رواية عرف صعيدي الفصل الرابع عشر 14 بقلم تسنيم المرشدي
رواية عرف صعيدي الجزء الرابع عشر
رواية عرف صعيدي البارت الرابع عشر
رواية عرف صعيدي الحلقة الرابعة عشر
( استغاثة )
______________________________________
_ خفق قلبه بشدة من بعد استغاثة أحدهم به، فآخر استغاثة قد قلبت السرايا رأساً علي عقب بل وحولت حياتهم إلى نقطة مظلمة بشعة لم ينسوها إلى الآن وهي وفاة ”هلال”
_ على الرغم من الرجفة التي لم تتوقف داخله خشية أن يلقى مصرع آخر إلا أنه تلبس ثوب الثبات وبمشوخٍ سأل عسران:-
على إيه الهوجة ديه كلاتها؟
_ أجابه عسران بلهجة لا تسمح بالإنتظار:-
البهايم جالها عدوة كلها طافحة على جلدها وشيعنا جبنا الداكتور جال الجاموس اللي لجط العدوي مهينفعش يدبح لحمه بيجي فاسد
_ انسدلت كلمات عسران كالصاعقة المحملة بخليط من عدم الإستيعاب والصدمة، أسرع خليل خطاه نحوه وهو ينوح بعجالة:-
هم بينا على الغيط نلحجوا اللي محتاچ يتلحج
_ دلف خليل للخارج أولهم ومن ثم تبعه عسران ومصطفى الذين ركضوا في عجالة من أمرهم لعلهم يلحقوا تلك الكارثة.
_ ظهرت ورد من خلف باب غرفة الضيافة بعدما تأكدت من خلو المكان من الرجال، لوت السيدة نادرة شفتيها وألقت حديثها بامتعاض:-
جولت جدم شوم محدش صدجني
_ أولاتها ظهرها وعادت إلى غرفتها بتريث فلم تسمح لتوترها الذي تمكن منها بالكامل في الظهور أمام تلك البغيضة لكي لا تستضعفها، بدأت تفقد صوابها ما أن أوصدت باب غرفتها وانهارت تماماً.
_ هرولت راكضة إلى الشرفة وهي تتمتم داعية:-
سترك يارب استرها معاهم ومتخيبش آمالنا واصل..
_ لم تتحلى بالشجاعة في الدخول وترك الأمر للوقت تعلم عواقبه من أحدهم، فضلت المكوث مكانها إلى أن يظهر ما يطمئنها بسيطرتهم على تلك المصيبة المفجعة.
_ في الاسفل، لم تحرك ورد قدميها التي باتت ثقيلة ولم تنجح في رفعها عن الأرض بعد سماع كلمات السيدة نادرة التي وقعت علي أذنها ألجمت لسانها وشتت عقلها، كلما نجحت في تعديل صفوها وعدم التأثر بما يدور من حولها تأتي هي وبكل سهولة تبخر عدم مبالاتها وتعكر صفوها المزاجي.
_ جائتها صفية تواسيها علي ما بدر من تصرف السيدة نادرة، ربتت على ذراعيها مرددة:-
متشليش في جلبك يابتي
_ إلتوى ثغر ورد ببسمة متهكمة ثم حولت مسار الحوار بسؤالها مستفسرة:-
متشغليش عجلك أنتِ المهم معناته إيه أن البهايم جالها عدوة؟
_ نكست صفية رأسها في حزن وأجابتها متحسرة:-
ربنا يستر يابتي دي مصيبة واعرة جوي الغيط فيه ميجلش عن الخمس تلاف بهيمة وشوفي بجا لما تاجي لبهيمة واحدة عدوة ومتتلحجش ده إذا كان ينفع تتلحج تبجي الخساير كاتيرة وياما عشان أكده بجولك ربنا يستر
_ رمقتها ورد متأثرة بحديثها ورددت بتمني:-
ربنا هيسترها إن شاء الله
_ عادت ورد إلى غرفتها تجر أذيال خيبتها خلفها، كلما شعرت بتحسن الأوضاع تأتي رياح عاتية مصحوبة بعواصف قوية تضرب وتخرب كل شيئ ويصبح الوضع رماداً ليس إلا.
_ كعادتها في غياب مصطفى لا تنجح في النوم قبل أن تطمئن عليه وخصيصاً أنه في حالة لا يرثى لها، دعت الله بأن يلقى مصطفى عاقبة الأمر هينة وليست مفجعة.
______________________________________
_ اجتمعت العائلتين في منزل الحاج حنفي وقد افترقت النساء عن الرجال في مجلسهم ليكن أكثر راحة.
_ رحب الحاج حنفي بحمدي وولده طاهر بحفاوة شديدة عكس ضيف الذي كان جسد بلا روح لا يقدر على النطق فذهنه شارد تماماً ولا يفكر في شيئ سوى كيفية إصلاح خطأه الفادح الذي اقترفه في حق صفاء!
_ في مجلس النساء رحبت والدة ضيف بهم ثم أمرت خادمتها بضيافتهم على أكمل وجه، شكلت ثريا بسمة ممتنة وأردفت:-
دايما داركم عامرة يا أميمة
_ بادلتها الأخرى إبتسامة سعيدة وهتفت مرحبة:-
الحلو كله يتعمل لكم يا ثريا
_ وجهت بصرها على صباح التي لم ترفع نظريها عن مجلس الرجال تتابع ما يحدث باهتمام بالغ، حمحمت أميمة لتجذب انتبهاها وأردفت:-
ربنا يفرحك بصباح عن جريب يا ثريا اسم الله عليها كبرت وبجت جمر
_ تصنعت صباح الحياء وأخفضت رأسها مع رسم بسمة خجولة بينما ردت عليها ثريا ممتنة لـ لطفها:-
ربنا يخليكي يا حبيبتي ويباركلك في ولادك
_ مالت أميمة على أذن ثريا وهمست لها بفرحة ظاهرة في نبرتها:-
البت بسمة حِبلة بجالها شهرين وأنتِ والله من أوائل الناس اللي تعرف
_ رمقتها ثريا بسعادة مهللة:-
ربنا يتمم لها علي خير يارب
_ وضعت أميمة يديها على يد ثريا وأردفت مطالبة بشيئ:-
خلي الموضوع بيناتنا دلوك على لما تعدي الشهور الأولى دي أنتِ خابرة زين إنها بتبجي شهور كلها تعب وخوف
_ أسرعت ثريا بالرد عليها وهي تشير إلى فمها قائلة:-
ولا كاني سمعت حاجة واصل متجلجيش
_ انشغلن السيدات في الحديث كذلك صباح التي لم تكف عن الثرثرة مع مروة وشقيقتها الكبرى، في الخارج تبادلا الرجال أطراف الحديث من بينهم زوج بسمة “إبراهيم” عدا طاهر وضيف اللذان حلقت عقولهم في سماء دنيا خيالهم.
_ أنتبه طاهر لقول والده الذي كان يردد مازحاً:-
اللي واكل عجلك يتهني به يا ولدي
_ أضاف ابراهيم للحديث لمسته المرحة:-
هي كلته من دلوك بعد الجواز بجا هتطيره خالص
_ قهقه حمدان والحاج حنفي على داعبة ابراهيم بينما اكتفى طاهر برسم بسمة لم تتعدي شفاه، استمع جميعهم لتوعدها له من على مقربة منهم:-
بجا اكده يا إبراهيم ماشي لينا دار نشوفوا فيه الحكاية ديي
_ رد عليها مستاءً:-
طب كبريني جدام الخلج مش لازم تفضحيني
_ تدخل حمدان داعياً لهم بمحبة متصنعة:-
ربنا يخليكم لبعض يا ولدي
_ لكز طاهر في ذراعه ما أن أنهى جملته لكي يخرجه من شروده الواقع بينه من وقت حضوره ثم وجه حديثه إلى الحاج حنفي بتريث:-
بجا يا حاج حمدي إحنا إهنه النهاردة عشان نطلب يد مروة زينة البنتة لولدي طاهر، ها إيه جولك؟
_ تشكلت بسمة سعيدة على محيا الحاج حنفي وأجابه بصدر رحب:-
وإحنا في ديك الساعة لما ننسابوا ولد حمدان المنشاوي، اني مهلاجيش لبتي راجل زين كيف طاهر وأخلاجه
_ ربت حمدان على فخذ الحاج حنفي حاسماً أمره بألا يطيل الأمر ربما بفعلته يكسب محبة ولده ثانيةً:-
يبجي نعلي الجواب ونجروا الفاتحة والخميس الجاي كتب الكتاب والدخلة
_ تفاجئ الجميع بسرعة قرار حمدان الذي اتخذه دون رجوع لاياً منهم كما صدم طاهر لتهور والده في إتخاذ قرار لم يحسم له وللأن لا يعرف للهروب سبيل، تدخل حنفي معترضاً:-
بس يا حمدان الخميس الجاي بدري جوي مهنلحجش نجهزوها في سبوع وعلى حد علمي أن طاهر ملوش دار
_ رمقه حمدان بطرف عينيه وأجابه معاتباً:-
إحنا مرايدنيش منك أيتها حاجة يا حاج حنفي كفاية هي يراجل، وبعدين إحنا سرو عيلتنا الواد ميخرجش برا دار بوه إحنا هنحجز الاوضة من أول وجاديد حاچة أكده تليج بالعرسان ولا اجدعها أوضة في سرايا العمدة، وافج انت لاول واحنا نتفج على حل يرضينا
_ تحدث الحاج حنفي بعزة نفس وتعالي:-
لاه يا ابو طاهر أني هجهز البت كيف ما جهزت أختها وموضوع الدار ديه يرجع ليها توافج أو لاه وديي مفيهاش عيب ولا إيه؟
_ أجابه بلهجة سريعة:-
لا عيب إيه لا سمح الله اسألها طبعاً
_ ارتفعت نبرة الحاج حنفي وهو ينادي بصوته الأجش:-
مروة، تعالي يابتي رايدك
_ جائته تمشي على استحياء منكسة الرأس لا تجرأ على رفع بصرها في وجوه الجالسين، وعلى رغم من أنها لم تنظر إلى أحدهم إلا أن وجنتيها قد تلونت بالحمُرة الصريحة خجلاً من الموقف الواقعة فيه.
_ ألقى والدها بسؤاله حين وقفت أمامه ملبية ندائه:-
عمك حمدان عيجول أنه هيجهزلك اوضة طاهر على كيفك موافجة ولا تحبي يكون ليكي دار لحالك؟
_ صمتت مروة فلم تتحلى بالشجاعة لتجيبه أمام الجميع بينما خفق قلب صباح خوفاً من أن تعترض مروة على بقائها معهم في المنزل نفسه وخطتها التي رتبت لها طويلاً تكون هباءً منثورا.
”اللي تشوفه حضرتك يا أبوي”
_ أردفت بهم مروة بنبرة خافتة بالكاد سمعها الجميع ثم هرولت عائدة حيث جائت فقال حنفي مرحباً:-
على بركة الله نجروا الفاتحة
_ قام حنفي بتنبيه زوجته قائلاً:-
هنجرو الفاتحة يا أم ضيف
_ ارتفعت أيادي الجميع يقرأون الفاتحة لكي تُبارك العلاقة، كان يتابع طاهر ما يحدث في صمت مريب، يكاد يصغي إلى صدي نبضاته التي تحثه على الفرار من تلك الزيجة اللعينة، عاد إلى واقعه حين ارتفعت الزغاريد في المكان كما هم الجميع في مصافحة بعضهما البعض فرحين بتلك المناسبة السعيدة.
_ جائت خادمة المنزل حاملة لأكواب الشربات ”المشروب المتعارف عنه في مثل تلك المناسبات” وقامت بتقدميه مع إطلاق الزغاريد من آن لآخر ثم انسحبت إلى المطبخ حين انتهت من مهمتها.
_ تذكرت ثريا بأن ولدها لم يحضر من الحُلي شيئاً فالمتعارف في المناسبة كتلك أن يقدم العريس حُلي فاخر لعروسه، نهضت من مكانها ودون تردد فكت عقدها الفاخر ومن ثم سوارها وخاتمه ليكتمل الطقم، اقتربت من مروة وأردفت بحنو:-
الطجم ديه هادتني بيه أم زوچي لما جم يتجدموا لي وأني نويت إني اجدمه لمرت ولدي
_ قامت ثريا بمساعدة مروة على ارتداء الحُلي ثم قالت متممة بعدما ألقت نظرة متفحصة على طاقهما العزيز:-
تتهني بيه يا حبيبتي
_ نهضت أميمة وبدأت تزغرد عالياً معللة سبب إبدائها للزغاريد:-
ست ثريا لبست مروة الشبكة يا حاج حنفي
”ين يا أم ضيف مبروك عليها’
_ هتف بهم الحاج حنفي بنبرة متريثة بينما تفاجئ طاهر بحديثهم الذي تناولوه لتوهم، فهو لم يحضر أي حُلي إذاً عن ماذا يتحدثون هم؟
_ ظهرت مروة برفقة صباح التي لا تسعها السعادة بسبب سير خطتها على النهج الصحيح كما تبعتهم ثريا وأميمة وأخيراً بسمة
_ چحظت عيني حمدان حين رأى طقم الحُلي الفاخر العائد لزوجته على مروة بصدمة جلية قد حلت على تقاسيمه كذلك لم يكن طاهر أقل منه صدمة فهو على دراية بحب والدته لذلك الحُلي وعدم رضاها بأي أطقم أخري غيره.
_ لعن تناسيه للأمر الذي أجبر والدته في إهداء ما تحبه لغيرها، كز على أسنانه بعصبية ولعن نفسه مراراً داخله، شعر بالإختناق الشديد يجتاحه وتمنى أن تنتهي تلك الزيارة سريعاً ربما يشعر بالتحسن ما أن فر من بينهم
_ أنتبه الجميع لرنين الجرس مع طرقات أحدهم على الباب بصورة غير لائقة، نهض الحاج حنفي من مقعده وقد احتدت تعابيره ومالت إلى الغضب لتلك الطريقة المريبة وردد مستاءً:-
واه مين اللي عيخبط بالطريجة ديي
_ علم بهوية الطارق بعدما فتحت له الخادمة فأسرع حنفي في نهره بغضب:-
أنت كيف يواد أنت تخبط على الباب أكده؟
_ أجابه الآخر بلهجة غير قابلة للنقاش:-
معلاش يا حاجة حنفي بس فيه مصيبة وحلت علينا
_ دني منه حنفي وهدر به شزراً:-
مصيبة إيه يا جلوص الطين انت انطج
_ وضح الآخر قصده مردداً بتلعثم:-
فيه عدوة مسكت في البهايم وعتتنجل وسطيهم بسرعة البرء ومعارفينش نتصرفوا كيف
_ اتسعت حدقتي الحاج حنفي بصدمة قد حلت عليه ثم التفتت إلى حيث يقف ضيوفه وقال بإرتباك حرِج:-
معلاش يا حمدان هروح أشوف المصيبة اللي حلت على روسنا ديي الدار دارك
_ أعاد النظر إلى عامله وأمره بغضب:-
هِم بينا يواد
_ استغل طاهر الفرصة ووجه حديثه إلى ضيف:-
روح ويا بوك يا ضيف إحنا هنمشي ربنا يجيب العواجب سليمة
_ اصطحب طاهر عائلته وغادروا بعدما استأذنوا من الآخرين بينما لحق ضيف بوالده برفقة إبراهيم
_ في الخارج، لم يكف حمدان عن التذمر موبخاً زوجته:-
أنتِ كيف تتصرفي من دماغك وتدي البت طقم غالي بالساهل أكده؟
_ رمقته ثريا بنظرات مشتعلة وأجابته بحدة:-
وأنت إيه اللي مضايجك؟ ديه من مال أبوي أعطيه للي على كيفي والبت هتبجي مرت ولدي يعني هتاخد حتة من جلبي استخسر فيها حبة دهابات
_ ربت طاهر على كتف والدته ممتناً لها بينما نهرها حمدان بإنفعال شديد:-
ولدك اللي يجيب لعروسته مش..
_ صمت حمدان من تلقاء نفسه حين أنتبه لأصوات وحركة مريبة في الارض الذي يدس أسفل ترابها سلاحه، أسرع خطاه لكي يعلم حقيقة الأمر، اتسعت مقلتيه بصدمة كبيرة حين رأى ألة البلدوزر وهي تدفع التربة بعيداً عن موضعها.
_ شعر بإنتهاء عصر فرض ظلمه وقوته وهو يرى بأم عينيه ضياع سلاحه الذي حتماً سيقع بين أيدي أحدهم وسيسلموه لرجال الشرطة.
_ استدار نحو طاهر وجذبه من يده أبعده عن المكان وأردف بنبرة مرتجفة:-
إلحجني يا ولدي بوك هيروح في شربة موي
_ قطب طاهر جبينه لعدم استعيابه وسأله بفتور:-
تجصد إيه بحديتك ديه؟
_ ألقى حمدان نظرة على الآلة التي تحفر الأرض دون توقف ثم أعاد النظر إلى طاهر وأجابه بتوجس شديد:-
أني داسس السلاح اللي اتجتل بيه هلال في الأرض ديي!!
_ رمق طاهر المكان من خلفه بجمود وردد بلامبالاة:-
وأني مالي عاد؟
_ خرج حمدان عن هدوئه وانفجر فيه منفعلاً:-
بجولك الدليل اللي يديني ممكن يجع في يد حد وأنت تجولي أني مالي عاد، أنت ولدي ومجبور تدور معايا عليه جبل ما حد يعتر عليه وأورح في طيس
_ تراجع طاهر للخلف ثم أولاه ظهره وتحدث بجمودٍ مميت:-
غلطتك وأنت اللي تتحمل عواقبها مش أني..
_ تركه وعاد إلى والدته وشقيقته واصطحبهم إلى المنزل، بينما وقف حمدان يتابع ما يحدث وقلبه ينخلع رعباً كلما حملت الآلة من التربة قدراً آخر، انتظر بفروغ صبر إنتهاء عملهم لكي يذهب إلى الرمال الملقاه على الجهة الأخرى ويستعيد سلاحه في حال أنه لم يقع في أيدي أحدهم.
_ بعد ساعات قضاها حمدان في البحث عن سلاحه المختفي لم يصل إليه بالأخير، علم بأن نهايته على حافة الاقتراب، عاد إلى منزله يجر خيبته خلفه، ولج للمنزل بذهن شارد لا يري أمامه
_ أوقفته ثريا وهي تضع إحدي ذراعيها في منتصف خِصرها رافعة حاجبها مستاءة من تأخيره:-
راجع وش الفجر ليه يا حمدان كنت بتجتلك واحد كمان ما أنت بجيت جاحد ولا يهمك عقاب ربنا
_ لقد جنت على نفسها تلك اللعينة بكلماتها التي أردفتهم في وقت غضبه الذي يتقد بداخله، رفع بصره عليها وهو يكز على أسنانه بغل، اقترب منها وحاوط عنقها بيده وشد من قبضته عليها، بدأت ثريا في الإختناق وحاولت التملص من بين قبضته لكنه كان أقوى منها ولم يرأف بحالتها المذرية التي باتت عليها
_ حدثها من بين أسنانه المتلاحمة بغضب:-
معنديش مشكلة تبجي أنتِ التانية حتى نرتاحوا منك
_ التف حمدان حول نفسه إثر دفعة أحدهم القوية له، عاد لاتزان جسده بصعوبة وبحث بسودتاه على من قادته شجاعته وفعل ذلك، حتماً هو ليس غيره
”طاهر”
_ نطقها حمدان ببغض واضح واقترب منه يريد صفعه، منعه طاهر من الوصول إليه بتقيده لحركة ذراعيه هاتفاً بحنق:-
يدك المعلونة ديي متتمدش على أمي تاني واصل، أني اللي هجف جصادك بعد إكده والعين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم يا أبوي.
_ استشف حمدان بأن من يقف قبالته ويحادثه ليس طاهر الوديع الذي كان يأمره فيلبي أمره بطاعة دون اعتراض، لقد خلق منه وحشاً خالٍ من الرحمة اكتسب جحوداً في صفاته الجديدة.
_ لم يعقب عليه فرونقه لا يسمح له بالمشادة معه أو ربما لتأكده من خروجه منهزم إن تعارك معه، جر قدميه بثقل إلى غرفته بينما اصطحب طاهر والدته إلى غرفته لكي يسترد لها أمانها لطالما سرقه منها حمدان بتصرفه المتهور.
______________________________________
_ يحاول الأطباء البيطريين السيطرة على الأوضاع الصحية للمواشي التي انتقلت إليها الحمي، ظل مصطفى طيلة الليل يؤمر العمال ببعض الأوامر التي تساعد على إنقاذ اكبر قدر من الحيوانات بفصلهم عن بعض بعد إجراء فحص شامل يدل على تمام صحة الماشية.
_ بعد عدة ساعات لم يغفل له جفن حتى ساهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، توجه إلى خزان المياه الذي يتوسط المزرعة، فتح صنبوره فانسدلت المياه بغزاره، مد يده وغسلها جيداً ثم حاول جمع قطرات المياه في يديه وانحنى عليها يرتشف منها الكثير ليروي زمئه.
_ استدار بجسده ولم يتقدم خطوة للأمام، وضع كلتى يديه في منتصف خِصره ووقف يتابع هرولة الفلاحين والأطباء الذين يحاولون إنقاذ المواشي، أوصد عينيه لبرهة ثم أعاد فتحهما على الجهة المعاكسة متحسراً على هذا الكم الهائل الذي لم يلحقوا بمعالجته وقد مات في الحال فلقد تملكت منهم العدوى قبل أن يلاحظوها.
_ أزفر أنفاسه بضجر بائن فالخسارة ليست هينة وسوف تأتي بعواقب عدة، قطع حبال شروده صوت والده المتعب:-
أني معاود السرايا يا مصطفى مجدرش أجف أكتر من أكده هتاجي معايا؟
_ حرك مصطفى رأسه رافضاً وردد بنبرة مستاءة معانقة للإرهاق:-
لاه أني هجعد إهنه عشان لو حد احتاجني في حاجة
_ أماء له خليل بتفهم ثم أولاه ظهره وغادر وهو يتوكأ على عصاه التي تتحمل ثقل بدنه بصعوبة، بينما عاد مصطفى إلى الأطباء يتابع ما يفعلوه باهتمام.
______________________________________
_ حاولت ورد التغلب على نعاسها باستمرار إلى أن تغلب هو منها مع بزوغ الفجر وسماعها لزقزقة العصافير وبعدها مباشرةً بدأت تشرق الشمس في أجواء هادئة أضافت لمسة ساحرة أزادت من عدم تماسكها أمام النوم.
_ غفت وهي جالسة على طرف الفراش مستندة برأسها على جداره، لم تمر خمس دقائق حتى انتفضت بذعر على صوت يتردد صداه في أرجاء الغرفة، كانت تلك السيدة نادرة من اقتحمت الغرفة دون سابق إنذار برفقة صفية التي نكست رأسها بحزن شديد بعدما تقابلت أعينها مع زرقوتي ورد المذعورة.
_ نهضت ورد عن مقعدها ولازالت تحت تأثير الذعر، لم تهدأ نبضاتها المتزايدة بعد، حاولت فهم ماذا يجري لكن لم تعطيها السيدة نادرة فرصة السؤال وأردفت هي بنبرة أمرة:-
همي ننضف الأوضة اللي بجالها ياما متنضفتش ولا شافت ريحة النضافة ديي
_ اقتربت السيدة نادرة من ورد وتعمدت دفعها بقوة مرددة بنظرات ساخطة:-
بعدي أكده خلينا ننضف الأوضة جبل ما ولدي يعاود
_ أمسكت ورد بجدار الفراش لكي تضبط خلل توازنها التي تسبب به نادرة وعادت لوقفتها بقامة منتصبة، لم تتحمل ما يحدث ودلفت للخارج تاركة لهم حرية التصرف في غرفتها التي من المفترض لها أحقية خاصة في استخدامها.
_ بعد مرور ساعتين انتظرت ورد بفروغ صبر انتهائهم مما تقومن به لكن لا شئ ينتهي كأن نادرة متعمدة ذلك، صغت إلى حكة أصدرتها إطارات إحدى السيارات، اقتربت من النافذة فتفاجئت بعودة مصطفى، توجهت نحو الباب لتكون في استقباله ولكن عزول علاقتهم قد حضرت أولاً ووصلت قبلها.
