رواية شمس ربحها القيصر الفصل الثالث والثلاثون 33 بقلم بيلا
رواية شمس ربحها القيصر البارت الثالث والثلاثون
رواية شمس ربحها القيصر الجزء الثالث والثلاثون
رواية شمس ربحها القيصر الحلقة الثالثة والثلاثون
إلتفتت نحوه وهي تلمس العقد الماسي بأناملها لا إراديا ثم همست بخفوت :
” شكرا لك ..”
“ألن تريه ..؟!”
كان يتحدث عن العقد حيث سارت نحو المرآة وتأملته بتصميمه الناعم الرقيق لتهتف بصدق :
” إنه رائع .. أعجبني للغاية ..”
ابتسم وهو يتأمل عنقها الأبيض المزين به ورد :
” من الجيد إنه أعجبك ..”
استدارت نحوه مره أخرى وهتفت بخجل فاجئه :
” لم يكن له داعي .. يعني لقد اشتريت لي طقما ماسيا ..”
قاطعها بهدوء :
” ذلك الطاقم هو جزء من مهرك اما هذا فهو هديتي لك ..”
” وما مناسبة تلك الهدية ..؟!”
رد وهو يعاود فك بقية ازرار قميصه :
” ليس من الضروري وجود مناسبة كي يهدي الزوج زوجته هدية ..”
نظرت الى جذعه العاري بخجل بينما لم ينتبه هو لها لتحمحم وهي تتجه نحو السرير وتحمل هاتفها تدعي إنها تعبث به :
” أريد الذهاب الى اهلي .. أريد رؤيتهم ..”
” لا مشكلة .. سنذهب غدا ..”
رفعت أنظارها من فوق هاتفها لتجده ارتدى تيشرت خفيف فهتفت بسرعة :
” ولمَ غدا ..؟! أريد الذهاب اليوم ..”
رد بجدية :
” لا يصح يا شمس .. اصبري يومين بعد الزفاف على الاقل ..”
نظرت اليه بعدم رضا ليزفر أنفاسه ويقول بتروي بعدما جلس بجانبها :
” لا أفعل هذا عنادا بالطبع .. المنطق يقول هذا ..”
هتفت بسرعة :
” بالطبع اعلم .. ما تقوله صحيح .. لكنني اشتقت لهم وأود رؤيتهم ..”
” غدا سآخذك لهم ..”
ابتسمت برقة وقالت :
” شكرا ..”
رفع حاجبه بذهول من تلك النبرة الناعمة وقال :
” عفوا ..”
أردف متسائلا :
” هل تناولت طعامك ..؟!”
ردت بضيق :
“كلا ..”
” لماذا ..؟! ”
أجابت بخفوت :
” خجلت أن أتناول الطعام لوحدي مع عائلتك لأول مرة .. ”
قال بجدية :
” ليس من الضروري ان تتناولي طعامك معهم .. كان من الممكن ان تتناوليه هنا .. بالتأكيد روز أوصت بذلك .. لن تنسى شيئا كهذا ابدا ..”
ردت بعفوية :
” نعم أخبرتني الخادمة بذلك لكنني رفضت .. خجلت من ذلك ..”
تنهد ورد :
” لا يجب أن تخجلي من أي شيء في هذا القصر ..”
أردف بعدها :
” أنت هنا مثلك مثل أخواتي بل مثل جميع افراد العائلة ..تصرفي على هذا الاساس ..”
نهض بعدها من مكانه وخرج دون ان ينتظر ردها ليعود بعد مدة وخلفه الخادمة التي وضعت صينية الطعام على الطاولة ثم سألتها هي وقيصر اذا ما يريدان شيئا آخر ..
خرجت الخادمة لتجده يتجه نحو الكنبة ويجلس عليها مقلبا في هاتفه لتظل في مكانها فيرفع بصره نحوها بعد فترة قصيرة ويسألها مستغربا :
” ألن تتناولي طعامك ..؟! سيبرد الطعام ..”
سألت بجدية :
” ألن تتناول طعام غدائك معي أم إنك تناولته في الخارج ..؟!”
رد وهو يعاود التقليب في هاتفه :
” تناولته في الخارج ..”
نظرت إليه بشك دون أن تعقب ليهتف بها مرة اخرى دون أن ينظر إليها :
” ماذا تنتظرين ..؟! تناوليه هيا ..”
نهضت من مكانها على مضض لتجلس وتبدأ في تناول طعامها بصمت ..
…………………………………………………………..
مرت عدة ساعات جلس فيها قيصر يعمل على حاسوبه بينما هي كانت تعبث في هاتفها بعدما غيرت قميص نومها الي بيجامة حريرية ..
شعرت بالملل عدة مرات خلال هذه المدة لذا قررت أن تنام قليلا بدلا من هذا الملل لكنها وجدته يهتف بها :
” غيري ملابسك فسنهبط الى الطابق السفلي ..”
هتفت بضيق :
” وما بها ملابسي ..؟!”
حدق بها ورد :
” نحن لا نرتدي البيجامة خارج الجناح يا شمس .. ”
ردت بسخط :
” هل تبقون طوال اليوم بملابس الخروج ..؟!”
اومأ برأسه لتقول بملل :
” لكنني لا أفعل هذا .. أنا أرتدي البيجامة في المنزل وهذا ما يفعله الجميع ..”
أكملت بنبرة ذات مغزى :
” ولا أحب أن ُأجبر على ارتداء ملابس الخروج في المكان الذي من المفترض إنه منزلي ..”
زفر أنفاسه بضيق وقال :
” سوف تعتادين على ذلك بل إنك ستجدين نفسك بعد مدة ترفضين الخروج من هذا الجناح وأنتِ ترتدين البيجامة ..”
همست بتهكم :
” اثنان وعشرون عاما معتادة على هذا وتتوقع مني أن أعتاد على شيئا يختلف عنه بعد مدة قصيرة ..”
” ما الحل اذا ..؟!”
سألها بغضب مكتوم لترد ببرود :
” لن أفعل إلا ما أريده وأرتاح به طالما إن ما أفعله ليس خطئا أو عيبا ..”
ثم أكملت بسخرية :
“ولكي لا تظن إني أعاندك فسألتزم البقاء في جناحي ولن أخرج منه كي لا أسبب لك أي أحراج مع عائلتك ..”
تطلع إليها بنظرات عصبية أربكتها قليلا لكنها تجاهلتها لتسمعه يقول ببرود :
” أنتِ حرة .. بالنسبة لي سأهبط الى الاسفل بدلا من جلوسي هنا بين اربعة جدران لا أجد شيئا واحدا ممتعا او أفعل أي شيء حتى..”
ثم حمل هاتفه وخرج تحت انظارها الممتعضة ..
……………………………………………………………..
بعد مدة سمعت طرقات على باب الجناح لتسمح للطارق بالدخول ..
دلفت الى الخادمة وهي تحمل صينية العشاء لتلقي التحية عليها ثم تضع الصينية على الطاولة ..
سألتها الخادمة اذا ما تريد او تحتاج شيئا آخر فهمت شمس أن تطلب منها أن تأخذ الصينية فلا رغبة لديها بتناول الطعام لكنها تراجعت عن ذلك ..
خرجت الخادمة بينما نهضت شمس من مكانها ونظرت الى الصينية التي تحوي العديد من الأطعمة ثم هتفت بحنق :
” يرسل لي الطعام دون أن يكلف نفسه ويأتي لتناوله معي .. ”
عادت نحو السرير تعقد ذراعيها أمام صدرها وتهز قدميها بحنق ..
مرت مدة قبل ان يعود قيصر الى الجناح ليجدها على وضعيتها تلك ..
لم يبال بها بل اتجه نحو الخزانة ليخرج بيجامته ليزداد حنقها اضعافا من تجاهله الذي بات يسيطر على تصرفاته معها في أغلب الاوقات بشكل لم تعتد عليه مسبقا ..
وجدته يتجه نحو السرير ويجلس على الطرف الآخر وهو يعبث بهاتفه قبل أن يتمدد وهو ما زال يعبث به ..
همت بقول اي شيء حتى لو شيء يثير حنقه لكنها تراجعت فجأة وقررت ان تنام ثم انتبهت الى صينية العشاء التي تركتها كما هي لترميه بنظرات عابئة وهي تفكر إنه لم يكلف نفسه عناء سؤالها عن سبب عدم تناولها عشائها ..
ضمت شفتيها بضيق وشعور عدم الرضا من كل ما يحدث يسيطر عليها لتنهض من مكانها اتجاه الحمام وهي تقرر اخذ حماما طويلا يخفف من ضيقها وتوترها ..
خرجت بعد مدة وهي ترتدي قميص نومها والذي مختلفا عما سبقه حيث كان متوسط الطول وذو حمالات رفيعة يبرز عنقها والجزء العلوي من المنطقة ما فوق نحرها ..
تأملها لا أراديا وهي تفك المنشفة من فوق شعرها وتبدأ بتسريحه ..
ظلت تسرحه لمدة قبل ان تحمل أحد العطور وترش منه الكثير على رقبتها وجسدها عموما ..
انتشرت رائحة العطر النفاثة في الغرفة فشعر بتلك الرائحة تخترق أنفه بقوة ..
تأمل قوامها النحيف للغاية والذي تبرز نحافته الشديدة بفضل القميص الذي يلتصق عليه ..
في داخله يود أن يمتلكها بحق وينهي هذا الوضع الذي طال أكثر من اللازم من وجهة نظره لكنه لن يفعل ذلك إلا عندما يشعر برغبتها هي الآخرى بهذا ..
وجدها تجلس على السرير بجانبه قبل أن تجذب الغطاء فوق جسدها مقررة النوم لينهض من مكانه هو الآخر ويغلق الأنوار في المكان ثم يتجه نحو السرير مرة أخرى ويتمدد جانبها ..
سمعها تهتف بعد مدة بخفوت :
” ماذا تفعل ..؟!”
سألها بإستغراب :
” ألم تنامي بعد ..؟!”
أجابته بنفي :
” كلا ، انا لا أستطيع النوم ..”
ثم اعتدلت في جلستها لينظر إليها ويسأل :
” ماذا حدث ..؟!”
ردت بتردد :
” لا أعرف كيف أنام .. الوضع جديد علي .. المكان جديد علي … أريد النوم في غرفتي .. انا معتادة منذ سنوات على النوم هناك ..”
اعتدل هو الآخر في جلسته وقال بجدية :
” لا بأس .. هذا يحدث دائما في أي مكان جديد نسكن فيه .. ستعتادين مع مرور الوقت ثم تصبحين لا تستطيعين النوم سوى هنا ..”
هزت رأسها نفيا وردت بصوت مبحوح :
” لا أظن ذلك .. لن أعتاد على هذا الوضع بسهولة كما تقول ..”
سألها بهدوء :
” ما باله صوتك ..؟!”
ثم لمس ذراعها وهتف بها :
” هل تبكين يا شمس ..”
نظرت إليه لتفاجئه دموع خفيفة داخل عينيها ليزفر أنفاسه وهو يهتف :
” لماذا تبكين ..؟! ”
أردف بعدها :
” ما تمرين به طبيعي وتمر به أي عروس يا شمس .. أنت تبدئين حياة جديدة ومن الطبيعي أن تشتاقي في بداية ذلك لحياتك القديمة ..”
قالت بصوت حزين :
” الموضوع لا يقتصر على شعوري بالغربة وعدم اعتيادي على وضعي الجديد .. هناك العديد من المشاعر المتناقضة داخلي .. والعديد من الأفكار التي تسيطر علي بل التخيلات ايضا ..”
سألها بإهتمام :
” وما هي تلك الأفكار او التخيلات يا شمس ..؟!”
هتفت بسرعة :
” لا يمكنني أن أخبرك عنها ..”
هز رأسه متفهما دون أن يصر على معرفة ما تفكر به فيضغط عليها أكثر ..
لمش شعره بأناملها وقال :
” لا أعرف كيف أساعدك فأنا لا ادرك ما تمرين به بالضبط ولكن كوني واثقة إن كل هذا سينتهي بعد مدة .. ”
” لمَ أنت واثق من هذا ..؟!”
سألته بضعف ليرد بخفة :
” ربما لإنني أدرك العديد من الأشياء التي لا تدركينها ..”
همت بسؤاله عن مقصده من حديثه هذا لكنها سكتت وهي تجده يربت على شعرها بكفه ويقول برفق :
” هيا حاولي ان تنامي الآن وأنا هناك بجانبك اذا ما احتجتي شيء او شعرتِ بأي ضيق ..”
تطلعت اليها بدهشة أخفتها بسرعة وهي تفكر إنه في هذه اللحظة يتعامل معها برفق وعناية لم تتوقع أن تنال منه ربعه يوما ما ..
…………………………………………………………..
حل الصباح لتفتح شمس عينيها بعدما نامت لمدة لا بأس بها ..
عاد الى ذاكرتها حديث قيصر القصير ليلة البارحة وذلك الهدوء والعناية التي لم تعتد عليهما منه ..
اعتدلت في جلستها بسرعة وهي تتوقع أن تراه في الجناح لكنها لم تجده ..
شعرت بالقليل من الإحباط لكنها تجاهلت ذلك وهي تحمل هاتفها وتقرر الاتصال بأختها تطمئن عليها وعلى والدتها وأخيها لكنها وجدت رسالة مقتضبة منه يخبرها أن تتصل به عندما تستيقظ كي يأتي ويأخذها لزيارة عائلتها ..
اتصلت به وأخبرته إنها إستيقظت وسوف تتجهز حالا ثم قفزت من فوق سريرها وركضت نحو الخزانة تبحث عن شيء مناسب ترتديه ..
وقع إختيارها على تنورة قصيرة قليلا من الجلد الأسود وبلوزه خفيفه من الدانتيل البنفسجي ذو أكمام طويلة ..
إرتدتهما ثم شرحت شعرها وتركته منسدلا بحرية على جانبي وجهها ..
وضعت مكياجا ناعما كعادتها وارتدت حذاء ذو كعب طويل قليلا هذه المرة..
انتهت من تحضير نفسها بالكامل لتجلس على الكنبة تقلب في هاتفها تنتظر وصوله لتجده يرن عليها فتنهض من مكانها وتتجه خارج الجناح ..
سارت نحو الطابق السفلي قبل ان تتوقف في مكانها على صوت كوثر تهتف وهي تقف خلفها :
” وأخيرا خرجت عروسنا المصون من جناحها .. ظننتك قررتِ البقاء هناك الى الأبد ..”
إلتفتت شمس نحوها وهي تبتسم ملأ فمها ثم قالت بسعادة مصطنعة :
” عمتي حبيبتي .. كيف حالك ..؟! من الجيد إنني رأيتك قبل خروجي ..”
تجاهلت كوثر كلمة عمتي وقالت وهي تسير نحوها تتفحصها بإمتعاض :
” وإلى أين ستخرجين ان شاءالله ..؟!”
ردت شمس بفرحة مقصودة :
” سوف اذهب مع زوجي حبيبي لزيارة عائلتي ..”
هتفت كوثر بتهكم :
” اذا قيصر سيخرج معك هذه المرة وليس لوحده كما فعل في اليومين السابقين ..”
تجاهلت شمس كلماتها المقصودة وردت بضحكة مصطنعة :
” بالطبع سيخرج معي يا عمتي ..”
ثم أردفت بنبرة جعلتها عفوية قدر المستطاع :
” حبيبي إنه يعمل في الشركة من ثاني يوم بعد الزفاف كي يقدم موعد سفرنا فهو مستعجل للغاية على شهر العسل ..”
أطلقت كوثر ضحكة ساخرة ثم قالت وهي ترمقها بنظرات هازئة :
” في الشركة ..؟! كم إنتِ مسكينة يا فتاة ..؟! خالد طوال يومين لم يعد الى المنزل حتى المساء .. هل تعلمين لماذا ..؟! لإن جميع الأعمال تراكمت عليه بسبب غياب قيصر منذ ثلاثة ايام فعمله تضاعف وهو ينتظر أن تنتهي إجازة زواج قيصر كي يعود الى الشركة ويدير الأعمال المسؤول عنها ..”
تطلعت اليها شمس بعدم تصديق بينما اكملت كوثر بخبث :
” من نظراتك واضح إنك لا تعلمين الى أين ذهب .. هذا جيد وأفضل لكِ في الوقت الحالي .. لكن مع مرور الوقت ستعملين خاصة عندما يصبح كل هذا أمرا واقعا لا تستطعين منعه ولا الإعتراض عليه حتى ..”
نظرت اليها شمس بكره قبل أن ترفع ذقنها وهي تهتف بها :
” أنا أفهم جيدا ما نرمين اليه وتحاولين إخباري به .. ابنك يذهب الى احدى صديقاته .. هذا ما تودين إخباري به .. أليس كذلك ..؟!”
أردفت بتهكم وقرف :
” اذا كان ما تقولينه صحيحا فهنيئا لكِ بتربيتك الفاشلة يا هانم .. لم أكن أعلم بالإضافة لكونك مغرورة ومتعالية وقاسية ولا تحبين أحد إنكِ أم فاشلة أيضا .. ”
” لسانك طويل يا فتاة ..”
قالتها كوثر بغضب لتهتف شمس بمرح مصطنع :
” للغاية .. طويل للغاية يا عمتي ..”
احتقنت ملامح كوثر وهي تقول :
” لا تقولي عمتي ..”
هتفت شمس بجدية :
” حسنا .. من الأفضل ألا أناديك هكذا لذا سأناديكِ ماما .. ألا يقولون إن الحماة في مقام الأم ..”
تقدمت كوثر نحوها وجذبت ذراعها تضغط عليها وتهتف بها بتحذير :
” إياكِ أن تتجاوزي حدودك .. هل فهمتِ ..؟!”
أمسكت شمس بكفها وأبعدتها عن ذراعها ثم قالت بنفس النبرة :
” وأنتِ إياكِ أن تتحدثي معي بهذا الإسلوب وإياك أن تلمسيني بهذه الطريقة ..”
ثم منحتها نظرة لا مبالية وسارت متجهة الى الطابق السفلي ومنه خارج القصر لتجد قيصر يقف بجانب سيارته ينتظرها ..
وقفت تتأمله للحظة وكلمات والدته تركت آثرا في نفسها فحاولت تجاهله وهي تسير نحوه ثم ألقت التحية بإقتضاب وتركب سيارته بعدما فتح لها الباب ..
……………….::…………………………………………….
في منزل عائلة شمس ..
كانت شمس تحتضن والدتها بشوق بينما ربى تجلس بجانبها بسعادة وأمامهم يجلس قيصر يتأملها بهدوء وقد ظهرت السعادة الحقيقة لأول مرة على وجهها منذ مدة ..
هتفت ربى أخيرا بعدما نهضت من مكانها :
” ماذا تحب أن تشرب يا سيد قيصر ..؟!”
ابتسم قيصر وقال بهدوء :
” ناديني قيصر فلا داعي لهذه الرسميات ..”
تنحنت بحرج فاجئ شمس ووالدتها وقالت :
” هذا يبدو غير مناسبا .. اذا كانت كلمة سيد رسمية للغاية فمن الممكن أن أناديك أخي قيصر اذا لم يكن لديك مانع ..”
نظرت شمس إليها بفاه مصدوم بينما سيطرت والدتها على دهشتها من إسلوب ابنتها الذي لا يظهر منها إلا نادرا بينما سمعت قيصر يقول وهو يبتسم بهدوء :
” بالطبع لا أمانع .. ناديني ما تحبين يا ربى .. “
” حسنا .. ماذا تحب أن تشرب اذا ..؟!”
سألته ليرد :
” لا شيء محدد .. هاتي اي شيء على ذوقك ..”
” سأجلب لكما العصير اذا ..”
ثم سارت خارج المكان لتهتف شمس بسرعة :
” كيف حال أسامة وأين هو ..؟!”
ردت والدتها بسرعة :
” لقد خرج مع اصدقائه باكرا .. لو أخبرتنا إنك ستأتين لم يكن ليذهب ..”
سألتها شمس بقلق :
” ما أخبار النتيجة ..؟! متى ستظهر ..؟!”
” خلال أيام معدودة .. إنه قلق للغاية لهذا يخرج طوال الوقت مع اصدقائه كي يبدد قلقه هذا ..”
أردفت بعدها تسألها :
” أنتِ كيف حالك يا شمس ..؟! ”
ثم أشارت الى قيصر :
” وأنت كيف حال يا قيصر ..؟!”
رد قيصر بهدوء :
” انا بخير .. شكرا لك ..”
” انا بخير وأصبحت بخير أكثر عندما رأيتكم ..”
قالتها شمس بصدق بينما تقدمت ربى وقدمت لهما العصير ..
جلست بعدها بجانب أختها وقالت بحماس :
” لقد حدثت العديد من الأشياء خلال هذين اليومين ..”
” ماذا حدث ..؟!”
سألتها شمس بفضول لتبدأ ربى في إخبارها ببعض الأمور ومن ضمن هذه الأشياء قالت :
” وأيمن ابن خالتك ينتظر طفله الاول .. زوجته حامل ..”
نظرت شمس لا أراديا الى زوجها فوجدت الوجوم كسى ملامحه فتعاود النظر الى اختها وتقول بخفوت :
” جيد .. ليأتي سالما ان شاءالله ..”
قالت ربى بسرعة :
” ان شاءالله وعقبالك أنتِ الأخرى ..”
شعرت شمس بالتوتر من حديث أختها بينما تمنت فجأة أن تنفرد مع والدتها وتتحدث معها في بعض الأمور لكن كيف سيحدث هذا بوجود زوجها ..؟!
استمرت الأحاديث لمدة قبل أن تهتف مها بإبنتها :
” تعالي يا شمس .. سأعطيكِ بعض الأغراض التي تخصك كي تأخذينها معك ..”
ثم أشارت الى قيصر :
” سنعود حالا .. “
” خذا راحتكما .. ”
سارتا خارج الغرفة بينما نظر الى ربى التي ابتسم اليه بخفة وقد لاحظ الشبه الشديد بينها وبين والدتها ليهتف بجدية :
” انتِ لا تشبهين شمس ابدا ..”
ضحكت وقالت :
” نعم .. الشيء الوحيد المشترك بيننا هو لون البشرة اما الباقي مختلف حتى لون الشعر ..”
سألته بعدها بمرح :
” كيف حال شمس معك ..،؟! أتمنى ألا تكون متعبة كالعادة ..؟!”
ابتسم ولم يرد فأكملت بسرعة :
” لا تخبرها بحديثي هذا فهي تغضب بسرعة..”
رفع حاجبه وسألها :
” هل تخافين منها ..؟!”
هزت كتفيها وهي ترد بثقة :
” لا أخاف بالطبع ولكن لا أحب التشاجر معها ..”
” تبدين مشاغبة أكثر منها ..”
قالها وهو يبتسم على ملامحها التي تنطق بالشغب في هذه اللحظة لتهتف به :
” هذا صحيح .. ”
ثم أردفت بعدها بجدية :
” صحيح شمس مشاغبة وشقية نوعا ما لكنها ليست ذات عقلية طفولية أبدا .. هي واعية للغاية وذكية فوق ما تتصور إلا إنها تحب المزاح والمرح كثيرا ..”
” هذا واضح …”
قالها وهو يتذكر كافة المواقف التي جمعته بها والتي تؤكد جميعها ذلك ..
………………………………………………………
” أخبريني يا شمس .. ما بالك ..؟! تبدين غير مرتاحة ..؟! هل حدث شيء ما ..؟! هل أزعجك زوجك أم أحدا من عائلته ..؟!”
نظرت اليها شمس بتردد قبل أن تقرر البوح بما يحدث فلا أحد سيساعدها كوالدتها فبدأت تخبرها بكافة المواقف التي جمعتها بقيصر بعد الزفاف ..
كانت تستمع اليها مها بملامح قاتمة قبل ان تهتف بعدما انتهت من سرد ما حدث :
” أيتها البلهاء الغبية .. كيف تفعلين هذا ..؟! هل هذه تصرفات تليق بفتاة ناضجة .. ؟! أخبريني هيا ..”
” ماما انا ..”
قاطعتها والدتها بعصبيه :
” هذه التصرفات الطفولية الرعناء تقوم بها فتاة في المرحلة الإبتدائية .. بالكثير في مرحلتها المتوسطة وليست خريجة جامعية تجاوزت الثانية والعشرين من عمرها ..”
أكملت بعضها بنفس الغضب :
” كيف تفعلين هذا ..؟! كيف تتصرفين بهذه الطريقة ..؟! لا يوجد مبرر واحد لهذه التصرفات الحمقاء .. الرجل لم يفعل شيئا واحدا مسيئا حتى كي أضع عذرا لتصرفاتك هذا .. وكيف سيفعل أصلا فأنت ماشاءالله بدأت بأفعالك المتخلفة منذ اول يوم بل منذ اول ليلة .. بعد الزفاف مباشرة .. هل هذه تصرفات مناسبة يا شمس ..؟! هل هذه نصائحي لك ..؟! ”
نظرت اليها شمس بخجل لتكمل والدتها :
” ماذا أخبرتك انا يا شمس ..؟! ألم أخبرك أن تكوني زوجة بحق وتراعي زوجك وتتقي الله بكافة تصرفتك ..؟! ألم أخبرك إن هذا واجبك ..؟! لقد حذرتك بالعديد من التصرفات .. نعم أخبرتك ألا تكوني خاضعة بشكل مبالغ فيه وألا تكوني مستسلمة له تماما لكن أن تراعي الله وتتصرفي معه كما يحكم عليه الواجب .. ما هذا الهراء ..؟! ولماذا تفعلين هذا ..؟! علامَ تنوين بالضبط وماذا تنتظرين من تصرفاتك هذه ..؟!”
ابتلعت شمس ريقها ثم هتفت بتردد :
” أريد .. ”
صمتت ثم اكملت بعد لحظات :
” أريد التأكد من كونه شخص موثوق به قبل أن أكون له زوجة حقيقية في كل شيء ..”
رفعت مها خاجبها وسألت :
” ماذا يعني هذا الآن ..؟!”
بدأت شمس تسرد على مسامع والدتها أسبابها بإختصار :
” أريد أن أتأكد من اخلاصه لي .. من كونه لن يكون مع اخرى غيري في اي وضع .. اذا تحمل عدم تقاربنا لمدة فهذا يعني إنه لم يتزوجني لأجل الرغبة فقط بل كونه يراني زوجة مكملة له ولحياته .. كما إنني أردت أن يدرك إنني لست هينة وإن لدي حياتي وأفكاري وتصرفاتي كي لا يفرض سيطرته علي او تظهر تحكماته ويظهر تسلطه مع مرور الوقت .. ”
نهضت مها من مكانها تهتف بحنق :
” هذا كله هراء .. لماذا تزوجته اذا طالما إنك لا تثقين به بعد ..؟! لماذا وافقت عليه ..؟! اسمعيني يا فتاة .. هذا كله ليس منطقيا ابدا وغير مقبولا بالنسبة لي .. اياك ثم إياك أن تستمري في طريقة تفكيرك هذه لإنك سوف تخسرين الكثير .. إخلاصه تستطيعين التأكد منه مع مرور الوقت .. عندما تدركين مدى إكتفائه بك فتتولد ثقة داخلك نحوه تكبر مع مرور السنوات والعشرة .. واذا لم يحدث وخانك لا سامح الله فلكل حادث حديث حينها لكن ليس من المعقول ان نفكر من الآن بهذا .. اما عن موضوع التحكم والتسلط فهنا ايضا لا يجب أن تسبقي الأمور .. الأيام ستكشف لك كل شيء ..”
أكملت بعدها :
” أنتِ رسميا زوجته .. لقد أصبح زوجك وانتهى الأمر .. استوعبي هذا يا شمس .. ”
نظرت الى والدتها التي استمرت في الحديث معها محاولة تقويم افكارها قدر المستطاع ..
………………………………………………………..
اوقف قيصر سيارته امام بوابة القصر ليلتفت نحوها متأملًا اياها حيث كانت شاردة طوال الطريق تفكر في حديث والدتها وتحذيراتها ثم توصياتها لها ..
هتف بها:
” هيا انزلي .. لدي مشوار هام .. سأعود بعد مدة قصيرة ..”
نظرت اليه بشك سببها كلمات والدتها لكنها حاولت تجاهله وهي تبتسم وتهتف برقة :
” سأنتظرك ..”
خرجت من السيارة ودخلت الى القصر ثم صعدت مسرعة الى الجناح وقد قررت ان تحاول تعديل اسلوبها وتصرفاتها معه بناء على نصائح والدتها ..
مرت اكثر من اربع ساعات وقيصر لم يعد فتولد الغضب داخلها وكلمات كوثر تتردد داخل اذنها مغذية شكوكها ..
أين قضى كل هذه الساعات ..؟! مع من سيكون طوال هذه المدة ..؟!
احتقنت ملامحها كليا وبدأ غصبها يتضاعف كلما مر وقت أكثر ..
حل المساء وهي تنتظره ..
عاد اخيرا ودلف الى جناحه بملامح مرهقة فقد قضى اليوم بأكمله يعمل مع خالد على الصفقة القادمة …
ألقى تحية المساء واتجه نحو الخزانة لتغيير ملابسه غير منتبها الى الغضب الذي يسيطر على ملامحها ..
” أين كنت طوال اليوم ..؟!”
إلتفت على سؤالها الغاضب ليتأمل ملامحها المشدودة فيرد ببرود :
” ليس من شأنك ..”
عاد يلتفت نحو الخزانة ليسمعها تصرخ به :
” بلى من شأني .. أنا لن أقبل بهذه التصرفات القذرة أبدًا ..”
استدار نحوها مرة أخرى بوجه جامد لتردف دون أن تنتظر رده :
” حذرتك مسبقا .. إن كنت تظن إنني غبيه كي لا أنتبه لما يجري من حولي فأنت مخطأ ..”
أردفت وهي تتأمله بنفور :
” لكن ماذا أتوقع من رجل مثلك ..؟! بالطبع ستجري الى اول عشيقة تجدها أمامك ما أن تمتنع عنك زوجتك كي تلبي رغباتك من خلالها .. الأمر ليس صعبا .. اذا زوجتك لم تمنحنك ما تريد فهناك الكثيرات غيرها وكلهن طوع بنانك.. ”
أنهت حديثها لتتأمل عينيه المشتعلين بغضب مرعب جعلها تشعر إنه سيقتلها لا محالة ..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شمس ربحها القيصر)