رواية طيف من الألم الفصل الثامن 8 بقلم ديانا ماريا
رواية طيف من الألم الجزء الثامن
رواية طيف من الألم البارت الثامن
رواية طيف من الألم الحلقة الثامنة
حدق مالك إلى الد.م الذي ينزف من نور بصدمة وكأنه شُل وتوقفت جميع حواسه، كانت هناك فكرة واحدة مسيطرة عليه أنه يفقد نور وطفله.
صرخت به هلا: مالك بقولك نور بتنزف أتحرك!
أفاق على صوت هلا وحمل نور بسرعة وهو يخرج بها من المنزل، حاول والداها اللحاق به ولكنه صاح بهم: محدش يجي ورانا ارتحتوا دلوقتي؟ من هنا ورايح محدش هيقرب من نور غصب عنها غير لما تسامحه.
أسرع بالهبوط بها ثم وضعها برفق في مقعد السيارة الخلفي وهنا تسندها من الطرف الآخر أمامه ثم جعلتها تسند عليها، انطلق بها بسرعة إلى المستشفى وكان ينظر لها بين الحين والآخر في مرآة السيارة، يشعر لأنه عاجز لا يستطيع فعل شئ لها ولكن يقسم بداخله أنه سيحميها من الآن فصاعدا حتى من نفسها.
وصل إلى المستشفى بسرعة ثم حملها وركض بها للاستقبال الذين حين رأوه أتوا بسرير نقال وضعها عليه ثم أسرعوا بها، وقف ينظر لها وشعور العجز يعاوده ممزوج بشعور مرير من الخوف، الخوف من أن يخسرها ويخسر طفله الذي لم يمهله الوقت بأن يفرح به.
عادت هلا بعد أن كانت ذهبت معهم وهى تقول بجزع: الدكتورة بتفحصها جوا.
نظرت له بحزن ثم شهقت: إيه الدم ده؟
نظر لنفسه بإستغراب وهو يرى قميصه ملطخ بالدم وهناك أيضا على ذراع قميصه الأيمن.
شيئا غريبا تحرك داخله وهو يدرك أن ذلك دم نور، شعر بالاختناق وهو يفكر هل ذلك دم طفله الذي من الممكن أن يكون خسره بالفعل؟
لم يتحمل ذلك التفكير فخلع قميصه بسرعة وقوة توشك أن تمزقه تحت نظرات هلا المذهولة وبقى بفانلة بيضاء، منع نفسه بالقوة من أن يبكى وصمد وهو يقول لهلا بجمود: يلا علشان لو الدكتورة خرجت من عندها.
وقفوا ينتظروا لدقائق قبل أن تخرج الطبيبة فأسرع إليها مالك يقول بترقب وتوتر: نور عاملة إيه؟
تنهدت الطبيبة وقالت بجدية: عندها نزيف ولازم نعملها عملية فورا علشان ننقذ الجنين بس للأسف إحنا مش ضامنين حاجة.
حدق إليها بصرامة: اعملي اللازم ولو أضطر الأمر…
توقف غير قادر على الحديث ثم أكمل بصعوبة: أنقذي نور المهن هى تبقى بخير.
أومأت الطبيبة وقالت: محتاجة توقيعك علشان اباشر بالعملية أنك جوزها ومتحمل المسئولية وعارف إحنا هنعمل ايه.
أومأ بدون أن ينطق بكلمة، ارتعش القلم في يده لثانية ثم وقع بحزم وهو يعود ليجلس ويغمض عيونه ويستند بظهره إلى الجدار.
جلست هلا بجانبها بصمت بعد قليل أتى والديها ففتح مالك عيونه ونظر لهم بعدائية دون أن يوجه لهم كلمة فجلسوا بتوتر مقابله وهو ينتظرون معهم.
مر الوقت وكأنه دهرا، كان مالك يمضيه بين الجلوس أو الوقوف والسير ذهابا وإيابا في أرجاء الممر، حتى خرجت الطبيبة من غرفة العمليات.
وقف مالك أمامها بتوتر حتى أبتسمت لهم وقالت: الحمد لله العملية تمت بنجاح وقدرنا ننقذ الجنين.
زفر مالك بإرتياح وكأنه كان يكتم أنفاسه انتظارا للخبر.
تابعت: بس من هنا ورايح ممنوع عنها أي ضغط نفسي مهما كان صغير أو تافه علشان شهور الحمل تمر على خير لأنه نور حملها هيكون حساس شوية، هما دلوقتي هينقلوها لأوضة عادية.
بعد قليل دلف مالك للغرفة التي تمكث فيها نور بينما أنتظر الباقون في الخارج.
أقترب من السرير وهو يراها نائمة شاحبة، أمسك بيدها وقبلها بعمق ثم ضمها له وهو يحدق لها بحنو.
تحرك رأسها وهى تتأوه بصوت منخفض ومالك ينتظر بلهفة استيقاظها.
حين فتحت عيونها ورأته قالت بصوت متعب: مالك هو حصل إيه؟
رد قائلا بهدوء: أغمى عليكِ وفجأة لقيتك بتنزفي فجيبتك المستشفى وعملتي عملية.
اتسعت عيونها بصدمة ثم نظرت لبطنها، حاولت النهوض بسرعة لكنها تألمت فعادت تستلقي ومالك يعاونها.
ترددت قليلا ولكنها سألت بصوت هامس: ح…حصل حاجة؟
علم قصدها فهز رأسه بالنفي ووضع يده على بطنها وهو يبتسم إبتسامة حقيقية واسعة: البيبي بخير الحمد لله.
زفرت براحة فحدق إليها وسألها: كنتِ هتزعلي يا نور لو كان حصل العكس؟
نظرت له بلوم وقالت بحزن: أنا عارفة أني غلطت كتير بس أنا مش قاسية لدرجة أني أفرح لو حصل كدة يا مالك.
هز رأسه: أنتِ مفهمتيش قصدي، أنا بفهمك أنتِ يا نور أنك مش وحشة زي ما أنتِ فاكرة أول ما صحيتِ كان همك عليه وخوفتِ ليكون حصل حاجة فحبيت أكدلك أنه أنتِ هتكوني أحسن أم.
حدقت إليه وقالت بتوسل: بجد يا مالك؟
قبل جبينها وقال بصدق: بجد أنا مش بكدب عليكِ يانور.
أبتسمت له وعيونها تلمع بالحب.
سمعوا طرق على الباب فقال مالك: أدخل.
دلفت هلا وأسرعت لنور تحتضنها وهى تبكي.
تأوهت نور قليلا بسبب اندفاعها القوي فابتعدت هلا بإرتباك: أنا آسفة وجعتك؟
أبتسمت لها نور بمزاح: لا بس على الأقل عرفتِ غلاوتي عندك.
عبست هلا في وجهها وقالت بتأنيب: أكيد مش غير حاجة أنتِ عارفة غلاتك يا هبلة.
ضحكت نور بخفة ولكن اختفت ضحكتها عندما دلف والداها للغرفة.
نظر لهم مالك ولم يتكلم، تقدمت والدتها منها وهى تبكي: سامحيني يا بنتي بالله عليكِ.
قال والدها بتأثر : إحنا مستعدين نعمل أي حاجة علشان نعوضك.
تنهدت نور وأمسكت بيد مالك تستمد منه القوة، قالت بثبات: ربنا يسامحكم أنا مش عارفة هقدر اسامحكم بسهولة ولا لا لكن هحاول علشان أقدر أعيش حياتي.
شد مالك على يدها وهو ينظر لها وعيونه تلمع بالفخر والحب.
بعد مرور شهر كانت تستعد بتوتر حتى تذهب مع مالك عند الطبيبة لموعد فحص صحتها وصحة الجنين كان هذا أول فحص منذ خرجت من المستشفى.
كانت الطبيبة تفحصها بالسونار حين قالت بإبتسامة: كل حاجة تمام، عايزين تسمعه نبضه؟
قالت نور بتردد: إحنا نقدر؟
ازدادت إبتسامة الطبيبة وضغطت زر ثم انطلق صوت النبض، تجمدت نور ثم بدأ قلبها ينبض بسرعة هى وكل ما فيها يتأثر بما تسمعه، شعرت بنفسها تهتز وتجمعت الدموع في عينيها ولا شئ يستطيع أن يصف ما تشعر به.
نظرت لمالك فوجدته ينظر لها بإبتسامة وثقة هادئة تشع من عينيه.
وهما في طريق العودة قال لها: إيه رأيك نروح عند الدكتورة اللي كلمتك عنها؟
حدقت به ببهوت وهى مازالت تستوعب ما شعرت به عندما سمعت نبض الجنين.
تابع بسرعة: نور دي فرصة علشان تساعدك صدقيني ده لمصلحتك.
قالت بصوت منخفض: تمام.
أبتسم لها وهو يمسك بيدها ثم غير طريقه فقالت بإرتباك: إحنا هنروح دلوقتي؟
مالك: كل ما روحنا أسرع ده هيسهل علينا كتير.
جلست بتردد أمام الطبيبة التي كانت لطيفة معها في البداية دردشت معها دردشة عادية ثم قالت لها بصراحة: إيه رأيك تحكي لي يا نور ؟
نور بتوتر: أحكي إيه؟
قالت الطبيبة ببساطة: أي حاجة تيجي على بالك.
كانت تفرك يديها بتوتر حين قالت: النهاردة كان أول مرة أسمع نبض الجنين.
أبتسمت الطبيبة: و..؟
كانت الحيرة تسيطر عليها فأندفعت: مش عارفة بس كان أحاسيس كتيرة أوي في بعض أولها الصدمة والذهول، أنه فعلا فيه كائن حي جوايا بيتنفس وبيستمد قوته مني أنا بعدها قلبي سيطر عليه شعور غريب أوي كان حلو، حلو أوي لدرجة كنت عايزة احضن بطني!
قالت الجملة الأخيرة وضحكت بتوتر.
قالت الطبيبة بحكمة: مدام نور أنا مش محتاجة أقولك طبعا تجارب الماضي أد ايه ممكن تسيطر على حياتنا أو تأثر على حاضرنا لأنها ممكن تكون مؤلمة جدا.
اخفضت نور رأسها بحزن فتابعت: إحنا من حقنا نزعل وندي كل حاجة حقها في الزعل لكن لما الزعل يطول ونفضل عايشين جواها ساعتها إحنا بنرمي نفسها في دوامة من الحزن ملهاش نهاية، أنتِ عانيتِ من ماضي سيئ لكن غلطتك كانت أنه سيبتيه يأثر على حاضرك لدرجة كان هيدمرلك مستقبلك، طفلك اللي جواكِ هو عطية ربنا ليكِ علشان تعرفي وتفهمي أنه أنتِ ملكيش أي علاقة أو ذنب في معاملة أهلك الوحشة وأنه مش بالضرورة علشان بنتهم تطلعي زيهم إطلاقا بالعكس أنتِ ممكن تطلعي العكس تماما لأنك عانيتي من قلة الحنية مش هتكوني عايزة طفلك يعاني زيك وهتكوني أكتر واحدة حنينة عليه فاهماني؟
أومأت نور وقد بدأت الصورة تتوضح أمامها، سألتها بألم: طب إزاي أصدق فعلا يا دكتورة؟
هزت الطبيبة رأسها: الموضوع مش سهل أنه بكلمة ينتهي لكن مش صعبة للدرجة اللي متخيلاها أبدا أول حاجة علشان تصدقي هو أنك تصدقي فعلا أنه ملكيش ذنب وتحبي نفسك زي ماهى علشان لما تحبيها هتقدري تحبي طفلك بدون شروط ولا خوف وتاني حاجة ودي مهمة هو أنه جوزك واقف معاكِ دايما وبيدعمك ودي حاجة إيجابية جدا لازم ماهو بيحاول يساعدك ويمد لك أيده أنتِ كمان تمسكيها وتمشوا الطريق سوا وصدقيني كل خوفك هيتمحي المهم تثقي فيه وفي نفسك.
انهمرت دموع من عيون نور ولكن هذه المرة لم تكون دموع حزن بل ارتياح وأمل في المستقبل وبأن هناك دائما فرصة أخرى، بعد مرور بعض الوقت كانت تقف أمام المرآة وهى تضع يدها الاتنين على بطنها الذي كبر فهى في شهرها السادس الآن، لم تتخيل أن تكون سعيدة هكذا في يوم وتنتظر طفلها بفارغ الصبر لكن أحبت هذا الطفل وهى تنتظره حتى تغدق عليه هذا الحب وتثق بأنها لن تكون كوالديها أبدا وعلى أي حال هناك مالك الذي إذا أخطأت فسيوجهها للصواب ويرشدها، كانت علاقتها لوالديها تتحسن ببطئ ولكنها لم تكن مستعجلة واحبت أن يأخذ كل شئ وقته.
حملت طفلها بين يديها بعد ولادة صعبة، كانت تنظر له بإنبهار أنها بالفعل أنجبت طفل كامل منها وجزء منها هى ، كيف يمكن أن تنجب طفل بهذا الجمال؟
أمسكت بيده الصغيرة وهى تقبلها مرات عديدة وجبينه أيضا وتشتم رائحته بحب، كان مالك يجلس بجانبها وهو يبتسم بسعادة لمرأى زوجته المرأة التي أحبها وطفله الجديد.
احتضنها بذراعه وهو يحاول أن يشمل بذلك الطفل.
قال لها: فكرتِ هتسميه إيه؟
أبتسمت له بحب: لو ينفع أسميه على أسمك يا حبيبي هسميه.
رفع حاجبه بتعجب: ويبقى هو كمان مالك؟ يمكن ميعجبوش؟
عقدت حاجبيها: ومين ده اللي ميعجبوش أسمك بقا؟
ضحك: خلينا نسميه إسم جديد أحسن.
حدقت له بحب: بحبك يا مالك أنت كل حاجة حلوة في حياتي وأكتر واحد وقف جنبي وخلاني أحب نفسي واتخطى الماضي، أنت بتحبني؟
رفع حاجبه وقال بسخرية: بعد كل ده بتسألي؟
عبست في وجهه وأشاحت بوجهها عنه فضحك وهو يقول: حقيقي لسة بتسألي يا نور، أنتِ عارفة أد إيه أنا بحبك.
قالت بعبوس تتخلله نبرة دلال: بإمارة كنت بتقولي لو كنت عرفت في الخطوبة كنت هتفسخها.
قبل جبينها ونظر لها بشغف: علشان كنت مصدوم ومتعصب طبعا من كلامك مكنتش أعرف حاجة لكن عرفت وأكيد مكنتش هتخلى عنك.
ضمها له فأغمضت عيونها بإطمئنان وقد أيقنت أن طيف الألم قد رحل من حياتها تاركا المكان للسعادة والحب بأن يغمراها.
#تمت_بحمد_الله.
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية طيف من الألم)