رواية ظلمها عشقا الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم ايمي نور
رواية ظلمها عشقا البارت الرابع والثلاثون
رواية ظلمها عشقا الجزء الرابع والثلاثون
رواية ظلمها عشقا الحلقة الرابعة والثلاثون
استلقت فوق فراشهم تراقبه بحنان ويديها تربت فوق بطنها الممتد امامها برفق وهى تراه يدور حولها فى الغرفة بتوتر وبحركات مضطربة يقوم بعدة اشياء ليس لها داعى مثل اخراجه للحقيبة المعدة ليوم ولادتها يقوم بأخراج الاشياء من داخلها ثم ويراجعها للمرة الخامسة حتى الان وهو يسألها بقلق
: انا خايف نكون نسينا حاجة كده ولا كده.. طيب ايه رأيك انزل اجيب تانى من ال….
قاطعته تحدثه بصبر وهى تعتدل جالسة فى الفراش قائلة
: ياحبيبى متقلقش كل حاجة جاهزة… وبعدين انا مش عارفة انت قلقان كده ليه.. هو انا اول ولا اخر واحدة هتولد..اهدى انت بس وخير ان شاء الله.
توقفت يديه عن الحركة ترتجفان بشدة وهو يرفع عينيه يتطلع اليها فترى القلق والخوف يرتسمان داخلهما عليها وعلى اطفالهم مما جعل قلبها يهفو اليه تسعى على الفور لبث الطمأنية اليه تشير له بحنان حتى يقترب منها وفورا ترك ما بيديه يهرع نحوها ويلقى بنفسه بين ذراعيها الممتدة اليه بترحاب دافنا وجهه فى عنقها مرتجفا بشدة وهو يهمس بتحشرج
: خايف اووى يافرح.. لا انا مش خايف انا مرعوب من بكرة.. انا عمرى فى حياتى ما كنت خايف كده…
لم تستطيع البوح له بأنها تخشى هى الاخرى من يوم غد بل يكاد قلبها ان يتوقف رعبا منه لكنها اسرعت باجابته بصوت مرح خفيف
: ليه يعنى دى حاجة كل الستات بتعملها كل يوم..ده حتى سماح اختى سبقتنى وعملتها وبتقولى هتصحى من النوم هتلاقى النونو جنبك…. وبعدين انا مش خايفة من كده انا خايفة من حاجة تانية خالص.
رفع وجهه اليها سريعا بأستفهام لتكمل مع ابتسامة مرحة
: لما يعرفوا اللى الدكتور قاله لينا… اظن بعد كده مش هنعرف نخبى تانى…والعيلة كلها والحارة كمان هتعرف .
شدد من احتضانه لها يلقى برأسه فوق كتفها قائلا بحزم
:محدش ليه عندنا حاجة وبعدين ابويا وامى عارفين وكده كفاية دول هما حتى اللى قالوا منعرفش حد .
ساد الصمت لعدة لحظات قبل ان تتحدث قائلة بخشية وتردد
: طيب اخوك ومراته.. مش هيزعلوا اننا خبينا عليهم.. خصوصا ان سماح اختى عارفة و….
ابتعد عنها صالح جالسا بأعتدال يقاطعها قائلا بنزق
: اللى يزعل يزعل.. انا مش هدوش دماغى بحد دلوقت… كفاية قلقى عليكى.
نهض واقفا يكمل قائلا بحزم
: انا هقوم احضرك الاكل.. وانتى ارتاحى خالص وريحى دماغك وتفكريش فى حد غير نفسك وبس.
حاولت الاعتراض فهذه هى المرة الثالثة والتى يقوم بأطعامها فيها خلال ساعتين لكنها قررت الصمت بعد ان وجدته وقد تحرك بالفعل مغادرا الغرفة تعلم ان لا فائدة من اعتراضها ذاك تتبعه بنظراتها الهائمة وهى تبتسم ابتسامة صغيرة عاشقة له و سعيدة بأهتمامه بها تربت فوق بطنها بحنو هامسة بعد خروجه
: ابوكم حنين اووى ياعيال…هو انا بحبه وبعشقه من شوية وبكرة لما توصلوا بالسلامة هتشوفوا اد ايه هو احسن واجدع واحن راجل فى الدنيا .
شردت بعينيها للبعيد ومازالت تلك البسمة الحنونة فوق شفتيها تتذكر يوم تأكيد الطبيب لحملها وفرحة صالح الطاغية لكن لم يكن الطبيب قد انتهى من اخباره كلها حين تحدث اليهم يكمل لهم بصوته الهادئ ولكنه كان يحمل نبرة مازالت تتذكرها حتى الان قائلا
:طبعا احنا لما كملنا رحلة العلاج الخاصة بيك يا استاذ صالح والحمد لله الامور مشيت تمام.. هنا كان دور مدام فرح.. وابتدينا معاها بالحقن المنشطة علشان نقصر من فترة الانتظار وكمحاولة كمان قبل ما نلجأ للحل التانى بس الظاهر ان….
قاطعه صالح بعدم صبر وتوتر يسأله
: يا دكتور انت عرفتنا الكلام ده قبل ما نبتدى معاك.. فمن فضلك قول فى اى ايه لانك كده هتموتنى من القلق على فرح .
ابتسم الطبيب يهز رأسه بتفهم قائلا بصدر رحب
: مااشى هدخل فى المفيد.. شوف ياسيدى الحقن المنشطة اللى اخدتها المدام كانت سبب فى ان الحمل ميكنش فى جنين واحد…
هتف الاثنين معا بذهول ممزوج بالفرحة وبصوت واحد يقاطعانه
: تؤام… تقصد حصل حمل فى توأم ..!
هز الطبيب رأسه بالنفى ليعقد صالح وفرح حاحبيهم بعدم فهم سرعان ما تحول لاتساع العينين ذهولا وافواه فاغرة من شدة وقع كلماته عليهم وهو يتحدث قائلا بتمهل كأنه يعلم وقع كلمات تلك عليهم
:الحمل حصل فى كسين..كيس فيه جنين واحد.. اما الكيس التانى فحصل فيه حمل فى.. اتنين.
صدرت عنها ضحكة خافتة وهى تتذكر وقتها حين ظلت هى وهو يتطلعان الى الطبيب كأنه قد نبتت له رأس اخرى فجأة ودون تحذير يستمعا الى باقى تعليماته كأنه يتحدث بلغة اخرى غير مفهومة لهما يظلا على حالة الصدمة والذهول تلك حتى خروجهما من عنده ليلتفت اليها صالح يسألها بصوت مرتجف غير مترابط
:بت يافرح هو اللى سمعته جوه ده حقيقى ولا ده عقلى وبيضحك عليا..وبيسمعنى اللى نفسى اسمعه.
التفتت اليه بعيون ممتلئة بالدموع قائلة بصوت باكى يرتجف هو الاخر من شدة الفرحة تؤكد له
: حقيقى يا صالح…ربنا حب يجازينا على صبرنا وعوضنا بكرمه .
لم يبالى بعدم خلو المكان من الناس او انهم مازالوا داخل عيادة الطبيب يحتضنها بين ذراعيه فجأة وعلى غفلة ويدور بها وهو يهتف بفرحة جنونية
: انا هبقى اب لتلاتة… يعنى انا مش بحلم يافرح مش كده؟!
اخذت تضحك وتبكى فى آن واحد تشاركه سعادته وفرحته معهم ايضا نظرات الجمع من حولهم ووجوههم المتهللة بالفرحة و تصحبها ضحكات البهجة والسعادة لهم.
تتم بعدها رحلة العودة بهم سريعا الى المنزل ليجدوا والديه يجلسون فى انتظارهم وعلى وجههم اللهفة والامل ليسرع صالح اليهم وهى يصرخ بفرحة
: حصل يابا.. حصل ياما…وهبقى اب لتلاتة والله.
حتى الان لا تتذكر ما حدث فور نطقه بهذا الاخبار اليهم كل ما تتذكره انه حدث هرج ومرج وصرخات فرحة واحضان كثيرة ومتبادلة حتى ساد الهدوء أخيراً وتسرع انصاف قائلة بعدها بتحذير وصوت باكى
: اوعوا يا ولاد حد يعرف… بدل ما تاخدوا عين من الحارة واللى فيها… خلى فرحتنا تكمل على خير كده بأذن الله. ولا ايه رأيك يا حاج.
اسرع منصور يومأ برأسه بالايجاب مؤكدا على حديثها فورا قائلا
: الحارة وغير الحارة… محدش هيعرف غيرنا احنا الاربعة وبس.
نظر الى انصاف نظرة فهمتها على الفور ومن ثم الى صالح والذى هز رأسه فوراً موافقا بعد ان تفهمها هو الاخر و فرح ايضا قد فهمتها لكنها لم تعلق تلقى اليهم بموافقتها على كلامهم.
لكنها و فوراً ان اختلت الى صالح داخل شقتهم حتى نادته برقة وتردد فيلتفت اليها صالح مبتسما بتفهم وحنان
:قوليلها يافرح…انا عارف انك مش هتقدرى تخبى عليها..فانا بقولك اهو قولها وعرفيها…بس اياك حد تانى يعرف انا بقولك اهو…وانا هبقى اعرف عادل وانبه عليه هو كمان.
اسرعت نحوه تلقى بذراعيها حول عنقه هامسة
: حبيب قلبى يا ناس…اللى بيفهمنى من غير حتى ما اتكلم .
انحنى على جبينها يقبله بحنان هامسا
: انتى اللى حبيبة قلبى.. ونور عينى… ودنيتى كلها يافرح… واى حاجة تطلبيها او نفسك فيها تتنفذ فوراً بس انتى تطلبى.
وقد كان فمنذ حملها اصبحت مدللة الجميع هو وابويه يهرعون لتلبية احتياجتها فورا دون كلل او تعب حتى اخيه حسن قد كان يأتى مساء كل يوم بعد العمل للسؤال والاطمئنان عليها يمزح ويتحدث بلهفة عن استعدادته هو ووالديه لاستقبال مولود اخيه الاول لدرجة قد بعثت الشك فى نفس فرح فى البداية ..
ولكن مع مرور الايام كانت ترى فرحته الصادقة فى عينيه ونظرة الحب والتقدير التى يتطلع بها الى صالح حتى بعد ان رزقه الله بمولودته الاخيرة وتنبه تحذيره الطبيب من حمل زوجته مرة اخرى لم يبالى او تنقص فرحته لهم برغم نظرات زوجته المغلولة الدائمة لها ومراقبتها تعامل صالح الحنون معها فى مرات اجتماعهم القليلة بعيون تنطق بالحقد وسؤالها المتكرر عن نوع الجنين وعينيها تكاد تخترق بطنها بحثا عن اجابة لم تنالها حتى الان .
اما شقيقته فلم تراها سوى مرة واحدة وحدثت قبل سفرها مع زوجها لاحدى الدول العربية للعمل بها بعد اصراره على ان تصحبه الى هناك برغم اعتراضها الشديد والذى لم تجد له اهتماما من احد لترضخ فى النهاية للامر وتنجب طفلها هناك.
وقد علمت من والدة زوجها بعدها وهى تفضفض وتشتكى اليها من معاملة زوجها الجافة والسيئة لها وان السبب اصراره على سفرها معه انه قام بجعلها تعمل هى الاخرى هناك بل انه يستولى على اجرها كاملا بحجة الادخار والعمل على مستقبل طفلهما وقد شعرت فرح وقتها ان حماتها تتندم وتشفق على حال ابنتها بعد زيارة شقيقتها لها ورؤيتها لكيفية معاملة زوجها لها وخوفه الشديد ومراعته وحبه الواضح لها فى كل تصرف يقوم به نحوها تمزج بصوت حزين يومها قائلة ان لا احد ينافس عادل فى اهتمامه بزوجته سوى صالح فقط .
