رواية صعود امرأة الفصل الخامس 5 بقلم آية طه
رواية صعود امرأة الجزء الخامس
رواية صعود امرأة البارت الخامس
رواية صعود امرأة الحلقة الخامسة
اندهشت نجاة من منظر أمها لما لاقتها غرقانة في دمها من كتر النزيف اللي جالها ومغيبة عن الوعي. صرخت نجاة بأعلى صوتها:
**نجاة**: “يا أمااااه! فواقي يا أماه! فيقي وقولي حاجة! يا ستي، الحقيني يا ستي! يا كمال، إلحق أمنا يا كمال!”
دخلت الست خيرية وكمال جاريين، ولاقوا نجاة بتحاول تفوق أمها، وسميحة مرمية ع السرير اللي كله بقى لونه أحمر من الدم. الست خيرية قربت من نجاة بكل جحود، ورفعت راسها وراحت نازلة عليها بكف على وشها، ونجاة وكمال مدهوشين من اللي عملته.
**خيرية**: “إنتي مفيش فايدة فيكي، هه؟ مش قلتلك ميت مرة تقولي له أبيه كمال؟ وصوتك ميتعلاش في الدار، إنتي ليه عقلك مظلم كده؟”
**نجاة**: “حقك عليَّ يا ستي، والله ما هعمل كده تاني واصل. بس أمي بتموت، لازم نوديها المستشفى، حرام دي بتموت بين إيدينا.”
**خيرية** بكل برودة: “ياريتها تموت وتريحنا من همها، كل يوم عياط على نفس الحكاية. جابتلنا الفقر والنحس، ولولا كمال ولدي كنت رميتها في الشارع. دي تحمد ربنا إنها لسه قاعدة هنا بفضل إبراهيم ولدي. ولدي ده قلبه طيب، صعبان عليه حالها. لكن أنا؟ أنا مليش فيها واصل. وإنتي يا بت، تعيطي ليه؟ كتر خيرها لو أخدت دواها، هتبقى زي القرد زي كل مرة.”
**نجاة** ودموعها نازلة بحرقة: “حرام عليكي يا ستي! أمي بقالها 16 سنة بتنزف، ومحدش راضي يوديها المستشفى، وهي مش راضية تسيب ولادها وتمشي. أنا مستعدة أعمل أي حاجة، بس وديها المستشفى. الدوا مبقاش ينفع معاها خلاص… علشان خاطر أبيه كمال، كملي جميلك معانا.”
**خيرية**: “علشان بس إنتي نزلتي تعيطي وتحبي على رجلي، هبعت أجيبلك دكتورة الصحة تشوفها.”
**نجاة**: “دكتورة الصحة إيه يا ستي؟ دي ما بتفهمش حاجة واصل، وهي اللي قالت لازم نوديها المستشفى. لازم تدخل مستشفى يا ستي، مش هي اللي تقدر عليها.”
**خيرية**: “خلاص، مفيش لا مستشفى ولا دكتورة الصحة. خليها تموت ونرتاح منها.”
راحت نجاة لكمال وهي محطمة:
**نجاة**: “أبيه كمال، أمي بتموت! لو إنت طلبت تروح المستشفى، ستي مش هترفض، الله يخليك اعمل حاجة لأمنا.”
خيرية تدخلت في الكلام وراحت تحتضن كمال:
**خيرية**: “عملت إيه يا حسرة؟ جابتك ومرضت، وإحنا اللي شلنا التربية والتعب كله. وإبراهيم ولدي ده اتحمل المرار كله، وما اتجوزش علشان ولده ما يقولش جابله مرات أب. إحنا اللي استحملنا، مش هي.”
**نجاة**: “بأمانة يا ستي… مين اللي كان بينضف البيت؟ مين اللي كان يذاكر لأبيه كمال ويصحى من النوم كل يوم يفطره؟ أمي اللي عملت كل ده، ما كنتش بتعمل حاجة واصل؟!”
**خيرية** تضربها كف: “قليلة الأدب! لسانك الطويل ده لازم أبوكي يشوف له حل. ربطك في زريبة البهيمة طول الليل، هو ده اللي ينفع معاكي.”
مسكت نجاة وشها بعد الكف، وبصت لجدتها وهي متأكدة إن قلبها حجر مش هيلين أبدًا. راحت تبص لأخيها كمال بعشم إنه يساعدها.
**كمال**: “يا ستي، خلينا نبقى الأحسن المرة دي، ونجيب دكتورة الصحة تعمل اللي تقدر عليه.”
**خيرية** وهي تربت عليه: “قلبك زي أبوك، طيب وحنين… خلاص، اللي تقول عليه يمشي.”
ونادت الست خيرية على الطفلة اللي بتشتغل عندهم، وطلبت منها تروح تجيب دكتورة الصحة.
**خيرية**: “يلا قومي غيري الملاية وجهزي أمك عقبال ما الدكتورة تيجي، وانزلي اعملي الغدا. مفيش دلع مالوش لازمة.”
بعد ما خرجت الست خيرية، مسكت نجاة في إيد كمال بعصبية:
***نجاة**: “ده اللي قادرك عليه ربنا؟ مكنتش عارف تقولها نروح المستشفى، وانت عارف إنها مكنتش هتقولك لا! إنت ليه بتعمل كده؟ دي مش أمك؟ ولا تكون مصدق الكلام اللي بتقول عليه ستك إن هي اللي رمتك ليهم يربوك؟ هما اللي مكنوش يخلوها تشيلك إلا لما ترضعك وبس علشان يقدروا يملوا دماغك زي ما هما عايزين، وعلشان عارفين إن أمنا مش هتسكت على الظلم ده وهتحاول تنورك. إياك يا أخوي، إياك تكون مصدقهم! إياك تقول إن تضحيات أمي وتعبها كله راح على الفاضي! دول عرفوا يخلوك قاسي بردك وأناني زيهم…”
كمال ينفض يده من يدها وينظر لها باستعلاء:
**كمال**: “بدل ما تشكريني إني جبت دكتورة الصحة، مش أحسن من رميتها كده؟ نص العمى ولا العمى كله يا بت أبويا. احمدي ربنا! وبعدين تضحيات إيه وتحدي إيه اللي بتقوليه عليهم؟ محدش تعب معايا غير ستي وبويا وجدي، وكلامهم تاج على راسي. أمك دي من ساعة ما جابتنا وهي كده راقدة مبتعملش حاجة واصل. 16 سنة شايلين تعبها وهي مش فارقة معاها ولدها ولا أي حاجة طالما في غيرها يشيل ويربي. بس في الآخر تفضل أمي، وأنا بعاملها بما يرضي ربنا، علشان خاطر ربنا بس. فبطلي رط كتير واحمدي ربنا واتشكريني أنا وستك علشان جبنا لها الدكتورة. والكلام ده مش هقوله لأبوكي وهخلي ستي اللي مش عاجباكي ديه تسكت ومش تقوله حاجة، وإلا إنتي عارفة زين هيعمل فيكي إيه. بس متتعوديش على كده، المرة دي علشان اتخضيتي على أمك، مفهوم؟”
**نجاة** وعيونها مليانة بالحزن والأسى: “مفهوم يا أبيه كمال… مفهوم.”
وتبص لأمها وهي بتجهزها للدكتورة وتبكي وتقول: “كله راح على الأرض يا أماه، كله… ياريتك كنتي التفتي لحالك ومشيتي. ضيعتي عمرك وشبابك وصحتك علشان خاطر مين؟ ولدك… ولدك بيقول إنك مش عملتي له حاجة واصل ولا ضحيتي علشانه. بس تعرفي يا أماه، إنتي اللي غلطانة، ازاي يعني جا بدماغك إنك لوحدك هتعرفي تغيري فيهم؟ ده حتى ولدك بقى زيهم، ومعرفتيش تربيني ولا تفهميه! ده بيقول لي: ‘أمك’ كأنك إنتي أمي لحالي، مش أمه هو كمان. ليه يا أماه؟ عملتي كده استفدتي إيه؟”
وتبكي بشدة على حالها وعلى حال أمها وما وصلوا إليه، مقهورة على صحتها اللي ضحت بيها وما لقتش ليها مقابل. كانت تضحياتها هباءً، وهي خايفة من نتيجة إهمالها لصحتها إنها تسيبها لوحدها في وسط العقارب والثعابين. نعم، ما لقتش منهم حاجة تخليها تقول عليهم أهل ولا أقارب. وفي وسط ده كله، يصدر صوت في الغرفة يقول: “مفيش حاجة راحت هدر، بس…”
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية صعود امرأة)