روايات

رواية طغيان الفصل السادس 6 بقلم ملك إبراهيم

رواية طغيان الفصل السادس 6 بقلم ملك إبراهيم

رواية طغيان الجزء السادس

رواية طغيان البارت السادس

رواية طغيان الحلقة السادسة

صدح صوت سليم عاليا وهو يأتي من بعيد قائلاً:
ـ متقربش منها..
ابتعد عنها الشاب ورفع يديه للاعلى، نظر الي استاذه باحترام قائلاً:
ـ انا كنت بساعدها يا دكتور لانها اغمى عليها
اقترب منهم بخطوات واسعه، وقف يتطلع اليها بملامح قاتمة مبهمة لا تعبر عن اي شئ، بكت وعد وهي تطالبهم بالمساعدة، جثى على ركبتيه وحاول افاقتها، لكنه فشل، اعتدل ثم انحنى بجزعه قليلا عليها ووضع يده اسفل ظهرها والاخرى اسفل ركبتيها ثم حملها، تابعتهما الانظار بفضول، أخذها إلى الطاقم الطبي بالجامعة وركضت خلفه وعد، وقف الشاب يتابع ما فعله الدكتور بدهشة، لماذا منعه من الاقتراب منها وجاء هو وحملها امام الجميع.
_____
بعد اقل من ساعة.
فتحت عينيها بتثاقل تنظر حولها بفضول قائلة:
ـ انا فين؟!
ركضت اليها وعد ومسكت بيدها قائلة لها بابتسامة:
ـ حمدلله على السلامه يا حبيبتي، حاسه بإيه دلوقتي؟
اعتدلت ورد وجلست تنظر حولها، ما هذا المكان! وكيف اتت إلى هنا؟ تحاول ان تتذكر ماذا حدث، عجزت عن تذكر اي شئ، نظرت الي وعد قائلة لها بفضول:
ـ ايه اللي حصل يا وعد؟.. انا جيت هنا ازاي؟!
ابتسمت وعد ونظرت حولها ثم اقتربت من ورد وتحدثت اليها بهمس:
ـ مش هينفع اقولك هنا
استغربت ورد من حديث صديقتها، بللت ريقها وتحدثت بصوتٍ مبحوح:
ـ طب انا عايزة امشي من هنا
هزت وعد رأسها بالايجاب، ذهبت الي الطبيب تستأذنه ان يذهبوا، سمح لهم الطبيب بالذهاب، عادت الي ورد واخذتها كي يعودون الي السكن الجامعي.
بعد وقت.
جلست ورد فوق فراشها بداخل غرفتها بالسكن الجامعي، جلست وعد امامها وتحدثت اليها بحماس:
ـ فجأة لقينا دكتور سليم بيزعق وبيقوله متقربش منها، الولد اتخض وبعد عنك والدكتور سليم قرب وحاول هو يفوقك وبعدين شالك وخدك عند الدكتور وانا جريت وراه والدكتور اداكي حقنه عشان تفوقي ولما قربتي تفوقي وخلاص هتفتحي عينك، لقيت الدكتور سليم استآذن ومشي
نظرت اليها ورد بصدمة، كيف حملها واخذها إلى الطبيب:
ـ وانتي ازاي تسمحيله يشيلني يا وعد!، ازاي اصلا تسمحيله يلمسني؟!
توترت وعد قليلا، تعلم ان ورد لن تقبل ان رجلاً يلمسها حتى لو كان هدفه المساعدة، بللت وعد شفتيها الجافه ثم تحدثت بهدوء:
ـ يعني كنتي عايزاني اعمل ايه يا ورد، انا كنت خايفه عليكي وعايزة اي حد يساعدك عشان تفوقي
زفرت ورد بغضب، تشعر بالغضب الشديد بعد ما حدث معها، كيف ستواجه زملائها بعد ان شاهدوا استاذهم يحملها امام اعينهم، كيف لمسها وحملها دون خجل، تنهدت بحزن قائلة:
ـ انا مش عارفة هرفع وشي ازاي وسط زمايلنا في الجامعه بعد اللي حصل ده

ابتسمت وعد قائلة بمزاح:
ـ متبقيش حساسه اوي كده يا ورد، محصلش حاجه يعني لكل ده؛ واي بنت كانت هتبقى مكانك اكيد كان الدكتور سليم هيعمل معاها كده
زفرت ورد بضيق، بللت ريقها قائلة بصوت مبحوح:
ـ انا اصلا مش عارفة ايه اللي حصلي وخلاني افقد وعي كده!
نظرت اليها وعد بحزن، تعلم ان صديقتها مازالت تعاني من صدمتها بـ ليلة زفافها، كل ما تعرضت له بتلك الليلة سيبقى ذكرى سيئة محفورة بعقلها، ربتت وعد على ظهرها قائلة لها:
ـ يا حبيبتي متشغليش بالك، عادي يعني اي بنت معرضه يحصلها كده
نظرت ورد امامها بحزن، تلألأت عينيها بالدموع، اغلقت عينيها تريد حذف تلك الليلة السيئة من ذاكرتها، تكومت فوق الفراش وهي تعانق جسدها بخوف، مازالت تستمع إلى صوته الرخيم، تشعر بانفاسه الساخنه، رائحة عطره الكريهة، لماذا لا تستطع حذف تلك الذكريات من عقلها.
جلست وعد بجوارها تربت على ظهرها بحنان، تقرأ لها ما تيسر من القرآن الكريم، حتى تهدأ قليلاً ويسكن جسدها.
____
بعد يومين.
بداخل صالة المحاضرات.
وقف سليم يشرح وعينيه تبحث عنها بفضول، رآى صديقتها تجلس بمفردها، تدون بالقلم كل ما يقوله، انتهت المحاضرة وذهب الجميع، كادت ان تذهب وعد خلف زملائها، لكن سليم استدعاها وطلب منها ان تأتي الي مكتبه.
ذهبت وعد الي مكتبه ودلفت تتحدث اليه بتوتر:
ـ خير يا دكتور، هو انا عملت حاجه غلط؟
نظر اليها بهدوء قائلاً:
ـ متقلقيش انا بس كنت عايز اطمن على زميلتك اللي كان اغمى عليها من يومين، انا مشوفتهاش في المحاضرة النهاردة، هي لسه تعبانه؟
تنهدت وعد براحة قائلة:
ـ هي لسه تعبانه شويه بس ان شاء الله هتكون موجوده المحاضرة الجايه
هز رأسه بالايجاب وسمح لها بالذهاب، ذهبت وعد بهدوء، جلس ينظر امامه بتفكير؛ لماذا اصبح يهتم كثيرا بأمر تلك الفتاة، لماذا يشعر بشئً اتجاهها منذ اول لقاء جمعهما عندما وقعت بين يديه، زفر بغضب من تفكيره، فهو ليس بمراهق كي يفكر بتلميذته وتحتل مرتبة افكاره، لكن فضوله يطالبه ان يعرف سبب انشغاله وتفكيره الكثير بها، حتى بدأت تزوره بأحلامه؛ رآها باحلامه وهي تركض بثوب ابيض وهناك شخصً مجهولاً يركض خلفها، لا تظهر ملامحه، لكنه يشعر انه يعرفه جيدا، رآى بعينيها نفس نظرة الهلع التي رآها عندما نظر بعينيها اول مرة، استيقظ تلك الليلة من نومه بفزع، اصبحت تلك الفتاة تشغل تفكيره كثيرا، عليه التغلب على ذاك الشعور الذي خُلق بداخله اتجاهها، عليه التحكم بمشاعره اكثر، لا يسمح بان فتاة صغيرة مثلها تتحكم بافكاره ومشاعره.
____
بداخل السكن الجامعي.
دخلت وعد الي الغرفة، وجدت ورد تجلس وتذاكر، اقتربت منها وعد وتحدثت اليها بمزاح:
ـ وهتفضلي هربانه لحد امتى ان شاءالله؟!

نظرت اليها ورد بستغراب قائلة:
ـ هربانه من ايه مش فاهمه؟!
ابتسمت وعد وارادت مشاكستها، جلست فوق الفرش تنزع حذائها وتتحدث بمرح:
ـ الجامعه كلها سألوا عليكي النهاردة وخصوصًا دكتور سليم
خفق قلب ورد بخوف عندما ذكرت اسمه، بللت ريقها وتحدثت بصوت مبحوح:
ـ سأل عليا ازاي يعني!، وليه اصلا سأل عليا؟!
ابتسمت وعد ووقفت كي تبدل ثيابها قائلة بمراوغة:
ـ عادي يعني انه يطمن عليكي، بس اللي مش عادي ان كان شكله قلقان عليكي فعلا
زفرت ورد بغضب، تعلم طريقة صديقتها جيدا، رسمت ملامح البرود على وجهها قائلة لها:
ـ عادي يا وعد، هو مهما كان الدكتور بتاعنا، وزي ما انتي قولتي قبل كده؛ ان اي بنت كانت هتبقى مكاني كان هيعمل نفس اللي عمله معايا
ابتسمت وعد واقتربت منها تتحدث بمزاح:
ـ انا بهزر معاكي يا ورد اوعي تكوني زعلتي؟
تحدثت ورد بنبرة حادة:
ـ عارفة يا وعد وده اللي بيزعلني، المفروض انتي اكتر واحده في الدنيا عارفه ان الكلام في المواضيع دي بيضايقني ويتعبني نفسيًا، وانتي برضه مصره تضغطي عليا في المواضيع دي
بهتت ملامح وعد بحزن قائلة:
ـ انا اسفة يا ورد لو بضغط عليكي، بس صدقيني انا نفسي ترجعي ورد بتاع زمان، قبل ما عمك يجي ياخدك من اسكندرية
تنهدت ورد بحزن، تذكرت كيف كانت فتاة مرحة شقية محبه للحياة قبل ان يأخذها عمها ويلقي بها إلى ذاك القاسي، اغمضت عينيها بارهاق، ثم عادت وفتحت عينيها مرة اخرى، تحدثت الي وعد بهدوء:
ـ خلاص يا وعد حصل خير وانا مستحيل ازعل منك، بس عشان خاطري بلاش تتكلمي معايا في المواضيع دي تاني
ابتسمت وعد عانقتها قائلة لها:
ـ حاضر يا حبيبتي المهم تكوني كويسه وتيجي معايا الجامعة بقى
ابتسمت لها ورد وبادلتها العناق، فهي لم تكن صديقتها الوحيدة ورفيقة عمرها فقط، بل هي توأم روحها وقطعة من قلبها.
تحدثت اليها ورد بهدوء:
ـ ان شاء الله يا حبيبتي
____
بمحافظة الإسكندرية.
داخل شقة بسيطة جدا، جلست خالة ورد تتحدث إلى ابنها الوحيد “احمد” عبر الهاتف:
ـ اه يا حبيبي ومن يوم ما عمها جه خادها من هنا بالغصب وانا مشوفتهاش، بس هي كلمتني من شهر كده وقالتلي اللي انا قولتهولك دلوقتي ده، جوزها انتحر يوم الفرح وعمها خد منها ورثها قصاد انه يسيبها تكمل تعليمها وهي دلوقتي بتدرس في جامعة في القاهرة
تحدث احمد بفضول:
ـ ومقالتش جوزها انتحر ليه؟
تحدثت والدته بحزن:
ـ مقالتش حاجه يا حبيبتي غير انه انتحر يوم الفرح
تحدثت احمد بلهفة:
ـ معنى كده انه ملمسهاش؟
استغربت والدته من سؤاله وتحدثت بغضب:
ـ الله اعلم، هو انا يعني هسألها في حاجه زي كده!
تحدث احمد بفضول:
ـ لازم تسأليها يا ماما، عشان لو مات قبل ما يلمسها هيبقى فيها كلام تاني
قطبت ما بين حاجبيها بشدة متسائلة بقليل من الحدة:
ـ كلام تاني ازاي مش فاهمه!، انت بتفكر في ايه يا احمد؟
تحدث احمد بهدوء:
ـ بفكر في اللي حضرتك فهمتيه يا ماما، لو ورد لسه بنت وجوزها ده مات قبل ما يلمسها يبقى انا هرجع واتجوزها، لكن لو لمسها قبل ما يموت، يبقى خلاص، لان انا مستحيل اتجوز واحده في راجل لمسها قبلي
غضبت والدته من حديثه وتحدثت اليه بصرامة:
ـ ملكش دعوة بـ ورد يا احمد، جوزها لمسها قبل ما يموت او ملمسهاش دي حاجه تخصها هي، وانت خليك في حالك ولما ترجع ان شاءالله ابقى اتجوز اي واحده فيها المواصفات اللي انت عايزها
تحدث احمد بغضب:
