رواية شمس ربحها القيصر الفصل الأربعون 40 بقلم بيلا
رواية شمس ربحها القيصر البارت الأربعون
رواية شمس ربحها القيصر الجزء الأربعون
رواية شمس ربحها القيصر الحلقة الأربعون
الخاتمة
بعد مرور ثلاثة اعوام ..
يدلف الى القصر بسيارته الحديثة بعد غيابه المعتاد لعدة أشهر ..
لم يكن ليعود لو عيدميلاد تلك الصغيرة فلا يمكنه تفويت حفل ميلادها مهما حدث …
ركن سيارته في الكراج الخاص بسيارات افراد العائلة ثم هبط منها متجها الى الداخل حيث وجد والدته تستقبله بسعادة تضمه بين ذراعيه وهي تعاتبه على غيابه الذي طال أكثر من العادة …
جلس بعد مدة في صالة الجلوس معها عندما جائت زوجة عمه ترحب به فإستقبلها بسعادة وهو يشعر بالإشتياق لجميع أفراد المكان حقا ..
” أين تلك الشقية إذا ..؟!”
سأل فادي والدته وهو يضع قدح العصير على الطاولة بعدما إرتشف القليل منه لتجيبه والدته بقليل من الإمتعاض :-
” أخذتها والدتها وذهبت عند بيت عائلتها .. ”
هز فادي رأسه بتفهم ثم عاد يسأل :-
” وحوراء ودينا ..؟! أين هما ..؟!”
أجابته والدته :-
” حوراء في العمل كالعادة ودينا خرجت تبحث عن هدية مناسبة لإيلينا .. هل جلبت لها هديتها ..؟!”
ابتسم فادي وأجاب وهو يومأ برأسه :-
” بالطبع جلبت …”
نهض من مكانه قائلا :-
” صحيح تذكرت .. جلبت لكم بعض الهدايا .. سأجلبها من السيارة ..”
خرج من القصر متجها حيث كراج السيارات عندما لمحها تقف خارج القصر بالقرب من بوابته تتحدث مع شاب قريب من سنها ..
وجد الشاب يعطيها علبة صغيرة ثم يطبع قبلة على وجنتيها قبل أن يودعها ..
عقد حاجبيه بدهشة عندما دلفت هي الداخل لتشهق برعب عندما وجدته أمامه يرمقها بنظراته المشتعلة ..
” من ذلك الشاب ..؟!”
ابتلعت ريقها وهي تجيبه بتردد :-
” انه صديقي ..”
عاد يسألها بحدة أكبر :-
” وكيف تسمحين له بتقبيلك ..؟!”
ردت بعفوية :-
” إنها قبلة بريئة ليست من الفم ..”
جحظت عيناه بعدم تصديق من جرئتها بينما توترت هي ملامحها عندما وجدته يسأل بمكر :-
” هل يعرف خالد صديقك هذا ..؟!”
قالت بسرعة وتوسل :-
“كلا لا يعرف ولا تخبره من فضلك ..”
هتفت وهي ترفرف بعينيها ببراءة مصطنعة :-
” أنت لن تخبره يا فادي .. أليس كذلك ..؟!”
هتف فادي ساخرا :-
” والله يا انسة رانسي بعد ما رأيته نحن نحتاج الى تدخل فوري من خالد بك لينتبه على تصرفات اخته الغير مقبولة ..”
قلبت عينيها بملل وقالت ؛-
” وماذا فعلت أنا ..؟! ما ذنبي إذا كنت جميلة والشبان يتنافسون لأجل صداقتي ..؟؟”
إزداد ذهوله من جرئتها وعدم خجلها وهي تتفوه بهذا الحديث فسألها بغيظ مكتوم :-
” بنت يا رانسي .. كم عمرك لتتحدثي هكذا ..؟!”
ردت بتلقائية :-
” سبعة عشر عاما ..”
” ماشاءالله .. كل هذا وانت في السابعة عشر .. ماذا ستفعلين عندما تدخلين الجامعة ..؟!”
لوت شفتيها ثم ردت بشقاوة ظهرت على ملامحها وفي عينيها اللامعتين :-
” سيطرق الخطاب أبوابكم كل يوم حتى تعجزوا عن إختيار الأفضل منهم ..”
ضحك رغما عنه وقال :-
” انت رهيبة يا فتاة ..”
تأملت ضحكته الجذابة فهمست وهي تطلق تنهيدة طويلة :-
” وانت وسيم حقا ..”
غمز لها بعبث :-
” هل أعجبك يا صغيرة ..؟!”
أومأت برأسها وهي تجيب بصدق :-
” كثيرا .. فأنت وسيم للغاية .. محظوظة هي من ستصبح زوجتك ..”
هز رأسه يكتم ضحكته بصعوبة مما قالته مفكرا إنها محظوظة حقا من ستصبح نصيبه بينما هتفت رانسي وهي تتحرك متجهة الى داخل القصر :-
” أراك مساءا في حفلة عيد الميلاد ..”
تتبعها بعينيه حتى اختفت تماما فتنهد بصمت وهو يفكر إن حتى رانسي كبرت وباتت تصاحب الشباب .. رانسي التي كانت يوما طفلة شقية تلعب في الحديقة مع أقرانها الصغار ..
همس لنفسه قائلا :-
” الجميع يكبر يا فادي ويتقدم في حياته ما عداك .. انت فقط من تنتقل من مدينة الى اخرى دون أن تجد ما ترسي إليه ما تبقى من حياتك ..”
…………………………………………………………..
يدلف مسرعا الى غرفة والدته والقلق يسيطر عليه بعدما اتصلت به الخادمة تخبره إنها مريضة للغاية ..
وجدها ممددة على السرير اخته جانبها تربت على كفها والأخيرة تبدو في حالة غير طبيعية ..
” ماما ، هل انت بخير ..؟! ماذا حدث يا عليا ..؟!”
يسأل أخته بصوت مرتعب لتجيبه عليا بتردد :-
” لا أعلم يا حاتم .. منذ الصباح وهي بهذه الحالة .. لا تريد سواك ..”
انحنى نحوها يسألها بخوف :-
” ماذا حدث يا أمي ..؟! مالذي يؤلمك بالضبط ..؟!”
” حاتم بني ..”
قالتها والدته بصوت ضعيف قبل ان تفتح عينيها وهي تغمغم :-
” هل أتيت أخيرا ..؟!”
” انا هنا يا أمي .. هنا بجانبك ..”
قالها بلهفة لتهتف به وهي تقبض على كفه :-
” انا اموت يا حاتم .. منذ البارحة وأشعر إنني لست بخير .. يبدو إنني سأموت هذه المرة حقا ..”
صاح حاتم بضيق :-
” لا تقولي هذا يا أمي .. بعيد الشر عنك ..”
تمتمت باكية :-
” انا لست خائفة من الموت .. لا مشكلة في موتي .. لكنني حزينة لإنني سأموت قبل أن أرى اولادك .. قبل أن أفرح بك .. قبل أن أراك عريسا يا حاتم ..”
تجمد حاتم في مكانه للحظات يستوعب ما يحدث .. لقد خدعته أمه وجلبته بهذه الطريقة المفزعة لأجل نفس الموضوع المعتاد وهو جاء كالأبله يركض خوفا عليها ..
رمق عليا أخته بنظرات مؤنبة فهزت كتفيها دلالة على عدم معرفتها بما يحدث وهو يعلم إن أخته لا تستطيع فعل شيء أمام إصرار والدته ..
إلتفت الى الخلف لينتبه الى أخيه محمد الذي يقف بعيدا عنه قليلا يتناول الشيبسي ويبتسم له بخفة فسأله بغضب مكتوم :-
” متى أتيت ..؟!”
رد وهو يكتم ضحكاته على مظهر أخيه :-
” منذ ساعتين ..”
استدار نحو والدته مجددا يؤنبها :-
” هل يعقل أن تفعلي بي هذا يا أمي .. ؟!” كدت أن أموت خوفا عليك ..”
هزت والدته رأسها بعدم إهتمام وقالت :-
” ليست مشكلتي .. ماذا أفعل إذا كنت ترفض الزواج بكافة الطرق ..؟!”
هتف وهو يسيطر على أعصابه بصعوبة :-
” يا أمي .. يا حبيبتي .. لقد تحدثنا بهذا الموضوع مسبقا ..”
قاطعتها بضيق :-
” لا يهمني ما تحدثناه مسبقا .. ستتزوج يا حاتم .. جميع من في سنك تزوجوا حتى قيصر صديقك المقرب تزوج وأنجب أيضا … ماذا تنتظر أخبرني ..؟! لقد قاربت على الأربعين وسيظهر الشيب في شعرك قريبا ..”
” ألا يوجد غيري لتزوجيه ..؟! هاهو محمد أمامك زوجيه كما تريدين ..”
صاح محمد معترضا :-
” لا تحشرني بما لا يخصني … هي تريد تزويجك انت ..”
قالت والدته بسرعة :-
” انت الكبير يعني انت اولا ومحمد سيأتي دوره ..”
ثم عادت تبكي وتهمهم :-
” يالحظي السيء .. الجميع يتزوج ما عدا أولادي .. ألا يحق لي أن أفرح بأيا منكم .. ألا يحق لي أن أسعد بزواج بكري حبيبي …؟! لماذا حظي هكذا ..؟! ”
تأفف حاتم بحنق بينما توقفت والدته عن البكاء تغمغم :-
” فكر في الموضوع جيدا بالله عليك … لقد كبرت يا حاتم ويجب أن اتزوج ..”
أضافت وعيناها تلمعان بمكر :-
” ما رأيك بسوزان ..؟! انها مناسبة لك جدا … نعرفها جيدا ونعرف عائلتها وأصلها .. ”
قاطعها بضيق :-
” سوزان لا .. أخبرتك إنني لا أفكر بها ..”
هدرت والدته بإصرار :-
” حسنا يا حاتم .. ليكن بعلمك .. أمامك ثلاثة أشهر.. ثلاثة أشهر لا غير .. إما أن تجد عروسا لك او سأبحث انا بنفسي لك عن عروسي وستتزوجها إجبارا عنك ..”
اندفع حاتم خارج المكان بحنق يتبعه أخيه الأصغر بينما نظرت هي الى ابنتها المستاءة ترمقها بضيق وهي تهتف بها :-
” وأنتِ أيضا ..؟! الى متى سترفضين جميع العرسان اللذين يتقدمون لخطبتك ..؟!”
ردت عليا بضيق :-
” هل انتهى دور حاتم وجاء دوري ..؟؟”
ثم أشاحت بوجهها بعيدا تفكر به مجددا وهو الذي ستراه اليوم بالتأكيد فهو معتاد على حضور حفل ميلاد ابنة أخيه ..
رغما عنها تفكر به ورغما عنها تحبه دون أن يعلم او يدرك مشاعرها حتى ..
………………………………………………………………..
في منزل عائلة شمس ..
كانت ربى تجلس ارضا تلاعب إيلينا بينما شمس في الداخل تعد القهوة مع والدتها وتتحدثان سويا عن العريس الذي رفضته ربى بإصرار رغم إن والدتها وجدته مناسبا لها من جميع النواحي ..
” لا أعلم ما سر تلك الفتاة .. رفضت أكثر من عريس مناسب حتى الآن ..”
قالتها مها والدة شمس بضجر لتهتف شمس بتعقل :-
” اتركيها يا ماما .. سيأتي اليوم الذي توافق به على احد الخطاب عندما تقتنع به او ربما تختار هي عريسها بنفسها .. ابنتك لا يستهان بها .. اطمئني ..”
همست مها لابنتها :-
” أشعر إنها تخطط لشيء ما .. ”
نظرت شمس إليها بحيرة بينما صدح صوت ربى عاليا :-
” أين القهوة ..؟! لو كنتما تعدان خروفا لنضج ..”
حملت شمس الصينية وخرجت الى صالة الجلوس تغمغم :-
” كان من المفترض أن تعديها انتِ بدلا مني … ”
” لماذا ..؟! هل انت غريبة ..؟!”
سألتها ربى بتهكم وهي تنهض من مكانها وتأخذ فنجانها ومعه قدح العصير الخاص بإيلينا حيث تناولته الأخيرة منها بينما سألت ربى وهي تغمز لأختها :-
” أخبريني .. ألا تنوي أن تنجبي أخا لإيلينا ..؟!”
سعلت شمس لا إراديا بينما تغضن جبين إيلينا التي فهمت ما تريده خالتها بإنزعاج فصاحت معترضة :-
” ماما لن تنجب غيري … ”
نهرتها ربى :-
” اصمتي انتي يا صغيرة ..”
وضعت إيلينا قدحها على الطاولة جانبا ونهضت من مكانها تقف مقابل خالتها التي تجلس جوارها على الأرضية وهتفت بضيق وتحذير :-
” لا تناديني بالصغيرة مرة اخرى يا ربى .. ومامي لن تنجب غيري ..”
ثم اتجهت نحو والدتها ترمي نفسها بين أحضانها وتهمس بتملك :-
” لن تنجبي غيري .. أليس كذلك مامي ..؟!”
طلعت شمس قبلة طويلة على شعرها قبل أن تهمس لها وهي تمنح ربى نظرة مؤنبة :-
” بالطبع يا حبيبة مامي فأنا إكتفيت بك ..”
هتفت مها بحفيدتها :-
” إيلينا حبيبتي اذهبي الى غرفتي ستجدين العاب جديدة موضوعة في كيس على السرير .. افتحيها والعبي بها ..”
ركضت إيلينا مسرعة نحو الغرفة وهي تصيح اثناء ركضها :-
” شكرا جدتي ..”
ضحكت مها بحنو ثم إلتفتت نحو شمس تؤنبها :-
” لا يجوز ما تفعلينه يا شمس .. على ابنتك ان تدرك إنه سيأتيها أخوة يوما ما .. كما إنك يجب أن تفكري جديا في الإنجاب .. ابنتك تكبر وكلما ازدادت عمرا كلما أصبحت لا تتقبل وجود من يشاركها بك وبوالدها أكثر ..”
أومأت شمس برأسها ثم قالت :-
” انا فقط ما زلت غير مستعدة ..إيلينا شقية ومتعبة للغاية … أغلب وقتي أقضيه معها .. حتى العمل تركته بسببها ..”
“وماذا عن زوجك ..؟! ألا يريد طفلا آخر ..؟!”
سألتها ربى بإهتمام فردت شمس :-
” هو لا يفتح هذا الموضوع معي .. أظنه يدرك كم ابنته متعبة وتأخذ أغلب وقتي .. ”
أضافت وهي تستنكر تصرفات ابنتها :-
” المشكلة إنها مدللة بشدة وتريد كل ما تراه .. دلال الجميع لها أفسدها كثيرا ولا أعرف كيف أتصرف ..”
ربتت والدتها على كتفها تطمئنها :-
” ستكبر ويقل دلالها معها .. لا تقلقي ..”
ابتسمت شمس بحب لوالدتها بينما فتحت الباب ودلف أسامة ملقيا التحية عليهم قبل ان يتجه نحو شمس ويقبلها ويحتضنها بسعادة لوجودها …
” أين إيلينا ..؟!”
سألها وهو يجلس جانبها لتبتسم وهي تخبره :-
” في غرفة ماما .. تلعب بما جلبته لها ..”
ثم عادت تسأله بإهتمام :-
” ما أخبار الجامعة ..؟!”
رد وهو يتنهد بصمت :-
” جيدة الحمد لله ..”
” جيدة للغاية خاصة بوجود ابنة الوزير ..”
قالتها ربى وهي تغمز لأختها ليصيح بها أسامة بتحذير :-
” ربى .. كفي عن سخافاتك …”
عقدت شمس حاجبيها تسألها بدهشة :-
” اي ابنة وزير تقصدين ..؟!”
” لا يوجد شيء يا شمس .. أختك فقط ترفض التوقف عن سخافاتها ..”
نهضت ربى من مكانها تعقد ذراعيها حول خصرها وتقول :-
” انا سخيفة يا معقد .. تخيلي الفتاة تعشقه بجنون وهو لا يبالي بها وفوق هذا كله والدها وزير ..”
نظرت شمس الى أخيها تردد بعدم تصديق :-
” حقا ما تقوله ربى ..؟!”
اومأ أسامة برأسها ثم رد على مضض :-
” حقا ولكنني لا أحبها ..”
” لإنك غبي .. تترك الجميلة الفاتنة ابنة الوزير وتحب تلك المائعة ..”
نهض أسامة من مكانه ينهرها :-
” لا تتحدثي عنها هكذا .. انا أحبها وأرفض أن تتحدثي عنها هكذا ..”
ثم اندفع متجها الى غرفتها لترمقها والدتها بنظرات معاتبة فتهمس ربى بخفوت :-
” ماذا فعلت ..؟! الفتاة حقا مميزة وجميلة … وتريد خاطره بأي طريقة وهو ملتصق بتلك … انا اريد مصلحته ..”
هتفت والدتها وهي تنهض من مكانها بإنزعاج :-
” كونها ابنة وزير او مسؤول في الدولة فلا يعني إنه جيدة وتستحقه .. دعيه يختار من يريدها ويحبها ..”
ثم اندفعت خارج المكان تتبعها شمس تاركين ربى تتبعهما بنظرات ممتعضة قبل أن تحمل هاتفها وتقلب فيه ..
فتحت صورة فارس بعد مرة فأخذت ترمقها بنظرات لامعة خبيثة وهي تردد :-
” اقترب موعد لقائنا مجددا فكن مستعدا لوجودي في حياتك بعد الآن يا ابن العم ..”
………………………………………………………..
يجلس في جناحه لوحده يتأمل صورتها التي تحتل غلاف المجلة مجددا بقلب يخفق بقوة ويتألم بصمت ..
عاد يتذكر كلماتها مجددا رغم مرور الكثير من الوقت عليها .. كلماتها التي ما زالت ترن في أذنه كأنه يسمعها الآن :-
” انا أكرهك يا خالد .. أكرهك أكثر من أي شيء .. ابتعد عني .. لا أريدك في طريقي بعد الآن ..”
ما زالت نظراتها ودموعها التي غلبتها في تلك اللحظة تحرق قلبه وروحه كمثل اول مرة رأها فيها ..
كانت المرة الأولى التي يراها بها منهارة والأخيرة أيضا ..
أفاق من شروده مجددا يتأمل صورتها وهي تبتسم بسعادة وعينيها تلمعان بقوة ..
جمالها الآخاذ واضح كالعادة وروحها المميزة تظهر بوضوح …
” تارا …”
همس إسمها بخفوت وهو يمرر أنامله فوق ملامحه يتلمسها بعشق ما زال يحتل كل إنش فيه ..
كانت هي صاحبة أول نبضة وأول من ملكت قلبه ولا يظن إنه ستأتي غيرها وتفعل به مثلما فعلت هي يوما ما ..
قرأ الخبر الموضوع أسفل صورتها :-
( تارا الهاشم .. أفضل مغنية للعام الحالي في أحدث إطلالتها تتحدث عن نجاحاتها الأخيرة لنا وعن حقيقة إرتباطها بزميل لها في الوسط الفني ..)
سمع صوت طرقات على باب جناحه فسارع يضع المجلة أسفل الغطاء قبل أن يسمح للطارق في الدخول والتي كانت والدته ..
تقدمت نحوه تبتسم بخفة وتقول :-
” جئت لأتحدث معك يا خالد ..”
” تفضلي ..”
قالها وهو يبتسم لها برسمية فتجلس جانبه وتهتف بتردد :-
” خالد .. أريدك في موضوع هام .. موضوع تعرفه جيدا ..”
” أمر زواجي أليس كذلك ..؟!”
قالها بجدية لتهز علياء رأسها وتقول :-
” العمر يجري يا بني .. وانت تكبر … يجب أن اتزوج وتحصل على اطفال يحملون إسمك ..”
تنهد بتعب وهو مفكرا إن ما تقوله والدته صحيح ..
هو يدرك إنه لن يحصل على حب حياته مهما حدث ..
طالما لا يوجد أمل له في تارا فإلى متى سيظل مقيدا بمشاعره نحوها .. ؟!
عاجلا أم أجلا سيتزوج ويعيش حياته وربما حينها ينسى .. ينساها ويتخلص من مشاعره نحوها ..
” أسما ابنة خالك .. ستعود الى البلاد بعد أيام .. أنت تعرف إنها تحبك منذ سنوات وأنا أراها مناسبة لك من جميع النواحي ..”
صمت متذكرا أسما ابنة خاله .. تلك الجميلة الرقيقة والتي كانت تحبه ومتعلقة به من الطفولة بينما لم يكن هو مهتما بها يوما كعادته حيث لم يكن مهتما بأي فتاة …
لا ينكر إنها جميلة وناعمة حقا … مثالية في كل شيء وابنة خاله .. يعني تناسبه من جميع النواحي ..
تنهد بصوت مسموع ثم اومأ برأسه مرددا بإقتضاب :-
” لم لا ..؟! سأفكر بجدية فيها هذه المرة ..”
…………………………………………………………….
جاء المساء وبدأت اجواء عيدميلاد إيلينا عمران الثالث ..
كل شيء كان معدا جيدا بينما إيلينا تتحرك في الحديقة الواسعة مرتدية فستانا أحمرا قصيرا ذو أكمام مربعة وشعرها الطويل مرفوع بشكل ذيل حصان …
حملها والدها يقبلها من وجنتيها بتلذذ وهو يهمس لها بصوت منخفض :-
” ثلاثة أعوام على قدوم أجمل شيء في حياتي .. ثلاث أعوام على قدوم ابنة قلبي … ”
” بابي أين هديتي ..؟!”
سألته إيلينا وهي تقرص وجنته بحركة محببة بينما لم تنتبه الى همساته المنخفضة ليعاود تقبيلها مرددا :-
” ستأخذيها في نهاية الحفلة ..”
وجد حاتم يتقدم منه حيث وصل أخيرا مع عائلته لتقفز إيلينا نحوه تردد بحماس :-
” عمو حاتم ..”
همس حاتم وهو يحملها ويقبلها :-
” حبيبة عمو حاتم …”
سألته :-
” أين هديتي ..؟!”
عقد حاجبيه يردد :-
” أيتها الطماعة .. كل هذا الإستقبال المبهج لأجل الهدية ..”
ضحكت بمكر بينما تقدمت دينا منها تأخذها من حاتم لأجل تصويرها ليتوقف حاتم بجانب قيصر يخبره :-
” والدتي تريد تزويجي وأنا لا أريد .. ما العمل يا قيصر ..؟!”
ضحك قيصر وقال :-
” لا حل سوى الخضوع لأوامر الست الوالدة ..”
رمقه حاتم بنظرات حادة فكتم قيصر ضحكته بصعوبة بينما أخذ حاتم يتأمل الموجودين عندما وقعت عيناه لا إراديا على سوزان التي تلاعب إيلينا وتتصور معها الى جانب دينا ..
تذكر والدته التي ما زالت تراها عروسا مناسبة له فتأملها مجددا بشعرها الأشقر المميز وفستانها البسيط وضحكتها الجذابة ..
أشاح بوجهه بعيدا عنها يبعد تلك الأفكار الغير مناسبة من وجهة نظره بعيدا عن رأسه ..
………………………………………………………….
وقف خالد بجانب أخته التي تتمايل بجسدها الرشيق على احدى الاغنيات عندما سألها بإهتمام :-
” ماذا قررت بشأن العريس ..؟! ”
ردت لميس ممازحة :-
” مرفوض كالعادة ..”
ابتسم لها وهو يدرك إجابتها التي تزعج والدته بينما أخته متمسكة برأيها فهي لن ترتبط إلا بمن تراه مناسبا لها بحق ..
سألته لميس بجدية :-
” وماذا عنك ..؟! هل ستتزوج أسما حقا ..؟!”
أجابها بصدق :-
” لا أعلم بعد .. ما زلت أفكر بالموضوع ..”
ألقت لميس نظرة على حوراء التي تجلس على احدى الطاولات بجانب والدتها تتهامس معها كالعادة :-
” هل تعلم إن كريم خطب حوراء والعمة كوثر تصر عليها كي توافق ..؟!”
لاحت إلتفاتة من خالد نحو حوراء التي استدارت لا إراديا نحوه فتلاقت عيناها بعينيه لتشيح بعينيها بعيدا عنه فتنفس بهدوء قبل أن يردد بجدية :-
” أنت تعرفين رأيي بكريم .. كريم شاب مستهتر لا يناسب أي فتاة ..”
” يقولون إنه تغير ..”
قالتها لميس بجدية ليهمس خالد بإبتسامة ملتوية :-
” ربما ..”
” ألا تفكر بخطبتها ..؟!”
سألها مدهوشا :-
” من تقصدين ..؟! حوراء ..؟!”
هزت لميس كتفيها تردد :-
” ولم لا ..؟! في النهاية ابنة عمنا وتناسبك من أكثر من جانب …”
صمت خالد ولم يرد بينما اتجهت لميس نحو مجموعة من الضيوف ترحب بهم ..
………………………………………………………….
حمل فادي إيلينا مقبلا إياها قبل أن يمنحها هديتها فتقفز بسعادة وهي تقبله بدورها وتردد :-
” شكرا يا فادي .. انت أفضل عم رأيته بحياتي ..”
ضحك فادي على تلك المشاغبة الصغيرة التي تعرف كيف تتملق للجميع بشكل لا يناسب عمرها …
وضعها على الأرضية مجددا لتقفز متجهة نحو ربى حيث حملتها وبدأت تلتقط الصور معها بسعادة ..
اتجه فادي نحو أخيه الذي رحب سعيدا بقدومه وكذلك حاتم ..
وقف يتحدث معهما قليلا قبل أن ينسحب متجها نحو محمد أخو حاتم يحييه ويتحدث معه هو الآخر ..
بعد فترة من الزمن وقع بصره عليها وهي تقف مع أخو شمس وتتحدث معه قبل أن تمنحه إبتسامة خجولة وتبتعد لتراه أمامه فتتقدم نحوه بفستانها القصير وهي تهتف :-
” اهلا بإبن ادهم ..”
سألها بتعجب :-
” ماذا كنت تفعلين مع أسامة يا رانسي ..؟!”
ضحكت وهي تحرك خصلاتها بأناملها وتجيب :-
” كنت أتحدث معه بشأن كليته .. تعلم إنني سأدخل الجامعة العام المقبل وأفكر في دراسة الطب ..”
ابتسم ساخرا :-
” يا لك من مجتهدة ..”
هتفت رانسي وهي تغمز له :-
” وسيم للغاية ، أليس كذلك ..؟!”
” اقسم إنك سوف تتسببين لي بأزمة قلبيه يوما ما ..؟! ما بالك يا فتاة ..؟! ألا يوجد شاب يفلت من يدك ..؟!”
ضحكت رانسي بصوت عالي قبل ان تهمس له :-
” لا أستطيع مقاومة جمال الشبان يا ابن العم ..”
نهرها بحدة :-
” الزمي حدودك يا رانسي ..”
كتمت ضحكتها بصعوبة بينما أشار هو الى الخلف :-
” خالد ورائك يتابعك بنظراته ..”
انكمشت لا إراديا عندما سمعت إسم خالد فمنحته إبتسامة مرتبكة وهي تنسحب من أمامه متجهة الى جانب أختها يتابعها فادي بأنظاره ما زال مندهشا من تصرفات ابنة عمه المجنونة وغير اللائقة ..
..:…:…………………………………………………….
وقف شمس بجانب زوجها الذي أحاطها بذراعيه متأملا جمالها الذي يزداد مع مرور الأعوام بإعجاب شديد هامسا لها ببعض كلمات الغزل كالعادة فتحمر هي خجلا منه لا إراديا قبل أن تنهره كي لا يلاحظ أحد ما يحدث ..
سألها محاولا تغيير الموضوع :-
” متى سنطفأ الشمع ..؟!”
ردت وهي تنظر الى ابنتها :-
” إيلينا ترفض أن تطفأ الشمعة قبل وصول غيث ..”
شتم داخله ثم سألها بغيظ مكتوم :-
” ومتى سيصل السيد غيث ..؟!”
ردت بجدية :-
” من المفترض أن تكون طيارته وصلت منذ اكثر من ساعة .. لقد إضطر للعودة مبكرا بسبب إصرار ابنتك .. ”
” لا أفهم سبب تعلق ابنتك بذلك الغيث ..”
قالها قيصر منزعجا فضحكت شمس وهي تمازحه :-
” كف عن الغيرة منه يا قيصر ..”
” انا لا أغار .. هل سأغار على ابنتي من غيث ..؟! ”
غمغم بها بضيق بينما توقفت شمس عن الضحك قبل أن تقفز من مكانها بسعادة عندما وجدت تارا تدخل الى الحفلة ..
” تارا أتت ..”
قالتها بحماس قبل أن تخبر زوجها :-
” كنت سأخاصمهت حقا لو لم تأت الى الحفل كالمرتين السابقتين ..”
ثم اتجهت نحوها ترحب بها ..
قبلتها من وجنتيها وهي ترحب بها :-
” أهلا بالنجمة المشهورة ..”
ضحكت تارا وهي تقول :-
” ها قد أتيت يا شمس .. لم أكن لأستطيع عدم القدوم بعد تهديداتك الأخيرة لي ..”
” لم أجد حلا آخر سوى تهديدك يا تارا كي تأتي ..”
اخذت تارا تبحث عن إيلينا بعينيها وهي تسأل بلهفة :-
” أين صغيرتنا ..”
لتتفاجئ بها تقفز من الخلف وهي تقول :-
” انا هنا ..”
حملتها تارا وقبلتها بسعادة فهي تحب إيلينا بشدة وكذلك إيلينا التي تحبها كثيرا بل تصر على متابعة أغانيها على الشاشة رغم صغر سنها ..
” كيف حالك يا صغيرة ..؟!”
هتفت بها تارا وهي تربت على وجنتيها لتجيب إيلينا :-
” انا بخير ..”
طبعت تارا قبلة على خدها مجددا ثم همست لها :-
” دعيني أذهب وألقي التحية على والدك يا إيلينا ..”
ثم وضعتها أرضا وسارت بجانب شمس متجهة نحو قيصر كي تحييه وتبارك له ميلاد صغيرته ..
اما إيلينا فركضت نحو جدتها كوثر التي حملتها وهمست لها ببعض الكلمات فعقدت إيلينا حاجبها بإنزعاج وقالت معاندة :-
” ولكني أحب تارا بشدة ..”
رمقتها كوثر بإنزعاج وكذلك حوراء بينما تقدمت رانسي نحوهم وقالت مشاكسة :-
” وانا أحب تارا كثيرا .. إنها رائعة ..”
رمقتها كوثر بنظرات حادة قابلتها رانسي بأخرى مستفزة وهي تسألها :-
” كيف حالك زوجة عمي ..؟!”
ردت كوثر على مضض فهي لا تطيقها ورانسي تبادلها مشاعرها تلك :-
” بخير …”
اما خالد فوقف بعيدا يتأمل قدومها بعدم تصديق فهذه المرة الأولى التي تفعلها وتحضر حفلة تخص عائلته منذ ما حدث بينهما ..
تأملها وهي تتوسط شمس وقيصر وحاتم ولميس التي تقدمت ترحب بها حيث تقف وسطهم تضحك بسعادة وفستانها الأسود الرقيق يغطي جسدها الناعم …
شعر بإن وجوده في نفس المكان معها يخنقه لا إراديا فقرر الإنسحاب من المكان بأكمله ..
اتجه نحو الطرف الأخر من الحديقة حيث أخرج سيجارته وبدأ يدخن عندما سمع همسها خلفه :-
” لم تكن تدخن مسبقا ..”
إلتفت الى الخلف يتأملها مصدوما قبل أن يرد بصوت متحشرج :-
” نعم.. ولكنني أصبحت أفعل ..”
ابتسمت ولم ترد فسألها بتردد :-
” كيف حالك ..؟!”
أجابته بخفوت :-
” بخير .. وانت ..؟!”
رد بتشتت من وجودها :-
” أحاول أن أكون بخير ..”
تلاقت نظراتها المعاتبة بنظراته المترددة والمترجية في نفس الوقت فسمعها تهمس أخيرا بصوتها الناعم الذي يأسر لبه :-
” حاول أن تجد سعادتك يا خالد فرغم كل شيء أنت تستحق السعادة ..”
سألها وهو يخصها بنظراته مباشرة :-
” وأنتِ ..؟! هل ستجدين سعادتك ..؟!”
أجابته وهي تهز كتفيها ببساطة :-
” انا سعادتي في عملي .. في فني .. لقد وهبت نفسي له يا خالد ..”
” لماذا أتيت خلفي يا تارا ..؟! ولماذا تقولين هذا ..؟!”
سألها متعجبا من وجودها أمامه بعدما لفظته من حياته يوما ما فمنحته إبتسامة لم تصل الى عينيها قبل ان تجيب :-
” أتيت لأحررك من ذلك القيد وأحرر نفسي أيضا .. أتيت ليحصل كلانا على بداية جديدة حتى لو لم نكن سويا فيها ..”
أنهت كلماتها وغادرت .. غادرت ببساطة كما أتت ولكن بعدما عبثت بقلبه مجددا ..
……………………………………………………………
وقف قيصر بجانب شمس يتأفف بضيق قبل أن يشير الى ابنته :-
” دعينا نطفأ الشمع يا إيلينا ..”
وقفت إيلينا مقابله تعقد ذراعيها حول خصرها تخبره بعناد :-
” لن أطفأ الشمعة حتى يأتي غيث ..”
أطلق قيصر شتيمة فشل في السيطرة عليها بينما نهرته شمس بحدة ليشيح بوجهه بعيدا عنها …
” ألا ترين ما تفعله ابنتك ..؟! هل تعجبك تصرفاتها ..؟!”
قالها قيصر بغيظ شديد من ابنته وما تفعله بينما وقفت إيلينا بعيدا عنهما قليلا تتطلع الى مدخل المكان تنتظر قدوم غيث بفارغ الصبر ..
نظرت شمس إليه بتوسل أن يتوقف عما يفعله بينما قيصر يكاد ينفجر من الغضب ..
لحظات ودلف غيث أخيرا الى الداخل لتقفز إيلينا راكضة نحوه ليحملها الأخير بسعادة بينما قيصر يهتف وهو يستشاط غضبا :-
” ها قد جاء السيد المبجل ..”
رمقته شمس بنظرات معاتبة بينما تقدمت نحو غيث ترحب به لتسمع ابنتها تهمس بنبرتها الطفولية :-
” لم أقبل أن أطفأ الشمع قبل مجيئك ..”
ضحك غيث وهو يرد على تحية شمس قبل أن يأتي قيصر خلفهم يهمس بنفاذ صبر :-
” ألن نطفئ الشمع ..؟!”
هتف غيث متأملا قيصر بإبتسامة مستفزة :-
” كيف حالك يا ابن عمي ..؟!”
رد قيصر دون أن ينظر اليه :-
” بخير يا غيث ..”
ثم هتف بسرعة :-
” هيا لنطفأ الشمع .. الضيوف ملوا من الانتظار ..”
وقفت إيلينا أمام الكعكة الضخمة يحيطها والديها من الجانبين وبقية الضيوف ..
همست لها والدتها :-
” هيا تمني أمنية ثم أطفئي الشمع ..”
أغمضت عينيها للحظة لكنها ما لبثت ان فتحتها وقالت :-
” أين غيث ..؟! أريده أن يقف جانبي ..”
تجمد قيصر للحظات قبل ان يقول بصرامة :-
” لا يوجد غيث .. انا ووالدتك جانبك .. ”
لكنها أصرت بتصميم :-
” اريد غيث جانبي ..”
زفر قيصر أنفاسه بقوة بينما هتفت شمس بغيث الذي يكتم ضحكته بصعوبة أن يتقدم فتقدم يجاور إيلينا في وقفتها التي سارعت تطبع قبلة خاطفة على وجنته جعلت والدها يرغب في قتلها وقتله معها ..
” هيا تمني شيئا ..”
أغمضت إيلينا عينيها تتمنى أمنية قبل أن تفتحهما مجددا وتطفئ الشمعات الثلاثة وسط تصفيق جميع الموجودين ..
انتهت بحمد الله
نلتقي في الجزء الثاني قريبا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شمس ربحها القيصر)