رواية شبكة العنكبوت الفصل الثلاثون 30 بقلم آيات الصبان
رواية شبكة العنكبوت الجزء الثلاثون
رواية شبكة العنكبوت البارت الثلاثون
رواية شبكة العنكبوت الحلقة الثلاثون
ركزوا بــأة في المهم ، دلوقتي إحنا هنبتدي من بكرة ،»مايســة« هتسمعي كل كلمه من ساعة ما ينزل من البيت طول ما هو في العربية ، وأول ما يبقوا مع بعض هنبعتلهم من الرقم إياه الرسالة بالفيديوهات ونطلب الفلوس من كل واحد فيهم على حدة، وبعدها نكلمهم في التليفون ونتفق معاهم على إجراءات التسليم.
قالت »نورا« :
– أيوة بس هننفذ إزاى ؟
– أجابت ريم :
بنفس الطريقة يا فالحة ، طريق الســخنة في نفس المكان ، خطة مضمونة ومتجربة، الفــرق إن «نادية« هتمشي وراه بدل »مايســة« وأنا هاكون معاه عالتليفون بأديله الأوامر ، »نورا« مع »أســماء« جوة في آخر الطريق ، »مايســة« على الجي بي أس وبتسمع اللي بيتقال ، هو هيوصل لنص الطريق يرمي الشنطة وبعد كده هيلف ويرجع «نادية« هتبلغك يا »نورا« إن الدنيا أمان علشــان تتحركي تاخدي الشــنطة وترجعي بيها على بيتك، »مايسة« لو سمعت أي حاجة مريبة هتحذركم.
نورا:
– طيب يا »ريــم« احنا المرة اللي فاتت كلمنــاه على عدة التليفون الصغير النوكيا، هنعمل إيه المرة دي؟.
ردت »ريم«:
– متقلقيــش هنعمل نفس اللي عملناه المرة اللي فاتت احنا كده كده لســه معانا المفاتيح وممكن »مايسة« تروح أو أي حد فينا يفتح الباب ويرمي العدة في البيت في أي حتة، ونبقى نبلغه ياخد التليفون من المكان اللي هنسيبه فيه.
قالت »نورا«:
– يبقي لازم نودي التليفون بسرعة لو مستعجلين عالتنفيذ.
قالت »مايسة«:
– لو حد فيكم يقدر يــروح النهاردة بالليل لما »خالد« يرجع البيت يبقى زي الفل.
”ريم«:
– بلغينا لما يرجع واحنا هنتصرف..
يبدو أن ســاعة الصفر قد حان موعدها، فبدأن في الاستعداد بجدية للقيــام بعملية أخرى ، مــع تكرار الأمر أصبحن أكثــر ثقة بالنفس وكذلك بالخطة الموضوعة ، رســمن الأدوار بمنتهى الدقة واســتفدن من دروس المرة الماضية ، بعد وصــول »خالد« إلى منزله في ذلك اليوم، أخبرتهن »مايسة« سريعًا لتتمكن إحداهن من الذهاب لوضع الهاتف ، وقع الاختيار على »ريم« كونها تعرف المنزل ودخلته ســابقا ، استمرت »مايســة« في المراقبة الدقيقة ، لم تعد تتألم كالسابق ، مشاعرها ماتت ، ونيران قلبها المشــتعلة أصبحت حممًا بركانية تنتظر لحظة الحســم لتلقيها في ظهريهما كطلقات رصاص.
وأخيراً وقع العشيقان في المصيدة وقررا التلاقي في منزل الأب مرة ثانية ، في اليوم المنشــود ، أخبر »خالد« زوجته أن صديقا له قد وقع له حادث سير وفي حالة خطيرة ، وأنه يجب أن يكون في جواره بتلك المحنة ، شجعته »مايســة« على القيام بالواجب تجاه صديقه وهي ترسم على وجهها اهتمامًا مزيفًا بذلك الصديــق الوهمي ، وخرج »خالد« لملاقاة عشيقته واثقًا أن الأمور مع زوجته الساذجة على ما يرام .
عنــد دخول الحبيبين إلى حجــرة النوم تركا الزمام لمشــاعرهما، مطمئنين لكونهما في أمان تام ، غافلين عن ما سوف يواجهانه بعد قليل ، انتظرت »ريم« عشر دقايق ثم بدأت في إرســال الرسائل إلى هواتف الاثنين من رقم مجهول باستخدام الكومبيوتر ، في البداية أهمل »خالد« صوت الرسالة كما أهملتها عشيقته ، ظناً منهما أن الأمر ليس له أهمية ، مما دعا »مايســة« إلى إجراء تعديل في الخطة ، أرادت أن تقوم »ريم« بالاتصال على هاتف »خالد« باستخدام نفس تقنية تغيير صوت المتصل وتحويل صوتها إلى رجل، إلا أن »خالد« لم يعير الاتصال أي اهتمام ، مما استدعى »ريم« إلى الاتصال به عدة مرات متتالية بلا توقف حتى انتبه »خالد« للأمر وقرر الرد على المتصل اللحوح.
”ريم« : إزيك يا »خالد« ؟
اجاب خالد بانزعاج – مين حضرتك؟
– واحد ما تعرفوش، بص في الرسايل اللي بعتهالك.
– رسايل إيه؟
– الرسايل اللي بعتهالك انت ونهى دلوقتي..
اعتدل »خالد« في جلسته وقال بقلق شديد :
– رسايل إيه؟ وانت مين؟ وتعرف »نهى« منين؟
مــش هارد عليك غير لما تبص في الرســايل، هاكلمك بعد خمس دقايق، اوعي تتصل بحد، واوعي حد منكم يهوب ناحية باب البيت لحد ما أكلمك لحســن بابا يزعل ، وبابا زعلــه وحش ، وحش أوي وهتندم! والسنيورة هتندم، وابقى البس حاجة لتبرد!
نظــر »خالد« حوله في ريبــة بعد أن أدرك أن هنــاك من يراهما، وبصوت ممتلئ بالفزع طلب من »نهى« بلهجة الأمر ، ارتداء ملابســها سريعًا ، شــعرت من نبرة صوته أن هناك أمــراً جلالً، ارتدى هو الآخر ملابســه سريعًا في أقل من دقيقة ، بينما يتفحص رسائله ، كانت رسالة من رقم مجهول بها فيديــو ، إلا أن الفيديو كان صعبًا في التحميل على هاتف »خالد« فسأل »نهى« :
– تليفونك فين؟
– في الشنطة هنا ، هو في إيه؟ ما تقولي انت رعبتني!
– في حد بيراقبنا.
لطمت »نهى« صدرها وقالت في هلع :
– يا نهار أسود ، بيراقبنا إزاي؟ امتى؟ دلوقت؟
– اششش، طلعي التليفون علشــان نفهم ، فيه فيديو مبعوت بس عمال يحمل عندي مش راضي يفتح، هما بعتوه ليكي انتي كمان، شوفي عندك يمكن يفتح.
– يا نهار اسود، حد مصورنا؟ آه فعلاً ، فيه فيديو ، بيحمل ، استنى! حمل، وهيفتح..
فور اكتشافهما لمحتوي الفيديو حلت عليهما الصاعقة ، بدأت »نهى« في البكاء وانهالت على »خالد« بالســباب بينما وقف مشدوهًا مصدومًا ممــا يراه وكذلك من ردة فعل »نهى« التي أظهرت أقذر ما فيها في هذا الموقف .
صرخت »نهى« :
– يانهااااار اسود! ده هنا ؟ ده هنا في المكان ده، أتاريك جايبني هنا علشان تصورني! انت بتصورني؟ بتصورني يا ابن الكلب؟! وأنا اللي أمنت لك ، كان لازم أعرف إن عيل بيئة زيك ما ينفعش أنزل لمستواه!
قال«خالد« مصدومًا :
– أنا بيئة ؟! بعد كل اللي عملته علشانك بتشكي فيا وتقولي بصوّرك ، بتشــتميني يا قذرة يا رخيصة، ما أنا متصور معاكي أهو ووشي باين ، عايز أفضح نفسي كمان، أما إنك واطية صحيح!
– أنا اللي واطية يا زبالة ، تلاقيك بتصورنى لمزاجك وحد سرقه؟
وهنا قررت »ريم« أن تعاود الاتصال فورًا لتنهي المشاجرة الدائرة :
– اتفرجت يا أستاذ »خالد« إنت والست هانم !
– إنتوا عايزين إيه بالظبط؟
– منك ولا منها ؟
– يعنى إيه مني ولا منها ؟
– منك انت اتنين مليون ومنها هيا مليــون ، مش هو برضه كده الأصول ، للذكر مثل حظ الأنثيين ولا إيه؟
»نهى« : بيقولوا إيه؟ عايزة أعرف.
”ريم« بلهجة آمرة : شغل الإسبيكر
»وضع خالد التليفون على مكبر الصوت :
– ممكــن أفهم انتوا مين ؟ وعايزين إيه وإيه الهدف من ده كله، دي مراتي على فكرة.
– كداب، ومش مهم مراتك والا لأ ، ده مش هيمنع الناس من الفرجة!
»نهى« بانهيار :
– فرجة إيه؟ انتوا مين؟ عايزين إيه؟ أنا ست محترمة حرام عليكم.
– هو باين الصراحة إنك محترمة، بس هتدفعي مليون جنيه علشان احترامك ده ليه جمهور كبير ، مستعد يدفع علشان يتفرج.
– أنا معنديش الفلوس دي!
– اتصرفي ، لو مش عايزة بنتك تشوف فيديوهات أمها على شاشات المدرسة كلها!
– يا نهار إسود، أوعوا تقربوا لبنتي، أرجوكم!
– وأنت يا »خالد«، مراتك ومديرك وأختك وجوزها وجيرانكم وأهالي العيال في مدرســة بنتك والموظفين اللي بترعبهم ، هيحبوك أوي بالطقم ده ، كل دول طالبين حقوق حصرية وأنا رافض أذيع إلا لما أسمع منك ، هتقول ذيع هأذيع !
خالد: احنا معندناش المبالغ دي، هتســتفيد إيه بفضيحتنا ، ليه بتعمل كدة؟ سايب الناس اللي بتسرق وتبهدل البلد وجاي لنا احنا!
– بتتكلم في السياســة يا »خالد« وأنت قاعد بالكيلوت ، بص علشان أنت والولية دي رغايين ، أنت عــارف لو مدفعتوش إيه اللي هايحصل ، الهانم اللي جنبك دي فيديوهاتهــا المؤثرة الجميلة هتملي الانترنت كله ، فيسبوك ويوتيوب ، ونعملها جروب نســميه سرير نهى ، و هتلاقيها في كل مكان منورة الدنيا، تســتحق والله ، أما أنت بأة فضيحتك هتبقى بجلاجل ، أوعدك إن الفيديو بتاعك يوصل لحد الســايس اللي بيوقفلك العربية ، هيتبسط أوي ويدعيلك ، أنا مهتم بيك وهصيتك!
– والحل إيه لو مش معانا المبلغ ده ؟
– لا معاك المبلغ ده يا شقي.
– لا معييش المبلغ ده .
– يبقى هتتصرف فيه ومش شغلتي ، المبلغ ده يكون جاهز بكره قبل الساعة اتناشر بالليل ، لو المبلغ ده مكنش جاهز بكرة في الميعاد ، واحدة الصبح الفيديوهات دي هتلف العالم ، وانت هتلف حوالين نفسك!
»خالد« متوسلًا :
– أنا معنديش المبلغ ده النهارده طب إدونى مهلة أعمل إيه؟
– بكــرة اتناشر بالليل أخرك ، لو حصــل واتصلت بالبوليس مش هيعرف يوصلنا بس حياتك انت اللى هتتدمر، وخدوا بالكم انتوا تحت المراقبة أربعة وعشرين ســاعة، أي تصرف كــدة أو كدة هتندموا أوي تليفوناتكم تحت المراقبة وكل نفــس بيتعد عليكم وانتوا أحرار! ولو فكرت تشــيل الكاميرات أو تتصل بالبوليس، افتكــر إن حياتك كلها متراقبــة ، أنت متراقب في كل حتة وهي كمــان متراقبة في كل حتة، أي حركة ندالة مفيش حاجة هتحصل غير ليكم انتوا بس.
– طب لو أنا وفرت فلوسي وهي لأ أنا ذنبي إيه أتفضح؟
قالت »نهى« باندهاش:
– هو انت أصلًا هتســيبني أدفع ؟ دي غلطتك انت وده بيتك ، أجيب منين أنا الفلوس دي كلها؟
– لازم انتوا الاتنين ، أو تتوحلوا انتوا الاتنين مع بعض.
– طب ليه ده كله؟ ليه بتعملوا معايا كده ؟
– يعنى إيه بنعمل معاك كده ليه؟ واحد وسخ وقع تحت ايدينا ولازم نستغله، فيه حد يلاقي فرصة زى دي وميستغلهاش برضه؟
– يعنى تدمروا مستقبلي وتدمروا حياتى!
– لحظة أعيط على مســتقبلك كدة، ولا يهمنى مستقبلك ولا يفرق معايا مستقبل الأمورة اللي قاعدة وراك دي عمالة بتعيط وبتلطم ، احنا كل اللى يهمنا الفلوس، ده بزنس سلم واستلم .
خالد :
– طيب أنا الفيديوهات دي أخدها إزاى؟
– مش هتاخد حاجة ، الفيديوهات دي هتختفي أول ما تدفع.
– يعنى إيه تختفي، وأضمن منين؟
»ريم«:
– مفيش ضمانات ومعندكــش حلول ، عايز تبلّغ بلّغ ، ده حل ، بس فكر كويس في نتايجه ، مش هتقدر على النتايج دي يبقى تجيب الفلوس و تعتبر ده اتفاق على كلمة شرف .
– كلمة شرف ؟
– احنا عندنا شرف ، بكره الساعة عشرة على تليفون، سلام .
فور انتهاء المكالمة أشــار »خالد« لـ«نهى« لتسرع بالخروج من
المنزل فورًا ، جرى كل منهما إلى سيارته لكن بعد دقيقة اتصل عليها :
– اطلعي على ستاربكس حالاً .
– مش طالعة أنا مش قادرة أشوفك ولا طايقاك، سيبني في المصيبة دي.
– ولا أنا قادر اشوف حد ، بس المصيبة دي لازم نتكلم فيها.
– نتكلم في إيه؟
– لو مش هنتكلم تمام، أنا مش هاتأذى قدك ، براحتك!
– آه هي بقت كدة ؟ طيب خلاص هاروح الزفت.
بعد وصولهما إلي المقهى جلسا في طاولة منعزلة وبدأ »خالد« حديثه :
– طــول الطريق عمال أفكر في حلول مش لاقي ، أنا واحد طول عمري محترم في شغلي وبين الناس، إزاي أتشاف كدة، وفي نفس الوقت المبلغ كبير ، إنتي تقدري توفري كام؟
– أوفر كام يعني إيه ؟ ادفعلهم انت ، أنا معنديش! انت الراجل وانت المسئول .
-أدفعلهم أنا؟ أدفع لوحدى تلاتة مليون؟ انتي اتجننتي؟
– وأنا أجيب منين أنا كمان؟
– يعنى إيه تجيبي منين؟ من الفلوس اللي عندك، يعنى انتي عندك قليل! انتي راكبة عربية بس لوحدها بمليون جنيه!
– آه قول كدة بأة ، انت باصص لي في العربية وداخل على طمع! كنت عارفة انك بخيل ونتن ، بس مكنتش أتصور إنك بالوساخة دي!
– احترمي نفســك بدل ما اصور فيكي جناية وأقتلك وأقتل نفسي وأخلص! بقولك الوضع مش مســتحمل ، مش عايزة خلاص سيبيهم يفضحونا ويودونا في ســتين داهيه ، هو انتــي إزاي واخدة الموضوع ببجاحة كدة؟
– أنا اللي بجحة برضه والا انت اللي بتلعب عليا ملعوب؟
– ملعــوب؟ طب أنا ماشي ، ومش هادفع غير نصيبي، هتدفعي كان بها، مش هتدفعي هاضرب نفسي طلقة وشيليها لوحدك!
– إيه ضَمّني انهم مش تبعك؟
– لا هما أكيد تبعك انتي ، انتي اللي بتعرفي ناس إيديهم طايلة ويعرفوا يعملوا شغل العصابات ده ، ما انتى عمالة بتسيبى راجل لراجل ، تلاقي حد فيهم بينتقم منــك! المهم عندك مين اللى يدفع، ومين اللي يدي ، وأنا كنت أهبل!
– ياسلام ، وليه ما تكونش انت اللي عامل كده عشــان تبتزنى في مليون جنيه؟ وقولت أنا جايبلها هدايا وحاجات كتيرة أما أرجعهم تانى بدل المرة عشرة.
– طب خلاص تمــام جداً، خلينا قاعدين كــده مع بعض لحد ما
نتفضح بكرة!
– أنا مش قادرة أصدق الكابوس ده! ولا عارفة أفكر، أنا هاموت من الرعب، يعنى هو الحل الوحيد إني أدفع المليون جنيه دول؟
– آه الحل الوحيد إنك تدفعي المليون جنيه دول ، لإنك لو مدفعتيش يبقى أنا ملوش لزوم أدفع ، الفضيحة مشتركة واديكي سمعتي ، عندك حد إيده طايلة نروح له يجيب العصابة أنا معاكي..
– أروح لحد أقوله كنت مع راجل في سرير واتصورنا تعالى امســك العصابة؟!
– يبقى خلاص قفلت!
– يعنى إيه خلاص قفلت؟
– ما ينفعش نطلب مســاعدة، ما نقدرش نبلغ البوليس ، أي تأخير هينفذوا التهديد يفضحونا والدنيا هاتتطربق فوق دماغنا..
– يعني في الآخر الحل لازم ندفع؟
– انتى عندك فلوس في البنك صح ؟
– عندى وديعة.
– بكرة تروحى تاخدي قرض على الوديعة دي .
– وهما هينزلولي القرض فى نفس اليوم؟
– مالكيش دعوة ، هاخليهم ينزلوه في نفس اليوم بعد ســاعة، مدام بضمان الوديعة.
– ومين إن شاء الله اللي هيدفع أقساط القرض ده.
– هتدفعيهم انتي طبعا ، أهو بدل ما تدفعي مليون جنيه مرة واحدة ، تقسطيهم.
– مش هادفع لوحدي، ادفع معايا..
– روحى اعملي كده يا »نهى« وبعدين نشــوف مين هيدفع القسط بتاع كل شــهر، أنا شخصياً هاعمل كده ، هانزل بكره أروح آخد قرض بضمان الوديعة اللي عندي معنديش حل تانى.
– طب هو أنا لازم آجي معاك؟ دول عددهم أكيد كبير وممكن يكونوا مافيا.
– أنا إيش عرفني هما عددهم إيه؟ ولا هما مافيا ولا عصابة بلدي؟ علي العموم انتي تيجى معايا البيت زي ما طلبوا، ويمكن ما يطلبوش إنك تيجي معايا ساعة التسليم.
– أنا خايفة وحاسة انك مش فارق معاك، ده كله سببه انت وبخلك ، لو وافقت نروح شاليه والا زفت كان زمانا في أمان.
– احنــا في إيه والا في إيه؟ عموما احنا عندنا حلين و في الحالتين احنا خسرانين ومفيش ضمانات ، نبلغ أو ندفع.
– نبلــغ؟ بوليس وتحقيق وفيديوهات تنــزل؟ لا ده احنا نروح في ستين داهية احنا الاتنين !
– يبقى نتقابل بكرة في البنك الصبح ، سلام.
عاد »خالــد« إلى المنزل باديًا عليه آثار القلق والتعب ، منذ خروجه صباحًا للحظة عودته تقدم عمره عشرين عاماً، الظهر محني ، والوجه ملئ بالتجاعيد فجأة ، كانت فرصة »مايسة« للتشفي فبادرته قائلة :
– حمد لله على السلامة ، مالك؟ شكلك عامل كده ليه؟ أنت عيان؟
– آه عندي مغص وبطني وجعاني شــوية وحاسس إن داخل عليا دور برد في المعدة .
– لا سلامتك تحب أعملك حاجة تشربها ؟
– لا شكرًا مش هاقدر أشرب حاجة.
– طب أحضرلك العشا ؟
– لا مش جعان.
– صاحبك عامل إيه ؟
– صاحبى مين ؟
– صاحبك اللي كنت بتزوره في المستشفى .
– آه..آه.. كويس الحمد لله .
– شــوفت بأة اللي بيجيلنا من زيارة المستشــفيات، أديك راجع
عيان ، تلاقيك لقطت فيروس ولا حاجة.
– آه شكلي كده لقطت فيروس قوي ، أنا داخل أنام عشان أنا تعبان.
دخل »خالد« غرفته وخلد إلى نفسه وانتابته موجة قوية من البكاء ، كانت صدمته كبيرة في كل ما حوله، الحياة بأكملها قد خذلته مرات ، مرة حـين أحب من قلبه في بداية حياته من تركته للأغنى ، ومرة حين أجبره والده على زواج الصالونات من »مايسة« المختلفة عنه كلياً وجذرياً ، من أول يــوم كان يحاول أن يطردها خــارج حياته ، كان لا يقوى على أن يطلقها فأبيه لم يكن ليوافق أبداً على ذلك، استخدم كل طرق التطفيش
ليخرجهــا من حياته، إلا أنها كانت تتحمــل وتتحمل، امرأة بلا طعم ، بلا نكهة ، مستســلمة دائماً أبدًا ، أصبحت مثل النتوء الذي يحمله على ظهره ولا يستطيع منه فكاكًا ، أحب »نهى« بكل مشاعره ، برغم معرفته بأنها لعوب وغير أهل للثقة ، لكنها امرأة فائقة الجمال والدلال ، كنجمات الســينما ، معها كان يشعر أنه في الجنة ، حين ترضى وتقبل عليه يشعر أنه ملك الأرض وما عليها ، وحين تغضب تلقي السماء بلعناتها ، ويظل
يدور في فلكها علها ترضى وتغفر ، عشــق مجنون تملكه وأنســاه كل شيء ، كان يطمح أن تقبل به زوجًا لكنها ترفض فكرة الزواج وتفضل الصداقــة والحب ، امرأة لا تحب القيود ولا تثق بمؤسســة الزواج ، أما »مايسة« فالزواج هو كل همها في الحياة، هدفها الأوحد أن تعيش مهما حــدث ، اليوم لم يخسر »خالد« الملايين فقط بــل فقد هذه الهالة التي كان يراها حول »نهى«، شكها فيه ، إهانتها له ، رؤيتها للأمر من زاوية أنانية أشــعره بمدى ضآلته في عينيها ، هي لن تسمح لهذه العلاقة أن
تستمر بعد اليوم ، هو موقن أنها رحلت إلى الأبد ، وعليه أن يفكر في تقليل الخسائر ، ألقى بجسده على السرير وأغلق عينيه وتمنى أن يدركه الموت قبل طلوع الشمس لينتهي من هذا الكابوس.
ظلت »مايسة« مستيقظة طوال الليل تنتظر أحداث اليوم التالي على أحــر من الجمر ، تتذكر ما حدث وحالة »خالد« فتشــعر بلذة الانتقام وتطلب المزيد والمزيد.
في الصباح ذهب »خالد« إلى البنك والتقــى بـ«نهى« هناك لتنفيذ الاتفاق ، كانت التعاســة محلقة فوق رأســيهما ويبدو عليهما التوتر والقلق. بفضل منصبه وعلاقاته بالبنك استطاع إنهاء الإجراءات سريعًا وأصبح لديهما الأموال التي طلبتها العصابة ، واتفقا سويا على الذهاب بالأموال فوراً إلى شــقة الوالد ، لأنه ليس من الطبيعى التحرك بأموال طائلــة في المقاهي .
فور دخولهما إلى المنزل تأكد »خالد« من غلق جميع
الأبواب والنوافذ وجلسا سويا في بهو المنزل ، لم ينبسا ببنت شفة ، كان واضحًا أن المقاطعــة بينهما قد بدأت ، لم يتحركا إلا لدخول الحمام أو إعداد القهوة طوال تلك الساعات التي قضياها بالمنزل ، تحولا فجأة من عاشقين لشخصين لا يطيقان النظر في وجه بعضهما البعض ، انكشف المستور وظهرت الطباع المخفية حينما انقلبت الحياة ضدهما.
مر الوقت بطيئاً مملًا منذ لحظة وصولهما إلى لحظة اتصال »ريم« لإخبارهما بتفاصيل خطة التســليم ، وهي الخطة التي ســبق ونفذت بحذافيرها مع » على « ، تفصيلــة وحيدة مختلفة تتلخص في عدم وجود مخطوفين ، أمرتــه »ريم« أن يغلق الهاتف ، ودلتــه إلى مكان الهاتف البديل ، كما أمرتــه أن تنتظر »نهى« نهاية العملية بالمنزل قيد المراقبة حتى يسمح لها بالمغادرة.
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شبكة العنكبوت)