رواية صعود امرأة الفصل الثالث عشر 13 بقلم آية طه
رواية صعود امرأة الجزء الثالث عشر
رواية صعود امرأة البارت الثالث عشر
رواية صعود امرأة الحلقة الثالثة عشر
فيصل بصوت هادي: نجاة .. خليكي، هنادي على فاطمه تعمللي شاي وخليني أشوف بتذاكروا إيه ووصلتوا لغاية فين…
نجاة بتوتر: لا لا أصل أنا رايحة الدرس، مي كلّمتني ومستنياني ولازم أمشي دلوقتي…
وتطلع من الأوضة بسرعة وخجلها كان ظاهر عليها، وفيصل واقف يهرش في آخر شعره ويبتسم على كلمة “وعد”…
وعد: إيه يا أبيه فيصل، مش هتقعد تذاكر معايا وتشوف مذاكرتي ولا خلاص عندك شغل ضروري دلوقتي؟
وتحاول تخفي ابتسامتها على مظهره وهو واقف متوتر ومش عارف يعمل إيه…
فيصل: لا مفيش شغل ولا حاجة، أنا كنت جاي أطمن على مذاكرتكم، تعالي وريني عملتي إيه في المذاكرة…
يمسك بالكتب ويقلب صفحاتها وهو مش مركز خالص وباله مشغول، ووعد تحاول تداري ضحكتها بصعوبة…
وعد: إنت كويس يا أبيه؟ شكلك مش مركز، في حاجة شغلاك أو بتفكر في حاجة، أساعدك فيها؟ ولا بتفكر في حد يعني؟
فيصل: ها؟ لا، أبداً، بس القضية اللي معايا شغلاني وعمك إبراهيم كمان وتهديداته مقلقة لي…
إنتِ تعرفي مين مي دي اللي بتاخد عندها نجا الدرس؟
وعد: أيوة أعرفها، بس ليه؟ يعني بتسأل عليها ليه، هي على طول في بالك كدا؟
فيصل: تقصدي مين يا بت؟ وطالما تعرفيها ليه مش بتاخدي درس معاها؟
وعد تحاول تكتم ضحكتها: بقصد القضية يا أبيه، أولا مي دي صاحبة نجاة مش صاحبتي، والمستر اللي بيديهم، أنا مش بفهم منه ولا بحبه، علشان كدا مش باخد معاها الدرس ديه…
فيصل: أمال ليه نجاة بتاخد معاه وهي بتفهم منه وإنتِ لا؟ ولا يكوني بتدلعي ولا بتذكري ولا حاجة…
وعد: والله أبداً يا فيصل، نجاة اسم الله عليها مش بتحتاج شرح أوي، أما أنا عايزة حد يشرحلي كتير وبالتفصيل علشان أفهم، والبت مي دي مبحبهاش، عيلة ملزقة كدا، هي وامها وأخوها كلهم كدا ملزقين…
فيصل بعصبية: أخوها؟! هي نجا بتاخد عندها الدرس في البيت وأخوها بيكون موجود؟
وعد بتوتر: أهدى يا فيصل، هو مش دايماً بيكون موجود، وبعدين دا أصغر مننا بسنة ولا حاجة يعني، وبعدين نجاة مش تسمح لحد يتطاول عليها، وهو أصلاً زي ما قولتلك مش دايماً بيكون موجود…
فيصل: والله أنا لسه هستنى لما يتطاول عليها وهي تسمح ولا لا؟ فين بيت اللي اسمها مي دي؟… أنا غلطان إني سبتلها السايب في السايب أكديه.
وعد بخوف من عصبية أخوها: اهدى يا فيصل، مش أكديه، واعقل كدا وشوف إنت بتقول إيه وعلى مين، ها…
فيصل بعصبية زياده: بقول إيه يعني؟ وعلى مين إيه؟ مش الحقيقة الغلطة غلطي من الأول. انجزى وقولي البيت فين…
وعد بخوف: عارف بيت عمك أبو سالم؟ …وهنا اغتاظ فيصل أكتر من سماعه الاسم فقط.. كملت وعد كلامها: هو بقى البيت اللي بعده ببيتين على الشمال…
يطلع فيصل وهو ماسك طرف جلابيته الصعيدية والعصبية زي الشرارة بتنط من عينيه، وتجرى وراه وعد وتحاول تهديه…
وعد: بالله عليك يا فيصل، اهدى… طب بقولك، استنى، أنا جايه معاك…
لكن هو مش سامع منها حاجة، وكمل وخرج من الدوار وركب عربيته وطار بيها على بيت مي. عند الوصول للبيت شاف اللى زاد عصبيته أكتر لدرجة إنه مبقاش شايف قدامه…
نجاة واقفة على باب الدوار والمدرس واقف قدامها وحاطط إيده على كتفها. لمح أخو مي وأبوها قاعدين في المندرة. نزل من العربية وجرى على نجاة…
فيصل وهو يمسك بيد نجاة بقوة: إنت واقفة أكديه ليه؟ مش الدرس خلص، مش رجعتي على البيت ليه على طول؟
وينظر للمدرس بغيظ وعصبية لدرجة إنه المدرس نفسه توتر من نظرات فيصل…
وجرّ نجاة للعربية ورماها بداخلها بقوة وساق راجع للبيت. وأول ما وصل فتحت نجا باب العربية وطلعت تجري على الدوار…
نجاة ببكاء: ستي… يا ستي.
ويدخل فيصل وراها وينادي عليها: بت يا نجاة… انتي يا بت تعالي هنا…
تستخبى نجاة ورا ستها فوزية…
فوزية: إيه؟ في إيه مالكم صوتكم عالي أكديه ليه؟ وانتي مالك بتعيطي وخايفة كدا ليه؟
فيصل: والله ما أعرف، اسأليها، شوفي الست هانم وعمايلها معانا.
فوزية: في إيه يا نجاة؟ إيه اللي حصل؟ حد فيكم يحكي وينطق.
فيصل بعصبية: الست هانم رايحة تاخد درس في بيت فيه رجالة، ومش بس كدا، لا كمان واقفة مع راجل في الشارع وحاطط إيده على كتفها وهي واقفة ساكتة… بصي يا بت، إذا كان أبوكي معودك على كدا علشان ترضي صحابه لما يجوا الدار، احنا معندناش الكلام ديه فاهمة؟ وإذا مكنتيش تعرفي الصح من الغلط، ملكيش خروج من الدوار خالص. فاهمة؟ أما توطي راسنا وتجيبلنا الكلام، اهو دا اللي مش اسمح بيه طول ما أنا عايش على وش الدنيا، سامعة؟ قولي حاضر…
فوزية بصوت عالي: اخرس! أخص عليك! إيه اللي انت بتقوله ديه؟ انت اتجننت ولا إيه؟ أنا ربيتك وعلمتك على كدا؟ يا خسارة تربيتى فيك، يا فيصل، بقى دا كلام تقوله على بنت عمتك، رباية إيدينا احنا مش أبوها! أخص، غور من وشي، مش عايزة أشوفك قدامي…
فيصل باستغراب: بتشخطي فيا أنا يا ستي علشانها؟ بتشجعيها يعني؟ ولا إيه؟ بقولك أنا شفت الرجالة اللي في الدوار بعيني دول، وشفتها وهي واقفة في الشارع والراجل حاطط إيده على كتفها! وبعدين أختي اللي تربيت إيدينا صحيح رفضت تروح للمدرس والمكان دا بسبب الرجالة اللي في البيت واحترمت نفسها، أما دي فسايقاها علينا ومش هاممها حد خالص ولا عاملة حساب لحد نهائي! وانتِ بدل ما تديها كفين على وشها يعقلوها، بتشخطي فيا أنا يا ستي؟
فوزية: واديك بالجزمة كمان لو مش احترمت نفسك. عيب اللي بتقوله ديه… هي كانت في البيت بتاخد الدرس لوحدها ولا في بنات تانية بتاخد معاها؟ وحتى لو لوحدها، متقولش عليها أكديه! خليت إيه للغريب يقوله؟! وعجبك شكلها كدا وهي بترتعش وخايفة وبتعيط؟ البت دي احنا أخدناها من أبوها وعيلته علشان اللي بتعمله دي. البت دي حرام، خلاص شبعت ضرب وخوف ورعب. أنا أخدتها علشان أعوضها ومش أخليها تعيشهم تاني، فاهم؟ وانت لو مش عاجبك الباب يفوت جمل! أما لو شفتك بتزعق فيها أكديه تاني، متلمش إلا حالك، فاهم؟ البت دي تحت وصايتي أنا، وأنا بس اللي من حقي أحاسبها، مفهوم؟ يلا غور من وشي!
نجاة من وسط بكائها: استني يا ستي، أنا عايزة أقول حاجة. أولاً، أنا مكنتش لحالي في بيت مي، بناخد درس، كان في معانا 3 بنات غيري أنا ومي، بس أنا لميت حاجتي قبليهم وخرجت وهما كانوا لسه بيلمو حاجاتهم جوه. واسألي وعد لو مش مصدقني، هي عارفة أنا باخد درس مع مين بالظبط. أما الرجالة اللي في الدوار دول، كانوا في المندرة، واحنا بناخد الدرس فوق في الشقة اللي فوق ومعانا أم مي. وهما كانوا تحت. أما الراجل اللي كان حاطط إيده على كتفي كان المدرس بتاعنا، سالنى ليه لابسه اسود فى اسود اكديه وعرف ان امى ماتت وكان بيعزينى ويواسينى وبيقولى انه ممكن يعيد شرح الدروس اللى فاتتنى واكديه وبس ياستى اللى حصل والله اما انا عارفه حدودى ومتربيه زين واذا ابويا بعمايله دى عرفت اصون شرفه وعرضه فاكيد هعمل كدا هنا كمان وانا مش بعمل حاجه غلط وفعلا انا هقعد فى اوضتى ومش خارجه منها تانى مش علشان انا غلطانه لا علشان مش اجيب لنفسي الزعيق والخناق والكلام العفش ديه من هنا لحد السنه ماتخلص هذاكر لحالى ومش عايزه دروس واصل..
فوزية بحنية وهي بتطبطب على كتف نجاة: اهدى يا بتّي، أنا عارفة إنك شاطرة ومش غلطانة. وبعدين إزاي يعني مش هتخرجي ولا تروحي دروسك؟ إحنا عايزينك تنجحي، دي سنة تانية ثانوي مش هزار…
نجاة بتحدي: متقلقيش يا ستي، هنجح وأجيب مجموع، مع إن السنة دي تانية عادية يعني، بس أوعدك هجيب مجموع وهذاكر لوحدي ومش هاخد دروس. أنا وعدت أمي إني إذاكر وأجيب مجموع حلو، ومش هخلي أي حاجة تكسّر الوعد ده. وعن إذنك يا ستي، أنا طالعة أغيّر هدومي…
وطلعت نجاة السلم على أوضتها وهي بتعيط بشدة، وفوزية بصّت لفيصل بخذلان، وقالت: “إنت يا فيصل تطلع منك كده؟ تقول كده؟ اخص عليك وعلى تربيتك! مبسوط إنت كده باللي حصل ديه؟”
فيصل بتردد: “ماهو يا ستي، حطي نفسك مكاني، لما أعرف إن الواد أخو البت مي عيل مش مظبوط، وكمان الدرس جنب بيت أبو سالم، وإنتِ عارفة كويس مين أبو سالم وعمل إيه قبل كده. أروح أجيبها ألاقيها واقفة كده في الشارع مع راجل غريب. أعمل إيه؟ الدم غلي في عروقي! ومن حقي يعني…”
فوزية بعصبية: “لا، مش من حقك. إنت ابن خالها وفي مقام أخوها الكبير يعني سندها! يعني لو شفتها بتعمل حاجة غلط، تكدّب عينيك كمان! إنت عايز البت تفقد الثقة فينا وتخاف مننا؟ المرة اللي فاتت هربت من أبوها وجات لنا، المرة دي هتهرب مننا تروح لمين ولا فين؟ مش كفاية اللي شافته من أبوها والعذاب اللي هناك. أنا بنت سميحة بنتي مش هتتهان تاني ولا يحصل معاها أي حاجة من اللي حصلت ديه. ولحد ما الموضوع ده يتحل، لسانك ما يخطبش لساني يا فيصل، مفهوم؟”
وسابته ومشيت، وتركته في حيرة وتضارب بين مشاعره وكلام سته، مع إنه مش عارف يعمل إيه ولا يصلح الوضع إزاي. لكن في الناحية التانية كانت نجاة في أوضتها بتبكي بشدة، ووعد كانت بتخبط على باب الأوضة وتكلمها، لكن نجاة ما ردتش عليها، مما دفع وعد بعصبية للذهاب لفيصل ودخلت عليه مكتبه فجأة…
وعد: “ممكن أفهم إيه اللي إنت عملته ده؟ وليه أصلا؟ وعجبك كده؟ البت حابسة نفسها في الأوضة بتعيط، وحتى أنا مش عايزة ترد عليا! إنت نسيت إن أمها لسه متوفية ما كملتش أسبوع؟ وأبوها والقضية اللي رفعها والمشاكل وأخوها واللي كان بيعمله فيها! تيجي إنت وتكمل عليها؟ وأنا اللي كنت مراهنة عليك إنك تعوضها! طلعت زيهم، ومش تفرق عنهم. كلكم كده عايزين تسيطروا علينا وخلاص! ولو عملنا أي حاجة نبقى غلطانين من غير حتى ما تسمعونا. إنت بتقول إنك غير عم إبراهيم وكمال؟ لا! إنت بتضحك على نفسك! إنت زيهم بالظبط بس بشكل حضاري أكتر! زي ما عمل عم إبراهيم مع عمته سميحة، جاه وهو في لبس الراجل المتعلم الجامعي، وفي الآخر طلع ميفرقش أي حاجة عن أي فلاح جاهل بيجرّ جاموسته! وعلى فكرة، أخو البت مي مش ملزق ولا بيتعرض لنا ولا حاجة! وأهل البت مفيش أحسن منهم ولا أكثر أدب. أنا قلت كده بس عشان تغير على نجاة وتفهم إنك بتحبها قبل ما تروح منك، بس إنت عملت اللي يضيّعها بإيدك! متجيش بعد كده وتندم!”
وسابت المكتب وخرجت، وفضل فيصل واقف مكانه، حاسس بصاعقة نزلت على دماغه، وتضارب مشاعره بين الغيرة والندم والعصبية، وكلام وعد فتح له حاجات كتير كان غافل عنها…
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية صعود امرأة)