روايات

رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم نعمة حسن

موقع كتابك في سطور

رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم نعمة حسن

رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه البارت الخامس والثلاثون

رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه الجزء الخامس والثلاثون

عشرون رساله قبل الوقوع في الخطينه
عشرون رساله قبل الوقوع في الخطينه

رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه الحلقة الخامسة والثلاثون

كانت السيده ” فريـده ” تجلس برفقة زهره يشاهدان التلفـاز سويًّا لتنتبه حينها علي رنين جرس الباب الذي تبعهُ قدوم ” مراد ” .
_ ما هو بصوا بقـا .. مش واحد يتجوز والتاني ينعزل وأنا اللي أتحط في وش المدفـع! .. الوضع ده ميرضيش حد، ده أنا كنت فضلت في الغيبوبـه أريح!
ألقي مراد بكلماته تباعًا بضجر ثم تهاوي علي الأريكه إلي جوار والدته التي إلتفتت إليه بإهتمـام وقالـت: مالـك بـس يا حبيبـي، بتخانق في دبان وشـك ليه يا مراد؟
نظر إليها بإنزعاج وقال: دبان وشي!! ده أنا حتي دبان وشي مش فاضي أتخانق معاه! أنا مسحــول يا أمـي، مسحــول!! .. هو أنا يعني إكمني الصغيـر يبهدلوني كده!
و أردف وهو يُلقي عليها الأوامر التي كُلِف بها: هتروح الموقـع يا مراد ، هتنزل المصنـع بتاع العاشـر يا مراد ، متمشيش غير لما تحضر الإجتماع يا مراد!! ليه يعني المرمطه دي؟ هو أنا عليا ليكوا ديون وبتخلصوها ولا حاجه؟
ضحكت والدته علي حنقهُ الطفولـي وأردفت رابتةً علـي كتفه كما الأطفال تمامًا: متزعلش يا حبيبي ، يوم إنت تشيل عن إخواتك و يوم هما يشيلوا عنك. ملكوش غير بعض يا بابا.
نظر إليها بطرف عينه وتنهد بهدوء ثم سألها: شايفه كده؟
أومأت بتأكيد وقالت: طبعًا يا حبيبـي ، مهو أكيد مش هتكلم معتـز علي شغل وهو عريس! ميصحش يا حبيبي ، وفي نفس الوقت ريـاض إنت شايف حاله ملخبط إزاي، هو من نفسه لو عنده شوية طاقه بينزل الشغل.
فركَ مؤخرة رأسه ثم دلّك عنقه بتعب وقال: و أخرتهـا ؟!
تنهدت بيأس وعجز ثم قالت: والله يا مراد ما عارفه حلها إيه! إمبارح إتكلموا بس تقريبا موصلوش لحل .. آصـال منشفه دماغها جدااا وهو مش عايز يضغط عليها أكتر من كده .. وأنا عملت زي ما قولتلي و روحتلها و إتكلمت معاها لكن واضح إنها مقتنعتش بكلامـي.
توقفت عن الإسترسال لبرهه ورفَعَت عيناها نحو الأعلـي وقالت برجاء: ربنـا يحنن قلبهـا عليـه و يهديهـا.
أطرق مراد رأسه أرضًا بتفكيـر طال لدقائق ثم رَفع رأسه سريعًا وقال بإبتسامه واسعه: لقيتـها.
_هـي إيه دي؟! .. تسائلت أمهُ بتعجب ولهفه ليقول: آصـال مش هترجع لرياض إلا تحت ضغـط ..
إنعقد ما بين حاجبيها بغرابه شديدة وسألتهُ: تحت ضغـط إزاي ؟!
أخذ يحك ذقنهُ بتفكير مطنَب ثم قال: جتلي فكره كده هعملها و إدعيلي إنها تنجح، لأن لو منجحتش رياض هيعلقني.
رفعَت كفّيها وهي تتمتم بدعاء: ياارب يسر الأمور من عندك.
_ إن شاء الله ، هو فين ريـاض ؟! في اوضته؟!
أومأت بموافقه ثم قالت: مخرجش خالص النهارده.
هز رأسه بتفهم مردفًا: ماشـي، عن إذنك بقا أغير هدومي.
_إتفضـل يا حبيبي وأنا هخليهم يجهزوا الغـدا.
…………
كان ريـاض مسطحًا بفراشه، باسطًا ذراعيه إلي جانبه بكلل، شاخصًا ببصرهُ في نقطه من الفـراغ أمامه.
كل ما يدور بخلدهِ ويشغل تفكيره الآن هي فقـط!
يتمني أن لو منَّ عليـه القدر و أعادها إليه مرةٍ أخري حتي يتسني لهُ العيـش وتعود روحه إلي جسده من جديد.
أوشكَ قلبهُ علي الإختنـاق حنقًـا كلمّا تذكر طلبها منهُ بأن يطلّقها ليستولي عليه الغضـب أكثـر بعد أن كان قد شارف علي الهدوء والتخطّي.
إلتقط هاتفه المسچيّ إلي جواره بإهمال ثم فَتَح الملف الخـاص بصورها وبدأ يتطلع إليهم بإشتياق ثم يقــوم بتكبير الصوره أكثر كي يتسني له رؤية عيناها الجميلتين اللتان إشتاقهما لأبعد حد.
أعلن هاتفه عن وصول رساله من رقم مجهول فقام بفتحها بتريث قبل أن يقطب جبينه بتعجب من محتواها.
” روح ڤيـلا المعـادي دلوقتـي حالا، في حاجه مهمه مستنياك ”
ظلت عيناه تمر فوق الكلمات عدة مرات بتعجب ثم نهض بإعتدال وجلس فوق الفراش وقام بالإتصال بنفس الرقم الذي أرسل إليه تلك الرساله الغامضـه ليصله صوت تلك الرساله المسجله التي تخبرهُ بأن الهاتف مغلـق.
بدون تردد إنسـاق خلف فضوله و خرج مهرولًا من غرفته نحو الخارج حتي أنه لم يستمع إلي نداءات والدته المتكرره.
إستقلّ سيارته و إنطلق بها مسرعًا في طريقه نحو ڤيلته بحـي المعـادي..
…………
كانت آصـال تجلس فوق فراشها واجمةً، تضم ركبتيها إلي صدرهـا، عاقدةً ساعديها أمامهما وهي شاردةً تتذكر ما حدث.
لو أنه عانقها عُنوةً لكانت ضربت بكبريائها عرض الحائط وعانقتهُ حتي تشفي روحها وتخمد تلك النيـران التي تستعرّ بصدرها منذ أن تفرّقا ؛ ولكنهُ لم يفعل!
لقد ظل يتحدث إليها محاولًا تبرير موقفـه عبثًا.
بماذا يُجدِ ؟! هل سيچبر كسرها الحديث ؟! هل سترمم روحها الكلمات ؟!
كل تلك المحاولات لا تُغني ولا تُسمن من چوع بالنسبة إليها ؛ فلقد قضت طيلة الأسابيع الماضيه لا تفعل شيئًا سوي الإستماع للحديث من هذا و ذاك حتي أنها سَئِمَت، ليصبح كل ما تحتاجهُ هو العنـاق فقط!.
حررت نفسها من بين براثـن التفكيـر القاسي الذي لا يشفق عليها أبدًا و أجبرت نفسها علي الإنسحـاب من دائرة شرودها ثم إعتدلت بتركيز أكثر وأمسكت هاتفها لتري تلك الرساله التي وصلتها للتو.
ضيّقت عيناها بتعجب سُرعـان ما تحـوّل إلي صدمه جعلت عيناها تجحظـان إلي آخرهما وهي تقرأ مفاد الرسالـه.
” رياض بيخونك في ڤيـلا المعـادي. ”
إنقبض قلبها بقوه و إرتجفت أوصالها ونهضت عن مقعدها وراحت تقرأ الرساله علي أمل أن تتبدل الكلمات دون جدوي.
أسرعت تعاود الإتصـال بذلك الرقم الذي أرسل إليها الرساله لتجده وقد أُغلق فأسرعت تهرول خارج غرفتها حتي توقفت أمام باب الشقه ثم طالعت هيئتها لتكتشف لتوّها أنها ترتدي ثياب نومها فأسرعت تبدّل ثيابها بأول ما وقع عليه بصرها وغادرت غرفتها مره أخري و همّت بفتح الباب ليستوقفها نداء والدها الذي قال: رايحـه فين يا آصـال ومستعجله كدا؟!
تحدثت بلعثمه وأحرف متقطعه: مشـوار .. رايحه مشـوار مهم يا بابا.
تقـدم نحوها بهدوء وسألها: أبوة يعني مشوار فين دلوقتي؟!
لم تجد بُدً من إخبارهُ بحقيقة الأمر فأخذت شهيقًا طويلًا زفرتهُ ببطء وقالت: في رساله جتلي من رقم مش عارفاه..
بترت حديثها بينما أرهف والدها إليها السمع وهو يقول: هاا، وبعديـن؟
_الرساله مكتوب فيها.. رياض بيخونك في ڤيـلا المعـادي!!
قطب جبينه مردفًا بإستهجان: إيه الجنـان ده!
_أرجـوك يا بابا سِبني أروح عشان متأخرش.
=متتأخريش علي إيه.! إنتي مصدقه الجنان ده!! رياض إستحاله يعمل كده.
_يا بابا من فضلك انا لازم أروح وأتأكد بنفسي .
قلّب كفيه متعجبًا وقال: أستغفـر الله العظيم يارب، يا بنتي عيب عليكي إيه اللي بتقوليه ده؟ إنتي واعيه لكلامك وعارفه إنتي بتقولي إيه؟
إمتلأت عيناها بالدموع وهي تقول بتوسل: يا بابا أنا مش عارفه أنا بقول إيه ولا بعمل إيه .. أرجوك خليني أقطع الشك باليقين!
تمتم مستغفرًا عدة مرات ثم قال بنفاذ صبر: إتفضـلي يا آصـال ، روحي إقطعي الشك باليقين وشوفي إذا كان جوزك بيخونك ولا لأ.. مش عارف أقوللك إيه والله ، روحي مع السلامه.
علي الفور غادرت و إستوقفت إحدي سيارات الأجره التي أقلّتها إلي وجهتها المنشوده.
توقفت السياره أمـام بيتهما ثم فتحت الباب و ترجلت منها علي الفور ليستوقفها نداء سائق السياره قائلًا بإستياء: الأجره يا أستـاذه!!
مدت يديها بجذلانها وأخرجت ورقةً لا تدري من أي فئه ثم أعطتها له وأسرعت نحو الداخل.
أسرع الحرس بفتح البوابـه الرئيسيه فور رؤيتهم لها فدلفت دون التحدث بكلمه ثم أخرجت مفتاح الباب الداخلي وقامت بفتح الباب و ولچـت وعيناها تتدحرجان بمقلتيها ناظرتان إلي هنا وهناك.
صعدت إلي الطـابق العلوي وقلبها يدق بعنف حتي شعرت بأن صدرها كاد ان ينفجـر من شدة التوتـر ثم أسرعت تفتح جميع الأبواب التي تقابلها وهي تدعو الله أن يصدق حدسها ويكون هذا مجرد إفتراء.
……
صفّ رياض سيارته علي عجالةٍ ثم ترجل منها ودلف إلي الداخل علي الفور ثم أخذ يبحث بعيناه عن ذلك الشئ المهم الذي توجب حضوره ثم صعد إلى الطابق العلوي ليجد باب الغرفـه الرئيسيه منفرج علي آخره وقد أضيئت الغرفه بالكامل.
دنا من الغرفه بخطيً حثيث في حين كانت تخرج هي من الغرفه بإندفاع ليصطدما ببعضهما البعـض.
توقف الزمن بهم للحظات بينما كانا متقاربان بشده ليردد هو بتعجب: آصـال!!
_ إنت اللي عملت كده عشان آجي مش كده؟!
تسائلت بحده ليضيق عينيه متسائلاً بتعجب وقال: عملت إيـه؟
أدركت جهله بالأمر تمامّا ولكنها أجابتهُ علي كل حال: جالي رساله علي تليفوني ….
بترت كلماتها وتنهدت بضيق ثم أطرقت رأسها أرضًا بخزي ليتسائل بتعجب: رسالة إيه؟
نظرت إليه بندم مستتر وأجابته بترقب: إنك بتخونني هنا!
نظر إليها لبرهه ثم تعالت قهقهاته لتقطب جبينها بتعجب، هدأت ضحكاته تدريجيًا حتي عاد إلي جديته وسألها: بخونك!!!
وسألها وقد فاض الخذلان من نظراته وقال: و جيتي هنا بس عشان تتأكدي إذا كنت بخونك ولا لأ!؟
حاولت ألا تِبدِ تأثرها بكلماته ليسألها وقد زمّ شفتيه بحزن: للدرجه دي مش واثقه فيا؟!
تسارعت دقات قلبها من فرط التوتر لييزداد توترها أكثر عندما رأتهُ يدنو منها بتمهل و تريث حتي توقف أمامها مباشرةً وقال: ساكته ليه؟ ردي!
إلتزمت الصمت لآخر لحظه مما أصابه بالإستياء ليصيح بحده متسائلاً: جيتي عشان تتأكدي إذا كنت بخونك ولا لأ ؟! كان عندك شك إني أكون بخونك فعلا؟
رفعت ناظريها ونظرت إليه وقد إلتمعت عيناها بالدموع وقالت: إنت السبب، أنا كنت بثق فيك أكتر من نفسي لكن كدبك عليا هو اللي وصلني لإني مبقيتش عارفه أصدقك ولا أصدق حد.
كوّر قبضتهُ وضرب بها الحائط مرات متتالية حتي إختنقت أوتاره وهو يردف بسخط: إنتي مش بس مش عارفه تصدقيني، إنتي مش عارفه تفهميني ولا تحسي بيا.. لو كنتي حسيتي بياا كنتي عذرتيني و تفهمتي موقفي!
_كنت هفهمك وأقدّر موقفك لو كنت صارحتني!
=قلتلك خُفت! هكذا صاح بها بيأس وأردف: خُفت لإني بحبك، خفت تسيبيني ..
نظرت إليه بقوه وتسائلت: علي أساس لو كنا إتجوزنا وعرفت بعدها مكنتش هسيبك؟!
=مكنتش هسمحلك تسيبيني!
ألقاها بجديه مفرطه ليتقوس حاجبيها وسألته بتهكم: بجد؟ يا تري بقا كنت هتمنعني إزاي؟
تجاهل إستخفافها و نَزقَها وإقترب منها بتريث وهو ينظر داخل عينيها بثبات مما زعزع ثباتها ثم توقف أمامها مباشرةً وقال: كنت همنعك بأي وسيله ، بأي طريقه .. إستحالـه كنت أفرط فيكي بعد ما بقيتي بين إيديـا، ده أنا أبقي مغفـل.
نظرت إلي ملامحه القريبه منها ثم إزدردت ريقها بتوتر وأشاحت بوجهها جانبًا وتشدقت بسخط: أنا مش شايفه حد مغفل غيري ، عملت اللعبه دي كلها عشان تجيبني هنا وتسمعني الكلام اللي ملوش لزمه ده.
وصل غضبهُ منها إلي ذروته فإبتعد قليلًا وأردف بجدّيه : علي فكره أنا جيت هنا وأنا مش عارف حاجه زيي زيك بالظبط ..
قطبت جبينها بإستغراب وسألته: إزاي يعني ؟!
أخرج هاتفه من جيبه بهدوء ثم فتح الرساله التي وردتهُ وأعطاها إيّاه لينعقد جبينها بدهشه أكبر وقالت: ده نفس الرقم الي بعتلي الرساله!!
أومأ مؤيدًا وقال: الظـاهر إن حد حب يجمعنا هنا فلجأ للطريقه النص كم دي.
تخصرت بيد واحده وبالأخري خللت شعرها بعشوائيه وتحدثت إلي نفسها بصوت مسموع فقالت: أكيد حد عارف الليله كلها ، يمكن معتـز ، أو رقيـه! ، لأ أكيد مش هما ، علي كل حال…
بترت كلماتها وألقت إليه وهي تتجه نحو باب الغرفه: أنا ماشيـه.
إستوقفها بخطوةٍ واسعه وأمسك برسغها بإحكام وقال: ماشيه رايحه فين!
نظرت إليه ومن ثم إلي يده التي تقبض على رسغها ثم أعادت النظر إليه وقالت: هكون رايحه فين يعني! راجعه بيتي..
_بيتـك هنـا ، معايـا!
ألقاها إليها بجدّيه وحسم ليتجهم وجهها وقالت: نعم ؟! إنت مصدق نفسك ولا إيه؟! إنت هتطلقني علـ….
بترت كلمتها عندما إشتدت قبضته حول رسغها مما أصابها بالضجر والإنزعاج وجعلها تحاول إنتزاع يدها من بين قبضته بحركاتٍ عشوائيه دون جدوي..
_ مش هيحصـل. ألقاها بإقتضاب وإستطرد: مش هطلقك، الموضوع ده تنسيه تمامًا.
إزداد إنزعاجها وقالت بحده: لأ مش هنسي يا رياض، إنت اللي تنسي إني أرجعلك، وهتطلقني أول ما أخرج من هنا.
_ ده لو خرجتي!
ألقاها بهدوء نقيض تلك الفوضي التي تعيث فسادًا برأسه ثم شدد من قبضهُ علي رسغها بيده و بالأخري أخرج هاتفه وتحدث به بصرامه: دخل العربيه الـجراچ وإقفل البوابه الرئيسيه.. و ممنوع حد يدخل أو يخرج بدون إذني .. أي حد.
أنهي المكالمه تحت أنظارها المذهوله وتسائلت بإستهجان: إيه اللي إنت عملته ده؟ معناه إيه الكلام ده!
نظر إليها وحاول التماسك لئلا يظهر ضعفهُ أمامها وأردف بنبرته الواثقه: معناه إنك مش هتخرجي من هنا ، مانتي سمعتي بنفسك أنا قولت إيه؟
غضِبَت غضبًا جنونيًا جارفًا وقالت وهي ترميه بنظرات يتطاير منها الشرر: إيه اللي إنت بتقوله ده! قصدك يعني إنك هتحبسني هنا ولا إيه ؟!
نظر إليها ببرود وأجابها قائلًا: هو في واحده بتبقا محبوسه في بيتها ومع جوزها ؟!
و أرخي يدهُ القابضه علي رسغها ثم تقدم نحو أريكةً وثيره بزاوية الغرفه وألقي بجسده المتعب عليها وأردف: علي العموم سميها زي ما تحبي.. محبوسه، مخطوفه مش هتفرق.. المحصله واحده.
طالعتهُ بنظراتٍ ملتهبه ثم خرجت من الغرفـه ليستوقفها صوتهُ عندما قال: متحاوليش، مش هيرضوا يخرجوكي.
تجاهلت حديثه وخرجت بإتجاه البوابه الرئيسيه ثم تحدثت إلي أحد أفراد الأمن وقالت بعصبيه: إفتـح البـاب ده.
نظر الحارس إليها بصمتٍ جعلها تنفعل أكثر وقالت: بقوللك إفتح الزفت!
_ أنا آسف يا فندم ، معنديش أوامر بكده.
إشتعلت عيناها غضبًا وحانت منها إلتفاته إلي شرفة الغرفه لتجده يقف يدخن سيجارته ببرود وهو يتحدث بهاتفه وعيناه مصوبتان نحوها فعادت بنظرها إلي الحارس وقالت: إفتـح الباب ده أنا لازم أمشي..
تجاهل الحارس حديثها ورفع عينيه عنها ناظرًا للأمام لتنصرف من أمامه وعادت إلي الأعلـي حيث يجلس، دلفت الغرفه كالإعصـار وتحدثت إليه بغضب فج: ممكن أفهم إنت بتحاول تعمل إيه بالظبط؟
كان يعبث بهاتفه ثم نظر إليها ببرود مردفًا: ولا حاجـه، برجع الأمور لنصابها الصحيح، ده بيتك و ده مكانك الصح والطبيعي إنك تكوني موجوده هنا..
و إستطرد ضاغطًا أحرف كلمته بتوكيد: معايـا.
_ريـاض بلاش الأوهام دي، ده لا بيتي ولا مكاني ولا أنا عايزه أعيش معاك في أي مكان، اللي بيني وبينك إنتهي وإستحاله حاجه هتجمعنا تاني ولازم تكون فاهم ده كويس .. فلو سمحت بقا خليهم يمشوني..
أجفلت عندما نهض من مقعده فجأه وإقترب منها مردفًا بعصبيه تكاد تكون تلك المرة الأولى التي تراه عليها فقال: إسمعـي يا آصـال ، ده بيتـك ومكانك الصح معايا هنا، ومفيش حاجه إنتهت، لإن اللي بيني وبينك عمره ما ينتهي!! ده اللي لازم إنتي تكوني فاهماه كويس، ومش هتمشي من هنا مهما حصل .. خلص الكلام.
تركها تُرغي و تزبد من فرط الغيـظ وإنصرف مغادرًا الغرفه فأمسكت بهاتفها علي الفور وقامت بالإتصـال بوالدها.
_ألو، أيوة يا بابا!
=أيوة يا آصـال يا حبيبتـي..
_ بابا إلحقني ، رياض مش راضي يخليني أمشي ، لازم تتكلم معاه و….
= لازم إنتوا اللي تتكلموا مع بعض يا آصـال ، إسمعي منه يا حبيبتي وربنا يهدي الحال بينكم. .. هكذا قاطعها بتريث لتضربها الدهشه فقالت بغير تصديق: حضرتك عارف؟!!
=ريـاض كلمني دلوقتي وقاللي علي اللي حصل ، تقريبًا في حد حب يتدخل ويساعدكوا إنكوا تحل الخلاف اللي بينكوا ، إسمعي يا آصال.. أنا عارف إنك هتزعلي مني و فاتك دلوقتي بتقولي أبويا رماني و مش هامّه .. لكن الحقيقه مش كده يا بنتي، أنا كل الحكايه إني مش عايز سوء التفاهم ده يطول عن كده، لازم تتواجهوا وتتكلموا مع بعض بهدوء تام وبعدين نبقا نشوف إيه القرار اللي هتوصلوا له.
تسائلت بضيق ودهشه في آنٍ واحد: يعني موافق إني أعيش معاه !!
_ده جوزك يا بنتي مش حد غريب! الله يهديلك الحال يا بنتي ويطمنـي عليكي.
كانت تستمع لحديث والدها بذهول وصمتٍ مُطبَـق وحين همّت بالإحتجـاج كان هو قد قطـع دابـر الحديـث قائلاً : عمـك متولـي هيفوت عليا ونروح نزور واحد صاحبنا تعبان، هبقا أطمن عليكي يا حبيبة بابا. مع السلامـه.
أنهـي والدها الإتصـال لتنظـر إلي الهاتف بين يديها والدهشه تغلّف علائم وجههـا ثم تنهدت بضيق وخرجت من الغرفـه تبحث عنه.
ذهبت إلي الغرفـه المجاوره فلم تجده، نزلت إلي الأسفل لتجد باب غرفة المكتب منفرج فإستدلت علي وجوده بالداخل.
ذهبت إليه وقد تحولت إنفعالاتهـا بالأكمـل إلي الغضـب العاصـف وإقتحمـت المكتب لتجده جالسًا وأمامه حاسوبه المحمول يتابع شيئًا ما بإهتمـام.
أغلقت الحاسوب المحمول بفجاجه لينظر إليها بتعجب وقال: في إيه؟! مالك باللابتوب ؟!
سحقت أسنانها ببعضهما بغيظٍ لم يفشـل في إثارته وقالت بصوتٍ حاد : إيه البرود ده كله؟! إنت كمان هتقعد وتشتغل وإنت حابسني هنا؟
تصنع البلاهة مردفًا بهدوء: حابسك؟!! أنا حابسك ؟! تعالي نروح المكان اللي إنتي عايزاه دلوقتي حالا..
_أنا مش عايزه أروح معاك في مكان! أنا عايزه أمشي من هنا!!
= إنسـي . ألقاها بحزم وتخطاها متجهًا بطريقه خارج الغرفـه لتستوقفه ممسكةً بيده بإحكام ولانت نبرتها قليلًا وهي تقول بتوسل: رياض ، سيبني أمشـي.
توقف أمامها مباشرةً ونظر داخل عينيها بولهٍ فيّـاض وقال بصدق: مقدرش ، مينفعش بعد ما بقيتي معايا أسيبك تروحي مني تاني.
خانتها دمعه سالت علي أحد جانبي خديها وقالت: ريـاض متضغطش عليا، الموضوع منتهي!
دنا منها خطوه فإبتعدت هي للخلف ليقترب منها أكثر حتي حاصرها بينه وبين الحائـط وقال وهو لا يزال متعلقًا بعيناها : كدابـه ، مفيش حاجه إنتهت ؛ اللي بينا عمره ما ينتهي يا آصـال. و إلا…
بتر حديثه وهو يتلمس بأنامله ذلك السلسال بچيدها ويقول: لسه لابسه السلسله دي ليه ؟! مش دي أقرب هديه لقلبك زي ما بتقولي؟ ليه مقطعتيهاش لو كل حاجه إنتهت!
ثم تصاعدت أنامله نحو وجهها ببطء قاصدًا زعزعتها والعبث بقوتها الواهيه وهو يقول وعيناه تخترق خاصّتهـا: لو كل حاجه إنتهت جيتي هنا ليه لما عرفتي إني بخونك زي ما مكتوب في المسدچ!!
إزدردت ريقها بإرتباك ونزعت يدهُ التي تستقر موضع قلبها وقالت بغضب وعينان متحفزتان: ممكن تبعد شويه ..
هز رأسه بنفي لتزفر بضيق وملل وأضافت: ولو سمحت متتجاوزش حدودك معايا تاني، مفهــوم!
رفع كتفيه بلا مبالاه مردفًا ببرود: براحتـي.
تطاير الشرر من عيناها و إتّقدتا غيظًا وهي تطالعه بصمت حتي إنتبهـت علي رنين هاتفها القابع بجيب بنطالها فأخرجتهُ وأجابت الإتصـال بهدوء : أيوة يا رقيـه.
أتاها صوتها الملئ بالحمـاس وهي تقول: وحشتينـي يا لولو، عامله إيه؟
نظرت بضجر إلي ريـاض الذي لا يزال يحاصرها بساعديه العريضين ثم تحدثت إليه بهمس: ممكن تبعد شويه ..
حررها من بين يديه لتغادر غرفة المكتب وصعدت إلي الأعلي وهي لا تزال تتحدث إلي رقيه وقالت: أنا كويسه الحمدلله ، أخبارك إنتي إيه؟
_أنا تمام، قوليلي .. كنتي بتتكلمي مع ميـن؟
أجابتها آصال علي مضض: ده ريـاض.
_ميـن؟! صاحت رقيه بعدم تصديق فقلبت الأخيره عيناها بملل وضيق وتابعت: المهـم، إمتا هتسافروا ؟!
= المهم إيه! هو في أهم من كده ؟! قوليلي الأول إيه اللي لم الشامي علي المغربي ؟! إتقابلتوا إزاي؟
_ده حـوار كبيـر مش هينفع في التليفون , لما نتقابل هبقـا أحكيلك.. المهم مقولتليش هتمشوا إمتا ؟
=النهارده.. طيارتنا ٤ الفجر.
_ إن شاء الله ، توصلوا بالسلامه.
=الله يسلمك يا لولو، في أقرب وقت هتلاقيني بكلمك عشان تحكيلي كل حاجه بالتفصيل الممل، إنتي عارفاني مش هعرف أبطل تفكير ولا تخمين..
ضحكت آصال بتهكم مردفه : لا وعلي إيه ، الموضوع مش مستاهل أصلا .. علي العموم enjoy وإبقي طمنيني عليكي.
=ماشي يا حبيبتي ، وبلغي سلامنا لـمستر دراكولا.. قصدي مستر رياض.
أنهت رقيه المكالمه وهي تنظر إلي معتز الذي ينتظرها متحمسًا فقال: بتقوللك إنها مع ريـاض ؟
أومأت بإبتسامه متسعه لتتسع إبتسامته بدوره وقال: إزاي ده! النحس إتفك مره واحده ولا إيه؟
_ الظاهر إنها مش مبسوطه ، بتتكلم بفتور كده مفيش لهفه ولا فرحه في صوتها .. كمان قالتلي إنه حوار طويل ومش هينفع نحكي في التليفون .
قطَب حاجبيه متعجبًا وقال: يا تري هببت إيه أبو طويله .. طول عمره مدب .. صاحبي وأنا عارفه.. ياما قولتله إتعلم مني إزاي تتعامل مع الجنس الناعم.. بس هنقول إيه بقا .
إقتربت رقيه منه أكثر بإبتسامه وهي تدغدغ خصره بمشاكسه وتقول: هو في زيك إنت يا بيبي..
_رقيه.. بغير.. وصدحت ضحكاته العابثه وهو يقول: رقيه بطّلي وحياة أمك..
= مش هبطل..
قالتها وضحكت بدورها ليقول: بطلّلي هتغابي عليكي!
ونهض من مجلسه ثم حملها بخفه علي كَتِفَه ونزل بها درجات السلم مسرعًا متجاهلاً صراخها الضاحك وهي تقول: معتز إنت موديني فين؟ نزلني بقا بدوخ وحياة أمك…
فتح الباب وخرج إلي حديقة الڤيلا وتوقف أمام المسبح ليعلو صراخها أكثر وهي تقول: لالالا.. معتـز الجو برد متهزرش.. معتـزززز….
ألقي بها إلي المسبح لتبتر إستغاثاتها الهزليه ووقف يطالعها مبتسمًا بشماته ثم تخصر بكلتا يديه وهو يقول لها: أدي أخرة اللعب مع معتز كراويه..
كانت قد خرجت لتوّها من المسبح وإنحنت لتلتقط مزهريه صغيره من علي الطاوله المستديره المجاوره لها و ألقته بها لينحني متفاديًا إياها وهو يقول: يابنت المجنونه..
رآها تركض نحوه ليركض تجاه الباب مسرعًا وهو ينظر وراءه مبتسمًا بتسليه ويقول لها: كان غيرك أشطـ….
إصطدم بالجدار بقوه ليسقط أرضًا فإنطلقت ضحكاتها العاليه ليقول بحنق: منك لله يا رقيه ، إنتي واللي يهزر معاكي تاني!
……….
_ آصال صعبانه عليا أوي يا متولي.
تحدث مهدي إلي رفيقه متولي بتأثر وحزن ليربت الآخر علي كتفه ويقول: إنت عملت الصح، وهي مع الوقت هتعرف إنك عملت كده عشان بتحبها وعايز مصلحتها.
أومأ مهدي مؤيدًا وأردف: أنا كل همي راحتها .. وعارف ومتأكد إن راحتها مع جوزها ، بس هي اللي دماغها حجر صوان زي أمها الله يرحمها.
_معلش كل ما تكبر هتتغير.. الواحد طول ماهو عايش بيتعلم يا مهدي وهي لسه صغيره.
هز رأسه بإقتناع وتابع: انا خايف بس تفكر إني إتخليت عنها أو حطيتها قدام الأمر الواقع ، خايف تكون زعلانه مني.
ضحك الآخر بوقتر مردفًا: هتزعل منك إزاي بس، ده هي بكره هتشكرك ألف شكر إنك قربت بينها وبين جوزها .. مش بتقول بتموت فيه!
_وأكتر كمان .. الإتنين روحهم في بعض، وبصراحه هو صعبان عليا لأنه حاول عشانها كتير بس هقول إيه.. العِند يورث الكفر.
=ربنا يهديها ويصلح لها الحال .. هي بس مجرد ما تهدا وتلاقي إن مفيش مفر منه هتسمع له وهتقتنع بكلامه و هتلين وهتبقا عال أوي.
_ياارب .. يسمع منك ربنا، طمني صح.. أخبار الواد أحمد إيه؟
إرتشف متولي رشفةً طويله من قدح الشاي خاصته ثم أسندهُ ألي الطاوله وأردف: الحمد لله، كان بيكلمني إمبارح وبيقول إتعرف علي بنت هناك من أصول عربيه ومعجب بيها ..
وتنهد مكملًا: اللي فيه الخير بقا يقدمه ربنا.
تحدث الآخر متعجبًا وقال: أنا مش فاهم هو إنتوا الاتنين كتير علي بعض لما كل واحد فيكوا في بلد! ما تقوله ينزل مصر، يونسك و يتونس بيك..
هز الآخر رأسه بإستماله طفيفه للأمام وقال: يا مهدي .. سيبه يعيش زي ماهو عايز، أنا يعني هعيشله أد ما عِشت؟
قال الأخير بهدوء رابتًا فوق كتفه: أهو ياخد بحسّك اليومين اللي باقيين في الدنيا ..
وأردف بضجر: أومال إحنا بنخلفهم ليه ؟! مش عشان يسندونا في الدنيا! لما نموت يبقا كل واحد حر في حياته يعيشها زي ماهو عايش!
_ أعمل إيه بس! أهو اللي مطمني عليه إنه مرتاح ، طول ماهو مرتاح أنا ببقا مرتاح ..
=ربنا يصلح حاله ويكفيه شر ولاد الحرام، وتفضل مطمن عليه ومرتاح من يمُّه دايمًا.
_يـارب. بينا بقا نستني الفجر في المسجـد.
و إستقاما كليهما وذهبا سويًا إلي المسجد لينتظران ريثما يصدح صوت الآذان لتأدية صلاة الفجر .
…….
كانت تقف بشرفة الغرفه تشاهده وهو يسبح بمهاره في المسبح المقابل لها وبداخلها تتضارب الأحاسيس وتتناقض العواطف.
الحـب، الشوق، الحزن، اللهفه، الندم ، الأسف والغضب .
كانت كل تلك المشاعر تتحارب مع بعضها البعض بداخلها مما ترتب على جعلها مشتته ، تشعر بالفوضي تحفها وتعيث فسادًا بقلبها.
رأتهُ ينظر تجاهها بعينان حادّتان كالصقـر فتراجعت خطواتها وولچت غرفتها مره أخري.
تنهد بضيق وأغمض عينيه وقد أسند كلا ذراعيه علي حافة المسبح وراح يتذكر عندما أخبرتهُ بسبب قدومها.
يؤلمه كثيرًا كوْنَها فقدت الثقه به إلي ذلك الحد!
هل من الممكن أن تكون قد ساورها الشك حِيالهُ فعلًا؟ ، مما دفعها للحضور إلي بيتهما الذي لم تطأهُ قدماها برفقته يومًا ، فقط لتتحقق مما إذا كان يخونها بالفعل أم لا!!
إشتعل رأسه من فرط التفكير فمدّ يده إلي علبة سجائره وتناول واحدةً ثم أشعلها وبدأ بتدخينها وإنتقل إلي التفكيـر في هوية فاعـل الخيـر ذاك!
لقد بحث خلف الرقم ولكنهُ لم يصِل إلي شئ ، ولم يهتم أكثر ليرسل بالرقم إلي أحد المختصين ليتحقق من هوية صاحبه ولكن أثناء تفكيره إهتدي إلي الإجابه البسيطه التي عَمت عنها عيناه من شدة توتره وإنشغاله، وهي أن صاحب الرقم لا يتعدي نطاق عائلته! والسبب ببساطه ان الرقم الخاص بآصال لا يعرفه إلا قله قليله من المحيطين بهما.
_ إزاي مفكرتش فيها دي !
تحدث إلي نفسه وعلي الفور قام بالإتصال برقم مراد الذي لم يُجِب الإتصال ليقول متهكمًا : جبـان طول عمرك!
…….
كان مراد يمسك بهاتفه مذعورًا ، يجوب الغرفه ذهابًا وإيابًا بتردد ثم فتح الباب وإتجه نحو غرفة والدته التي كانت تمسك بكتاب الله الكريم بين يديها ليقتحم هو الغرفه قائلًا : أمـي ، قولي صدق الله العظيم بسرعه.. قولي صدق الله العظيم بسرعه ..
نظرت إليه ثم تمتمت بسرّها وأغلقت المصحف ووضعتهُ بجوارها ونظرت إليه بإهتمام وقالت: مالك يا حبيبي ، محتاج حاجه ؟
أعطاها هاتفه وهو يقول: بصي .. ردي علي رياض قوليله مراد نايم ومش هيصحي النهارده.
قطبت جبينها بإستغراب وسألته: ليه، ما ترد عليه إنت.
أشار إليها بسبابته بنفي وقال: لأ مش هينفع ، قوليله بس زي ما بقوللك .. قوليله مراد نايم .. ولا أقوللك قوليله في غيبوبه.
_لا حول ولاقوة الا بالله ، ليه بس يا حبيبي الفال الوحش ده .. طب إنت خايف من إيه؟ هو إنت عملت مشاكل في الشغل ولا حاجه ؟
= يا ريت.. ردي بس بسرعه وقولي زي ماقولتلك.
أجابت والدته الإتصال وقالت بإبتسامه: أيوة يا حبيبي إزيك؟
علي الجانب الآخر ، قطب جبينه متعجبًا وقال: الله يسلمك يا أمي ، فينه مراد؟
حانت منها إلتفاته إلي مراد الذي يقف بأقصي الغرفه مذعورًا يتلمس الفرار من ذلك المأزق ثم قالت: مراد ؟! أهو قدامي..
صفع الآخر وجنتيه وأدار وجهه إلي الحائط يضرب جبينه به وهو يتمتم : ليه كدااا.. ليه كدااااا…
_ مراد.. تعالي يا حبيبي كلم أخوك. .. هكذا ألقت إليه والدته لينظر إليها بغضبٍ مكتوم وقال: متشكر جداا.
تناول الهاتف من بين يديها ووضعه علي أذنه بترقب ليستمع إلي صوت رياض يقول بهدوء: مراد ، سامعني؟
أومأ دون أن يتحدث ليقول الآخر بصوت أعلي : مـرااااد .. سـامعني؟
برز صوتهُ من أعمق أعماقه وهو يقول بخفوت : أيـ.. أيوة سامعك!
_أومال مبتردش عليا ليه ؟!
=مانا برد عليك أهو..
_ بترد عليا أهو يا مُتملِّق يا مُتزلِّف ؟! هو إنت يالا مش هتبطل شغل العيال بتاعك ده؟
علي الفور أطلق الآخر لسانه وهو يقول بحنق: وأنا عملت إيه يعني؟! ده ذنبي إنك مهونتش عليا أسيبك بتتعذب وإنت ومراتك بعيد عن بعض !! قولت أساعدكم وألم الشمل من تاني.
_تقـوم تقوللها رياض بيخونك يا غبي!!
=يا رياض مانا ملقيتش حافز أقوي من كده بصراحه يخليها تروح علي ملي وشها هناك ! وبعدين أنا فكرت أقوللها إنك بعد الشر يعني عملت حادثه بس خوفت أفوّل عليك .. قولت أقوللها إنك بتخونها بقا وخلاص .
تنهد الآخر ببطء وقال: ماشي يا مراد ، علي العموم شكرًا.
_إيه شكرًا دي إنت بتتوعد لي يعني لما ترجع ولا إيه؟
ضحك رياض مردفًا: لأ شكرًا بجد .. شكرًا إن آصال جت البيت بسبب أفكارك العبقرية ومخططاتك الشيطانيه دي.
_هو أنا شامم ريحة سخريه في كلامك بس ماشي، هعديها ، و عالعموم لا شكر على واجب يا بوص .. أهم حاجة تكون إنت مرتاح ومبسوط وإحنا كلنا تحت أمرك.
=هتعمللي فيها وطني !؟ إتكل علي الله يلّا وخلي بالك من الشغل عشان مش هكون موجود الفتره الجايه، لو في حاجه مهمه إبعتهالي.
_حقك يا كبيـر .. متقلقش مش هنزعجك ولو برنة تليفون حتي .. take care.
= إتلهـي.
أنهي مراد المكالمه ونظر إلي أمهِ ضاحكًا فقالت: هو في إيه أنا مش فاهمه حاجه..
قصّ عليها ما حدث لتقول: عشان كده كان خارج مستعجل حتي مسمعنيش وأنا بنادي عليه.
ونظرت إلي مراد وقالت: ورياض قاللك إيه بقا دلوقتي ؟ بعد ما إعترفت إنك ورا التصرفات المجنونه دي ؟
_قاللي كلمتين كده مش عارف يعني إيه؟! قاللي يا متزلق يا متزحلق باين.. مش عارف .. المهم إن اللي أنا عملته أتي بثماره وإتقفل عليهم باب واحد.. الباقي عليه هو بقا.
رفعت يديها إلي الأعلي تدعو: ربنا يحنن قلبهم علي بعض ويهديهم ياارب.
نظر إليها مصطنعًا الغضب وأردف: ومفيش دعوتين من دول للجندي المجهول في الليله دي ولا إيه؟
إبتسمت بحنان وقالت: ربنا يراضيك يا حبيبي.
إقترب منها وقبّل خديها مردفًا: وإدعيلي كمان أتجوز بقا .
مسدت رأسه وقالت بإبتسامه عذبه: ياارب يا حبيبي يرزقك ببنت الحلال.
_حبيبتي يا ست الكل، هاتي حضن بقا.
……….
كانت آصال تستلقي علي الفراش بشرود ، تحملق بالفراغ من أمامها وبداخلها تدور الكثير من الخواطر.
إنتبهت علي وقع أقدامه التي تقترب منها فنظرت إليه لتجده يقف أمامها ثم جلس علي حافة الفراش إلي جوارها فإعتدلت وجلست علي الفراش ونظرت إليه بإستفهام ليقول: إيه رأيك نخرج نتعشي بره؟
أشاحت بوجهها جانبًا وقالت: مش جعانه.
_طيب بلاش عشا ، تعالي نتمشي ..
= مليش نفس ، مش عايزة أخرج في مكان.
تنهد بضيق و مد يده يحرك رأسها ليدير وجهها إليه وقال: وبعدين معاكي؟
_وبعديـن معاك إنت يا ريـاض ؟ قالتها بحده طفيفه وتابعت: قولتلك مش جعانه ومش عايزه أخرج ، لو جعان إتفضل كُل لوحدك.
_لأ مش جعان.. طيب وسعي عشان أنـام!
تصنّع البراءه وهو بنظر إليها ببساطه بينما توسعت عيناها وقالت: تنـام فين ؟
أشار برأسه إلي الفراش من جوارها لتقول: هتنام هنا ؟! لأ طبعا .. أنا خلاص إرتحت في الأوضه دي وهنام هنا ، إتفضل إنت شوفلك اوضه تانيه نام فيها؟
إحتد صوته وقال بنزق : لا والله!! يعني هنام في أوضه وإنتي في أوضه؟؟
أومأت بتأكيد وقالت: اومال إنت عايز تنام جمبي؟
أردف بوداعه: ماهو ده الطبيعي يا حبيبي ، مش إنتي مراتي!
أخذت شهيقًا طويلًا ملأت بهِ صدرها ثم زفرته بتمهل وقالت : ريـاض لو سمحـت إتفضل شوفلك اوضه تانيه وسيبني أنام.
نهض دون أن يعقب وإستدار متجهًا نحو الباب فتنهدت بإرتياح وأفتر ثغرها عن إبتسامةٍ ذي إنتصار سرعان ما إنقشعت عندما رأته يغلق الباب بواسطة المفتاح بم وضعهُ بجيب بنطاله قم إستدار إليها مجددًا بإبتسامه سمجه جعلتها تحدق به بدهشه وإنزعاج ثم تقدم منها بتريث وخلَع كنزته لتقول بهلع: إنت هتعمل إيه؟
أردف وهو لا يزال متمسكًا بإبتسامته المستفزه وقال : هكون هعمل إيه يعني؟! هنام .. أصلي مبعرفش أنام وأنا متقيد كده بتخنق ومبيجيليش نوم .
وإستلقي إلي جوارها وهو يقول: معلش بقا مضطره تستحمليني ، إنتي زي مراتي بردو .
كانت لا تزال تحملق به بتعجب ليقول: لو حابه تاخدي راحتك بردو أنا معنديش مشاكل ، أنا جوزك يعني!
إنتبهت علي كلماته لتتمتم بغيظ: وقح.
إبتسم بتسليه ثم مد يده و أخفض الضوء المجاور له ونظر إليها قائلًا: هتفضلي مبحلقه فيا كده؟
أشاحت بوجهها جانبًا وإتخذت من الفراش مكانًا قصيًا إنزوت به وتدثرت بالغطاء من فوقها جيدًا ثم أخفضت الضوء المجاور لها بدورها وأغمضت عيناها وقد أحست بالراحه أخيرًا تتسلل إلي فؤادها فإنزلقت نحو سباتٍ عميــــق.
………..

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عشرون رساله قبل الوقوع في الخطيئه)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى