رواية شمس ربحها القيصر الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم بيلا
رواية شمس ربحها القيصر البارت التاسع والثلاثون
رواية شمس ربحها القيصر الجزء التاسع والثلاثون
رواية شمس ربحها القيصر الحلقة التاسعة والثلاثون
بعد عدة أشهر …
كانت تجلس في حوض الإستحمام المملوء بالمياه الدافئة وفقاعات الصابون ..
تحاول الاسترخاء قليلا فالحمل يتعبها كثيرا حتى إنها لم تنم طيلة الليلة السابقة بسبب التعب …
حاولت أن تهدئ نفسها متذكرة إنه لم يتبق سوى أيام قليلة فهي في شهرها الأخير بالفعل ..
أغمضت عينيها تستمتع قليلا بتلك الراحة التي انسابت بجسدها والناتجة من دفء المياه العطرة …
ابتسمت بخفة وهي تنثر القليل من المياه على وجهها ثم ما لبثت ان شردت في طفلها القادم والتي رفضت بتعنت معرفة جنسه رغم إصرار زوجها على ذلك لكنه إضطر الى مسايرتها وإنتظار يوم الولادة للكشف عن جنس وليده المنتظر …
تلك الأشهر الفائتة ازدادت علاقتها عمقا مع زوجها الحبيب وباتت مشاعرها نحوه واضحة فأدركت بوضوح إنها تحبه .. نعم أحبته بكل ما فيه حتى بغروره وتعنته المزعج أحيانا …
أحبت إهتمامه الصادق بها وتدليله لها طوال فترة حملها … أحبت كيف يعاملها كطفلة حين يتطلب الأمر ويعاملها كإمرأة كبيرة واعية في ظروف أخرى ..
أحبت كيف يفهم عليها ويستوعب تقلباتها بل وأسباب غضبها في كثير من الأحيان …
أغمضت عينيها وهي تبتسم بسعادة باتت تحيط بها منذ أشهر رغم إن هناك شيء واحد ينغص عليها كل هذه السعادة ..
لم ينطقها ولو لمرة واحدة .. لم يخبرها إنه يحبها رغم إن كل أفعاله تدل على ذلك .. رغم إن إختيارها هي دونا عن غيرها كزوجة له يدل على ذلك .. رغم إن تحمله لها وإصراره على الزواج منها يدل على ذلك ومع هذا تظل رغبة الأنثى داخلها في الحصول على إعتراف صريح منه تلح عليها وهي تدرك إن غروره وكبريائه يمنعه من نطقها خاصة وهي بدورها لم تنطقها حتى الآن ..
قررت النهوض أخيرا فنهضت من مكانها وجذبت المنشفة تجفف جسدها قبل أن ترتدي روب الإستحمام الخاص بها ..
خرجت من الحمام وهي تحيط شعرها الطويل بالمنشفة …
حملت هاتفها تعبث به عندما انتبهت لتلك الصور المنتشرة على مواقع التواصل الإجتماعي ..
صور لزوجها من سهرة البارحة التي لم تحضرها بسبب تعبها ولكن ليس هذا المهم فصور زوجها تنتشر بين الحينة والآخرى على مواقع التواصل لكن وجود عشيقته السابقة جانبه في أكثر من لقطة وهي تبتسم بإنتشاء عكر مزاجها تماما وجعل الغضب يصل ذروته عندها ..
حاولت التماسك قليلا فألقت الهاتف على سريرها ثم فتحت المنشقة فوق شعرها الذي انسدل على ظهرها بدوره ..
جذبت الفرشاة تسرح شعرها بعنف لم تنتبه له حتى استوعبت ما تفعله فبدأت تسرحه بهدوء محاولة السيطرة على غضبها من وجود تلك الريتا معه في مكان واحد بل وصورة لها تقف جانبه بكل ثقة وخيلاء …
انتهت من تسريح شعرها فرفعته على هيئة ذيل الحصان ثم أخرجت من خزانتها فستانا أصفرا متوسط الطول إرتدته وارتدت معه حذاء مسطح كعادتها في الأشهر الأخيرة من حملها …
قررت الخروج من غرفتها والذهاب الى صالة الجلوس علها تخفف من ضيقها وشعور الإختناق الذي ملأها بسبب هذه الصور ..
وصلت هناك فوجدت التوأم غيث ورانسي يتشاجران على شيء ما كالعادة ودينا تحاول حل النزاع بينهم ..
جلست على الكرسي تتابعهم بذهن شارد عندما جاءت لميس بعد مدة وألقت التحية ثم جلست معها تسألها عن أحوالها قبل أن تبدئان التحدث سويا بأشياء مختلفة وقد شاركتهما دينا ورانسي الحديث بعد رحيل غيث ..
مر الوقت وجاء كلا من خالد وقيصر الذي تقدم نحوها يربت على شعرها ويسألها عن أحوالها فأجابته بوجه خالي من التعابير ونبرة مقتضبة إنها بخير …
ذهب لتغيير ملابسه فلم تتبعه حيث ترتكته يذهب لوحده ليعود بعد مدة وهو مرتدي ملابس مريحة ليتجه الجميع بعدها نحو طاولة العشاء مع غياب حوراء التي تقضي الفترة الحالية مع والدتها …
بعد مدة دلفت شمس الى جناحها يتبعها قيصر الذي وقف في منتصف الجناح يتأملها وهي تخلع فستانها وترتدي بيجامتها نيابة عنه قبل أن تندس داخل السرير وترمي الغطاء فوقها دون أن تنطق كلمة واحدة …
خلع هو الآخر ملابسه وارتدى بيجامته واندس جانبها يتأملها بصمت قبل أن يقول بجدية :-
” شمس … ”
فتحت عينيها تنظر إليه بصمت فسألها وقد أصبح يحفظ كل تقلباتها :-
” مالذي يزعجك ..؟!”
ردت كاذبة :-
” لا شيء ..”
هتف بجدية :-
” أعلم إن هناك ما يزعجك .. أخبريني ماذا هناك …”
تنهدت وهي تدرك جيدا إنه لن يتركها حتى يعرف ما بها فتحدثت قائلة :-
” تلك السخيفة .. ماذا كانت تفعل معك ..؟!”
رفع حاجبه يتسائل بدهشة :-
” من تقصدين ..؟!”
ردت بضيق :-
” ريتا هانم .. رأيتها تجاورك في تلك الصور وتبتسم كالحرباء ..”
ضحك رغما عنه وقال من بين ضحكاته :-
” ريتا كانت ضيفة في الحفلة مثلي تماما وتلك الصور عادية للغاية ..”
” هل كان من الضروري أن تلتقط صورا معها ..؟!”
سألته بحنق واضح ليبتسم وهو يجيب :-
” كل شيء حدث بالصدفة ولم يكن بوسعي أن أرفض إلتقاط تلك الصور ..”
” إنها عشيقتك السابقة .. هل تدرك ذلك ..؟!”
سألته بغيظ ليرد بجدية :-
” أنتِ قلتيها .. السابقة … انتهت من حياتي منذ زمن ..”
ردت بعناد :-
” حتى لو .. لا أحب أن تلتقي بها او تتحدث معها او تنظر إليها ولو بالصدفة حتى ..”
ابتسم بخفة ولم يرد بينما همست هي بتردد :-
” ألن تفعلها مجددا ..؟! ألن تعود الى علاقاتك السابقة ، أليس كذلك ..؟!”
تنهد وقال :-
” أنت من ستجيبين على هذا السؤال يا شمس ..؟! هل تظنين إنني سأفعلها يوما ..؟!”
صمتت للحظات قبل أن تجيب بثقة نابعة من داخلها :-
” كلا لن تفعلها …”
ابتسم ملأ فمه وقال بفخر منها ومن ثقتها الواضحة به :-
” هذه هي زوجتي الجميلة الواثقة من نفسها ..”
” هل لي أن أسألك سؤالا مهما ..؟!”
هتفت بها فجأة ليومأ برأسه يخبرها أن تسأل فتهمس بإضطراب :-
” مالذي يجعلك لا تفعلها ..؟! يعني لماذا لا تخونني …؟! دعني أسألك بصيغة مختلفة .. ما سبب إهتمامك بي ورعايتك وتدليلك لي ..؟! أخبرني يا قيصر .. لم كل هذا ..؟! ”
” ألستِ زوجتي يا شمس ..؟! أليس من الطبيعي أن أهتم بكِ وأراعيكِ وأدللكِ ..؟! أليس من الطبيعي أن أخلص نحوك ..؟! أليس هذا واجبي نحوك ..؟!”
سألته بتعب :-
” فقط لإني زوجتك ..؟!”
ابتسم وقال :-
” أليس هذا بكافي ..؟!”
هزت رأسها نفيا وعادت تسأله :-
” يعني لو تزوجت سواي ، هل كنت ستتعامل معها بنفس الطريقة ..؟!”
تنهد مفكرا إنه لو تزوج سواها ما كان ليشعر نحوها بكل هذا الشغف والإهتمام .. ما كان ليعشق رؤيتها ويتلهف لإنهاء عمله بسرعة لإجل العودة الى القصر والبقاء معها ..
مشاعره اتجاهها قوية وهي تدرك ذلك …
هو ليس بغبي ليفهم ما تريده منه ..
وفي داخله هو يعلم إن ما يشعره نحوها ليس عاديا ..
وإن مشاعره نحوها أقوى مما كان يظن …
في بادئ الأمر ظن إن كل شيء يحدث بفعل الرغبة ..
ظن إن رغبته هي من تحركه ..
لكن مع مرور الوقت أدرك إن ما يجمعه بها أكبر من مجرد رغبة وقتية زائلة …
هو لم يجرب الحب يوما ولم يظن إنه سيفعل لكن مع كل يوم يقضيه معها تزداد قوة مشاعره نحوها ويتأكد إنه يحبها ورغم هذا لم ينطقها بعد ولا يعرف لماذا …
” لماذا لا تجيب ..؟!”
سألته بإصرار ليطلق تنهيدة طويلة قبل أن يجيب بصدق :-
” كلا يا شمس ..لم أكن لأتعامل معها بنفس الطريقة لإنك مختلفة .. لإنك شمس يا شمس .. لإنك تعنين لي الكثير ولإنك وحدك من أحب أن أتعامل معها هكذا وأهتم بها على هذا النحو …”
صمت قليلا ثم قال بغموض :-
” لإنك لا تشبهين أي أنثى دخلت حياتي ولن تشبهين … ”
ابتلعت ريقها من قوة المشاعر التي ظهرت بعينيه وتمنت في تلك اللحظة لو تخبره إنها تحبه بشدة لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة فهي لن تقولها قبل أن ينطقها هو مهما حدث ..
…………………………………………………………..
بعد مرور يومين ..
دلفت الى غرفة مكتبه وهي تحمل صينية تحتوي على فنجان قهوة طلبه من الخادمة …
ما ان رأها وهي تدلف إليه حاملة تلك الصينية حتى نهض مسرعا يأخذ الصينية منها ..
ابتسمت له وهي تسير جواره قبل أن تقف جانبه تتأمل تلك الأوراق المهمة للغاية والتي تعود لإحدى صفقاته الجديدة …
هتفت بعدما وجدته يجلسها على كرسيه كي لا يتعبها الوقوف :-
” ضع في بالك إنني سأعود الى العمل بعد ولادتي بفترة قصيرة ..”
مازحها قائلا :-
” تقصدين إنك ستبدئين العمل بعد ولادتك فأنتِ لم تكوني تعملي من الأساس …”
تغضنت ملامحها بضيق قبل أن تهز كتفيها مرددة ببساطة :-
” لا يوجد فرق ..”
هتف وهو يضحك بخفة :-
” حسنا .. مكتبك ينتظرك بالطبع بل الشركة كلها تحت أمرك ..”
ابتسمت برضا ثم قالت وهي تنهض من مكانها :-
” سأتركك تعمل على راحتك ..”
توقفت مكانها ثم إستدارت نحوه بعد لحظات تخبره بتردد :-
” ألن تسمح لوالدتك بالعودة الى القصر ..؟!”
نظر لها متعجبا مما قالته فهذه المرة الأولى التي تتناقش معه بشأن هذا الموضوع …
منحها تنهيدة طويلة ثم قال بصدق :-
” لا أعلم .. يزعجني غيابها عن القصر لكن وجودها يسبب المشاكل .. هي لا ترتاح إلا عندما تفتعل المشاكل مع هذا وذاك ..”
تقدمت نحوه تخبره بجدية وهي تلمس خده بأناملها :-
” إذا كان من أجلي فأنا أعرف جيدا كيف أحمي نفسي بل أسترد حقي ممن يفكر بإيذائي ..”
غمز لها مشاغبا :-
” أعلم إن زوجتي قوية ولا خوف عليها …”
ما إن أنهى كلماته حتى شعر بملامح وجهها تنكمش للحظات ..
هم بالتحدث لكن صرختها جعلته ينتفض من مكانه يصيح بفزع :-
” ماذا هناك ..؟!”
أجابت وهي تشعر بألم شديد في بطنها :-
” ألم شديد .. ألم لا يحتمل ..”
لحظات قليلة وعادت تصرخ بصوت أعلى :-
” هناك شيء ما ينزل مني … ”
” شمس .. انت تلدين …”
قالها بقلق وهو يقترب منها يمسك يدها بيده ويجلسها على الكرسي ولا يعرف ماذا يفعل ..
” قيصر .. انا اموت ..”
هتف بسرعة :-
” بعيد الشر عنك حبيبتي … يا إلهي ماذا أفعل ..”
صاحت بعدم تصديق رغم وجعها الشديد:-
” قيصر هل تحبني ..؟!”
لكنه لم ينتبه لها بل سارع يخرج من المكتب ينادي على الخادمة يطلب منه أن تنادي زوجة عمه لتتصرف …
عاد مسرعا نحوه يقبض على كفها بمؤازرة يخبرها بخوف :-
” اهدئي حبيبتي .. ستكونين بخير ..”
” قيصر انا أتألم .. ارجوك ساعدني ..”
قالتها والدموع تهطل من عينيها بغزارة فشعر بألم شديد قبل أن يهمس بسرعة :-
” انهصي سآخذك الى المشفى .. ماذا ننتظر نحن أصلا ..؟!”
حاولت النهوض فقبض على كفها يساعدها بينما جاءت زوجة عمه في نفس الوقت خلفها لميس ..
تقدمت علياء تسندها من الجهة الأخرى بينما شمس تبكي بفزع حقيقي …
لا تعرف شمس كيف وصلت الى السيارة حيث جلست بجانبها علياء بينما جاورت لميس قيصر الذي جلس في كرسي القائد …
في الخارج ركبت دينا مع خالد بعدما أيقظته تتوسله أن يأخذها الى المشفى خلفهم…
كانت شمس تصرخ من شدة الألم وتبكي فيزداد توتر قيصر عندما همست له لميس برفق :-
” اهدأ يا قيصر .. ستكون بخير ان شاءالله .. فقط انتبه على الطريق ..”
” امي .. اريد امي ..”
قالتها شمس من بين بكائها ليشتم قيصر قبل ان يردد :-
” لقد نسينا والدتها يا لميس … ”
أضاف وهو يحاول إخراج هاتفه من جيبه لكنه تذكر إنه نسيه في القصر …
نظر الى لميس بحيرة قبل أن تهتف الأخيرة بسرعة :-
” سأتصل بالخدم وأجعلهم يتواصلون معهم ويخبروهم بعنوان المشفى ..”
وبالفعل فعلتِ لميس ذلك بينما زاد قيصر من سرعة سيارته وهو يستمع الى صراخ شمس وبكائها المؤلم …
…………………………………………………………….
في المشفى ..
وقف قيصر خارج الغرفة التي تمكث بها شمس والقلق ينهشه بقوة بينما تجلس علياء مقابلة له تقرأ بعض الآيات والأدعية …
كانت لميس تراقبهما بقلق هي الأخرى عندما جاءت دينا راكضة خلفها خالد …
سألتهم دينا عن أحوالها قبل أن تحتضن قيصر بقوة وهي تشعر به خائفا لأول مرة بهذا الشكل …
جلست دينا بجانب لميس تدعو لها أن تنهض سالمة بينما ابتسم خالد لقيصر هامسا له بدعم :-
” ستقوم بالسلامة بعدما تنجب لك وليدا رائعا باذن الله …”
ربت قيصر على كتفه وهو يبتسم له ممتنا رغم خوفه الشديد …
بعد لحظات وجد احدى الممرضات تخرج من غرفتها تشير إليه :-
” زوجتك تريدك ..”
ارتبك قيصر قليلا لكنه سارع يرتدي تلك الملابس الواقية قبل أن يدلف لها فيجدها محاطة بالطبيبة وبعض الممرضات تصرخ لحظات وتتوقف لحظات اخرى عندما يهدأ الألم ..
هتفت لاهثة ما إن رأته :-
” قيصر ..”
قبض على كفها محاولا دعمها هامسا لها :-
” ستكونين بخير ..”
همست باكية :-
” انا خائفة .. أشعر إنني سأموت ..”
قال بسرعة وفكرة فقدانها تفزعه :-
” بعيد الشر عنك يا روحي .. لن يصيبك مكروه ابدا بإذن الله ..”
سألته من بين أوجاعها :-
” هل ستتزوج بعدي إن مت ..؟! هل ستفعلها يا قيصر ..؟!”
كتمت الطبيبة ضحكتها بينما نظر هو إليها ببلاهة لتصرخ بألم :-
” هل ستفعلها .. ؟! هل ستتزوج من بعدي ..؟! لماذا لا تجيب ..؟!”
هتف يجيبها بسرعة :-
” لن أفعلها يا شمس .. اهدئي حبيبتي .. ستصبحين بخير … ”
” انا أتألم يا قيصر .. افعل شيئا .. أتوسل إليك ..”
كانت ترجوه كطفلة صغيرة فإقترب منها يحتضنها بقوة وهو يضغط على كفها يهمس لها :-
” لا تخافي يا صغيرتي .. ستقومين بخير .. سالمة ان شاءالله ..”
اضاف بلا وعي وتلك اللحظة آثرت به بقوة :-
” انا هنا معك يا شمسي .. سأبقى معك حتى تلدين طفلنا يا حبيبتي .. انا دائما جانبك ومعك .. احبك ..”
نظرت إليه بعينين دامعتين تهمس بنبرة مرتجفة :-
” قلت إنك تحبني .. لقد قلتها أنت اولا .. سمعتها … ”
ابتسم يربت على وجهها يهمس بصدق :-
” احبك يا شمس .. احبك كثيرا .. احبك منذ وقت طويل … اسف لتأخري في قولها ..”
” وانا احبك كثيرا ..”
قالتها وهي تقبل شفتيه برقة لتشيح الطبيبة والممرضة التي تجاورها وجهها بحرج بينما عادت شمس تصرخ من شدة الألم ..
خرج قيصر بعد لحظات وقلقه ازداد اضعافا ليجد والدتها وأختها وأخيها قد وصلوا .. ركضت والدتها نحوه تسأله بقلق عنها فحاول طمأنتها …
دلفت والدتها بعدها إليها ورافقتها أثناء ولادتها التي إستمرت حتى ساعات الفجر الأولى حتى صدح صوت طفل صغير يبكي في ارجاء المكان ..
انتفض قيصر من مكانه على صوت الصغير وكذلك فعلت ربى ودينا …
ابتسم خالد بسعادة وتنهدت لميس براحة عندما خرجت الممرضة وهي تحمل طفلا صغيرا ملفوفا بلحاف بسيط فتتقدم ناحية قيصر الذي إستقبل الصغير بلهفة قبل أن يسمع الممرضة تبارك له :-
” مبارك لك يا بك .. جاءتك فتاة كالقمر ..”
تأمل قيصر وجه الصغيرة المحمر بشدة بلهفة شديدة قبل أن تدمع عيناه لا إراديا وهو يرى طفلته .. ابنته محمولة بين ذراعيه ..
طبع قبلة بطيئة على جبينها قبل أن يهمس بخفوت :-
” الحمد لله .. أنرتِ الدنيا يا حبيبة والدك …”
……………………………………………………………………..
في صباح اليوم التالي ..
كانت شمس تحتضن الصغيرة بين ذراعيها وهي تتأملها بعينين متسعتين لا تصدق إن تلك الكتلة الصغيرة الرائعة هي ابنتها …
همست مجددا وهي تتأمل وجنتيها المنتفختين وفمها الصغير :-
” جميلة .. جميلة حقا …”
” بالطبع فهي تشبهني ..”
قالتها ربى ممازحة بينما هتف أسامة بجدية :-
” ولم تشبهك انتِ …؟! ستشبه والدتها … “
كان قيصر يقف مستندا على الحائط خلفها يتابعها وهي تحمل الصغيرة بين ذراعيها بلهفة شديدة وتتأملها منذ أكثر من ربع ساعة بنفس اللهفة وعدم التصديق …
كانت كلا من علياء ووالدتها تجلسان على الكنبة مقابلها في الجناح الفخم الذي أعد لها …
لميس وخالد يقفان على الجانب الآخر ومعهما دينا …
قالت لميس وهي تبتسم وتتقدم نحو شمس تتأمل الصغيرة :-
” إنها رائعة حقا .. ”
ثم انتبهت الى الصغيرة التي فتحت عينيها فظهرت خضراوين صافيتين :-
” يا إلهي ما أجملهما .. قيصر انظر .. عيناها خضراوان رائعتان .. ”
أضافت علياء التي نهضت من مكانها تنظر الى الصغيرة التي سرقت قلوب الجميع :-
” ماشاءالله .. بالفعل عيناها رائعتان ..”
تقدم قيصر ينظر اليها مجددا والى ملامحها الرائعة حيث بشرتها ناصعة البياض كوالدتها وشعرها بلونه البني المحمر يماثل لون شعر والدتها لكنه أغمق قليلا وعينيها الخضراوين كعيني ربى خالتها …
كل شيء فيها رائعا حقا ..
ابتسم لها بصفاء عندما سمع دينا تسألهما بفضول :-
” ماذا ستسمونها ..؟!”
نظرت شمس الى قيصر الذي قال :-
” اسمحي لي أن أسميها ..؟!”
ابتسمت له موافقة فهمس :-
“سأسميها إيلينا .. يعني بريق الشمس …”
نظرت اليه شمس بحب بينما هتفت لميس بإعجاب :-
” أووه إسم رائع ومعناه أروع .. بريق الشمس .. كم هذا جميل ومؤثر ..”
خجلت شمس لا إراديا بينما نهض خالد من مكانه مباركا لهما مجددا قبل ان يهتف :-
” سأذهب الآن الى الشركة لأتفقد أحوالها وسأعود مساءا مجددا ومعي غيث ورانسي .. رانسي اتصلت بي عشر مرات حتى الآن كي تأتي وترى الصغيرة ..”
قالت لميس بدورها :-
” خذني معك يا خالد .. هل ستأتين يا دينا ..؟!”
رفضت دينا :-
” كلا سأبقى هنا وأرحل فيما بعد مع الخالة علياء …”
خرجا لميس وخالد بعدما ودعوهم مجددا بينما أشار قيصر الى أسامة :-
” تعال معي يا أسامة … سنذهب ونجلب الفطور للجميع من أحد المطاعم القريبة ..”
خرج قيصر وأسامة حيث اتجها ليجلبا الفطور من أحد المطاعم القريبة بينما عادت شمس تنظر الى الصغيرة بسعادة قبل ان تطبع قبلة خفيفة على وجنتيها ..
…………………………………………………………………..
مر الوقت سريعا عندما وصلت كوثر مع حوراء الى المشفى ..
دلفت كوثر الى الجناح الذي تمكث به شمس وكلها لهفة لرؤية حفيدتها لتجد شمس والصغيرة ومعهما قيصر ووالدة شمس وربى ..
” مساء الخير …”
قالتها كوثر بتردد لينهض قيصر من مكانه يستقبلها بسرعة حيث فاجئته والدته وهي تحتضنه وتبارك له وقد ترقرقت الدموع داخل عينيها …
ابتسم قيصر لها إبتسامة صادقة قبل أن يتجه نحو الصغيرة ويحملها بين ذراعيه ويتقدم بها نحوها يعرفها :-
” انظري الى حفيدتك يا كوثر هانم .. أسميتها إيلينا .. جميلة أليست كذلك ..؟!”
همست كوثر بعينين دامعتين وهي تأخذ الصغيرة منه تحملها بين ذراعيها وتطبع قبلة دافئة على جبينها :-
” رائعة .. ماشاءالله .. حفظها الله لك يا بني … مبارك لك يا حبيبي ..”
ثم أشارت الى حوراء تخبرها :-
” انظري اليها يا حوراء .. كم هي جميلة ..”
تأملت حوراء الصغيرة بعينيها فشعرت بحبها يغزو قلبها لتهمس وهي تلمس على شعرها :-
” إنها بالفعل رائعة ..”
ثم اتجهت نحو قيصر تحتضنه قائلة :-
” مبارك لك ما آتاك يا أخي ..”
ربت قيصر على ظهرها يبتسم لها بمحبة ..
تقدمت كوثر نحو شمس التي تراقبها بتردد رغم شعور السعادة الذي غزاها عندما رأت فرحة كوثر بحفيدتها ..
وضعت كوثر الصغيرة في مكانها ثم استدارت نحو شمس حيث انحنت نحو تقبلها بخفة وهي تبارك لها ..
ابتسمت شمس بصدق وفعلت كذلك مع حوراء التي باركت لها على مضض …
ألقت كوثر التحية على والدة شمس وأختها برسمية وفعلت كذلك حوراء قبل أن تجلس الإثنتان قليلا معهم ..
خرجتا بعد مدة بعدما ودعا الصغيرة ليتبعهما قيصر الذي قبض على كف والدته يهمس لها :-
” عودي الى القصر يا أمي .. أريد لإبنتي أن تكبر في قصرنا بوجود جدتها …”
ابتسمت كوثر بإمتنان فسارعت تحتضنه بينما تقابلت عيني قيصر بعيني حوراء التي همست له شاكرة وقد رأى الدموع تترقرق داخل عينيها …
……………………………………………………………..
في نفس اليوم مساءا ..
” إنها رائعة ..”
هتفت بها تارا وهي تنحني نحو الصغيرة تتأملها بمحبة قبل أن ترفع وجهها نحو شمس التي ابتسمت لها بإمتنان لمجيئها لها بهذه السرعة رغم مشاغلها الكثيرة …
” تشبهك كثيرا يا شمس ..”
قالتها تارا بفرحة قبل أن تضيف :-
” وإسمها جميل حقا …”
” قيصر اختاره يا تارا ..”
قالتها شمس بسعادة لتهتف تارا وهي تغمز لها :-
” الباشا ذوقه رفيق كالعادة ..”
ما إن أكملت تارا كلماتها حتى دلف قيصر الى الداخل تتبعه ربى حيث كان يحمل طعام العشاء معه ..
” مساء الخير ..”
قالها قيصر بصوته الرجولي الرخيم لتلتفت تارا له وتبتسم له قبل أن تبارك له :-
” اهلا قيصر باشا .. مبارك ما آتاك … تتربى بعزك ودلالك ..”
ابتسم قيصر لها وأجابها :-
” أشكرك يا تارا …العقبى لك ..”
اختنقت ملامح تارا للحظات لكنها أخفت ذلك بمهارة وهي تعاود النظر الى الصغيرة مبتسمة بينما ربى تتأملها بعدم تصديق قبل أن تهمس :-
” يا إلهي لا أصدق .. انتِ أجمل من الصور بمراحل ..”
رفعت تارا عينيها تنظر اليها مبتسمة قبل ان تقول :-
” انتِ أخت شمس بالطبع …عرفتك من لون شعرك … ”
ابتسمت ربى وهي تتقدم نحوها وتقول :-
” انا ربى وبإمكانك أن تعتبريني من أشد معجبينك ..”
ابتسمت تارا وقالت ترحب بها :-
” اهلا ربى .. سعدت بمعرفتك ..”
فتحت الباب ودلفت دينا تتبعها رانسي المتحمسة وغيث يتبعهما بخطواته الثابتة وأخيرا خالد …
” ها قد أتينا مجددا ..”
قالتها دينا بحماس وهي تتقدم نحو الصغيرة بينما إلتقت عينا خالد بعيني تارا فورا فوجدها تشيح بعينيها مجددا وهي تبتسم للموجودين حيث سارعت دينا ترحب بها …
قفزت رانسي تتأمل الصغيرة قبل أن تهمس بإعجاب :-
” إنها رائعة ..”
ثم قبلت شمس من وجنتيها وباركت لها كإمرأة كبيرة واتجهت نحو قيصر وباركت له بنفس الطريقة قبل أن تستدير نحو تارا وتقترب منها اردف بترحيب :-
” نجمتنا الرائعة .. أهلًا بك .. بالطبع تذكرتني ..”
ضحكت تارا على تلك الصغيرة التي تصر على التصرف كالكبار فإلتقطت كفها الممدود وقالت :-
” بالطبع يا رانسي .. اهلا بك ..”
سعدت رانسي لتذكرها اسمها بينما هتفت بأخيها :-
” ألم ترَ إيلينا يا غيث .. إنها حقا جميلة ..”
تقدم غيث نحو الصغيرة ينظر إليها فظهر الإنبهار على ملامحه ما إن فتحت عينيها الخضراوين قبل ان يتفاجئ بها تضحك ..
” إنها تضحك لي …”
قالها غيث مبهورا وهو يمد يده بخفة يمسك أناملها الصغيرة جدا بينما عقد قيصر حاجبيه مرددا :-
” تضحك لك ..”
همست شمس بسعادة :-
” إنها تضحك بالفعل …”
ابتسم غيث لها فوجدها تلف أصابعها الصغيرة حول أحد أصابعه ليبتسم لا إراديا وهو يتأملها …
هتفت تارا بعدها :-
” حسنا يجب أن أرحل الآن ..”
قفزت رانسي من مكانها تهتف بها :-
” دعيني ألتقط صورة معك اولا من فضلك ..”
“بالطبع تفضلي ..”
نهضت ربى هي الأخرى وهتفت بحماس :-
” وانا ايضا ..”
ضحكت تارا بينما تقدمت رانسي وإلتقطت معها اكثر من صورة وطلبت من ربى ان تأخذ لهما صورا سويا ثم تبعتها ربى التي طلبت من رانسي أن تلتقط لهما عدة صور أيضا ..
ودعت تارا الجميع ثم إلتفت عيناها للمرة الأخيرة بعيني خالد فلمحت بهما شيئا خاصا هذه المرة أصرت على تجاهله وهي تخبر نفسها إنها المرة الأخيرة التي ستراه بها ..
ما إن خرجت تارا حتى دخلا بعد مدة والدة شمس وأسامة ليلقيا التحية على الموجودين فتذهب رانسي وتجلس بجانب أخيها وهي تنظر الى إسامة الذي تراه للمرة الأولى بإعجاب مستغربة من عدم رؤيته مسبقا
………………………………………………………………
في صباح اليوم التالي ..
وقف فادي أمام باب الجناح ينظر اليه بتردد قبل ان يحسم أمره ويتصل بأخيه يطلب منه الخروج ..
خرج قيصر مسرعا من الجناح ليجد فادي أمامه يبتسم له بخفة وبعض الخجل قبل ان يهمس مبارك له :-
” مبارك لك يا أخي .. أصبحت أبا يا قيصر .. انا سعيد حقا لأجلك ..”
شاهد قيصر الخجل والتردد واضحا على أخيه فبادر وهو جذبه الى احضانه يربت على ظهره بقوة ..
ابتعد عنه بعد لحظات فقال قيصر بجدية :-
” ألا تريد أن ترى ابنة أخيك ..؟!”
ظهر التردد في عيني فادي فإبتسم قيصر مشجعا وهو يقول :-
” تعال معي .. هيا ..”
دلف قيصر الى الداخل وأشار الى شمس بعينيه التي إعتدلت في جلستها حيث ظهر التوتر للحظات عليها لكنها سيطرت عليه ..
هتف فادي بصوت مبحوح وأنظار منخفضة :-
” الحمد لله على سلامتك يا زوجة أخي ومبارك لكِ قدوم الصغيرة ..”
هتفت شمس بخفة :-
” أشكرك يا فادي والعقبى لك ..”
اتجه قيصر نحو الصغيرة وحملها متجها بها أخيها الذي طالعها بإبتسامة سعيدة قبل أن ينحني نحوها يقبلها من وجنتيها بخفة …
أعاد قيصر الصغيرة لمكانها ثم نظر الى أخيه وقال بجدية :-
” يوم الجمعة ستكون هناك إحتفالية بقدوم إيلينا في قصر العائلة .. سيحضر جميع المعارف والأقارب وانت بالطبع ستأتي ..”
لم يصدق فادي ما سمعه فمنح أخيه إبتسامة شديدة الإمتنان قبل أن يلقي نفسه بين أحضانه هامسا له بصوت مختنق :-
” أشكرك .. أشكرك كثيرا يا قيصر على كل ما فعلته وما زلت تفعله لأجلي ..”
بينما أخذت شمس تتأمل هذه المنظر أمامها بسعادة حقيقية وقد ترقرقت الدموع داخل عينيها قبل أن تنحني نحو ابنتها وتحملها بين ذراعيها تهمس لها بحب :-
” إيلينا قيصر عمران .. بمجيئك حلت السعادة على الجميع ولن تنقطع عنا باذن الله بعد الآن ..”
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شمس ربحها القيصر)