روايات

رواية عازف بنيران قلبي الفصل الخامس والأربعون 45 بقلم سيلا وليد

رواية عازف بنيران قلبي الفصل الخامس والأربعون 45 بقلم سيلا وليد

رواية عازف بنيران قلبي الجزء الخامس والأربعون

رواية عازف بنيران قلبي البارت الخامس والأربعون

عازف بنيران قلبي
عازف بنيران قلبي

رواية عازف بنيران قلبي الحلقة الخامسة والأربعون

لا لقاءات بيننا
لكن أنا و أنت نعرف أن بيننا هذا الشعور
كلما ضاقت بنا الحياة أو اتسعت
ركض كل منا لروح الأخر ليجد بها
حضن يضمه دون لقاء….
نحكى … نضحك … و ربما نبكي احيانا
نطمئن قلوبنا … نضمد جروحَنا
نعيش كل شعور لم تسمح به الحياة و لا الظروف
وبمعنى أدق نحيا داخل حروفنا
❈-❈-❈
ظهرت ملامحها بوضوح امامه، فتسائل
-إنتِ مين؟!
تصنم جسدها وشعرت بانسحاب الأرض تحت قدميها، وكأن كلماته سقطت فوق قلبها قبل عقلها كنيزك ..دنت منه بوجهها تحتضن وجهه ثم انحنت تطبع قبلة على جبينه، محاولة السيطرة على رجفة قلبها بما أخبرها به عقلها
-حمدالله على سلامتك ياحبيبي
نظر بأعين زائغة متعبة، وحاول أن يتحدث، ولكن بتر حديثه يونس عندما اتجه بخطوات سلحفية يقف بجوار ليلة المتصنمة بوقفتها
-حمدالله على السلامة ياحبيبي، قالها يونس بلسان مرتعش، عندما وجد نظراته الزائغة المشتتة
أطبق على جفنيه متألما، وصل الطبيب، بينما توقف حمزة ونوح ينظرون لبعضهم بصدمة مع ذهول
اتجه الطبيب إلى الجميع قائلا:
-ممكن الكل يخرج برة..ظل يونس يحدقه بنظرات ثابتة، فتحدث ونظراته إليه
-لازم اعرف حالته، متنساش قبل ماأكون دكتور فهو ابن عمي
اتجه الطبيب يفحصه قائلا بابتسامة
-حمدالله على السلامة ياراكان!!
ظل يطبق على جفنيه، وشعر بألما يفتك رأسه
-ايه ال حصل، مش فاكر حاجة..هنا كور يونس قبضته وجذب ليلى المنكمشة بجواره
-مدام ليلى لو سمحتي..رفعت انظارها التائهة إليه تهز رأسها
-ايه ال بيحصل يادكتور؟!
امسك يونس كفيه وقام بالكشف عليه والطبيب يفحص مؤشراته
-نبضاته قلبه ضعيفة ليه؟!
نظر الطبيب في كشفه ورفع بصره إليه
-عادي، ايه يايونس اومال لو مش دكتور، دا خارج من الموت، هز رأسه رافضا حديثه
-حتى لو..رفع ذراعه متألما
-دماغي…قالها بخفوت..
-راكان ..قالها يونس بهدوء حتى يلتفت إليه
ظل يغمض عيناه متألما…وصرخ بصوتا ضعيف
-راسي اه..دقائق والطبيب ينظر إلى حالته
-راكان..سامعني!! تسائل بها الطبيب
دقائق مرت عليهم كالدهر وهو يضع رأسه التي تضمد بين كفيه المجروحين وصرخاته المتعالية، تم حقنه بمسكن ، ثم تنهد ناظر إلى يونس بعدما ارتخت اعضائه
-دا طبيعي متخافش، لازم يقعد شوية على المسكنات لحد مايرجع لطبيعته
-معرفنيش..قالتها ليلى ببكاء
حمحم الطبيب وتحدث بعملية
-مدام ليلى، احنا لسة منقدرش نقيم الحالة، لازم يفوق، ونعمل تصوير، وان شاءالله خير
تحرك يونس بجوار الطبيب للخارج
جلست بجواره،عندما خارت قواها، وشعرت بأنهيارها
مسدت على خصلاته بحب، ووضعت رأسها بجانب أنفاسه، بعدما ازال الطبيب جميع الأجهزة الموصولة به
جذبت كفيه المجروح، وطبعت قبلة عميقة
-هموت لو حصلك حاجة..احتضنت كفه، تضعها تحت رأسها كالوسادة، ورفعت كفيها تضعها على وجهه.
-دلوقتي مش عايزة حاجة، المهم انك رجعتلي، وصوتك هيملى حياتي، وعيونك هتنور دنيتي..قالتها ثم ذهبت بنوم عميق
باليوم التالي بعدما نقل إلى غرفة عادية
دلفت بعد خروج حمزة يرافق الطبيب، وجدته مازال غافيا
ابتسمت بحب على نومه الهادئ..جذبت مقعد وجلست بجواره، دلف يونس برفقة سيلين وزينب
-عامل ايه ماصحيش!!
سحبت نفسا واتجهت بأنظارها إليه:
-كل مايصحى،الدكتور بيديله مهدئ، يعتبر مافقش عشر دقايق على بعض
اومأ برأسه وتحرك متجها إليه لقياس الضغط والنبض
-احسن من الأول..الحمد لله همست بها ليلى
تحركت زينب تجلس بجواره على الفراش، انحنت تطبع قبلة على جبينه
-روح قلب ماما ياحبيبي، ربنا ما يحرمني منك يارب
ربتت سيلين على ظهرها
-يارب ياماما يارب
ظلو لفترة ثم نهض يونس
-ياله حبيبي عشان نسيبه نرتاح، نهضت زينب إلى ليلى
-حبيبتي أنتِ منمتيش من امبارح، تعالي ارتاحي وشوفي العيال، وبعد كدا ارجعي
هزت رأسها رافضة وهي تنظر إليه
-لا ياماما، أنا عارفة انك مش هتقصري مع الولاد، وكمان هما متعلقين بقمر وطول الوقت عندهم
نهضت وتوقفت أمامها:
-مش هرتاح إلا لما يفوق من الألم دا، ويرجع لينا ياماما
ربتت على ظهرها وتحدثت قائلة
-حاولي تريحي على السرير ال هنا جنبه، متنسيش انك حامل
تحرك يونس قائلا:
-هوصلهم تحت وارجعلك ..اومأت وجلست بجواره، حتى غفت من ارهاقها
بعد عدة ساعات فتح جفنيه متألما، وجدها غافية بجواره، سحب كفيه بهدوء، شعرت به فتحت عيناها سريعا
-حبيبي محتاج حاجة، حاسس بأيه؟!
اغمض عيناه، وهناك أصوات تقاوم عقله، وشعور بآلام قوية بأنحاء جسده، صور أمامه لأصدقائه، صور زفافها مع سليم، صور بمزرعة نوح
ضربت دماغه بقوة، احتضن رأسه يغمض عيناه
دلف يونس بعد ضغطه على زر الاستدعاء
-صحي..اومأت برأسها ، دنى منه متسائلا:
-عامل ايه ياراكان، حاسس بأيه ؟!
دماغي هتنفجر يايونس..جحظت عيناه ينظر إلى ليلى فأشار بكفيه
-حاسس بحاجة غير الصداع ياراكان
هز رأسه رافضا ثم أشار على ساقه
ايه ال حصل لرجلي انا مش فاكر حاجة
-جلس بمقابلته وتحدث بهدوء
-راكان مش فاكرة الحادثة
حرك رأسه بتألم وضغط على شفتيه الباهتتين بضعف ثم وزع نظراته عليهم ثم
رفع بصره لليلى الصامتة وتسائل
-فين سليم؟!
استفهام مؤلم خرج من بين شفتيه..
أطبقت على جفنيها بألم من سؤاله الذي اخترق ثنايا قلبها الذي احترق ألما ..ثم نهضت متحركة للخارج سريعا ودموعها تفترش أمام ..كم هو مؤلم شعورها الآن..لقد فقد زوجها ذاكرته الخاصة بها
جلست بالخارج واجهشت بالبكاء تهز رأسها رافضة مايحدث ..دلف الطبيب إليه بعد استدعاء يونس،
بعد فحصه إلى راكان، خرج برفقة نوح
-عنده فقدان جزئ للذاكرة، يعني فيه مدة معينة وهي الفترة ال قال عليها، اخر حاجة فاكرها لما كان رايح لك
طب والعمل، دا ممكن ياخد وقت
ربت الطبيب على كتفه وتحدث
❈-❈-❈
-نوح انت دكتور وعارف الحاجات دي مالهاش وقت، ممكن بعد ساعة يفتكر، ممكن شهر، ممكن سنة، الله اعلم ، بس احنا عملنا اكس راي، وكله تمام .. الحمد لله ، بس محتاجين صبر وشوية وقت، وكمان حاولوا تتكلموا معه على حياته الإيجابية
اومأ نوح متفهما، وتحرك بعد مغادرة الطبيب إلى الجالسة بروح محترقة، جلس بجوارها
كم هو مؤلم عندما تعجز عن مواساة شخص عزيز في فقد شخصا عزيز، وهنا ليس عزيز فقط ولكن فقدت روحها وقلبها عندما نسي اهم فترة بحياته
ربت نوح على كتفها
-ليلى متزعليش إن شاء الله هيفتكر كل حاجة، دا أهم وقت راكان محتاجك فيه
استخرطت بالبكاء وأخذت تتنفس بشكل هستيري
-عايزين اقوى ازاي يانوح وهو مش فاكر اهم حاجة ، قولي ازاي هتعامل معاه
حاول أن يهدأها عندما انهارت أكثر بالبكاء
وضعت كفيها على وجهها تنهدت بحزن تحاول السيطرة على البكاء
-لازم يفتكر، لازم اعمل حاجة، شهر في غيبوبة، وشهر على المسكنات، هستنى لأمتى لحد مااولد ويقولي الولد دا ابن مين، هيقابل ولاده ازاي، وازاي هفهمهم في سنهم دا أنه مش فاكرهم ..قالتها ونهضت متحركة اليه..قابلها يونس توقف أمامها
-مدام ليلى فيه حاجة لازم تعرفيها
-راكان مش فاكر أنه اتجوزك، هو كل ال فاكره انك متجوزة اخوه
ارتجف جسدها وانسابت عبراتها
-يعني لسة ميعرفش أن سليم مات..اومأ يونس ونظر للأسفل حزنا
شهقت واضعة كفيها فوق فمها متراجعة والصدمة تخترق روحها تهذي بكلمات غير مفهومة، فرفعت نظراتها المشتتة
-يعني اصعب فترة لينا احنا الاتنين ..وصل حمزة إليهما يوزع نظراته عليهما
-مالكم واقفين كدا ليه؟!
-راكان مش فاكر حاجة غير يوم فرح سليم وهو رايح لنوح
قطب جبينه وضيق عيناه متسائلا:
-يعني ايه مش فاهم؟!
يعني فقدان جزئي للذاكرة يايونس
تركتهم ليلى ودلفت للداخل بهدوء تضع كفيها على صدرها الذي أعلن عصيانه بالنبض العنيف
دلفت بخطواتها الضعيفة المتهالكة نحوه، كان يستند بظهره على الوسادة مطبق على جفنيه
شعر بوجود أحد بالغرفة، ولكنه لم يفتح عيناه، وظل على حالته ..انعقد لسانها وتاهت الكلمات ولم يكن لديها القدرة للتحدث ، لا تعلم بماذا ستتحدث، وهي الآن عدوته، ترى هل سيفعل بها كمثل تلك الفترة
وصلت إليه وطافت بعيناها على ملامحه الباهتة، فهمست بشفتين مرتجفتين:
-راكان..فتح عيناه سريعا عندما استمع إلى صوتها
دقق النظر إليها فهز رأسه دون حديث ..دنت منه عندما وجدت نظراته الهادئة إليها
جلست بجواره ورفعت كفيها على وجهه، لقد اشتاقت إلى النظر إلى شمسه التي انطفأ بريقها بسبب غيبوبته
تعانقت بعينيه فهمست عندما وجدت صمته
-حاسس بأيه..انزل كفيها من فوق وجهه، وأجابها:
-كويس الحمد لله ، فين سليم ليه مجاش لحد دلوقتي..بتر حديثهما أسعد الذي دلف بلهفة اب فقد عزيزه وبجواره خالد وجلال اخويه
-حبيبي عامل ايه؟!
ابتسم إلى والده ثم تحدث بهدوء:
-الحمد لله يابابا..رفع بصره وتسائل
-فين سليم، كل ماأسأل حد مايجوبش
شهقة ملتاعة خرجت من والده، ثم انسابت دمعة عبر وجنتيه
-حبيبي اخوك الله يرحمه، قابل وجه كريم من سبع سنين، ثم رفع نظره الى ليلى واسترسل بإبانة
-وليلى انت اتجوزتها بعد موته، وعندكم ولاد دلوقتي
رفع نظراته إليها فكانت نظراته خاوية كالصحراء القالحة ، شعر بجحيم مستعر كأن هناك نار موقدة أشعلت بصدره، لما لا وهو يشعر بوحشة فراق أخيه كحيوان بري يلتهم لحمه وعظمه دون رحمة ..نظر إليها وصورتهما وأخيه يقبلها
تسطح على الفراش دون حديث وهناك بعض الذكريات التي بدأت تضرب عقله دون رحمة، فاطبق على جفنيه متحدثا
-بابا تعبان وعايز ارتاح، ممكن الكل يسبني ارتاح
نهض اسعد يمسد على خصلاته، ثم انحنى يطبع قبلة حانية وتحدث متسائلا
-حبيبي حاسس بأيه ؟!
وضع كفيه على جبينه واجابه
-صداع يابابا، صداع بيجي فجأة صعب
ربت على كتفه وتحدث
-انت خرجت من الموت بأعجوبة حبيبي، وان شاءالله مع الوقت الصداع هيروح بالعلاج
رسم ابتسامة واطبق على جفنيه مدعيا النوم
اقترب خالد وتحدث
-حمد الله على سلامتك يااسد، ياله عشان ترجع لنا بسرعة
-ان شاءالله ياعمي
خرج الجميع سواها، جذبت مقعد وجلست بجواره، رفعت كفيها ومسدت على خصلاته اعتقادا أنه ذهب بالنوم
انحبس النفس بصدره ولا يعلم لماذا، عندما لمسته، دفع كفيها بغضب
-أنا قولت عايز ارتاح ايه مابتسمعيش
كتمت صرخة مصعوقة جاشت بصدرها، وتراجعت بكفيها قائلة بتقطع
-مينفعش اسيبك لوحدك
غرز نظراته النارية بعمق عيناها مردفا
-ليه طفل وعايز الرضعة، امشي من وشي مش عايز حد في الاوضة
انهارت حصونها، وتراجعت للخلف، وترقرق الدمع بعيناهاا ، حجزت عبراتها التي جرحت جفنيها بقسوة من انانتها المتوجعة بخناجر مغروز بصدرها ..استدارت بهدوء للخروج ولكن تسمرت بوقوفها عندما أردف
-معرفش اتجوزنا ازاي، وايه ال حصل، بس ال متأكد منه انك السبب في موت سليم
انتفض جسدها، وكادت أن تختنق من اتهامه التي مزق روحها
سحبت نفسا طويلا تعبأ به صدرها المجروح واخرجته على مهل ثم اتجهت ووقفت بالقرب منه
-ياريت متتكلمش في حاجة عشان مترجعش تندم بعد كدا
ابتسم بسخرية ونظر إلى بطنها
-دا المدام حامل كمان، لدرجة دي استحوزتي عليا وحملتي، ولا يمكن حملتي من ورايا، دا لو كان ابني اصلا
هنا فاق الألم قلبها حتى شعرت بتفتتيه، واقسمت أنه احرق روحها بالبطئ حتى تمنت من بارئها أخذ روحها ..أطبقت على جفنيها وانسابت عبراتها التي تمردت رغما عنها، ورغم ذلك
❈-❈-❈
انحنت بجسدها ودنت حتى اختلطت انفاسهما، تمنت حينها ان يضمها لتشبع روحها الغائبة عنها بقربه، فهمست له
-هتندم ياراكان، انا عذراك عشان الحادثة مأثرة عليك، ارجوك بلاش تجرحني بالكلام
مش عايزة منك غير اني اكون جنبك وبس..انسابت دموعها كزخات المطر، فرفعت كفيه ووضعتها على شقها الأيسر المتألم
-لازم اكون قريبة منك عشان دا، بلاش تموتني حبيبي لو سمحت، ووعد مني بعد ماتفتكر كل حاجة لو طلبت مني امشي، أو حتى طلقتني مش هلومك وقتها
رجفة اصابته من دموعها وحديثها الذي أدمى قلبه، ورغم ذلك سحب كفيه وأشار بعينيه إلى الباب
-اطلعي برة، وشوفي الدكتور عايز افك الجبس دا عشان ارجع بيتي
اعتدلت وتنهيدة طويلة متعبة خرجت من بين شفتيها، ثم اومأت برأسها وتحركت دون حديث
بمنزل حمزة ودرة
جلست تطعم سيف ورضوى ابنائهما ..كان شاردا بجلوسه، أنهى أطفالها طعامهم ثم نهضت متجه إليه
-حبيبي مالك؟!
استدار معتدلا بجلسته يضم كفيها بين راحتيه
-مفيش ياقلبي، قلقان بس عشان راكان، قطبت جبينها متسائلة
-انا لسة قافلة مع ليلى وبتقولي اتحسن كتير، وكمان هيفك الجبس من رجله النهاردة
تراجع بجسده للخلف واغلق عيناه
-راكان مش فاكر حاجة من يوم فرح سليم يادرة، ذاكراته مش مساعده
اومأت برأسها
-أيوة ياحمزة مادا انا عرفاه، وطبيعي بعد الحادثة دي، والحمد لله أنه مفقدش الذاكرة خالص، بس اشمعنى الوقت دا كله
كور قبضته واجابها بهدوء
-نصيبه الحلو أنه ميفتكرش اجمل ايامه، رفع بصره إلى درة
-تعرفي انا مشفتش راكان سعيد إلا بعد جوازه من ليلى، حتى وهم متخانقين، كنت بشوف لمعة السعادة بعيونه، والسعادة دي كبرت بعد ماخلف كيان، وانتِ عارفة الباقي
تنهدت درة بحزن وأردفت:
-وليلى ياحبيبتي تعبت اوي، ازاي هتقدر تواجه تاني وهي حامل كمان
سحب نفسا وزفره
-خايف من كدا، خايف راكان يأذيها ويرجع يندم ندم عمره
هزت رأسها رافضة حديثه
-لا مستحيل ، لا راكان بيحبها، مستحيل يأذي ابنه
مسح على وجهه واضعا كفيه على وجهه:
-دا لو فاكر أنها بتحبه ، يونس لسة مكلمني بيقولي، قالها انت السبب في موت سليم
شهقة خرجت من فمها تهز رأسها رافضة مايحدث
ربنا يعين ليلى على ال جاي
بفيلا مهجورة على طريق اسماعيلية الصحراوي
كان يجلس يتجرع من الخمر الذي حرمه الله وهو يمسك صورتها ويتحسسها بيديه ..استمع الى رنين هاتفه
-ايوة يامسعد
-أمجد راكان فاق من الغيبوبة، بس فقد الذاكرة، الاخبار دي لسة واصلة لي من المستشفى حالا
اتجه للنافذة وبدأ يتجرع من الكحول مايذهب العقل، ثم تحدث
-كويس اوي، خلي عينك عليه، وأي تطورات جديدة عرفني
ألقى نفسه فوق الأريكة وأمسك هاتفه
-ليلى، ليلى، خلاص هانت ياروحي، لو مش الحقيرة اتصرفت من دماغها كنتي زمانك في أحضاني دلوقتي
قام بمهاتفة عايدة
-مدام عايدة اخبارك
زفرت بغضب
-راكان ممتش ياامجد، ودا مكنش اتفاقنا، لازم يموت
تجرع كأسه مرة واحدة واجابها:
-ليلى تيجي لعندي، وبعد كدا هخلصلك عليه، المهم ليلى ياعايدة
تأففت بضجر وأردفت
-امجد ليلى حامل دلوقتي وفي شهرها السابع، يعني انسى تقرب منها، عندي خطة بس مش هتنفع إلا لما تولد، واه الشرطة عينها علينا اوي بلاش تقرب من عيلة البنداري، عاملين حصار بعد حادثة زفت راكان
-تمام ياعايدة هانم، اي جديد عرفيني، ومتنسيش، الرقم دا متكلميش حد منه غيري
سلام..قالها أمجد واغلق هاتفه ثم ألقاه وذهب بنومه
بالمشفى وخاصة من أمام غرفته
تجلس بكتفين متهدلين وعينان
انطفأ بريقها،تراجعت بظهرها على المقعد، تضع كفيها على احشائها، بملامح يكسوها الألم
وصلت أسما تجلس بجوارها تربت على كتفها
-ليلى عاملة ايه ياقلبي؟!
-الحمد لله.. الحمد لله كتير اوي يااسما، المهم هو عايش ونفسه في الدنيا، دي أهم حاجة عندي
بكرة يفتكر، حتى لو متذكرش وفضل كدا، كفاية اشوفه قدامي واسمع صوته
انسابت عبراتها وارتجف جسدها من شهقات بكائها
-على الأقل ولاده ميبقوش من غير أب، مش مهم انا حتى لو فضل يكرهني، المهم ولادي وهو عندي
ضمتها اسما إلى أحضانها، وكأنها كانت تنتظر ذاك الحضن، فبكت بصوت مرتفع
حتى وصل إليه بالداخل، عم الصمت بداخل الغرفة..نهض نوح متجها للخارج للأطمئنان عليها، ولكن توقف عندما استمع الى حديثه
-خليها تمشي يانوح، مش عايز اشوفها، ولا اسمع صوتها
كور نوح قبضته، واستدار لمحاكاته ولكن أشار يونس له
-نوح اصلا كان جاي ياخدها، بقالها اسبوع هنا ماروحتش والولاد بيسالوا عليها
سحب نوح نفسا وطرده على عدة مرات ثم أردف
-هتمشي ياراكان، بس قبل ما تمشي، عايز اقولك الدنيا اتغيرت بينكم، وبقى عندكم بنت، وهي حامل دلوقتي
أطبق على جفنيه وهمس:
-مش عايز اشوفها، خليها تمشي قولت، أردف بها بصوت مرتفع حتى شعر بتألم صدره
خرج نوح وجدها بحالة لاترثى لها، عيناها المنتفخة، ووجهها الشاحب
بسط كفيه وتحدث
-ليلى تعالي اروحك، كيان مش مبطلة عياط وعيزاكي، ياله حبيبتي يونس هيفضل معاه
هزت رأسها رافضة
-مش هسيبه متحاولش ولا انت ولا هو، هفضل هنا ودا اخر كلام
جلس على عقبيه أمامها
-ليلى راكان كل ال فاكره من علاقتكم، جوازك من سليم وبس، ال بعد دا كله منسي، والدكتور بيقول مفيش وقت محدد، مش عايز ازعلك حبيبتي
امسك ذراعها وحاول ايقافها، ثم أشار إلى اسما
-ليلى يالة..دفعت يديه وتحدثت بغضب
-قولتلك مش هسيب جوزي يانوح، ثم نهضت متحركة إلى الداخل
-محدش له حق هنا يقولي اعمل ايه سمعتني، انت جوزي، عايز تقتنع اقتنع مش عايز انت حر
اغمض عيناه وأشار إلى يونس
-يونس اطلعوا برة وخدوها معاكم عايز ارتاح
اتجه يونس بهدوء إليها
-مدام ليلى ياله
ربعت ذراعيها على صدرها
-هنرجع البيت مع بعض، ممكن حضرتك تمشي، انا مش هتحرك يادكتور..قالتها واتجهت اليه تجذب المقعد تجلس عليه، محاولة السيطرة على نفسها حتى لا تنهار امامه، يكفي ليلى، لازم يفوق زي ماالدكتور قال،
خرج يونس عندما وجد صمت راكان، اخرجت هاتفها وهاتفت اولادها
-ميرو حبيبي عامل ايه
-الحمد لله يامامي، هترجعوا امتى وبابي عامل ايه!!
اتجهت بنظرها إليه واجابته:
-بابي كويس حبيبي وبيسلم عليك، كوكي بتعمل ايه
كوكي جنبي مع انطي داليا، بتلون في النوتس بتاعها
-مامي انتي وحشتيني، وبابي كمان
انسابت دمعة إزالتها سريعا ثم اردفت
-كوكي متتشاقيش واسمعي كلام انطي داليا، وبلاش تروحي عند البيسين
فتح عيناه وتحدث
-ممكن تليفوناتك دي تعمليها برة.
❈-❈-❈
أغلقت هاتفها بعد إنهاء مكالمتها، ثم نهضت متجهة إليه تعدل من وضعية نومه قائلة:
-حاول تخلي راسك معدولة على المخدة عشان متحسش بتشنجات
تجمد جسده من قرب أنفاسها ورائحتها التي تسربت إلى رئتيه، وكأنها سهام مسمومة هزت كيانه وتثاقلت أنفاسه شيئا فشيئا حد الأختناق عندما تذكر انتمائها لأخيه
حاول الابتعاد بجسده عن ذراعيها، حينما أصبح بأحضانها، ولكنه لم يقو ، صاح بغضب :
-ابعدي عني م تلمسينيش قولتلك
ابتسمت من بين حزنها، ودنت منه
-ليه خايف قربي يأثر عليك، اقتربت حتى اختلطت أنفاسهما تنظر لشمسه التي تسحرها كالمنوم المغناطيسي ثم همست بالقرب من شفتيه :
-ماهو انت كمان بتأثر فيا، رفعت كفيها على خصلاته مرة وعلى ذقنه التي طولت بعض الشئ
-حتى وانت تعبان خاطف قلبي..دفعها بقوة بعيدا عنه
-اطلعي برة بدل ماخليهم يرموكي برة
انسابت عبراتها من محاجرها وخرجت الكلمات متقطعة
-تمام أهدى هطلع، ايدك بتنزف،
أشار بسبابته
-قولت لك امشي، لو عندك كرامة
استدارت بخطواتها المتهالكة كقلبها النازف بعد سماعها كلماته التي احرقتها ..تلاحقت أنفاسها وهي تسرع لخارج الغرفة، وعبراتها تفرش طريقها
دلفت الغرفة التي بجاوره، وضعت كفيها على فمها تمنع شهقات بكائها، تود أن تصرخ من أعماق قلبها على وصل الحال بها..جلست تضع كفيها على احشائها متألمة ..اتجهت الى الفراش وألقت نفسها عليه، تدعو من ربها ألا تستيقظ ابدا
ولكن كيف أن تغمض عيناها وحبيب روحها ومعذب قلبها لم يشعر بآلامها
أصبح وجهها شاحب، مع حزنها الصامت الذي احرقها
دلفت الممرضة
-مدام ليلى حضرتك كويسة، ابتسامة ضعيفة خرجت من بين شفتيها عندما ظنت أنه من أرسلها فتسائلت
-هو ال بعتك..اومأت الممرضة برأسها وقامت بحقنها
-قالي لازم تاخدي الحقنة دي عشان ترتاحي، وهو هيبعتلك لما تصحي الدكتورة نورة تشوفك
قطبت جبينها وأردفت متسائلة
-قصدك مين؟!
ابتسمت الممرضة وإجابتها
-دكتور يونس طبعا..أطبقت على جفنيها وهمست عندما شعرت بتخدرها
-تمام، سبيني عايزة انام
تمر الايام والخوف لا يمر بل ذبحها بفكرة افتقاده، وابتعادها عنه، اليوم هو اليوم المقرر، لخروجه من المشفى
دلفت بجوار درة وزينب
-صباح الخير ياحبيبي ..ابتسم لها
-صباح الخير حبيبتي..رفع نظره للتي تقف تستند على النافذة بوجهها الشاحب وعيناها الذابلة، فتحدث
-ماما جاية ليه؟! يونس ونوح برة
اقتربت درة بحذر ثم تحدثت
-حمدالله على سلامتك ياحضرة المستشار
اومأ برأسه ورسم ابتسامة
-شكرا..اعتدل حتى ينهض، أوقفته زينب
-ليلى تعالي ساعدي جوزك..رفع كفيه أمامها
-مالوش داعي ياماما أنا مش عاجز، خلي الباشمهندسة مرتاحة
اقتربت تجلس بجواره تربت على كتفه:
-حبيبي عارفة انك مش عاجز، بس محتاج مساعدة ومراتك أولى أنها تساعدك
رفع بصره إليها وتقابلت النظرات:
-آسف ياماما أنا مش فاكر غير أن الباشمهندسة مرات اخويا الله يرحمه
رفعت زينب كفيها على وجنتيه، وانسابت دموعها
-اخوك عند ربنا اكتر من ست سنين حبيبي ربنا يرحمه، وانت اتجوزت ليلى، وهي دلوقتي حامل في ابنك، وعندك بنت تاخد العقل
أطبق على جفنيه عندما أصابته حالة غريبة يشعر بها في خضم احاسيس ارهقته واثقلت كاهله بالتفكير، منذ أن فاق وعلم أنها زوجته
رفع بصره إليها واخترقها بنظراته متسائلا
-ازاي اتجوزتها ياماما، وهي وسليم كانوا بيحبوا بعض، ازاي رضيت اخد حق مش حقي، انا فاكر كويس حب سليم ليها
ضغطت على ثيابها بقوة وهي تهز رأسها رافضة حديثه
صمتت زينب لثواني تقاوم غلالة دموعها التي استحوزت عليها، ثم أطلقت تنهيدة مرتعشة
-اخوك عمل حادثة، وليلى كانت حامل في ابن سليم، وجدك هددها أنه ياخد الولد، اتجهت بنظرها الي ليلى وأردفت ماجعل ساقيها كالهلام ثم اردفت:
-وأنا اجبرتك تتجوزها عشان تحمي ابن سليم، وليلى ماتخدوش وتمشي، خصوصا ابن عمها عرض عليها الجواز وكان موافق أنه يربي الولد
تهكم بسخرية:
-هتقوليلي ياماما، أنا اكتر واحد عارف معجبين المدام
لا تعلم لما ابتسمت من كلماته، اشاحت ببصرها بعيدا عنه، وتوسعت ابتسامتها، رفع حاجبه ساخرا وأردف حتى يمنع تلك الشفاه التي تمنى أن يسحقها الان
-الحمد لله طمنتيني ياماما، انك غصبتيني على الجواز، فكرت انا اتجوزت المدام برضايا ..قاطعته ليلى عندما استدارت ووصلت إليه تجذبه من ذراعه
-أنا بقول كفاية كلام ياحضرة النايب، لسة خارج من حادثة، وعشان نعرف نرجع عقلك الهربان
ابتسمت زينب، ثم أشارت إلى درة التي كانت تقف بصمت رغم حزنها الكامن على أختها
تحركت زينب ودرة إلى الخارج، بعدما تحدثت
-ليلى ساعدي جوزك يابنتي
نزع ذراعه منها بغضب ونظر إليها نظرات جحيمية
-لو قربتي مني تاني هندمك..وضعت ثيابه بالحقيبة وكأنها لم تستمع إليه ثم اتجهت إليه تضيق عيناها
-لا ياحبيبي هقرب وأقرب اكتر واياك ياراكان تتكلم معايا بالطريقة دي تاني
جذبها بذراعه السليم، حتى سقطت بجواره على الفراش متأوه
-اومال لو مش متجوزك غصب كنتي عملتي ايه
أطلقت ضحكة بعدما نسيت كيف الضحكات ودنت منه
-انا فرحانة بيك ياحبيبي عارف ليه
نظرات نارية أراد أن يحرقها بها من قربها الذي اضعفه
دنت وهمست أمام شفتيه كادت أن تلامس خاصته قائلة:
-المهم تنيني رجعلي بالسلامة، وبدأ يبخ نار ويعمل فيها سوبر مان
جذب رأسها واقتنص ثغرها على حين غرة منها، مبتلعا حروفها ، ظل يقبلها بعنف ليثبت لنفسه أنها ليس سوى عدوته التي ألقت به في غيبات الجب..حاولت دفعه عندما شعرت بدماء شفتيه، انسابت عبراتها حتى تذوقها ثم القاها بعيدا عنه وكأنها عدوى..، مش دا ال انتِ عايزاه، بس مش ذوقي ، قالها ثم نهض يتحامل على نفسه واقفا، وتحرك للخارج وكأنه لم يفعل بها شيئا
جلست بقلبًا ممزق وروحًا محترقة وعيناها تدفع الدمع بالدمع رافضة مافعله..همست لنفسها
-مين دا، دا واحد معرفوش ..توقفت تجمع اشيائه وتحركت للخارج بعدما اعدلت من وضعية حجابها، ثم تحركت للخارج..وجدت زينب ودرة بجوار يونس، بينما هو تحرك مع نوح وحمزة
رفعت درة نظرها إلى شفتيها المجروحة وعلمت بما صار بالداخل ..اقتربت تربت على كتفها
-عاملة إيه حبيبتي!!
ابتسمت لها وأردفت
-انا الحمد لله كويسة، ليه بتسألي، رفعت أناملها تضعها على شفتيها
استدارت بعيدا ثم حملت الحقيبة وتحركت دون حديث
وصل الجميع إلى قصر البنداري بعد فترة، كان الجميع بانتظارهم، تحركت سيلين تحتضنه بكل شوق
-حبيبي حمدالله على السلامة نورت البيت..بينما عاصم والد ليلى وكريم أخاها
-حمدالله على سلامتك ياحضرة المستشار..اومأ ورسم ابتسامة، تحرك إلى والده الذي وقف بجوار أخيه جلال
-نورت البيت والدنيا كلها يابني..
-شكرا يابابا..قالها وهو ينظر بجميع أرجاء المنزل، ثم تسائل
-توفيق باشا مش عايز يقابلني ولا ايه
ربت جلال على كتفه
-جدك الله يرحمه حببيبي..قطب جبينه هو انا غايب كتير، استدار إلى حمزة وتسائل
-هو ايه سبب الحادثة، ازاي عملت حادثة تخليني مش فاكر دا كله
حمحم حمزة مردفا:
-راكان ارتاح دلوقتي وبعدين نتكلم، انت لسة خارج من المستشفى، والدكتور بيقول متحاولش تضغط على نفسك عشان ميحصلش انتكاسة
أسرعت كيان التي كانت بالحديقة
-بابي جه، وحشتني بابي..قالتها وهي ترفع يديها حتى يحملها
-مين دي؟!
حملها يونس ثم طبع قبلة على وجنتيها
-كوكي شوفتي بابي رأسه متعورة ازاي، بابي تعبان ولما يشيل البتاعة الوحشة دي، هيشيل كوكي كتير
ألقت نفسها على راكان، ويونس يحملها ثم طبعت قبلة على وجنتيها
-بابي وقع وهو بيجري ورا القطة ياعمو، وراسه جابت دم كتير عشان كدا مربوطة
رفع كفيه على وجنتيها وابتسم، طفلة جميلة بريئة تجمع الكثير من ملامحه، عيناها الذهبية التي باللون الشمس، وخصلاتها التي بسواد الليل، انحنى متألما
-كيان..همس بها..صفقت بيديها
-بابي اخيرا رجع من السفر..أمسكت كفيه وبدأت تحسب له على أنامله
-انت مشيت بعيد اوي، ومامي قالت بكرة بابي هيرجع
بس يابابي بكرة دي مكنش تيجي خالص، دي بكرة ودي بكرة، اد ايدك كلها، لحد ماكوكي زهقت
ابتسامة أنارت وجهه، فأشار إلى يونس
-يونس قربها عايز ابوسها، هنا بكت ليلى بصوت مرتفع، ثم تحركت سريعا الى غرفتها، كانت نظراته عليها..حاوط ابنته التي يحملها يونس، يستنشق رائحتها مطبق العينين ثم همس
-روح بابي إنت.. ياقلب بابي..خرجت من أحضانه تطبع قبلة على وجنتيها
-كوكي بتحب بابي كتير، اد مابابي بيحب مامي..صدمة ألجمت لسانه حتى رفع نظره إلى يونس
-عايز أقعد..انزل يونس كيان بهدوء
-كوكي روحي ألعبي مع قمر بابي تعبان هيرتاح وبعدين يقعد مع كوكي
وصل أمير بجواره سيف ابن حمزة..توقف للحظات أمامه ينظر إليه باشتياق، فأردف بصوته الطفولي:
-بابي حضرتك رجعت..كان جالسا على الأريكة مغمض العينان، فتح عيناه ينظر لذاك الطفل الذي يبلغ عمره مابين الست والسبع سنوات هذا ماارجعه راكان
أشار له بيديه وانتظر كلامه
-اذيك ياحبيبي قالها بتجاهل، ظل يدقق بملامحه رفع نظره إلى والده
-دا ابن سليم..دنى أمير منه واحتضنه
-وحشتني يابابا..بكت زينب على كلمات راكان، عندما تحدث بتلك الكلمات
حاوطه بذراعه ثم طبع قبلة على جبينه
-حبيبي وانت كمان وحشتني، امير ياسيدي شكلك وحشته اوي، كل يوم يسأل عليك
جذبه واجلسه بجواره، يدقق النظر به مسد على رأسه ثم تحدث:
-كبرت ياأمير وبقيت راجل، رفع امير كفيه على جروحه التي تظهر برأسه
-بابي بتوجعك اوي..قبل كفيه واجابه
-لا يابابي،..انا كنت بسأل مامي على طول وعملت معها زي ماحضرتك علمتني، مكنتش بخليها تعيط، بس كل مااسبها وامشي ترجع الاقيها بتعيط كانت خايفة عليك اوي، انا سألتها حضرتك روحت عند بابي هي زعلت اوي وقالت لي لا بابي هيرجعلنا، كنت خايف لتكون بتضحك عليا يابابي، بس مامي طلعت مابتكذبش الحمد لله وحضرتك رجعت بالسلامة،
صمت الطفل ورفع نظره إليه مرة أخرى وأمسك كفيه وتحدث:
-مش هتخلي مامي تبكي تاني، انا كنت بعيط زيها يابابي عشان خفت عليك اوي، خفت مايكنش عندي أب انا وكوكي
ضمه بقوة وانسابت عبراته رغما عنه، طبع قبلة على رأسه وتحدث بصوت متقطع
-لا ياحبيبي انا معاكم ومستحيل اسيبكم إن شاء الله
ازال الطفل دموعه
-هو حضرتك هتعيط زي مامي
-يونس ساعدني عايز ارتاح، قالها عندما شعر فقدان سيطرته على نفسه
❈-❈-❈
صعد إلى غرفته، توقف يونس أمام باب جناحه
-ادخل براحتك مينفعش ادخل هتلاقي مدام ليلى جوا
صدمة اذهلته للحظات يستوعب حديث يونس،
تحرك يونس مغادرا، بينما هو تخطى الى الداخل، وكأنه يتحرك على جمرات نارية، امامه صورها فقط وهي بجوار أخيه، صور بدأت تضرب عقله بقوة، وتخيلاته وهي تجلس بأحضانه ، صورة خلف صورة جعلت عالمه ينهار ..تحرك للداخل وجدها تحتضن نفسها كالجنين وتبكي بصمت
اعتدلت تزيل عبراتها سريعا، ونهضت متجهة إليه..تستند على الجدار، أمسكت كفيه وحاوطت خصره إلى أن وصل إلى فراشهما، جلس بألم
ساعدته في التسطح، وجلبت له ثيابه
جلست أمامه دون حديث، كان ينظر إليها يحاول أن يكتشف كيف كانت علاقاتهما
ساعدته بتغيير ثيابه دون حديثًا من أحدهما، تسطح مستندا بظهره على الفراش، نظر إلى بطنها التي إن دلت تدل عن حملها بشهورها الأخيرة
استدارت متحركة ولكنه أوقفها
-لحد ماارجع اتذكر مش عايزك معايا في الاوضة، وياريت عشان يبقى بينا احترام متبادل قدام العيلة متحاوليش تقربي مني مهما حدث، ودلوقتي خدي كل حاجة متعلقة بيكي من الاوضة
استمعت إلى طرقات على الباب، تحركت لفتحه
-ليلى علاج راكان، وفيه دكتور علاج طبيعي هيجي من بكرة عشان ضهره ورجله
اومأت لها، ثم تناولت طعامه وادويته، دلفت إليه وجدته يقوم بإشعال تبغه الذي كان يوضع بجواره على الكومود
وضعت الطعام واتجهت إليه سريعا:
-على مااعتقد حضرتك مش طفل عشان تشرب سجاير وانت لسة طالع من المستشفى ، دفعها بقوة حتى سقطت على الأريكة خلفها، ورغم خوفه عليها عندما صرخت متألمة تمسك احشائها،الا أنه أشار بسبباته :
-لو قربتي مني تاني هكسرلك ايدك، بلاش تتخطي حدودك معايا، قولتلك انا مش فاكر غير واحدة حقيرة كسرتني انا واخويا وبس
اتجهت إليه وجلست بجواره
-راكان حبيبي انا ليلى مراتك وحبيبتك ازاي قدرت تنساني، بعد الحب ال بينا دا كله
دنت تمسك كفيه ونظرت إليه
-ممكن العقل ينسى حاجات بس القلب مستحيل، وضعت كفيها على شقه الأيسر
-دا مرتاح وانت شايفني بتعذب كدا
أطبق على جفنيه صارخا بها
-امشي من قدامي، حبك ال هو انك تتجوزي اخويا، دا قصدك
ظهرت آلام صدره على وجهه، فأعتدلت تهز رأسها
-خلاص اهدى، ارتاح دلوقتي وبعدين نتكلم
نفث تبغه ونظره إليها بألمًا
-مفيش حاجة نتكلم فيها يامدام، انا فاكرك كويس، وزي مااسمعتي من امي شكلها ضغطت عليا اوي عشان اتجوز واحدة كسرتني، إنما ازاي رضيت اجيب منك ولاد دا هيجنني
نفث تبغه حتى اختفى خلفه وأكمل ماهشم ظهر البعير
-اكيد اتفقنا على حاجة، أو يمكن كنت مش في حالتي وانت اغراءتك كتيرة، قالها وهو يرمقها بنظرات وقحة، ثم أشار بكفيه ينظر إلى الباب
ورمقها باحتقار
-برة الاوضة دي متدخلهاش، وعلى مااظن عندك اوضة جوزك حبيبك
لأول مرة تشعر بكم هذه الآلام، ماذا حدث له، هل ذاكرته حولته لتلك الشخصية التي كرهتها حتى قبل معرفتها
شعرت بانسحاب الأرض تحت أقدامها وهو ينظر إليها بنظراته القديمة ويشير إليها كأنها نكرة وليست زوجته
تحركت سريعا مغادرة الغرفة بخطوات متعثرة حتى وصلت إلى غرفته الأخرى والقت نفسها بإنهيار عليها
دلفت زينب بعدما استمعت لصوت بكاؤها
جلست بجوارها تحتضنها وتمسد على خصلاتها بحنان اموي
-حبيبتي يابنتي عارفة أن دا فوق طاقتك، بس لازم تتحملي ياليلى، جوزك في أهم مرحلة محتاجك فيها
قبضت على ثياب زينب وبكت
-انا بموت ياماما، راكان مفكرني عدوته، بيكلمني كلام يوجع اوي
ظلت تمسد على خصلاتها
-ليلى لازم تهدي، هو معذور يابنتي، عايزين نستحمله حبيبتي وأنتِ اكتر واحدة محتاجك فيها
خرجت زينب بعدما جلست فترة معها
نظرت بساعتها،اتجهت إلى مرحاضها، خرجت بعد قليل أدت فرضها، شعرت بآلام تغزو جسدها
تسطحت على الفراش وذهبت بسبات عميق، عند راكان
ذهب بالنوم بسبب علاجه، استيقظ ينظر إلى أركان الغرفة التي يسودها الظلام ، نظر بساعته وجدها العاشرة ليلا
استمع إلى طرقات على باب الغرفة، دلفت سيلين
-حبيبي عامل ايه، بحثت بعيناها عن ليلى
-فين ليلى بدور عليها مش لقياها
مسح على وجهه يفركهه، ثم رفع نظره
-في اوضتها..قطبت جبينها ورغم معرفتها بمكانها إلا أنها تحدثت
-ازاي ليلى خرجت من اوضتها، دا من يوم مااتجوزوا عمرها ماباتت برة الاوضة دي، وكمان الاوضة التانية مقفولة مفيش حد بيدخلها، يالهوي ليكون نزلت نامت في الجنينة زي عادتها والجو برد، وهي حامل كمان
شعر برجفة بقلبه، فحمحم متحدثا
-روحي شوفيها ياسيلي دي متخلفة، وطول عمرها بتعمل مصايب
جلست بجواره ثم قطبت جبينها بتصنع
-انت فاكر افعالها، ومش فاكر أنها مراتك
ابتسم بسخرية ثم ذهب بشروده وذكرياته التي بيحاول يستجمعها قائلا:
-افعالها اشهر مني شخصيا، قومي ياسيلي وبطلي تلعبي على اخوكي، توقف فجأة وتسائل
-انتِ اتجوزتي يونس فعلا..قهقهت عليه وأشارت إلى بطنها
-وحياتك عندي قمر وحامل في يزن كمان ايه رأيك في الاسم ياراكي
-سيلين قومي امشي مش قادر اتكلم، عايز ادخل الحمام
توقفت ثم رفعت حاجبها
-بتطردني مكنش العشم ياخالو،دا انا هسلط عليك قمر تأدب خالها
نهض متألما، واتجه إلى المرحاض، وجد اشيائها الخاصة به، هناك بعض الصور بدأت تظهر امامه وشعور بألما يفتك به
باليوم التالي خرجت إلى الحديقة تستنشق بعض الهواء..كان يجلس ينفث سيجاره..رآها تجلس، وخصلاتها التي ترفعها كذيل الحصان ..
كان الهواء يداعب خصلاتها فتتحرك على وجهها، ابتمسم عليها ولكن منع ابتسامته عندنا تذكر حديثها
-هتجوز اخوك عشان اشوفك بتتعذب قدامي ياراكان
استدار متجها إلى الداخل يضغط على نفسه هامسا إلى نفسه
-ازاي اتجوزتها بعد دا ، معقول توفيق السبب
عند عايدة
فرح فيه موضوع عايزة منك تعمليه بس مظبوط، بما أن راكان مش فاكر حاجة ، وكمان سمعت أنه مش طايق ليلى ومفكر أنها السبب في موت سليم
-ضيقت عيناها وتسائلت
-تقصدي ايه..وضعت ظرف بأيديها
-الصور دي لازم توديها إلى راكان، وكمان زودي الجرعة أن سليم اكتشف خيانتها عشان كدا خرج مش شايف قدامه وعمل حادثة
أمسكت الصور .. جحظت عيناها
-مش دا ابن عمها..ابتسمت بتهكم قائلة
-قوليله عشقيها، وراكان اتجوزها لما هربت بالولد لعند عشيقها، وهو خاف من الفضيحة بعد مالناس عرفت فحب يحمي العيلة من القيل والقال
-وراكان هيصدقني ياماما..نهضت عايدة وجلست بمقابلتها
-انتِ لازم تقنعيه، وهخلي فريال هتساعدك متخفيش هتسبكوها كويس، المهم يطردها بفضيحة
❈-❈-❈
بعد أسبوعا والحال كماهو بينهما، بغرفة ليلى وخاصة بعد منتصف الليل، أنهت صلاة قيام الليل ،جلست لفترة على سجادتها، شعرت بالاشتياق اليه، كيف يكون بينهما جدار ويحسب كأنه محيطات، هزت رأسها رافضة بعده، لقد قررت ونفذ الأمر، تناولت مأزرها ووضعته فوق منامتها الشفافة وتحركت متجهة إليه، هي تعلم أنه نائما الآن
دلفت بهدوء إلى الغرفة، وجدته يغط بنومه، نظرت إلى وجهه الذي يعكس ضوء القمر عليه
خلعت مأزرها وتسطحت بجواره تستمع بدفء أحضانه اقتربت من أنفاسه واغمضت عيناها، اليوم فقط ستنعم بنوما هادئا دون كوابيس، اليوم هي تغفو بأحضان امانها، زوجها حبيبها بل عاشق روحها، دلفت لأحضانه مراعية اصابته، تضع رأسها بحنايا عنقه، وتحاوط خصره، همست له بعدما طبعت قبلة سطحية على شفتيه
بحبك..قالتها وذهبت بنومها وكأنها لم تنم منذ ثلاث شهور منذ حادثته
استيقظ بعد فترة وجدها بأحضانه بتلك المنامة التي أصابت عقله قبل قلبه، هز رأسه وكل ماخطر على ذهنه أنها تقوم بإغرائه ..، تذكر حديث فرح وفريال، شعر بألما يفتك به، ولم يشعر بنفسه كلما تذكر تلك الصور وهو يدفع ذراعها بعنف عنه، حتى هبت من نومها فزعة مما أدى إلى آلامها
-مالك في ايه
صرخ بصوت هز أرجاء المنزل
-بتعملي ايه هنا..جاية اوضتي زي الحرامية وبتنامي في حضني بشكلك دا ليه، ايه جاية تغريني، لا فوقي ال زيك
وضعت كفيها على شفتيه، مع انسياب عبراتها، ورغم آلامها التي تحرق احشائها همست وعيناها كزخات المطر عندما فقدت سيطرتها بالكامل
-اسكت ياراكان، متكملش،هنخسر بعض وانا مش عايزة اخسرك، أهدى من فضلك، بلاش فضايح الكل سمع صوتك دلوقتي
دموعها كالشلال، تهز رأسها رافضة نظراته وحديثه الذي أدمى قلبها
-قومي أمشي من هنا..
استدارت متحاملة على آلامها التي ازدادت
-راكان اسمعني..دفعها بقوة صارخا عندما تذكر صورة أخيها وهو يقبلها وصورها الاخرى
-قولت بررررة
دفعها بقوة حتى سقطت من فوق الفراش على ظهرها تصرخ من شدة آلامها والدماء تنسدل بها، وغمامة سوداء تحاصرها
انسابت دموعها بقوة ، حاوطت بطنها ببكاء وانهارت من آلامها تهمس
-هموت، بطني آه قالتها ببكاء ..ظن أنها تمثل عليه، ولكن شعر بانسحاب انفاسه، عندما نظرت إلى كفيها اللذان تلون بالدماء تهمس
-ابني، راكان ابني..ابنك، ثم هوت على الأرضية لم تشعر بما حولها

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عازف بنيران قلبي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى