رواية عشق الجمال الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم نور زيزو
رواية عشق الجمال الجزء التاسع والعشرون
رواية عشق الجمال البارت التاسع والعشرون
رواية عشق الجمال الحلقة التاسعة والعشرون
لم تقوي قدميه على السير والتحرك من مكان إلى أخر وعقله لم يستوعب فكرة أن “مريم” الآن قد تتركه للأبد، وصل إلى غرفة العناية المركزة وكانت “مريم” زوجته الجميلة شاحبة وجسدها يحيطه الأجهزة الطبية وأنفها به أنبوبًا وفمها هكذا، لم يتخيل أن “مريم” ستفارقه وتعود إليه بهذه الحالة، أغمض عينيه بألم لتتساقط الدموع منه بحسرة وعقله يتساءل أن كان هو السبب فما وصلت إليه؟ أم جنونها هو السبب، سمحت له الممرضة بالداخل إليها، أقترب منها بخوف وقلبه ينبض بسرعة جنونية من هول الصدمة ولسانه يناديها بعجز:-
-مريم…
أقترب أكثر منها ليلمس يدها الباردة بيده ويده الأخري تمسح على رأسها بدلال، همس بصوت مبحوح مع دموعه التى تتساقط قائلًا:-
-مريم أنا جيت يا حبيبتى، أنا أسف والله بس بلاش تسيبني، أنا ممكن أموت فيها يا مريم …..
مسح دموعه بكف يده بصعوبة ثم قال بلطف:-
-أنا مستنيكي يا ملاكي مع ولادنا، متسبهمش يا مريم أنتِ جربتي الحياة من غير أم، متعمليش كدة فيهم بالله عليكي، أرجوكي متحولنيش زى حمزة وأنهم السبب فى اللى أنتِ فيه دلوقت ، بالله عليكي
للحظة تذكر معاناة “حمزة” مع “مريم” وكيف عاقبها مدي الحياة على موت زوجته أثناء والدتها، لم يتخيل أن اليوم “مريم” ستعيد الماضي وتتركه بعد أن تركت له أطفال هم السبب فى هذا، غادر الغرفة تاركها بأمر الطبيب، عاد إلى الغرفة ليجد “مكة” تقف أمام الفراش وتبتسم بسعادة أمام أخواتها وقد نست السؤال عن والدتها بمجرد رؤية أطفال يبكون الآن، كان صوت أطفاله يملأ الغرفة وبكاءهم الشديد يزداد، أقترب منهم وقال:-
-أعمل فيهم أيه عاشور؟
تبسمت “مكة” بسعادة إلي والدها وأخذت يده ليقترب أكتر من أخواتها ثم قالت:-
-شوفت أيسل وأسر
نظر “جمال” إليها بأندهاش من تسميتها لأطفاله وقال بهدوء:-
-أيسل
أومأت إليه بنعم وقالت بحماس بينما أقتربت تلمس أصابع الصغار بدلال:-
-مامي قالت هتجيب أيسل بنوتة جميلة زى لوكا أنا يعنى ، وأسر ولد شجاع وقوي زى بابي
دمعت عينيه من سماعه لتسمية زوجته لهؤلاء الأطفال ورغم خصامهما وهروبها منه ألا أنها تمنت أن تلد طفل بشجاعة وقوة والده، أخذ أطفاله وعاد إلى منزل المزرعة، تحدث إلى “عاشور” بجدية:-
-أتصل بالقصر يا عاشور خلي عربية تجيب نانسي عشان تخلي بالها من الولاد أنا مش هعرف أعمل حاجة وكمان اللى عمالين يعيطوا دول أنا مش عارف أعملهم حاجة
أومأ إليه بنعم ثم دلف “عاشور” إلى غرفة فى الطابق الأول ليسكن بها فى هذا المكان، صعد “جمال” إلى الأعلي ليري “مكة” جالسة على الفراش لا تفارق أخواتها فدلف إلى الغرفة المجاورة وفتح الورقة التى أعطتها له السيدة وبدأ يقرأها بقلب منقبض
(جمال حبيبي وروح قلبي… إذا كنت بتقرأ الورقة دى فمعناها أني مشيت وسيبتك فى نص الطريق رغم أنى وعدتك مسيباكش أبدًا، بس لما وعدتك مكنتش متوقعة أن ممكن يجي يوم ونوصل لهنا، الحمد لله أنى أديتك الولاد اللى كنت بتتمنهم واللى مامتك كرهتنى أكتر عشانهم، أديهم لها يا جمال قولها أن مريم جابت الولاد ومكانتش تستاهل كل القسوة دى منهم كفاية قسوة الدنيا عليها، أنا كنت بتمنى تكونلي أم بدل أمي اللى أنا مشوفتهاش، كان نفسي أقولها يا ماما الكلمة اللى عمرى ما نطقتها زى باقي الأطفال، بس هى محبتنيش، جمال خلى بالك من ولادي كون لهم أب حنين وطيب متكنش حمزة التاني، أنت أكتر واحد عارف حمزة أذاني قد أيه؟ متأذيش ولادي يا جمال، دول الحاجة الوحيدة اللى هونت عليا قسوة الدنيا يا حبيبي، أوعي تعاملهم على أنهم السبب فى رحيلي، أنا مشيت عشان وقتي جه، أنا مش زعلانة منك يا جمال وأنت عارف أن قلبي على طول مسامحك وراضي عنك، متنسانيش يا جمال أنا مريم حبيبتك أوعي تنساني يا روحي وأفتكر أنى حبيتك لأخر نفس فيا وعشت عمرى كله بحبك )
أنهار “جمال” كليًا وهو يقرأ حروفها الأخيرة له بل تساقط الدموع كالشلال من جفنيه فى حين أن قلبه قد تمزق كليًا من هذه الكلمات، أرتجف جسده وأنفاسه أوشكت على الأنقطاع من كلماتها وهى تخبره أن سترحل وتترك الأطفال له وحده، لم يتحمل ألم قلبه فظل يضرب بقبضته القوية على صدره ربما يتوقف هذا القلب عن الألم والتمزق بداخله….
___________________________________
عاد “جابر” ليلًا من العمل بملل ووجه عابس بسبب غياب زوجته، فتح باب الشقة ودلف إلى الداخل صامتًا ألقي بالمفاتيح على الطاولة وأتجه إلى المطبخ فتح الثلاجة وأخذ زجاجة مياه باردة بعبوس ليفزع عندما أرتطمت “غزل” بجسده من الخلف تعانق بسعادة، صرخ بفزع من وجودها فى الشقة فقهقهت ضاحكة عليه لتأفف بضيق قائلًا:-
-أنتِ جيتي أمتى؟
أجابته بسعادة ولم تتوقف عن الضحك قائلة:-
-من ساعتين ، أتخطيت
أرتشف القليل من الماء بزمجرة ثم أجابها بتنهيدة قوية:-
-أنا قطعت الخلف يا غزل، راعي يا حبيبتي أنى راجل عجوز ماشي
أقتربت منه بدلال وبسمة مُشرقة تنير وجهها بعفوية ثم غمزت إليه بعينيها وقالت:-
-لا متقوليش كدة يا حبيبي أمال اللى في بطني دا أيه
أتسعت عينيه على مصراعيها من المفاجأة وهى تخبره بأنها تحمل طفلًا فى بطنها منه فقال بتلعثم وترك الزجاحة مُسرعًا على المطبخ:-
-أنتِ حامل!!
أومأت إليه بنعم بحماس شديد، تحدثت بفرحة تغمرها:-
-أنا فرحانة أوى وحاسة أنى …..
قاطعها حين ضمها إليه بقوة بسعادة تغمره فقهقهت “غزل” ضاحكة وصوت ضحكاتها يملأ المكان ويطرب أذنيه فقالت بعبوس متذمرة :-
-أياك تقول راجل عجوز تاني…. أنت حبيبي أنا
أومأ إليها بنعم ثم قبل جبينها بدلال وعينيها تدمع فرحًا مما أسعد “غزل” ورفعت يدها إلى وجهه تمسح دموعه بحنان وقالت:-
-يا روحي
أخذها من يدها بلطف إلى غرفتها وجعلها تجلس في الفراش وكأن يدلل طفلته الصغيرة وقال:-
-متتحركيش من السرير أنا هعملك كل حاجة، شوفي عايزة أيه أو نفسك فى أيه وأنا هعملهولك بس متتحركيش من هنا خالص
-جبورتي ..
قاطعها مُعترضًا قبل أن تتحدث وقال:-
-بالله عليكي أنا عارف أنك بتحبي الحركة وفراكة بس المرة دى عشان خاطري أنا يا غزل، أنا مش عايزك تتعبي فى أى حاجة، من بكرة هجبلك واحدة تعملك كل حاجة وتأكل على طول مش عايزك تبطلي أكل بيقولوا الأكل مفيدة للحمل
زادت بسمتها مع لهفته وأهتمامه كأنه يخشي الهواء أن يمر أمامها، أخذت يدها فى يده بلطف ثم نظرت إلى عينيه وقالت برقة:-
-جابر أنا كويسة أوى والله والدكتورة قالتلي أن صحتي وصحة البيبي كويسة وهو بيكبر حلو مفيش داعي للخوف يا حبيبي ماشي، ومع ذلك أنا هسمع الكلام مش هتحرك كتير ومش هعمل حاجات كتير حاضر والله ولأول مرة هسمع كلامك أهو من غير أعتراض بس ممكن تهدأ أنت وتتنفس براحة أنا حاساك مخضوض لسه
أخذ نفس عميق وعينيه تعانق عينيها بنظراته الدافئة ثم قال:-
-بصراحة عمري ما تخيلت أن ممكن أكون أب وربنا يراضينى بالنعم دى كلها، الأول كرمني بيكي بنت تخطف قلبي وأعيش الحب معها اللى عمرى ما حطيته فى الحسبان ودلوقت يكرمني بنعمة جديدة ويدينى طفل منك، والله ما مصدق أن ربنا كرمني بكرمه أوى كدة، أنا عيشت معاكي حاجات ماكنتش فى الحسبان ولا فى مخيلتي يا غزل
تبسمت “غزل” على كلماته الناعمة ثم قالت بهمس:-
-يبقي نقول الحمد لله ونشكر ربنا أنه كرمنا
-ألف حمد وشكر لك يا رب
ضمها إليه بسعادة تغمره جعلت ضربات قلبه تتسارع بجنون، شعر كأنه لا يقوي على تحمل هذا الخبر وهذه السعادة تفوق قدرته لكنه سيتحملها مهما كلف الأمر…
____________________________________
وقف “جمال” مع الطبيب أمام غرفة “مريم” فقال الطبيب بيأس وحزن:-
-أنت راجل مؤمن يا جمال بيه، مدام مريم بقالها شهرين أكتر من 60 يوم فى كوم ومفيش أى أستجابة وعايشة بس بالأجهزة، اللى بنعملوا فيها دا حرام إحنا بنعذبها بس
أتسعت عيني “جمال” على مصراعيها بصدمة ألجمته من حديث الطبيب وهو يخبره أنه يرغب بنزع الأجهزة عن زوجته حتى تفارق روحها الحياة، أنقبض قلبه ودمعت عينيه من هول الصدمة وعقله لا يقو على تخيل الأمر فقال بتلعثم:-
-أنت عايز ترفع الأجهزة عنها، أنا مستحيل أعمل كدة، أنا موافق أدفع كل ما أملك أنا مقصرش فى المصاريف اللى طلبتهوها
أجابه الطبيب بجدية ووجه حزين:-
-الفلوس مش هتعمل حاجة، دى واحدة بين أيدينا ربنا وواجب علينا نرحمها مش نعذبها، كل اللى بيحصل أن المستشفي بتسحب من حضرتك فلوس لكن أنا بقولك أن مفيش فايدة، ومدام مريم كانت عارفة دا وبناءً عليه جازفت عشان الأطفال
مسكه “جمال” من لياقته بقوة ودفعه فى الحائط بعقل توقف عن التفكير قائلًا بصراخ:-
-وأنا قولتلك أنقذ مريم مش الأطفال
أبعده “عاشور” عن الطبيب مما جعل الطبيب يستشاط غضبًا من تصرفه فقال بحدة:-
-طيب معاك 24 ساعة تقرر فى مرضي أحق بالأجهزة دى
كانت جملته مُستفزة لدرجة أنه تلقي لكمة قوية على وجهه من قبضة “جمال” وهو يخبره أن زوجته لا قيمة لها ….
جلس “جمال” أمام المستشفي وأتصل بوالد “مسك” دكتور “غريب” ليجهز له غرفة كاملة من أجل زوجته لكن هذه الغرفة ستكون فى قصره، أخذ “مريم” فى طائرته الخاص من سطح المستشفي إلى قصره وكان “غريب” قد أحضر له ممرضة وطبيب، خرج “جمال” من الغرفة ورأي “جميلة” تحمل “أيسل” على ذراعيها فقال بعبوس:-
-الدكتور قالك أيه يا جمال؟
-سيبني فى حالي يا جميلة
قالها وغادر المكان حزينًا ومهمومًا وعقله يتساءل بيأس ماذا لو صدق الطبيب ولم تستيقظ “مريم”؟ تساءل قلبه أحان الوقت ليترك يدها حقًا؟، كان فى حالة يرثي لها وقد تمكن الحزن واليأس منه كليًا….
____________________________________
خرجت “مسك” من غرفة العمليات بتعجل وهى تركض فى المكان حتى وصلت إلى غرفة مكتبة وألتقطت الهاتف ومفتاح سيارتها من فوق المكتب ونزعت الطاقية الطبية عن رأسها وهكذا الحذاء لتركض إلى الخارج مُسرعة إلى حيث سيارتها، أنطلقت بها بسرعة جنونية وبيدها الأخر تتصل بزوجها فأجابها أخيرًا قائلًا:-
-مسك
-تيام أنت فين؟
أجابها بنبرة دافئة:-
-أنا داخل عليكي أهو، بس الدنيا زحمة على الكوبري
تنفست الصعداء بأريحية ثم قالت:-
-وأنا كمان على الكوبري، أستن
ترجلت من سيارتها وأغلقتها بمنتصف المكان عالقة وبدأت تركض بسعادة وهاتفها على أذنها تحدثه بصعوبة وهى تلهث:-
-خليك أنا جاية ليك
ترجل من سيارته لأجل زوجته التى تركها لثلاثة أشهر بسبب عمله فى الغردقة وإدارة المكان، لم يراها بسبب ضغط عمله ولو ليوم واحد ، رآها تركض نحوه بملابسها الخاصة بالعمليات بنطلون أخضر وتي شيرت بنصف كم أخضر اللون، لا يصدق أن زوجته خرجت من المستشفي هكذا فقط لأنه أرسل لها رسالة بقدومه إليها، أرتطمت بجسده بقوة بعد أن فتح ذراعيه على مصراعيهما لأجلها، تشبثت به بسعادة وشوق مفتقدة هذا العناق ودفئه، طوقها بذراعيه بحنان مُبتسمًا على جنون زوجته التى تركت سيارتها عالقة فى الزحام وركضت إليه ، رفعت رأسها إليه لتتقابل عيونهما وهذا الزوج من العيون التى أشتاقت إليه فقالت بهمس:-
-وحشتني يا مُتيمي
لمس وجنتها بيده مُشتاقًا لبسمتها الناعمة وعينيها الرمادتين الجميلتين وقال بدف ونبرة ناعمة:-
-وأنتِ يا قلب مُتيمك، تعالي
أخذها إلي سيارته وطلب من السائق أن يذهب إلى سيارتها ويأخذها إلى المنزل، ترجل السائق وجلس معها فى الأمام، لم تترك يده للحظة وتشابكت أصابعها وعيونهم تبوح بكل المشاعر والشوق الذي يكمن بداخلهما وحان وقت البوح له، أقترب ليقبل جبينها بدفء فأغمضت عينيها مُستسلمة لهذه القلبلة التى تطيب قلبها وتعيده للحياة فقال بهمس:-
-ما أحلاكي يا مسك، مهما شوفت ومهما غبتي عني بتفضلي أجمل وأحلى ست فى نظرى، لا أنتِ الست الوحيدة فى نظرى وقلبي
-بحبك
قالتها بلطف وعينيها لا تفارق وجهه، تبسم هو الأخر وقال:-
-وأنا بتنفسك يا مسك
تبسمت بعفوية إليه فأنطلق بها من هذا الزحام مُتمنيًا أن يصل بأسرع ما يمكن إلى منزلهما ليضمها كم يريد حتى يمتلئ قلبه من عشقها ويعوضه عن الأيام التى تفرقوا بها…………
_____________________________
دلف “جمال” إلى غرفته بعد يوم طويل فى العمل، ألقي بسترته على المقعد مُنهكًا وأتجه إلى زوجته وجلس قربها يتأمل ملامحها الشاحبة، رفع يده إلى وجهها يلمسه بدفء مُفتقدًا إليها وإلي بسمتها وضحكاتها التى تملئ حياته، دمعت عينيه بضعف فضم يدها إلى فمه بين يديه يقبلها بمشاعر كثيرة تضربه، الخوف من فقد هذه اليد الناعمة والحُب القائم بداخله يضرب ضلوعه، الحزن على حالتها وهى لا تجيب عليه أو تنظر إليه فقط مجرد جسد تحت الأجهزة تتنفس بواسطة انبوب الأكسجين، تساقطت دموعه بألم يمزقه من الداخل وتمتم بتلعثم خائفًا:-
-يهون عليكي جمال يا مريم، يهون عليكي تسيبه لوحده هنا من غير حضنك ورائحتك، طب أزاى هعيش من غيرك يا روحي، أنتِ مجرد ما سيبتي حضني وبيتي قلبي كان هيقف مابالك لو سبيتي الدنيا… لا بالله عليكي يا مريم ما تعمليها.. أنا جمال حبيبك، الراجل اللى أتحدي أهله وناسه والعالم والقانون وكل حاجة عشانك، جمال اللى طلقك من أخوه بالسلاح واتحدى القدر عشانك، متسبنيش يا مريم حتى لو زعلانة منى ومخاصماني أنا راضي وهستحمل بس متسبنيش، أنا مكنتش عايز عيال قد ما أنا عايزك هعمل أيه بيهم وأنتِ مش معايا
لم يقو على نطق كلمة واحدة أخري، استلقي بجوارها على الفراش ثم ضمها بين ذراعيه ووضع رأسه على كتفه وأغمض عينيه مُستسلم للنوم برفقة محبوبته كما أعتاد يومًا، دموعه تشق طريقها الشاق على وجنتيها حزينًا لكنه شعر بشيء بدافئ يلمس رأسه هذه اللمسة التى أعادته للحياة وصوتها الذي أحي نبض قلبه للتو عندما سمعها تقول:-
-مش هسيبك يا جمال
رفع رأسه قليلًا بدهشة كأنه لا يستوعب ما سمعه ونظر إلى وجهها فرآها تفتح عينيها بتعب مُنهكة وسقطت يدها عن رأسه من التعب وهى لا تقوى على تحريك أناملها الصغيرة، نظر بسعادة لا يصدق أنها عادت إليه فقال بحب:-
-مريم يا ملاكي وروحي
أخذ يدها بين يديه بفرحة ودموعه تتساقط على وجنتيه ثم قبلها بحُب وركض للخارج كالمجنون يصرخ فى الجميع قائلًا:-
-حنان…. حنان صحي الدكتور قوليله مريم فاقت
عاد كالمجنون إلى غرفته وجلس جوارها فسمعها تقول بحزن:-
-أنا عارفة أنك زعلان منى بس معلش تضمني مرةواحدة
أنحني قليلًا ليُضمها وهو تمامًا مثلها متشوقًا لضمها فقالت ببكاء رغم تعبها:-
-كانت ليالي مخيفة وأنت مش معايا يا جمال، أنا بحبك
قبل رأسها بلطف وقال بحنان دافئ:-
-ولا يهمك من اللى فات يا مريم، المهم أنك دلوقت فى حضني ومعايا……..
فحصها الطبيب جيدًا ونزع الأكسجين عنها ثم غادر الغرفة ليجلس “جمال” قربها بلطف يتأملها بحنان وسعادة أعادته للحياة وتمكن أخيرًا من رسمة بسمته من جديد، حاولت الجلوس فتحدث بقلق:-
-خليكي مرتاحة
-معلش خليني أقعد شوية، جسمي تعبني
أخذ دراعيها وجعلها تتشبث بكتفه وهو يحملها بلطف على الفراش لكي تجلس وتتألم من الحركة بخفة بسبب نومها الطويل، وضع الوسادة خلف ذراعها بحنان وتبسم فى وجهها بسعادة، ظلت مُتشبثت بكتفه ويدها اليمنى تتسلل إلى وجنته ولحيته الكبيرة تلمسها بلطف مُشتاقًا لهذا الرجل وملامحه فقالت بخفة:-
-جمال
-رعبتيني يا مريم
قالها بلطف ولم يفصل بهما سوى سنتيمترات قليلة، تنفست بصعوبة من التعب وقالت:-
-أنا كنت عارفة أنك مش هتسبني هتفضل ماسك أيدي ومش هتسيبها يا جمال، أنا أمنت بالحب اللى جواك لمريم
أخذ وجهها بين راحتي يديه بسعادة مُمتنًا ليقظتها وقال بعيني باكية فرحًا:-
-معقول أسيب مريم، أنتِ حياتي يا مريم وروحي اللى كانت رايحة منى
-أنا كنت عايزة أجبلك ولاد يا جمال…… صحيح ولادي فين؟
تذكرت أطفالها الصغير الذين لم تراهم حتى الآن، أتصل على “حنان” كي تحضر الأطفال لها ، قليلًا وجاءت لها بأطفالها زكل خادمة تحمل طفل منهما ومكة تركض أمامهم لرؤية والدتها التى تركت لها نفضة قوية من رؤيتها تتألم وتبكي، عانقت “مكة” بسعادة وهى تتذكر كيف ضمتها “مكة” قبل أن تفقد وعيها بخوف وقبلت كل أنش فى وجهها لتقول “مكة” ببراءة طفولية:-
-أنا زعلانة منك، أنتي خوفتني أنا وبابي حتى أخواتي كانوا بيعيطوا عايزين مامي، أنتِ نمتي ومرضتيش تصحي وخاصمتينا كلنا
ضحكت “مريم” بحزن يغمرها مما سببته من وجع وخوف لعائلتها، أقتربت الخادمة لها بطفلها الجميل وقد بلغوا ثلاثة أشهر الآن، حملته “مريم” بسعادة وقالت ببراءة تغمرها:-
-أسر يا روحي
تبسم الطفل وكأنه يعلم أن هذه والدته التى كان يحبث عنهما فى كل يد تحمله وأخيرًا وجدها، ضحكت “مريم” ببراءة ومدت ذراعها الأخر كي تأخذ “أيسل” فحملت الأثنين على ذراعيها وقبلتها بسعادة لا تصدق أنها جازفت بحياتها لأجلها والآن تحملهم بين ذراعيها، كادوا أن يسقطوا من ذراعيها بسبب تعب جسدها فأخذهما “جمال” مُسرعًا وقال:-
-أرتاحي شوية وبعدين أبقي شيليهم براحتك، حنان خديهم وخليهم يجهزوا الأكل لمريم، اسألي الدكتور لو فى أكل معين لازم تأكله … يلا
أوقفته “مريم” بصوتها المبحوح تقول:-
-معلش يا جمال خليهم هنا جنبي عايزة أشبع منهم
أشار إلى “حنان” بأن تنفذ طلبه فأخذت الخادمات الأطفال ونظر إلى زوجته ثم قال بلطف:-
-يومين بس ترتاحي يا مريومة وتستعدي طاقتك ونطمن عليكي وأجيبهملك هنا يقعدوا معاكي ليل ونهار
أومأت إليه بنعم ثم قالت بأستسلام لرأيه:-
-ماشي، أنا عايزة مياه
أعطي كوب من الماء فمسكت يده بقوة مُتشبثة به لينظر إليها فنظر إلى عينيه وقالت:-
-أنا أسفة يا جمال
أنحني ليقبل جبينها بأمتنان وكأن عودتها إليه تكفيه عن كل شيء فقال بلطف ودفء:-
-سيبك من اللى فات يا مريم، أنا رجوعك ليا بالسلامة بالدنيا وما فيها وفداكي أى حاجة حتى عمرى وروحي وأيامي وكل حاجة فداكي وفداء بسمة واحدة منك ونظرة من عينيك
صمتت وهى لا تملك كلمة تقولها تعبر عن إمتنانها لهذا الرجل الذي يغفر دومًا أخطائها برحب وكلما جاءته مُخطئة غفر وأصلح ما أفسدته دون نقاش …………..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عشق الجمال)