رواية شمس ربحها القيصر الفصل الاول 1 بقلم بيلا
رواية شمس ربحها القيصر البارت الاول
رواية شمس ربحها القيصر الجزء الاول
رواية شمس ربحها القيصر الحلقة الاولى
أمام البوابة الرئيسية للجامعة وقفت شمس تنتظر السائق المسؤول عن توصيلها هي وزميلاتها الى المنزل بملامح منزعجة فهي سبق وأكدت عليه أن يأتيها في تمام الساعة الثانية عشر خاصة وإن إثنين من زميلاتها تغيبن بسبب قرب إمتحانتهما والثالثة أخبرتها إنها ستعود لوحدها اليوم حيث لديها موعد مع حبيبها ظهر اليوم وبالتالي لم يبقَ سواءها وهاهي تنتظره منذ أكثر من ربع ساعة دون أن يأتي ..
رن هاتفها فأجابت بسرعة حيث كان هو المتصل ليأتيها صوته المرتبك يخبرها بأسف :
” أعتذر يا شمس لكنني لا أستطيع المرور عليكِ اليوم .. والدتي في المشفى ولا أستطيع تركها ..”
تنهدت وهي تقول :
” لماذا لم تخبرني مسبقا يا علاء ..؟! ما كنت لأنتظر هذه المدة .. على العموم لا بأس سوف أعود بتاكسي .. أتمنى لوالدتك الشفاء العاجل .. ”
رد علاء بصوت بدا لها متوترا ففسرت إن هذا بسبب مرض والدته بالطبع :
” أشكرك يا شمس .. ”
ثم أكمل بصوت ذا مغزى :
” إذا أردتِ إذهبي الى الشارع العمومي .. هناك ستجدين العديد من السواق اللذين ينتظرون الطلاب وقت خروجهم ..”
قالت موافقة حديثه :
” معك حق .. سأذهب هناك بالفعل .. مع السلامة ..”
أغلقت الهاتف بعدها وهي تتأفف بضيق من هذا اليوم المشؤوم ففي صباح اليوم تشاجرت مع والدتها التي بدورها أخذت موقفا منها وخاصمتها وهذا يزعجها للغاية ليأتي أستاذها ويوبخها بسبب اعتراضها على درجة السعي السنوي والأن السائق لا يأتي وهي مضطرة للسير نحو الشارع العمومي كي تأخذ تاكسي الى منزلها ..
وضعت هاتفها داخل حقيبتها واحتضنت كتبها ثم سارت بخطوات سريعة بإتجاه الشارع العمومي الذي يبعد مسافة ربع ساعة تقريبا عن الجامعة ..
أخذت تعجل خطواتها وهي تدلف الى احد الشوارع الجانبية الضيقة المؤدية لشارع آخر يؤدي الى الشارع الرئيسي وهي تفكر داخلها لمَ لا تقع جامعتهم في شارع يمر به العديد من سواق التاكسي بدات من إضطرارها هي وبقية زملاؤها في السير هذه المسافة إذا أرادوا أن يستأجروا تاكسي او يركبوا احدى المواصلات الأخرى ..
كانت تسير بشرود في ذلك الشارع الضيق قليلا والذي يحتوي على العديد من البيوت السكنية المتراصة وقد كان الشارع شبه فارغا مثله مثل أغلب الشوارع السكنية ..
شعرت بصوت سيارة تقترب منها لتهم بالإبتعاد الى الجانب حينما فوجئت بلمح البصر بشخص ما يفتح باب السيارة ويخرج منها جاذبا إياها الى الداخل قبل أن يجلس بجانبها فيتحرك السائق بتلك السيارة السوداء المصفحة .. جحظت عيناها مما يحدث لتصرخ وهي تنظر الى الرجلين الضخمين اللذين يحيطان بها :
” من أنتم وماذا تريدون ..؟!”
ثم إختنق حلقها وهي تهتف بصوت مرتعب :
” هل أنتم عصابة ..؟! ”
جاءها صوت قوي رخيم يعود الى الرجل الذي يجلس في الكرسي الأمامي بجانب السائق مرتديا بذلة سوداء أسفلها قميص أسود اللون مغطيا عينيه بنظارة سوداء :
” اهدئي يا آنسة وكل شيء سيكون بخير .. ”
صاحت بحدة :
” هل أنت مجنون ..؟! تخطفني وتطلب مني أن اهدأ ..”
ثم بدأت بدفع هذين الرجلين وضربيهما بشراسة وهي تصرخ بهما :
” إخرحوني من هنا .. إتركوني .. أيها الأوغاد .. ماذا تريدون مني ..؟! ماذا فعلت لكم .. ؟!”
صرخ الرجل بها بصوت عصبي مخيف :
” يكفي .. نحن لا نريد إيذائك .. لا يوجد لدينا نية بذلك من الأساس .. أنت فقط ستذهبين الى الباشا كي يتحدث معك بأمر هام وبعدها ستذهبين الى منزلك سالمة .. ”
سألته بصوت مرتعب :
” أي باشا ..؟! ”
ثم صاحت باكية :
” أنا لا أفهم شيئا .. من أنتم ..؟! وماذا تريدون ..؟!”
أجاب بعدما زفر نفسه بضيق :
” سوف تفهمين كل شيء عندما تصلين .. فقط اهدئي وكما أخبرتك لن يمسك أي سوء .. مجرد حديث يجمعك مع الباشا .. حديث فقط لا غير ..”
ضغطت على أعصابها بقوة كي لا تشتمه وتشتم الباشا خاصته قبل أن تغمض عينيها وهي تعود بجسدها المتأهب الى الخلف تفكر فيما سيحدث معها وهي تقنع نفسها إن الصمت والترقب هو أفضل حل لها في هذا الوقت ..
……………………………………………………………….
تأملت شمس الغابات المنعزلة التي تمر بها السيارة بملامح جزعة وقد بدأ عقلها يصور لها مختلف المصائب الممكنة ..
شهقت برعب ما إن سمعت صوت ذلك الرجل يتحدث في جهازه اللاسلكي بصوت صارم أخرجها من أفكارها المرعبة :
” افتحوا البوابة فنحن قاربنا على الوصول .. ولا تنسى أن تبلغ الباشا بهذا ..”
إحتضنت كتبها التي سقطت على فخذيها منذ لحظات وجسدها أخذ يرتعش بقوة ..
وجدت السيارة تسلك طريقها الى شارع آخر محاط بالغابات الواسعة المليئة بالأشجار والورود الرائعة ..
انتبهت الى ذلك القصر الكبير جدا بطرازه القديم والذي لم يزده سوى فخامة شديدة وقد ذكرها بقصور العصور الوسطى التي كانت تقرأ عنها في القصص وتراها بالأفلام ..
دلفت السيارة الى داخل القصر مرورا ببوابته العملاقة المحاطة بالإسوار العالية المخيفة والعديد من الحرس منتشرين في كل مكان فأخذت تفكر إن هذا الباشا الذي يريد مقابلتها قد يكون وزيرا او سياسيا او ربما رئيس وزراء ..
توقفت السيارة أمام بوابة القصر الداخلية لتجد أحد الرجلين يفتح الباب ويخرج منها يتبعه الآخر بينما بقيت هي مكانها متأهبة للقادم لتجد الرجل الذي يجلس في الأمام يخرج بدوره من السيارة ويقترب من جهتها مائلا نحوها بوجهه الذي بدا لها مخيفا بملامح قاسية مرعبة لتسمعه يهتف بصوت هادئ :
” هيا يا انسة .. التأخير ليس من صالحك ..”
حدقت به بملامح مشدودة وهي تتمنى لو تختفي الآن في هذه اللحظة من الوجود ..
حدقت بملامحه الحادة ونظارته الضخمة التي تخفي عينيه بالكامل للحظات قبل أن تشيح وجهها بعيدا عنه وهي تهبط من السيارة فتلفحها نسمات الهواء الدافئة لتغمض عينيها للحظة وهي تخبر نفسها ألا تضعف فهي لم تعتد أن تكون ضعيفة أبدا ولن تعتد ذلك ..
سارت نحو الأمام وهي تفكر داخلها إنها مقابلة ليس شيئا آخر كما أخبرها هذا الذي يسير جانبها ..
ما إن وصلا الى الباب الداخلية وقبل أن يرفع يده حتى كان الباب يفتح لتظهر من خلفه شابة عشرينية ترتدي زي الخدم الرسمي ذات ملامح جميلة للغاية تكاد تجزم إن صاحبة هذه الملامح ليست عربية أبدًا ..
وقد تأكدت ظنونها وهي ترحب بهذا السيد الذي تبين إن إسمه جاسم بلكنة إنكليزية بحتة والذي سألها بجدية :
” هل الباشا في مكتبه ..؟!”
لتومأ الخادمة برأسها ثم تجيب وهي ترمقها بنظرة عابرة :
” الباشا في مكتبه ينتظر الآنسة ..”
حدقت شمس بها بملامح واجمة وقد إرتفعت نبضات قلبها كليا ليهتف بها جاسم :
” إتبعيني يا آنسة ..”
سارت شمس خلفه وهي تحتضن كتبها كدرع واقي بنفس الملامح الواجمة دون أن تهتم بالنظر الى ممرات القصر الفخمة فشيء واحد يشغل عقلها وهو سبب طلب الباشا رؤيتها .. الباشا الذي لا تعرف من هو أصلا ..
توقفت خلف جاسم أمام باب احدى الغرف لتجده يلتفت هنا يخبرها بعملية :
” تفضلي يا آنسة .. هو ينتظرك في الداخل ..”
نظرت الى الباب بقلب خافق قبل أن تطرق عليه بخفة لتسمع صوت رجولي هادئ يخبرها أن تدخل لتلتفت الى الجانب فتفاجئ بإنها وحيدة ويبدو أن جاسم قد رحل ..
أخذت نفسا عميقا وهي تخبر نفسها إنها لم تفعل شيئا يجعلها تخاف .. يجب عليها أن تدخل بثقة وتفهم منه ما يريده منها .. هي ليست صغيرة ولا ضعيفة أبدا ..
منذ حوالي ساعتين كانت تتجادل مع إستاذها بسبب سعيها السنوي والذي كان أقل من المستحق بستة أعشار لتقف أمام الأستاذ تخبره بقوة إن هذا ظلم وإنها لن تصمت وستذهب الى العميد كي يتصرف معه بنفسه الأمر الذي جعل الوضع ينقلب الى ما يشبه شجار قبل أن يخبرها الأستاذ بغيظ مكتوم إنه سيعيد حساب درجاتها مرة اخرى .. نعم هي قوية وستبقى هكذا وتواجه هذا الرجل الذي ينتظرها في الداخل بكل ثقة وهدوء ..
سرعان ما تبخرت كلمات شمس وهي تخطو اولى خطواتها الى الداخل لتجد نفسها أمام رجل ثلاثيني يجلس على مكتبه الواسع مرتديا بذلة سوداء أنيقة أسفلها قميص أبيض بلا ربطة عنق ..
لكن بالطبع ليست البذلة او غياب ربطة العنق ما جعلها متأهبة الى هذه الدرجة بل طلة الرجل المهيبة ونظراته القوية المسلطة عليها بالكامل هي من جعلت ثقتها تلك تتبخر تماما ..
تأملت ملامحه الرجولية والتي بالرغم من هدوئها الذي بدا لها غير مريحا كانت تحمل الكثير من القوة والقسوة والتسلط .. ملامحه كانت صلبة حادة .. ونظراته مهيبة .. هو رجل بنظرة واحدة تدرك إنه يملك من القوة والسلطة والهيمنة ما يفوق المعتاد .. رجل من اولئك الرجال الإرستقراطيون اللذين يمتلكون هيبة لا خلاف عليها ..
كان قيصر يتأملها بملامح غامضة لا تدل على شيء .. جسد طويل نوعا ما نحيل للغاية يغطيه ذلك البنطال الأزرق المرتبط بحمالات رفيعة المسمى بالمشمل ( السالوبتّ ) حيث يوجد أسفله تيشرت أبيض اللون ذو أكمام قصيرة تصل الى ربع ذراعها بينما ترتدي في قدميها حذاء رياض ذو لون أبيض ..
ملابسها كانت تدل على خلفيتها المتوسطة أما ملامح وجهها فهي كانت عادية حيث عينين بلون لم يميزه جيدا لكنه يجزم إنه أفتح من المعتاد مع أنف دقيق وشفاه متوسطة العرض والإمتلاء وبشرة ناصعة البياض حيث بياضها واضح للغاية مشوب بحمرة محببة .. المميز فيها كان شعرها بلونه الغريب والذي بدا له خليط محير ما بين البني البني الفاتح والأحمر .. فهو بلون مائل للحمرة الواضحة .. وللمرة التي لا يعرف عددها يسأل نفسه نفس السؤال .. ما المميز فيها كي يرغبها أخيه لهذه الدرجة ..؟!
قال أخيرا بصوت هادئ رزين :
” تفضلي يا انسة …”
حدقت به بملامح مترددة لتجده يهتف بصوت أكثر صرامة :
” من فضلك يا انسة .. تفضلي وإجلسي هنا ..”
تأملت الكرسي الذي يشير إليه لتسير بخطوات بطيئة نحو مكتبه قبل أن تجلس على الكرسي الجانبي للمكتب وهي تشبك أناملها بعضيهما وتنظر إليهما بقلق ..
تأملها وقد إختفى وجهها تماما بفضل خصلات شعرها الناعمة والتي إنسدلت على جانبيه ليتنهد بصمت وهو يقول بنبرة جادة :
” شمس .. انتبهي إلي من فضلك ..”
رفعت وجهها نحوه لتلتقي عينيها الخائفتين بعينيه الباردتين فيتأمل قزحيتيها للحظات بلونيهما الفاتح والذي يميل للأخضر كما توقع ..
أبعد عينيه عن عينيها وقال بصوت هادئ :
” بالتأكيد تودين بشدة أن تعرفي لمَ أنتِ هنا ..؟! وأنا سأخبرك فورا وبوضوح كما إعتدت أن أفعل مع أي شخص .. ”
نظرت إليه بترقب رغم قلقها مما هو قادم ليكمل وهو يتأمل ملامح وجهها الطفولية الناعمة :
” أنتِ هنا لأجل أخي .. فادي .. أخي الوحيد .. ”
نظرت إليه بعدم فهم قبل أن تسأله :
” عفوا ، أنا لا افهم .. من فادي .. ؟! أنا لا أعرف شخصا بهذا الإسم ..”
نظر إليها مليا قبل أن يجيب :
” أنت لا تعرفينه .. لكنه يعرفكِ .. ”
أكمل مجيبا على التساؤلات التي امتلأت بها عينيها رغم لسانها الصامت :
” لقد رأكِ في إحدى زياراته الى الجامعة ومنذ تلك اللحظة وهو مفتونا بك .. مدلها بغرامك .. مجنونا بحبك .. ”
قالها وهو يتذكر أخيه الذي لا يوجد على لسانه شيئا سوى اسم هذه الفتاة .. يردده دائما وخاصة حينما يثمل كليا .. هذه الفتاة الماثلة أمامه أصبحت جل ما يشغل تفكير أخيه .. هي رفيقته في جميع الأوقات ..
” هل أخيكَ مجنون ..؟!”
سألته بدهشة لتلاحظ إحتداد عينيه فتبتلع ريقها قبل أن تكمل وهي تمنح نفسها الشجاعة الكافية للتحدث بصراحة :
” انا اعتذر .. ولكن هذه حقيقة .. ما تقوله لا يمكن أن تكون تصرفات شخص عاقل .. أي شخص عاقل يهيم بفتاة لم تجمعه بها كلمة واحدة حتى .. ؟! ولو نفترض ما تقوله صحيح .. ما علاقتي أنا بكل هذا ..؟! أنا لا أعرفه أساسا .. ”
خفتت حدة عينيه وهو يجيب بثقة :
” علاقتك إنكِ ستتزوجينه .. ”
جحظت عينيها وهي تستمع الى تلك الجملة القصيرة التي خرجت منه لتقفز من مكانها وهي تصيح بعدم استيعاب :
” أتزوج من ..؟! يبدو إنك الآخر مجنون تماما كأخيك .. ”
نهض من مكانه ضاربا سطح مكتبه بقوة أجفلتها ليهتف بقوة أكبر :
” الزمي حدودك يا صغيرة .. يبدو إنكِ لا تعرفين مع من تتعاملين .. حديثي الهادئ معكِ لا يعني إنني سأتقبل كلماتك هذه أبدا .. أنتِ لا تتحدثين مع شخص عادي .. لذا كوني حذرة في كل كلمة تصدر مني في حضرتي .. ”
ردت بقوة وقد شعرت إنها لن تصبر أكثر على هذا الطاغوت الواقف أمامها :
” سأكون حذرة بالطبع عندما تنتبه على ما تقوله يا سيد .. أي زواج بالله عليك..؟! هل نحن في فيلم عربي قديم ..؟! أم رواية خيالية ..؟!”
تقدم نحوها بخطوات واثقة قبل أن يقف أمامها محدقا بعينيها اللتين كانتا تلمعان بقوة أعجبته بشدة :
” لا هذا ولا ذاك .. بل أنتِ في آمر واقع .. لا مفر لكِ منه ..”
احتدت عينيها بشراسة ليشعر بشيء ما يغزو قلبه بينما هي ترد بغيظ :
” ومن سيجبرني على هذا الأمر الواقع ..؟!”
أجابها مستلذا بتأمله لملامحها الناعمة الرقيقة رغم شراسة نظراتها وتعابيرها :
” أنا من سيجبرك على هذا .. ”
حدقت به وقد تعلقت مقلتيها بمقلتيه الغامقتين قبل أن تهتف وهي تهم بالسير بعيدا عنه بنية الخروج من الغرفة :
” أنت فعلا مجنون وأنا لن أبقى معك لحظة واحدة ..”
وما إن تحركت بعيدا عنه حتى وجدته يقبض على ذراعيها بقوة جاذبا إياها نحوه لترتطم بصدره العريض رغم طولها الواضح فتتراجع الى الخلف مذهولة بينما ينحني هو ناظرا الى عينيها المذعورتين من كل ما يحدث مرددا بتحذير :
” سبق وإن أخبرتكِ أن تلزمي حدودك معي .. ستتزوجينه سواء قبلت أم لا .. قبولك من رفضك لا يهمني .. ستتزوجينه وانتهى ..”
أكمل وهو يتفرس النظر في ملامحها التي بات يشعر بكونها تجذبه رغما عنه :
” وإذا فكرتِ للحظة واحدة بعدم تنفيذ ما قلته فلن أرحم أي أحد يخصك أبدا ولن أتردد لحظة واحدة في استخدام كل ما أملكه من سلطة وقوة ضدهم .. ”
ابتلعت ريقها وهي تسأله بتوجس :
” من تقصد ..؟! عائلتي ..؟! ماذا ستفعل بهم .. ؟!”
أبعد عينيه عن ملامحها التي تحاصره ليقول وهو يسير بعيدا عنها بإتجاه النافذة المطلة على حديقة القصر الواسعة :
” الكثير .. سأفعل الكثير .. في الأول سأبدأ بوالدك .. اتصال واحد مني وسوف يتم فصله من عمله دون رجعة .. تخيلي حياتكم بدون راتب والدك .. إخوانك على ما أظن في مدارس خاصة تحتاج الى أجور عالية .. أنتِ نفسك لديكِ مصاريف لا يستهان بها على ما اظن .. طبعا بعد فصل والدك سوف يكون أمامكِ خيارين إما أن تخضعي لي أو تستمري في عنادك وحينها سوف أتجه الى الوالدة .. وبعدها الى باقي أفراد عائلتك .. الأمر لن يقتصر على الفصل عن العمل فقط كما تظنين .. بإمكاني أن أفعل ما لا يخطر على بالك ..”
صاحت به بضعف:
” يكفي .. حسنا فهمت .. أنت رجل واصل بإمكانك أن تؤذي عائلتي بالكامل اذا ما رفضت طلبك المجنون هذا ..”
اقترب منها قاطعا المسافة الصغيرة الفاصلة بينهما مردفا بهدوء :
” إعلمي إنني لن أتردد لحظة واحدة في أن أفعل أي شيء .. أي شيء يا صغيرة لتنفيذ ما أريده .. ”
غامت عينيه بنظرة أرعبتها وهو يكمل بجدية :
” أنا أنال ما أريده بأي وسيلة ممكنة .. وإنتِ ما أريده الآن .. لذا سواء انتِ وعائلتكِ فلن تكونوا إستثناءا بالنسبة لي وما يصيب غيرك ممن لا يطيعوني سيصيبك أنتِ أيضا .. ”
ترقرقت الدموع داخل عينيها ليكمل متسائلا :
” هل تعرفين عائلة عمران .. ؟!”
شعرت بقلبها يتوقف عن النبض وهي تسمع اسم تلك العائلة لتسأله بوجه شاحب :
” هل أنت من عائلة عمران ..؟!”
رد بعينين قويتين مهيبتين :
” انا قيصر عمران .. كبير العائلة .. ”
اتسعت عينيها لثواني وهي تتذكر كل ما تعرفه عن عائلة عمران .. تلك العائلة التي تعتبر من أكبر وأقوى العوائل في البلاد بأكملها .. ثرواتهم لا تعد ولا تحصى .. فهم يمتلكون ما لا يستوعبه العقل .. لقد سمعت الكثير عن شركاتهم وأملاكهم وأراضيهم .. بل سمعت إن هناك مناطق كاملة في البلاد ملكا لهم .. الأمر لا يقتصر على الثراء الفاحش بل يتعدى ذلك الى سلطتهم الواضحة في مجال الحكم والسياسة .. وبالرغم من كونهم لا ينتمون الى فئة السياسيين بشكل علني لكنهم يمتلكون السلطة الكافية والتي تفوق أحيانا سلطة بعض السياسيين في البلد.. نعم لقد كانت تسمع عنهم أحاديث عابرة من أصدقائها وأقاربها بل ووالدها أحيانا حيث يتحدثون عن مشاريهم التي لا تنتهي وثرواتهم التي تتضخم كل يوم أكثر إضافة الى نشرات الأخبار التي دائما ما تتحدث عنهم وعن نشاطاتهم التجارية في مختلف المجالات وأعمالهم الواسعة .. وبالرغم من كونها ليست من النوع الذي يهتم بكل هذا إطلاقا فهي بالطبع لن تهتم بمعرفة أخبار العوائل الإرستقراطية ذائعة الصيت في البلاد خاصة وهي تنتمي الى الطبقة المتوسطة وتعاملها دائما كان مع من هم في مثل طبقتها هذه لكن أخبار هذه العائلة كانت تظهر أمامها رغما عنها ..
قيصر عمران .. لا تتذكر اسماء أفراد هذه العائلة لكنها تشعر بإن إسم قيصر عمران مر أمامها وهذا شيء طبيعي كونه أحد أفراد هذه العائلة بل وكبيرها أيضا ..
” نظراتك تخبرني إنك تعرفين الكثير عنا كما توقعت ..”
صوته البارد جعل جسدها يرتعش وهي تومأ برأسها رغما عنها وتغمغم بألم :
” لقد وصلت الفكرة … ”
حدجها بنظراته وهو يكمل بصوت آمر :
” ستتزوجين أخي يا شمس .. وفي أقرب وقت ممكن .. فهو يحتاجك أكثر من أي شيء ..”
لمعت عينيها بدموع حبيسة وقد سيطر الضياع عليها وهي تفكر إنها حقا لا تود سماع المزيد ولا تريد معرفة سبب إصراره على زواجها من أخيه لتقول بصوت ضعيف متوسل :
” دعني أرحل من فضلك .. لا أستطيع تحمل أكثر من هذا .. إمنحني القليل من الوقت لكي أستوعب ما سمعته حتى الآن ..”
تأمل ملامحها الشجنة بهدوء متغافلا عن ذلك الضيق الذي ألم بصدره والذي تراكم بقوة ما إن نظرت إليه بعينين متضرعتين فرد بصوت خرج حازما :
” اذهبي الان .. لكن غدا صباحا ستكونين عندي كي أشرح لكِ عن وضع فادي وماهو مطلوب منك ..”
تحركت بخطوات آلية الى الخارج بينما يراقبها هو بتمعن حتى اختفت تماما ليشعر بشيء غريب يثقل كاهله ولأول مرة يتمنى لو لم يقسُ على تلك الصغيرة كما فعل لكنه سرعان ما نهر نفسه وهو يذكر نفسه إنه لم يفكر يوما بهذه الطريقة ولن يفعل .. هو لم يتعاطف يوما مع أحد ولم يرق قلبه يوما لأحد حتى أقرب الناس إليه ولن تكون تلك الصغيرة إستثناءا لهذا مهما حدث …
………………………………………………………………..
هبطت شمس من سيارة الأجرة بعدما أعطت السائق أجرته لتضغط على جرس الباب فتفتح أختها لها الباب وهي تقول بتذمر :
” لماذا تأخرتِ ..؟! لقد قلقت ماما عليكِ ..”
دلفت الى الداخل دون رد لتستقبلها والدتها وهي تهتف بضيق :
” لقد قلقت عليكِ بشدة يا شمس .. لا تفعليها مرة أخرى من فضلك ..”
ردت وهي ترمق والدتها بنظرات جاهدت لتجعلها عادية :
” اسفة ماما .. أخبرتك عندما إتصلت بي منذ نصف ساعة إنني خرجت لتناول الطعام مع رنا .. ”
حدقت والدتها بملامح وجهها الغريبة قبل أن تسأل :
” هل أنتِ بخير ..؟! هل هناك شيء ما ..؟! تبدين حزينة او منزعجة .. لا أعلم بالضبط .. ولكن يبدو إن هناك شيء ما .. ما بكِ يا شمس .. ؟!”
سمعت صوت أختها الصغرى ربى تهتف بضيق :
” ماما أنا جائعة .. دعينا نتناول طعامنا اولا وبعدها تحدثي معها كما تشائين ..”
كتمت دموعها بصعوبة وهي تهتف بصوت متحشرج :
” عن إذنكم .. أرغب بالنوم لساعتين فأنا مجهدة قليلا .. ”
إنسحبت بسرعة نحو غرفتها الصغيرة تحتمي بها لتغلق الباب خلفها وتسقط بجسدها أرضا تبكي بصوت مكتوم وروح تشعر بإن إنتزاعها بات وشيكا ..
ظلت تبكي بصوت خافت حتى فرغت ما في جبعتها من نحيب ودموع لتنهض من مكانها وتتجه نحو الخزانة بخطوات ضعيفة فتخرج بيجامتها الزهرية ثم تخلع ملابسها وترتديها ..
انتهت من إرتداء بيجامتها لتتجه نحو فراشها وتتسطح عليه وهي تجذب الغطاء الثخين فوقها عله يمنحها شعور الأمان الذي إفتقدته بالكامل بعدما حدث ..
أغمضت عينيها وهي تقاوم إرتجافة جسدها المرتعب من كل ما يحدث وعقلها يصور لها أبشع السيناريوهات لما ينتظرها لتغفو بعد تفكير امتد لأكثر من ساعة لتفتح عينيها بفزع بعد عدة ساعات بسبب ذلك الكابوس الذي كان يحاوطها طوال نومتها ..
اعتدلت في جلستها وهي تضع كفها على قلبها الذي ينبض بعنف ثم تبدأ في قراءة ما تحفظه من آيات تخفف عنها وطأة ما حدث ..
أغمضت عينيها وعادت بجسدها الى الخلف مستندة على الحائط بعدما إنتهت من قراءة الآيات التي جعلتها تهدأ قليلا لتتذكر تلك الكوابيس التي حاصرتها بقوة طوال نومتها تلك .. كوابيس متعددة لا تتذكرها جميعها .. مرعبة بشدة خاصة ذلك الكابوس الذي ظهر به ذلك الرجل وهو ينظر اليها بملامح مرعبة قبل أن تجده ينحني نحوها بتمهل ثم يخرج فجأة من الخلف سكينة حادة ليطعن بها قلبها بقوة بينما اختفت فجأة الشمس المشرقة التي كانت تحيط المكان من كل صوب فيحل الظلام والذي لا يظهر منه سوى عينيه المخيفتين ..
تشنج جسدها وهي تتذكر هذا الحلم الذي شعرت بتفاصيله تحفر داخل قلبها خاصة تلك الطعنة التي تشعر بها حتى الآن ..
أغمضت عينيها بخوف حقيقي قبل أن تفتحهما على صوت طرقات على باب غرفتها لتسمح للطارق بالدخول فتدخل والدتها إليها وتهتف بها :
” ما كل هذا النوم يا شمس ..؟! إستيقظي هيا .. هل أصبحتِ أفضل الآن ..؟!”
حدقت بوالدتها التي نسيت خصامها صباح اليوم ما إن شعرت بحزنها لتضغط على نفسها بقوة كي لا تخبرها بما حدث وهي تذكر نفسها بسلطة وقوة تلك العائلة وذلك المدعو قيصر والذي لن يتردد لحظة واحدة في أذية عائلتها الحبيبة .. عائلتها التي لن تقبل بكل هذا وبالتأكيد سوف يثوروا لكنهم لن يستطيعوا أن يفعلوا أي شيء بحالتهم المتوسطة أمام نفوذ وسلطة تلك العائلة وهي لن تجازف بوالديها أبدا فلا ذنب لهما ولا لإخوتها بتلك المصيبة التي وقعت بها دون ذنب منها هي الأخرى ..
أجابت والدتها بصوت مبحوح :
” أنا بخير ماما .. أنا فقط متعبة قليلا ..”
سألت والدتها مرة أخرى :
” أخبريني إبنتي .. ما سبب حزنك ..؟!”
أغمضت عينيها للحظة ثم فتحتها وردت بعينين دامعتين :
” لقد عرفت السعي السنوي لإحدى المواد الأساسية والذي تبين إنه ينقص سعيي الحقيقي بحوالي أربعة درجات وعندما تحدثت مع الإستاذ طردني ..”
كانت تكذب لكنها مضطرة فوالدتها سوف تقتنع بكذبتها هذه وهي تعلم جيدا مدى كره إبنتها لتصرفات كهذه فهي لا تتحمل أن يؤذيها احد او يهينها أبدا ..
همست والدتها بجدية :
” ربما أنتِ من تحدثت معه بإسلوب غير ملائم قليلا يا شمس .. فأنا أعلم إن شيء كهذا سيغضبك بالتأكيد .. وأنتِ عندما تغضبين تتصرفين بلا وعي أحيانا ..”
لم تجبها شمس بينما أكملت والدتها وهي تربت على كتفها بحنو:
” لا تزعجي نفسك .. حاولي أن تتحدثي معه مرة أخرى وإذا شعرت بنفسك مخطئة اعتذري منه .. حسنا .. ”
أومأت برأسها بوجه متصلب ودموع حبيسة لتهتف والدتها وهي تنهض من مكانها:
” هيا انهضي وتعالي معي لنصب العشاء سويا فأنا إنتهيت من إعداده ..”
ردت بخفوت :
” لا شهية لدي للطعام الآن .. دعيني أذاكر قليلا فالإمتحانات اقتربت ..”
أومأت والدتها بتفهم ثم قالت :
” كما تشائين .. سوف أعزل لكِ طعامك .. تناوليه عندما تجوعين ..”
هزت رأسها وهي تنظر الى والدتها التي خرجت بدموع سرعان ما سالت على وجنتيها بقهر ..
مسحت وجنتيها بعنف وهي تتمنى لو تحدث معجزة وينتهي كل هذا ..
أفاقت من أفكارها على صوت رنين هاتفها لتحمله فتجد رقما خاصا يتصل بها لتجزع كليا وهي تكاد تجزم بهوية المتصل ..
سيطرت على نبضات قلبها الهادرة وهي تجيب ليأتيها صوته البارد يهتف بها :
” من الجيد إنكِ أجبتِ على اتصالي من المرة الأولى ..هذا يعني إنك بدئتِ تستوعبين الواقع وما عليكِ فعله .. ”
” ماذا تريد ..؟!”
سألته بإقتضاب ليرد عليها بصوت متسلط :
” غدا في تمام الساعة العاشرة سوف تكونين عندي في نفس المكان ..سوف ينتظركِ رجالي في نفس المكان الذي أخذوكِ منه ..”
قاطعته بنزق :
” لن أركب مع رجالك فأنا لا أركب مع الغرباء .. كما إن هذا المكان يمر به طلاب جامعتي ومن ضمنهم زملائي في الدفعة وأنا لن أخاطر بسمعتي أبدا .. ألا يكفي خوفي من أن يكون أحدهم قد رأني وأنتم تختطفوني من هناك .. ؟!”
توقفت عن حديثها وهي تنتظر أن تسمع رده ليأتيها صوته الهادئ :
” هناك رجل سينتظرك في سيارة تاكسي بالقرب في المكان الذي تريدنه .. سوف تركبين معه كي يجلبك عندي ..”
قاطعته بحدة :
” وهذا شيء آخر أيضا .. أنا لن أدخل منزل رجل غريب .. رجل يعيش لوحده .. ”
رد بقوة وقد طفح الكيل منها :
” عشرات الخدم والحرس موجودين في القصر معي .. ولا داعي لإن أخبركِ إنني أستطيع أن أجلبك إجبارا عنكِ فلا تختبري صبري يا صغيرة ولا تجعليني أندم على إسلوبي الذي تعاملت معك به قبل لحظات .. سوف أرسل لكِ صباحا رقم صاحب السيارة .. تواصلي معه واتفقي معه على مكان ينتظرك عنده .. ”
اغلق الهاتف في وجهها لتتأمله بحقد قبل أن تهتف مع نفسها :
” ليلعنك الله أيها الحقير .. حسبي الله ونعم الوكيل بك وبأمثالك .. أيها الظالم المتجبر ..”
…………………………………………………………………..
وقف في شرفته يتأمل السماء المظلمة والتي تزينها تلك النجوم اللامعة القليلة بشرود بينما صدى كلماتها يتردد داخله فيشعل غضبه أكثر من نبرتها الحادة الغاضبة والتي لا يجرأ أقوى الرجال وأعتاهم على الحديث معه بها فتأتي تلك الحمراء الصغيرة وتتحدث معه بها ..
توعد لها بداخله قبل أن يتذكر حديثها عن عدم ركوبها مع الغرباء فيكتم شعور الإعجاب الذي اقتحمه للحظة ثم يشرد لا إراديا بها وبتفاصيلها التي حفظها عن ظهر قلب ..
ومرة أخرى يسأل نفسه عن الشيء الذي جذب فادي إليها .. فهي نحيلة للغاية بجسد فتاة لا تتجاوز الخامسة عشر من عمرها وليست فتاة جامعية .. جسدها مراهقا خاليا من معالم الأنوثة المفترض وجودها لكل أنثى قاربت العشرين من عمرها بل إنه يجزم لولا طولها الجيد لظن البعض إنها ما زالت في المرحلة المتوسطة ..
لكن طولها ساعدها قليلا في تخبئة جسدها الطفولي ..
ملامحها عادية جدا فلولا بياضها الشديد وشعرها المحمر لما جذبت أنظار أحد .. هي بإختصار فتاة عادية للغاية يميزها فقط بشرتها ببياضها شديد النصوع ولون شعرها النادر .. شعرها الذي يتخيله متوهجا كنارا حارقة أمام ضوء الشمس .. تنهد بقوة وهو ينظر أمامه نافضا تلك الأفكار عنه بقوة غير واعيا لإن أفكاره تلك ربما تقوده الى جحيم .. جحيم لم ينتبه له بسبب تلك المشاكل التي تحيط به من كل صوب ..
…………………………………………………………….
في صباح اليوم التالي ..
كانت شمس تجلس في نفس الغرفة وعلى نفس الكرسي تنتظر قدوم قيصر الذي سيصل في تمام الساعة العاشرة كما أخبرها مسبقا ..
كانت تعتصر قماش فستانها الأخضر الحريري بقسوة وهي للمرة التي لا تعرف عددها تتمنى لو تختفي من على سطح هذه الأرض ..
سمعت صوت الباب يفتح لتنهض من مكانها وتنظر نحوه فتلتقي عينيه اللتين تتفحصانها بتمعن بعينيها المذعورتين فيفيق من تفحصه الصريح لها على صوت أحد موظفي القصر وهو يسأله عما يفعله قبل رحيله فيملي عليه بعض الأوامر قبل أن يرحل ليقترب هو نحوها بينما تراقبه هي بتأهب لتتفاجئ به يجلس على الكرسي المقابل لها ثم يأمرها أن تجلس ..
جلست أمامه وهي تضم كفيها الى بعضيهما ليهتف بهدوء :
” بالتأكيد تودين أن تعرفي سبب رغبتي بتزويجك لأخي ..”
أطلق تنهيدة خرجت من صدره ثقيلة ليكمل :
” فادي أخي الوحيد يا شمس .. يصغرني بتسعة أعوام .. تسعة اعوام كانت كافية لتحملي مسؤوليته كاملة .. فادي أخي الذي سأفعل المستحيل كي يبقى على قيد الحياة .. ”
حدقت به تسأله بتعجب :
” وما علاقتي أنا بكل هذا ..؟! هل حبه لي يمنعه من البقاء على قيد الحياة ..؟! هل تظن إنه يحبني حقا ..؟! هل أنت مقتنع بهذا ..؟!”
أجابها بصراحة :
” كلا ، أعلم أن رغبته بك مجرد هوس وتملك وليس حبًا حقيقيا كما يدعي هو ..”
” لماذا تفعل بي هذا إذا ..؟! لماذا ..؟!”
قالتها بصوت متحشرج وعينين تتسولانه أن يبتعد هو وأخيه عنها لتجده يجيب بهدوء غير مبالي بمشاعرها التي ظهرت بوضوح على ملامحها :
” أخي مريض .. مريض سرطان .. في مرحلة متقدمة .. ”
حل الصمت المطبق بينهما قبل أن تجده يكمل بوجه جامد بلا تعابير :
” بسبب ذلك المرض إضطر الأطباء لبتر ساقه بعدما عجزوا عن فعل شيء أخر .. ”
ارتجف جسدها بالكامل وهي تستمع الى حديثه ليكمل بصوت ثقيل :
” ما زالت هناك فرصة للعلاج.. فرصة ضئيلة لكنني متمسك بها … ولدي أمل كبير إنه سيشفى .. لكن للإسف هو يرفض العلاج كليا .. لقد أصبح يائسا بعدما فقد قدمه .. لذا قرر الإستسلام للموت .. حاولت كثيرا معه دون فائدة حتى علمت بحبه لكِ .. أو لأقل بشكل صريح هوسه بكِ .. وجودك هو من سيجعله يتقبل العلاج .. أنتِ من ستجعليه يعدل عن رأيه الرافض بقوة للعلاج بكافة أنواعه ..”
تأملته بعينين زائغتين وسألته :
” هل تظن إن بزواجي منه سوف يغير رأيه ويتعالج ..؟!”
رد بقوة وعزم :
” هو مجبر للقبول بهذا خاصة عندما أضعه على المحك .. الزواج منكِ مقابل عودته للعلاج .. ”
نظرت إليه بصمت وهي تحاول أن تستوعب مدى أنانية هذا الشخص الذي يدمر حياتها بالكامل لأجل حياة أخيه لتجد نفسها تضيف صفة جديدة عليه غير القسوة والحقارة وإنعدام الضمير وهي الأنانية ..فيبدو إن قيصر عمران يمتلك من الصفات السيئة بقدر ما يمتلك من سلطة وأموال ..
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شمس ربحها القيصر)