رواية شمس ربحها القيصر الفصل الرابع والثلاثون 34 بقلم بيلا
رواية شمس ربحها القيصر البارت الرابع والثلاثون
رواية شمس ربحها القيصر الجزء الرابع والثلاثون
رواية شمس ربحها القيصر الحلقة الرابعة والثلاثون
نظراته القاتمة أرعبتها ..
همت بالحديث تدافع عن نفسها و ما قالته :
” أنت لا يحق ..”
قاطعها قبل ان تنهي جملتها حتى بصوت قاسي مخيف :
” اخرسي ..”
تجمدت الكلمات على شفتيها وشعرت بنفسها غير قادرة أن تدافع عن نفسها بينما هو مسلطا نظراته المرعبة عليها ليهتف بصوت بث الرعب داخلها :
“تصرفاتي قذرة وأجري الى اول عشيقة ما إن تمتنعي من تلبية رغباتي .. !!”
صاح بصوت عاصف :
” أنا هكذا اذا .. أليس كذلك ..؟!”
ارتجف جسدها بقوة وطفرت الدموع داخل عينيها من شدة الهلع لكنه لم يهتم وهو يجذبها من ذراعها ويلصقها في جسده ويكمل بصوت كالفحيح :
” لم يكن عليك اشعال غضبي أبدًا يا شمس لكن طالما فعلتِ هذه فتلقي نتيجة أفعالك وانظري كيف أكون أنا عندما أغضب بحق ..”
أكمل بعدها وهو ينظر إلى عينيها بنظراتيهما الهلعة :
” سوف أريكِ كيف تكون التصرفات القذرة ..”
ثم دفعها على السرير وانقض فوقها محاصرا جسدها بجسده القوي لتهمس بضعف :
” ارجوك لا تفعل ..”
هتف ببرود :
” لماذا ..؟! ألستُ أنا رجلا سيئا قذرا ..؟! ماذا تتوقعين من شخص مثلي يا شمس ..؟! ماذا تتوقعين من رجل ذهب الى عشيقته بعد يومين من زفافه ..؟! رجل يقوم بهكذا تصرفات قذرة عليكِ أن تتوقعي منه كل هذا ..”
” كلا ، ارجوك لا تفعل .. لن أتحمل ..”
نظرت الى عينيه الحادتين برجاء وتوسل لتشعر بيده تتسلل الى عنقها ثم تنحدر الى الاسفل وتهم بخلع الجزء العلوي من بيجامتها لتصرخ بتوسل فتتفاجئ به يدفعها بعيدا عنه بنفور وهو ينهض من فوقها بينما لسانه يردد بنبرة بدت لها كارهة :
” بإمكاني أن أفعلها .. ضعي هذا في عقلك ومرة ثانية لا تتحدثي بكلام أكبر منك ثم تنكمشين كالفأر دون أن تستطيعي المقاومة حتى ..”
اعتدلت في جلستها وهي تبتلع ريقها بضعف ليرمقها بنظرات جامدة قبل أن يهتف بها بصوت آمر :
” والآن غيري ملابسك لننزل الى الأسفل ..”
أومأت برأسها بملامح حزينة قبل أن تنهض من مكانها وتتجه نحو الخزانة تخرج ملابس مناسبة ترتديها ..
تابعها وهي تلج الى الحمام ليتنهد بإرهاق ويفكر داخله اذا ما كان يحسن التصرف او لا ..
ليس نادما بالطبع على ما فعله قبل لحظات فهي عليها أن تفهم إن احترامه واجبا عليها ولكنه في نفس الوقت يفكر في طريقته الجديدة معها وهل ستنجح ام ستفشل كسابقتها ..
جلس على الكنبة بملامح منزعجة وعقله يخاطبه أن يستمر في طريقته الجديدة وأن يمنعها من تجاوز حدودها معه ..
مرت حوالي ربع ساعة خرجت بعدها من الحمام واتجهت نحو المرآة تجفف شعرها جيدا قبل ان تبدأ بتسريحه ..
رفعته على شكل كعكة ثم وضعت القليل من المكياج على وجهها قبل أن تستدير نحوه وهي تهتف بضعف :
” انا جاهزة ..”
هز رأسه دون رد ثم قبض على كفها دافعا إياها لتجاوره في سيره نحو الطابق السفلي ..
……………………………………………………………….
في الأسفل ..
تقدمت لميس من حوراء التي تجلس في صالة الجلوس تتابع احد الأفلام الأجنبية وسألتها بحماس :
” هل عاد خالد من عمله يا حوراء ..؟!”
رفعت حوراء حاجبيها وهي ترد بضيق واضح :
” ومن أين سأعلم أنا إذا ما عاد أم لا ..؟!”
هتفت لميس بوجوم :
” لإنك تجلسين هنا منذ مدة فقلت ربما رأيتيه عندما عاد ..”
” كلا ، لم أره ..”
قالتها وهي تضع جل تركيزها على التلفاز لتسألها لميس بإستغراب :
” هل أنتِ بخير ..؟!”
صاحت بها حوراء :
” نعم أنا بخير وكفي عن اسئلتك هذه ..”
ردت لميس بصوت هادئ لكنه قوي :
” لا ترفعي صوتك علي يا حوراء .. اسلوبك هذا لا تتبعينه معي .. هل فهمت ..؟!”
نهضت حوراء من مكانها تهدر بها بسخط :
” ماذا تقصدين بإسلوبي يا لميس ..؟! ما به إسلوبي اصلا ..؟! لم يتبقَ غيرك ليتحدث عن إسلوبي ايضا ..”
ردت لميس بتهكم :
” في الحقيقة معك حق .. فالجميع يتحدث عن إسلوبك بنفس الطريقة ما عداي ومع هذا لم أفلت منه ..”
” أنت تتجاوزين حدودك ..”
قالتها وهي بالكاد تسيطر على غيظها لتسمعان صوت رانسي تهتف بدهشة :
” ماذا يحدث هنا ..؟!”
التفتتا الاثنان تجاهها ليجدانها تقف بجانب خالد الذي يتأملهما بملامح هادئة لا توحي بشيء فتهتف لميس :
” لا شيء .. فقط تجادلنا قليلا ..”
رفعت رانسي حاجبها وقالت بضيق :
” اذا أزعجكتكِ قولي لي .. أنا سأتصرف ..”
هتفت حوراء بغضب :
” وماذا ستفعلين مثلا ..؟! هل ستعاقبينني ..؟!”
ردت رانسي بسخرية :
” بإمكاني فعل الكثير يا حور ..”
قصدت أن تناديها بإسم دلالها فهمت حوراء بالرد عليها لكن صوت خالد أوقفها :
” حسنا يكفي .. توقفا عن هذا الجدال السخيف ..”
ردت حوراء بتهكم :
” عليك أن تخبر هذا لأختك الصغرى التي تتحدث بطريقة غير محترمة مع من يكبرها سنا ..”
رد خالد ببرود :
” إنها صغيرة .. ليس من المعقول ان تضعي عقلك بعقل فتاة تصغرك بعشرة أعوام ..”
تطلعت حوراء اليه بغيظ قبل ان تندفع خارج المكان لتهتف رانسي به بتذمر :
” كوني صغيرة لا يقلل مني .. الأمر لا يتعلق بالعمر بقدر ما يتعلق بالعقل ..”
هتف خالد وهو يربت على شعرها :
” لسانك الطويل قصريه يا رانسي .. ..”
نظرت اليه بحنق بينما هتفت لميس بإمتعاض :
” ما بالها تلك ..؟! اقسم إنها ليست طبيعية ..”
رد خالد بلا مبالاة :
” اتركيها يا لميس .. هي هكذا ولن تتغير فالأفضل ألا تتعاملي معها ..”
حركت لميس رأسها بضيق بينما دلف قيصر مع شمس الى المكان ملقيا التحية عليهم وتبعته شمس التي حاولت أن تسيطر على تعابير وجهها المضطربة قدر المستطاع ..
هتف خالد به :
” لقد أنهيت بقية الملفات بعد ذهابك اليوم وتركت زهير يراجعها بعدي ..”
قال قيصر بجدية :
” جيد .. غدا أيضا سأكون في الشركة للتأكد من الأشياء القليلة المتبقية ..”
قال خالد بهدوء :
” بإمكانك ألا تأتي .. يكفي مجيئك وقضائك اليوم بأكمله في الشركة ..”
شعرت شمس بدلو من الماء البارد يسكب فوق رأسها بينما ظل قيصر على وضعه الهادئ وهو يرد :
” كلا لا توجد مشكلة .. دعنا ننتهي من هذه الصفقة ونركز في بقية الأمور ..”
” كما تشاء ..”
قالها خالد قبل أن ينسحب من المكان لتغيير ملابسه بينما ربت قيصر على شعر رانسي بعدما جلس بجانبها على الكنبة وشمس جانبه ليهتف بها :
” كيف حالك يا صغيرة ..؟!”
ردت رانسي بإبتسامة مشعة :
” انا بخير يا بك ..”
ثم نظرت الى شمس وقالت بنفس الإبتسامة :
” هاي ..كيف حالك ..؟!”
ابتسمت شمس وهي ترد :
” بخير وانتِ ..؟!”
ردت رانسي :
” انا بخير ..”
ثم أكملت وهي تشير الى شعرها :
” شعرك جميل جدا .. ناعم ولونه مميزا .. ”
حافظت شمس على ابتسامتها وهي ترد :
” شكرا .. وانتِ جميلة للغاية ..”
” شكرا ..”
قالتها رانسي بإبتسامة بينما هتفت لميس :
” كيف حالك ..؟! ”
ابتسمت شمس بخفة وردت :
” بخير .. وانتِ ..؟!”
ردت لميس :
” بخير الحمد لله ..”
سألها قيصر :
” ما بالها حوراء يا لميس ..؟! رأيتها تتجه نحو جناحها منزعجة للغاية .. هل حدث شيء ما …؟!”
ردت لميس بسرعة :
” كلا .. مجرد جدال بسيط بيني وبينها…”
اومأ برأسه متفهما بينما دلفت دينا الى الداخل وهي تهتف بتذمر :
” دوام الجامعات سيبدأ بعد اسبوعين .. أود البكاء حقا ..”
ضحكت لميس وردت :
” كلا لا تبكي .. ”
ثم أكملت :
” يبدو إنني الوحيدة التي كنت أحب الذهاب الى الجامعة وانتظر بدء دوامي بلهفة ..”
” انتِ حالة استثنائية اذا ..”
قالتها دينا وهي تشاركها الضحك بينما نظرت الى شمس ورحبت بها بسعادة ثم اتجهت نحو قيصر وجلست بينه وبين رانسي التي هتفت بضيق :
” أنت تضايقينني ..”
هتفت دينا بلا مبالاة :
” اريد الجلوس بجانب أخي ..”
رمقتها رانسي بنظرتها المنزعجة ثم قالت وهي تنهض من مكانها وتتجه نحو الكرسي المقابل :
” فلتشبعي بالكنبة كلها لك ..”
كتمت شمس ضحكتها بصعوبة بينما نظرت دينا اليها وأخرجت لها لسانها لتزم رانسي شفتيها دون رد ..
………………………………………………………….
بعد مدة كان كلا من شمس وقيصر يجلسان مع العائلة بأكملها بإستثناء كوثر وحوراء وبالطبع فادي الذي لم يأتي الى القصر منذ زفاف قيصر ..
بعد لحظات دلفت كوثر تتبعها حوراء الى المكان حيث ألقت كوثر تحيتها وفعلت حوراء كذلك قبل أن تجلسان بجانب بعضيهما ..
عاد الجميع يتحدث في بعض المواضيع المختلفة قبل أن تهتف كوثر متسائلة :
” فادي منذ زفافك لم يأتِ الى القصر .. هل ينوي الإقامة خارج القصر ..؟!”
سيطر القلق على ملامح شمس بينما قصر يرد بهدوء :
” هذا صحيح .. هو ينوي الإقامة خارج القصر ..”
” وكيف تسمح له بهذا ..؟! ”
سألته كوثر بإستنكار ليرد :
” ولمَ سأمنعه ..؟! هو ليس صغيرًا كي أرغمه على الإقامة معنا .. ”
” غير مسموح لأحد بترك هذا القصر .. هذا القصر هو مكان جميع أفراد العائلة ..”
رد قيصر بفتور :
” القصر مفتوح للجميع لكن هذا لا يعني أن أجبر من لا يريد البقاء فيه على السكن هنا … ”
أكمل بهدوء :
” ثانيا .. من قال إنه سيبقى الى الأبد ..؟! ربما مدة ويعود ..دعيه يفعل ما يريد .. مهما ابتعد مردوده هنا ..”
نظرت اليه كوثر بعدم رضا بينما جاءت الخادمة بعد فترة تخبرهم ان طعام العشاء جاهز لينهض الجميع الى غرفة الطعام ..
بعد مدة خرجت شمس من صالة الجلوس بعدما استأذنتهم للصعود الى جناحها لأجل الحصول على قسط من الراحة ..
في الحقيقة هي تبعت كوثر التي سبقتها في الخروج بلحظات لتنادي عليها فتلتفت كوثر نحوها تتأملها بضيق لتجدها تهتف بها بعدما وقفت أمامها :
” كيف حالك عمتي ..؟!”
أكملت بعدها دون ان تنتظر ردا :
” صحيح ، هل تعملين إن إبنك كان في الشركة طوال الأيام السابقة حيث يعمل مع خالد على احدى الصفقات المهمة ..؟! بالطبع تعملين لكنك تقولين العكس كي تغضبينني .. ”
سألتها كوثر بتهكم :
“تتحدثين وأنتِ متأكدة من حديثك وكأنكِ كنتِ معه هناك ..”
ردت شمس وهي تبتسم ملأ فمها :
” صحيح أنتِ لم تكونِ موجوده عند هبوطنا الى الاسفل .. لقد كان خالد في صالة الجلوس عندما دخلنا اليها وقال لقيصر ألا يأتي غدا الى الشركة فيكفي إنه قضى الأيام السبقة يعمل معه لساعات طويلة بينما قيصر أخبره إنه يجب أن يأتي غدا لينهي الأشياء القليلة التي تبقت .. تعرفين موعد سفرنا اقترب وهو يريد انهاء كافة الامور العالقة قبل رحيلنا كي يتفرغ لي كليا ..”
ردت كوثر وهي ترسم قناع الاستهزاء على ملامحها :
” وما أدراك ..؟! ربما يكون اتفاق بينه وبين خالد ..”
هتفت شمس بسخرية :
” لقد خانكِ ذكائكِ هذه المرة يا حماتي العزيزة لإنك من المفترض إنك تعرفين ابنكِ جيدا وكونكِ تعرفينه فعليكِ أن تعلمي إنه من المستحيل ان يطلب من أي احد أن يخبأ أفعاله .. ليس قيصر من يفعل هذا .. هو مستعد أن يخبرني بصراحة عن مكان وجوده ولا أن يطلب من أحدا شيئا كهذا ..”
رمقتها كوثر بنظرات حاقدة بينما ابتسمت شمس ملئ فمها لتهتف كوثر بقوة :
” ستندمين يا فتاة .. وانا ما زلت على كلامي ولن أتراجع عنه وسوف تتأكدين من ذلك حينما ترينه بنفسك مع احدى عشيقاته ..”
قبل ان ترد شمس سمعت صوت قيصر ينادي عليها لتلتفت نحوه وهي تبتسم له برقة وتقول :
” هل ستذهب الى الجناح معي .. ؟! كنت أتحدث مع حماتي العزيزة قبل ذهابي ..”
ثم نظرت الى كوثر وقالت بوداعة :
” عن اذنك .. سأذهب الى جناحي فاليوم كان مرهق .. تصبحين على خير ..”
ثم نظرت اليه وسألت :
” هل ستأتي معي ..؟!”
رد بفتور :
” نعم ..”
ثم حيا والدته قبل أن يسير بجانبها متجهين الى جناحهما في الطابق العلوي تحت انظار كوثر الحانقة ..
………………………………………………………….
دلفت الى الجناح يتبعها هو ..
اغلق باب الجناح ثم اتجه لتبديل ملابسه ..
تأملته وهو يتجه نحو الحمام لتجلس على السرير وهي تشبك أنامل كفيها بتوتر ..
خرج بعدها لتنهض من مكانةا بنية الحديث معه لكنه لم ينظر اليها حتى بل اتجه نحو المرآة يسرح شعره ..
كتمت غيظها وهي تقف خلفه تتأمله قبل ان ينتهي مما يفعله ويهم بالاتجاه نحو الكنبة لتهتف به :
” هناك شيء ما اريد التحدث عنه معك ..”
رفع بصره نحوها للحظة ثم عاد ينظر الى هاتفه وهو يقول بإقتضاب :
” تحدثي ..”
” فادي ..”
قالتها بخفوت لتنظر عيناه الجامدتان نحوها وصوته صدح يسأل ببرود :
” ما به فادي ..؟!
” ماذا سيحدث ..؟! هل خرج من القصر بسببي ..؟! وهل سيعود ..؟!”
سألها بدوره :
” لن يحدث شيئ .. اما عن سبب خروجه من القصر فلا يتعلق بك بالكامل وحتى لو كان بسببك انتِ فقط فماذا ستفعلين ..؟! أما عن عودته فلا أعلم عنها شيئا .. اذا أراد أن يعود فلن أمنعه بالطبع لأن له في هذا القصر مثلي ومثل البقية ..”
هتفت بهدوء :
” لم أطلب منك ان تمنعه .. لم أضع في بالي أصلا أن يترك القصر رغم خوفي من حقيقة بقاءه معي في مكان واحد .. لكن اذا كان وجودي سببا في خروجه فهذا ليس حلا بالطبع ..”
سألها مستغربا :
” وما الحل برأيك ..؟!”
ردت بعفوية :
” أخرج من القصر ..”
صححت بسرعة عندما أدركت خطأها :
” أقصد نحن الاثنان ..”
” هذا الأمر إنسيه تماما .. انا لن أترك قصر عائلتي مهما حدث .. هنا ولدت وهنا نشأت وسأبقى هنا حتى أموت ..”
” ولكن وجودي مع فادي في مكان واحد غير مقبول ..”
قالتها معترضة ليرد بجدية :
” أفهم موقفك جيدا يا شمس لكن انتِ ايضا افهمي الوضع بشكل صحيح ..”
تنهد ثم أكمل :
” فادي اخطأ في حقك خطأ لا يغتفر وانا لا أطلب منك الغفران ولن أطلبه يوما .. انتِ وحدك من تقررين غفرانك من عدمه لكن لن يكون صعبا ان تتجاهلي وجوده معك في نفس المكان خاصة إنني سأضمن لك عدم اقترابه منك لأي سبب كان حتى لو خيرا .. كما إنه لن يجرؤ ويفعلها ..”
نظرت اليه بعدم اقتناع ليكمل بجدية :
” شمس .. فادي ليس سيئا الى هذا الحد .. حسنا ارتكب العديد من الأخطاء في حق نفسه ومن حوله .. اخطأ في حقي انا ايضا .. صحيح أنتِ أكثر من مستك اخطائه لكن ضعي في بالك إنه لم يكن في وعيه ..فادي مر بتجربة سيئة جعلت منه شخصا آخر .. شخصا مغيبا يتصرف كوحش جائع يريد إلتهام أي كائن أمامه مهما كان .. انا لا أستطيع أن أخبرك بما حدث في الماضي لإنه لا يخصني بل يخصه هو والأهم إنه لا يخصه وحده لذا فلا حق لي بالحديث عن غيري بأشياء ليس من حق أحد أن يتحدث عنها نيابة عنهم .. ”
صمت قليلا ثم اردف متأملا ملامحها الباردة :
” عليك ان تعلمي شيئين .. ”
تطلعت إليه بإنتباه ليكمل :
” اولا : ما قلته الآن عن فادي ووضعه ومشاكله ليس لغرض الغفران او تقبلك له .. لا يهمني غفرانك او تقبلك له ابدا .. هذا الأمر لا يحق لأحد مناقشتك فيه فهذا يتعلق بك نفسه .. لقد قلت ما قلته ليس لكسب تعاطفك معه بل لتفهمي إنني أعلم ما لا تعلميه لذا أتحدث هكذا والأهم إنني تصرفت معه قبل عامين وروضته نوعا ما .. حاله لم ينصلح تماما ولكن يكفيني إنني أضمن إنه لن يعبث بسوء مع اي احد وإنه لن يجرؤ و ينظر إليك مجرد النظرة حتى طالما أنتِ لا تتقبلين هذا … ليس لإنني هددته فقط واستخدمت قوتي معه بل لإن فادي نفسه أدرك مدى اخطائه بعدما استفاق من غيبوبته واستوعب كل ما قام به وصعوبة غفرانه وهذا أكثر ما يطمأنني فالشخص عندما يستوعب إنه اخطأ وبقوة لن يكرر هذا الخطأ بسهولة ..”
صمت وهو يفكر انه لن يخبرها بأية تفاصيل حتى عن علاجه النفسي الذي استمر لعامين لكنه لم يكذب فأخيه فهو بالفعل لم يعد كالسابق .. صحيح لم يتعالج نفسيا بشكل كامل وما زال هناك الكثير من الندوب في روحه .. يعرف ان وضعه النفسي غير مستقر وربما ينهار في اي لحظة ولكنه يدرك إنه لن يؤذي غيره بعد الآن .. علاج عامان كانا كفيلان بإيقاظه من تلك الغيبوبة التي جعلت تصرفاته غير محسوبة فهو لم يكن بوعيه عندما كان يفعل ما يفعله وربما هذا الشيء الوحيد الذي نجح الطبيب في علاجه بينما بقية الأشياء لن تختفي بسهولة بل ربما تحتاج الى اعوام كي تنتهي هذا اذا انتهت بالكامل كما يتمنى ..
أكمل وهو ينظر اليها :
” ثانيا : فادي أخي .. مهما حدث سيظل أخي الأصغر وانا مسؤول عنه .. ان فكر يوما بالاقتراب منك سأدمره لكن طالما هو ملتزم في تصرفاته معك خاصة فهذا يكفيني .. ربما لن أغفر له ما حاول فعله معك مسبقا رغم وثوقي إنه لم يكن في وعيه بل لم يكن يراكِ انتِ من الأساس لكن عدم غفراني لهذا التصرف لن يلغي أهميته عندي ولن يجعلني أتخلى عنه ابدا ..”
تطلعت اليه بملامح صامتة قبل أن تسأل :
” لماذا كذبت علي في اول مقابلة وأخبرتني إنه تم بتر قدمه بينما لم يكن هذا صحيح ..؟!”
سألها بإستغراب :
” لماذا تذكرتٍ هذا الآن وبعد كل هذه السنوات ..؟!”
اجابت بصدق :
” كنت أود سؤالك من اول يوم عرفت به الحقيقة لكن لم أرغب في فتح اي حوار معك لذلك تنازلت عن رغبتي تلك .. لم يكن لدي مزاج في الحديث عن اي شيء في الوقت الذي كنت اهرب فيه من أي شيء يتعلق بكل ما مررت به .. لكنني فكرت إن ذلك كان نوع من جلب التعاطف لا اكثر ..”
زفر أنفاسه ورد :
” نعم هو كذلك .. ”
صمت وهو يتذكر ذلك الحادث الذي كان على وشك ان يفقد فيه فادي قدمه لكن استطاع الاطباء انقاذ قدمه من البتر بمعجزة ..
عندما التقى به أخبرها عن مرضه الذي لم يكن سوى خدعه من فادي وقرر ان يضيف كذبة صغيره وهو إن احدى قدميه بترت بسبب هذا المرض بعدما تذكر ذلك الحادث فجأة ..
كان تصرفا غير محسوبا وندم عليه بعدما أخبرها بهذه الكذبة مباشرة لكن لم يستطع ان يصححها رغم عدم مرور دقيقة على نطقه بها فكيف يخبرها إنه اخترع كذبة كهذه ..؟! غروره منعه من هذا رغم علمه إنها ستكتشف الأمر عاجلا ام أجلا ..
هزت رأسها بيأس منه ثم همت بالإتجاه نحو السرير لتنام ..
توقفت بجانب السرير وقالت فجأة:
” صحيح نسيت أن أخبرك إن سبب غضبي وقولي لما قلته اليوم والدتك .. والدتك أخبرتني إنك كنت تقضي اليومين السابقين مع عشيقتك .. وأخبرتني ايضا إنها طبيعتك ولن تتغير وإنك مع مرور الوقت سوف تفعل كل هذا وبشكل علني وأنا سأشاهد هذا دون أن أقول شيئا .. ”
أكملت بتهكم :
” ربما اخطأت بحديثي لكن حديث والدتك وغيابك لساعات وقبلها غيابك طوال اليومين جعل الشك يتسلل لقلبي خاصة إني أعلم إن لديك العديد من العشيقات سابقا.. لذا لا تلومني على خطئا حدث رغما عني نتيجة لما شاهدته وسمعته .. ”
نظر اليها دون رد لترفع لحاف السرير وتندس فيه وتغمض عينيها بقوة ..
………………………………………………………………
صباحا ..
فتحت عينيها واعتدلت في جلستها بسرعة لتجد الجناح خاليا منه ..
حملت هاتفها وقررت الاتصال به بسرعة ليأتيها صوته بعد ثواني فتهتف به بسرعة :
” متى خرجت ..؟! هل ذهبت الى الشركة ..؟!”
جاءها صوته الخافت :
” اولا هناك شيء اسمه تحية الصباح .. ثانيا انا في الأسفل أتناول إفطاري وسأخرج بعد قليل ..”
” انتظرني .. سآتي عندك ..”
ثم اغلقت الهاتف واتجهت مسرعة نحو الخزانة لتغير ملابسها لتتفاجئ به يدلف الى الجناح بعد دقيقتين فتحمد ربها انها كانت قد انتهت من ارتداء بنطالها والتيشرت خاصتها بحمالاته الرفيعة فسارعت لترتدي سترتها وهي تهتف به على عجلة :
” لقد انتهيت .. سآتي معك ..”
سأل بوجوم :
” الى اين تأتين ..؟!”
ردت بجدية وهي تغلق الازرار العلوية من سترتها :
” الى الشركة .. ”
ثم سألته بدهشة :
” لا تخبرني إنني لن أستمر في عملي عندك .. لقد اتفقنا إنني سأعمل عندك حتى يصدر قرار تعييني كمعيدة ..”
رد بهدوء :
” لم أقل هذا لكن ما زال الوقت مبكرا للغاية على العودة الى العمل .. انتظري اسبوع على الاقل ..”
هتفت به :
” لماذا ..؟! انت بنفسك عدت الى العمل منذ ثاني يوم .. ما المشكلة اذا عدت انا ايضا ..؟!”
رد بجدية :
” انا اضطررت بسبب اعمالي ..”
هتفت ببرود :
” طالما أحدنا عاد فلن تؤثر عودة الثاني .. بالعكس هذا سيكون افضل ..”
” أفضل من أي ناحية ..؟!”
سألها بسخرية لترد بفتور :
” بالنسبة لي هو أفضل .. أنا أراه هكذا ..”
زفر أنفاسه ثم قال بملل :
” كما تشائين .. ”
ثم اكمل :
” انا سأتحدث مع والدتي قليلا ثم انتظرك بالأسفل كي نرحل ..”
هزت رأسها دون ان تنظر اليه فهي تقف امام المرآة ترفع شعرها بتسريحة بسيطة لتسمع صوت الباب يغلق فتكمل ما بدأته بسرعة ..
…………………………………………………………
” ماذا هناك يا قيصر ..؟!لقد أخبرتني الخادمة إنك تريدني ..”
قالتها كوثر وهي تجلس أمامه واضعة قدما فوق الاخرى ليتأملها بصمت وهدوء قبل ان يسأل:
” الى متى أخبريني ..؟!”
نظرت اليه بعدم استيعاب لتجده يكمل :
” الى متى ستفعلين ما تفعلينه ..؟! والى متى سأتغاضى عن تصرفاتك ..؟! ”
” ماذا حدث ولمَ تتحدث معي هكذا ..؟!”
سألته بضيق ليرد بجدية :
” ألن تنتهي تصرفاتك هذه ابدا ..؟! ألن تتوقفي عما تفعلينه ..؟! ألم تفهمي بعد إن لا أحد يستطيع الوقوف في وجهي او منعي عما أريد .. ؟! ”
نهضت من مكانها تهتف بحدة :
” ماذا يحدث بالضبط..؟! كيف تتحدث معي بهذه الطريقة ..؟! لا تنسى اني والدتك يا قيصر ..”
نهض بدوره من مكانه وقال بقوة :
” لم ولن أنسى .. بالأساس عدم نسياني هو من يجعلني اتغاضى عن الكثير من الأمور التي تقومين بها .. تسلطك وتصرفاتك واختلاقك المشاكل مع من حولك والعديد من التصرفات التي استطعت السيطرة عليها بطريقتي .. ورغم كل ما تفعلينه ما زلت أحترم أهميتك ومكانتك عندي وفي هذا المنزل .. لكن ما تفعلينه سوف يدمر حتى هذا .. ”
” ومالذي فعلته ..؟!”
سألته بعصبية ليصيح بصوت قوي :
” فعلتِ الكثير رغم تحذيري لك عدة مرات بشأن حياتي الشخصية .. حياتي الشخصية خط احمر .. أخبرتكِ بهذا مرارا وما زال تحاولين التدخل وتخريب زيجتي .. اسمعيني جدا .. زوجتي خط احمر .. حياتي بأكملها مليون خط أحمر .. من الآن فصاعدا لن أقبل بأي خطأ منك .. مثلما أؤدب كل شخص يمسك انتِ او احد افراد عائلتي ومثلما يعلم الجميع إن جميع افراد هذه العائلة مهمين عندي ولا أسمح لشخص إن يمسهم بسوء او يتجاوز حدوده معهم فلن اسمح انتِ لك ايضا أن تفعلي هذا .. هذا اخر تحذير واي تجاوز منك سوف اضطر حينها لفعل اشياء لا أرغب بها .. ”
” ماذا ستفعل مثلا ..؟!”
سألته وهي تنظر اليه بتأهب ليرد بهدوء :
” بما إنك لا تتفقين مع زوجتي ولا تتقبلين وجودها فمن الصعب جمعكما بمكان واحد .. ولإن هذا القصر هو لافراد عائلة عمران .. لجدي وابي وأعمامي من بعده فمن المستحيل ان اخرج منه خاصة إنني أكبر الاحفاد وبالطبع زوجتي ستكون معي حيثما أكون لذا من المنطقي أن تخرجي انتِ وتسكني في احد منازلنا الاخرى ..”
” تطردني يا قيصر .. تطردني لأجل زوجتك ..؟!”
هتفت بها بعدم تصديق ليجيب بجدية :
” لو تجاوزت زوجتي حدودها معكِ بحرف واحد لما ترددت لحظة واحدة في تأديبها ولم أكن لأكتفِ وقتها بهذا ..”
صمت قليلا ثم اكمل :
” كما إنني لا أطردك .. انا احذرك كي تنتبهي على تصرفاتك القادمة .. اذا تصرفت بالشكل الصحيح فستبقين كما انت في نفس مكانتك التي لن تتزحزح مهما حدث .. حافظي على مكانتك والأهم على دورك كأم والذي يبدو إنك تناسيته مع مرور الوقت ..”
صاحت معترضة :
” ماذا تقصد ..؟! ألم تكتفِ بكل ما قلته كي تأتي الآن وتتهمني إنني أم فاشلة ..؟!”
” انا أقول هذا كي تنتبهي على ابنائك .. بناتك مثلا يحتاجونك .. خاصة تلك التي لا تكف عن تصرفات المنفرة واسلوبها المستفز .. ”
” انت تقصد حوراء بالتأكيد .. ”
سألته بحنق ليجيب :
” بالتأكيد لا أقصد دينا بحديثي هذا يعني فأنتِ تعرفين من تتصرف بشكل منفر مستفز مع الجميع .. ”
هدرت بقوة :
” ابنتي لا تفعل شيئا خاطئا أم إن زوجتك شحنتك ضدها ايضا ..”
صاح بلا وعي :
” ما هذا الكلام ..؟! هل أنا صغير لتشحنني ضدك او ضد اختي ..؟! اطمئني لا داعي ليشحنني احد فأنا ارى كل شيء امام عيني .. وانا لا اتحدث عن اسلوبها مع زوجتي لإنها لم تلتقِ بها حتى الآن بل اتحدث عن تصرفاتها المزعجة عموما وتعاليها مع الجميع .. ألا ترين كيف تتصرف ..؟! هل تعجبك طريقة تعاملها مع من حولها ..؟!”
” لا أرى بطريقتها اي خطأ .. انها تتصرف بكل رقي وبما يليق بمكانتها واسمها .. ”
ضحك بسخرية وقال :
” مكانتها واسمها .. !! المشكلة انها تتصرف بطريقتها هذه حتى مع من هم في نفس مكانتها واسمها .. ابنتك تظن نفسها ملكة متوجة فوق الجميع .. علاقتها مضطربة مع اغلب من حولها حتى اختها الوحيدة لا أراها تتحدث معها او تهتم بها بل إن علاقتهما لا تناسب علاقة اختين وحيدتين ..”
ردت بعناد :
“ربما الخلل من دينا .. دينا شخصيتها مختلفة عنها وانت تدرك ذلك جيدا .. لمَ تلقي اللوم على حوراء فقط ..؟!”
” لإن دينا صديقة الجميع والجميع يحبها .. علاقتها مع لميس اقوى من حوراء بل حتى مع سوزان علاقتها اقوى رغم فرق السن بينهما .. هذا أكبر دليل إن الخلل من عند ابنتك وليس من غيرها كما تحاولين ان تثبتي .. ”
قالها بعقلانية لتهتف بضيق :
” وما المطلوب مني الان ..؟! والأهم ما المطلوب منها ..؟! ولماذا تتحدث عن الوضع وكأنه مشكلة كبرى ..؟! ماذا سيحدث اذا كانت علاقتها ليست جيدة مع من حولها ..؟! هل سينتهي العالم ..؟! هل سينقصها شييء ..؟!”
اجاب وهو بالكاد يسيطر على اعصابه من هذا الحديث :
” انا احاول إخبارك بإن ابنائك يحتاجونك .. يحتاجون نصائحك ونوعيتك خاصة في هذا السنوات المهمة من عمرهم .. احاول إخبارك ان لديك مهام اخرى غير القاء الاوامر وافتعال المشاكل ..”
اردف بعدها هازئا :
” لكن بالطبع حديثي عن ابنتك لن يعجبك لإنها تتصرف بالطريقة التي تحبينها وتفضلينها دائما ..”
نظرت اليه للحظة ثم قالت بتهكم :
” حسنا الخطأ مني .. هل ارتحت الآن ..؟!”
نظر اليها بضيق قبل ان يهتف بيأس :
” كلا لم ارتح .. سأرتاح حقا اذا ما ابتعدت عن زوجتي وتركها وشأنها على الأقل .. ”
ثم اتجه خارج المكتب فوجد شمس تهبط درجات السلم فأخبرها أن تتبعه للخارج ..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شمس ربحها القيصر)