رواية طغيان الفصل التاسع 9 بقلم ملك إبراهيم
رواية طغيان الجزء التاسع
رواية طغيان البارت التاسع
رواية طغيان الحلقة التاسعة
ذهب سليم إلى الارض القبليه كي يبحث عن والده، اثناء سيره لاحظ وجود طفلة صغيرة تقف اسفل الاشجار وتنظر الي الأعلى بتركيز، نظر حوله يبحث عن وجود احد من اهل الطفله، لكنه لم يجد احد، قلق على الطفلة ان تقف وسط الارض الواسعه بمفردها، يخشى ان تأذي نفسها او تتسلق الاشجار، اقترب منها بخطوات هادئة، لم يلاحظ وجود احد فوق الشجرة، الغصون واوراق الشجر تخفي ورد بالكامل، اقترب من الطفله حتى اصبح امامها، تحدث الي الطفلة بصوته المميز:
– واقفه ليه هنا لوحدك يا شاطرة؟!
نظرت اليه الطفلة بصمت، هزت كتفيها دون ان تتحدث، استمعت ورد الي صوته المميز وهي بأعلى الشجرة، لا تصدق انه نفسه الدكتور سليم، كثرة الأسئلة بداخلها، كيف ولماذا جاء الي هنا!، هل هو من اهل القرية؟، كتمت انفاسها كي لا يلاحظ وجودها، نظر سليم حوله بدهشة يبحث عن احد من اهل الطفلة، استغرب وجودها وسط الاراضي الزراعيه بمفردها، تنهد وتحدث الي الطفلة بهدوء:
– انتي اسمك ايه؟
نظرت اليه الطفلة وهزت كتفيها دون ان تتحدث، تنهد سليم بنفاذ صبر وتحدث اليها مرة اخري:
– طب بابا اسمه ايه؟!
هزت الطفلة كتفيها بصمت، زفر بغضب وهو ينظر حوله قائلاً:
– مش معقول اهلك يسبوكي لوحدك لحد ما توصلي للمكان ده، انا مشوفتش اهمال زي كده ابدا!
كتمت ورد فمها من شدة الخوف والتوتر وهو يقف اسفل الشجرة ويتحدث الي مودة، نظرت مودة الي اعلى الشجرة اتجاه ورد وتحدثت بصوتها الطفولي وهي تشير الي ورد:
– انا مش لوحدي انا معايا ورد
لم يفهم سليم حديث الطفلة، شهقت ورد بصدمة عندما نطقت الطفلة اسمها، استمع إلى صوت شهقتها التي اسرعت في كتمها، رفع رأسه إلى الأعلى ينظر إلى الغصون، تفاجئ بها تجلس بين اوراق الشجر وهي ترتدي فستان ابيض وبه حبات كرز حمراء، سحرته برؤيتها وهي بين اوراق الشجر مثل ثمرة الكرز الشهية، صدم عندما رآها هي نفسها ورد الطالبة الجامعيه لديه ، تلاقت اعينهم للحظات، اتصدمت ورد ولم تستطع الصمود فوق الشجرة اكثر، فقدت توازنها وصرخت وهي تسقط من فوق الشجرة، لم يشعر بنفسه الا وهو يلتقطها بلهفة خوفًا عليها ان تتأذى، استطاع التقاطها بين يديه، صدمت ورد وهي تجد نفسها بحضنه للمرة الثالثة، شهقت بصدمة وهو يتأملها وهي بين يديه، انزلها بهدوء على الارض وهو يتأملها بتركيز. جف حلقها من شدة الصدمة، بللت ريقها وتحدثت اليه بصوت مبحوح:
– انا اسفه جدا يا دكتور، بعتذر لحضرتك انا اسفه
وقف ينظر اليها بصدمة، لا يستعب رؤيتها هنا بالقرية، لم يستطع مقاومة فضوله وتحدث اليها بفضول:
– انتي بتعملي ايه هنا؟!، انتي من اهل البلد؟!
بهتت ملامحها بخوف، هزت كتفها وتحدثت بتلعثم:
– اه.. لا.. اه.. انااا
لم تسعفها الكلمات كي ترد عليه، جذبت يد مودة وتحدثت اليه بإستعجال:
– عن اذنك يا دكتور انا لازم امشي
لم تنتظر رده عليها واخذت مودة وذهبت بخطوات سريعه مهرولة تشبه الركض، وقف يتأمل سيرها بدهشة، ازدادت حيرته اكثر وكثرت الاسئلة بداخله، هل هي من اهل القرية ام لا؟!.. ولماذا لم يراها من قبل؟، اين كانت بعيدا عن اعينه؟!، توقف عقله عن التفكير، وقف يتابعها حتى اختفت عن عينيه، هز رأسه بعدم تصديق، ازداد فضوله في معرفة من هي وابنة من؟.
____
امام منزل عمران البسيوني، خرجت صفا من المنزل وهي تحمل رضيعتها، تفاجأت بعودة ورد بخطوات مسرعه وهي تلتفت وتنظر خلفها وكأنها تهرب من شئً ما، وقفت امام صفا تلتقط أنفاسها بصعوبة، قطبت صفا ما بين حاجبيها قائلة لها باستغراب:
– في ايه يا ورد؟!، مالك بتجري كده وكأن في حد بيجري وراكي!
التقطت انفاسها وتحدثت بتلعثم:
– مفيش يا صفا، خدي مودة انا داخله جوه
دخلت ورد المنزل مسرعة، وقفت صفا تنظر امامها باستغراب، اقتربت مودة من والدتها تتحدث اليها بصوتها الطفولي:
– في راجل كبير هو اللي خلانا نمشي ونسيب والتوت
قطبت صفا ما بين حاجبيها تسأل طفلتها بفضول:
– راجل مين ده؟!
هزت الطفلة كتفيها بعدم معرفة، وقفت صفا تنظر امامها باستغراب، تفكر في حديث طفلتها، اعتقدت ان الرجل الذي تقصده طفلتها بالحديث هو احد للمزارعين، رآىَ ورد وهي تتسلق الشجرة وخشي عليها ان تصاب بأذَىَ، لذا طلب منها ان تذهب وتعود إلى المنزل، لم تهتم صفا كثيرا بما حدث وبالبحث عن هوية هذا الرجل الذي ذكرته طفلتها، اخذت طفلتها واتجهت الي داخل المنزل.
____
عند سليم.
تابع سليم سيره بالارض القبليه وهو شاردًا بالتفكير بـ ورد، يشعر انه أصبح يرَىَ تلك الفتاة في كل مكان، اصبحت تيسطر على جزء كبير من افكاره.
وصل إلى مقر جلوس والده بمنتصف ارضهم اسفل شجرة كبيرة، اقترب من والده وهو يبتسم له، انحنى بجزعه يقبَّل يد والده قائلاً له باحترام:
– صباح الخير يا ابويا
ربت والده على ظهره بحنان ورضا قائلاً:
– صباحك خير ورضا يا سليم يا ولدي
جلس سليم بجوار والده وهو ينظر إلى الارض الزارعيه الواسعه من حوله، بهتت ملامحه بحزن وهو يتذكر عندما كان يأتي إلى هنا ويجد شقيقه الكبير عواد يجلس برفقة والده ويتحدثون بأمور الارض ومسؤليات والده التي تحاط بالقرية.
نظر اليه والده وابتسم كي يخفف عنه، تحدث إليه بهدوء:
– الله يرحمه يا والدي، ادعيله
هز سليم رآسه بحزن وتحدث بصوت حزين:
– بدعيله دايما يا ابويا، ربنا يرحمه
ربت والده على ظهره بحنان، تنهد بحزن ثم تحدث بهدوء:
– في موضوع عايز اتكلم معاك فيه يا سليم، يمكن ده مش وقته يا ولدي، لكن انا وامك مش هنرتاح غير لو انت عملت اللي احنا عايزينه منك ده
نظر سليم الي والده بدهشة، هز رأسه بالايجاب قائلاً:
– وانا تحت امرك يا ابويا
تنهد والده بعمق، تابع سليم والده بترقب كي يعلم ماذا يريد منه ان يفعل، تحدث والده بهدوء:
– انا وامك عايزينك تتجوز يا سليم
التقط انفاسه وابتسم بهدوء، تحدث الي والده بمزاح:
– يا ابويا نشفت دمي، بقى دا الموضوع المهم اللي حضرتك وامي عايزيني فيه!
ابتسم والده وتحدث اليه بهدوء:
– ومعندناش اهم من الموضوع ده دلوقتي يا سليم، زمان كنا سيبينك على رحتك عشان عواد اخوك الله يرحمه كان موجود ومالي علينا الدوار، لكن دلوقتي انا وامك بقينا لوحدنا، انت بتسافر عشان شغلك واحنا بنفضل نعد الايام عشان تاخد اجازة وتيجي تبص علينا، احنا نفسنا في عيال يملو علينا الدوار يا سليم، وانا وامك نفسنا نشوف عيالك قبل ما نموت
قبل سليم يد والده بلهفة قائلاً:
– ربنا يخليكم ليا ويطول عمركم يا ابويا لحد ما تشوفوا عيالي وعيال عيالي كمان
تحدث والده بفضول:
– يعني موافق يا سليم تتجوز؟
نظر سليم إلى والده بتفكير، استرسل له عقله على الفور “ورد”، هي من جاءت في افكاره مباشرة عندما فكر في الزواج، هل هي من يريد ان يتزوجها، شرد يفكر بها، منذ ان رآهَا اول مرة بالجامعة وهي تشغل افكاره، هي الوحيدة التي استطاعت ان تحرك مشاعره، لا يصدق ما حدث بالقطار عندما اصطدمت به، في نفس اللحظة كان يفكر بها، تمنى ان يراها قبل ان يعود إلى قريته، لكنه كان يتجاهل امنيته لانه يعلم انها مستحيله، لكن ما حدث كان صادماً له، رآهَا حقًا في اخر لحظة واصطدمت به كما فعلت في اول مقابلة بينهما، طمع اكثر بخياله وتمنى ان تترجل من القطار معه بنفسه المحطة ويكتشف انها تعيش بالقرب من قريته، لكن ما حدث اليوم ورؤيته لها بالارض جعله يفكر ان كل ما يحدث بينهما ما هو الا إشارات، إشارات كثيرة تخبره ان هذه الفتاة له، هي من بحث عنها كثيرًا ولم يجدها، اليوم تحدث اليه والده بأمر الزواج عقب رؤيته لها، هي من استرسلها له عقله مباشرة عقب حديث والده، تمنى حقًا من قلبه ان تصبح تلك الفتاة زوجته.
تابع والده شروده بقلق، لقد طال صمت سليم كثيرًا، بهتت ملامح والده بحزن قائلاً له:
– صمتك طال يا سليم!، مش عايز تفرح قلبك ابوك وامك؟
هز سليم رأسه وتحدث بتأكيد:
– انا مقدرش ارفض امرك يا ابويا
استرخت ملامح والده وتحدث برضا:
– ربنا يرضي قلبك زي ما رضيت قلب ابوك يا سليم
ابتسم سليم لوالده ومازال عقله شاردًا بـ ورد، كيف يعثر عليها مرة أخرى، كيف يخبر والده ان هناك فتاة يتمنى ان يتزوج منها لكنه لا يعلم من هي وابنة من، قطع شروده حديث والده وهو يتحدث بثقة:
– امك هتختارلك عروسة زينه من بنات عيلة الشهاوي، هنكتب الكتاب وتدخل عليها اجازتك الجايه
نظر سليم إلى والده بصدمة، بلع ريقه وتحدث الي والده بهدوء:
– انا مش مستعجل يا ابويا، وبعدين انا عايز اتجوز واحده تكون متعلمه او على الاقل تكون بتدرس، وانا عارف ان بنات عيلتنا كلهم مش مكملين تعليمهم واخيرهم الابتدائية عشان بتمنعوا البنات يخرجوا برا البلد
قطب والده ما بين حاجبيه قائلاً له بستغراب:
– وانت عايز العلام بتاعها في ايه؟!
تحدث سليم بتأكيد:
– عشان نقدر نفهم بعض يا ابويا وكمان عشان اكون مطمن انها هتقدر تربي ولادي تربيه كويسه
تحدث والده بثقة:
– طب ما امك مش متعلمة ولا بتعرف تفك الخط يا سليم، وربتك انت واخوك تربيه بيحلفوا بيها اهل البلد كلتهم
شعر سليم ان والده يحاصره ولا مهرب منه الان، عقله شاردًا بـ ورد، يريد الاقتراب منها اكثر كي يختبر مشاعره اتجاهها، يشعر انه لا يريد زوجة غيرها، تنهد بحيرة ثم تحدث الي والده بهدوء:
– حاضر يا ابويا تحت امرك، بس ياريت نأجل الموضوع ده لحد ما الترم التاني يخلص واخد اجازة اطول شوية
ابتسم له والده قائلاً برضا:
– اللي تشوفه يا سليم
ثم اضاف بتأكيد:
– هتكلم مع امك تختارلك عروسة زينه من بنات العيلة
تحدث سليم بتسرع قائلاً:
– لا يا ابويا سيب موضوع العروسة ده دلوقتي، لما يجي وقتها ان شاء الله
قطب والده ما بين حاجبيه بستغراب، يشعر ان سليم يخفي عنه شئً ما، نظر اليه بعمق وتحدث بترقب:
– انت في واحدة من مصر شغلاك ولا ايه يا سليم؟!
توتر سليم وارتبك كثيرًا، هز رأسه وتحدث بهدوء:
– سيبها لوقتها يا ابويا، ربنا يقدم اللي فيه الخير
نظر اليه والده بستغراب، نظر سليم حوله بتوتر، هز والده رأسه بهدوء قائلاً:
– ربنا يكتبلك الخير يا ولدي ويرزقك الزوجة الصالحة
ابتسم سليم وقبَّل يد والده، ربت والده على ظهره برضا.
____رواية طغيان للكاتبة ملك إبراهيم
في محافظة الإسكندرية.
بداخل شقة “نعمه” خالة ورد.
وقف احمد ابن خالة ورد امام شقة والدته يطرق على الباب بهدوء وهو يحمل حقيبة سفره، فتحت والدته الباب وابتسمت بسعادة فور رؤيته امامها، عانقته والدته بسعادة ورحبت به بعد غياب دام لعام.
دخل احمد وجلس كي يرتاح من ارهاق السفر، نظر حوله يبحث بعينيه عن ورد وتحدث الي والدته بفضول:
– هي ورد مجتش تقضي معاكي اجازة نص السنه ولا ايه؟!
بهتت ملامح والدته واحتل الحزن معالم وجهها، تحدثت اليه بغضب مكتوم:
– لا ورد هتقضي الاجازة في الصعيد عند عمها
قطبت ما بين حاجبيها وتحدثت اليه بفضول:
– اوعىَ تكون راجع عشان اللي في دماغك؟
صمت احمد ونظر بالاتجاه الاخر كي لا يرد على والدته، وقفت والدته وتحدثت اليه بصدمة:
– انت راجع عشان الكلام اللي قولتهولي في التليفون؟!
زفر احمد بغضب، يحاول السيطرة على غضبه، يعتقد ان والدته لا تريد الصالح له، تحدث الي والدته بصوت غاضب قوي:
– انا مش عارف انتي ليه مش عايزة مصلحتي يا امي، مفيش ام تعمل اللي انتي بتعمليه معايا ده!
زفرت والدته بغضب وقالت بصوت حاد:
– اي ام مكاني هتخاف على ابنها يا احمد وهتعمل نفس اللي انا بعمله معاك واكتر، انا عارفه اهل ورد وعارفه عمها وشره وجوازك من ورد لو كان في مصلحتك كنت انا اللي جوزتهالك بنفسي
صمت وهو يزفر بضيق، لا يرىٰ سوى آرث ورد الذي يطمع به، نظرت له والدته بحزن وهي تخشى افكاره وطمعه.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية طغيان)