رواية صماء لا تعرف الغزل الفصل الرابع عشر 14 بقلم وسام الأشقر
رواية صماء لا تعرف الغزل البارت الرابع عشر
رواية صماء لا تعرف الغزل الجزء الرابع عشر
رواية صماء لا تعرف الغزل الحلقة الرابعة عشر
تجلس مرتدية نظارتها الشمسية مغمضة العينين تحاول الاسترخاء من حرب افكارها فتشعر ببعض قطرات المياه التي تقذف على وجهها وملابسها وتسبب لها الابتلال لتقول بغيظ:
– نصدق بإيه؟ أنت اللي يشوفك ما يقول عليك دكتور ابدًا، بطل رخامة وسيبني استجم شوية.
فتصدح ضحكته الرجولية يقول:
– الميه حلوة.. تعالي ومش هتندمي.
– قولتلك يا يامن لا ..مش بحب الميه وبخاف منها كمان.. سيبنالك الاستمتاع ياسيدي.
– تعالي وانا هعلمك وهتدعيلي طول عمرك.. ده البت كريستينا كانت هتموت وتخليني اعلمها وهي بتعرف تعوم اساسًا.
اطلق قهقهات عالية، فقالت غزل بإصرار:
– لا.. وبطل تبلني.. مش بحب هدومي تتبل.
فيخرج يامن من المسبح يتساقط المياه من جسده ويقوم بتجفيف جسده قائلا:
– مش ناوية تواجهيه بقى.. انا بعمل اللي طلبتيه مني بس انا شايف ان المواجهة اسلم حل ليكم.
غزل بضيق:
– بالله عليك ما تجيب سيرته خلي اليوم يعدي حلو.
– للدرجة دي بتكرهيه؟
– مش كره أنا مش بعرف اكره حد بس اخوك ده تركيبة غريبة ومش حابه اني اعرفها.
فتشاهده يميل عليها فجأة يحملها وسط صراخها يقول:
– بما انك عايزه يبقى اليوم حلو.. يبقى لازم تنزلي الميه.
فيقفز بها وسط صراخها.. لتسعل بشدة نتيجة دخول المياه لمجرى التنفس متشبثة به بخوف قائلة:
– منك لله يامن منك لله.. اتبليت.
ليضحك بقوة وهو محتضنها:
– اسمعي الكلام بس وحاربي خوفك.. دي المية روعة.
فتشبث به اكثر وتحوط ذراعيها حول عنقه بخوف قائلة:
– روعة! دا انا بغرق في شبر ميه وتقولي روعة.
ليقول بجدية:
– انا بس عاوزك تسيبيلي نفسك خالص.. وانا هعلمك.
ليسمعا صوت جهوري غاضب يقول:
– الله الله.. إيه القذارة اللي شايفها بعيني دي؟ طيب لموا نفسكم وشوفلكم حته مدارية عن الموجودين في الفيلا تمارسوا فيها وساختكم دي.. وانتِ ياهانم يا صاحبة الصون والعفاف ماتسبيلوا نفسك وهو يعلمك.. ولا انت متعلمة وجاهزة.. أنا هستنى ايه من واحدة جايلنا من الحواري.
كلمات من الرصاص شلتهما عن التفكير لترتعش ويزداد بكائها غير مستوعبة كلماته.. لقد اتهمها الان في شرفها ومع من مع أخيه ..لقد فاض الكيل.. فتسمع صوت يامن الجاد وهو يساعدها في الصعود من المسبح ولكنه لم يحررها من ذراعه الذي يحتويها:
– إيه الوساخة اللي انت بتقولها دي؟ أنت شارب على الصبح.. إزاي تقول كلام زي ده.. انت فاكر كل البشر أوساخ زيك.. فوق يا يوسف.
ليجيبه يوسف بغضب:
– عايزني أقول ايه وانا شايفكم حضنين بعض في المية وبتقولها سبيلي نفس؟
فتقترب منه في تلك اللحظة قائلا بكره:
– حسبي الله ونعم الوكيل.. فيك.. حسبي الله ..عمري ما هسامحك.
فتنصرف تحت أنظاره ليقول يامن بضيق:
– غبي.. هتفضل طول عمرك غبي.
………………….
يوم الحفل
تقف أمام مرآتها شاردة في صورتها الملائكية لقد اختار لها يامن فستانًا باللون الأحمر الداكن ذو أكمام وفتحة علوية تظهر عضمة الترقوة بعرض كتفيها ذو أكمام شفافة يضيق من الصدر إلى الخصر ثم ينزل باتساع حتى ركبتيها واختار لها قرطان ماسيان باللون الأحمر ولم ينس أن يكمل الصورة بحليتان بنفس اللون لشعرها على شكل فراشة حمراء فتقوم برفع جوانب شعرها لأعلى وتتركه متدليًا خلف ظهرها فيظهر بوضوح جوانب وجهها وأذنيها وعنقها الطويل مع حذاء احمر عالي.
ليدخل بطلته الساحرة يقول:
– بسم الله ما شاء الله.. أنت طالعة تحفة.. أنا شكلي كدة هيجي عرسان كتير من الحفلة دي.
فالتفت له بسعادة:
– البركة فيك.. لولاك ماكنتش هطلع حلوة كدة.
– مين قال كدة.. أنت تعجبي الباشا.
لتعود للنظر لنفسها مرة أخرى وتمسك بأحمر شفاهها الأحمر الصارخ وتصبح شفتاها به.. لتكتمل الصورة.
تقول بارتباك:
– انا خايفة انزل كدة.
فيقترب منها ويمسك كف يدها بهدوء:
– انا معاكي ماتخافيش.. اليوم ده يومك.. ومليان بالمفاجأت للموجودين تحت.. ها مستعدة؟
تحرك رأسها بنعم فيكمل بمشاكسة:
– ربنا يستر ويوسف ميولعش فينا لما يشوفك.
ثم أطلق قهقهات عالية.
………..
يقف ببذلته بجوار شادي يملئه الضيق يقول:
– في حاجة مش مظبوطة.. حاسس إن الحفلة دي وراها حاجة.
شادي مراقبًا المدعوين:
– ولا حاجة ولا بتاع أنت اللي بقيت شكاك زيادة.. قولي صحيح عرفت تتكلم معاها.
– لا.. ده اللي هيجنني.. انها مش قابلة تكلمني.
– يوسف واجه نفسك.. انت بتحب غزل.
– حب ايه وكلام فارغ ايه بس؟
شادي بلوم:
– هتقولي تاني دي واحدة خرسا وطارشة ومش من مقامك؟
ليحتد يوسف عليها صارخًا:
– شادي! ماتتكلميش عليها بالأسلوب ده.
– شوفت بقي؟ أهو أنت مش طايق حد يتكلم عليها كلمة، رغم أن انت اللي قائل الكلام ده مش أنا.
– اسكت، أسكت اهو يامن نزل.
………….
انزل درجات الدرج بتوتر وبجوارها يامن يشد من أزرها.. فتقع عيناها علي عيون صقرية متحفزة للعراك فتتجاهلها.. حتي تصل لوالدها وتقوم بتحية الموجودين من محمد وتقى لشادي وباقي الموجودين.
يقف من بعيد غير متفاعل مع الحفل يراقب سلوكها وحركاتها أيعقل أن يكون قد وقع في فخ حبها؟
ليرى عمه يحاول لفت انتباه المدعوين فينتبه الموجود لحديثه فيقول:
– اولًا أحب اشكركم على قبول دعوتي النهاردة.. الحفلة دي معمولة مخصوص على شرف بنتي حبيبتي اللي الكل عارف أنا بقالي قد ايه بدور عليها.. ده أول حاجة..
تاني حاجة أحب أعرفكم السبب الأساسي للحفلة دي.. هما سببين مش سبب واحد.
السبب الأول إن الحمد لله ربنا أكمل نعمته عليا ونجحت فإني أعالج بنتي غزل من بعض المشاكل اللي كانت عندها.. وقدرنا نعملها عملية زرع قوقعة ليها على أيد أمهر الأطباء وهو موجود معانا دلوقت هو ابني وابن اخويا الغالي يامن نجيب الشافعي.
يقف في زاوية بعيدة يقبض على كف يده.. هل يعقل ما يسمعه؟ لقد قامت بإجراء مثل هذه العملية بدون علمه.. وهو آخر من يعلم كالمدعوين.. لا هذا غير معقول.
فتقع عينه على أذنها اليسرى فيجدها خالية لأول مرة من جهاز السمع خاصتها.. ليتصلب جسده وتتجمد عروقه عند سماع كلمات عمه الأخيرة التي وقعت على أذنه كالصاعقة
ليسمعه يقول:
– أما المفاجأة التانية إن غزل أصبحت شريكة فعلية بالشركة بنسبة ٧٠٪ وليها حق إدارة الشركة كمدير فني للشركة.
صدمات شهقات وتهاني.. الجميع ملتف حولها بسعادة فتستقبل التهاني والمباركات برسمية لم تعتاد عليها.. وعينيها تبحثان عن شخص بعينه شخص تريد رؤية رد فعله بعد علمه بإجراء عملياتها الخاصة مع خبر الشركة الذي فاجأها هي شخصيًا قبل الجميع.
لابد أنه يبغضها الآن أكثر من ذي قبل.. لتقع عينيها عليه وتتبادل معه النظرات للحظة، نظرات بها تحدي وقوة جديدة تحمل الكثير من النقمة عليه.
ويقابلها نظراته الباردة الغير مفسرة الثابتة كأنه تمثال حجري لا يدرك مايدور حوله.. فتلمح شبه ابتسامة على فمه.. ابتسامة! هل يبتسم لها؟ أم يسخر منها لابد أنه يسخر الآن منها.. لتجد نفسها ترفع انفها بكبرياء وتحدي له وتشيح بوجهها عنه.
أما عنه فمشاعر متداخلة ومتضاربة لا يستطع تحديدها هل يفرح لشفائها؟ أم يحزن لامتلاكها جزء كبير بالشركة وتوليها ادارتها معه.. لم يشعر بالابتسامة التي شقت شفتاه عند هذه النقطة.. ايعقل انه سعيد لامتلاكها الشركة؟ انه لا يصدق حاله.
………….
سحبت نفسها بعيدا بعد إلقاء المفاجأت السعيدة على مسامعها.. تتعجب من حالها إنها سعيدة بالفعل لها.. ولم تبغضها مثلما كانت تفعل من قبل.. لتجد حالها يهرب من أنظار يوسف لها.. نعم من المؤكد أنه يحتقرها الآن وله كل الحق في ذلك؟ هي من رخصت حالها وخانت اقرب ما لها.
فتجد أرجلها توجهها إلى غرفة الطعام المفتوح لتجذب صحنًا وتقوم بوضع بعض من المقبلات بصحنها بشرود في حركة رتيبة.. وكادت أن تلتف للعودة مرة اخرى لتجد نفسها مصطدمه بشيء ما ليسقط على فستانها عصير من المانجو يغرقها بالكامل.. تشهق برعب ويزداد غضبها لتقول من بين أسنانها:
– مش تفتح ياغبي.. أنت اعمى ولا شكلك كدة؟
يقف يامن ذاهلًا حاملًا كوبه الفارغ ينظر له بذهول ليقول معتذرًا:
– طبعا لو حلفتلك بحياة ولادي اللي والله يا شيخه لسه ما خلفتهمش إني ماقصدتش مش هتصدقيني.
فيراها تضرب الأرض بقدمها بغضب تقول:
– بارد.
لتهب للانصراف الا ان يده أوقفتها يقول:
– استني بس متبقيش حنبلية كدة؟
فترفع حاجبها وتمرر نظرها بينه وبين يده:
– شيل ايدك.
يقول معتذرًا:
– صدقيني أنا اسف جدا والله على حصل ده.
– اصرفها منين بقى؟
– هي ايه؟
قالها يامن بغباء، لتجيبه تقى بغيظ:
– يعني بارد وغبي كمان أوف.
– بقولك ايه نحترم نفسنا كده عشان اليوم يعدي ..أنا اعتذرت ومستعد اصلح غلطتي واساعدك.
– هتساعدني ازاي يافيلسوف عصرك؟
– بتتريقي؟ ماشي ..عمومًا عندك حل من الاتنين ياما تخرجي بمنظرك ده؟ ياما تيجي معايا فوق تقلعي.
تقى بصدمة:
– نعم؟ أنت قليل الأدب.
ليصحح حديثه بسرعة:
– اقصد تقلعي الفستان وتلبسي غيره من عند البنات.. وصدقيني أنا عايز اساعد مش اكتر.
تقى بتفكير مع خوفها منه تقول:
– طيب ماشي.
يصعدا معًا الدرج فيزداد خوفها منه.. هي لا تعلم من هو حتى الآن.. فتراه يتجه الي حجرة بعينها يحاول فتحها فيجدها مغلقة من الداخل ويقول:
– شكل ملك جوه وقافلة علي نفسها كدة مش قدامنا غير غزل.
ويتجه الي غرفة غزل يفتحها ويدعوها للدخول قائلا:
– في حمام جوه الأوضة.. واعتقد مقاسها هيناسبك ممكن تغيري بحاجة من عندها.
فتشاهده يقوم بالإشارة الي المفتاح بالباب يقول:
– أقفلي الباب عليكي من جوه عشان تطمني اكتر.. وأنا هنتظرك بره.
لتهز رأسها بصمت ذاهلة منه ..فتسمعه يقول:
– أنا معرفتكيش بنفسي أنا يامن الشافعي اخو ملك ويوسف.
مياه مثلجة سقطت فوق رأسها ايعقل انها تقف أمام أخيه ..أخيه الذي يختلف عنه بكل الدرجات.
أما عنها فرفعت انفها بكبرياء تقول:
– وأنا تقى أخت محمد وغزل.
ثم تغلق الباب بوجه من يقف مصدوما من كلماتها.
…………..
وقفت أمام المسبح حافية القدمين بفستانها الجذاب ممسكة بحذائيها بيدها تاركة الحفل بمدعويه فهي لم تعتاد على مثل هذه التجمعات.
تشرد في أيامها كيف تبدلت من حال إلى حال.
تشعر بخطوات رجولية متجهه إليها باتزان وعطره القوي يسبقه فتنهد بملل.. إلى متى سيظل يلاحقها أَلم يمل من ذلك؟
يقول باتزان:
– مبروك!
لم تتفاجأ بوجوده ولم تنظر إليه وتجيبه بدون النظر إليه:
– على إيه؟ على العملية ولا على الشركة؟
– الاثنين.
تهرب منه وتحاول التحرك بالمرور من جواره قائلة:
– شكرًا.
يوقفها بكلماته:
– مش هتاخدي هديتك؟ فتتوقف تنظر إليه.
تراه يخرج يده من جيبه يرفعها أمام عينها ليتدلى سلسالها من بين أصابعه يقول:
– سلسلتك! لقيتها في أوضتي؟
تتسارع انفاسها وتمرر نظرها بينه وبين سلسلها وتصرخ غاضبه وهي تدفع من صدره:
– أنت مش بني آدم ..أكيد مش بني آدم ..انت شيطان.
فيقوم بثبيت يده فوق صدره متوسلًا إياها:
– ايه اللي حصل بينا ياغزل؟ ريحيني وقوليلي.. في حاجة حصلت بينا.. أنا مش قادر افتكر حاجة.
تحاول التخلص منه بدفعه عنه فيقوم بضمها لصدره أكثر لتهدئتها:
– أرجوكِ.. صرحيني.. أنا ضميري بيعذبني.. أنا اذيتك؟ ماتخافيش لو حاجة حصلت انا مستعد اصلح الغلط ده بس ريحيني!
فيشعر بعد كلماته الأخيرة سكون جسدها للحظة وترفع وجهها لتواجهه عينيه تقول بصوت ميت:
– وترضى على نفس تجوز واحدة معاقة؟ كانت خرسا وطرشا! هتوافق تتجوز واحدة تربية حواري.. مش من النوع اللي بتحبه.
ينظر لها بذهول من كلماتها كيف علمت؟ كيف علمت أنه قال هذه الكلمات عنها من قبل؟ وقبل أن ينطق قامت بدفعه عنها بقوة ليتراجع خطوتين وتشير إليه بسبابتها:
– اطمن يايوسف بيه.. مافيش حاجة حصلت.. بينا ربنا أنقذني منك عشان عارف إن أنا انضف من إن ايدك القذرة دي تلمسني.. ريّح ضميرك ونيمه أنت مش مضطر تصلح غلطك.
يحاول الاقتراب منها مبررًا ما سمعته من كلمات قاسية عنها:
– غزل ارجوكي تسمعيني اللي انتِ سمعتيه كله غلط في غلط.
تتراجع خطواتها محذرة إياه:
– ابعد عني ومتقربليش.. ابعد.
يحاول الاقتراب ببطء ليبرر لها وهي تصر على عدم الاستماع أو الاقتراب فيصرخ فجأة بها:
– حاااااسبي.
فيشاهدها تسقط أمام عينه الجاحظة في المياه وتشل أطرافه عن الحركة ويظل واقفاً ناظرا للمياه بأنفاس متسارعة منتظرا صعودها.. ليجد من يدفعه ويقفز خلفها صارخا بوجهه:
– مابتعرفش تعوووووم.
لحظة اثنان لم يجد نفسه قادرًا على الوقف ليهبط على ركبتيه بصدمة منتظرا خروجهما بأنفاس متسارعة وعيون جاحظة ويهمس باسمها لنفسه بخوف.. غزل ..غزل.
يشاهد ظهور أخيه من المياه ممسكًا اياها فينتفض لمساعدته لإخراجها وتسطيحها أرضا ولكنها ساكنة لاتتحرك فيناديها برجاء:
– غزل! غزل! هي مش بترد ليه.
لم يجيبه يامن ويراه يقوم بالضغط على صدرها عدة ضغطات متتالية محاولًا منه إخراج المياه من رئتيها بقوة وتقريب فمه لفمها للقيام بالتنفس الصناعي لها تحت صدمته.. فتشهق لتخرج كمية المياه من جوفها لتسعل بعدها بقوة.
ويشاهد اخاه يرفع رأسها محدثا إياها:
– غزل! أنت سمعاني .. غزل! انتِ كويسة ماتخافيش.
وعندما يلاحظ فتح أعينها يندفع ليمسك كفها محاولًا بث الدفء لها يقول برجاء:
– أنا مكنتش اقصد.
ويسرع لخلع سترته يحيطها بها لمساعدتها علي التدفئة.. فتدفن وجهها بصدر يامن غير قادرة علي الحديث.. فتمتد ذراع يوسف محاولًا حملها قائلا:
– ساعدني ..نطلعها أوضتها من الباب اللي ورا.
فترفض مساعدته لها متشبثة بصدر يامن:
– يامن ! طلعني فوق.
ليشاهد أخاه يحاول اسنادها تحت انظاره المصدومة حتى اختفيا من حيز رؤيته.
………
قبل الأحداث بنصف الساعة
داخل حجرة ملك تقف وسط الغرفة وهاتفها علي أذنها تقول:
– شفت ياجاسر اللي حصل عمي كتب نسبة كبيرة لغزل ..أنا خايفة من اللي جاي.
جاسر بعقلانية:
– انا مش فاهم أنت وأخوكي مهتمين بالموضوع اوي كده ..طبيعي ان عمك يحاول يعوض بنته اللي أتحرم منها سنين.
وكمان تعالي هنا.. أنت اللي يخوفك منا جنبك ولا انتِ شايفاني قليل في البلد.. أنا جاسر الصياد ياملك ولا نسيتي.
ملك بضيق:
– أنت مش هتحميني لو اترميت في الشارع.
– ملك!
كلمة واحده كانت كفيلة بإخراسها ليكمل بغضب منها:
– أنت شكلك نسيتي انك مراتي.. ولو حابب أجي أجيبك من شعرك واحطك في بيتي في أي وقت هعملها.. بس أنا صابر علي اخوكي.
لتسمع صوت فتح بابها الذي أغلقته بعد دخولها فتهمس له:
– جاسر اقفل هكلمك بعدين.
…………..
تحت إشاعة الشمس الدافئة ونسمات الصباح وقفت وسط حديقة المنزل الخضراء في راحة غريبة وسعادة تملكتها فتطاير خصلاتها حولها في لوحة فنية خلابة.. ليتبدل الجو فجأة إلى غيوم داكنة تغطي السماء الزرقاء مع بداية هطول قطرات الأمطار فتشعر بالبرودة مع ابتلالها فتضم نفسها بقوة تستمد الدفء من حالها في حين التفاتها تصطدم بجدار بشري صلب لتجده يوسف.. ينظر إليها نظرات مبهمة غير قادرة على تفسيرها ملامحه غريبة عليها يظهر عليها الشراسة عيونه مختلفة يلونها الاحمرار لتجده يجذبها من معصمها بابتسامة باردة خلفه اتجاه البيت. فتحاول تحرير يدها منه ومنعه من سحبها للداخل ولكن كانت مقاومتها بالنسبة له مقاومة نملة لفيل لتصرخ به ان يتركها.. حتى اقترب من البيت وبدأت ملامحه يزدادها سوادا كأن شيطان تلبسه لتطلق صرخة مدوية.
تنتفض بعدها فتح أعينها لتجد حالها بفراشها متعرقه يزداد الم جسدها وارتعاشه تشعر بابتلال ملابسها والبرد الشديدة فتتلحف بغطائها وتعود لأحلامها مرة اخري.
……….
في مكان آخر كان يجلس بشرفته يجافيه النوم يفكر بها يتذكر حديثها معه.. كيف أراحه اعترافها بانه لم يلمسها ولم يصيبها اذى منه.. ليهدأ قلبه الموجوع.. ويفكر في إجرائها لعملية أذنها وكيف كان يتمنى إن يكون بجوارها في مثل هذه الظروف.. ليسقط قلبه بين أقدامه عند سماعه لصراخها المدوي فينتفض من جلسته مهرولًا خارج حجرته قاصدًا حجرتها ليجدها مغلقة للباب من الداخل كعادتها.
ليعود مرة أخرى لحجرته مفكرًا ماذا يفعل ؟! لما صرخت هذه الصرخة؟ فتأتي فكرة برأسها.. ليهرول اتجاه شرفته ليقوم بقياس المسافة الفاصلة بينه وبين شرفتها لقد عزم على الدخول إليها من خلالها حتى يطمئن عليها.
ويعد نجاحه في القفز لشرفتها المجاورة له سعد انها لم تغلق باب الشرفة من الداخل.. ليدخل حجرتها بهدوء وخطوات متزنة حتى لا يصدر صوتًا فهو يريد الاطمئنان فقط ثم يعود مرة اخري لغرفته ليجدها داخل فراشها ملتفة بغطائها فيلقي عليها نظرة ويتجه للعودة مرة أخرى.. فيتوقف عن الحركة عندما سمعها تهمهم ببعض الكلمات الغير مفهوم ليعقد حاجبيه عائدًا مرة أخرى يحاول فهم ما تقوله.. ليجد اهتزاز جسدها وتعرق وجهها بشدة فيحاول مسح عرقها عن جبينها ليصعق عندما اكتشف ارتفاع درجة حرارتها بشدة.
يقف لا يعرف ما عليه فعله.. هل يطلب المساعدة من أخيه؟ لا لا سيسأله كيف دخل حجرتها، فيقترب منها محاولًا إيقاظها ليجدها تفتح عينيها وتغلقها مرة أخرى فيقول بصوت متلهف:
– غزل.. غزل انتِ صاحية.. حاسة بحاجة؟
فيقترب أكثر محاولًا إيقاظها حتى تستطع السيطرة على حرارتها ويقوم بهزها ولكنها لا تستجب له فدرجة حرارته زادت من قلقه عليها.. فيصر على إيقاظها ويقوم بإزاحة الغطاء عنها ليجد ابتلال ملابسها بشدة نتيجة التعرق فيزفر بقوة مع إشاحة وجهه عنها يحاول تمالك حاله من ملابسها المكونة من سروال قصير وقميص قطني مكشوف فيحاول تمالك أعصابه ويعزم علي شيء ما.
يقف يحيط بها بذراعيه يحاول إسنادها داخل حوض الاستحمام يقول:
– غزل.. حاولي تتحملي المياه شوية.
ليفتح المياه وتتساقط فوق جسدهما معًا فتنتفض نتيجة برودة المياه وتتشبث به هروبه من المياه ويضمها أكثر إلى صدره هامسًا ببعض الكلمات لتهدئتها ولكنها في عالم آخر، فعندما لاحظ إنخفاض حرارتها قام بحملها للعودة بها الي الغرفة فيسطحها على حافة الفراش ويقف مفكرًا كيف ستبدل ملابسها.. لم يفكر في هذه الخطوة؟ فيحك رأسه المبتل مفكرًا يجب عليها الاستيقاظ لتبديل ملابسها.. فيقترب منها ويقوم بإيقاظها لعلها تستجيب.. بعد محاولات باءت بالفشل.. قام بتغطيتها جيدا ثم جلب ملابسها النظيفة من خزانتها ليقوم هو بهذه المهمة من أسفل الغطاء محاولًا عدم كشف جسدها أو النظر إليه فمن المؤكد عند تستيقظ وتعرف انه قام بذلك.. ستكره اكثر وأكثر.
بعد الإنتهاء من هذه المهمة القاتلة بالنسبة إليه كان يحارب نفسه حتى لا ينظر إليها والمحافظة على عدم المساس بها.. ذهب إلى غرفته وقام بتبديل ملابسه المبتلة ورجع مرة أخرى إليها بكوب من أعشاب البرد الساخن.
جلس بجوارها ساندا ظهرها إلى صدره يحاول إفاقتها من نومها.. وبعد نجاحه هذه المرة همس لها في أذنها برقة جديدة غريبة عليه مشتما رائحتها باستمتاع:
– غزل! قومي عشان تشربي الأعشاب دي هتريحك.
لتعقد حاجبها بتعب غير قادرة علي المقاومة تقول بإرهاق:
– أنت ايه اللي جابك عندي؟ ودخلت ازاي؟
فيمد يده يحمل الكوب ويقربه من شفاها يحثها على تناوله بعد الانتهاء قالت:
– عايزة أنام، جسمي بيوجعني.
يوسف ملبيا رغبتها:
– هنيمك بس استني لحظة.. في حاجة لازم تتعمل الأول.
تراه يجلب منشفة جافة صغيرة ويجلس مرة أخرى خلفها ويقوم بتجفيف خصلاتها المبتلة قائلا:
– لازم شعرك ينشف الأول عشان ماتبرديش.
وتراه بعد انتهائه ساعدها على تسطحها فوق الفراش ليدثرها جيدًا بغطائها.
وتسمعه يقول بتوتر:
– نامي ياغزل.. أنا هفضل جنبك لحد ما تنامي.
كانت تحمل بصدرها الكثير من الأسئلة.. ولكنها غير قادرة علي المجادلة معه.. لتنعم بالنوم الآن وتجادله غدًا.
بعد لحظات لاحظ انغلاق عينيها وتعمقها في نومها.. ليبتسم على سذاجتها.. كيف تأمن على نفسها معه بعدما صدر منه افعال مشينة اتجاهها؟ هل حان الوقت ليصحح أخطائه.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية صماء لا تعرف الغزل)