رواية شمس في قلبين الفصل الرابع 4 بقلم مروة نصار
رواية شمس في قلبين الجزء الرابع
رواية شمس في قلبين البارت الرابع
رواية شمس في قلبين الحلقة الرابعة
رجفة غريبة سرت به، وشهقة قوية اطلقها وكأن الروح ستخرج من الجسد، عرق يتصبب من جبينه، الرؤية لم تعد واضحة، وفجأة وصل إلي سمعه صوت يعرفه جيداً: صباح الخير يا بيبي .
فرك عيناه بيديه وحاول ان يستجمع قواه، وفتحهما ببطء ليجد نفسه ما زال في الفراش، وتلك الحسناء بجواره، صدمة لم يكن يتوقعها، لم يكن يتخيل ان كل هذا مجرد حلم، من تلك الفتاة، لماذا تظهر له في الحلم دائما ؟، ماذا تريد منه ؟، احاسيس متضاربة تجتاحه، وشعور بالاشمئزاز يتغلب عليه منذ ليلة أمس .
حاول قصي ان يهدأ قليلاً ويستعيد ثباته ثم نظر بطرف عينه لحسناء التى تتمدد بجواره غير عابئة بجسدها العاري الذي لا تحاول إخفاءه تحت الغطاء، بل تتعمد ان تظهر منه اكثر مما تخفي، وبصوت يملؤه الحدة والصرامة قال: عايز اخرج من الحمام مالقيش خيالك هنا، دقايق وتكوني لابسة وبره الجناح، واعملي حسابك لو اللي حصل امبارح اتكرر منك تاني، حأرميكي بره حتي لو عريانة ولا حيهمني، انا بالنسبة ليكي مستر قصي وبس، ثم انهي جملته ونهض من الفراش متجهاً إلي الحمام غير عابئاً بها .
أما حسناء فكانت تجلس تستمع اليه وهي مذهولة لا تعلم ما الذي حدث ؟، وكيف بين ليلة وضحاها يتغير هكذا ؟، افاقت من صدمتها علي صوت باب الحمام وهو يغلق بقوة، فنهضت مسرعة تلملم اذيال خيبتها، وخسارتها، لقد اعطته كل ما يريد في مقابل الحصول عليه، والآن خسرت كل شيء .
جلستا الصديقتان في الطائرة في انتظار لحظة قلوعها، كانت شمس تشعر بالغضب الشديد من شاهي لأنها خدعتها وحجزت تذاكر الدرجة الاولي، اما شاهي فكانت سعيدة بالرحلة، تحاول ان ترسم في مخيلتها ما سيدور فيها، ثم نظرت لوجه صديقتها ولَم تكن في حاجة لأن تعلم مدي الغضب الذي يجتاحها: ما خلاص بقا يا شمس، انتي أوفر الصراحة، يا ستي انتي واحدة واخدة علي الاقتصادي، انا لا، انا عمري ما ركبت حاجة تانية الا الدرجة الاولي، بلاش جو بقا الشهد والدموع اللي انتي عاملاه ده، وفكك كده وحاولي مرة واحدة تستمتعي باللحظة، انا مش عارفة ايه الرخامة اللي انتي فيها دي .
حدقت بها شمس والشرر يتطاير من عينيها وقالت: انا رخمة، وأوفر وعايشة في جو الشهد والدموع، صح ما هو اللي يقول الحق معاكي يبقي كده، فرقت ايه الكرسي ده من كرسي الاقتصادي، لكن ندفع كل الفرق ده في الفلوس عشان ساعة طيران، انتي مفترية فعلا .
ضحكت شاهي قائلة: انتي حتموتيني ناقصة عمر، مش شايفة اي فرق بجد !، اسكتي يا شمس احسنلك، كفاية اللي عملتيه فيا اليومين اللي فاتوا .
التفتت لها صديقتها بجذعها وهي تضع يدها بخصرها وقالت: نعم يا ختي، عملت ايه بقا فيكي، انتي تسكتي خالص وليكي عين تتكلمي، كفاية الفلوس اللي خلتيني اصرفها علي شوية هلاهيل مالهمش لزمة .
اتسعت حدقتا شاهي في ذهول وظهرت علي وجهها علامات التعجب والغيظ الشديد ثم قالت: H.M , داليدرس، بيلا دونا، CHANEL DOLCE & GABBANA، BURBERRY، يتقال عليهم هلاهيل يا جبارة، بس يا شمس، اسكتي احسنلك بدل ما أخنقك، انتي فعلا واحدة مبتفهمش حاجة، رايحة تقابلي واحد تقريباً ملياردير، عايزة تشتري لَبْس منين من الموسكي والا وسط البلد، أفهمي بقا لازم تظهري عشان تقدري توصلي .
جعدت شمس جبينها وعضت علي شفتها السفلية وهي تعلم في قرارة نفسها ان ما تقوله حقيقي ولكن مازال تبذير الليلتان السابقتان يؤلمها ثم قالت بصوت يتراجع عن تعنته: ما هو أصل يعني يا شاهي كان ممكن نجيب لَبْس حلو بردوه بس مش بالتكاليف دي كلها، انا ما اتدفعش من ساعة ما اتولدت لحد دلوقتي في لبسي تمن فستان واحد من الفساتين دي .
نظرت لها شاهي بغضب، فأغمضت شمس عيناها وقالت: خلاص حاتكتم، ابقي صحيني لما نوصل .
وصلتا الفتاتان إلي الفندق قبيل منتصف الليل وتوجهت شمس مباشرة إلي موظفي الاستقبال، لتأكيد الحجز، واستلام مفاتيح الغرفة، في حين ان شاهي كانت تجلس في بهو الفندق تتفحص هاتفها، وعندما أنهت الأخري أمر الغرفة انضمت إلي صديقتها وجلست معها: ايه يا مزة .. يلا نطلع ننام عشان عندي شغل الصبح .
رمقتها شاهي بنظرة غاضبة ثم قالت: نوم ايه !، هو احنا تلاميذ، تعالي نلف لفة في الفندق كده، او نروح نتفرج علي الشو اللي هناك ده .
تنهدت شمس فهي تعلم انه لا فائدة من المجادلة معها وانها لن تقبل بأي شيء اخر فنهضت وهي تقول: اتفضلي لما نشوف اخرتها، بس اعملي حسابك ننجز هناك عشان لازم انام بدري .
نهضت شاهي خلفها وهي تقول: حاحاول .
لم يحتمل قصي الأجواء الصاخبة كثيراً، شعر بألم في رأسه، فغادر الحفلة وأعتذر للضيوف الذين كانوا يجلسون علي مائدته، وتوجه علي الفور إلي المكتب لمراجعة بعض الأوراق التي أهملها في المساء، كانت حسناء تجلس علي مقربة منه، تتابعه بنظراتها، نيران الحقد والغضب تملأ صدرها، عازمة كل العزم علي الأنتقام منه .
غادر قصي المسرح الذي تقام به الحفلات، واتجه إلي بهو الفندق حيث يكون مكتبه في الردهة التي بجوار مكتب الاستقبال، سلك طريقه حول حمام السباحة إلي باب اللوبي، وهنا سمع صوت نداء له من الخلف، التفت ليجد حسناء قادمة من بعيد، كان عقله يحدثه قائلاً: يا ربي، عايزة ايه الزفت دي، انا مش فايق لها، لذا قرر أن يتجاهلها ويكمل طريقه، فأسرع في خطاه وفتح الباب المؤدي للبهو ليعبر من خلاله، ولكنه ارتطم بفتاة بقوة جعلتها تسقط أرضاً .
شعر بالحرج الشديد من هذا الموقف، وأسرع بمد يده ليساعدها علي النهوض، وهو يلقي نظره عليها للأطمئنان وهم بالأعتذار ولكن: أنتي … أنتي ايه اللي جابك هنا، جيتي ازاي، انتي بتعملي ايه .
وقفت الفتاة مرة اخري علي قدميها بعد ان تعلقت بيده، ونظرت له بغرابة شديدة ثم قالت: ايه الجنان ده، انت مين انت ؟، وايه الاسئلة دي، ده بدل ما تعتذر وتقولي انا اسف، داخل فيا شمال، انت مجنون والا ايه .
كان قصي قد وصل إلي ذروة الغضب، لم يعد يعي أي شيء ولا يبالي بأي شيء، لا يهتم بمن حوله ولا يري احد، فقط هي، من سببت له الأرق والحيرة طوال اليومين الماضيين، لذا لم يعبأ بكلامها ولَم يحاول استدراك الموقف، بل قبض علي ذراعها بقبضة يده بعنف وسحبها خلفه للخارج ثم أوقفها امامه بجوار حمام السباحة وهي يحتجز ذراعاها بيديه وصرخ بها قائلاً: لو مقلتيش حالا انتي مين، وعايزة مني ايه، حتشوفي حأعمل فيكي ايه .
شعرت شمس بالرهبة والخوف وتقلصت ملامح وجهها ولكنها حاولت إظهار القوة والتخلص من يديه وهي تصرخ به: أنت اهبل يا بني، حأعوز منك ايه، هو انا اعرفك والا شفتك قبل كده، انت شارب حاجة يا بني علي بالليل وجاي تطلعه عليا .
لحقت شاهي صديقتها بعد ان لملمت حقيبتها التي وقعت منها أرضاً، وعندما وصلت وجدت هذا الموقف المحتدم بينهما، حاولت ان تتحدث ولكن قصي لم يمنح احد الفرصة وقال: كده يعني مش عايزة تتكلمي، طيب انا حأوريكي حأعمل ايه .
وسحبها من ذراعها خلفه وهو يسرع بجوار حمام السباحة، وهي تحاول التملص، وشاهي تصرخ به ان يتركها، ولكنه لا يستمع لأحد، كان الذعر قد تملك شمس، لم تحاول التفكير بل بدون وعي دفعته بقوة ليسقط في حمام السباحة، ووقفت هي تشاهده وهي تشعر بالنصر ثم قالت: بلاش تتقل في الشرب يا توتو بعد كده، طالما مش أد اللي بتطفحوه، بتتنيلوا ليه .
أدركت شاهي صديقتها ووقفت بجوارها قائلة: الله يخربيتك يا شيخة، ايه اللي عملتيه في الراجل ده .
فأجابتها: يحمد ربنا اني ما قلعتش اللي في رجلي وأديته بيه علي دماغه .
عضت شاهي علي شفتيها وأجابت بحنق وهي تحاول ان تخفض صوتها: عايزة تدي لقصي الدالي، بالجزمة علي دماغه .
اتسعت حدقتا عيناها، وتصلب وجهها من الصدمة، ونظرت للرجل في المياه ثم قالت: ده قصي الدالي، يعني كده الشغل بخ .
فأجابتها: اكيد
شمس بجمود: يعني المصاريف اللي اتصرفت راحت علي الفاضي
شاهي: فور شور
شمس بحسرة شديدة: راحت فلوسك يا صابر .
ثم وجدته يخرج من الحمام ويتجه نحوها فهرعت نحو غرفتها وهي تقول: اجررررررري يا مجدي ..
ذعرت شاهي من تصرف صديقتها ووقفت تنظر عليها ثم تنظر في اتجاهه وهو يخرج من المياه والغضب يعصف به لذا لم تجد حل سوي ان تهرع خلف شمس قبل ان يفتك بهما .
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شمس في قلبين)