رواية ضراوة عشق الفصل الثالث 3 بقلم دهب عطية
رواية ضراوة عشق الجزء الثالث
رواية ضراوة عشق البارت الثالث
رواية ضراوة عشق الحلقة الثالثة
دلفت الى غرفته وتطلعت عليه بخضروتان غضبتان
لا يمحي غضبها المتوهج بهم هذا الهوس به وبكل ذرة يمتلكها هذا الرجل !..
جثت على ركبتيها على الأرض بجوار السرير المستلقي عليه، ذاد تحدجها به اكثر من المعتاد
كل ما به طاغي رأت رجالاً كثيرة وتعاملت مع
الأغلبية منهم ولكن معه هو تقف بليدة التعامل مكتوفة الأيدي لا تعرف مسار واحداً يجعلها تفوز به
لا تعرف هل تعشقه ام تريد النيل من قلبه مثلما
فعلت مع السابقين من نوعيته !..
مدت يدها وتلامست باطراف اصابعها لحيته البنية
مروراً على شفيته وعنقه…
“عمرو…”هتفت إسمه بنعومة وحنان…
تمايل لناحية الأخرى بتزمر…
إبتسمت وهي ترى ظهره العاري وذراعه أمامها مباشرةً…
تحسست بيدها الناعمة ذراعه برقه…
“عمرو…الوقت اتأخر…ممكن تفوق شويه….”
فتح عينيه ولا يزال يعاني من عدم التركيز وتدارك امر وجودها معه في نفس الغرفة…
تنفس بحنق وهو يعتدل في جلسته،رفع بُنيتاه الناعسة عليها ليجدها تنهض من مكانها وهي
تقول بطريقة عملية هادئة…
“صباح الخير… كويس انك صحيت …. انا هروح احضرلك القهوة واعملك فطار سريع كده عشان تلحق تجهز…”تطلعت لساعة معصمها وهي تكمل بحذر…
“قدمنا ساعه الا ربع ونبقى في شركة في اجتماع مهم ولازم نحضر في المعاد…”
فرك في شعره بحنق وهو يرمقها ببرود…
أبتسمت بتوتر وهي تهم بفتح الباب للخروج منه..
“دارين….”
نادى عليها بهدوء وهو ينهض مُرتدي تيشرت قطني مُريح….
التفتت له بتوتر…
“عايز حاجه ياعمرو….”
أخرج أنفاسه بصوتٍ عالٍ وهو يقول بخشونة…
“انتي فاكره اللي حصل بليل ا….”
بترت جملته وهي تهتف بريبة متصنعه…
“انا مش فكره اي حاجه حصلت بليل..كل اللي فكراه
اني تقلت في شرب شويه وجتلك على هنا عشان نحتفل بعيد ميلادي…” بدات بفرك راسها مُطصنعه
التفكير اكثر…” بس انا لحد دلوقتي مش فكره حاجه غير إنك سبتني في الاوضه ومشيت… هو انا عملت حاجه ضيقتك إمبارح انا مش واخده بالي…”
رمقها باعين ثاقبة…
“يعني انتي مش فكره اي حاجه حصلت إمبارح…ولا حتى كلامك السخيف اللي قولتيه؟….”
بلعت ما بحلقها بتردد وهي تسأل بمهارة..
“في اي ياعمرو…هو انا قولت إيه إمبارح ضايقك اوي كده….”
ابتسم بستهزء وهو يرد عليها بخبث مشابه لها..
“تعرفي الموقف ده بيفكرني بمثل شعبي اصيل..بيقول لو اللي بيتكلم مجنون يبقى اللي بيستمع عاقل!…”
هزت راسها بعدم فهم وداخلها تنتفض وتتعرق من التوتر…
“قصدك إيه مش فهمه؟…”
هز راسه باستياء وهو يدلف للحمام الملحق بغرفته الشاسعة…
“حضريلي الفطار وستنيني تحت….”
بعد اغلاق الباب عليه… إبتسمت بانتصار انثوي بعد نجاح صمودها في شركته كمساعدة خاصه ومهمه في عمله !..
تنهدت وهي تفتح الباب وتهم بتحضير وجبة الفطور
له..
______________________________________
“ادي أخرت جوازك من واحده كحيان ونصاب…. عيل خايب بيلعب بتلات ورقات يحطني انا تحت رحمته..”صاح ثروت وهو يرمق ابنته بمنتهى
الغضب والازدراء….
نزلت دموع وعد وهي تحتضن والدتها كاذرع واقي لها تحمي جسدها الضئيل بها بخوف من بطش والدها بالحديث وباليد ان تدهور الأمر وزادت عصبيته أكثر عليها …
لم تقدر على إخفاء الحقيقة عنهم فهذا النذل طلب بمنتهى التبجح والطمع مبلغ لم يكن في حوذتها
حتى تقذفه في وجهه لتحصل على حريتها كما
قال لها !…
تحدثت نادية أخيراً بصوتها الحنون وبمنتهى القنوط
قالت…
” اهدى ياثروت.. اهدى عشان خاطري وخلينا نفكر بالعقل…. بنتك عايزه تطلق منه … وكمان بعد اللي حكته لينا وبعد اللي عرفناه عن الواطي ده لازم نقف معها ونطلقها منه… ”
صاح بعصبية اكثر…
“انتي اتجننتي ياناديه… اجبله منين خمس مليون… انتي عايزه تخربي بيتي… انتي عارفه ان فلوسي كلها في سوق ومعظم ارباح الشركة بتصرف علينا وعلى الموظفين…. المبلغ كبير وصعب ادبره
لوحدي…. وصعب استلف من حد… لو استلفت من
اي حد من اللي بنتعامل معاهم ممكن يطلعه عليه
اني خلاص فلسة ولو طلعت الاشاعة دي هقع في سوق اكتر مانا وقع….” فك ربطة عنقه وهو يجلس على الكرسي مهزوم وضائع امام حل تلك المعضلة الصعبة…
“الشركة خسرت ووقعت خلال السنتين دول بسبب
خروج عمرو منها… ومهم كنت مهتم بشغلي عمري ما هسد وجود شاب فاهم وطموح زي ابن أخويه…”
صمت وهو يرمق ابنته بعتاب قاسي…
ابعدت رماديتاها الباكية عن مرمى عينا والدها القاسية.. فمزال العتاب ولوم في بدايته!…
هتفت نادية وسط حسرتها على ابنتها…
“يعني إيه هنسبها على ذمته؟….”
نظر لهم بحيرة أكبر وهو لا يعرف ماذا سيفعل الآن..
“مقدمناش حل غير كده….”
شكت شفتيها شهقة عالية لا تخلو من الصدمة والحزن على قسوة قلب والدها عليها..
حتى بعد كل شيء يود رأيتها تتعذب أمامه..
هل اختيارها الخاطئ سيجعلها تعاني في حياتها ماتبقى منها وما مر عليها !…
نظر لابنته ولصدمتها ولحيرة عينيها الباكية تتجرع
القهر الآن بمنتهى البساطة وهي من جانت على نفسها بذلك…
صاحت نادية في زوجها بغضب…
“انتَ بتقول إيه ياثروت انتَ عايز بنتك ترجعله وتعيش معاه بعد كل اللي عرفناه عنه…”
نظر لهم بهدوء بارد عكس ما يعتريه الآن ليتريث
برهة قبل ان يقترح حالاً آخر…
“في حل تاني غير انها ترجعله…”
نظرت له نادية بشك…
“حل إيه ياثروت…”
تطلعت عليه وعد وهي تراه يكمل حديثه بمنتهى البطء والحذر….
“عمرو!!….”
توسعت رماديتاها وهي تبلع ما بحلقها بقلق…
“عمرو انا هكلمه وحكيله اللي حصل وهو اكيد هيشوف حل تاني مع الكلب ده غير موضوع الفلوس
دي أو حتى يتفق معاه يقلل المبلغ شويه…في نهايه دا صاحبه واكيد ليه داخله معاه….”
كادت ان تعترض( وعد) سريعاً كاعادته حينما يتعلق الامر بعودة (عمرو)مره أخرى ورايته لحالها الآن!..لكن
منعت إياها والدتها حينما مسكت ذراعها ونظرت له بصلابة…
هتفت نادية بصرامة..
“اعمل اللي انتَ عايزه المهم بنتك تطلق…”
نهض وهو يخرج هاتفه من جيبه ويوليهم ظهره مجري اتصال بابن أخيه…
لجت الممرضة داخل الغرفة لتفحص وعد وتطمئن على صحته مثلما وصى عليها الطبيب المتابع لحالته…
برغم من اسئلة الممرضة المعتادة في هذا الفحص الطبي إلا ان وعد لم تجيب على شيء لم ترى
احد غير والدها الذي يتحدث بالهاتف امامها بمنتهى
الهدوء وكأن صوته يصل لمسامعها بوضوح….
______________________________________
لج الى غرفة الطعام بحذاء أسود لامع وكان يرتدي حُلة رسمية عصرية الشكل ، مُصفف شعره البني بشكلٍ يليق على ملامحه الرجوليه الجذابة…
ارتدى ساعة معصمه وهو يرمق (دارين)التي وقفت بجوار سفرة الطعام تتفقد الفطور الذي اعدته له
ان كان ينقصه شيء…
جلس (عمرو)على المقعد امامه سفرة الطعام مسك
(الاب توب)الخاص به والذي وضعته دارين على سفرة الطعام أمامه فهو يتفحص بعض الأشياء
الخاصه بمجال العمل والمنافسين له…
“اي اخبار اعلان شركة (VIP)هنبدأ تصوير فيه امته…”
قالت دارين بعملية..
“المفروض الفترة الجايه نبدأ تصويره…بس هما عايزين فكره جديدة مش مكرره يعني…”
هز راسه بتفهم وهو يرتشف قهوة الصباح وبُنيتاه لا تفارق شاشة الحسوب…
تفقدته دارين بابتسامة هادئة وعينيها الخضراء تتشرب كل تفصيله به…
احس بمراقبتها له رفع عينيه عليها وهو يهز راسه بستفهام…
“في حاجه يادارين…عايزه تقولي حاجه…”
هزت راسها بنفي واسلبت عينيها في الأرض بحرج..
رماها بنظرة خاطفه قبل ان يسالها بهدوء…
“مش بتاكلي ليه؟…”
عضت على شفتيها متصنعه الحرج..
“يعني…مش وقته في Break…اكون جوعت”
هز راسه بتفهم وهو يقول…
“تمام…لو حبه تشربي قهوة المطبخ عندك اتعملي عادي…”
نظرت له بحنق فهو لم يهتم ولو لثواني لبث اي أمل في علاقتهم…
مطت شفتيها وهي تنهض متصنعه الوداعة..
“اوكي…هروح اعملي فنجان قهوة على ما تخلص فطارك…”
هز رأسه بهدوء وهو يكمل تفحص عمله عبر هذا الحسوب…
صدح هاتفه في تلك الأوقات التقطة بين يده وهو يرى الشاشة تنير بأسم عمه…
“الو…إزيك ياعمي عامل إيه…”
رد ثروت عبر الهاتف بطريقته المعتادة..
“اكيد مش كويس طول مانت متغرب كده…”
تنهد عمرو بهدوء واجاب..
“انا مش متغرب ياعمي ولا حاجه..انا خلاص استقريت وهكمل حياتي هنا…المهم اي اخبار الشغل عندك….”
“الشغل كويس ولولا تصميماتك وافكارك كان زمان الشركة وقعت من زمان…”
ابتسم عمرو بحزن وهو يقول بحرج…
“متقلقيش ياعمي مفيش حاجه من دي هتحصل دي شركة جدي ووالدي كمان واكيد خسرتها هتوجعني زيك تمام….وعشان اطمنك اكتر ان شاء آلله هتابع
معظم العروض اللي جيلنا على موقع الشركة وهتفق
مع المصممين اللي هناك…”
همهم ثروت بحرج..
“انا عارف ياعمرو… بس انا مش بكلمك عشان الشغل..”
اعتدل عمرو في جلسته سريعاً وقد انتابه القلق..
“امال في اي ياعمي… قلقتني…”
بلع ثروت ما بحلقه بتوتر…
“وعد…”
انتبهت كل حواسه بعد لفظ إسمها بكل هذا التوتر والحرج البادي…
“مالها وعد ياعمي في حاجه حصلت عندكم…”
سمعت اسمها يخرج من فمه بسؤال وقلق بادي عليه
اكفهر وجهها بغضب ناري وهي تخمم لقب تلك الوعد
هل هي زوجته ام احد اقاربه..
وان كانت زوجته فلما لم تحضر هنا معه لم استقر في فرنسا بدونها…
عضت (دارين) على شفتيها بغضب ووجه متجهم..
اقتربت منه دارين بخطوات ثابته وهي تتظاهر بعدم سماعها شيء…
استمعت لعمرو يتحدث بغضب عبر الهاتف…
“ابن الـ….” عض على لسانه ممانع لفظ افظع الشتائم
عنه… تابع بحنق..
“بلاش تعمل حاجه ياعمي الا لما اجي… انا هخلصك من الحوار دا كُله…”
تحدث ثروت بياس وعينيه على ابنته..
“هتعمل اي ياعمرو… هنديله الفلوس عشان يطلقها..”
اظلمت عيني عمرو وهو يهتف بغموض..
“لما ارجع ياعمي…. لما ارجع هنتكلم ..”
تهللت السعادة في عين ثروت بأمل!..
“لم ترجع؟؟.. هترجع امته ياعمرو…”
“قريب… قريب هبلغك بمعاد الطيارة…” اغلق الخط بعد ان القى السلام عليه…
وقفت دارين أمامه وهي تلملم متعلقاتها بهدوء واتزان…
“ها ياعمرو ناوي تصور الـg***فين…”
لم يكن معها بالمره بل كان شارد في تلك الأخبار المفاجأه عن وطن محتل قد دعى إياه بضراوة
ليحرره من براثن الشيطان؟؟..
لماذا دعتني وهي تعرف انني اسوء منه بمراحل!..
لن يهمني سافعل هذا لأجل اسم العائلة واكراماً لعمي
وزوجته الذي لم يبخل أحدهم عليا انا وشقيقتي
بالحب والاهتمام…
سأعود ولكن عوده مؤقته أوعدكِ انها لن تطول !..
“عمرو… عمرو… انتَ كويس…” شعر بصوتٍ ناعم ينتشله من شروده ولمسة يد حانية توضع على كتفه الصلب..
نظر نحو دارين وهو يقول بهدوء..
“دارين… بتقولي حاجه…”
رمقته بقلق وهي تسأله بخبث…
“بقالي ربع ساعه بكلمك مالك في حاجه حصلت في مصر؟…”
هز رأسه ورد بهدوء..
“شوية مشاكل بسيطة في شغل اللي هناك.. هسافر أخلصه ورجع تاني….”
“هتسافر؟.. هتسافر امته…”رفعت حاجبيها وهي تدقق به..
وجدته يرفع هاتفه وهو يقول بنبرة أمر..
” احجزلي على اول طيارة نزله مصر… “تريث برهة قبل ان يسمع الطرف الآخر..تابع عمرو بعد ثلاث دقائق من الصمت..
“تمام..مفيش مشكله احجزلي عندك…أصبح الساعة تمانيه…”رمق دارين وهو يشير لها..
“اكتبي يادارين عندك..”
سجلت دارين على مضض سجل السفر الغير مرغوب به!…
اغلق عمرو الهاتف وهو يلملم اشيائه قائلاً بعملية..
“يلا بين عشان نكمل اي شغل مهم النهاردة..وناجل اللي ينفع يتاجل لحد ما رجع تاني…”
“هو انتَ هطول ياعمرو….”
“اسبوعين بكتير وهرجع…وانتي مكاني لحد ما رجع..”نظر لها بجدية لا تقبل التهاون في تلك المسأله
هزت رأسها بتفهم…
“متقلقش…..المهم ترجع تاني…”قالت اخر جمله بداخلها بقلق…
______________________________________
اشتعل قلب (هند) بالغضب والحقد من ناحية( وعد)اكثر فمزال بداخلها ذات الانطباع القاسي ان ابنة عمها سبب غربة وفراق اخيها عنها…
سألت نادية زوجها بأمل جديد..
“يعني هو قالك هيتصرف…”
هز ثروت رأسه بايجاب…
“طب هيرجع أمته…”طرحت نادية سؤال آخر…
رد ثروت بمنتهى الصلابة…
“مش عارف بس هو قالي انه راجع قريب وهيبلغني عشان ابعتله العربية تاخده من المطار…”
هزت نادية رأسها بتفهم وداخلها تدعي بانتهاء هذا الكابوس…
لاحت منها نظرة حانية تبث الأمل لابنتها الجالسه على فراش المشفى متعبة الوجه شاحبه بعيون حمراء من كثرة البكاء…
“كل حاجه هتبقى كويسه ياحبيبتي..متخفيش…”
هزت رأسها بتفهم وهي تستلقي على صدر والدتها بتعب…
رددت نادية بعض الآيات القرانية وهي تربت على منكبي ابنتها بحنان…
اغمضت وعد عينيها وهي ترتجف داخلها بقوة كلما فكرة بحالها وما ينتظرها بالايام القادمة مع عائلتها
وحياتها بعد ان تحصل على لقب مُطلقه؟!…
قتل الصمت في الغرفة صوت (هند) الكاره للفكرة المطروحة أمامها…
“انا مش فهمه ياعمي..اي دخل عمرو في طلاق وعد من هشام…يعني هو ماله… اخويه زمان سافر من قبل حتى مايحضر فرحهم ومحضرش اي حاجه تخص موضوعهم ليه عايزين تدخلوه دلوقتي في موضوع طلقهم…”
ارتفع رأس (وعد) عن حضن والدتها وسلط الجميع انظاره على هند التي نظرت لهم بهدوء لكن كانت عينيها بركتان من الكره والغضب الموجه نحو (وعد) لا غيرها…
لم يتحدث ثروت بل ظل صامتاً يرمق ابنة اخيه الرقيقه الهادئه دوماً وهي تتحدث الآن كالنمرة الشرسة التي تود الانقضاض على من يحاول فقط الاقتراب منها ومن عائلتها الوحيدة!…
اول من هتفت بأستغراب كانت نادية
“ليه بتقولي كده ياهند… احنا طلبنا مساعدة عمرو لان هشام كان يوم من لايام صاحبه واكيـ…”
“حضرتك قولتي ياطنط كان صاحبه.. لكن بعد اللي حصل وجوازه من خطبته…” بترت جملتها عمداً قبل ان تقول باهانة…
“قصدي بنت عمي… علاقتهم إنتهت بعد جوازه منها وكلنا عرفين السبب…” تحشرج صوت هند بحزن على اخيها…
“انا مش عارفه إزاي تطلبو منه حاجه زي دي بعد اللي حصل زمان… إيه محدش فيكم مراعي شعوره…”
نزلت دموع نادية بحزن…
“يابنتي انتي لسه صغيرة ومش فهمه يعني اي قسمة ونصيب…”
اسلبت هند عينيها ونزلت دموعها وهي تستاذن منهم بالباقة وحزن…
“انا اسفه لو ضايقتكم…. بس عمرو دا أخويه وانا اكتر واحده حسى بيه…”
خرجت من الغرفة وتركت ثلاثتهم بحيرة اكبر بعد حديثها..
والديها يفكرون بأمرين لا ثالث لهم
هل عمرو يحمل الكره والانتقام لابنتهم؟..
هل لا يزال يحمل الحب لابنتهم بعد كل ماحدث
بينهم؟…
امّا وعد فكانت حزينه شاردة في صداقتها مع هند التي إنتهت منذ عامان حين فسخت خطوبتها
باخيها عمرو..
تعلم ان عمرو بنسبه لهند ليس فقط اخ بل العائلة بأكملها سعادته تفرحها بشدة وحزنه يزيد حزنها أضعاف لن تعاتبها فإن كان لها اخ او اخت ستفعل
مثلها واكثر، قد أخطأت وتعلم لكن من سيفهم
انها أحببت (هشام) من قلبها وتمنت الزواج منه
برضا عائلتها وامام الله والجميع هل ستظل تعاقب
على تلك الخطوة من حياتها القادمة ؟! وهل حب عمرو كان امراً مفروض عليها من جميع من
حولها؟…
_____________________________________
في صباح اليوم الثاني…
أقلعت الطائرة متوجهه الى مطار القاهرة…
بعد عدة ساعات…
خرج عمرو من المطار وهو مُمسك حقيبة سفرة استدار عند نقطة مُعينة فوجد سائق عمه ينتظره هناك….
اقترب منه الرجل العجوز وهو يقول بلطف…
“حمدال على سلامتك ياعمرو بيه…”
ابتسم عمرو بود وهو يرد عليه…
“الله يسلمك ياعم محروس…عاش من شافك…”
“العمر كله ليك يا ساعت البيه….”فتح له باب السيارة بأحترام…
“الجماعه خرجه من المستشفى ولا لسه..”لج عمرو لداخل السيارة وهو يسمع اجابة السائق وهو يحتل
مقعد القيادة…
“هما لسه في المستشفى…بس الدكتور امر بخروج وعد هانم…وانا هوصل حضرتك لقصر الاباصيري
وهرجع اخدهم من هناك…”
هز عمرو راسه بنفي وهو يأمر السائق بهدوء…
“لا ياعم محروس…أطلع على المستشفى….”
“بس ياعمرو يابني ثروت بيه قالي اوصلك البيت عشآن ترتاح من مشوار السفر و…”
هتف عمرو بقنوط…
“ياعم محروس اطلع على المستشفى الاول وبعدين هنروح كلنا على البيت…”
مط العجوز شفتيه وهو يلبي طلبه على مضض..
الجميع يعرف القصة من بدايته و(عمرو)له مكانه عالية في قلب كل من رآه….
____________________________________
وصل عمرو امام المشفى وخطى عدة خطوات بداخلها…
اوقف احد الممرضين وهو يطرح سؤاله بوقار…
“لو سمحت وعد ثروت الاباصيري غرفتها رقم كام…”
رمقته الممرضة باعجاب صارخ وهي تبتسم بنعومة..
“حضرتك تقربلها…”
تافف قليلاً وهو يجيب على مضض..
“ابن عمها…”
هتفت الممرضه بهيام…
“يابختها…”
“نعم…”
تنحنحت الممرضة بحرج..
“احم…اتفضل معايا هوصلك عندها…”
اشارت له الممرضة على باب الغرفة الماكثه بها وعد
هز رأسه علامة تفهم وشكر واتجه نحو الباب وطرق
عليه قبل فتحه…
طل عليهم بهيئته الرجولية الطاغية وتلك الوسامة
الكلاسيكيّة الجالية عليه بالفطرة …
“سلام عليكم…”القى التحية على من تواجد بالغرفة…
رفعت وعد رماديتاها الحزينة عليه بقلب يخفق من شدة التوتر والحرج بعد ما علم به واتى لأجله !..
تفحصت بعينيها وجهه الرجولي ولحيته النابته التي لم تكن مستحبه من قبل على وجهه فهو بدونها اوسم واجمل بكثير كذلك كانت تقيمه حينما كان في نظرها ابن عم واخ اكبر ليس إلا…
جسده اصبح اكتر صلابه قد نحف اكثر من الازم يبدو عليه الارهاق والغربه برغم من تيسير المال والعمل والاقامة كذلك إلا أنه يعاني من شيئاً اصعب منهم؟..
برغم من كل شيء إلا ان هالة (عمرو الاباصيري) تلاحقه أينما كان…هذا الوسيم ذو الجسد
الرجولي الممشوق والبشرة الخمرية الشعر البني الناعم والعين البنية القاتمة بقسوة ، اقل ما فيه يجذب دوماً الأنظار له ويجبر البعض بمراقبة اقل حركة تصدر منه….طريقة حديثه وقسمات وجهه المتهجمه ، ابتسامته المصطنعة والتي يرسمها الآن
أمامهم وهو يرمي سلامه البارد عليهم…
إبتسمت نادية ببشاشة وجه…
“عليكم السلأم ورحمةالله وبركاته…ازيك ياعمرو يابني حمدال على سلامه…”
سلم على زوجة عمه بأحترام وهو يبتسم في وجهها بالباقة…
“الله ياسلمك يامرات عمي…ازي حضرتك…”
“الحمدلله كويسه…”
رمق عمرو الغرفة الواقف بها سريعاً فكانت لا تحتوي إلا على زوجة عمه ووعد…
“امال فين عمي وهند…”
لم يعير اي اهتمام للجالسه أمامه على الفراش وهي أيضاً لم ترفع عينيها عليه بعد تفحصها الأول له…
اجابته نادية وهي تحضر حقيبة ابنتها…
“هند بتجيب حاجه من الكفتريا وجايه.. وعمك في البيت كان فاكر إنك هتروح على هناك فستناك…”
بلعت وعد ريقها بحزن وغضب داخلها فوالدها دوماً يقلل من اهتمامه بها ودائماً ياخذ (عمرو) المكانه
التي تستحقها هي…
تعلم السبب جيداً هو لم يريد إياها أبداً؟؟…
هز عمرو راسه ولم يعلق ورفع بُنيتاه أخيراً على تلك الماكثة امامه مطاطاة برأسها للأرض بيأس وتعض على شفتيها السفلى وكأنها تحارب دموعها من الهبوط الآن…
لم يستطيع رأيت تلك العيون الرمادية الخلابة التي سحرته من اول نظره حينما اتت تلك الطفلة الجميلة بعد صبر سنين !…
كانت جميلة ولا تزال حين كبرت امامه لحظة باللحظة… شعرها الحريري الاسود بشرتها البيضاء قسمات وجهها الرقيقة الناعمة جسدها الغض الممشوق بارز مفاتن الانوثة لديها… تلك العينان الرماديتان ذو الامعة التي لا يملتكها سواها…
يالله لم ينسى تفصيله ولو صغيرة بها إلى هذا الحد لم ينساها ولو للحظه هل تستحق الخائنة كل هذا الحب والوفاء؟؟…
لا يزال يوفي لها برغم من ابتعادهم عن بعض لم تذهب مشاعره لاخرى غيرها ولم يرى وطن
بعدها ! برغم من عمق المشاعر والحب المحمل لها
الجروح بداخله أضعاف مضاعفة من عمق تلك المشاعر الصادقة…
“الف سلامة عليكي ياوعد…” اخيراً تكلم بمنتهى الخشونة الباردة وكانه يجبر لسانه على قول كلمات
مجاملة تناسب هذا الموقف…
رفعت عينيها الامعة بالحزن والذي زادهم جمالاً فوق جمالها… هتفت بصوت خافض والحرج يقتلها
ببطء…
“الله يسلمك… حمدال على سلامة…”
تعلقت عينيه القاسية عليها بمنتهي الهيمنة مدقق بكل تفصيله بوجهها وكانه يدرسه…
شعرت بسخونة وجنتيها غضباً وتوتر فنظرته لم تكن فقط مهيمنة عليها بل كانت تشعر بانها تجدرها من كل شيء يعتريها…
بلعت ريقها بتوتر واسبلت عينيها سريعاً عنه بحرج وتردد…
“ارفعي عينك ياوعد….”هتف بأمر جعل سائر جسدها ينتبه له…وكذلك فعلت نادية التي نظرت له بريبة…
اتت عينيها بعيناه فوجدته يسألها بهدوء بارد…
“انتي عايزه تطلقي من هشام…”
قاسي…
لماذا يريد سماع أجابه علم بها مسبقاً من والدها..
تعالت انفاسها وكانت في موقف لا تحسد عليه لو شخصاً اخر يطرح السؤال لكانت اجابته بسرعة وبمنتهى الفتور…
لكن مع عمرو الوضع حساس وهو يعلم هذا جيداً ومن المؤكد أنه يقصد آلامها وتزايد حرجها …
رفعت نادية الحرج عن ابنتها وهي ترد عليه…
“اكيد عايز تطلق منه بعد اللي عمله مستحيل
تعيش معاه….”
القى نظره سريعة على نادية قبل ان يعود بانظاره الثاقبة عليها…
“معلشي يامرات عمي انا عايز اسمعها منها…”
“مستني اجابتك ياوعد على اساسها هنفذ اللي في دماغي….”
للمرة الثانية يصر بضراوةً على إجابة تنهي كل شيء..
أسبلت عينيها بتردد وتحدثت بصوت خافض…
“ااه عايزه أطلق….”
“عالي صوتك…. انا مش سامع حاجه…”
رفعت عينيها عليه بنظرة مهزوزه وجدته يجدرها بكل تلك القسوة اللا منتهية…
فتحت فمها ورفعت صوتها قليلاً..
“انا وهشام مبقناش ننفع لبعض…وطلاق مبينا اسلم حل..”
هز رأسه بتفهم وهو يبعد عينيه أخيراً عنها…
تنفست الصعداء بعد ابتعاد انظاره عنها…
دلفت هند في تلك الاوقات عليهم وسريعاً تهلل وجهها بغمرة الفرح وصاحت بسعادة…
“عمرو……حبيبي أخيراً جيت…”
عانقته بشدة وشوق اخوي طاغى على كلاهما…هتف عمرو وسط عناقه لها…
“وحشتيني ياهنود…عامله إيه ياحبيبتي….”
ابتعدت عنه بفرحه..
“كويسه…وبقيت كويسه اكتر لم شوفتك…حمدال على سلامة… جيت امته ومقولتليش ليه كنت جتلك
على المطار…”
ابتسم بحب لها وهو يقول…
“يابنتي كفاية رغي…وبعدين مش الاهم انك شوفتيني….”
لكزته في ذراعه بحنق..
“انا رغايه… طب انا غلطانه….ارجع مكان ما جيت.. ”
“مانا راجع بس وانتي معايا…”
نظرت له هند بعدم فهم…
“يعني إيه…”
أحاط بذراعه منكبيها وهو يتابع بهدوء…
“يعني انا مش هسافر غير بعد ماتخلصي امتحاناتك
وتاخدي الشهادة كمان … ساعتها بقه مليش حجه هضطر اخدك معايه وتعيشي في بيتنا الجديد…”
توسعت عيني هند بسعادة اكثر وهي تصيح بعدم تصديق….
“فرنسا…..بجد…. بجد انتَ احسن اخ في دنيا…”عانقته مره اخرى بسعادة أكبر…
إبتسمت وعد بمحبة لهم دوماً تتمنى داخلها ان تحصل يوماً على هذا الجانب من الحب…
يظن البعض ان أمرأه مثلها لم تحرم يوماً من شيء فهي تمتلك المال والجاه والوجه الحسن تعمل فيما
تحب وتنجح فيه بمهارة ، تزوجت ممن تحب وامتلكت اسم عائلة لها نفوذ ذائعة الصيت والمكانه ماذا ستتمنى وتنول اكثر من ذلك…
لكن حين تتعمق في حياتها تراها كئيبه خاليه من الحب والاهتمام لولا والدتها وحنانها الطاغي
لكانت انهت حياتها الباسة بالحظة تهور ضعف من الذي تتعرض له دوماً وحدها !…
دخل الطبيب ومعه الممرضة وقد احضرو معهم
مقعد متحرك…
“سلام عليكم…ازيك النهاردة يامدام وعد…”
هزت وعد راسها بإبتسامة خافته ورددت الحمد بهدوء…
اشار الطبيب على الممرضه بجدية وهو يقول..
“دي هتكون الممرضة نورا المرفقة ليكي يامدام وعد لحد ما صحتك تتحسن ان شاء الله وتفقي الجبس اللي في رجلك…”
هزت رأسها بتفهم وهي تبتسم لنورا بلطف فبدلته الثانيه بأحترام….
تحدث الطبيب مره اخرى قبل ان يخرج…
“الكرسي ده نورا هتساعدك تخرجي بيه لحد العربية….”
نظرت وعد للكرسي وهزت رأسها بتفهم…
خرج الطبيب من الغرفة وترك (نورا)الممرضه معهم..
تحدث عمرو بهدوء وهو يرمق هذا المقعد المتحرك بنظره سريعه…
“انتي خلصتي كده يامرات عمي ولا لسه قدامك شويه…”
تفقدت نادية المكان من حولها بعينيها بنظره سريعه قبل ان تقول…
“لا كده خلاص…فاضل بس نساعد وعد تقعد على الكرسي…”
تحدث بمنتهى الفتور…
“طب اسبقونا على برا وانا هساعد وعد…. ”
نظر له الجميع بأستغراب ولكن سرعان ما نفذه اوامره بعد الجدية الجليه عليه …
ظلت نورا واقفه في الغرفة تنتظر طلب المساعدة منها، لكن عمرو اقترب منها وهمس بشيءً ما في أذنيه لم يصل لمسامع وعد…
هزت الممرضه رأسها بتفهم وخرجت سريعاً وتركتهم
بمفردهم…
رفعت وعد عينيها عليه وهي تقول بتردد…
“انتي ليه خرجتهم كلهم… مين اللي هيساعدني دلوقتي قعد على الكرسي؟…”
“انا !…” اقترب منها وحملها بين ذراعيه في غمرة تشتت عقلها من اجابته الصريحة..
شهقت بحرج وهي تنظر له بدهشه…
“انتَ بتعمل اي ياعمرو….”
تحرك بروز عنقه بعد نطقها الناعم بأسمه وكانه لا يعرف اهمية إسمه إلا حينما تنادي به…
نظر بالقرب من عينيها وهو يقول بهيمنة طاغية…
“هوصلك لحد العربية…”
“مينفعش…الكرسي موجود…”
هتف بسرعه امام وجهها…
“اللي مينفعش اني اشوفك قعده عليه ….”
نظرت له بدهشة ممزوجه بالحيرة من جملته الغريبة
عليها لكنها صُدمة وهي تسمعه يكمل بمنتهى البرود…
“العكاز ده هيساعدك اكتر….يابنت عمي…”
شعرت بدخول الممرضه مره اخرى وفي يداها عكَّازَين تتوكا عليهم (وعد) مؤقتاً لحين تحسن
قدمها اليمنى…
وضعها على الارض بهدوء ويداه القوية مثبته على ذراعها تثبت إياها على الأرض..وضعت الممرضه العكازين لها وبدت ثابته اكثر على الأرض بمفرده
تركها عمرو ثم خرج من الغرفة وهو يقول ببساطة..
“هستناكم في العربية…”
رفعت وعد حاجبيها بريبه بعد خروجه فتلك التصرفات الغريبه والمبهمه في بعض
الأحيان تربكها بشدة…
غامت رماديتيها بتفكير فهي لا تعرف ما ينتظرها
في الأيام القادمة بعد ان علمت بمكوثه معهم لمدة شهر او أكثر !….
وهل بعد تلك الحقائق الذي علم بها سيبقى الوضع بينهم هادئ ومستقر…
لا لا تظن ذلك !!..
لن ينسى عمرو ولن يغفر لها ولن تعود علاقتهم طبيعية كابنة عم وبمثابة اختاً له كما تمنت دوماً
منه !! …
كل شيءٍ بالحياة محدد الا ملحمة الحب تبقى ضراوة ثابته !…
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية ضراوة عشق)