ابتسمت فرح رغما عنها بسعادة وهى تتراجع بظهرها الى لوح الفراش تسند عليه فقد كانت محقة فلم يكن بالفعل هناك من ينافس عادل فى صفاته سوى فارسها وعشق صباها وزوجها الرائع .
تتذكر احدى المرات والتى تلاعبت بها هرمونات الحمل فأخذت فى بالبكاء دون سبب وقد فشلت جميع محاولاته لتهدئتها او معرفة كيف له ان يرضيها ليتركها فى النهاية ويذهب مغادرا دون ان يضيف كلمة واحدة لتنهار فى البكاء بشدة وقد وجدت أخيراً سببا لسكب دموعها عليه وهو ذهابه بعد ان اصابه الملل منها لكنه عاد مرة اخرى بعد فترة من الوقت يحمل معه عدة حقائب للتسوق كبيرة الحجم يتجه فوراً نحوها ويده تمتد الى عينيها يزيح عنها دموعها وهو يتحدث قائلا برفق
: كفاية دموع بقى وتعالى شوفى انا جبتلك ايه.
هزت كتفها له بالرفض كطفلة صغيرة مدللة وهى تضم شفتيها باعتراض لتمتد يده الى احدى الحقائب يفتحها قائلا بتشويق
: طيب شوفى ولو مش هيعجبوكى هرميهم ياستى واجبلك حاجة تانية غيرهم..بس شوفيهم الاول.
اخرج من داخل الحقيبة احدى الشخصيات الكرتونية والتى تعشقها على هيئة لعبة محشوة بالقطن تلتمع عينيها بالانبهار والفرحة شاهقة وهى تختطفها من يده ثم تحتضنها بفرحة الى صدرها لكنه لم يكتفى بذلك يمسك بالحقائب الواحدة تلو الاخرى يخرج من داخلها العديد والعديد من الالعاب كانت تستقبلهم الفرحة ذاتها حتى اصبحت محاطة بالكثير منهم حتى حان اوان فتحه الحقيبة الاخيرة ليهتف لها بتشويق واسلوب مسرحى زاد من فضولها ولهفتها
: والان مع المفأجاة الاهم والاحلى.. ولعيون ام ولادى وبس..
مد يده داخل الحقيبة يخرج منها ثلات قطع من ملابس الاطفال بحجمها الصغير المحبب تخطف قلبها ودقاته بألوانها الزاهية والرائعة وهى تتطلع اليها بأنبهار سرعان ما تحول لشهقات بكاء مرة اخرى جعلته يعقد حاجبيه بقلق وقد ظن انهم لم يحوزا على اعجابها يهمس لها بحنو ورقة وهو يقوم بجذبها لصدره محتضنا اياها
: طيب ولا تزعلى نفسك ولا يهمك خالص…احنا نرمى الهدوم ام ذوق وحش دى ونجيب غيرهم وعلى ذوقك انتى وبس يافرحتى…بس المهم انتى متزعليش.
رفعت وجهها اليه تهز رأسها بالرفض قائلة بصوت متحشرج ملهوف
: لا..انا عوزاهم..دول حلوين اووى وعجبنى.
ابتسم بحنو وانامله تزيح دموعها برفق قائلا
: خلاص نخليهم انتى بس تأمرى…بس ممكن اعرف ليه بقى بتعيطى .
ارتمت على صدره تحتضنه بقوه قائلة وصوتها يختنق بالبكاء مرة اخرى
:علشان بحبك..وبحبك اكتر من الدنيا كلها…
مرر كفها على ظهرها صعودا وهبوطا بلمسات مهدئة قائلا بصوت جاد حازم برغم الابتسامة فى عينيه
:لاا كده يبقى عندك حق… انت تعيطى زى مانت عاوزة وانا قعد ساكت خالص… لو تحبى كمان اعيط معاكى انا….
صدر عنها صوت رافض تقاطع به حديثه وهى تهز رأسها بشدة تدفن وجهها فى عنقه يتراجع بها الى الخلف حتى اصبح مستلقيا على الاريكة وهى فوقه يربت بحنان على ظهرها للحظات قضاها على هذا الوضع حتى سقطت أخيراً فى النوم تنعم بدفئه وقربه منها والذى اصبح كالادمان لها لا تستطيع الاستغناء عنه ابدا.
انتبهت وافاقت من افكارها على دخوله الغرفة يحمل بين يديه صنيه محملة بالعديد من اطعمة لتهتف به معترضة
: صالح انا مبقتش قادرة اكل تانى.. انا هشرب العصير بس .
صالح وهو يضع الصنية بينهم ثم يجلس مقابلها قائلا بحزم
: واللبن كمان.. وقبلهم هما الاتنين الاكل ده.. يلا فرح بلاش دلع كلها ساعة وهتبتدى صيام زى ما الدكتور قال.
تذمرت تضم شفتيها بامتعاض لكنها لم تجروء على اعتراض كلامه تفتح فمها له بطاعة وهو يقوم بأطعامها بيده حتى انتهى اخيرا يقوم بابعاد صنية الطعام ثم يساعدها على الاستلقاء قائلا
: يلا نامى انتى… وانا هروح ارجع الحاجة دى المطبخ وارجعلك على طول.
تشبثت بيده بلهفة وعينيها تتطلع له برجاء هامسة
: لاا خليكى جنبى لحد ما انام.. انا مش عارفة هجيلى نوم اصلا ازى .
ابتسم لها يربت فوق وجنتها بحنان قبل ان يستلقى بجوارها هو الاخر يضمها اليه يستريح رأسها فوق كتفه تهمس له
: كلمنى بقى لحد ما اروح فى النوم .
اجابها بعد ان طبعت شفتيه قبل رقيقة فوق قمة رأسها قائلا بمرح
: طب ما اغنيلك احسن… دانا حتى صوتى حلو واظن انتى جربتى قبل كده .
ضحكت بنعومة لتلك الذكرى فيومها كانت غاضبة منه لامر ما وترفض الحديث فأخد يحاول بشتى السبل حتى تغفر له وتسامحه لكنها كل محاولاته بائت بالفشل حتى هداه تفكيره أخيراً تلتمع عينيه بالخبث والعبث ثم يشرع فى غناء احدى الاغنيات الشعبية المرحة وهو يتراقص امامها بحركات خرقاء مضحكة حتى لم تعد تستطيع مقاومة الانفجار بالضحك تتوسله للتوقف لكنه استمر فى الغناء يحيطها بذراعيه يرقصها معه لتندمج معه هى الاخرى معه تجاريه ما هى سوى لحظات حتى تعالى صوت غنائهم سوا بمرح صاخب ملئ المكان من حولهم .
ابتسمت تعود للحاضر تجيبه وهى تزيد من ضم جسدها اليه قائلة بصوت مرهق يتخلله النعاس
:لا خليها بعد ما اولد علشان اعرف انافسك واقدر كمان اغلبك.
اجابها صالح بخفوت بينما كانت انامله تتلاعب بخصلات شعرها بحنان وبحركاتها مهدئة جعلتها تسقط فى النوم سريعا ولكن لم يكن سريعا كفاية حتى سمعت وهو يتحدث بصوت اجش مرتجف
: وانا هستناكى..بعمرى كله هستناكى يافرحة حياتى..وحب عمرى…ام ولادى .
*******************************
اتى يوم التالى واستعد الجميع للذهاب معهم الى المشفى وبرغم التوتر والخوف السائد بين الحميع الا ان الامور قد تمت على خير وخرج اولادهم للنور صبيان وفتاة شديدي الصغر والجمال وسط فرحة ودموع الجميع حتى صالح لم يتمالك نفسه عن البكاء تغرق الدموع وجنتيه وهو يقف امام الزجاج المخصص لغرفة الحضانة والتى مكث بداخلها اطفاله يراقبهم من عدة لحظات بعد اطمئنانه على حالة فرح واستقرارها داخل غرفتها يتطلع اليهم بحب وفرحة حتى ربت شقيق فوقه كتفه قائلا بسعادة
: ها نويت تسمى ايه يابو العيال .
التف اليه صالح قائلا بصوت اجش سعيد
: فرح هسمى البنت فرح اما الولاد حمزة وادم.
ضحك الجميع بصخب ومرح يسرع عادل قائلا بمزاح
: كان لازم اتوقع انك هتسميها كده من غير ما نسأل .. بس بقولك اهو من اولها يا ابو فرح انا حاجز للواد ابنى كريم البرنسيسة بنتك ولا عندك اعتراض.
حسن بصوت مهدد يمزاحه
: طبعا يا استاذ عادل فى اعتراض.. عيب لما يبقى ولاد عمها موجودين وهى تتجوز من بره.. ولا ايه يابا..؟
ضحك الحاج منصور يؤيد هو الاخر حديث ولده الاكبر تقوم بينهم مناقشة حامية يتخللها المزاح والضحك كان عنها صالح فى عالم اخر وهو يقف يتطلع الى ابنائه بشوق ولهفة لا تمل عينيه ولا تكل من مشاهدتهم وعينيه مازالت ممتلئة بالدموع شارد فى مراقبتهم حتى تصاعد صوت رنين هاتفه يخرجه من تلك الحالة يسرع و يجيب اتصال سماح والتى قالت فور ان اجابها
: صالح.. تعال حالا.. مرات اخوك جت عندنا هنا فى الاوضة ومصممة تعرف منى انتوا جيبتوا ايه… وانا مش عارفة اقولها ايه.
صالح بهدوء يسألها اولا عن حال فرح لتيجيبه بأنها قد فاقت الى حد ما الا انها مازالت تحت تأثير البنج اغلق الهاتف بعد ان اجابها بحضوره حالا ثم التفت الى الجمع قائلا
: خليكوا انتوا مع الولاد.. وانا هروح اشوف فرح علشان فاقت .
اومأ له الجميع بالايجاب ليهرع من المكان بخطوات سريعة حتى وصل الى الغرفة يدخل فجأة ودون استئذان فيصل اليه صوت سمر المغلول وهى تتحدث بصوت عالى النبرات غير متحكمة به
: علشان كده بتخبوا مش راضين تقولوا… بس معلش يا ابلة سماح كنتى هتفضلى انتى واختك تخبوا لحد لامتى.. مانا وبسؤال بسيط عرفت اهو من الممرضة كان لازمتها ايه بقى الاسرار الحربية دى…بس ليكم حق ماهى اختك دى قادرة ومن مرة واحدة عملت اللى فضلت انا اعمله فى عشر سنين جواز…
اسرعت تكمل بغل غافلة عن ذلك الواقف خلفها بهدوء وعينيه تطلق شرارات غضبه يحاول السيطرة عليه بصعوبة حتى لا يهجم عليها يمزقها بيديه وهو يسمعها تكمل
: انا برضه قولت ان دى استحالة بطن شايلة عيل واحد ..وهو طلع عندى حق وطلعوا تلاتة مرة واحدة.
:وانتى ايه دخلك بالموضوع ده….وجاية هنا ليه من الاساس؟!
التفتت خلفها بوجه شاحب مرتعب بسرعة وهى تشهق حين وجدته يقترب منها ببطء يعيد عليها سؤاله مرة اخرى بصوت قاسى اجابته عليها بعد عدة لحظات حاولت فيها ان تزدرد فيها لعابها قائلة بتلعثم تحاول تمرير الامر
: بقى كده يا صالح الحق عليا جاية اعمل الواجب مع مراتك واطمن عليها تقوم تقولى كده .
كتف صالح ذراعيه فوق صدره يشير بعينيه نحو الباب قائلا بهدوء ما قبل العاصفة
:واجبك وصل ومن زمان يا مرات اخويا…واظن اللى جاية علشانه عرفتيه وخلصنا .. يبقى ملهاش لازمة تطولى فى الزيارة اكتر من كده ولا ايه..؟
شحب وجهها اكثر واكثر تلتفت نحو سماح لتجدها تخفض وجهها أرضا بأجراح فأخذت تفرك كفيها معا بحركات مضطربة تحاول الخروج من موقفها المحرج هذا بأقل خسارة قائلة بعد حين
:عندك حق انا فعلا لازم امشى اصل سايبة العيال مع امى وكمان…
قاطعها صالح بنبرة ذات مغزى
: اظن ان حسن ميعرفش بالزيارة دى.. على حسب ما فهمت منه انه منبه عليكى انك تيجى هنا المستشفى ..بس على العموم هو زمانه راجع من اوضة الولاد … يبقى ياخدك يروحك معاه .
فور قوله ذلك تحركت من مكانها بسرعة وخطوات مرتبكة كادت ان تسقطها أرضا وهى تتحدث بتلعثم وخوف
: لاا على ايه خليه براحته …انا عملت الواجب وماشية .. وهو الحق اجيب العيال من عند امى .
فتحت الباب هاربة من الغرفة دون ان تغلقه خلفها لكن استوقفها صوت نداء صالح الصارم لها تلتفت نحوه وببطء واضطراب تتطلع لملامحه الشرسة والعنيفة وهو يتحدث اليها بهدوء شديد عكس ما تراه على وجهه
: من هنا ورايح …فرح وولادى خط احمر.. يوم ما اعرف انك بس نطقت بكلمة اونظرة واحدة ضايقتهم مش هيكفينى فيها عمرك كله… وهتشوفى منى وش تانى ادعى انك فيوم متشفهوش.. مفهوم !
اسرعت تومأ بسرعة ورعب ترتجف بشدة من نبرة صوته الامرة الحادة تهرع هاربة فوراً من المكان بتعثر وخطوات مرتبكة يسود الصمت التام المكان بعدها حتى تنحنحت سماح تجلى صوتها من اثر تأثرها الشديد ورغبتها بالتصفيق فرحا مما رأته الان تتجه نحو الباب قائلة
: انا هروح اشوف الولاد واتطمن عليهم…انت خليك مع فرح.
اومأ لها ينتظر مكانه حتى خرجت من الغرفة تغلق الباب خلفها ليتجه فورا للفراش يجلس بجوارها ينحنى عليها يهمس فى اذنها بحب
: فرح… مش هتفوقى بقى وحشتينى اووى.. عاوزة احكيلك عن ولادنا واوصفهم ليكى…
همهمت بضعف فى استجابة ضعيفة له ليكمل قائلا بسعادة
:الحمد لله كلهم طالعين حلوين زيك كويس ان مفيش حد فيهم شبهى كنت هزعل اوى.
ارتجف صوته يكمل لها هامسا
: علشان بحبك وبموت وبعشق كل حاجة فيكى نفسى ولادنا كلهم يطلعوا شبهك انتى وبس.
هزت رأسها له كأنها تعى كلماته وتصل اليها برغم الضباب المسيطر على حواسها الا انه اخذ ينقشع ببطء جعلها تستطيع ان تهمس له بصوت خافت ضعيف غير مترابط
: وانا كمان بحبك… وبعشقك.. وبموت فيك.
————————–
تمت….
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ظلمها عشقا)