رواية ضربات ترجيح الفصل الثالث 3 بقلم دينا ابراهيم & زيزي محمد
رواية ضربات ترجيح البارت الثالث
رواية ضربات ترجيح الجزء الثالث
رواية ضربات ترجيح الحلقة الثالثة
انتهت “مادونا” من تضفير خصلاتها بعناية قبل أن تجذب آلة التصوير وتتجه إلى الخارج فأوقفتها والدتها متسائلة في تهكم:
-على فين العزم ان شاء الله يا أبو الكباتن.
لوت فمها بإهمال متحضرة لوصلة الاستهزاء لكنها أجابت بمنتهى البرود:
-رايحة أغطي خطوبة لوكا يا ماما.
ارتفع حاجب والدتها ولمع الفضول داخل عينيها قبل أن تتساءل:
-لوكا مين ده اللاعب اللي في النادي؟
أومأت رأسها سعيدة بأن رغم كل هذه الاعتراضات إلا أن والدتها مُلمة بالتفاصيل الأساسية لكنها انتفضت في مكانها مذعورة حين صرخت والدتها في وجهه:
-خطوبة لاعب كرة قدم، يعني الضيوف من المشاهير ونخبة المجتمع والناس المهمة دي.
-رعبتيني يا ماما مالك، أيوه خطوبة فيها كل الناس المهمة.
جذبت والدتها شعرها في يأس قبل أن تضرب بكفها فوق صدرها تندب حظها ثم قالت تتهمها:
-يا بنتي أنتي بتعملي فيا كده ليه هو أنا مش أمك والمفروض تخافي عليا!
-أنا عملت أيه بس يا ماما؟
قالت “مادونا” في حيرة وهنا قررت شقيقتها الصغرى التدخل لأخبارها بعنجهية:
-أنتي عايزة تروحي حفلة مهمة زي دي كلها عرسان تُقال بالجينز والضفيرة دي!
أمسكت ضفيرتها بعزة وفخر متعجبة قبل أن تردف مستنكرة:
-ومالها الضفيرة!
-اه عايزة تشلني بنت سعيد!
اردفت قبل تقترب منها مُهددة من بين أسنانها:
-بقولك أيه يمين بالله لو مدخلتي غيرتي ولبستي اللبس اللي أنا اختاره ما أنتي نازلة من هنا، بت يا اسراء اقفليلي الباب وهاتيلي المفتوح.
وجهت نهاية حديثها لابنتها الأخرى التي ركضت تتبع أوامرها في سرعة وسط ذهول “مادونا” التي تحركت أخيرًا لتهتف معترضة:
-حرام عليكي يا ماما هتضيعي الخطوبة عليا، انتي عارفة اتحايلت علي لوكا قد أيه عشان يوافق أجي الخطوبة واخد كام صورة للمجلة.
-اتحركي على جوا والبسي اللي انا عايزاه عشان تلحقي يا ضنايا.
أخبرتها والدتها عاقدة ذراعيها أمام صدرها بعناد، فصاحت “مادونا” باستهجان وهي تضرب بأقدامها في الأرض.
-يا ماما أرجوكي هتأخر ثم أنا مش عايزة اتجوز أساسًا.
-منك لله..
هتفت والدتها المغتاظة من كلماتها لكنها استكملت في حدة مشيرة للداخل:
-هتيجي ورايا عشان تجهزي ولا تدخلي تاني!
*****
هبطت “مادونا” بعد مرور ثلاثون دقيقة ثُقال عليها وعلى أعصابها تكاد تسقط فوق وجهها لأكثر من مائة مرة في أقل من دقيقة بسبب الكعب العالي وكل هذا وهي لم تتخطى سوى بضع درجات فوقفت أمام الدور السابق لشقتها تندب حظها وتسب هذا الثوب الأسود الحريري ذو الأكمام المتطايرة كأجنحة الفراشة حتى منتصف ذراعها والمتراقص أسفل ركبتيها ببضع إنشات، ورغم جماله وأناقته إلا أنه لا يعبر عنها ولا يشعرها بأريحيتها المعتادة لمعت عيناها بفكرة جهنمية فتحركت بخطوات مهتزة نحو باب منزل جارتها عازمة على اقتراض جوزين من الأحذية الرياضية وإنقاذ ما يمكن انقاذه من موقفها.
*****
غادر “مزيكا” المصعد وهو يعدل ياقة قميصه الأبيض، ثم دخل للمنزل المقام به حفل خطبة ” محمد لوكه” صديقه بالنادي، ورغم أنه قدم العديد من الاعتذارات بالأمس متحججًا كي لا يحضر، إلا ان إصرار” لوكه” عليه جعله يرضخ له ويستسلم مقررًا خوض رحلة جديدة من الاستهزاء المدفون داخل عيون زملائه بعد أن نُشر اللقاء في جريدة النادي صباحًا بصورة قدمه فقط.
امتلأت عيونه بدخان الغضب حانقًا عليها، متوعدًا لها وخاصةً حينما لوح “ليدو” بابتسامة سخيفة نحوه في غرفة الملابس صباحًا، ليخرج وقتها كالثور الهائج يبحث عنها في كل مكان ولكن آماله في توبيخها آلت بالفشل بعدما اختفت في لمح البصر من النادي بأكمله.
انتهى أخيرًا من المباركات وجلس في زاوية بعيدة عن أجواء الصخب، متجاهلاً أنظار الفتيات له فقد اعتدها منذ زمن بعدما أدرك مدى وسامته في جذب أنظارهن، معترفًا بداخله أن هناك عزيمة تدفعه للقيام بفرض طغيانه عليهن كي يزيد من غضب وازعاج “ليدو” الذي يتغذى على لفت الانتباه، ولكن عقله المثار منذ الصباح بالفعل الأحمق الذي قامت به تلك الهمجية، منعه من القيام بذلك واكتفى فقط بالتفكير في كيفية رد الصاع صاعين.
وكأن القدر ابتسم له آنذاك، فقط ظهرت بطلتها البهية من باب المنزل بابتسامتها الرقيقة ولكن؟…لكن ما هذا الاضطراب الذي تملكه عندما رآها بفستانها الأسود المتطاير بقماش حريري فضفاض على جسدها الصغير حتى ركبتيها، قطعت رحلة إعجابه بها بعد أن رأى حذاء رياضي أبيض اللون في قدميها يدمر أناقة فستانها ولا شك أن آلة التصوير خاصتها تتعلق حول صدرها ليطغي عليها طابع العمل حتى في الخطبة.
رفع بصره تلقائيًا لوجهها يتأمل كامل ملامحها بفضول كبير وقد ظهرت له كوضوح الشمس بعد أن قررت التخلي عن قبعتها اللعينة والتي كانت حاجزًا أمامه في حفظ كامل تفاصيلها.
لانت ملامحه بالأعجاب الطفيف لطلتها الأنثوية، مفكرًا بحماقة أنه من الجيد إنها تتمسك بملابسها الكروية، وخاصةً قبعتها فرغم بساطة ملامحها إلا أنها تملك جاذبية سلبت عقله المتحول من التأهب للشجار إلى التأمل في جمال عينيها ذات النظرات المُسبلة، بينما تقاسيم وجهها تظل غافية في سكينة وكأن الحزن مر عليها وترك بصمة واقعية على ملامحها ولكن الشراسة المندفعة من ثغرها المختلف لونه إلى اللون الوردي هذه المرة تعكس الأنطباع الأول عنها.
تأفف من حالة الهيام الساذج التي غرق بها، واختفى بجسده خلف التجمع كي لا تلاحظه، مقررًا الانقضاض عليها في الوقت المناسب وأثناء غفلتها كي يحدث ربكة قوية داخلها وتسنح له الفرصة لتعنيفها بالطريقة التي تشفي غليله منها.
مرت الدقائق عليه وهو يراقبها عن كثب، يراقب اقتراب “ليدو” المتعمد منها والمتزايد بشكل مريب مع مرور الدقائق حتى ثارت حفيظتها أخيرًا، فتمتم “عمرو” مغتاظًا وقد نفذ صبره:
-لسه واخدة بالك يا متخلفة، ده…
قطع جملته مندهشًا منها حينما عادت تتحدث مع “ليدو” بكل اعتيادية وكأن شيء لم يكن، فخرجت نبرته اللاذعة بحنق من جوفه:
-متخلفة وغبية، اصبري عليا، مش شاطرة غير في إنك تتخانقي معايا أنا بس.
انتظر على جمرة نار معظم الحفلة كي يختلي بها بعيدًا عن ذلك الفظ، فكلما غزت السعادة فوق ملامحه وهو يراها تتحرك بعيدًا عن “ليدو” تعود وتتقهقر سعادته بالهزيمة عندما يجذبها “ليدو” إليه بحديثه التافه، فتقف مثرثرة معه لدقائق أخرى.
انتبه على جلوس إحدى الفتيات بالمقعد المجاور له وانخراطها في الحديث معه، ويبدو من بسمتها أنها كانت تعبر عن مدى سعادتها بعودته للنادي، حاول التركيز معها وابتعد ببصره عن تلك الشرسة، فرد بابتسامة أعمق، مردفًا بصوته الأجش:
-ربنا يخليكي والله.
ورغم توتره لأنه لا يعلم إن كان الرد مناسبًا أم لا، إلا انها ابتسمت، فحمدًا لله كثيرًا حين عادت وكررت حديثها بتأكيد رقيق:
-لا بجد عودتك للورانس كانت شيء عظيم.
انتشى بالغرور سعيدًا بحصوله على بعض الدعم وسط كل هذا الهجوم السافر الذي جعل ثقته بنفسه تتخضب بالاهتزاز والضعف.
-شكرًا لذوقك يا جميلة.
تلونت وجنتيها باحمرار واتسعت ابتسامتها وكأنها حصلت على جائزة ثمينة لتوها:
-أنا مبسوطة أن جيت وشوفتك، عارف لو مكنتش جيت كنت هزعل أوي.
حرك رأسه بملل نحو الجمع مجددًا بعد أن تغافل عن هدفه، وهو يردف بهدوء:
-لا مقدرش أفوت خطوبة لوكه ده حبيبي.. أيه ده … راحت فين دي؟
أنهى حديثه بفزع واضح ثم حرك رأسه في جميع الاتجاهات يبحث عنها بعد أن اختفت تمامًا عن أنظاره، فنهض سريعًا بينما يستمع للفتاة التي سألته بقلق:
-في أيه يا كابتن، مالك؟
-أيه.. اه.. جاتو.. حته جاتو، كنت هموت عليها اختفت، عن أذنك.
قالها غير مباليًا لنظرة التعجب التي رمته بها الفتاة وهي يغادر مسرعًا لكنه أبطأ من حركته بعد أن لاحظ نظرات بعض الاشخاص له بسبب سرعته في البحث عنها.
تهللت ملامحه عندما وجدها بالشرفة تقف في زاوية ما تتحدث بالهاتف، فتقدم في خطوات هادئة حتى وصل خلفها مباشرةً، مستمعًا لاتصالها وتأففها في الحديث مع رئيسها.
زفرت “مادونا” ثم خرج صوتها برفض قاطع:
-يا فندم أنا حسيت أنه اللقاء معاه تافه ومش مُجدي، فبجد مش هقدر أعمل معاه واحد تاني.
استمعت للطرف الآخر وهو يؤكد على حديثه بإصرار، فبترت صوته بنبرتها المغتاظة:
-ماشي رجوعه زلزل السوشيال ميديا وضربه حلوة للنادي بس هو على المستوى الصحفي واللقاءات مبيعرفش يجاوب، تحسه مجنون كده، بص خلي حد تاني يعمل معاه.
حركت رأسها يمينًا ويسارًا تخفف من آلام عنقها المتشنج، ناهيك عن مزاجها الذي تعكر صفوه منذ أن اتصل بها مديرها يعاتبها عن صورة اللقاء، وها هو يعود لنفس النقطة، ملقيًا كامل لومه عليها، فبررت نفس التبرير الأحمق والذي أثار سخط “مزيكا” الغافلة عن وجوده خلفها:
-ما أنا قولتلك مفيش حاجة جذابة فيه إلا رجليه الشمال فقررت أحطها صورة للقاء، طيب أنت مش ملاحظ كمية التفاعل على صفحة النادي، دي حركة صايعه مني بزود بيها التفاعل.
ضغط “مزيكا” فوق شفتيه يكاد ينفجر فيها بينما تكورت يده بجانبه متمنيًا أن يلكمها على أسفل مؤخرتها، ولكنه توقف عندما انتهت من الاتصال أخيرًا متحججة بالزحام وصوت الأغاني، لتتأفف ساخرة وهي تكمش ملامح وجهها:
-مزيكا… مزيكا، النادي كله مش فيه غير مزيكا، ده الواحد زهق منه، طب والله ما بيعرف يلعب حلو.
اقترب برأسه منها على مهل ثم همس بجانب أذنيها في غل:
-مين ده اللي مبيعرفش يلعب حلو؟
انتفضت بهلع ثم التفت بنصف جسدها تطالعه في ذهول، ولكنه كان أذكى منها حين وضع يده فوق فمها، ودفعها لزاوية جانبية من الشرفة بعيدًا عن الرؤية ثم وقف أمامها محتفظًا بمسافة صغيرة بينهما قبل أن يبدأ بشن هجومه عليها:
-مين ده اللي مش بيعرف يلعب حلو؟ مين ده اللي مش بيعرف يجاوب وتافه ومجنون.
نفضت يده عن وجهها وحاولت إخفاء الاهتزاز الملاصق لنبرتها خلف شراستها المعتادة بينما تهز كتفيها ببرود:
-هيكون مين غيرك، وبعدين أنت ازاي تحط إديك عليا كده.
لمعت عيناه بحقد دفين رغم إعجابه بها وبقوة شخصيتها متجاهلاً ملامحها التي أن سمح لنفسه بالتدقيق بها سيكون كالأحمق تمامًا أمامها.
-أنتي بجحة كده ليه؟ أنا مشوفتش زيك قبل كده.
رفعت بصرها الغائم نحوه وحدجته بنظرة نارية، بينما توهجت حروفها الضارية بانفعال مفرط:
-يمكن عشان أنت مش بتقابل غير البنات الملزقة، لكن أنا طبعًا فريدة بالنسبالك.
ضرب يده فوق الحائط بجوارها بضيق بالغ من غرورها، ثم أكد على حديثها بمكر ساخرًا:
-طبعًا.. أنا مشوفتش ولا هشوف زيك يا صحفية يا مُخضرمة.
-تاني.. بتتعدى حدودك معايا تاني، عايزني أزعلك شكلك.
ضاقت عيناه وهو يتصنع الخوف الزائف على وجهه مردفًا:
-ياه قد إيه أنا خُفت منك.
عقدت ذراعيها أمامها ثم رفعت أنفها بكبرياء وهي ترمقه بطرف عينيها:
-ومتخافش مني ليه، ده أنا بحركة واحدة مني…..
بتر حديثها بعصبية خافتة:
-عملتي إيه، نزلتي صورة رجلي وخلتيهم يضحكوا عليا، عادي دي وش السعد عليا.
لم تقدر على الرد واكتفت بالنظر إليه، والاندهاش يغزو نظراتها حين تغيرت ملامحه الغاضبة لأخرى هادئة يتخللها شبح ابتسامة أم أنه خيل لها من فرط توترها:
-بس الحقيقة أنا مش زعلان منك يا مادونا.
عقدت حاجبيها بصمت من تحوله المريب، ثم ركزت في استرساله بالحديث:
-تعرفي بالرغم أن في ناس فرحت فيا، بس اللي عملتيه كان فعلاً في مصلحتي ومصلحتك.
سألته بحذر شديد ظهر في خفوت نبرتها:
-قصدك إيه؟
-مفيش حد في مصر متكلمش عليا وعلى رجلي الشمال، وانتي كمان أكيد نالك شرف ان اسمك يتذكر معايا.
فتحت فمها كي تبدي اعتراضها على عجرفته ولكنها صمتت على مضض بعدما غادر الشرفة وتركها تصارع أنفاسها باحتدام بعد أن قتل سعادتها بالانتصار عليه.
*****
انتهى الحفل على خير، وانسلت “مادونا” بأعجوبة بين المغادرين، سعيدة بانها لم تتصادم معه وقد هربت من عيون “مزيكا” المشتعلة بالغموض نحوها معظم الوقت، لكن هروبها اقتطع بصوت إحدى الفتيات:
-دي مادونا مروحة لوحدها اهيه، مادونا تعالي.
هتفت تشير لها بالاقتراب فابتسمت قدر الإمكان واقتربت من الجمع الصغير المكون من “ليدو” ورجلان أخران، فاندفعت الفتاة تعرض عليها:
-الشباب هيوصلونا تعالي.
حركت رأسها بالنفي سريعًا وهي تلقي نظره خلف ظهرها خوفًا من ظهور شخصًا بعينه ثم قالت في تهذيب:
-لا مفيش داعي.
تقدم “ليدو” المتحمس منها يحثها بإصرار:
-والله ابدًا احنا واقفين اساسًا عشان لو أي واحدة نازلة معندهاش مواصلة ناخدها على سكتنا.
-مش حابة اتعبكم صدقوني أنا هاخد تاكسي.
-أيه الكلام ده يعني معانا عربية وتركبي تاكسي، أركبي يا مادونا بلاش دلع.
تذمرت الفتاة التي تقدمت منها تجرها نحو السيارة فتحركت معها مستسلمة بينما ركض “ليدو” بسعادة بالغة كي يجاورها في الجلوس.
غير منتبهين ل “مزيكا” التي يتفحص المشهد من بعيد ويشعر بضيق يتملك صدره وهو يراقب مراوغات “ليدو” حولها كالقناص، متعجبًا سذاجتها وإنها لم تنتبه لنواياه المريبة بعد، تأفف وقد دفعته شهامته للتدخل أو هكذا أقنع نفسه.
فمن ذا الذي يترك فتاة بين براثن الذئب حتى وإن كانت شرسة الطباع همجية الأفعال!
تأفف متذمرًا لا يريد التدخل ولكن ضميره تحكم بتصرفاته فتحرك من مكانه مغلقًا سيارته بإحكام قبل أن ينضم إليهم متجاهلًا كيف تشنج جسدها حينما ظهر لهم من العدم مردفًا:
-خدوني معاكم يا شباب عشان مش جايب عربيتي.
نظر أحد الشباب نحو سيارته في الركن البعيد مسائلًا باستغراب:
-مش دي عربيتك يا مزيكا.
حدق فيه “مزيكا” بنظرات غامضة وهو يخبره بكل ثقة:
-لا، مش عربيتي.
انتبه كيف تحولت هالة “ليدو” ولاح الضيق فوق وجهه مغتاظًا من تواجده فابتسم له بغرور واقترب مبعدًا إياه عن باب السيارة الأيمن حيث تجلس “مادونا” في الخلف.
-لف هناك أنت باك ليفت.
استقل السيارة ليجاور تلك الحانقة وسط ذهول ” ليدو” الذي لم يستطع الرد وتحرك للجهة الأخرى يركب في صمت بينما نظراته القاتلة لا تفارق وجه “مزيكا” المنتصر..
*****
كادت “مادونا” تموت من شدة الحرج وهي تكاد تجلس فوق قدم الفتاة جوارها كي لا تلتصق بالجدار البشري القابع جوارها، ارادت الصراخ في وجههم لما عرضوا عليها توصيلها وهم جالسون أربعة أفراد في أريكة واحدة.
دعت الله ألا يراها والدها وهي تتوسط مع الفتاة المقعد الخلفي وعلى طرفيه كلًا من ليدو ومزيكا الذي يتعمد مضايقتها فتشعر بصدره يلامس كتفها كل بضع خطوات بالسيارة.
رمقته بنظرة محذرة تحاول اخفاء توترها وخجلها من قربه الزائد حاقدة على قلبها الخائن الذي لا يزال يقفز كلما رأته لكنه ظل يناظرها بثقة وصمت أثاروا الضيق في صدرها، أبعدت انظارها عنه لكنها شهقت مصدومة حينما اهتزت السيارة بسبب مطب صناعي وشعرت بوجهه يلامس شعرها المفرود فوق كتفيها وتكاد تجزم أنها سمعته يجذب أنفاسًا عالية مستنشقًا عبقها فاستدارت برأسها تطالعه باتهام فقابلها بابتسامة وقحة تؤكد شكوكها خاصة حينما قرب فاهه من أذنها بضع إنشاء مردفًا:
-همجية بس ريحتك حلوة.
ما كان منها سوا أن دفعت مرفقها في صدره القاسي وما زاد غيظها أنه تشنج فقط دون إصدار رد فعل وتركها طوال الطريق تُصدر مرفقها في صدره حتى مال محذرًا وهو يحرك ذراعه ويستقر بها جانب جسدها مهددًا:
-لو مخفتيش لعب وبعدتي كوعك متزعليش لما أخد الكلى بأيدي.
لوت شفتيها لكنها أبعدت مرفقها على مهل بوجه أحمر، تعلم أنه وقح لن يرمي تهديدات فارغة، ولا تريد الاعتراف أنها تخشاه وتخشى قربه حتى همساته وأنفاسه تخشى تلاحمهما معها بأي طريقة مباشرة كانت أو غير مباشرة.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ضربات ترجيح)