رواية ظلمها عشقا الفصل السابع عشر 17 بقلم ايمي نور
رواية ظلمها عشقا الجزء السابع عشر
رواية ظلمها عشقا البارت السابع عشر
رواية ظلمها عشقا الحلقة السابعة عشر
بجسد متوتر وعيون قلقة جلس يحدق الى انامل الطبيب وهى تقلب فى تلك الاوارق امامه يتفصد جبينه بعرق الخوف كلما اطال الطبيب النظر فى احدى الورقات امامه ، وهو عاقد لحاجبيه وعلى وجهه هذا التعبير العابس والذى جعله يشعر كمن يجلس على جمر فى انتظار قراره فى شأنه ، يحاول حث نفسه على الصبر وعدم القلق لكنه فشل ولم يحتمل الصبر طويلا يسأله بصوت متحشرج ملهوف
: خير يا دكتور؟
التحاليل عاملة ايه طمينى!
لم يرفع الطبيب عينيه اليها بل استمر فى قراءة اخر ورقة بتمهل جعله يود الصراخ عليه لعله يحصل منه على اجابة تهدئ من ذعره ، وقد اصبح كقبضة خانقة تمنع عن التنفس.
تسارعت وتيرة تنفسه تتقاذف دقات قلبه كالمطارق حين رفع الطبيب وجهه أخيراً اليه يتحدث بصوته الهادئ العملى والذى لم يفعل سوى ان زاد من وتير قلقه حين قال
: شوف يا استاذ صالح .. مش هخبى عليك بس التحاليل اللى ادامى دى بتقول اننا رجعنا فى طريقنا من اول تانى .. بمعنى ان توقفك عن العلاج الفترة اللى فاتت دى كلها خلت تأثير فترة العلاج اللى سبقتها كأن لم تكن.
سقطت كلماته كالقنابل تدوى فوق رأس صالح كانت كل كلمة كفيلة ان تهدمه وتحوله لركام وقد شحب وجهه بشدة كما لو سحبت منه الحياة ينظر الى الطبيب بنظرات زائغة..
ليسرع الطبيب يكمل فورا بتأكيد
: بس انا مش عاوزك تقلق .. احنا هنبتدى العلاج من الاول وان شاء الله الامل موجود .. وال…
قاطعه صالح بخفوت صوت غير واضح مرتعش
: اد ايه…؟
اسرع الطبيب يجيبه بحزم
: سنة متواصلة زى المطلوب منك فى الاول وبعد كده..
قاطعه مرة اخرى ولكن هذه المرة بصوت حاد نافذ الصبر
: اد ايه الامل يادكتور؟!
نفس النسبة فى الاول ولا…
لم يستطع اتمام جملته ينظر الى الطبيب فى انتظار اجابته كغريق ينتظر طوق نجاة يلقى اليه وسط بحر هائج الامواج ، لكنه حصل على اجابته حين اخفض الطبيب عينيه عنه يتظاهر بالنظر الى الاوراق امامه يتحاشى النظر اليه..
قائلا بتردد ونبرة مشفقة ظهرت رغما عنه
: علشان اكون صريح معاك يا استاذ صالح النسبة نزلت للنص وكل تأخر منك بقلل من النسبة دى.
رفع الطبيب عينيه فوراً اليه بوجه حازم جاد وقد عاد الى مهنيته ينهى توتر اللحظة قائلا بلهجة عملية حازمة
: علشان كده لازم نبتدى فور العلاج من غير تأخير وهنبتدى بأننا هنزود جرعة……
جلس مكانه لكن لم تعد تصله كلمات الطبيب فقد سقط فى عالم قاتم وافكار مظلمة ويتطلع نحوه يتابعه بنظرات متحجرة وقد اكتسى وجهه بالجمود يحاول التماسك والتظاهر بالثبات برغم تلك القبضة القاسية والتى اخذت بأعتصار قلبه ، يعد الدقائق حتى يستطيع الخروج من هناك حتى يستسلم لتلك الرغبة فى ان يخر على ركبتيه أرضاً والصراخ بقوة حتى يتخلص من تلك الالالم والتى اخذت تجتاحه بضراوة ووحشية حتى كادت ان تقضى عليه.
***
بعد تأخر الوقت وعدم حضور صالح حتى منتصف الليل قررت الصعود الى الشقة الخاصة بهم .. بعد ان قضت معظم يومها مع والدته تستمتع بقضاء وقتها بالثرثرة معها تهم بالتوجه ناحية غرفة النوم ، لكن توقفت حركتها حين لمحت ظلا يجلس فى احدى اركان غرفة المعيشة فكاد ان تصرخ عاليا بفزع ، لكنها اسرعت بتماسك عند تبينها هوية الجالس لتتنهد براحة..
وهى تسير نحوه قائلة بانفاس مخطوفة
:حرام عليك ياصالح والله اتخضيت وكنت….
توقفت عن اكمال حديثها عندما لاحظت حالته التى يبدو عليها فقد تشعث شعره وفقدت ملابسه ترتبيها وهندامها تتقدم نحوه وهى تنظر الى وجهه بملامحه الجامدة وجلسته التى توحى بخطب ما فقد جلس يستند بمرفقيه على ركبتيه يخفض راسه أرضاً ، وبين اصابعه لفافة التبغ قد احترقت قرب النهاية دون ان تمسها شفتيه.
لتساله بقلق وتوجس وقد ارعبتها حالته هذه
: مالك يا صالح .. انت قاعد عندك كده ليه.. وبعدين انت هنا من امتى !
ظل على وضعه ولم يجيبها بل انه حتى بدى كأنه لا يشعر بوجودها من الاساس ، لتقترب منه تجلس بجواره تمسك بلفافة التبغ من بين انامله تلقى بيها فى مكانها المخصصة ، ثم تمسك بيده بين يديها ، وقد ادركت انه مازال يأنب نفسه بسبب ماحدث بينهم ليلة امس ظنا منه انها مازالت فى داخلها شيئ من منه..
لذا القت براسها فوق كتفه ويدها مازالت تحتضن يده قائلة بمرح حاولت به اظهار نسيانها لكل ما حدث
: طيب لما انت هنا من بدرى مش تعرفنى … ده انا حتى هموت من الجوع … انا هقوم حالا اجهز الاكل لينا سوا .
اتبعت بالفعل كلامها بالنهوض من مكانها تتجه للمطبخ لكن توقفت بعد خطوة واحدة حين تشبث بيدها يجذبها اليه قائلا بصوت متحشرج خشن كأنه يعانى صعوبة فى الحديث
:اقعدى يافرح فى موضوع عوزك فيه.
توتر جسدها ترتجف قدميها فلم يكن هذا صالح الذى تعرفه حتى عندما رأت من جانب اخافها ليلة امس ، لم يكن كهذا الجانب الذى تراه منه الان تشعر بوجود خطب ما اكبر من كل ظنونها لذا جلست هذه المرة بجواره ولكن لم تكن تنفيذا لامره اكثر من عدم قدرة قدميها على حملها..
تراه يعتدل فى جلسته يتطلع امامه بوجهه الجامد وجسد مشدود يشع منه توتر انتقل اليها هى الاخرى وللحظات ساد بينهم صمت قاتل حاد اخذ فيه قلقها وخوفها ينهشها فيه.
فى انتظار حديثه يدور فى عقلها الف سؤال وسؤال يتلاعب بها شيطانها بتصور اسوء التصورات حتى زفر بعمق كأنه يستعد لما هو قادم يعود لوضع جلسته الاولى بصوت مرهق متحشرج تحدث قائلا
: انتى من يوم جوازنا وانتى نفسك تعرفى انا وامانى سيبنا بعض ليه مش كده؟!
انقبض صدرها وضاق بانفاسها حتى كادت ان تختنق حين نطقت شفتيه بأسمها لكنها اجبرت نفسها على التماسك تومأ له دون شعور وعينيها تنصب عليه تراه يغمض عينيه زافراً بحرقة مرة اخرى قبل ان يتحدث قائلا باستسلام وصوت مرهق
: وانا هقولك ليه يافرح .. انا امانى اطلقنا علشان … علشان .. انا مبخلفش يا فرح.
ظلت تحدق به كالبلهاء عيونها متسعة ذهولا وقد سمعت ماقاله واستوعبته تماما لكن عقلها رفض التصديق تسأله كالبلهاء وبتلعثم
: انت بتقول ايه … مين ده اللى مش بيخلف؟!
التفت اليها ببطء وما رأت على وجهه من مشاعر جعل الدموع الساخنة تجرى فوق وجهها ترى الحقيقة على ملامحه لاتترك لها الفرصة غير التصديق عينيها مصدومة جسدها بارد برودة الصقيع بألم وكسرة العالم كله تحدثت له
:يعنى هى طلقتها علشان كده … طب وانا .. معرفتنيش ليه … كنت بتتجوزنى ليه وانت مخبى عليا حاجة زى كده ؟؟
نهض من مقعده يلتفت لها صارخا بعنف وملامح وجهه تنطق بالعذاب وقد قتله سؤالها والكسرة به
:اتجوزتك علشان….
صمت عن اتمام جملته لم يستطع لسانه النطق بها رغم تلهفه لقولها ولكن كبربائه ابى عليه فى تلك اللحظة بذلك ، لا يستطيع البوح بالمزيد يكفيه اعتراف واحد ..
لتنهض عن مقعدها تصرخ به هى الاخرى بعنف وغضب وعيونهاة مشتعلة برغم الدموع بها
: علشان ايه ياصالح؟! كمل وقولى علشان ايه .. ولا تكمل ليه .. انا اللى هقولك علشان ايه….
تحشرج صوتها ترتجف نبراته بكسرة المهانة بالكاد استطاعت اخراج صوتها تكمل وهى تشير الى نفسها قائلة
: علشان عيلة غلبانة وهتسكت علشان
تعيش .. وقولت فى بالك هترضى بلى مرضيتش بيه بنت الحسب والنسب .. مش كده يا صالح مش ده السبب يابن كبير الحتة !!
جعلته كلماتها ينتفض واقفا تتسع عينيه وهو ينظر اليها مصدوم ، فقد حضر لذهنه جميع ردات الفعل الا هذا ولم يفكر ولو للحظة واحدة انها ستسئ الظن به الى هذا الحد وتتهمه بهذا الاتهام …
نعم من حقها الغضب والصراخ عليه بكل التهم لكنه يتخيل ان تقلل منه الى تلك الدرجة وتسحق كبريائه بكلامها المسموم تغرسه فى صدره كالخنجر دون رأفة ليهمس لها بخيبة امل واحتقار للفكرة
: للدرجة دى …؟! خلاص بقيت فى نظرك محتاج الف وادور علشان القى واحدة تقبل بيا وبعيبى .. صغرت فى عينك اووى كده بعد ما عرفتى الحقيقة ؟
بهتت ملامحها وقد ادركت ما تفوهت به وكيف كانت كلماتها قاسية لكنها تتألم أيضاً تشعر ببركان ثائر بداخلها يلقى بحممه يشعلها تهم بالرد عليه ، ولكنه فى اقل من ثانية كان يختطف متعلقاته من فوق الطاولة ثم يغادر المكان فوراً بخطوات سريعة وجسده متصلب..
تسمع الباب الخارجى يغلق خلفه بعنف ارتجت له الجدران لتنهار قدميها أرضاً قد اصبحت كالهلام يرتجف جسدها بالكامل تشعر بالبرد يتغلل اوصالها وهى تنظر للباب المغلق بعيون مذهولة ، تغسل الدموع وجهها ويمزقها عذاب خذلانه لها .. نعم فقد خذلها وخذل قلبها وجعلها تشعر كم هى قليلة له ولن تستطيع تتجاوز ما حدث منه أبداً.
************************
بعد مرور عدة ايام على تلك الاحداث كانت تسير فى طريقها للمنزل بخطوات بطيئة وعقل شارد منشغل بالتفكير فيما حدث منذ يومين داخل المكتب وما تبعه من احداث وتوتر فى علاقتها معه ، وكيف اصبح كثير التعصب والغضب عليها.
لتتلاشى هذا تفضل أن تترك العمل باكراً عن موعدها قبل ان تنفجر به بعد ان تطفح بها الكيل منه ومن تعامله الحاد معها ، لتقترب بخطواتها من المحل الخاص بانور ظاظا تمر من جواره ، ليتعالى صوت انور وقد وقف خارجه يناديها لها بصوت جهورى حاد
:لامؤاخدة يا ابلة سماح .. كنت عاوزك فى كلمتين كده…
توقفت سماح وقد توتر كل عصب بها تسأله بتوجس وقلق
: انا يا معلم انور .. خير فى ايه؟!
ابتسم لها انور بسماجة قائلا
:وده ينفع يا ابلة نتكلم فى الشارع .. اتفضلى عندى المحل نقول الكلمتين.
اومأت له بالموافقة رغم صوت عقلها الذى يطالبها برفض طلبه تتقدم لداخل المحل خلفه يشير لها بالجلوس على احد المقاعد لكنها هزت رأسها بالرفض ليهتف انور بسخرية
: خلاص براحتك يا ابلة…..
جلس هو فى احدى مقاعد يتطلع نحوها للحظات قائلا بعدها بصوت متهدج من الشوق الملتمع فى عينيه
: كنت عاوز اسألك عن فرح وازى اخبارها … بتشوفيها .. حالها يعنى كويس ومبسوطة مع المخفى جوزها ولا…..
هتفت به سماح بحدة تنهره توقفه عن اكمال الباقى من حديثه قائلة
:بقولك ايه يا معلم انور .. شيل فرح من دماغك .. ولو انت جيبنى علشان تتكلم معايا فى الكلام الفارغ ده ، يبقى عن اذنك.
بالفعل استدارت للمغادرة ولكنه هب واقفا يمسك بمعصمها بقسوة يوقفها عن الحركة يضغط باصابعه فوقه وقد احتقن وجهه بالغضب يفح من بين اسنانه
: على فين؟
انا لسه مخلصتش كلامى..
وقفت تنظر اليه برعب تلعن نفسها لدخولها هذا المكان وهى تحاول جذب يدها من بين قبضته المتشبثة بها بقوة كادت تدميها لترتفع ابتسامة شرسة على وجهه وقد شعر برعبها منه يكمل
: متخلنيش ازعل منك بقى … وردى عليا وعرفينى .
فى تلك الاثناء كان صالح يمر بسيارته بجوار المحل يتخطاه لكنه عاود الرجوع للخلف مرة اخرى عند لمحه وجود سماح داخل المحل ، يرى تلك النظرة المرتعبة على وجهها وذلك الحقير يمسك بيدها ليندفع الدم الى رأسه يعميه الغضب يندفع لداخل المحل يصرخ بغضب فى انور
: سيب ادها يابن الـ…. انت مسكها كده ليه ؟
قفز انور الى خلف مرتعب يترك يد سماح على الفور يهتف بجزع
:ابدا يا صالح باشا .. دانا .. دانا كنت عاوزة الابلة فى كلمتين.
تحدث صالح الى سماح ومازالت عينيه تقع فوق انور قائلا بهدوء شديد
:روحى انتى يا سماح وحسك عينك اشوف واقفة مع ابن الـ… ده تانى.
اسرعت سماح تهز رأسها بالابجاب وثم تفر من المكان باقدام مرتعشة تحمد الله لتدخل صالح فى الوقت المناسب ، فلولا تدخله لم تكن تعلم كيفية التصرف مع هذا المجنون ..
بينما صالح يقترب من انور بخطوات بطيئة وعينيه ينطق بالشر يفح من اسنانه ببطء بكلمات غاضبة
:اظن .. يا انور .. انى .. نبهت عليك .. قبل كده بدل المرة اتنين .. بس الظاهر ان العلقة بتاعت المرة اللى فاتت وحشتك.
كان انور يتراجع فى خطواته للخلف امام تقدم صالح منه لكن وعند ارتطام ظهره بالحائط خلفه ادرك ان لا مفر امامه ليسرع هاتفا بشجاعة مزيفة ، كذبها شحوب وجهه وخوف عينيه
: جرى ايه ياصالح انت هتضربنى فى محلى ولا ايه الدنيا مش سايبة وفى حكومة فى البلد.
ضربه صالح فى كتفه بظهر يده بعنف قائلا بشراسة
: واضربك ادام الحارة كلها يا ظاظا واعلى ما فى خيلك اركبه .. وعاوز اشوف اخرك ايه.
ووقف يتحداه بعينيه يستعد جسده للمعركة وقد تشددت كل عضلة به ، ليدرك انور انه هالك لا محالة ، قبل ان تقفز تلك فكرة الشيطانية الى عقله قد يستطيع بها الهاء صالح عنه وعن فعلته يقلب بها الامور على من يدافع عنهم قائلا بخوف مصطنع
:ااه ليك حق تعمل اكتر من كده … وتستقوى على الكل واولهم نسايبك اللى خايفين منك مش قادرين يفتحوا بقهم بعد ماعرفوا ببلوتك.
ادرك انه اخطأ فى حساباته فبدلا ان تلهيه كلماته الحمقاء عنه زدات من اشعاله اكثر بعد ان قبض صالح فوق عنقه يكاد ان يزهق روحه يسأله بفحيح
:تقصد ايه ببلوتى .. ونسايب مين اللي بتتكلم عنهم !!
حاول انور الفكاك من قبضته لكن زاد صالح من الضغط حتى احتقن وجهه بالدماء وجحظت عينيه تسود الرؤية امامه ، ليسرع فى اجابته بصوت بخنوق خافت هربا من طريق الموت
:نسيبك مليجى … جالى هنا و قالى …. انك مش بتخلف … وانك متجوز فرح … علشان غلبانة وهتسكت وترضى تعيش.
انحلت قبضة صالح ببط عن عنقه يتراجع للخلف بأهتزاز كالمصعوق بجسد متجمد ووجه شاحب كالموتى كما لو سحبت منه الحياة ينظر فى وجهه بعيون زجاجية باردة يتطلع بها نحو انور للحظات ، جعلت من قدمى انور تتخبط مفاصلها يرتجف رعبا حين عاود صالح التقدم نحوه بتهديد مرة اخرى خطوة واحدة ليدرك هذه المرة بانه هالك لا محالة ، سلكن توقف صالح عن الحركة مرة اخرى قبل ان يسرع بعدها ويغادر المكان فورا دون ان ينبس ببنت شفة..
ليسقط انور ارضا شاهقا بعنف طلبا للهواء يدلك عنقه المكدوم قائلا بارتجاف وصوت متحشرج
: يا سنة سوده عليك يا انور …. انا ايه اللى هببته ده .. كده الموضوع وسع منى وهروح فيه فى داهية.
نهض بتعب على قدميه يخرج هاتفه من داخل سرواله قائلا بتوتر
: لاا انا الحق اتصل بمليجى الغبى افهمه على الليلة قبل ما صالح يوصله .. والا ساعتها هيقروا على روحى الفاتحة.
رفع هاتفه يتحدث به بلهجة امرة خشنة
:ايوه يا مليجى عوزك تجيلى حالا على الشقة اياها .. عوزك فى مصلحة ليك فيها قرشين حلوين.
انهى الاتصال فور ترتفع ابتسامة خبيثة لشفتيه هامسا
:ومدام فيها قرشين مليجى يرمى نفسه فى النار .. بس على الله كل حاجة تمشى مظبوط والا ساعتها هيقروا على روحى انا الفاتحة.
**************************
استقلت فوق الفراش تنظر الى سقف الغرفة ساهمة بوجهها الشاحب وعيونها مسهدة تحيط بها الهالات سوداء كدليل على ان النوم يجافيها منذ رحيله منذ ثلاثة ايام لم يأتى فيها الى المنزل ولو حتى للحظة ، بعد ان تحجج لعائلته بحاجته للسفر الى احدى المدن لانهاء عدة اوراق خاصة بالجمارك ، ليصدق الجميع حجته هذه الا هى فبعد ان حاولت عدة مرات الاتصال به لكنها كانت تسرع فى انهاء المكالمة قبل بدء هاتفه بالرنين..
فماذا ستقول له ولا كانت حتى تدرى بأى كلمة ستبدء حديثها معه فهى الى الان مازالت تحت تأثير صدمة ما اخبرها به .. مازالت تشعر بألم خداعه واستهانته بها تعاود تذكر احداث ايامهم سويا تتذكر كل شيئ وكل مرة ذكرت فيها عشقها ورغبتها لانجاب طفل منه وكيف كان يتبدل حاله الى النقيض فى كل مرة ، ويصير شخصا اخر لا تعرفه يملأه الظلام تخافه وتخشاه واقربهم منذ يومين وقسو. ته فى التعامل معها فى علاقتهم الخاصة وقتها لم تفهم سبب تحوله ذاك..
اما الان فاصبح كل شيئ واضح لديها كوضح سبب زواجه منها حين وجد بها ضالته ورأى فيها شخصية ضعيفة سترضى بما رفضته غيرها يوما ، رغم انها لا تنكر ضعفها وانها لو كان اعلمها منذ البداية ما رفضت أبداً ان تربط حياتها به ولم تهتم بشيئ اخر سواه ، لكنها الان تتخبط داخل تلك دوامة تبتلعها داخلها ولا تدرى لها نهاية..
لذا استسلمت لامر ولم تحاول مرة اخرى الاتصال به تقنع نفسها انه من الافضل لهم الابتعاد لفترة لعل تهدء فيها نفوسهم وتتضح لها وله رؤية الاشياء.
زفرت بحزن تغمض عينيها بتعب للحظات لم يرحمها فيها التفكير حتى تعال صوت رنين هاتفها لتسرع فى الاعتدال فى جالسة تختطف الهاتف وقلبها يرتجف بين جنباتها بتوقع وامل وهى تنظر الى هوية المتصل ، لكن سرعان ما تحولت الى خيبة امل عند رؤية لاسم شقيقتها لتفتح الاتصال تجيبها بمهود تلقى عليها السلام لتسألها سماح بعدها
:بت جوزك رجع النهاردة .. وكان..
قاطعتها فرح بلهفة وسعادة
:بجد يا سماح .. شوفتيه فين ..طيب حاله عامل ايه .. طيب وهو كويس يا سماح؟!
اسرعت سماح تجيبها تحاول تطمئنتها قائلة بصوت مشفق
:كويس يا قلب اختك متقلقيش عليه .. هو بس…
تقطع صوتها تصمت عن الحديث بعدها لتسألها فرح بقلق
:هو ايه يا سماح .. كملى متقلقنيش.
ازدردت سماح لعابها بصعوبة وتردد قبل ان تقص عليها ماحدث منذ قليل … فكانت اثناء حديثها تفور دماء فرح بالغضب حتى انتهت سماح لتسألها بقلق تقاطعها حين اتت على ذكر صالح وحضوره للمكان تهتف بجزع
:نهار اسود .. وعمل فيه حاجة يابت .. اكيد ضربه .. انا كنت عارفة ان الزفت ده مش هيرتاح الا لما صالح يطلع روحه فى اديه.
اجابتها سماح بتأكيد
:هو اللى كان يشوف شكل جوزك وهو داخل المحل يقول هرتكب جناية بس متخفيش محصلش حاجة انا متحركتش غير لما جوزك خرج من عند المخفى ده واطمنت عليه..
وضعت فرح يدها فوق صدرها زافرة براحة بينما سماح تكمل بقلق وخوف
:بس يا بت انا خايفة من المخفى انور ده … بقت عنيه قادرة علينا ومبقاش بيهمه حد.
ارتفع غضب فرح يعميها وهى تصرخ بصوت حاد وعنيف
: لاا على نفسه … دانا افضحه ادام الحارة كلها … هو فاكر ايه .. علشان غلابة وملناش ضهر هنسكت .. لا يصحى ويفوق … الا وربى اعرفه مقامه .
ارتفع صوتها تهز ارجاء الغرفة فيصل صراخها لذلك الواقف على بابها وقد غادر عقله المنطق والتعقل يتشدد فكه بصلابة وقد تشكلت يديه الى قبضات ، يحنى راسه بأهتياج يرتفع صدره صعودا وهبوطا بعنف وغضب مكبوت وقد عاودته ذكرى اخرى قد سمع فيها لكلمات مشابهة لكلماتها تلك.
*****************
بعد مرور اكثر من ساعة حاول فيها اقناع مليجى بما يريده منه بعد ان قص عليه ماحدث فى محله وحديثه المتهور مع صالح..
اخذ انور ينظرى وهو يجوب الغرفة بعصبية وقلق قبل ان يلتفت اليه هاتفا
:بس كده يا برنس انت بتحطنى فى وش المدفع .. وصالح لو عرف بالليلة دى قليل لو ما ولع فيا وسط الحارة.
نهض انور على قدميه مقترب منه قائلا بهدوء واقناع
: وصالح هيوصل ليك ازاى … متخفش انت تسمع بس الكلام وتقعد هنا الفترة دى ومتتحركش .. وليك عليا ياسيدى اكلك وشربك ومزاجك يوصل لحد عند كل يوم .. ده غير القرشين الحلوين اللى هيدفوا جيبك.
ظهر الترد فوق وجهه مليجى للحظة تطلع فيها اليه انور بلهفة وامل قبل ان يهز مليحى رأسه بالرفض قائلا بخوف
:لاا ياعم ياروح ما بعدك روح .. بعدين هو صالح هتعدى عليه كده .. بعدين زمان البت فرح عرفته انى ولا اعرف حاجة عن الليلة دى كلها.
انور بصوت مقنع ملح
:واحنا مالنا ومال فرح دلوقت .. وبعدين تفتكر بنت اختك عارفة حاجة عن الموضوع ده وهتبقى عادى كده … وبعدين انت عرفت من بره وجيت فضفت مع اخوك وحبيبك انور من كتر الهم والحزن اللى كان على قلبك .. ها قولت ايه؟
همهم مليجى بصوت خافت محتقر
:وانور اخويا وحبيبى طلع واطى وجبان ودانى فى داهية علشان يخلص نفسه هو.
سأله انور عما يقول بحيرة ليسرع مليجى بتمالك نفسه وقد حسابها ووجد انه فى كلتا الحالتين تورط بالامر ؛ فأن وافق وضع نفسه تحت رحمة صالح وان رفض فلن يتركه انور الا بعد ان يجعله يدفع ثمن رفضه لطلبه هذا لذا فل يختار من بين الامرين ما سيجعله يخرج رابح مستفيد منه..
لذا تنفس بعمق يجيب انور بحزم وثبات
:موافق يا برنس … بس الاول اعرف هطلع من الليلة دى بكام!
______________
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ظلمها عشقا)