رواية صماء لا تعرف الغزل الفصل الثاني والعشرون 22 بقلم وسام الأشقر
رواية صماء لا تعرف الغزل البارت الثاني والعشرون
رواية صماء لا تعرف الغزل الجزء الثاني والعشرون
رواية صماء لا تعرف الغزل الحلقة الثانية والعشرون
ترفع عينيها للمرآة المقابلة لها لتصدم من رؤية ملامحها التي اختفت تحت آثار الكدمات وجرح شفاها فتتساقط دموعها لتختلط بدماء وجهها حسرة على حالها.
فتنتفض عند سماع صوت طرقاته القوية يتوعد
عندما أنهى حديثه مع الموظف التفت يبحث عنها ليتفاجأ بعدم وجودها ويلاحظ إغلاق باب الحمام.. يطرق بتوعد عليه يقول بغضب:
– افتحي.. افتحي الباب، لازم أعرف مين؟ عامر؟ ولا حد تاني غيره.. افتحي الباب بقولك بدل ما اكسره، تقى كان عندها حق طلعتي وسـ** وأنا المغفل اللي خدعتيه.. يوسف الشافعي واحد فا** زيك تخدعه.. افتحي.
يخرج صوتها بتوسل:
– أقسملك ماعملت حاجة.. أنا مش فاهمة حاجة.. أرجوك يا يوسف.
– ماتحبيش إسمي على لسانك الو** ده
أنا اسمي ماتشيلوش واحدة زيك.
تشعر بتسارع ضربات قلبها وازدياد الدوار وانعدام الرؤية مع سماعها لسبابة وتوعده المستمر لها بالقتل تحاول الاستناد بيدها على حوض الوجه فتفلت يدها لتمسك الهواء ويختل توازنها لتصطدم جبهتها بحافته وتسقط أرضا غارقة في دمائها.
يسمع صوت ارتطام قوى كالانفجار من الداخل ليقترب مع انقباض قلبه:
– افتحي.. غزل.. افتحي بقولك.. افتحي مش هاجي جنبك.. مش هعملك حاجة.. متخلينيش أكسر الباب.
فيزداد انقباض قلبه أن تكون فعلت بنفسها شيء أو اقدمت على الانتحار.. وعند هذه النقطة بدأ بضرب الباب بكتفه عدة ضربات لينفتح ليجدها ساقطة أرضًا تحت رأسها بركة من الدماء.
ليسرع في حملها للخارج بخوف من منظرها ووجهها الذى غطى بالدماء.. يحاول إفاقتها بالضرب على وجهها ولكنه لم تأتيه اجابة منها.
يجري يبحث عن هاتفه ليتصل بأخيه ويقول برعب.
– يامن الحقني بسرعة، هات عربية اسعاف.. غزل بتموت.
يامن بإنتقاضة:
– في ايه، إيه اللي حصل؟ هببت ايه الله يخربيتك.
– مش وقته، غزل هتروح مني.
قالها يوسف بصراخ، فيستقيم يامن يحاول ارتداء ملابسه يقول:
– يوسف اسمعني كويس.. تروح بيها على (……..) دي أقرب مستشفى ليك.. عربية الإسعاف هتتأخر.. وأنا هتصل بالمستشفى أبلغهم بوصولك وأنا جاي حالًا.
………..
يدخل بها من باب الطوارئ محمولة بين ذراعيه مغرقة إياه بدمائها ليصرخ بهم:
– حد يلحقها.. هتروح مني.
ينتشلها أحد الأطباء من يده ويساعده احدي الممرضات في وضعها على الفراش المتحرك ليسمع صوت الطبيب يقول:
– جهزوا العمليات.. الحالة نزفت دم كتير.
وعند استعداده للانصراف وجد من يتشبث بذراعه يقول:
– هتبقى كويسة؟
– تقرب إيه للحالة؟
يوسف بدموع:
– جوزها.
………………
يجرى بين أروقة المستشفى يبحث عنه فتقع عينيه عليه يجلس على أحد المقاعد يضع رأسه بين يديه ليقول لاهثًا:
– إيه اللي حصل يايوسف.. غزل مالها.
يرفع عينه بإرهاق يقول:
– هي جوه في العمليات.. الدكتور بيقول نزفت دم كتير.
ليندهش يامن من حديثه:
– نزيف! هو أنا عملت ايه بالضبط فهمني.. اوعى تكون اتغابيت معاها و…و…
لم يستطع يامن توضيح كلامه اكثر من ذلك لقد أخذت أفكاره اتجاهًا اخر غير الحقيقة.
فيتفاجأ ببكاء يوسف وانهياره فيجلس بجواره يربت فوق ظهره ليسمعه يقول:
– طلعت خاينة يا يامن.. طلعت خاينة وأنا اللي صدقت براءتها وطلعت مغفل.
ليصدم من حديث أخيه الغير مفهوم:
– إيه اللي انت بتقوله ده.. أنت إزاي تتهمها بحاجة زي دي! انت اتجننت.
فيسمعه يقص عليه ما حدث بينهما بعيون جاحظة لينتفض صارخًا بوجهه:
– انت اتجننت إزاي واحد متعلم زيك يستعجل في الحكم بالشكل ده.. سيبت ايه للجهلة.. ده الجاهل ما يعملش كدة.. ازاي تشك فيها.
ليصرخ يوسف بانفعال:
– قولتلك مطلعتش بنت.. عايزني أتأكد ازاي أكتر من كده؟
ليقطع حديثهم خروج الطبيب منفعلًا بوجه غاضب فيقترب منه يامن بلهفة:
– طمني عليها.. هي كويسة؟
– أنت تقرب ايه للحالة اللي جوه؟
– انا الدكتور يامن اللي كلمك الدكتور حسام عشان تستقبلوا الحالة وأكون إبن عمها.
الطبيب بعملية:
– الحالة اللي جوه وصلت مضروبة ضرب مبرح ولازم يتعمل محضر بالكلام ده.. ده أولًا، ثانيًا الحالة لما دخلت اتبلغت ان جوزها اللي جايبها ولما كشفت عليها دكتورة النسا لقيناها عذراء تبقى متجوزة ازاي؟
ليصدح صوت يوسف بصدمة لا يعلم سببها هل سعادة لبراءتها أم حزن على ماصدر منه:
– أنت بتقول إيه؟ نت متأكد من اللي بتقوله ده.
ينظر له الطبيب بارتياب بسبب الدماء التي تلطخ ملابسه:
– مين حضرتك؟
يامن محاولًا تهدئة الوضع:
– ده.. يبقى جوزها.
فيمرر الطبيب نظره بينهما بضيق حيث فهم الأمر ويقول:
– انت اللي عملت فيها كده عمومًا!
يادكتور يامن احنا هنكتب تقرير بالحالة عشان حق المريضة ما يروحش.
ثم يوجه حديثه ليوسف المصدوم بقرف يقول:
– وأنت! دكتورة النسا اللي كشفت عليها تبقى تروحلها.. أكيد فاهم ليه.. طبعًا ….عن اذنكم.
يتركهما وهو يسب ويلعن في امثاله من الجاهلين.
ليلتفت له يامن بغضب:
– سمعت يا بيه بودانك.. طبعًا لو أنا اللي كنت قولتلك كنت كدبتني وصدقت نفسك وشكوك بس.. أنت عمرك ماهتتغير هتفضل تأذي اللي حوليلك زي الدبة اللي بتقتل صاحبها.. يوسف! ده اخر كلام عندي انت وغزل ماتنفعوش لبعض سيبها لحالها.. لانك بقربك ليها هتدمرها.
يوسف بشعور مختلط لا يعلم أيسعد لبراءتها ام يحزن لظلمه لها.. لقد كاد أن يقتلها بتهوره.. ليقول يوسف:
– مش مهم اللي انت قولته ده.. أنا كل اللي يهمني انها طلعت بريئة مش خاينة.. مش خاينة يا يامن.
– انت فاكره انك بعد اللي صدر منك هي هتقبل تبص في وشك حتى؟
ليمسك يوسف أخيه من مقدمة قميصة يقول بين أسنانه
– يا أخي ارحمني، هو أنا مش اخوك.. حس بيا والمصيبة اللي أنا فيها.. سبني افكر هحلها ازاي؟
فيشعرا بفتح باب العمليات ليشاهدا خروجها على الفراش المتنقل ليجري كلاهما عليها.. يقول يوسف بتوسل:
– غزل.. غزل.. حبيبتي ردي عليا ياقلب يوسف.. هي مابتردش ليه؟
لتقول الممرضة:
– هي تحت تأثير المخدر.. شوية وهتفوق احنا هننقلها غرفتها وشوية الدكتور هيجي يطمن عليها.
ليتحرك الفراش بها ويختفي تحت أنظاره النادمة خلف غرفتها.
………..
يسير بأروقة الشركة بضيق حاملًا بعض الملفات.. لقد أصبح حمل العمل على عاتقه بعد انشغال يوسف مدة طويلة لتجهيز الزفاف ومدة شهر العسل كفيلة ان تفقده أعصابه فيما بعد.. ليرفع نظره ليراها من بعيد تودع محمد وتهم بالانصراف فيجد نفسه يهرول للحاق بها قبل دخولها المصعد ولكنه فشل في اللحاق بها.. ليقف منفصلا عن العالم للحظات ينظر للفراغ بعيون مفتوحة لإيجاد إجابة للسؤال الذي دار بعقله ..لما كان ملهوفا لإيقافها والحديث معها؟ ليحك رأسه بغباء ويعود متجهًا لمكتب محمد.
…………….
– السلام عليكم، ممكن ادخل؟
قالها شادي بعد ان دخل وجلس أمام المذهول من تصرفه.. ليبتسم محمد:
– هو أنت بتستأذن بعد مابتقعد؟ عموما ياسيدي اتفضل.
شادي بحرج:
– معلش يامحمد.. مش مركز شوية.. انت اخبارك ايه ؟ هتجوز انت وسوزان امتى؟
محمد بضيق:
– والله ياشادي مش عارف في حبة حاجات لسه معطلانا.
– ربنا يكملكم على خير.. قولي أنا لمحت حد كان عندك من شوية!
محمد وهو مشغول بالحاسوب:
– آه اه دي سمية.. انت شفتها في خطوبة تقى كانت غزل سايبة معايا راتبها وجت تاخذه.. عشان هي اجازة اليومين دول بسبب الاختبارات.
– هي شغالة عندكم بقالها كتير؟
محمد بتعجب من حديثه:
– سمية! مين قال ان سمية شغالة عندنا.. صديقة العيلة.. مش شغالة عندنا.
شادي:
– مش فاهم.. الحقيقة ترابطكم معاها في شيء غريب أنا مش فاهمه.
محمد بانتباه:
– سمية دي واحدة من الأسرة.. والدها الحاج رضا كان صديق والدي الله يرحمه من زمان وسمية كانت بتيجي واحنا صغيرين تلعب معانا.
ليلاحظ إهتمام شادي بالحديث وتعجبه من كلامه ليكمل ويقول:
– شوف قصة سمية قصة طويلة وقصة مأساوية.. حابب تسمعها.
ليهز شادي رأسه باهتمام، فيقول محمد وهو يلاعب قلمه:
– الحاج رضا صديق والدي تاجر مصنع خشب كبير وكان شريكه اخوه.. كان ميسور الحال جدًا.. لحد ما فيوم اكتشف تلاعب من اخوه واتخانق معاه بعدها اخوه زور أوراق بان رضا باع له نصيبه.. سمية ماسكتتش هددت انها تطعن بالتزوير.. جه عمها ساومها وقال تأخذ نصيبها لو اتجوزت ابنه شريف.
شادي باهتمام:
– ووافقت؟
– لا طبعًا.. وده اللي سبب اللي حصل بعد كده.. فيوم عم رضا وسمية ومراته كانوا راجعين من فرح طلع عربية نقل قدامهم خلت العربية اتقلبت اكتر من مرة .. ومفيش حد خرج سليم منها وللأسف توفت الحاجة وسمية هي اكتر حد اتأذى في الحادث.. فضلت تقريبا مدة بين العمليات وتركيب مسامير وشرائح في أيدها ورجلها والعلاج الطبيعي مدة كبيرة بتعاني لدرجة ان عم رضا باع كل حاجة عشان علاجها إلا شقتهم اللي هي باسم سمية رفض يبيعها.
يظهر التأثر على شادي الان وضح الأمر أمامه ليقول:
– يعنى تقصد تقول إن الحادث مدبر!
– طبعًا.
ليجلي شادي صوته يقول:
– أنا فعلا استغربت من مستوي عيشتها ومعاملتكم انها واحده منكم.
محمد:
– فعلا واحدة مننا.
شادي:
– شكرًا يامحمد.. انت كده قطعت عليا نص الطريق.
…………..
امام العناية المركز يقف بملابسه الممتلئة بدمائها مستندًا على زجاج الغرفة برأسه شارد في ملامحها التي اختفت تحت اثر الكدمات يصل بجسدها الكثير من الأسلاك.. فيجد من يربت علي كتفه ويقول:
– كفايه يا يوسف وقفتك كده ملهاش لازمه.. روح غير هدومك.. وكمان احنا لازم نبلغ عمي لان شكل موضوعها هيطول.
يوسف باندفاع:
– لا.. ماتقولش لعمي، ممكن يجراله حاجه.. أنا هتصل بيه أقوله اننا سافرنا، آه سافرنا في أي حته وكده كده هو كان مسافر عشان اللي انت عارفه.. ماشي يامن اتفقنا مش هنقوله لحد ما تقوم غزل بالسلامه.. يامن بحيره:
– مش عارف اقولك ايه بس.. هقوله انك سافرت بس بشرط تروح تغير هدومك دي يلا روح.
يوسف:
– حاضر حاضر هسمع الكلام.
فينصرف يوسف بسرعه ويترك يامن خلفه شاردًا
……….
يقف منتظرًا أمام باب الجامعة على رؤيتها لا يعلم عدد المرات التي وقف فيها منتظرًا ليراها تشرق من باب الجامعة تسير بخجل بملابسها الفضفاضة وحجابها يزين رأسها اخر ما كان يتوقع ان يقع في حب فتاه محجبة.. يقطع تفكيره اقتراب شاب عشريني منها في بادئ الامر اعتقد انه شخص سمج يعاكسها الا ان وقفتها له وتحدثها معه جعلته ييقن انها تعرفه.. ليقبض على مقود السياره بشده منتظرا انتهاء هذا المشهد.. فيجدها تلوح بيديها امام وجهه ويظهر على وجهها علامات الغضب ما الذي اغضبها من ذلك السمج.. ليتحول الأمر فجاءه لصدمه صدمه ما شاهد وصدمتها في ان واحد عندما تطاول هذا السمج عليها ولطمها لطمه قويه، كفيله ان تشعله ليمد يده يأخذ شيئا من سيارته ويتجه مندفعا بغضبه لهذا الوقح.. ليرفع مسدسه امام هذا السمج ويقول بصوت غاضب:
– هي امك معلمتكش إن الستات ما بتضربش؟
لتقف مذهولة من ظهور شادي المفاجئ مدافعًا عنها ليحدثها قائلًا:
– أركبي العربية.
لتهتز حدقتها باضطراب.. فيقول شريف:
– انت مين انت؟ وإيه اللي دخلك بنا؟
شادي:
– أنت اللي زيك يخرس خالص عشان ما تروحش لامك علي حتتين.
.سميه بخوف:
– لو سمحت نزل المسدس ده انا مش عايزه فضايح.
شادي:
– الحيوان ده عايز منك إيه؟
شريف بشياعه مصطنعة:
– أنا ابن عمها وخطبها انت بقي بتدخل بصفتك إيه؟
لتصرخ سمية:
– كداب.. اه ابن عمي بس مش خطيبي.. هو الجواز بالعافية يا اخي.
شادي ببرود:
– امشي يلا من هنا بدل ما اعلمك الأدب.
فيفضل شريف الانسحاب مؤقتا ليوجه حديثه لها:
– أنا ماشي.. بس هتشوفيني كتير ياسمية.. سلام.
ليقود سيارته بسرعة مخلفًا خلفه سحابه من الأتربة.
شادي:
– أركبي.
سميه ببعض الشجاعة:
– لا شكرًا أنا…
يقطع حديثها بهسيسه الغاضب:
– أنا مش هكرر كلامي.. أركبي.. بدل ما والله اشيلك وتبقي فضيحه بجد..
لا تعلم لما لبت رغبته هل ضعف أم خوف أم شيء تجهله.
شادي:
– هو السخيف ده ابن عمك بجد؟!
سميه:
– ايوه طبعا يعني هكون كدبت.
شادي:
– لا ابدًا بس بيقول انه خطيبك.
وازاي تسمحيله يمد إيده عليكي انا كنت شويه وهضربه.
سميه:
– لا مش خطيبي.. ممكن توقف العربية لو سمحت هنا.
شادي:
– ليه رايحه فين؟
سميهة:
– لو سمحت وقف العربية.. وشكرا لخدمات حضرتك.
شادي بتحدي:
– لا.
.سمية بخوف:
– يعني إيه لا! لو سمحت انا عايزه انزل.
ليوقف السيارة فتحاول فتح الباب لتجده مغلق وترتعب.
سمية:
– الباب لو سمحت.
ليواجهها بجسده يقول:
– ممكن نتكلم شويه؟ انتي قلقانه ليه انا بقالي مدة بدور عليكي ومش لاقيكي حتي فرح غزل كنت مستنيكي!
سميه بتوتر:
– وليه كل ده؟!
كان يحاول اختلاق أي شيء لتبقى أكثر وقت معه لتشرد عينيه على حجاب رأسها وعيونها البنيه فهي جمالها بسيط أو اقل من البسيط ولكن بها شيء مختلف لا يعلمه.
سميه:
– استاذ شادي.. انا بكلم حضرتك.
شادي بانتباه:
– آه ..كنت بقول إن كنت بدور عليكي عشان في حاجه نستيها معايا.
ليدخل يده في جيب سترته ويخرج منها هاتفها المتنقل الصغير ذو الأزرار.. ويمد يده به لها.
سميه باندهاش:
– تليفوني! حضرتك لقيته فين؟ شادي بابتسامه:
– شكلك نسيتي إني وصلتك قبل كده والحقيقة انتِ نستيه معايا يوميها.
سميه:
– شكرًا لحضرتك.. عن إذنك.
ليتهور ويمسك ذراعها فتمرر نظرها بين يديه ووجه بصدمة.
شادي: استني أنتِ مستعجله ليه؟
سميه:
– شيل ايدك لو سمحت.. ليرفع يده بصدمة ويقول:
– انا اسف أنا فعلاً اسف ما أقصدش.
قوليلي بس عايزه تروحي فين وانا أوصلك.. وماتقوليش لا عشان مش هسيبك تنزلي.
سمية بغضب:
– بالعافية يعني؟
شادي بخبث:
– بالرضا.. كله بالرضا.
……….
يجلس بجوار سريرها بالمستشفى يراقب ملامحها التي اختفت خلف كدماتها أكثر من أربع ساعات وهو على نفس الوضعية منتظرًا إفاقتها حتي يقدم لها إعتذاراته لعلها تغفر له خطأه.. اثناء انتظاره كانت تهتز حدقتها بشده كأنها تصارع شيء خفي وتصدر منها انين منخفض ليتسأل هل تتألم؟!
حاول أخيه كثيرًا ان يثنيه عن قراره بالانتظار جوارها خوفًا من رد فعلتها عند رؤيته بعد الإفاقة ليتركه ويعود إلى الفيلا لتبديل ملابسه والاطمئنان على ملك وعمه.
اثناء شروده بوجهها لاحظ سقوط خصلات شعرها على أعينها فتحجب عنه رؤيتها.
ليقترب منها بهدوء ويجلس بحوارها على السرير حتي يزيح الخصلة المتمردة من فوق أعينها ويمد يده ويقوم بمسك يدها المتصلة بالمحلول فيشعر بعد لحظات بغلق أصابعها علي كفه كأنها تستمد منه القوي والأمان.. ليهمس لها:
– غزل! غزل! أنا جنبك ومش هسيبك.. أنتِ سامعاني؟
فوقي وملكيني.. ماتسبينيش أتعذب كده ارجوكي.. قومي أتخانقي معايا.. إشتميني.. بس سامحيني.
ليقترب إليها ببطء ويطبع قبله طويله فوق جبينها ويبتعد عنها لتلاقي عينيه البنيه بعينيها الرمادية، فتهتز حدقتيه بتوتر ويقول بصوت متألم:
– أنتِ صحيتي؟ فيرفع يدها ويقبلها اكثر من قبله ويكمل:
– انتِ كويسة؟ حاسة بحاجه!؟ فيطول صمتها ليقول:
– طمنيني عليك أنتِ مش عايزه تكلميني عليكي؟
ليلاحظ أثناء حديثه صمتها المخيف مع ثبات حدقتها بدون حركة ووجهها الجليدي الذي يفقد أي انفعال.
ليقول بتوتر:
– غزل ردي عليا.. أنا عارف إن اللي عملته فيكي شي صعب.. بس اعذريني انا كنت هتجنن ومش مستوعب ازاي تكوني… تكوني… غزل ردي عليا طيب قومي زعقي واشتميني ..بس ما تبصيش كده.
ليشاهد تحرك حنجرتها بسبب ابتلاعها لريقها بصعوبه فيخرج صوتها بصعوبة:
– عطشانة.. عايزه مايه.
ليقفز يوسف من جوارها ويجلب لها كوب المياه ويحاول إسنادها بذراعه ويقرب المياه من شفتيها ويسندها مره اخري علي السرير بعد الانتهاء فتغمض عينيها وتقول بصوت يكاد ان يسمع بصوتها المتألم:
– انا عايزه انام!
ليربت على راسه ويقول:
– نامي ياحبيبتي.. نامي وأنا جنبك.
ظل يراقبها وهي هلي فراشها يلاحظ اوقات تعبس وتتشجن فيقترب منها مسرعًا ليهدئ ارتعاشها بضمها لصدره وأوقات يجدها تبتسم كأنها ترى شيئا يسعدها فيبتسم بدوره لابتسامتها.. ليسأل نفسه هل بالفعل أحبها كل هذا الحب؟ أم أنه موهوم بحبها؟ وهل كانت ثورته عليها بسبب غيرته ام لأنه شعر بجرح رجولته وعلى كل زوج شرقي أن يصدر منه نفس متصدر؟ أم لأنه شعر أنه تعرض للخداع للمرة الثانية وهو من اقسم ألا يسمح لمن تخدعه مرة اخرى؟ فيقفز أمام عينه صوره تقى في بدأيه معرفته بها وهي تعد له مساوئ غزل التي لا تحصى، يشعر انه إذا رآها سيقتلها على ما قالته والذي رسخ لديه فكرة لا يستطع محوها مهما حدث.. يدخل يامن بهدوء ويقترب منه يقول:
– ماصحيتش لسه؟
ليغمض يوسف عينيه بإرهاق ويرجع راسه للخلف ويقول:
– صحيت تلت مرات كل مرة تطلب ميه وتنام تاني.
ليربت يامن على كتفه ويقول:
– معلش يا يوسف أكيد اللي حصل مش سهل ولازم نتوقع اسود فعل منها، انا كنت خايف لما تفوق وتشوفك تنهار ومانقدرش عليها.. ليوجه يوسف نظره لأخيه ويجيبه:
– أهو انا دلوقتي قلقان اكتر من الأول.. ثباتها وعدم انفعالها عليا ده مش مطمني.. مش قادر افكر وأقدر استنتج هي ناويه على إيه؟ يومئ يامن راسه بتفهم ويقول:
– متقلقش أنا مش هسيبها بس ياريت الفترة دي تبعد عنها لحد ما نشوف الأمور هتوصل لأيه.
يوسف:
– لا طبعًا مش هسيبها، حتى لو هي طلبت ده.. اول ما تفوق انا هاخدها معايا انا عندي شاليه في الساحل هاخدها تقضي يومين هناك.
يامن:
– في الساحل؟ آه يانمس.. أنت مقضيها بقى..
يوسف بحده:
– يامن بالله عليك مش فايقلك محدش يعرف موضوع الشاليه غيرك يعني تقفل البلاعة.
يامن:
– وأنت فاكر إنها هترضى تيجي معاك؟
يوسف بخبث:
– هتيجي ان شاء. الله هتيجي.
…………….
ينظر إلى الأوراق أمامه لايفقه منها شيء كأن الكلمات والسطور محيت من الأوراق وتركت الصفحات بيضاء يجلس علي هذا الوضع من اربع ساعات لايستطع التركيز.
فالمشهد المخجل يتكرر أمام عينه مرات ومرات ومع انه يستحق ما حدث له إلا انه سعيد بهذه الصفعه التي هزت كيانه رغم قوه الصفعة التي صدرت من كيان أنثوي هش لتجعله يبتسم بشرود كلما تذكر هل وصل به الحال أن يحب الإهانة؟
أم هذه الصفعة لها رأي اخر كأنها تداعبه.. لا يعلم كيف أتته الجرأة على محاوله تقبيلها بسيارته وسط الطريق العام بعد أن رفض نزولها من سيارته وأصر عليها توصيلها للخالة صفا إلا أنه لم يشعر لنفسه إلا وهو ينظر لعينيها الساحرتين ليراقب بعدها شفتيها المتفجرتين ليفقد السيطرة على نفسه ويهجم عليها لتقبيلها بدون وعي كأنه يلبي ندائهما ولم يشعر بمقاومتها له العنيفة في محاوله منها أن تبعده لتضربه ضربه قويه بصدره وتليها صفعه قوية من يدها الصغيرة ليثبت بعدها مذهولًا احظ العينين من تصرفه المخجل.
ليفيق مرة أخرى على صرخها في وجهه بأن ينزلها من سيارته فلم يشعر بنفسه إلا وهو يحرر قفل الباب الموصد دون أن ينبث بكلمة لتفر من جواره هاربة، ليجذب هاتفه المحمول ويقوم بالبحث عن اسمها من القائمة ويضغط علي زر الاتصال.
لينتظر شادي إجابتها يريد أن يستمع لصوتها ويطمئن على حالها.
سمية:
– السلام عليكم.
سادي: ………
سميه:
– الو.. مين معايا؟
شادي يبتلع ريقه بصعوبة ويجيب:
– سميه.. أنا اسف.
لتجحظ عينيها وتتسارع أنفاسها وتسرع في غلق هاتفها لترفع أعينها بمرآة بمدخل شقه الحاجة صفا لتجد احمرار شديد بأعينها نتيجة البكاء المستمر بسبب ما حدث.
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية صماء لا تعرف الغزل)