”حمدالله علي السلامة يا ولدي الامور كيفها معرفتش اتحدت ويا بوك كان تعبان ونام أول ما فرد جسمه علي السرير”
_ أردفتهم نادرة متسائلة بإهتمام، أجابها مصطفى بحزن يكسو وجهه:-
الخساير كابيرة جوي ياما ربنا يستر ونجدر نسطير على باجي المواشي جبل ما العدوى توصل لجلبها كيف ما حوصل للمواشي اللي ماتت
_ رفعت نادرة كلتي يديها داعية الله بقلب سليم:-
يارب أرفع غضبك ومقتك عنا يارب، استرها معانا يارب
_ فرك مصطفى عينيه بتعب وردد:-
هصعد أبدل هدمتي وأعاود تاني
_ تبعته ورد إلى الأعلى لكنه قد اختفى خلف باب غرفته، كادت أن تولج خلفه لكن خروج صفية من غرفتها أوقفها حين أردفت بندم شديد:-
أني أسفة يابتي حكم الجوي مجدرتش أجولها لاه
_ اقتربت منها ورد مشكلة إبتسامة عذبة على ثغرها الوردي، ربتت على ذراعها وحدثتها بلين تثبت لها عدم انزعاجها منها:-
عارفة إن ملكيش ذنب بس هنعملوا إيه عاد؟
_ أخرجت ورد تنيهدة مرهقة مليئة بالهموم وواصلت حديثها:-
فينها صفاء مش ظاهرة؟
_ رفعت صفية عينيها على ورد وكأنها ذكرتها بشيئ قد غفلت عنه وهتفت:-
واه لتكون لساتها نايمة ومراحتش جامعتها، لما أروح أكلمها في المحمول عن أذنك
_ غادرت صفية مهرولة بينما توجهت ورد إلى الطريق الذي يفصل بينهما، تفاجئت بخروجه قبل أن تهم هي بالدخول، بادلته إبتسامة خجولة وقالت بحياء :-
صباح الخير
_ رد عليها مصطفى بمزاج غير سوي:-
صباح النور
_ حمحمت قبل أن تتابع ما تريد قوله مردفة:-
سمعتك وأنت بتجول الخساير كابيرة جلبي عندك
_ أجابها مختصراً:-
ربنا يستر
_ ابتلعت ريقها وبتردد أخبرته:-
كنت رايدة أروح دار أبوي كيف ما جولتلك ليلة امبارح
_ أماء لها بقبول وردد بلامبالاة فذهنه شارد في الفاجعة التي تركها خلفه وعاد إلى السرايا:-
ربنا يسهل يا ورد
_ ألحقت به قبل أن يغادر وقالت مُصرة:-
إيوة ميتي يعني؟
_ تأفف مصطفى بضجر بائن وأجابها بإنفعال شديد:-
مخابرش ميتي، أنتِ شايفة إن وجته الحديت في الموضوع ديه؟ ولا أنتِ مشيفاش حجم المصيبة اللي وجعت على روسنا، معتحسيش إياك!
_ لم تتفاجئ ورد بحديثه بل صعقت بسبب إهانته لها، رمقته بنظرات محملة بالخذلان التي شعرت به حينها، تمالكت عبراتها التي تهدد بالنزول ثم انسحبت من أمامه بهدوء تحول تدريجياً إلى هرولة إلى أن اختفت خلف باب الغرفة اللعينة التي لا تعلم أن كانت ملكها أم لا
_ أوصد مصطفى عينيه لثوانٍ يلعن زلته التي تسببت في إحزانها، فتح سودتاه ورمق الباب خاصتها ثم حرك رأسه مستنكراً وتابع سيره إلى الأسفل ومن ثم ركب سيارته وغادر بها عائداً إلة المزرعة.
_ وقفت ورد خلف الباب تكتم شهقاتها التي خرجت رغماً عنها وتحولت إلى بكاء غزير، نظرت إلى معالم الغرفة بنفور شديد مختلط بشعور عدم الإنتماء لهذا المكان، لم تشعر يوماً بأنه وطنها لطالما عليه حمايتها وإن لم تشعر بالأمان والطمأنينة في وطنها فبتأكيد ليس موطنها الحقيقي!
_ تقدمت إلى الأمام باحثة عن هاتفها المحمول ولم تتردد ثانية في مهاتفة من تبقي لها من العائلة، انتظرت قليلاً فأتاها صوته المتحشرج الذي يدل على عدم استيقاظه بعد:-
مين؟
_ ردت عليه بنبرتها المبحوحة التي تزداد وقت البكاء:-
اني ورد يا طاهر
_ لم يتسلل صوتها إلى شحمة أذنه بل صُوب داخل صميم قلبه مباشرةً، انتفض من نومته وأجابها بنبرة ولهانة:-
ورد! كيفك يابت عمي؟
_ مسحت عبراتها براحة يدها كما أخذت شهيقاً عميق لكي تواصل مكالمتها وبعد لحظات أردفت بتردد:-
أني زينة بس رايدة منيك طلب..
_ لم يطيل الصمت وأجابها بلهفة:-
أنتِ تؤمري
_ نظرت ورد بتفحص للمكان التي تود الفرار من سجنه وأردفت بحسم:-
……………….
______________________________________
_ اجتمع كبار القرية في مبنى خاص قد قام العمدة بتشيده ليقام فيه الجلسات العُرفية بين أهالي البلدة يتناقشون فيه لحل مشكلاتهم.
_ جلس خليل يتشاور مع أهل قريته في تلك الحمى التي سيطرت على أغلب ماشية البلد، تبادلوا أطراف الحديث كما يبحثون عن حلول قاطعة لتلك العدوى المتسببة في خسائر كبري
_ الجميع منتبه ويصغي باهتمام ربما يصلوا إلى طريقة ما يعوضون بها الخسائر الباهظة التي وقعت على عاتقهم دون سابق إنذار عدا مصطفى فلم يسمع أي من الأحاديث التي تناولها الجميع من حوله فعقله لا يتوقف عن إيلام نفسه علي تصرفه الأخير مع ورد.
_ يلعن زلة لسانه تارة وتارة أخرى يحاول إيجاد تبريرات لتصرفه، لكن في النهاية يصل إلى نقطة مشتركة بين تضاد أفكاره وهي اللوم، يشعر بالإختناق والتعصب كلما تذكر نظراتها التي أرسلت إليه فيهما إشارات معاتبة وكأنه خذلها!!
”مصطفى يا مصطفى”
_ أنتبه لنداء والده المتكرر الذي أخرجه من شروده وردد بذهن شارد:-
بتجول حاجة يا بوي؟
_ قطب خليل جبينه بغرابة من أمر ولده المريب وردد مستاءً:-
أبااه أديلي ساعة بنادم عليك وأنت ولا إهنه
_ نهض مصطفى عن مقعده وأردف بنبرة متعبة:-
معلاش يا بوي من جلة النوم هستأذن أني
_ سمح له والده بينما مرر مصطفى أنظار على الجميع وأخذ منهم إذن المغادرة ثم هرول للخارج مسرعاً بخطى متريثة، عاد إلى السرايا وهو يعد الثوانِ لكي يلتقي بورد حتى يصلح ما اقترفه
_ كانت والدته واقفة بقرب من الباب في استقباله عاقدة ذراعيها ووجها لا يبشر بالخير، ألقى عليها مصطفى التحية ثم سألها متلهفاً وهو يبحث بسودتاه على ورد:-
ورد لساتها في أوضتها ياما؟
_ رفعت نادرة حاجبيها للأعلى ورددت بتجهم:-
وااه أنت متعريفيش إن مرتك مشت مع واد عمها!
_ لوهلة توقف عقل مصطفى عن الفهم وأعاد ما أخبرته به بعدم استيعاب:-
مرت مين مشت مع مين بتجولي إيه ياما مفاهمش حاچة
_ دنت منه والدته وأعادت تكرار حديثها ليكون أكثر وضوحاً:-
مرتك ورد مشت مع واد عمها طاهر من جيمة ساعة أكده، ولا عملت حساب لكابير الدار ولا لچوزها راجلها اللي عيجف جصاد أمه عشانها.
_ كانت تلدغ سُمها كالثعبان ولا تبالي، فالمقصود تخريب علاقتهم المبجلة، لم تدري ماذا أصابت فيه من وراء كلماتها اللعينة، برزت عروق يد مصطفى من شدة قبضته على أنامله دون شعور منه.
_ أولاها ظهره سريعاً وتحرك مبتعداً عنها بخطى غير مستقيمة إلى أن استقل خلف مقود سيارته وهو يتوعد لها أشد الوعود، لم يعلم كيف وصل إلى منزلها بتلك السرعة لكن لا يهم الأن
_ ترجل من السيارة وتوجه مباشرة إلى منزلها، طرق بابها بعنف ووقف خلفه ينتظر ظهورها على أحر من الجمر فعقله يرفض بتاتاً سيرها مع رجل غيره.
_ كست وجهه الحُمرة القاتمة من فرط غضبه الذي انفجر عليها ما إن ظهر طيفها أمامه، دفع الباب بعنف وولج بخطاه كالثور الهائج الذي يود الفتك بضحيته
_ حالة من الذعر سيطرت على ورد لاقتحامه المنزل بأسلوبه الهمجي ذاك، حاولت تلبس ثوب الشجاعة أمامه فعلى ما يبدوا لا يعجبه مغادرتها للمنزل دون إذنه وخاصة مع إبن عمها.
_ صاح بها مصطفى بكل ما أوتي من قوة بغضب لا يسعه الكون:-
أنتِ كيف تهملي الدار من دون إذني وكمان مع راجل غريب، جبتي الجرأة منين تعملي أكده من غير ما ترجعي لي ولا تحترمي رجالة الدار اللي عتجعدي بين جدرانه؟
_ رمقته بنظرات احتقارية مشتعلة ولم تصمت بل أنفجرت به وأخرجت كل ما يكمن في جوفها بعدم خوف:-
جصدك سجن مش دار، سجن محبوسة بين جدرانه ومخابراش الافراج هيبجي ميتي؟ كل ما يتخلج أمل جاديد جواتي تاجوا كلاتكم تموتوا كل ذرة أمل عيندي بعمايلكم
_ لوى مصطفي شفتيه للجانب بتهكم فهرائتها لم تقنعه ولم تهدئ من شعوره بالغضب بل ضاعفته بنبرتها المنفعلة التي تحادثه بها وهدر بها مستاءً:-
أسباب تافهة بتحوصل في كل دار بين اي راجل ومرته، مش أسباب لعملتك اللي عملتيها، ديي عاملة متتغفرش
_ قهقهت ورد عالياً بسخرية وقالت:-
اديك جولتها بين راجل ومرته، أني لا مرتك ولا أنت جوزي وكل اللي بينا حتة ورجة ملهاش عازة، لا في عشرة ولا رصيد يخليني اتغاضي عن اللي بيحوصلي منكم بالعكس أني من وجت ما عتبت السرايا وأني اتجل مني وكرامتي ادهست بأقذرها بُلغة ولحد إهنه وكفاية جوي أني مهتحملش اكتر من أكده حتى لو كنت بحبك.
_ صرحت ورد بحبها له دون ترتيب سابق، خرجت كلماتها عفوية صادقة بدون زيف أو تجميل، لم تشعر بالندم لانها اعترفت بحبه الذي يختبئ داخل قلبها، ربما ذلك الأفضل أن تبوح بكل مشاعرها سواء كانت سيئة أو كانت نبيلة فلقد شعرت ببعض الراحة ولو عاد الزمن بها لن تتراجع عما تفوهت به.
_ بحث مصطفى بين خلايا جسده عن غضبه فلم يجد له أثراً، تبخر تماماً ما أن صرحت بحبها له، يا حبذا عيش شعور الإعتراف بالحب للمرة الأولى، لن ينكر أنه سمع من قبل عن جمال تلك اللحظة لكنه لم يعلم أنها بتلك الروعة!!
_ لم يتردد لحظة في الإقتراب منها بقلبٍ خالٍ تماماً من أي مشاعر غير سوية، لقد نجحت ورد في إشراق قلبه وإعادة حيويته وعنفوانه من جديد.
_ تراجعت ورد للخلف حين رأته يتقدم نحوها غير قابلة أي تصرف منه في تلك الأثناء وحاولت إيقافه بنبرةِ صارمة:-
متحاولش تجول أو تعمل أي تصرف عشان هيكون مجاملة مش أكتر
_ توقف مصطفى عن السير وعقد ما بين حاجبيه بحيرة وقع فيها وردد متسائلاً:-
هو فيه بين المتزوجين مجاملة؟
_ أماءت له مؤكدة وأردفت بعناد:-
أيوة فيه.
_ أخذ مصطفى يزفر أنفاسه المتهدجة في صعوبة فلقد أغلقت في وجهه جميع السُبل لإرضائها فردد بقلة حيلة:-
مخابرش أعمل إيه عشان أرضيكي أنتِ مجفلة عليا كل الطُرج جوليلي أعمل إيه وأني هعمله
_ نفخت ورد بتذمر وأجابته بفتور قاسٍ:-
مخابراش كل اللي أعرفه اني مريداش اتراضى دلوك عشان كل اللي هتعمله عحسه مجاملة وإنك بتعمل أكده بعد ما نبهتك لزعلي وسبب مضايجتي
_ حاول مصطفى تلين عقلها بقوله:-
طيب همي نعاود السرايا نتحدتوا إهنكة
_ أبدت ورد رفضها التام للعودة إلى هناك مرة أخرى:-
لاه مهعاودش إهنكه تاني واصل الدار مش داري أني أهنه مرتاحة
_ چحظت عيني مصطفى بذهول قد سيطر على تقاسيمه وهتف مستاءً:-
كيف يعني؟
_ أبعدت ورد نظرها في الفراغ الماثل جوارها مجيبة إياه بجمود:-
أسأل سيدة الجصر وهي تجولك
_ لم يمنع مصطفى ضحكاته التي خرجت رغماً عنه حين استشف أن سيدة القصر نفسها والدته، توقف عن الضحك بصعوبة بالغة لكي لا يزيد الطين بلة فيكفي تذمرها وعنادها المتمسكة بهما، فعلي ما يبدو أن هناك ثمة أمور لا يعلمها وعليه أن يهدئ من التوتر الناشئ بينهما.
_ أوصد الآخر عينيه كما أخرج تنيهدة بنفاذ صبر، أعاد فتحهما وهو حاسم أمره علر قول شيئا ما لعلها ترضاه في النهاية:-
خلاص يا ورد أنتِ طلبتي تجضي يوم في دار بوكي وأنتِ اهاه موجودة فيه، هسيبك لحالك تريحي عجلك وععاود أخدك وجت ما الشمس تغرب ومهجبلش أي إعتراض منك
_ عقدت ذراعيها هاتفة بحنق:-
ربنا يسهل
_ غادر المنزل على مضضٍ فلم يريد تركها بمفردها لربما يحدث أي نقاش بينها وبين إبن عمها، تسائل مصطفى كثيراً عن سبب ضيقه المستمر من طاهر على الرغم أنه يعلم بحُسن خلقه، لكن المسألة بعيدة كل البعد عن أخلاقه الحسنة فهو لا يتخيل قُرب رجلاً آخر بجوار حبيبته، فسرها مصطفى على إنها غيرة الحب وماذا ستكون إن لم تكون غيرة؟
_ تقوس ثغره بإبتسامة عذبة بعدما تأكد من مشاعره اتجاهها وعزم على ألا يطيل الأمر ويوطد العلاقة بينهما في أقرب فرصة لديه.
_ نعود إلى ورد التي توجهت إلى النافذة بعدما تأكدت من مغادرة مصطفى لإختفاء صوت السيارة فتفاجئت بما يسُرها وابتهج قلبها إثره ولم تتردد في الإسراع إلى الخارج لكي تنضم إلى……
نكمل بكرة باذن لله
قولولي رأيكم من موقف ورد يا تري معاها في أنها تسبب البيت بالطريقة دي ولا هي غلطانة ؟
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عرف صعيدي)