ـ انا مش فاهم انتي امي ازاي، في ام تقف قصاد مصلحة ابنها، المفروض اصلا انتي اللي تشجعيني اتجوزها
تحدثت والدته بنبرة حادة:
ـ اشجعك تتجوزها لما تكون بتحبها بجد، مش طمعان في ورثها، انا قولتلك 100 مرة ان البنات عندهم ملهمش ورث واهو كلامي حصل وعمها خلاها تمضي على تنازل
غضب احمد بشدة من حديث والدته، يتذكر عندما رفضت والدته طلبه ان يتقدم لخطبة ورد ابنة خالته، قائلة له اسبابها؛ وهي انها تعلم جيدا انه يريد ورد من اجل ان يحصل علي ارثها.
تحدث احمد بتأكيد:
ـ التنازل ده يبله ويشرب مايته، ورد لسه قاصر ومينفعش تتنازل عن أي حاجه قبل ما تبلغ السن القانوني، وانا لو اتجوزتها دلوقتي هكون واصي عليها وكل ميراثها هيكون تحت ايدي، وهاخده من عمها غصب عنه
زفرت والدته بنفاذ صبر، تعلم ان ابنها يحمل صفة الطمع، لذا اصرت ان تبعده عن ابنة شقيقتها، تعلم انه اذا تزوج من ورد سوف يطالب بميراثها من عمها وتعلم ماذا سيكون رد فعل عمها اذا تجرئ وطلب منه ميراثها، بحثت له عن عمل بخارج البلاد، فعلت المستحيل كي يسافر ويبتعد عن ورد، كانت تأمل ان السفر يغير أفكاره، لكنه يصدمها الان بحديثه.
تحدثت اليه بصرامة بعد صمت دام للحظات قليلة:
ـ اقفل الموضوع ده يا احمد وانسى ورد خالص ومتفكرش تلف عليها تاني لان لو عملت كده انا اللي هقفلك لاني مش مستعدة اخسرك ولا اخسرها
اغلقت الهاتف بعد ان حذرته بعدم الاقتراب من ورد، تخشى عليه من عم ورد، تعلم انه رجلاً مديًا ولن يسمح لاحد اخذ شئ من ميراث ورد، وتعلم ابنها ايضًا وتعلم انه اذا تزوج من ورد لن يتنازل عن ميراثها.
جلس احمد ينظر امامه بغضب بعد ان اغلقت والدته الهاتف بوجهه، لن يتنازل عن ارث ورد، يقنع نفسه ان هذا الارث من حقه، يفكر بداخله؛ آن الاوان ان يعود الي مصر مرة أخرى، كي يشعل الحب بقلب ورد من جديد، ويتزوجها رغماً عن والدته ويحصل على ما يريد.
____
بمنزل عمران البسيوني عم ورد.
دلف منصور ابنه متسللً ليلاً إلى المنزل، استقبلته والدته واقتربت منه بخطوات مسرعة، تنظر اليها بنفاذ صبر قائلة بصوت منخفض كي لا يصل صوتها الي مسمع زوجها النائم بداخل غرفتهما بسلام.
ـ راجع وش الفجر ولا حد همك!، شكلك مش هتجيبها لبر الا لما ابوك يشوفك ويطين عيشتنا كلتنا
نظر منصور الي والدته بملل، تابع السير دون ان يرد عليها، غير مبالي لغضبها وحدتها معه، اقتربت منه والدته بخطوات واسعة، جذبته من ثيابه تتحدث اليه بغضب شديد، محاولة اخفاض صوتها قدر الإمكان كي لا يستيقظ والده ويتشاجر معه:
ـ انت ايه يا واد انت!، انت بقيت جبله ومعندكش دم كده امتى!
نزع يديها بعيدا عنه قائلاً لها بملل:
ـ هو انتي مبتزهقيش ليه!، انا مش فايق لحديثك ده دلوقت، روحي نامي جمب ابوي ومتقلقيش عليا يا ام منصور، ابنك زيين
ضحك ساخرا وتركها وذهب الي غرفته، وقفت والدته تتابع ذهابه بذهول، تفكر بداخلها، ماذا ستفعل معه الان، هل ستخبر والده بما يفعله؛ عودته الي المنزل كل ليلة بوقت متأخرًا من الليل، تعلم انه يقضي وقته مع مجموعة من الشباب الفاسدين، يجلسون بمكان متطرف بأخر القرية، يتناولون المواد المخدرة بانواعها، تحاول ان تخفي الامر عن والده كي لا يعاقبه، ماذا ستفعل الان، هل ستتركه يتمادى فيما يفعله، ام ستخبر والده كي يوقفه عن التمادي اكثر.

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية طغيان)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى