائله: قضية راجل الاعمال والرشوة اللى قدمها لموظف الحكومه مثلا.
ضحك آصف مجاوب: عارف إن فيه إشاعات كتير على راجل الاعمال ده أن له أساليب ملتويه في تيسير مصلحته، وهو فعلا قالى إنه فكر يعرض عالموظف ده رشوة بعد ما سمع من كذا شخص أنه بيقبل الروشاوي، او بمفهوم آخر على إنها هدايا مقابل مصالح بيقدمها لهم، بس في هو كان له غريم وإتفق مع الموظف ده، والموظف وافق غريمه وبمجرد ما راجل الاعمال راح له المصلحه هو إدعى النزاهه وأتهمه بتقديم رشوه، وده اللى للآسف مكنش حصل، يعنى القصه كانت من البدايه تصفية خلافات وهو وقع بالفخ.
إقتنعت سهيله سائله: طب والأرض اللى أخدتها من الدوله ورجعتها ل للى إستولوا عليها بدون وجه حق.
أجابهاببساطة: إنت قولتيها رجعتها، بس رجعتها لأصحابها مش للى إستولوا عليها بدون وجه حق، الارض دى كانت لمجموعة شباب أخدوها من الدوله بغرض الإستصلاح وحطوا فيها تعبهم وخبرتهم غير كمان الاموال اللى كانت معاهم، هوب موظف في الدوله بالصدفه شاف الارض طبعا إخضرت زاغت في نظره عرض عليهم يشاركهم فيها، وطبعا ده تعبهم لسنين هو جاي عاوز يبقى شريك عالجاهز، رفضوا قام إستغل منصبه في الحكومه وقدم شكوى إنهم إستولوا على الارض، بس للآسف مكنش يعرف إن معاهم مستندات تثبت أحقيتهم في الارض دى، وكسبت القضيه بسهوله لما قدمت المستندات دى، القضيه كانت سهله بس الإعلام كده دايما بيحب يكبر الصغيره، وبالذات لو كانت القضيه الحكومه طرف فيها بيبقى لها صدى واسع.
لمعت عين سهيله بنظرة إعجاب وثقه وتبسمت، تبسم آصف هو الآخر مستفسرا: والبسمه دى سببها أيه.
إبتسمت سهيله مراوغه بالرد: بدون سبب أى عاوزه أبتسم.
ضحك آصف وهو يرفع يده يتلمس بها وجنتها قائلا: أنا بعشق بسمة عينيك يا سهيله، بحسها بتديني أمل وسعاده في قلبي.
تبسمت سهيله وهي تعود تضع رأسها على صدر آصف الذي ضمها بين يديه يشعر بانفاسها الدافئه فوق صدره، بينما هي همست: طنط شكران كان عندها حق لما قالت لى إنى باخد الحقيقه من جانب واحد، دلوقتي فهمت الحقيقه من كل الجوانب. بحبك يا آصف.
إنشرح قلبه وإزدادت خفقاته ورفع وجهها بيده ينظر لوجهها قائلا: طب ليه بتخفى وشك وإنت بتقوليها.
شعرت سهيله بالخجل وأخفضت عينيها، تبسم آصف وهو يرفع ذقنها لترفع عينيها تنظر الى عيناه، تلاقت العيون بحوار صامت للحظات، قبل ان تخجل عين سهيله، التي أخفضتها تنظر نحو شفاه آصف الذي تبسم وهو يجذبها عليه قبل وجنتها هامس بعشق: بحبك ياسهيله، ومش بخجل أقولها قدام العالم كله، قلبي مش بينبض غير وإنت قريبه مني.
تبسمت لكن سرعان ما إنخضت وتنهدت بقوه وهي تجد جسدها أسفل جسد آصف، تبسمت للمعة عينيه، تلك اللمعه القديمه الصافيه لكن إمتزجت بلمعة شغف وهو يقبل شفاها يأخذها معه تتناغم أنفاسهم معا برحلة غرام خاصه بعلم الوصول الى القلب.
بعد مرور ثلاث أيام
قبل الفجر
بمنزل أيمن بالبلده
تبسمت سحر ل آسميه التي دلفت عليها بالمطبخ، تسائلت: أيه اللى صحاك بدري كده يا أمى، الفجر لسه عليه أكتر من ساعه.
تنهدت آسميه بحزن: قلبي حزين على اللى حصل ل هويدا، ربنا يصبرها.
تآلمت سحر قائله: انا كمان قلبي حزين أوي، حاسه إن نفسها إنكسرت مبقتش هى، بس تعرفي الصدمه دى غيرتها حتى بقت تسأل على حسام إبنها.
تنهدت آسميه قائله: مش مستغربه في نوعيه كده وتعرف قيمة نعم ربنا عليهم غير لما يتصدموا، هويدا خدت بدل الصدمه إتنين، ربنا كان رايد لها تعترف بنعمه عليها وده اللى حصل لها، لما شوفتها إمبارح قلبي وجعني أوى، لما بكت قلبي إتقطع.
تبسمت سحر بآلم وهي تتذكر بكاء هويدا حين رات آسميه، كذالك آسميه التي بكت هي الاخرى وسرعان ما ضمتها لصدرها، كان هذا تعبيرا عن خبايا القلوب، آسميه كانت تكره فقط افعال هويدا الهوجاء، لكن لم تكرهها أبدا.
بالقاهرة
بشقة آصف
كان نداء الفجر الأول يصدح على المآذن
تبسمت صفوانه وهي تدلف الى المطبخ وجدت شكران تقوم بالطهي، قالت لها: صباح الخير صحيت النهارده قبلي.
تبسمت لها بموده قائله: انا نمت من بعد ما صلينا العشا محستش غير من شويه قومت صليت ركعتين ولقيت نفسي نشيطه قولت أحضر لينا الفطور وكمان كم آكله أبعتهم ل آيسر في المستشفى.
تبسمت صفوانه قائله: تعالى إقعدي إرتاحي شويه وبعدين نبقى نكمل تجهيز بقية الاكل.
وافقتها شكران وجلسن خلف تلك المنضده بالمطبخ.
نظرت صفوانه الى شكران سائلة: تعرفي أنا لما آصف قالى أحاول اقنعك بلاش تروحي المستشفى ل أسعد، وقالى عالسبب إضايقت وزعلت أوى، وإفتكرت مقابلتك له من فترة بعد فرح آيسر، وقولت كويس إنك موافقتيش ترجعي له.
تنهدت شكران ببسمة آلم قائله: تعرفي يا صفوانه، في شئ غريب انا حاسه بيه.
إستفهمت صفوانه قائله: أيه هو الإحساس ده، ليه حاسه إنه مش فارق معاك.
ردت ببساطه: فعلا مش فارق معايا، بالعكس يمكن حسيت بهدوء في حياتى، هقولك زمان لما أسعد جالى وقالى انه هبتجوز شهيره قلبي إتكسر، وسألت نفسي أيه اللى ناقصني عشان يتجوز عليا، بس قولت ليه بفكر في اللى ناقصنى، وانا عملت كده وإتجوزت أسعد وهو كان له زوجه أولى، مش ذنبها إن غلطة دكتور خلتها بقت عاجزه ومحتاجه اللى يرعاها ومش هتقدر على رعاية جوزها، رغم إنى كنت بشفق عليها أوي وإنت شوفت معاملتي معاها، بس انا كنت مصدومه مكنش فيا شئ ناقص، بالعكس يمكن المفروض كان ليا إمتياز عنده، إنى خلفت له تلات ولاد، بس ده مكنش كفايه بالنسبه له، دور عالوجاهه اللى كانت نفصاني، فاكره لما أمى عرفت إنه اتجوز عليا، جت لى وقالتلى أقوله له أو بمعني اصح أساومه، وأقوله، لو مطلقش مراته التانيه هاخد ولادي وأسيب السرايا، فكرت وقتها بعقلي، صحيح انا من عيله ميسوره بس دول تلات ولاد ومصاريفهم وحياتهم إترتبت على نظام معين، دفنت مشاعري وقولت أسعد بالنسبه لى مجرد أب ل، ولادي والسلام، بس النهارده بندم إنى مسمعتش لعقلى وقتها وكنت خدت ولادي وضمتهم لحضني وبعدت عن أسعد، يمكن كنت قدرت أتجنب حرقة قلبي على سامر اللى راح مني شاب، ولا شوفت لوعة قلب آصف بعنيا وهو بينه وبين سعادة قلبه باب أوضه وياريته مقفول بالعكس كنت بشوف آصف وهو بيتسحب إنصاص الليالى يدخل أوضة مراته، اللى بتخاف من قربه منها، كمان توهان آيسر اللى كان بيخفيه ورا هزاره دايما، بس كان بيدور على شئ ناقص في حياته، هو الإنتماء لشخص يحس معاه بالحب الحقيقى وده اللى لقاه مع روميساء، كان بيهرب بسفره الدايم كان نادر الاجازات، اللى دلوقتي بقى مش عاوز يشتغل عشان يبقى قريب من روميساء اللى حس معاها بالإنتماء، يمكن لو كنت ضميت ولادي في حضني مكنش قلبي إتكوي بلهيب سامر وبشاعة موته، لو الماضي يرجع كنت بعدت عن أسعد وسيبته لنزواته، اللى آخرها يتجوز أصغر من بناته.
وضعت صفوانه يدها على يد شكران بمواساة ومؤازره قائله: الماضى مش بيرجع يا شكران، بس ربنا بيعوض وأهو زى ما قولتي، آصف سهيله معاه وإنت بتقولى أنه صوته وهو بيكلمك إنه سعيد وفرحان، كمان آيسر مع روميساء، اللى بحس إنها بتعيد تربيته.
جففت شكران دموعها واومات رأسها ببسمه مؤلمه: فعلا، روميساء بتعيد تربية آيسر، تعرفى كنت خايفه آيسر يورث أسعد في حكاية ميله للنسوان دى، لما كان يحكي عن البنات اللى بيقابلها في رحلاته، بس قلبه كان نضيف ووقع في روميساء صحيح مسترجله شويه، بس دى اللى تنفع مع آيسر.
بمنزل البحيره
فتح آصف عيناه نظر نحو سهيله التي تسكن بين يديه، ضمها للحظات، في ذاك سمع أصوات تلك الطيور التي تبدوا جائعه وخرجت باكرا بحث عن قوتها، نهض من جوارها وجذب معطف وقام بإرتداؤه وتوجه الى تلك الشرفه.
تعمد ترك باب الشرفة مفتوح وقف يستنشق تلك النسمات الشبه بارده المخطتلة بأريچ زهور الربيع، نظر أمامه رأى بزوغ الشمس من بعيد بدأ يلمع ضي شعاعها الخافت فوق مياة البحيره، إلتفت الى نحو أحد الأماكن وتنهد يتذكر وهو يبتسم على.
شاب يافع يسير ببدايات طريق العشق يشعر بالبرد وهو ينتظر تلك البريئه الرقيقه التي كانت تأخر دائما تأتي بعد أن يضجر من طول الإنتظار، . لكن كان مع رؤيتها يتبدد البرد الى دفئ منبعه القلب. حتى وقت رحيلها كان يشعر ببرودة قلبه كان ومازال يتمنى بقائها معه دائما. كانت ومازالت مثل شمس الربيع الدافئه سنوات مضت تغيرت ملامح المكان، لكن لم يتغير العشق مازال ساري وممزوج بالوتين.
شعرت بنسمة هواء باردة تلفح صفحة وجهها، كذالك إخترق اريچ الزهور انعش فؤادها، تمطئت تستنشق ذاك الهواء بعمق، فتحت عينيها نظرت لجوارها بالفراش كان مكانه خاويا، نظرت نحو باب الشرفة، رأت ظل آصف من خلف تلك الستائر التي تتطاير، نحت ذاك الدثار ونهضت من فوق الفراش جذبت ذاك المئزر الشبه ثقيل وقامت بإرتداؤه ذهبت نحو الشرفه نحت تلك الستائر قائله: صباح الخير.
إستدار ينظر لها بغرام قائلا: صباح النور.
تبسمت وهي تقترب منه قائله: أيه اللى مصحيك بدري كده.
ضمها بين يديه برومانسيه تبسم وهي ترفع يديها تزم طرفي معطفه قائله: إقفل الروب على صدرك
الجو لسه فيه نسمة برد، وانا خلاص رصيد أجازاتي إنتهى، اليوم اللى باخده أجازه بيتخصم من مرتبي.
ضحك قائلا: بتقبضي كام.
نظرت له بزغر، أثار ضحكه وأزداد حين قالت: يعني بتراقبني طول الوقت وبتعرف عني كل حاجه ومش عارف مرتبي كام.
-تصدقي دى الحاجه الوحيده اللى مفكرتش أعرفها لآنى عندي خلفيه سابقه عن مرتبات الحكومه، ناسيه إنى كنت موظف حكومي.
ردت بتسرع: مش كل المرتبات يا سيادة المحامي، القضاء من أعلى المرتبات، إنما الدكاتره لو مش العيادات كانوا مدوا إيديهم وطلبوا ماعونات.
ضحك وهو يضمها ثم همس جوار أذنها: عشقك مدفي قلبي يا سهيله.
نطقه إسمها بتلك النبره الناعمه تغلغل الى قلبها، عادت برأسها للخلف تنظر له، تسلطت عيناه على شفاها مشتاقا، إنساق خلف قلبه المشتاق دائما وجذبها يقبلها، تجاوبت مع قبلته ورفعت يديها تعانقه، ترك شفاها لكن لم يبعد وجهه مازال قريب من وجهها للغايه شبه ملتصق بوجنتها تشعر بأنفاسه فوق عينيها كذالك هو يشعر بأنفاسها على وجنته، هتف هامسا: فاكره في يوم قولتلك هجيبك هنا هحضنك وهبوسك مش هتقدرى تمنعينى.
تبسمت وهي تزيد في عناقه ثم عادت برأسها للخلف تبسمت عينيها وهي تنظر الى شفاه وبلا تردد كانت تقترب منهما وضعت قبلة عشق، إنشرح قلب آصف وهو يعانقها بقوه وهمس بإحتياج. ورجاء: إنت الشمس في حياتى يا سهيله متغبيش تاني.
كان جوابها تنهدت بعشق وهي تشد من عناقه، تضع قبلة على جانب عنقه، تدفئ قلبه تخبره أنها قد عادت تشرق به ومن أجله.
عادت برأسها للخلف ونظرت ل آصف قائله بدلال: هو مش المفروض نرجع للناس اللى هناك نطمن عليهم، موبايلى معرفش هو فين، وإنت اللى بتتصل على آيسر وأنا نايمه.
تبسم وهو يضمها قائلا: زهقت بسرعه.
تبسمت وامأوت راسها ب لا قائله: بالعكس انا نفسى نفضل هنا طول الوقت، بس كمان عاوزه أطمن على بابا وماما واخواتي، وطنط شكران وخالتى صفوانه وتيتا آسميه.
بمجرد ذكر إسم آسميه يسأم وجه آصف، تبسمت سهيله بينما تذكر آصف إخبار آيسر له عن ما حدث ل هويدا، بالتأكيد لو علمت سهيله ستحزن كثيرا، لكن تبسم قائلا: موبايلك في العربيه عالشط التاني.
تبسمت قائله: تمام خلينا نرجع للشط التاني.
-وهنا.
هكذا سأل آصف وتبسمت سهيله قائله: هنرجع تانى.
-تمام، بس قبل ما نرجع في سر عاوز أقوله ليك.
نظرت له بإستخبار لكن قبل أن تستفهم كان يحملها بين يديه وهي تبتسم من الخضه تلف يديها حول عنقه بدلال قائله: خضيتني.
تبسم وهو يضعها فوق الفراش قائلا بنظرات عشق: طالما هنرجع للشط التانى، يبقى نتنفس شوية هوا نضيف قبل ما نرجع للزحام مره تانيه.
إستقبلت قبلاته ولمساته وهامت معه بين نسائم منعشه للقلب والروح.
بالمشفى الموجوده بها شهيره.
شعرت بالضجر من تلك الضمادات الموضوعه فوق يديها تصل الى منتصفها، كذالك ساقيها، والضجر الاكبر هو ذاك الضماد الذي يخفي نصف وجهها الأيسر، يتآكل قلبها أن يترك آثرا فيما بعد، نهضت تشعر بآلم في ساقيها وهي تبحث عن مرأة ترى بها وجهها لكن لا يوجد سوا زجاج شباك الغرفه، ذهبت نحوه، نظرت لإنعكاسها، لكن إرتجفت يدها وهي تضعها فوق ذاك الضماد الموضوع فوق نصف وجهها وكادت تنزعه تطمئن على وجهها، لكن بنفس اللحظة أنقذها من فعل ذلك، صوت طرق على باب الغرفه، عادت نحو الفراش وتمددت عليه، وسمحت للطارق بالدخول.
نظرت نحوه وهو يعرف نفسه انه أحد رجال الشرطه، ثم سألها: الدكتور قال إن حالة حضرتك تسمح بسؤالك عن الحادث.
قاطعته سريعا تقول بإتهام صريح: أسعد
أسعد شعيب هو اللى ورا حريق الآتلييه هو عاوز يدمرني.
تسأل الشرطي: ومين أسعد شعيب ده، وليه يحرق الآتلييه، كمان البحث الجنائي قال في تقريره إن الحريق مكنش متعمد، ده كان بسبب شرارة من ديزل الكهربا المساعد.
ردت شهيره بتسرع: لاء هو أسعد
أسعد يبقى طليقى وبينتقم مني.
سألها الضابط: حضرتك ده إتهام صريح، وممكن ينفى ده ووقتها ممكن يقدم فيك بلاغ إنك بتتجني عليه. إتهام بالباطل.
اكدت شهيره بعصبيه وإستهزأت قائله: إتهام بالباطل
أسعد هو اللى غرضه يدنرنى وهو اللى خرق الآتلييه، زى ما قتل رامز أخويا.
إندهش الضابط، ونظر نحو وجهها ورأي ذاك الضماد الموضوع فوق وجهها ثم نهض قائلا: تمام أنا هطلب السيد /أسعد للتحقيق معاه في إتهامك له، بس أعتقد من الأفضل تتواصلي مع شركة التأمين، الخاصه بسيادتك.
غادر الضابط بينما نفخت شهيره بغيظ وتلمع عينيها بهزيان ووعيد قائله: أكيد أسعد هو السبب في الحريق ولازم يدفع التمن، مفكرنى هبله وغبيه زى شكران، مش هسيبه يتهني مع العروسه الجديده.
بالمشفى الموجود بها أسعد.
بعد إلحاح أسعد إمتثل آيسر له، بعد أن سمح له الطبيب بالنهوض من فوق الفراش والبقاء على مقعد متحرك لوقت قليل، طلب منه الذهاب الى غرفة هويدا بالمشفى، بعد دقائق
دخلا الى غرفتها بعد ان سمح لهما، نظر أسعد نحو هويدا الراقدة فوق الفراش نصف جالسه والتي تمسكت بيد أيمن الذي كان يقف جوارها، وقالت بإستهجان: لو جاي تشمت أو تتشفى فيا فيا تبقى غلطان.
تهكم أسعد ببسمة مرارة فمن يشمت أو يتشفى بمن، لكن إمتثل بالهدوء قائلا: لاء يا هويدا، مش جاي أشمت ولا أتشفى فيك، أنا جاي أرجعلك حقك.
بشقة آصف.
وجع القلب له ترياق مسكن قوي المفعول، قبل ساعات كانت تبكي على صغيرها الذي توفي شاب، الآن تبتسم وتشعر بإنشراح وهي ترا تلك البسمه الصافيه على وجهي آصف وسهيله اللذان عادا للتو، بملامح تشع حياة، نتبدل قلبها المسؤوم الى منشرح، ببسمة آصف وسهيله وهي ترا يديهم تحتضن بعضهما بملامح تشع صفاء وعشق تداوى نزيفة.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عشق مهدور)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى