روايات

رواية عشق مجهول الفصل الأول 1 بقلم ندى ممدوح

موقع كتابك في سطور

رواية عشق مجهول الفصل الأول 1 بقلم ندى ممدوح

رواية عشق مجهول الجزء الأول

رواية عشق مجهول البارت الأول

عشق مجهول
عشق مجهول

رواية عشق مجهول الحلقة الأولى

عشق مجهول
1_رسائل من مجهول
(عيناكِ.. بحرٍ صافٍ يغرونني للإبحار فيهما والغرق، وكيف ألوذُ بنفسي من سلطانهما؟ وأنتِ تسلبينني حق الحياة وتغرقيني)
(معذبتي، يا من دق القلب بحبها، ألا تعلمين كم إني متيم، عاشقٌ حدّ الثمالة، ذائبًا في غرامك)
(كيف السبيل للنجاة من فتنتك فاتنتي؟)
(بسمةٌ من شفتيك كفيلة بإحياء خفقات قلبي.)
(إياكِ إياكِ والزعل يومًا، حذارِ أن تسمحين لعينيك بأن تحزنتا، فهما سكني يا موطنٍ سكنتُ إليه بعد سنينٌ عُجاف من الغربة والهجران)
لم تدر عيناها كم مرة قرأتا تلك الرسائل المجهولة، ربما هي رسائل مجهولة لكنها تجعل البسمة تُرسم على ثغرها تلقائيًا، وتجعل قلبها يرفرف كالذبيح من فرط اللهفة، ويثب متسائلًا في شغفٍ:
_من تكون يا صاحب الرسائل المجهولة، والحب المجهول؟
من هذا المحب حدّ الموت؟
طوبي ليَّ بحبٍ صادقٍ كهذا!
إشعار رسالة أخرى أتتها اللحظة جعلتها تنتفض مجفلة، وأخذت عينيها تلتهم فحوى الرسالة في لهفة
(أودُ لو أُدثركِ بين الأجفان، وفي ثنايا القلب، وأزملكِ في روحي كلا تصبين بأي أذى يُدمي قلبي.)
لم تدرِ سحر لما فاض الدمع في عينيها، وقد أشرق ثغرها ببسمة وضاءة؛ منيرًا وجهها الذي بدا الآن كالبدر في ليلة تمامه، لا يضاهيه شيء، كانت بيضاء البشرة، صافية الوجه من أي شائبة إلا من بعض الحبوب الطفيفة التي لا تظهر إلا لقريب العين فقط، مستديرة الوجه كالقمر بعينين مُدْهَمتين واسعتين، لها شفتين صغيرتين حمراوتين بلونٍ طبيعي، بأنفٍ صغير، كانت ممتلئت الجسد بإعتدال، ليست بالطويلة ولا القصيرة.
ضمت سحر الهاتف إلى صدرها، وانشغلت الفِكر في ذاك المحب المجهول، الذي أخذ حبه يتسلل إلى قلبها رويدًا رويدًا متوغلًا بيسر إلى السويداء.
تنبهت من شرودها على رنين هاتفها معلنًا عن إتصال من صديقتها هالة، فردت بهدوء:
_ألو يا هالة.
فصك أذنيها صوت هالة المفتعل بصيحة هادرة:
_ما يلا يا ستي واقفة ليا ساعة مستنياكِ هنتأخر على أول محاضرة.
فهبت واقفة وهي تغلق معها خاتمة بعجلة:
_طيب طيب يا أستاذة هالة نازلة أهو.
لحظاتٍ وكانتا الصديقتين تسيران في سبيلهما إلى كليتهن وهناك اجتمعا مع أصدقاءهم وراحوا يتناقشوا في بعض المسائل الهامة، بينما غابت سحر، وجال بصرها في وجوهٍ زملاءها الشباب واحدٍ واحدٍ.
حتمًا من يرسل لها بهذه الرسائل واحدٍ منهم، تشعر بذلك لكن من منهم؟!
وظل السؤال معلقًا في خلدها دون إجابة تُريح بالها، فأطرقت في حيرة استبدت بقلبها الذي يتلوى لهفة لمعرفته، وبينما تسير معهم في طريقهم إلى أول المحاضرات، أوقفها صوت شاب خشن مناديًا بصرامة:
_سحر.. سحر.
فـ أستدارت برأسها وتوقفت عن السير وراقبته وهو يلتهم الخطوات الفاصلة بينهما، واستقبلته ببسمة افتر عنها ثغرها مرافقة لقولها الرقيق:
_إسماعيل، نعم.
فغمغم إسماعيل قائلًا بصوتٍ أجش وهو يناولها بعض الأوراق:
_اتفضلي المذكرة اللي استلفتها منك.
فأخذتها سحر منه، بينما يقول هو في امتنان:
_شكرًا ليكِ جدًا.
فضحكت سحر في عذوبة، هامسة له بعتاب:
_إيه شكرًا دي؟ هو في شكر بين الصحاب؟ مش عاوزة اسمعها منك تاني.
وسارت بجانبه نحو المحاضرة، ولم تدرك ماذا فعلت ضحكتها العذبة في قلبه الولهان.
استرقت سحر نظرة إلى وجهه الوسيم بطرف عينيها وفي داخلها أخذت تتساءل:
_أيمكن أن يكون إسماعيل هو صاحب الرسائل؟
وفي أعماقها انطلقت ضحكة ساخرة، فمن المحال أن يكون إسماعيل ذو الأخلاق العالية، الصارم في كل شيء، لكنه يعجبها لا تنكر
معجبة بأخلاقه الحسنة.
برجولته وصفاته وأخلاقه.
لكن لا ليس هو بالتأكيد صاحب الرسائل، هذه كلمات عاطفية لا تخرج من شاب خشن كـ إسماعيل.
يا خيبة القلب إن لم يعرف معشوقه!
*******************
عاد إسماعيل إلى منزله خائر القوى، ضعيف القلب، متبسم المحيا لتلك الصورة التي تحتل كيانه كله، وأكله الحزن أكلًا مخافة أن تضيع الإنسانة الوحيدة التي أحبها من بين يديه!
ولكن وإن ذهبت من بين يديه لغيره، كيف سترحل من قلبه!
لاتَ ثَمَّ مناص من حبها الذي بات يسري في أوردته مجرى الدم، ويحتل الشغاف من فؤاده.
سحر تلك المليحة التي سقط صريع هواها منذُ أول نظرة، وأول همسة، وأول كلمة.
فوجدها تتسلل إلى وجدانه كأنها قطعة منه كانت غائبة وعادت له بعد سنونٌ عُجاف.
وما باليد حيلة للأقتران بها، فعمله البسيط مع دراسته لا يسمن ولا يغني من جوع، فما يفعل حيال قلبه الذي بات رهين حبها، ذاك الحب الذي وأده في قلبه كلا يبصره أحد.
نزع حذاؤه ثم ألقي بجسده المكدود على فراشه بإهمال واسترخاء، ورفع هاتفه إلى عينيه وأتى بصورٍ لها كان قد ألتقطها خلسة ودون علمها، وتأمل ملامحها في هُيام، وذابت عيناه العسليتين في عينيها الخضراوتين، ثم ضم الجوال إلى صدره وتنهد تنهيدة عميقة، وتمتم هامسًا بصوتٍ رخيم:
_قريب أوي هتكوني ليا، مش هسمح لك تكوني لغيري أبداً.
وتذكر اول لقاء بينهما عندما رأها لأول مرة، وهي تدخل من باب الجامعة بخطواتٍ تؤدة، وتتلفت يمنى ويسر كالتائهة، فكـالمسحور أقبل شَطرها وعرض عليها المساعدة وقد كان.
لم يكن من النوع الذي له علاقات مع النساء أو أحاديثٌ تُذكر، لكن سحر حطمت كل الحواجز، وأخرجت أجمل ما بأعماقه.
منذُ تلك اللحظة وهو كأنما أصبح ظلها، فيسير وراءها حتى يطمئن إنها عادت إلى بيتها، وفي الكلية يسبغ عليها باحتواءً من عينيه التي لا تحيدان عنها مخافةً أن يضايقها أحد.
وقفز إلى ذهنه سؤالًا مُحير ألا وهو (أيمكن أن تحبه؟!)
حبها شيءٌ محال يتمناه في كل حينٍ ووقت.
أوليس التمنى مباح لعاشقٍ مثله؟!
أليس الأحلام رهن إشارته؟ فما الضير إذن منها؟!
وازدرد لعابه بمرارة فلم يغب عن عينيه ميل سحر إلى أخو هالة، ولم تخف عن عينيه نظرة الإعجاب في عينيه هو الآخر!
ليته لم يحب يومًا فـ الحب عذاب لا مناص منه ولا نجاة من براثنه.
****************
تفاجئت سحر بدخول أمها إليها في اليوم الثاني وهي تقول:
_سحر، مفيش كلية انهاردة عشان في ضيوف جاية تشوفك!
فانتصبت سحر في مقعدها، وتساءلت بإندهاش:
_ضيوف، ضيوف مين؟! وانا استناهم ليه اصلًا وأضيع محاضراتي؟
غمغمت أمها وهي تجلس بجوارها:
_عشان هما اصلًا جايين عشانك.
وأستطردت في حنوٍ وهي تربت على خدها برِفق:
_أخو هالة صحبتك جاي يطلب أيدك مع أهله انهاردة.
إنقضى الوقت سريعًا كأنه سحاب هَل فجأة وأبتعد في لحظة مسافرًا غير بعيد، ولم تلبث إن وجدت نفسها تجلس بمفردها بجوار (أحمد) شقيق صديقتها، التوتر كان يأكل من قلبها أكلًا بغير روية، والتعجب بلغ منها ذروته؛ منذُ متى وأحمد يكنُّ لها إعجابًا؟!
لم تشعر قط منه بأي بادرة تشى به!؟
تنبهت من شرودها، على نحنحت (أحمد) وهو يجلي حلقه، قائلًا بنبرة خافتة:
_عاملة إيه؟
فردت عليه بصوتٍ مرتجف:
_بخير الحمد لله، وأنتَ؟
فتبسَّم بسمة عذبة وهو يجيبها بود:
_أنا بخير طالما أنتِ بخير.
ران عليهما الصمت لدقيقتين كاملتين، يتخللها التوتر حتى قاطع الصمت صوت أحمد يقول بهمسٍ:
_مش منتظرة أي رسالة إنهاردة؟
فالتفتت إليه في حدة كي يتسنى لها فهم بغيته من سؤاله، وقفز تساؤل حائر في نفسها، أسرعت تخرجه من بين شفتيها بلهفة وتلعثم:
_أ.. أنتَ.. أنت يا أحمد صاحب الرسايل إللي بتجيلي يوميًا؟!
إزدرد أحمد لعابه متوترًا، وهز رأسه إيجابًا مؤكدًا تساؤلها، وازدادت ارتجافت سحر في عنف، وبرقت عينيها بدموعٍ فجائية لا وقت لها.
لقد وجدته..
وجدت صاحب الرسائل المجهولة
والعشق المجهول..
وسالب قلبها بعذوبة كلماته..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عشق مجهول)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى