رواية شيخ في محراب قلبي الفصل السادس عشر 16 بقلم رحمة نبيل
رواية شيخ في محراب قلبي البارت السادس عشر
رواية شيخ في محراب قلبي الجزء السادس عشر
رواية شيخ في محراب قلبي الحلقة السادسة عشر
إذا أرادَ اللهُ بعبدٍ خيراً سقاهُ دواءً مِنَ الابتلاءِ والامتحان على قَدرِ حاله يستفرغُ بهِ مِنَ الأدواءِ المهلكة، حَتَّى إذا هَذَّبَهُ وَنَقَّاهُ وَصَفَّاهُ أهَّلَـهُ لأشرفِ مراتبِ الدُّنيا: وهيَ عبوديته، وأرفعُ ثوابُ الآخرةِ: وهوَ رؤيتهُ وقُربُـهُ.
– ابن القيم.
صلوا على الرسول .
_________
نظر هادي لرفيقيه قبل أن يعيد نظره لذلك الذي يقف أمامهم ببسمة مشرقة لطيفة وثياب مهندمة لا تتناسب ابدا مع الحارة واجوائها …
ابتسم ذلك الشاب وهو يراقب الصدمة على وجوه الجميع ليتحرك صوبهم متحدثا ببسمة بسيطة :
_ ها اجيب خالو واجي امتى ؟؟؟؟
نظر رشدي للشاب وهو يهمس لهادي بصوت منخفض مازح :
_ الحق ياض يا هادي بنت عمك هتتجوز واحد بريحة وطعم الكرواسون .
لم يتمكن هادي من كبت ضحكاته على حديث رشدي ليسقط ارضا ضاحكا وهو يتخيل ابنة عمه بحديثها وتصرفاتها تلك زوجة لذلك الشاب برائحة الكرواسون كما يقول رشدي .
اقترب الشاب بحنق شديد وهو يساعد هادي لينهض :
_ ايه يا هادي مطولش ولا ايه ؟؟؟
نظر هادي لوجه وهو يود أن يخبره أن يهرب لكنه ابتلع حديثه فتلك بالنهاية ابنة عمه وعرضه لذا تنحنح وهو يرسم الجدية على وجهه :
_ لا ابدا يا فرانسو يا حبيبي متطولش ايه بس يابني ؟؟؟ ده انت بقيت من العيلة من يوم ما كلت سندوتش من ايد رشدي يا جدع
رفع رشدي يده ملوحا بها في الهواء يؤكد على حديث هادي ليبتسم لهم فرانسو بفرحة ثم يقول بحماس شديد :
_ طب اجيب خالو امتى طيب ؟؟؟
تحدث زكريا بتعجب من لهجة فرانسو :
_ سيبنا من خالو دي وقولي ما شاء الله بقيت لبلب في اللهجة المصرية ازاي ؟؟؟
_ ما هو انا اشتغلت على نفسي عشان اللحظة دي بعدين اساسا انا كنت بتكلم مصري كويس بسبب والدتي هو بس بعض الالفاظ اللي كانت محتاجة تتظبط …إنما الفصحى هي اللي فيها مشاكل
نظر له هادي بتحذير وهو يقول :
_ اسمعك تنطق كلمة فصحى قدام زكريا هعلقك احنا مش ناقصين ما صدقنا بقاله يومين بيتكلم معانا عادي .
خرج صوت مستنكر من حنجرة زكريا وهو يتحدث معترضا على حديث هادي :
_ بتكلم عادي ؟؟؟ على أساس إن الفصحى مش عادي ؟؟؟ انا حقيقي مش فاهم اعتراضكم ايه هنا ؟؟؟ المفروض اساسا كلنا نتكلم فصحى
تحدث رشدي وهو ينهض من مقعده متجها صوب فرانسو :
_ وانت عرفت بثينة منين ؟؟؟
ابتسم فرانسو بحرج شديد ثم قال بخفوت :
_ لما جينا معاكم الاول ودخلت المحل هنا عشان نكلم عمو لؤي وهي دخلت ورا البنت اللي كانت بتجري ورا الكلب شوفتها .
همس هادي لزكريا وهو يكبت ضحكته :
_ لؤي لو سمع كلمة عمو لؤي دي مش بعيد يولع المحل بينا .
رمقه زكريا بغيظ شديد و لم يكد يتحدث حتى وقعت عينه على شيء في الخارج جعله يترك الجميع ويخرج سريعا ……
_____________________
_ معرفش والله يا شيماء الموضوع تم من غير حتى ما اخد بالي فجأة لقتني مراته وعلى سريره و…
صمتت فاطمة وقد أدركت للتو فقط ما قالته لتبتسم ماسة بخبث وهي تقترب منها بشدة تغمز لها بوقاحة :
_ ايوة ايوة كملي ايه اللي حصل بعد السرير كملي اصلي بحب قلة الأدب .
اخرجت شيماء صوتًا ساخرا من حلقها وهي تهمس لنفسها بسخرية :
_ قال يعني البت محرومة …ده هي ورشدي ما شاء الله ٢٤ ساعة قلة ادب قدامنا .
ابتسمت ماسة وهي تستمع لحديث شيماء ثم مالت عليها وهي تهمس :
_ بكرة تبقي أنتِ وهادي قلالات الادب كده يا شوشو و….
قاطعتها شيماء وهي تصرخ بخجل شديد مبعدة ماسة عنها ..هي تعلم جيدا وقاحة ماسة لذا اوقفتها عن الحديث وفي تلك اللحظة فُتح باب غرفة شيماء بعنف لتدخل منه بثينة كما لو كانت في هجوم على أحد أوكار الإرهاب ….
صرخت ماسة بفزع مصطنع وهي تبعد طرف البلوزة الخاصة بها عنها تنفخ فيها بخوف :
_ تف تف تف يا ستير يارب …يا قاعدين يكفيكم شر الجايين …
انهت حديثها وهي تضع يدها على قلبها تمثل الفزع بينما بثينة تجاهلتها كليا وهي تتجه صوبهم تجلس على الفراش جوار شيماء لتنهض ماسة وهي تقول بضيق شديد :
_ هروح اشوف الشاي زمان ماما خلصته …تطفحي حاجة يا بثينة ؟؟؟
كادت بثينة تجيبها بحديث لاذع لكن ماسة لم تمنحها الفرصة فقد خرجت سريعا وهي تقول :
_ طب يا جماعة عن اذنكم بقى اشوف الشاي لأن زي ما انتم عارفين إذا حضرت الشياطين بقى .
انهت حديثها وهي تغلق باب الغرفة خلفها بعنف تاركة فاطمة خلفها ترمقها بعدم فهم لما فعلته لكنها أفاقت على حديث بثينة الهجومي المستنكر :
_ بجد اللي سمعته يا فاطمة ؟؟؟ أنتِ اتجوزتي الشيخ ؟؟
__________________
خرج زكريا بسرعة من المحل للشارع وهو يلمح بعينه ما جعل عروقه تنفر في جسده حيث كان هناك أحد الشباب يمسك فرج من ثيابه بعدما خرج من المحل بطريقة مهينة يهزه بغضب شديد صارخا في وجهه ….
انتبه كلا من رشدي وهادي للامر ليركض الاثنان سريعا جهة الشجار الذي يدور بين رفيقهم وذلك الشاب والذي كان الابن الأوسط لفرج من بين أبناءه الأربعة …ففرج يملك اربع أبناء؛ ثلاث رجال وفتاة وجميعهم متزوجون ويعيشون في منازل مستقلة بعيدا عنه عدا ابنه الأكبر الذي يعيش معه في نفس المنزل هو وزوجته وأولاده .
كان زكريا يمسك تلابيب ثياب ذلك الشاب بغضب جحيمي نادر الظهور على وجهه يصرخ وقد بدأت عروقه تنفر :
_ بتمد ايدك على ابوك يا ندل ؟؟؟
كان فرج يبكي كطفل صغير وهو ينظر بصدمة لابنه الذي جاء ناويا ضربه …فجأة شعر فرج بأحد يسحبه لاحضانه والذي لم يكن سوى هادي الذي ضمه بحنان شديد مربتا عليه وقد شعر بقلبه يحترق جراء تلك الدموع وهو الذي لم يرى يوما وجه فرج حزين منذ ولادته كان دائما يمزح ويضحك حتى أضحى كرفيق له وليس رجل كبير في السن …وكان هادي يعامله على هذا الأساس .. أن فرج صديقه ورفيقه الذي يمازحه ويضحك معه والان يبكي في أحضانه كطفل صغير …
_ وانت مال امك انت ؟؟؟ بتتدخل بيني وبين ابويا ليه !؟؟
هكذا صاح الشاب وهو يدفع زكريا في صدره بغيظ شديد محاولا الوصول لوالده فهو جاء اليوم لأجل شيء ولن يذهب دونه … اغتاظ زكريا من حديث الشاب وتبجحه فيه ليهبط بلكمة قوية عاد الشاب على إثرها لخلف بعنف يصيح في فرج الذي يختبئ في أحضانه هادي بخوف وقلة حيلة :
_ بتتحامى فيهم ؟؟؟ مفكر هسيبك في حالك يعني ؟؟ ياراجل اعمل حاجة في دنيتك بدل التفاهة والعيشة المقرفة بتاعتك دي …ده إنت عايش ولا الاهبل .
وعند تلك الجملة كان هادي يبعد فرج عن أحضانه منطلقا صوب الشاب بغضب شديد ممسكا إياه كما لو أنه يحضر لنهايته …
__________________
لم تفهم فاطمة شيء من حديث بثينة وسبب كرهها الواضح لزكريا لتبادر بالسؤال :
_ مش فاهمة ماله الشيخ ؟؟؟
زفرت شيماء بحنق شديد وهي تعلم أن رفيقتها ستبدأ في بث كرهها لزكريا وقد تتسبب في جعل فاطمة تندم :
_ مفيش يا فاطمة هي بثينة اساسا كان فيه زمان مشكلة بينها وبين زكريا ومن وقتها وهي ….
قاطعتها بثينة بحقد وغضب شديد :
_ لا فيه يا شيماء …فيه أنها هبلة ومتخلفة عشان من بين كل رجالة الحارة تتجوز الشيخ زكريا …ده متخلف ومتحكم في كل اللي حواليه …مش بعيد يخنقها في عيشتها وبعدين نسيتي اللي سلامة عمله قبل كده ؟؟
_ سلامة مين ؟؟؟
تسائلت فاطمة بعدم فهم وهي تنتظر إجابة بثينة التي سارعت القول وهي تقص عليها :
_ سلامة ده كان صاحب زكريا ورشدي وهادي زمان وكان من صنف الشيخ كده حرام ومش حرام …ومرة مسك أخته ضربها وعدمها العافية وكان هيقتلها عشان شعرها بان من الحجاب في الشارع وبعدين اتجوز بنت عمه وخنقها في عيشتها وكان كل يوم يصبحها بعلقة ويمسيها بعلقة لدرجة البنت انتحرت في الاخر .
شهقت فاطمة بفزع شديد تتخيل نهاية تلك الفتاة المأساوية لتسمع صوت شيماء التي هدرت بغضب شديد في بثينة بسبب حديثها السام ذلك :
_ بثينة بطلي بقى هتخوفي البنت …بعدين أنتِ عارفة كويس اوي إن زكريا مش زي سلامة ابدا بالعكس ده هو اللي كان دايما يحوش عنه أهل بيته لما الجنون يمسكه وكان دايما يخانقه وكمان هو قاطع سلامة لما شاف اللي كان بيعمله …
ثم نظرت لفاطمة وهي تربت عليها محاولة مسح كل ما سمعته منذ قليل :
_ ما تاخديش على كلامها يافاطمة هي بثينة كده زي القطر مش بتعرف تفرمل في كلامها …والله رشدي دائما يقولي مفيش احن من زكريا فيهم كلهم واطيب واحد واكيد أنتِ شوفتي ده بعينك .
قاطع كل ذلك ماسة وهي تدخل للغرفة سريعا راكضة جهة شرفة شيماء صارخة :
_ الشباب بيتخانقوا تحت والموضوع شكله كبير اوي …
ركضت جميع الفتيات للنافذة وخلفهم فاطمة التي كانت كلمات بثينة تدور في علقها كالطاحونة غير راحمة إياها وهي حتى لم تتخطى ما حدث لها سابقا وها هي على مشارف أن تتعرض لنفس الشيء….. عنف وضرب .
_______________
كان هادي يضرب الشاب بعنف لم يخرج منه سابقا حتى في أكثر شجاراته شراسة متذكرا دموع رفيقه وشهقاته بين أحضانه حتى كاد يزهق روح الشاب بين يديه لولا زكريا الذي جذبه بعنف شديد بمساعدة فرانسو ورشدي الذي انطلق للشاب وجعله ينهض بغضب شديد وهو يصرخ في وجهه :
_ اسمع ياض اقسم باللي خلقني وخلقك رجلك تدب ام الحارة دي مرة تانية انا هسيبك ليه وبعدها هتشرفني في الحجز سامع ؟؟؟؟
لم يجيبه الشاب حيث كانت نظراته توجه لهادي وهو يبصق الدماء من فمه ببسمة مخيفة متحدثا بصوت خافت :
_ لا راجل يالا …بس هنشوف هتفضل كده لامتى؟؟؟
تحرك هادي بعنف بين يدي زكريا وفرانسو وهو يصرخ به :
_ تحب اوريك يا روح امك ؟؟
ضحك الشاب بسخرية وهو يتجاهل صياح هادي ثم نظر لفرج الذي ينظر له بقلب مكلوم وموجوع عليه رغم كل ما فعله :
_ مبسوط ؟؟؟ سيبت شوية كلاب عشان يضربوا ابنك ؟؟؟ ده انت راجل ابن ****
ترك زكريا هادي فجأة وهو يندفع للشاب ضاربا اياه في وجهه صارخا فيه بغضب شديد :
_ اقسم بالله ما فيه كلب غيرك يا حيوان يا عاق …..
ابعد رشدي زكريا عن الشاب بصعوبة لا يود أن يتطور الأمر لأكثر من ذلك حتى لا يورط أصدقاءه في قضية أو ماشابه ليوجه حديثه للشاب بغضب شديد :
_ اتفضل امشي من هنا لاحسن انا ماسكهم عنك بالعافية واياك تعتب الحارة تاني …امشي
تحرك الشاب ببطء بسبب جروحه متوعدا للجميع برد الصاع صاعين ….تاركا خلفه فرج يبكي بحزن على ما حدث لابنه وما وصل إليه…
ابعد هادي يد فرانسو عنه ثم اتجه صوب فرج وهو يضمه إليه مقبلا رأسه بحنان :
_ خلاص يا فرج …اديني ضربتهولك ضرب مش بضربه غير للحبايب
ثم انحنى قليلا هامسا في أذنه :
_ اللي هما العرسان اللي كانوا بيجوا لشيماء .
ضحك فرج من بين دموعه ليبتسم هادي وهو يشاكسه حتى يخرجه من حالته تلك :
_ خلاص بقى امسح دموعك دي لتعدي ام اشرف وهي رايحة السوق وتشوفك كده فتصرف نظر عنك ..
تقدم زكريا لفرج وهو يمسح دموعه ثم سحبه من أحضان هادي جهة المحل :
_ عشان قولتلك يا فرج اقعد افطر معانا …مش لو كنت قعدت كان زمانا متعبناش هادي كده ؟؟؟
ضحك فرج وهو يسير مع الشباب صوب المحل يتحسر في قلبه على ابنه الذي كاد يقتله فقط لأجل بعض الأموال .
__________________
دخلت فاطمة للمنزل بعدما تعللت بتعبها الشديد لتنفرد بنفسها تفكر جيدا في طريقة لتنجي نفسها من هذا الرباط الذي قيدها البارحة …هي بالاصل كانت تود أن تنتهي منه في اسرع وقت وبعدما سمعت حديث بثينة أصبحت أكثر إصرارا على الأمر …
خرجت فاطمة من شرودها على صوت عمتها الكريه جانبها وهي تناديها :
_ ايه مش سامعة ؟؟؟ بقالي ساعة بنادي …
نظرت فاطمة لعمتها بلا أي ملامح تدل على اهتمامها
لتتحرك عمتها جهتها وهي تمد يدها ببعض الأموال متحدثة بنبرة حانقة متأففة كعادتها :
_ بقولك خدي روحي هاتي اااا…..
توقفت نحمده عن الحديث بصدمة وهي ترى ردة فعل فاطمة الجديدة عليها كليا حيث قلبت فاطمة عينها بملل شديد متجها صوب غرفتها بعدم اهتمام :
_ معلش يا عمتي انا تعبانة نزلي منار واهو على الأقل تخرج من الأوضاع بدل ما هي ٢٤ ساعة قدام تليفونها .
اغتاظت نحمده كثيرا من حديث فاطمة لتركض جهتها ممسكة يدها تجبرها على النظر في وجهها وهي تصيح بغيظ شديد :
_ بصيلي كده وأنتِ بتتكلمي يا ختي …ايه هو اللي مش هتنزلي ده ؟؟؟ هو أنتِ يابت عشان لقيتي واحد يعبرك هتشوفي نفسك ولا ايه ؟؟؟
صمتت تنظر لفاطمة من أعلى لاسفل باحتقار :
_ بعدين بنتي مين دي اللي انزلها ؟؟؟ أنتِ نسيتي إن بنتي بتتعلم وبتذاكر مش زيك…. آخرك ثانوية عامة و…..
توقفت نحمده عن الحديث بسبب انتفاض فاطمة وهي تدفعها للخلف صارخة بغيظ شديد :
_ وهو ده بمزاجكِ ؟؟؟؟ قوليلي ده بمزاجي يعني ؟؟؟ بعدين بنتك مين دي اللي بتذاكر ما بلاش نضحك على بعض يا عمتي لاني عارفة كويس اوي بنتك بتعمل ايه وأنها بتكلم ش……
توقفت عن الحديث بسبب صفعة عمتها التي هوت على خدها بعنف شديد جاعلة من دموعها تهبط بكت فاطمة بعنف شديد تتمنى لو تقتلها عمتها الآن حتى تتخلص من كل هذا العذاب الذي ملته …هل يمكن أن يصل وجع الإنسان وعذابه لدرجة الملل ؟؟؟ ملت هذا العذاب وهذه الحياة …والغريب انها بدأت تدخل في حالة تبلد .
أفاقت فاطمة من شرودها ولم تعي بذلك الذي كان يضمها منذ دقائق قليلة صارخا بغضب شديد كاد يصيبها بالصمم في وجه عمتها …
كان زكريا يصعد الدرج الخاص بمنزل هادي بعدما جاء معه حتى يتجهز لصلاة الظهر وقد قرر عدم العودة للمنزل بسبب إضراب والديه …. ليمر من أمام منزل زوجته والذي كان بابه مفتوح ..لكنه كعادته وضع وجهه ارضا وهو يتجه صوب منزل هادي متجاهلا الأمر ناويا أن يمر عليها بعدما ينتهي مما جاء لأجله ….لكنه توقف فجأة حينما سمع صراخ يأتي من داخل المنزل والذي كان واضحا جدا أن المعنيّ بالأمر هي زوجته …استمع لصراخ عمتها المتسلطة …حاول تمالك نفسه مذكرا إياها أنها عمتها في نهاية الأمر و…..
توقف عن ذلك التفكير وهو يستمع لصوت صفعة عنيفة يتبعها شهقات عنيفة جعلته يتخلى عن كل هدوءه وصبره ويقتحم المنزل على غير عادته وهو ينطلق سريعا لزوجته ساحبا إياها لاحضانه بحنان شديد موجها نظراته المشتعلة لعمتها صارخا في وجهها وقد هاله أن يرى اثر الصفعة على وجنتها :
_ حضرتك بأي حق تمدي ايدك عليها ؟؟؟
صدمت نحمده من وجوده لكنها حاولت أن تتماسك أمامه وهي تصرخ في وجهه بالمقابل :
_ وانت مالك انت ؟؟؟ بنت اخويا وبربيها
_ وتبقى مراتي برضو ….اللي حضرتك ضربتيها تبقي مراتي
كان زكريا يصرخ بشكل مرعب يحاول أن يحتفظ بجزء من هدوءه فمن أمامه سيدة كبيرة في النهاية …
تشنجت نحمده وما كادت تجيب حتى قاطعها زكريا وهو يشدد من ضمه لفاطمة بينما يده تتحرك بحنان على رأسها دون شعور منه :
_ قسما بربي اللي مش بحلف بيه كذب إن حد هوب ناحيتها تاني ما هيلاقي مني اي احترام وهخليه يندم ….
نظرت له السيدة بنظرات متحدية وكأنها تخبره ” ارني ما لديك ” ..
ابتسم زكريا بشكل مخيف وهو ينادي :
_ هــــــــــادي
اجابه هادي الذي يقف على الباب من الخارج :
_ نعم يا زكريا
تحدث زكريا وعينه ما تزال موجهه لنحمده :
_ الشقة دي الست ام فاطمة مأجراها ولا اشترتها منك ؟؟؟
_ مأجراها بس ليه ؟؟؟
ابتسم زكريا بسمة جانبية وهو يجيبه و يبدو أن رسالته وصلت لنجمده التي تراجعت في نظراتها :
_ مفيش اصل كنت بفكر اشتريها منك وتكون مهر فاطمة .
بالطبع لم يكن هذا قصده بل كان يود أن يوصل لنحمده أنه قادر وبسهولة على الزج بها هي وابنتها في الشارع ولتذهب وتبحث عن سكن آخر…
ربت زكريا بحنان أكثر على ظهره فاطمة وهو يتحدث بهدوءه وقد عاد إليه أخيرا :
_ ده اقل حاجة أقدمها لفاطمة ….ولا ايه رأيك يا عمتي ؟؟؟
ابتلعت نحمده ريقها ولم تجيبه…
كانت فاطمة في عالم آخر وهي تشهد ما يحدث وكأنها تشاهد مشهدا سينمائيا ما لا تفهم شيء …هل حقا دافع عنها للتو ؟؟؟ وما هذا الشعور الغريب الذي شعرت به ؟؟؟ هل يعقل أن يكون الشعور المسمى بالأمان ؟؟؟ حقا لا تعلم فهي لم تجربه يوما .
ابتسم زكريا وهو يستمع لصوت منيرة التي جائت للتو من الخارج وهي تمسح قطرات العرق التي تزين جبينها حاملة حقيبة كبيرة مليئة بالمشتريات …حملها هادي سريعا عنها وهو يدخل للمنزل لتبتسم له منيرة بامتنان ثم تفاجئت بوجود زكريا الذي يعانق ابنتها بشكل غريب :
_ زكريا ؟؟؟ انت هنا من امتى يابني ؟؟؟
ابتسم زكريا وهو يبعد فاطمة عنه بهدوء ثم نظر لمنيرة واتجه لها مقبلا يدها باحترام لتبتسم منيرة بسعادة كبيرة وقد شعرت للتو أنها كسبت ابن وسند لها …وصل صوت زكريا لها وهو يجيبها سريعا :
_ مفيش يا امي انا بس كنت جاي ابلغ فاطمة اني بليل هاجي أخدها ونروح عند بثينة لان فيه عريس جاي ليها انهاردة .
صدمت فاطمة من حديثه …اي عريس هذا ؟؟؟ فهي للتو كانت مع بثينة ولم تخبرها شيء ..
ابتسمت منيرة وهي تجيبه بسعادة :
_ اكيد يابني دي مراتك دلوقتي
ابتسم لها زكريا ثم استدار لفاطمة وتحدث بشيء سريع خطر على باله :
_ وكمان بعد اذنك لو تسمحيلي بعدها اخدها ونروح اي كافيه و…
ترك زكريا كلماته معلقة وهو يفرك رقبته بإحراج ثم سارع بالتحدث :
_ شوية كده والجمعة هتأذن وبعد صلاة الجمعة انا هشهر جوازنا عشان الكل في الحارة يعرف .
ابتسمت له منيرة وهي تربت على يده بحنان :
_ ربنا يباركلك يا حبيبي …مفيش مشكلة يبقى خدها وأخرجوا شوية .
ابتسم لها زكريا ثم استأذن وخرج سريعا لهادي متجها مع للشقة الخاصة به تاركا فاطمة تنظر بحنق لوالدتها بسبب موافقتها على ذلك الأمر وهي اخذت تشير لها بالرفض .
________________
_ عريس ؟؟؟ عريس مين ده إن شاء الله ؟؟؟
صاحت بثينة بغضب شديد في وجه والدتها التي حدثها هادي منذ قليل قبل ذهابه للصلاة عن أمر العريس الذي تقدم لها…ويود الحضور اليوم لأجل خطبتها .
_ معرفش مين هو هادي اللي قالي أنه جاي انهاردة و هنشوفه بس هو صاحبه يعني وبيقول إنه عارفة … وإنه كويس وابن حلال ..
انكمشت ملامح بثينة بغضب جحيمي وهي تهدر :
_ نعم !؟؟؟؟ جاي انهاردة ؟؟؟؟من غير ما تاخدوا اذني ؟؟؟؟ هو ايه أصله ده؟؟
زفرت والدتها بحنق شديد وهي تنهض تاركة إياه متجهة صوب المطبخ تعد لسهرة اليوم :
_ والله انا معرفش لما يجي يبقى نشوف واللي فيه الخير يقدمه ربنا …
انهت حديثها تاركة بثينة تكاد تحترق حية في الخارج متعودة لذلك القادم اليوم بالويل .
_________________
أنهى الامام صلاة الجمعة ثم أخبر الجميع بالانتظار وبعدها بدأ في اشهار زواج زكريا على فاطمة لتنهال المباركات من جميع المصلين على زكريا بينما كان هادي يستند بظهره على أحد الأعمدة بحنق شديد يلعن ذلك الفرانسو الغبي فهو كان من المفترض أن يذهب لخطبة شيماء اليوم بشكل رسمي ويحدد موعد عقد القرآن، لكن مجئ ذلك الغبي حال دون ذلك …
كان رشدي يكتم ضحكته على ملامح هادي بصعوبة شديد وهو يربت على كتفه مواسيا :
_ معلش يا هادي يا حبيبي اصبر يا غالي يبقى نعملك خطوبتك مع بثينة ايه رأيك ؟؟؟
ابعد هادي يد رشدي عنه بغيظ شديد ثم تركه واتجه صوب زكريا يبارك له وتبعه رشدي الذي ضم زكريا بحب شديد و ايضا لؤي الذي كان يستقبل المباركة من جميع رجال الحارة .
بينما عند النساء كانت فاطمة تجلس في غرفتها وقلبها يخفق بعنف لسماعها اسمها وقد اقترن بزكريا لتغمض عينها بتعب لا تعلم نهاية ماتعيشه متجاهلة ذلك الشعور الذي خلفه عناق زكريا اليوم .
_________________
في المساء :
كانت بثينة تقف أمام المرآة وهي تنظر لنفسها بغيظ شديد تكاد تحترق لا تصدق حقا ما آل إليه حالها …هل ستتزوج من رجل آخر غير هادي ؟؟؟حسنا هذا سيحدث فقط في حالتين ..اما على جثتها أو جثة ذلك العريس المزعوم القادم …والمتوقع أن تكون جثته هو .
خرجت من شرودها على صوت شيماء وهي تقول ببسمة واسعة :
_ حبيبة قلبي قمر ماشاء الله ده العريس عقله هيطير …
_ هو صحيح اسمه ايه يا بوسي ؟؟؟
هكذا تسائلت فاطمة بتعجب شديد لتبتسم بثينة بسخرية كبيرة :
_ لسه متشرفناش بيه بس قريب ه….
توقفت بثينة عن الحديث بسبب صوت الزغاريد الذي ملء الغرفة وصوت ماسة يصدح في المكان مهلل بصخب :
_ يا الف نهار ابيض يا الف نهار مبروك …بوسي هتتجوز ؟؟؟ دي القيامة هتقوم يا جدعان .
انهت حديثها وهي تجذب بثينة لاحضانها بعنف تقبلها بشدة على كلا الجانبين أكثر من مرة كالنساء الكبيرات في السن لتتغضن ملامح بثينة بغضب شديد تشعر بسخرية ماسة منها .
ابتعدت ماسة وهي تقول ببسمة واسعة :
_ طب والله يا بوسي وماليكِ عليا حلفان فرحتي فيكِ كبيرة اوي ياقلبي …..ربنا يعمر بيته يارب اللي فكر يخلصنا منك .. ربنا يوفقه يارب ويكفيه شرك.
احمر وجه بثينة بغضب شديد وكادت تتحدث لولا شيماء التي جذبت ماسة بعيدا عن وجه بثينة قبل أن تنفجر .
________________
كان هادي يجلس وهو يحترق بشدة فمن المفترض أن يكون هذا يومه هو ليطلب يد شيماء لكن …لا كيف ينتظر الاستاذ فرانسو …فليحترق هو لا بأس لكن فرانسو ابدا لن ينتظر ثانية فمن الممكن أن تترك بثينة عشها وتطير بعيدا .
نكز رشدي هادي في خصره بغيظ شديد ليتحدث :
_ خلاص يا هادي خلاص يا حبيبي الواد يا عيني تقريبا فكر أنه قتلك قتيل من بصاتك خف شوية .
التوى ثغر هادي بحنق شديد وهو ينظر لفرانسو من أعلى لاسفل بغيظ شديد لينتبه له فرانسو :
_ فيه حاجة يا هادي يا حبيبي ؟؟؟ معجب ولا ايه ؟؟؟
نفخ هادي بسخرية لاذعة ثم قال بوقاحة :
_ لا يا حبيبي مليش في الدقن والشنب .
ابتسم فرانسو وهو يعتدل ثم نظر لخاله رمزي (والد احمد رمزي _ الخال الاصغر لفرانسو ) وهو يقول :
_ خالو لو مش هعطلك ممكن تسيب كوباية القهوة وتتكلم ؟؟؟
_ اصبر فاضل بق .
اغتاظ فرانسو وهو يتحدث بحنق :
_ بق ايه يا خالو هو إنت في قهوة …ومستحرم البق يضيع عليك ؟؟؟
نظر له رمزي وهو يتحدث بهدوء شديد مرتشفا كوب القهوة الخاص به :
_ الاه ؟؟؟ يعني اسيب الكوباية فيها شوية عشان سكان البيت يبوروا ؟؟؟؟
تحدث هادي بحنق شديد :
_ يبوروا ايه بس يا حاج ؟؟؟ امال إنت جاي لمين ؟؟؟ ولا يكونش مرات عمي الله يرحمه القطر هيفوتها ؟؟؟ ما تشوف خالك يا عم فرانسو .
نظر فرانسو بحنق شديد لخاله :
_ يعني مش كفاية بتشرب قهوة في قعدة خطوبة ولا كأنك في عزا لا وكمان جايب لينا الكلام …يا رتني كنت جبت خالي مجدي ( الرجل الذي ظهر مع فرانسو عندما خُطف زكريا ورفاقه )
تحدث زكريا وهو يضحك بعنف على ملامح هادي المغتاظة من كل ما يجري :
_ ومجبتهوش ليه طيب ؟؟؟
أشار فرانسو لخاله بغيظ شديد :
_ هو اللي شبط فينا وكان لازم حد يقعد في البيت عشان معاد متابعة والدتي .
_ شفاها الله وعفاها .
ابتسم فرانسو لزكريا بهدوء ثم تنحنح وقد قرر أن يتحدث هو فيبدو أن رمزي قد نسيّ لما جاء من الأساس :
_ طب يا هادي انا سبق وبلغتك بطلبي خليني ابلغك تاني .
تنفس فرانسو بهدوء ليتحدث لكن قاطعه احمد وهو يرفع يده بغباء :
_ ممكن اتكلم ؟؟؟
رمقه الجميع بتعجب ليتحدث رشدي بسخرية :
_ ما تتكلم يا بني إنت في فصل ولا ايه ؟؟؟
ابتسم له احمد مشيرا للمشروبات أمامه :
_ هو انا بس كنت عايز سڤن اب مش بيبسي عشان مش بحبه وياريت لو فيه تلج اكون شكور ليكم .
دفع هادي فرانسو بغيظ شديد وهو يقول :
_ خد خالك وابن خالك وغور مش عندنا بنات للجواز ..
ثم نظر لرشدي الذي كان يضحك بعنف شديد وهو يقول :
_ استنى يا رشدي اجيب الخلاط واجي معاك نشوف حواري مع اختك …اياكش اتجوزها قبل الخمسين
امسك فرانسو يده وهو يضحك بشدة :
_ معلش امسحها فيا بص يا سيدي نادي العروسة اشوفها وخلينا نخلص .
نفض هادي يده وهو ينظر لزوجة عمه قائلا بضيق :
_ نادي بثينة يا عمتي خلينا نخلص .
تحركت سريعا عمته لتحضر ابنتها تاركة الجميع يضحك على تصرفات عائلة فرانسو متذكرين ما فعله هادي برشدي ليبدو الأمر وكأنه يُرد له ما فعله .
دخلت بثينة رفقة والدتها دون حتى أن ترفع عينها في أحد ليتحرك هادي مشيرا للجميع بالقدوم مع للخارج ليتركوا لهما فرصة للتحدث سويا
____________________
انتظرت بثينة حتى خرج هادي لتنظر بعدها لذلك الشاب من أعلى لاسفل بسخرية ثم ابتسمت بسمة مستهزئية وهي تشير له باستحقار شديد :
_ انت .
أشار فرانسو لنفسه وهو يصطنع الغباء :
_ انا ؟؟؟
ابتسمت له بسمة مقيتة وهي تهز رأسها مشيرة للخارج :
_ حالا تاخد نفسك وعيلتك اللي قاعدة برة دي وتقولهم محصلش نصيب سامع ؟؟؟
ابتسم لها وهو ينهض يهز رأسه بموافقة متحركا من جانبها يقول بكل هدوء ونبرة غير مهتمة :
_ حاضر وبالمرة بقى وانا خارج أبلغ رشدي مين السبب في إن مراته تتهدد من شاب ومين اللي عطى الشاب رقم مراته والصور بتاعتها ….مش رشدي برة برضو ؟؟؟
شحبت ملامح بثينة وشعرت كما لو أن الاكسجين قد فرغ من حولها وهي تستمع لكلمات ذلك الشاب لتنهض بفزع مستديرة له وهي ترمقه بصدمة :
_ انت…انت ازاي ؟؟؟
ابتسم لها فرانسو ثم اقترب منها وهو يقول ببسمة خبيثة تنافس خباثة بثينة :
_ها يا قمر تحبي أخرج واكسب ثواب في رشدي المسكين ولا استر عليكِ من باب إنك مراتي والمك واعلمك الادب ؟؟؟؟؟
ورغم كل النيران التي اشتعلت في رأس بثينة إلا أنها نظرت له بشر كبير وهناك بسمة مخيفة ارتسمت على وجهها :
_ فاكرني بتهدد؟؟؟؟ لو عايز أخرج وقولهم بس وريني مين اللي هيصدقك…. كلمتي قصاد كلمتك .
ابتسم فرانسو لها ثم أخرج هاتفه وقال وهو يلوح له في وجهها :
_ تؤ تؤ كلمتك قصاد صوري .
________________
دفع زكريا بالباب الزجاجي الخاص بأحد الكافتيريات وهو يدعو فاطمة بيده أن تتقدم للداخل …فقد استأذن من هادي ورحل مع فاطمة راغبا في الجلوس معها قليلا والتحدث في القادم من حياتهما سويا ويوضحا جميع الأمور فهما حتى الآن لم يجلسا سويا ويتحدثا ابدا .
وجد زكريا المقهى مزدحم في الاسفل لذا كاد يلتفت ويرحل لولا صوت النادل الذي ناداه وأخبره أن هناك دور علوي فارغ وهادئ …ابتسم له زكريا بهدوء ثم تحرك لتتحرك فاطمة خلفه حتى قادهما النادل لأحد المقاعد البعيدة الهادئة والتي تجاور حائط زجاجي طويل يطل على المكان بالاسفل في منظر جميل حيث الانوار والأضواء الخاصة بالمحلات المحيطة ..
_ المكان حلو هنا صح ؟؟؟
حاول زكريا فتح حوار مع فاطمة والتي يبدو واضحا جدا أنها أتت هنا مجبرة …حسنا هو بالفعل يعلم أنها هكذا لذا لم يهتم كثيرا و نظر صوب النادل الذي أتى ليأخذ طلباتهم :
_ تاخدي ايه ؟؟؟
لم تجب فاطمة عليه ليغتاظ منها بشدة ثم طلب بعض السندوتشات والايس كريم والعصير لها وطلب له هو عصير فقط .
لم تعره فاطمة اهتمام وهي تفكر فيما سيحدث في حياتها القادمة ليتحدث هو متعجبا هذا التجاهل :
_ ممكن نتكلم ؟؟؟
_ هممم
استفزت زكريا وبشدة من تصرفاتها معتبرا إياها وقاحة شديد منها ليتحدث محاولا أن يتمسك بهدوءه حتى لا يعلو صوته …فليس هو من يتحدث مع امرأته بطريقة وقحة أمام أحد ولا حتى أمام نفسه :
_ معلش ممكن افهم ليه الطريقة دي في التعامل ؟؟؟ انا بدر مني اي شيء خطأ ؟؟؟
لم تجبه فاطمة لثوانٍ تزامنا مع قدوم النادل ووضعه الطعام …فأخذ زكريا يقرب منها كل شيء تاركا فقط كوب عصير أمامه وهو يقول بخفوت :
_ كلِ لو سمحتِ عشان م…..
_ إنت هتضربني امتى ؟؟؟؟
وكان اغبى سؤال قد يخرج من فم إنسان يوما لكن في الحقيقة فاطمة لم تكن تقصد أن يخرج بتلك الصيغة البلهاء وكأنها مشتاقة للضرب لكنها كانت تقصد أن تعلمه أنها تعرف كل شيء عنه متسائلة متى سيأخذ دوره في ذبحها بالبطئ …فيبدو أن هذا مصيرها تنتقل من تلك اليد لتلك اليد .
ورغم صدمة زكريا الكبيرة من سؤالها ذاك إلا أنه حمل كوبه وهو يرتشف منه بعض الرشفات الصغيرة متحدثا بجدية كبيرة :
_ بعد الاربعين بأذن الله ….نكمل اربعين يوم متجوزين واحطلك جدول محترم كده ونبدأ ضــرب على بركة الله …وأنتِ وشطارتك بقى يعني لو صوت صريخك عجبني ممكن ابدأ اجـــلـــ.دك .
فتحت فاطمة فمها ببلاهة شديد لاجابته مبتلعة ريقها برعب طفولي غبي :
_ تجــ.لدني ؟؟؟
ارتشف زكريا المزيد من العصير الخاص به وهو يهز رأسه :
_ اممم ومع الوقت باذن الله هتترقي و توصلي لمرحلة الكهربا وندخل في المتعة السادية الخاصة بيا بقى …هسرق كبل كهربا من العمود اللي جنب البيت وافضل اصعق فيكِ بقى .
ابتسم وهو يضع الكوب على الطاولة متحدثا وكأنه سادي بالفعل يستمتع بالتعذيب :
_ هكهربك مرة قبل الاكل ومرة بعد الاكل زي الدوا كده …و لو ربنا كرمك وعيشتي هجيب طشت ( طبق كبير ) وأغطسك فيه لغاية ما تبقللي …
_ ابقلل ؟؟؟
ابتسم زكريا اكثر وهو يهز رأسه :
_ وهجيب لؤي يفس البقاليل اللي هتخرج منك أصله بيحب يفس اوي .
فتحت فمها وعينها بصدمة ليضيف زكريا بسرعة :
_ البقاليل …بيحب يفس البقاليل .
تحدثت فاطمة بسخرية شديدة من الأمر :
_ انت بتتريق صح !؟؟
ابتسم زكريا باستخفاف :
_ أنتِ شايفة ايه ؟؟؟
لم تجبه فاطمة ليقترب منها زكريا وهو يميل على الطاولة ليصل لها ثم همس لها بنبرة مخيفة :
_ اكيد بهزر طبعا يا فاطمة بس قوليلي بقى مين ده اللي وصلك فكرة اني ممكن في يوم امد ايدي على ست ؟؟؟ لا وكمان مراتي ؟؟؟
______________
_ ولو رفضت الجواز ؟؟؟
ابتسم فرانسو وهو يهز كتفه بعدم اهتمام :
_ طبعا مقدرش اجبرك لاني جنتل مان زي ما أنتِ شايفة ….ولاني جنتل مان فأنا ضميري بيحتم عليا اقول لرشدي على اللي بيهدد مراته.
احمرت عين بثينة بشدة وهي تنظر له بشر مرددة من بين أسنانها :
_ مش فاهمة انت مصر ليه ؟؟؟ اكيد طبعا مش من حبك فيا ؟؟
_ وأنتِ شايفة إن فيكِ حاجة تتحب !؟؟؟؟
لم تجب بثنية وقد صدمت من رده الوقح ليكمل هو بخبث وهو يبتسم بسمة لم ترحها اطلاقا :
_ كل الموضوع اني عايز واحد تقبل تتجوز بيا بدون اي اعتراض .
نظرت له بثينة من أعلى لاسفل بتعجب فحتى وإن كانت ترفض الزواج به فهي لا تنكر أنه شبه خالي من العيوب فهو حسن المظهر بتلك الملامح الأجنبية وأيضا يبدو من ثيابه أنه ميسور الحال إذا ماذا حدث ليضطر إلى تكبد كل هذا العناء من أجل الحصول على زوجة ….وأتى جوابها سريعا وهي تستمع لجملته التالية التي ألقاها بلا أدنى اهتمام في وجهها :
_ محتاج واحدة تقبل تتجوزني وتربي ابني ….
ابتسم بخبث يراقب صدمتها وقد حقق مراده ليهمس مكملا حديثه الخبيث :
_ وطبعا مش هلاقي حد في ادبك و طيبتك تربيلي ابني …ها قولتي ايه يا بوسي ؟؟؟؟
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شيخ في محراب قلبي)