روايات

رواية عشق تحت الحصار الفصل الأول 1 بقلم منار الشريف

رواية عشق تحت الحصار الفصل الأول 1 بقلم منار الشريف

رواية عشق تحت الحصار الجزء الأول

رواية عشق تحت الحصار البارت الأول

عشق تحت الحصار
عشق تحت الحصار

رواية عشق تحت الحصار الحلقة الأولى

تحت أضواء الشارع الخافتة في حي المدينة القديم، جلست في زاوية حانة صغيرة، تحتسي كأسًا من النبيذ. كان الجو داخليًا دافئًا، يملأه صوت موسيقى الجاز الهادئة ورائحة الخشب القديم، مما أضفى شعورًا بالحنين على المكان.
أيلول، عربية الأصل والمنشأ، صاحبة الثلاث والعشرين عامًا، ذات الجمال الآسر والهادئ، وتلك الشامة البنية الكبيرة فوق شفتها التي تميزها بشدة، كانت عيناها تحملان لمحة من الحزن والشجن. كانت تنظر من خلف الكأس الضبابية إلى المارة الذين كانوا يمضون بحياتهم، دون إدراكٍ لوجودها. كان فكرها يتنقل بين ماضيها الذي تسعى لنسيانه وآمالها التي ترغب في تحقيقها.
فجأة دخل شخص ذو طلّة تحمل هيبة واضحة. كان يرتدي سترة جلدية داكنة، وشعره الأسود ممشوط إلى الوراء. كانت ملامحه القاسية تنم عن تجارب مر بها في عالمٍ لا يرحم. عيونه الرمادية الحادة، التي كانت تضيء بلمعة غامضة، قابلتها نظرة أيلول المتسائلة.
بينما اقترب منها، تجاذبت أنظارهما لثواني. كان هناك شعور غريب يتسلل بينهما، كأنهما يعرفان بعضهما منذ زمن بعيد، رغم أنهما لم يتبادلان أي كلمات بعد.
“هل تؤمنين بالصدف؟” سألها ماركو، بصوته القوي الخشن، وبنبرته المنخفضة ولكن الواضحة لها.
أجابت أيلول ببعض الثمالة، وهي تراقب تعبيرات وجهه بفضول: “أحيانًا يبدو أن الحياة تضعنا في أماكن لا نريد أن نكون فيها.” كانت الكلمات تعكس جراحها الداخلية وحزنها.
بينما كان شجنها الواضح يجذب انتباهه، بدأت أيلول في سرد قصتها لذلك الغريب، تتحدث عن أحلامها التي كُسرت تحت وطأة التقاليد التي فرضتها عائلتها. تذكرت كيف كانت تُمنع من اتخاذ قرارات تخص مستقبلها، وكيف أن كل شيء كان مُحددًا مسبقًا لها.
“عائلتي تعتقد أن بإمكانهم التحكم في حياتي بطريقة سيئة”، قالتها وهي تشعر بقلق يتصاعد في صدرها، وأكملت: “ولكنني أريد أن أعيش حياتي بطريقتي الخاصة.”
ماركو كورليوني، صاحب الثلاثين عامًا، شاركها بعضًا من قصته بصدق شديد، فمن لا يعرف سليل عائلة كورليوني الشهيرة والمفضل لديهم، وأهم أفرادها، ووالده الذي يعتبر رمزًا للزعيم القوي في عالمهم؟ “لقد وُلِدت في عائلة انغمست في عالم المافيا. في بعض الأحيان، أشعر بأنني سجين في قفص ذهبي. كل شيء يتمحور حول السلطة والنفوذ، ولكنني أبحث عن مخرج.”
تبادلا النظرات، وفي تلك اللحظة، كان هناك شعور عميق ينشأ بينهما. كلاهما كانا يسعيان للفرار من ظلال ماضيهما.

وبينما كانت الأحاديث تتطور بينهما، دخل مجموعة من الرجال طويلي القامة، أقوياء البنية، يرتدون ملابس سوداء. كانت ملامحهم توحي بأنهم ليسوا من الأشخاص الذين يأتون للترفيه. كانوا ينتمون إلى عالم المافيا، وكانت نظراتهم تتجه نحوهم بحذر.
“ماركو!” صرخ أحدهم، وملامحه كانت تعكس الغضب. “لقد كنت غائبًا لفترة طويلة. فهل حان الوقت لتعود؟”
تجمدت أيلول في مكانها، حيث بدأ توتر الأجواء يسيطر عليها. كانت ترغب في الهرب، لكنها لم تستطع أن تتجاهل شعورها تجاه ذلك الغريب، أو ربما حالة السكر التي بدأت تنتابها.
“اذهبي الآن، لا تظلي هنا!” قالها ماركو بلهجة آمرة وحادة، لكن أيلول نظرت إليه بعند وخوف، تقول بصوت متردد: “لا، لن أتركك وحدك!” فقد أصرّت على بقائها معه، مما جعل الرجال يلتفتون نحوها بنظرات حادة وقوية غاضبة.
أما ماركو، الذي شعر بالخوف عليها، سارع بالقول: “لا تقفي في طريقي!”
كان مشهد التوتر يسيطر على المكان، وكانت أيلول تشعر بالخوف والرعب، ولكن بفعل الأدرينالين والمشروبات الكحولية، انتابتها شجاعة واهية في آن واحد. ولكن بداخلها كانت تعرف أن هذا الموقف قد يغير حياتها إلى الأبد.
بدأت المشادات الكلامية تتصاعد بينهم، وأصوات الصراخ زادت حدة، بينما كانت الأجواء مشحونة بالتوتر. تقدم الرجال نحوهم، وكان على الثنائي اتخاذ قرار سريع، وبالأخص ماركو الخائف على تلك البلهاء العنيدة.
همس لها ماركو: “علينا الخروج الآن، هنا ليس مكانًا آمنًا لكِ بوجود هؤلاء الرجال.”
تقدم نحو الباب الخلفي بسرعة رهيبة، يمسك أيلول بيده القوية، بارزة العروق، تتبعه أيلول بخطوات سريعة. مع كل خطوة، كانت تشعر بقلق متزايد. “هل هذا حقًا ما تريده؟ أن تتخلى عني في وسط هذا كله؟” سألته بصوت ضعيف.
“لا، أريدك فقط أن تكوني آمنة”، أجابها ماركو بصدق، وكان يلتفت خلفه بين الحين والآخر، حذرًا من أي حركة مفاجئة.
بينما كانوا يجرون، اندلعت الفوضى في الحانة، حيث تعالت أصوات الزجاج المكسور والسباب. كانت القلوب تتسارع، وأجسادهم تتحرك في انسجام رغم الخطر. دفع ماركو الباب الخلفي بقوة، محدثًا صوت صرير مميز. كانت الغرفة مظلمة، لكنها كانت تظهر خيوط الضوء القادمة من الشارع. قال، وهو يراقب محيطهم بحذر: “والآن أحتاجك أن تثقي بي، أركضي ولا تتوقفي حسنًا!”
قبل أن تتمكن من الرد، سمعت أصوات صراخ وإطلاق نار قادمًا من الداخل. “اذهبي!” قالها ماركو، مدفوعًا بشعور من الغريزة القتالية لديه، وبدأ يتحرك بسرعة، منتزعًا ليفتح الطريق أمامها. بدأ الأدرينالين يتصاعد في عروقه، وكانت عضلاته مشدودة كالجبل. على الفور، سحب سلاحه من حزامه، ووقف بثبات كالجدار أمامها، عازمًا على حمايتها.
رأى أربعة رجال مسلحين يدخلون من الباب الرئيسي. “ماركو!” صرخ أحدهم، بينما كان الآخرون يستعدون للمواجهة. لكنه كان أسرع منهم، واندفع نحوهم، مستخدمًا خبرته ومهاراته العالية في القتال، وقام بحركة سريعة، حيث أطلق رصاصة واحدة بجانبهم، مخترقة ذراع أحدهم لتحذيرهم، ثم ألقى بجسد أحدهم بعيدًا عنه، مما جعله يتعثر ويسقط على الأرض.
بينما كانت أيلول تراقبه في حالة ذهول، قال بصوت جهوري قوي وغاضب: “قلت لكِ اذهبي! أنا سأتأكد من أنهم لا يتبعونك!”
وبالفعل، اندفعت أيلول نحو الشارع، تحاول أن تتجاهل الخوف الذي كان يعتريها على ماركو. ولكن في لحظة، رأته يركض خلفها، يتجنب الرصاصات التي انطلقت في اتجاهه، وكل خطوة كان يأخذها كانت تعبر عن شجاعته وذكائه. استخدم كل شيء حوله كدرع، يقتحم زقاقًا ضيقًا حيث يمكنه الاختباء، بينما كانت عينيه تتبعان أيلول حتى يضمن أنها في مأمن.
“ماركو!” صرخت، بعيون دامعة، وهي تتوقف لبضعة لحظات، محاطة بالظلام، تبحث عنه بقلق، لكنه كان قد اختفى في الزقاق، مصممًا على مواجهتهم بمفرده.
خرج رجال مافيا جينوفيز، العدو الأول لعائلة كورليوني، إلى الشارع، حيث كان برد الخريف، الذي يمثل اسمها “أيلول”، يلفح وجوههم. لكن سرعان ما أدركوا أن المدينة بأكملها لم تكن آمنة الآن بعد رؤيتهم انتشار بعض من عائلة ماركو.
أما على الجانب الآخر، ففوجئت أيلول بمن يجذبها ويقوم باحتضانها بحميمية من الخلف لتنتفض صارخة، ولكن تغير ذلك في لحظة عندما وجدته ذلك الوسيم، فتنهدت براحة، تسأل وعينيها تتسعان خوفًا: “ماركو، لقد فزعتني. هل أنت بخير؟ أين نذهب الآن؟”
“اهدئي أيلول لدينا مكان آمن. سأخذك إلى صديقي فابيو”، قال لها ماركو، وهو عاقد العزم على حمايتها.
___
بعد قليل في الطريق إلى مخبأ فابيو، كانت أيلول تفكر في القرارات التي اتخذتها، وكيف أن حياتها لم تعد كما كانت. لم تعد مجرد امرأة تحاول الهروب من ماضيها، بل أصبحت جزءًا من عالم جديد ومعقد.
“هل أنتِ مستعدة لدخول هذا العالم معي، أيتها الغريبة؟” سألها ماركو بلطف.
أجابت وعيناها تعكسان ما بداخلها من تردد، بين موافقة ورفض: “لا أعرف. ولكنني أعلم أنني لا أريد العودة إلى حيث كنت قبل رؤيتك.”
وصل الثنائي إلى مكان فابيو، كان منزلاً صغيرًا، لكنه يحتوي على كل ما يحتاجانه. كان المكان هادئًا وآمنًا، ويبدو كملجأ من عالم المافيا الذي كانوا يهربون منه.
“هل أنت بخير؟” سأل فابيو عندما رآهم من نافذة المنزل، وقام بفتح الباب لصديق عمره حتى يدخلوا. كان الرجل ذو وجه مريح وابتسامة ودودة وطول فارع اثار استغراب أيلول، وجسد رياضي بحت.
“نعم، ولكننا بحاجة إلى بعض الوقت هنا”، أجاب ماركو.
جلسوا في غرفة المعيشة. كان هناك تلفاز صغير وأريكة مريحة. شعرت أيلول بالراحة لأول مرة منذ زمن.
سأل فابيو بلطف: “هل تريدين شيئًا لتأكلي؟”
أجابته قائلةً، وكانت تشعر بالجوع: “لا أحتاج شيئًا، شكرًا.”
لكنه لم يصدق كلامها وذهب يعد شيئًا لها. بينما كان فابيو يحضر شيئًا خفيفًا، جلست على الأريكة وبدأت تفكر في ما حدث، وما إذا كانت قد اتخذت الخيار الصحيح بدخولها عالم ماركو.
لاحظ ماركو انشغالها وسألها: “فيما تفكرين؟”
تنهدت قائلةً: “أفكر في كل شيء. حياتي، واختياراتي، وأنت…”
“لا تفكري كثيرًا. نحن هنا معًا الآن، وهذا هو الأهم”، قال ماركو، ووجهه مليء بالثقة بأنها قد خطفت قلب تلك الجميلة.
بينما كان فابيو يحضر الطعام، جلسا سويًا يتحدثان. كانت أيلول تشعر بارتياح أكبر حول ماركو، حتى بعد علمها بهويته، وبدأت تثق به أكثر. وأدركت أنها لم تعد وحدها في هذه المغامرة.
سألته بتردد:
“ماركو، كيف أصبحت جزءًا من هذا العالم؟”
تنهد وقال:
“كان الأمر مجرد إجبار عائلي. لم يكن لدي الكثير من الخيارات، لكنني أريد الخروج من هذا العالم. أريد حياةً أفضل.”
“وهل تظن أنك تستطيع الخروج منه بسهولة؟” سألته أيلول، تترقب الإجابة.
“إذا كنا معًا، يمكننا فعل أي شيء. دعيني أساعدك على تخطي كل ما يزعج حياتك، وتكوني أنتِ دافعي للابتعاد عن هذا العالم الإجرامي.”
تحدث وعيناه مليئتان بالعزم، لأخذ أقوى قرار.
في تلك اللحظة، شعرت أيلول ببعض المشاعر تجاهه، فهو رجل وسيم بشدة وجذاب، قوي، جريء، يمتلك كل مقومات فارس الأحلام. وكانت تعرف أن الحياة لم تكن سهلة، وستكون أصعب باختيارها ذلك، ولكنها أيضًا شعرت بأنها ليست وحدها بعد الآن.
___
بعد مدة كانوا يجلسون معًا في غرفة منفردة يتحدثون بينما كانت الموسيقى تعزف في الخلفية. شعرت أيلول ببعض الهدوء النفسي، ولكن فجأة جاء صوت رنين هاتف.
توتر فابيو وهو ينظر إلى الشاشة وقام بالرد:
“أحتاجك الآن، فيبو.”
كان صوتًا قاسيًا وعاليًا يخرج من الهاتف.
“إنه كريس، أحد رجال المافيا. يجب أن نختبئ الآن بعيدًا عن هنا.”
قالها فابيو بحدة وتوتر.
أجابه ماركو بقوة:
“علينا الخروج من هنا بسرعة.”
استعدوا للخروج بالفعل، لكن أيلول شعرت بالخوف وقالت بصوت مرتعش:
“ماذا سنفعل الآن؟”
رد ماركو وأمسك بيدها:
“نحتاج إلى خطة، لكن لا تقلقي، أنا هنا معكِ.”
فابيو:
“نحتاج إلى سيارة سريعة ونقطة انطلاق آمنة.”
ماركو:
“لدي خطة. سنذهب إلى المرآب الخلفي، هناك سيارة قديمة يمكننا استخدامها.”
“ولكن كيف سنهرب من كريس ورجاله؟”
سأل فابيو.
“سنذهب سريعًا. لن يعرفوا أننا خرجنا حتى نكون بعيدين عنهم.”
رد ماركو بثقة.
بينما كانوا يجهزون أنفسهم، بدأت أيلول تشعر بالتوتر والخوف. ولكن مع كل لحظة، كانت تشعر بوجود ماركو معها، حيث كانت نظرات عينيه الرائعة والقوية تزيد من ثقتها فيه، مما أدى إلى شعورها بالأمان والراحة.

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عشق تحت الحصار)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى