رواية شمس في قلبين الفصل الثاني 2 بقلم مروة نصار
رواية شمس في قلبين الجزء الثاني
رواية شمس في قلبين البارت الثاني
رواية شمس في قلبين الحلقة الثانية
غادر شريف الجاليري وهو عازم علي استخدام الخطة البديلة، لذا لم يتواني او يتريث قليلاً، وبدأ علي الفور في التنفيذ لاستخدام كل اسلحته البديلة،ذهب الي وجهته الثانية الذي رأي أنها ستكون العون له في استعادة حبيبته، وبالفعل وصل إلي العنوان المحدد وصعد إلي الطابق الثالث ثم قام بقرع الجرس، وبعد بضعة ثوان فتح الباب ليجد ضالته أمامه،السيدة رقية والدة شمس التي اندهشت عندما وجدت شريف أمامها ولكنها سرعان ما استعادت أصول اللياقة وقالت: اهلا يا بني، اتفضل نورتنا .
تقدم شريف نحوها وقبل يدها وهو يقول: وحشتيني يا طنط، عاملة ايه .
ثم اتجها سوياً وجلسا في حجرة الجلوس، وبعد الرسميات والترحيب، بدأ الحديث بينهما علي الفور، وبجرأة شديدة قال: طنط أنا عايز شمس
ارتبكت السيدة رقية من جرأته ودخوله المباشر إلي لُب الموضوع، وصمتت قليلاًوهي ممزقة بين قلب ابنتها المحطم، وبين مصلحتها التي في اعتقادها انها لن تستطيع ان تحب شخص اخر مثلما أحبت شريف، وأنها يجب ان تسامحه حتي تبدأ حياتها وتنعم بالسعادة مرة اخري .
تنهدت بحزن وقالت: الموضوع صعب، انت جرحتها اوي يا شريف، جرحتنا كلنا .
نكس رأسه أرضاً من الخجل وقال: انا عارف، ومش حادافع عن نفسي، لأن انا ماليش عذر، بس انا معترف اني ضعفت، وكنت مشوش، مقدرتش اعرف قلبي عايز ايه بالضبط، لكن دلوقتي صدقيني، انا متأكد اني مش حأقدر في يوم أحب حد غير شمس، وأتمني ترجعلي تاني، ومفيش غيرك أنتي وأمي اللي تقدروا تقنعوها .
عقدت رقية ذراعاها علي صدرها وأسندت ظهرها للخلف ونظرت له نظرة عتاب ثم قالت: اللي فيه الخير ربنا يقدمه .
عودة للمعادي مرةاخري وبالتحديد في مكتب شمس الخاص، حيث كانت جالسة تحاول أن تنغمس في العمل بكل طاقتها حتي تمحي من ذهنها أي شيء قد يلهيها أو يجعلها تتراجع عن قرارها، ظلت منكبة علي المكتب تصمم مجموعة جديدة من أشكال الإضاءات التي تتميز بها وكانت السبب في شهرتها وجعلت براند شمس من الماركات المميزة في هذا المجال، كانت كل حواسها منصبة علي التصميم الذي أمامها إلي ان علا صوت رنين الهاتف فجأة وقطع حبل الإلهام وافزعها فانتفض جسدها وأطلقت صرخة صغيرة: عاااااااا .. تلاها سباب صغير للمتصل في سرها .. ثم أجابت:
الوووو..
_…
اهلا يا شاهي ازيكِ حبيبتي
_…
جاية دلوقتي، اوك حأستناكي .. بس متتأخريش بدل ما امشي وأسيبك .
اوك يا قلبي .. باي .
أنهت الاتصال ثم حاولت إنهاء التصميم الذي أمامها قبل قدوم صديقتها .
انقضت خمسة عشر دقيقة علي الاتصال قبل أن تصل شاهي، التي كعادتها دائما تقتحم عليها غرفة مكتبها دون استئذان، لتنتفض شمس للمرة الثانية من جراء فعلة صديقتها الذي دائما توبخها عليها، وتحاول ان تقنعها أنه ليس من المقبول ان تفعل هذا لأحتمال ان تكون في جلسة عمل مع أي زبون او عميل، ولكن هيهات ان تتغير شخصية شاهي او تنصاع لها .
حدقت شمس بصديقتها التي كانت تقف أمامها مرتدية بنطال جينز ممزق من علي الساق، وبلوزة قطنية بيضاء ذو حمالات رفيعة وحذاء رياضي ابيض وترفع شعرها إلي اعلي ولا تضع اي مساحيق سوي ملمع الشفاه، شاهي او ( شهيرة الدراملي ) صديقة شمس المقربة، تعرفا سويا في وقت كانت كلا منهما تحتاج إلي صديق حقيقي، شهيرة سليلة عائلة عريقة تنتمي لأصول تركية، فتاة جميلة، جمالها يفوق جمال شمس البسيط الهادئ، فهي الفتاة التي يتمناها الجميع، الشعر الأشقر والعينان التي من المستحيل ان تحدد لونهما هل هو لون سماء صافية، ام بحر هادئ، تخدعك مرارا وتظل تتسائل هل عيناها زرقاء تميل للأخضرار ام خضراء تميل للزرقة، بشرة مرمرية تشعر انها من العاج، شفاه وردية تدعي البراءة ولكنها مثيرة إلي حد التيه، جسد ينافس جسد آلهة الجمال، كل ما فيها يصرخ بالجمال، يتهافت عليها الصبية قبل الرجال، يرتمي تحت قدميها كل يوم العديد والعديد، ولكنها عازفة عنهم جميعاً، لقد ملت هوسهم بها، وتذللهم، تتمني رجل يجذبها إليه قبل أن ينجذب لها .
دخلت شاهي المكتب وشاهدت الفزع في عين صديقتها، فانفجرت ضاحكة: ايه يا بنتي شفتي عفريت .
ضيقت شمس عيناها غضباً وقالت وهي تكاد تنفجر: أنتي ايه يا بنتي، مليون مرة اقولك مينفعش دخلة المباحث دي، خبطي الاول، ارحميني بقي، أفرضي معايا عميل، يقول ايه لما يلاقيكي داخلة كده .
فأطلقت شاهي ضحكة تشبه ضحكات فتيات الليل ثم قالت: كده يا شموسة، يعني دي غلطتي انا جاية اشوفك، وبعدين أفرضي العميل ده اتغرغر بيكي، مش ادخل اخضه واخليه يجيله سكتة قلبية .
لانت ملامح شمس بعد سماع منطق صديقتها ثم ابتسمت رغماً عنها قائلة: اتغرغر بيا، انتي بتجيبي الكلام ده منين .
_ فأجابتها بتهكم وسخرية: من اللمبي
رفعت شمس يدها للسماء باسلوب درامي ثم قالت: صبرني يارب، ها يا شاهي يا حبيبتي، خير ايه اللي خلي سمو البرنسيسة تتعطف وتنزل من برجها العالي وتيجي تزورني .
فأجابت وهي يبدو عليها الشعور بالضجر: زهقانة .. عندي ملل فظيع، ايه رأيك تيجي نسافر شوية تركيا، نغير جو، ونعمل شوبينج ونيجي .
ابتسمت شمس واعادت نظرها للتصميم في محاولة لإنهائه وهي تقول: حبيبتي الشوبنح وتركيا والحوارات دي تناسبك انتي، اما انا اخري لما ازهق اروح اشرب حمص شام علي كورنيش المنيل، وانزل وسط البلد في التصفيات اعمل شوبنج، قال شوبنج في تركيا قال، مسمعتكيش الحاجة رقيه كان زمانها سمعتك كلمتين وجعوكي في عظمك .
تأففت شاهي من حوار صديقتها وإجابتها بعصبية: يوووه، هو أنا كل ما اقولك حاجة، تأخديها تريقة، انا بجد يا ستي مخنوقة وعايزة أغير جو، ومش بحب السفر لوحدي .
اعادت شمس النظر لصديقتها وشعرت انها بالفعل مستاءة فتركت الفرشاة من يدها وسألتها: مالك يا شهيرة ؟، فيكي ايه ؟، في حاجة مضايقاكي .
صمتت صديقتها قليلاً وأطلقت تنهيدة من صدرها ثم قالت: مخنوقة يا شمس، بجد مخنوقة، مفيش حاجة بتسعدني، مش لاقية نفسي في حاجة، يومي ملل، اوله زي اخره، مفيش جديد، مش نافعة في شغل، ومفيش حاجة بحب اعملها، طول اليوم ما بين النادي والبيت، زهقت من الناس، ومن وشوشهم، عايزة أغير الوشوش، والاهم زهقت من الباشا والدي اللي بيفتكر يكلمني بس لما يكون بيعزمني علي فرحه، خلاص مفيش اي حاجة مهمة، عارفة لولا وجودك في حياتي، كان زماني ميتة من زمان .
نهضت شمس من مقعدها لتذهب إلي صديقتها تحتضنها قائلة: بعيد الشر عنك يا قلبي، ربنا يخليكي ليا، متضايقيش نفسك، عشان خاطري ومتفكريش في حاجة، انا معاكي .
ثم جلست أمامها مباشرة وهي تحتضن يدها: هو أونكل رأفت اتصل بيكي .
فابتسمت شاهي ابتسامة حزينة وانحرفت دمعة من جانب عينيها حاولت منعها ولكنها عجزت اخيرا عن التحمل: ايوه، بيعزمني علي فرحه، رقم سبعة، ثم شردت ببصرها أمامها وقالت: الله يرحمك يا ماما، تخيلي بيقولي ايه !، بيقولي انا من بعد والدتك مش لاقي ست قادر أكمل معاها، مفيش واحدة قدرت تأخد مكانها، عشان كده بيتزوج كتير يمكن يلاقيها، تخيلي المنطق اللي بيبرر بيه عينيه الزائغة .
ربتت شمس علي يد صديقتها بحنان وقالت: يمكن ده فعلا احساسه، بلاش نظلمه، ثم حاولت ان تغير الموضوع فقالت: بصي تركيا مقدرش أوعدك، بس احتمال تجيلي سفرية لشرم الشيخ لو ضبطت، حأخذك معايا، ايه رأيك بقي .
فأجابتها شاهي: يعني مش حينفع تركيا خالص .
فحركت شمس رأسها بالنفي وهي تضم شفاهها في حركة طفولية علامة علي الرفض .
لتستسلم شاهي للأمر قائلة: خلاص شرم الشيخ حلوة بردوه، بس ايه بقي نوع السفرية دي ؟ .
فأجابتها وهي تعود إلي مقعدها خلف المكتب: فندق هناك، عايزين يعملوا شوية تجديدات فيه ويغيروا اشكال الإضاءات اللي في الغرف، وانا قدمت ملف بشغلي ليهم لو عجبهم، حيبعتوا ليا عشان نتفق، وقتها نروح مع بعض ونقضي كام يوم هناك .
تجهم وجه شاهي وقالت: امممم .. يعني مش حتكوني فاضية وحأبقي بردوه لوحدي .
فأجابتها صديقتها: لا طبعا .. الشغل مش حيبقي كتير، كام ساعة في اليوم، ارفع المقايسات واشوف الديزاين اللي يليق مع استايل الفندق، واكيد حيكون في شوية اجتماعات، بس كلها فترة الصبح، وأنتي نايمة .
ابتسمت شاهي وشعرت بالرضا .. ثم قالت: هو اسم الفندق ايه ؟
فأجابت شمس: فندق الدالي
فغرت شاهي فاهها ولمعت عيناها ببريق يعبر عن دهشتها وسعادتها، ووقفت تقفز في مكانها كالطفلة الصغيرة التي عثرت علي حلوي مميزة وهي تقول: واوووو، ايوه بقا .
حدقت شمس في صديقتها بغرابة ثم قالت: مالك يا هبلة، أتجننتي .
_ والله انتي اللي مجنونة .. فندق الدالي .. يعني حنشوف المز هناك، وأكيد حنتكلم معاه عشان الشغل، وممكن يعزمنا علي العشاء بالليل، ونهيص بقي .
علامات من البلاهة ارتسمت علي وجه شمس: مز مين !
فصرخت بها شاهي قائلة: حرام عليكي بقا ارحميني، انتي حتفضلي خيبة لحد أمتي، (قصي الدالي )صاحب مجموعة الدالي، اشهر راجل عازب في مصر، الستات كلها حتتجنن عليه، حتي اللي متجوزين، واد كده قمر، مالوش حل، والا شخصيته فظيعة، من الاخر حاجة محصلتش، ده يا بنتي صوره علي طول في المجلات، وبعدين ازاي تبقي مقدمة في حاجة ومتعرفيش صاحبها، مش حتبطلي الخيبة دي، قلتلك ميه مرة، لازم تجمعي معلومات عن الناس اللي حتشتغلي معاهم عشان تعرفي تتعاملي معاهم ازاي .
ابتسمت شمس بسخرية: والله طيب يا حلوة ربنا يهنيه بنفسه، وبعدين ما انا قلتلك قبل كده اشتغلي معايا، وتمسكي انتي العلاقات العامة والاتفاقات، وانا عليا الشغل والتصميمات وبس، انتي اللي مرضتيش .
_ اوك خلاص حأشتغل معاكي واتكلم انا مع المز ده وانتي خليكي في التصاميم بتاعتك .
نظرت شمس إلي وجه شاهي وبعد تفكير قالت: لا .. بعد الشغلانة دي، بمنظرك ده وجنانك حتبوزي الشغلانة، والراجل يفتكر اننا من البنات التافهة اللي جايين يدلعوا مش يشتغلوا، انا عايزاهم يأخدوا عني فكرة بالجدية والالتزام .
جلس قصي في قاعة الاجتماعات مع أعضاء مجلس الادارة يناقشوا جميع الاعمال المتعلقة بالفندق، وبعد عدة مناقشات بدا الحديث عن التجديدات السنوية، ووجه سؤاله إلي مدير التسويق: أستاذ أحمد ايه اخبار التجديدات، جمعت ليا ملف بالشركات اللي بعتت شغلها لينا .
أحمد: ايوه يا مستر قصي، كل الداتا موجودة في أيميل اتبعت لحضرتك .
فأجابه وهو يفتح الكمبيوتر المحمول الذي امامه: في أي ترشيحات لشركات معينة ؟.
أحمد: انا دققت في كل الاعمال اللي مرسلة لينا، وبصراحة عجبني اتنين، حسيتهم مختلفين وتصميماتهم مبتكرة، بس في شركة منهم لسه جديدة، يعني مبتدئين .
قصي: اسمائهم ايه .
أحمد: شركة الإضاءة الحديثة، وشركة شمس .
قصي: اوك، حأراجعهم واستني مني القرار بعد ساعة، ثم التفتت للجميع وأضاف: اعتقد كده خلصنا، الاجتماع انتهي يا اساتذة، الكل علي شغله .
ثم عاد مرة اخري للشاشة امامه ليحدد الشركة التي سيقع عليها الاختيار، جلس يتصفح الملفات لكل شركة والسيرة الذاتية لأصحاب الشركات والتصميمات الخاصة بهم، وفِي النهاية بعد ان استعرض جميع الملفات لم يعد لديه اي شك في قراره، وعلي الفور قام بالاتصال بمدير التسويق: الووو أحمد مفيش أي مجال للمقارنة بين كل المعروض علينا، هي شركة شمس بس المتميزة بينهم جدا، تصميمات الشركة مختلفة وجديدة، الباقيين تقليد، وكلهم شبه بعض، اتصل باصحاب الشركة وبلغهم باجتماع معاهم اول الاسبوع الجاي .
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شمس في قلبين)