روايات

رواية شبح حياتي الفصل العاشر 10 بقلم نورهان محسن

رواية شبح حياتي الفصل العاشر 10 بقلم نورهان محسن

رواية شبح حياتي الجزء العاشر

رواية شبح حياتي البارت العاشر

شبح حياتي
شبح حياتي

رواية شبح حياتي الحلقة العاشرة

ضحكاته كالصغار ، أكاد اذوب ولهاً بهاتين الحفرتين على جانبي خديه ، ومستعدة انفق عمري كاملاً تقديسا لهذا الثغر المبتسم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد وقت قصير
كانت حياة بشعرها الرطب الذى تفوح منه رائحة الشامبو المنعشة برائحة المانجو المفضل لديها.
جالسة على الأريكة الفسيحة مع وعاء كبير من الفشار في حضنها ، تأكله بشراهة أثناء مشاهدتها فيلمًا بتركيز وشغف يتألق داخل مقل عينيها.
دفعت القط بمرفقها بعيدًا بلطف حتى لا يدخل برأسه في الطبق ، قائلة بتوسل وعيناها مثبتتان على الشاشة الكبيرة في منتصف الصالة : بس بقي يا ميجو الله يرضي عليك مش عارفة اركز دا احلي مشهد في الفيلم
: الله برده
هتفت حياة بحنق ونظرت إليه بعيون ضيقة عندما اقترب مرة أخرى بإلحاح أكبر ، فتمتمت بغيظ بعد أن وضعت بعض حبات الفشار أمامه ليأكل ويرضي فضوله : دا انت رخم زي صحبك .. خدههم و حل عني بقي شوية
لفظ بدر سهواً ، دون مقدمات : مالو صاحبو بقي!!
سمعت صوته الهامس الذي داعب مشاعر عميقة بداخلها لدرجة أنه من اندماجها الكبير في الفيلم الذي كانت تشاهده ، اعتقدت انها تتخيله ، لذلك غمغمت دون وعي : غمازاته .. تجنن
ومض وهج في عيني بدر مقرباً وجهه من جانب وجهها لتداعب أنفه رائحة شعرها الرائعة والغريبة لكنها راقت له كثيراً ، وإرتسمت ابتسامة جانبية على زاوية فمه ، وهو يهمس بسؤال : مين دا!!
عضت شفتيها إنشداه ظهر في عينيها ، التي فتحتها على مصراعيها بذهول مما قالته للتو ، ثم تمالكت نفسها بسرعة ، مبررة بنبرة بريئة مشوبة بالتوتر وهى تشير إلى الأمام بإصبعها : ها .. أحم دا .. دا البطل .. قصدي علي بطل الفيلم
كز بدر على أسنانه سخطًا من أسلوب المراوغة الذي من الواضح أنها جيدة فيه ، لكنه متيقناً أنها كانت تقصده خاصة بعد الإرتباك الواضح الذي طرأ عليها.
صمت على مضض ، بينما يجلس بجانبها على الأريكة ، بعد أن كان يقف خلف الأريكة.
قوست حياة شفتيها بحزن ، ثم سرعان ما هتفت بابتسامة حالمة : خسارة الفيلم خلص .. بس عارف دا تحفة بموت فيه وكل ما بيجي بتفرج عليه
ظلت تعبيرات وجه بدر المُتجهمة كما هي مركّزًا للأمام من شدة عبوسه ، احتجاجًا على اجابتها السابقة ، لكنه غمغم على مضض : فعلا!!
وضعت حياة الطبق على المنضدة ، ثم سردت بحماس شديد دون ادني اهتمام إلى تعابير وجهه المكفهرة ، بعد أن استدارت على الأريكة وهي تثني إحدى رجليها تحتها حتى واجهت بدر بشكل كامل : ايوه دا فيلم خيالي و رومانسي اوي .. بيحكي ان بنت جميلة عايشة في عالم سحري كان نفسها تعيش حب حقيقي مع امير و فعلا لاقت الامير دا .. لكن الساحرة الشريرة مرات ابوه بعدتها عنه .. بس ماكنتش عارفة ان دا لمصلحة البنت عشان لما راحت لعالم الواقع اللي نفتها فيه قابلت حبها الحقيقي وفضلت معه .. عارف البطل كان محامي زيك
بدر على الرغم منه ، ابتسمت ملامحه وهو ينظر إليها ويقول بنبرة ذات مغزى : والبطلة صوتها حلو زيك!!
ابتسمت له حتى ظهرت أسنانها ، ثم غمزت بشقاوة قبل أن تقول بصوت منذهل : دا انت متابع الفيلم ومركز من بدري بقي!!
جال بصره عليها في شرود ، ثم ردد مخاطبا نفسه : هو انا مركز غير معاكي
وأضاف بدر ، بعد أن افاق من أفكاره ، محاولاً تجاهل هذا الشعور الذي يطغي عليه معها بالسخرية منها : شوفت عينك هتبظ لبرا لما كانو بيرقصو مع بعض .. من حسدك ليهم الساحرة دي هجمت زي القضي عليهم
حدقت حياة به في عبوس ، منحرجة من كلماته ، ثم نظرت إلى الشاشة وتمتمت في استياء : يا دمك
صدح صوت ضحكه الرجولي العالي في المكان قائلا بعبث : عسل و شربات..
سرعان ما أومأ برأسه قائلا بجدية بعد أن تقلصت ضحكته : بس خلينا في المهم دلوقتي
تمتمت حياة بفضول ، وقد تأهبت حواسها لما سيقوله : ايه..!
استطرد بدر قولا بنفس اللهجة الجادة : عايزك تفتحي المكتب يمكن نلاقي حاجة تفيدنا
نظرت إليه بدهشة ، وقالت بعدم فهم : نفتحو ازاي!! وهو مقفول بالمفتاح..
أضافت بسرعة دون إعطائه فرصة للرد ، حيث وضعت إصبعها السبابة أمام وجهه بعد أن تربت على ياقة البيجامة خاصتها بغطرسة مزيفة : اوعي تكون عايزني اطفشو بطفاشة!! ماقدرش اعمل كدا بريستيجي مايسمحليش
رغماً عن أنفه وجد فمه يتلوى بابتسامة من مزاحتها ، ثم صاح ساخرًا : انتي اساسا شكلك محترفة في تطفيش الابواب يا ام لسانين .. بس مش هنحتاج لمهارتك دلوقتي المفتاح ورا الكتاب التالت علي الرف التاني في المكتبة اللي جنب باب المكتب
أشاحت حياة بصرها عنه إلى الخلف حيث يشير بيده ، ثم نظرت إليه بعيون مذهولة ، تهتف بعدم تصديق : نعم يا عمر .. انت كنت عارف مكانه وساكت دا كلو!!
لف عينيه بضجر وهو يقول بتذمر : انا بدر مش عمر وماجتش فرصة اقولك .. الاول كنتي لما بتشوفيني بتصرخي في وشي كأنك شايفة شبح
أنهى بدر جملته ، مستهزئًا بها وهي تنظر إلى زاوية فمه ، الذي ارتفع بإبتسامة لعوب ، كأنه يغيظها ليتشدق صدغيها باستنكار ، وهي تضع قبضتيها تحت فكها بعد أن أتكئت بمرفقيها على حافة الأريكة.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور نصف ساعة
تجلس حياة متربعة على الأريكة وتضع جهاز الحاسوب المحمول في حجرها ، وبجانبها قعد بدر الذي كان يحدق فى الشاشة معها ، وهي تبحث بين الملفات بتركيز.
تنهد بدر بعمق قبل أن يزمجر بخيبة أمل : قولتلك ان اللاب مافهوش حاجة مهمة
ضمت حياة شفتاها بغضب تأجج في قلبها ، عندما شاهدت بعض صور بدر مع زوجته على الحاسوب ، بدا وكأنهما عشاق في شهر العسل وسعيدان للغاية.
لا تدرى تحديداً ؟
هل هذا شعور فطري بالغيرة المحمودة من جمال هذه المرأة الفاتنة أم من الغيرة على الجالس بجانبها؟
هل فقدت عقلها لتغار على شبح شخص ميت؟
سرعان ما استيقظت من أفكارها الحمقاء وبّخت نفسها داخلياً على ذلك ، ما علاقتها بهذه الأمور الخاصة بين الزوج وزوجته ، وقالت بنبرة هادئة بعد استنشاق الهواء بقوة : ماهو دا الحاجة الوحيدة اللي لاقينها في المكتب .. اصلا اول ما فتح معايا من غير باسورد عرفت ان اللي عليه حاجات عادية بس من باب الفضول قولت اشوفه يمكن نستنفع منه بحاجة
هز بدر رأسه لها مؤكدا ، وقال بجزم : معاكي حق .. اميرة ماكنتش هتسيبو لو عليه حاجة تستاهل
شعرت حياة باليأس في نبرة صوته الخافتة ، لذا هتفت بتشجيع مبهج : خلينا ننظر لنص الكوباية المليان ادينا عرفنا حد انت افتكرته في الصور اللي علي اللاب
صمت بدر ينظر إلى الأمام ، ويفكر بعمق ، ثم أدار رأسه تجاهها ، سألًا بجدية : انتي قولتي ان قصة العفريته اللي طلعت للراجل الطيب دي قتلوها عشان يستفيدو من موتها
أومأت له حياة بالإيجاب بصمت تحثه ليواصل حديثه.
قام بدر من الأريكة مستقيماً بجسده ، يتحرك ذهابًا وإيابًا أمام بصر حياة ، ليقول في استفهام ، وكأنه يتحدث إلى نفسه بصوت عالٍ : انا متأكد اني مطلق اميرة .. يبقي ليه بتقول انها لسه مراتي!!
رفعت حياة حاجبيها مندهشة ، وهي تضع الحاسوب بجانبها على الأريكة قبل أن تسأل باستفسار بنبرة منصدمة : يعني عايز تقول انها ممكن تبقي سبب في موتك!!
هز بدر رأسه عدة مرات بالإيجاب ، ثم قال بإصرار : حاسس أن ليها يد في اللي انا فيه .. اصل مين مستفيد من موتي غيرها!!؟
ارتجفت أوصالها من الانزعاج عندما نطق بكلماته الأخيرة ، وانتابها شعور بالضيق في أعماق قلبها ، لكنها قاومت بكل قوتها ذلك الشعور ، ولم تستطع الجلوس ساكنة بسبب توتّرها ، فوقفت على الفور غاضبة وكأنها لدغتها أفعى ، ثم قالت بسؤال جعل سحابة الحزن تسيطر عليها أكثر : وهي تموتك ليه اساسا؟ دي واضح انها بتحبك .. انت ماشوفتش كنتو مبسوطين في الصور ازاي تقولش عصافير حب في شهر العسل!!
نظر في عينيها مطولاً بعد أن وقفت أمامه مباشرة ، متجاهلاً لهجة السخرية في نهاية كلامها ، بينما يضع كلتا يديه في جيوبه ، ثم تحدث برزانة تليق به : ماتاخديش بالظاهر يا حياة .. مش كل حاجة بتلمع معناها انها مش هتأذي .. اكيد ورا الحكاية حكاية .. يعني انا اكيد طلقتها عشان حاجة كبيرة ولو افتكرت السبب دا هوصل لحاجات كتير مفقودة في الحكاية
نظرت بعيدًا عنه وهي تتجه نحو النافذة المطلة على الشارع الواسع ، وحل الصمت عليهم لبضع دقائق ، ولم تحاول كسره ، لأنها لم تعد ترغب في النقاش هذا الموضوع بعد الآن ، حتى سمعت صوته الهادئ من خلفها : حياة
ردت بضيق من شعورها بإنقباض في قلبها قبل أن تلتفت إليه بكل جسدها : نعم!
اقترب بدر منها قليلاً ، ولم تكن المسافة بينهما إلا بوصات بسيطة ، قائلاً بصوت أجش : لازم نروح في اقرب وقت لمكتب المحاماه بتاعي .. جايز نعرف اخر مرة شافوني فيها روحت فين بعديها
نظرت حياة بِحدقتيه مُضيقة عينيها ، بينما كلماته تدور في ذهنها ، إقتنعت أنه على صواب ، ثم قالت في حيرة : ماشي .. بس هنوصل للمكتب ازاي!!؟
أجاب بدر بموضوعية : خدي عنوان مكتبي من عم حمزة اكيد يعرفه
أومأت حياة برأسها بخفة ، وشبكت ذراعيها أمام بطنها ، وتحدثت بإستفهام : طيب بس برده قولي هنعمل ايه بالظبط!!
أجاب بدر بصوت أجش ، وعيناه تلمعان بغموض : سيبيها لوقتها
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
توقيت منتصف الليل داخل منزل أميرة
كانت أميرة تسترخي على أحد الأرائك في الردهة الفسيحة مع تشغيل التلفزيون دون إصدار صوت.
نظراتها شاردة في الفراغ ، حيث كانت أفكارها المتضاربة في ذهنها سافرت بها لبعيد.
تسأل نفسها بحزن ، كيف لها أن تسمح لأنانيتها أن تتحكم فيها حتى وصلت بها لما فعلته بالشخص الذي لم ترى منه شيئًا سوى الحب والاحترام طوال العامين اللذين عاشتهما معه.
تعترف في قرارة نفسها أنها لم تكن ضحية بالمعنى الحقيقي للكلمة ، بل هي التي أودت بحالها إلى ما هي عليه الآن بعد أن استغلها كريم بسبب حاجة والدتها للمال لإنقاذ سمعتهم وأقنعهما ببيع مجوهراتهم ، وجعلهم يشاركون معه في شراء المستشفى الذي يعمل فيه ، لكن لا أحد يعرف حتى الآن أنهم أصحاب ذلك المستشفى الحقيقين ، وهم مسؤولون بشكل أساسي عما يحدث داخله.
تشعر أن هناك شيئًا يحبس أنفاسها ، إحساس بتأنيب الضمير والشعور بالذنب ينهشها طوال الليل ، مهما حاولت الهروب منه ، فهو لا ينفك يطاردها ويؤرق نومها.
والدتها التي تدعي أسماء نزلت لتروي عطشها ، لكنها تفاجأت عندما رأت ضوء التلفزيون مشع.
مشيت إلى الأمام بخفة ورأت سريعًا ذلك الجسم الرشيق الذي يحتل الأريكة ، لذلك انحنيت ، وأمسكت بجهاز التحكم عن بعد وأطفأت التلفزيون ، قائلة بغرابة : ايه اللي مسهرك يا اميرة!!
عادت أميرة من السفر بأفكارها على صوت والدتها ، ثم أجابت بهدوء ، وهي لا تزال في مكانها : مش جايلي نوم خالص يا ماما
استأنفت حديثها بنبرة خافتة ، وهي تنهض على جذعها العلوى بعد أن رأت والدتها تجلس أمامها على نفس الأريكة : حاسة اني مخنوقة مش قادرة افضل في أوضتي انا وبدر .. كل ما بغمض عيني بشوفه قدامي
رفعت أسماء حاجبًا واحدًا مندهشة ، ثم سألتها بضحكة ساخرة : اللي يسمعك بتقولي كدا يفتكر انك بتحبيه بحقيقي يا اميرة!!
خفضت جفنيها متجنبة النظر في بؤبؤ عين والدتها ذات النظرات الثاقبة ، وبدأت في اللعب بأصابعها بإرتباك ، وهي تجيب بنبرة ناعمة : مش هكذب واقول بموت فيه .. يعني اول ماقابلته عجبني اسلوبه الهادي و شياكته و تقله في الكلام .. وزغللت عينيا عربيته الغالية .. بس بعد ما اتجوزنا لاقيت ان العيشة معاه عادية مش زي اللي كنت بحلم بيها دا خلاني امل بسرعة
قالت باندفاع بعد رفع روماديتها الساحرة التي ورثتهما عن والدتها ، لتنظر إليها : بس انا حبيته
أومأت أسماء نافية برأسها ، وتمتمت بقسوة : انتي ماحبتهوش خالص .. محدش بيحب حد ويأذيه مش يقتله
تجمعت دموعها في مقلتيها الرقيقتين اللتين تأسرا القلوب رغما عنهم ، وهتفت بانفعال مهزوز بسبب أعصابها المتوترة بشدة هذه الأيام : كنتي عايزاني اعمل ايه!! ضغط كريم علي اعصابي و تخويفه ليا من ناحية ومشاكلك مع صالات القمار من ناحية تانية اللي لو كان شم بدر خبر بيها كان هيكشف كل حاجة لانه مش هيسكت لو عرف
تنهدت أسماء بعمق ، وهي تنظر إلى الجانب الآخر ، وبررت بلا مبالاة كما لو أنها لم تكن سببًا رئيسيًا لما وصلت إليه ابنتها : احنا اتورطنا ودا كان الحل الوحيد والخلاصة زي ما قال كريم يا اميرة حياته كانت قصاد حياتنا كلنا
طأطأت أميرة رأسها متسائلة بخوف وقلق : طيب فرضي حد عرف حاجة عن اللي حصل ووقع الورق اللي كان مع بدر في ايد حد تاني
حدقت اسماء في وجهها بضيق ، وانتقلت لها طاقتها السلبية ، لكنها حاولت الثبات ، وقالت بنبرة صاقعة البرودة : صعب يتفهم معني الكلام اللي قي الورق دا و خلاص هو ادفن مطرح ما ادفن بدر يا أميرة .. واحنا ماعملناش حاجة بإيدنا عشان نخاف
وأضافت تحذيرًا هامساً ، وهي تربت بلطف على كف ابنتها : بس اهم حاجة ان محدش عارف انه رمي عليكي يمين الطلاق عشان تفضلي انتي في نظر الكل مراته حبيبته اللي كنتو بتموتو في بعض وبترجعو لبعض رغم اي مشاكل بتحصل بينكو .. واهو بقالو اسبوعين لا حس ولا خبر عنه يبقي مات و خلصنا وقريب الموضوع هيتقفل ولو عايزانا نسافر نعيش في اي حتة بعيد عن هنا انا معنديش مانع
زفرت أميرة بارتياح عندما همست والدتها تلك الكلمات التي جعلتها تطمئن قليلاً ، ثم قولت بإقتناع : معاكي حق يا ماما ماهو اكيد لو عايش ماكنش هيستني كل الوقت دا وهو في ايده دليل اثبات علينا
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في اليوم التالي
عادت حياة من المدرسة بعد يوم مرهق قليلاً مع الأطفال ، وبالتأكيد رافقها بدر الذي لم يسكت وظل يتحدث معها طوال فترة عملها حتى يستفزها ، لعلمه أنها لن تستطيع التحدث معه بحرية أمام الجميع ، ثم أخذت حمامًا دافئًا لتنشيط جسدها واستعادة نشاطه وطاقته مرة أخرى.
وقفت داخل المطبخ تعد لها وجبة غداء خفيفة بينما كانت تهمهم بإحدى أغانيها المفضلة بصوت غاية في العذوبة ، ثم التفتت وراءها ولم تر معها بدر كما إعتادت في الآونة الأخيرة.
عقدت حياة حاجبيها بتعجب ، وهي تنظر إلى القط وتسأله مازحة : صاحبك المستفز دا راح فين يا ميجو .. طبعا مش عارف .. انت ريحة الاكل مجنناك و عينك راشقة في الغدا بتاعي يا طفس
سمعت نغمة هاتفها قادمة من الردهة ، فأطفأت النيران عن الطعام ، ثم خرجت متجهة نحوه.
نظرت حياة إلى الاسم ، فأشرقت ابتسامتها تضئ محياها ، وأجابت على الفور : الو
جاء الرد المرح من الجانب الآخر : ازيك يا جميل!!
اتسعت ابتسامة حياة بلطف من أجل تلك الودودة قائلةً بترحيب : بخير يا مروة .. انتي عاملة ايه!!
تنهدت مروة بخفة ، ثم تساءلت باهتمام : الحمدلله ماشي حالي .. طمنيني عليكي عرفت انك كنتي في المستشفي امبارح!!
أجابت حياة بلا مبالاة ، ثم ألقت بثقل جسدها على المقعد المنفرد خلفها : كانوا شوية ارهاق وبقيت احسن دلوقتي
تكلمت مروة بود : الف حمدلله علي سلامتك حبيبتي .. ايه بتعملي ايه كدا!!
أنهت مروة جملتها بفضول ، فسكتت حياة ثوان ، ضلّت ملامحها شاردة في الفراغ ، ثم رددت بتردد بعد أن حمحمت بصوت منخفض : الله يسلمك .. بصي انا كنت محتارة شوية في حاجة وعايزة رأيك!!
تساءلت مروة بنبرة فضولية : يا سلام ومالو قولي محتارة ليه؟
سحبت حياة كمية لا بأس بها من الهواء إلى رئتيها ، وجمعت شجاعتها بما فيه الكفاية ، ثم أجابت بكلمات سريعة مشوبة بالخجل : انا عايزة اروح اعمل شعري و اشتري شوية هدوم جديدة كدا .. بس معرفش الاماكن هنا كويس ومش عايزة يضحك عليا في الاسعار ف ياريت إذا ينفع تيجي معايا
اتسعت ابتسامة مروة بحماس على الجانب الآخر ، ثم سرعان ما هتفت بضحكة واثقة : جيتي في ملعبي .. محسوبتك تموت في اللف علي المولات و المحلات و دوشاهم بالاسئلة بس بغلبهم علي ما بشتري حاجة
ابتهجت أساريرها ، وسرعان ما سألتها بإستفهام : تمام اوي .. طيب انتي فاضية امتي؟
حكّت مروة رأسها في تفكير ، وأجابت على سؤالها بسؤال : انتي عايزة تنزلي علي امتي كدا!!؟
عضت حياة علي شفتها بحماس تمكن منها بسبب أسلوب مروة الجميل معها ، وأجابتها بعفوية : ياريت لو انهاردة عشان بكرا ورايا مشوار مهم اوي
همهمت مروة ، ثم قالت بضحكة خفيفة على نبرة حماستها : ماشي يا جميل خلاص .. هعدي عليكي كمان ساعة كدا اسيب يوسف عند ماما وننزل مع بعض
غمرت الفرحة قلب حياة ، حيث أنها لم تتذكر متى آخر مرة قامت فيها بالتسوق وشراء أشياء جديدة رغم أنها تحب ذلك ، وهتفت بسعادة : حبيبتي اقسم بالله ماتحرمش منك ابدا بدا .. اتفقنا .. سلام
★★★
: هتروحي فين
أدارت حياة رقبتها للخلف بسرعة ، تطالعه بإنشداه ، وهو مستلقٍ على الأريكة الكبيرة مسترخيًا جدًا.
كيف لم تنتبه لوجوده؟ ربما بسبب فرط حماستها ، ثم أجابت على سؤاله بمرح طفولي ، وهي تنهض حتي تستعد للخروج : زي ما سمعت يا بوده هخرج اشتري شوية حاجات جديدة
أنهت كلماتها بالتزامن مع انتصابها دون أن تنتبه لملامحه المصدومة من اللقب الجديد الذى نادته به ، وكادت أن تذهب من أمامه مسرعة ، لكنها توقفت متصنمة فى أرضها عندما سمعته يقول : هاجي معاكي
نظرت حياة إليه بدهشة وهي تراه يستقيم مستعدًا للنهوض ، فرفعت يدها وأشارت إليه برفض قاطع أثناء قولها بتبرير : لالاماينفعش تيجي يا بدر .. انت بتكون زي الراديو المفتوح جنب وداني ومابعرفش اركز نوهائي
توقف بدر عن الحركة على الأريكة ، ورفع حاجبيه غيضاً ، وقال باستنكار : لدرجة دي!! طيب
التفتت حياة إليه بعد أن أطفئت التلفاز ، وقالت بنبرة رقيقة خرجت منها بعفوية : ماتزعلش يا بوده .. انا هروح اشتري هدوم واعمل شعري وهرجع علي طول
نظر بدر إليها بعيون ضيقة مغتاظًا من طريقة ملاطفتها له ، وكأنه طفلاً من الأطفال الذين تتعامل معهم.
صمت قليلا كما لو انه كان يقيمها في ذهنه ، وقال متفاجئًا بشك : تعملي ايه في شعرك؟
جحظت عيناها مستاءة لأنه لم يفهم الأمر بديهياً ، ثم أشارت إلى نفسها و رددت ساخرة : ايه هو اللي هعمل ايه!! انت مش شايف .. ازاي هروح مكتبك بشكلي دا!!؟
تجمدت نظرته عليها ، كما لو كانت الطيور ترفرف فوق رأسها ، وتمتم بحماقة : مش فاهم .. مالو شكلك!!
نفخت خديها بسأم من قلة تركيزه ، رغم أنها أمضت الليل كله تفكر في حل لهذه المعضلة دون أن تصل إلى شيئا حتي أتت مكالمة مروة لها ، فكانت مثل طوق النجاة الذي قررت التمسك به حتى تتجرأ على قيام ما ستفعله بقلب قوي ، ثم ردت عليه بشرح بعد أن مسكت بشعرها المجعد على كتفيها بأطراف أصابعها : انا عرفت من عم حمزة ان مكتبك في محامين وناس كتير مستويات راقية .. عايزني ازاي ادخل عليهم المكتب بالكدش دا ولا بالكوتشي!! مش لطيفة خالص هيفتكروني متسولة وهو مش هيصدق اصلا اللي هروح اقوله ليه!!!!
حدق بدر للأمام وكأنه قد أدرك لتوه صحة كلماتها المقنعة ، ثم نظر إليها مرة أخرى ، وقال بإندهاش : تصدقي مافكرتش فيها دي!!
قالت حياة بابتسامة متعجرفة ، وهي تضع يديها في الجيوب الخلفية من سروالها الجينز ، بينما ترفع رأسها بشموخ : انا فكرت وعرفت هعمل ايه
حدق فيها بنظرة ساخطة ، بينما كان لا يزال جالسًا على الأريكة ، مع رفع حاجب واحد تساءل بإمتعاض : واشمعنا هتاخدي ست مروة هانم وانا لا
ساد الصمت لعدة لحظاتٍ قبل أن تجيبه…
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شبح حياتي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى