رواية شبح حياتي الفصل السابع والعشرون 27 بقلم نورهان محسن
رواية شبح حياتي الجزء السابع والعشرون
رواية شبح حياتي البارت السابع والعشرون
رواية شبح حياتي الحلقة السابعة والعشرون
ابديًا في روحي ، وبعيدا عن النسيان ، وفي مقطوره لا تجتمع مع التجاوز ، ستبقى معى كما سيبقى اسمي متعلقاً بي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد مرور عدة ايام
فى منزل مازن
: مساء الخير
خفضت والدته صوت التلفزيون وأجابت بابتسامة حانية ، بينما قبّل مازن رأسها بلطف : مساء الهنا يا بني
سألت مروة بمرح : عامل ايه يا دوك
ألقى بمفاتيحه على الطاولة ، وأجاب بهدوء : كويس الحمدلله
: هقوم احضرلك العشا يا حبيبي
قالتها والدته بحنو ، ليهز كتفيه بلا مبالاة لأنه فاقد شهيته ، وقال بنفس الهدوء : ماتتعبيش نفسك يا امي
أضافت بنبرة جادة مليئة بالحنان ، وهي تنهض من الأريكة : كل حاجة جاهزة انا هسخن بس علي ماتغير هدومك يكون الاكل جاهز
أمسك بيدها وقبلها بحب ، بينما يتمتم بإمتنان : ربنا يخليكي ليا يا ست الكل
جلس مرتاحًا على الأريكة ، متسائلًا ، بغير اكتراث ظاهري : قولتيلي في التليفون انك روحتي لحياة حصل ايه؟
رمشت مروة عينيها بتوجس من سؤاله ، وهي تنظر إليه لترد بهدوء : ابدا محصلش .. يعني كلام عادي
ضم مازن فمه ، مستفسرًا بنبرة مشوبة بالشك : متأكدة يا مروة نظرتك دي مش مريحاني؟
ضغطت مروة على شفتيها قبل أن ترد بتبرير ، بينما كانت أصابعها تعبث بدبلة زواجها ببعض الارتباك : والله كلامنا كان عام مش علي حاجة معينة .. بس لو كنت عايز تعرف اذا جبت سيرتك ليها بحاجة كدا و لا كدا .. اطمن دا محصلش
عدل مازن وضعية جلوسه ، وركز نظراته عليها متحفزًا ليحذرها مشددًا على كلماته : مروة انا نسيت الحكاية دي و انتي كمان انسيها خلاص انا اذا حبيت اتجوز هشتري بيت برا العمارة هنا
انفصلت شفتاها في دهشة من كلامه كونها لن تفعل شيئًا ليقلل من شأن أخيها ، مهما كان سبب ، لترد بنزق مدافعة عن نفسها : ماتكبرش الموضوع كدا كأني روحت طلبتلك ايديها
تنهدت مروة بصوت مسموع لتظهر استياءها من تفكيره ، ثم اضافت بصدق : كل كلامنا كان عليها هي وبدر كان شددني الفضول اعرف سر اهتمامها بيه
هز مازن رأسه بالإيجاب وقال بثقة ممزوجة بالبرود ، كافح لتصنعه : من اول ما شوفت لهفتها عليه في المستشفي وانا حاسس بحبها ليه حتي لما حاولت اقرب منها ماكنتش شايفاني وخلاص انا قفلت على الموضوع دا يا مروة
ردت مروة بهدوء على الفور : حقك عليا يا مازن والله ما كان قصدي اضايقك بكلامي
أطلق مازن تنهيدة عميقة من صدره ، عاكسا ما يحتدم بداخل روحه الملتاعة ، متابعًا بحزن طفيف ، وهو يرمقها من زاوية عينيه : حصل خير كان مجرد اعجاب و راح لحاله مفيش نصيب
منحته مروة ابتسامة جميلة بتفهم ، وقالت بلطف : عندك حق ربنا يباعتلك بنت الحلال اللي تسعدك يا حبيبي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد ثلاثة أشهر ، مرت على أبطالنا في سلام ووئام
داخل مطعم انيق
: هو دا كل اللي حصل
أنهى كلماته برصانة بعد أن أخبرها بكل ما حدث اليوم ، لتردد ورائه بصوت خافت : مؤبد و اعدام
لاحظ الذعر في عينيها ، من الطبيعي أن هاتين الكلمتين لهما رهبة فى النفوس من مجرد قولهما.
ابتسم بدر لها بحنان وهو يأخذ كفوفها الباردة بين يديه الدافئة ، وقال بنبرة هادئة : كنت عايزك تكوني موجودة معايا وقت الجلسة .. بس ماقدرتش اضغط عليكي لما لاقيتك رافضة
ازدردت حياة لعابها ، ثم ردت بعد أن أنزلت جفنيها بحرج : اعذرني يا بدر انا قلبي مش جامد لدرجة دي
اعتلت ثغره ابتسامة عابثة ، لم يبذل جهداً لإخفائها قائلاً بمرح : بس كان جامد وهو عايش مع شبح
تاهت في ضحكته المميزة مع تلك الرنة الرجولية ، ورغم أنها قاسية وخشنة ، إلا أنها تتمتع بسحر مميز ، خاصة مع وجود غمازة خده ، والتي تشبه النجمة التي أرتسم فيها الهيام ، لتجد لسانها ينطق بإفتتان عفوي : لانه احلي شبح في التاريخ ..
فور رؤيتها اتساع ابتسامته ، سحبت يديها للخلف بخجل ورفعت بهما كأس العصير ، لتغير مسار الحديث ، قائلة بعد أن شربت القليل منه : كان رد فعل اميرة ايه لما اتقال الحكم؟
ردع بدر ضحكته السعيدة عن الهروب ، حتى لا يستفزها ، مع مراعاة وجودهم في مكان عام ، بينما يستريح بظهره للخلف ، مجيبًا على سؤالها بنوع من الجدية : فضلت تصرخ بهستيريا وامها وقعت من طولها لما اتحكم عليها 15 سنة .. الغبية قدر بسهولة يلعب بيها و هي بطمعها جنت علي نفسها وسنين عمرها اللي هتضيع في السجن
واصلت حياة الحديث بعد أن أخذت نفسا عميقا : بس كان باين من كلامها معاك في زيارتك ليها انها ندمانة بجد
هز بدر كتفيه بلا مبالاة قائلاً برزانته المعتادة : اي بني ادم لما بتتقفل كل الطرق في وشه بيبدأ يراجع نفسه و بيحس انه ظلمها وبيعذبو ضميره
حسنًا ، عليها أن تعترف بأنها ليست ملاكًا ، والحديث غريزيًا عن هذه المخلوقة يزعجها ، لكنها لا تستطيع تجاهل مدى أسفها حيالها ، على الرغم من أنها لا تستحق التعاطف بأي وسيلة.
أومأت حياة إليه بالموافقة قبل أن تسأل بهدوء : ايه هيحصل لكريم بعد ما اتحكم عليه بالاعدام غيابي؟
أجابها بدر بنبرة واثقة من الظاهر ، لكنه أخفى فيها الكثير من التوجس : النائب العام اصدر قرار لمنعه من السفر والتحفظ علي امواله يعني هو لسه هنا .. دا غير ان كل الجرايد والمواقع السوشيال ميديا ناشرة الخبر يعني مش هيفضل هربان مصيره هيتمسك
رفعت عينيها إلى الأعلى لتغمغم بتمنى : يارب
حاول تصريف هذا الفكر السلبي عن عقله ، وقال بصوت أجش حاني ، حينما وقعت عيناه على خاتم الخطوبة الذي يزين إصبعها : عارفة نفسي فى ايه بعد كل الدومات دي ماتخلص؟
لم ينتظرها لتعقب على ما قاله ، واستمر في حديثه بتروى بعد أن رفع حدقتيه البنية في عسليتها : عايز بداية جديدة معاكي في بيتنا
رمشت حياة بخجل باسمة الثغر ، وتسارعت دقات قلبها بصخب ، لتتمتم بصدق : ان شاء الله
عبس بدر بملامحه الوسيمة وقال بتذمر : يا مفترية اخويا الصغير فرحه بعد اسبوع وانتي لحد دلوقتي مش عايزة تخلينا نحدد معاد الفرح
مالت حياة رأسها قليلاً إلى اليمين ، وقالت بابتسامة مضمومة ، وهي تحرك عصا الشرب البلاستيكية في كأس العصير : اعمل زي ما هو عمل و اصبر يا متر واللي بيصبر بينول
زفر بدر الهواء بقوة وقال في استسلام : ماشي يا غلباوية .. عايزة تفضلي في العمارة ولا نجيب بيت في مكان تاني
حدقت حياة فيه بعيون براقة بحب ، وقالت بنبرة رقيقة مشوبة بالتردد : البيت دا جواه ذكريات كتير حلوة بينا حابة افضل عايشة فيه .. بس كنت عايزة اعمل فيه يعني شوية تعديلات لو ممكن
تشكلت ابتسامة واسعة على فمه ، أقل ما توصف بأنها مهلكة لنبضاتها العاشقة ، وهو يربت على يدها ليطمئنها ، ثم أجابها بحب : كل حاجة هتخليكي مبسوطة هنفذها
ابتسمت حياة بسعادة وهى تشبك اصابعها مع اصابعه ، ثم تمتمت بنعومة : انا بحبك اوي يا بدر .. ربنا يحفظك ليا
كان بدر يحدق بها بعشق قبل أن يهمس بعبث ، وهو يغمز لها : هو مش دايما بعد الكلام الحلو بيبقي في حضن
سحبت يدها بعيدًا ، وهمست له بتذمر مليء بالخجل لإصراره على استفزازها ، واضعة قبضتيها تحت ذقنها على الطاولة ، لكنها مع ذلك هى سعيدة بكل ما يفعله : و بدل ما نجهز نفسنا عشان فرح اخوك .. يجي هو يخرجنا من القسم بتهمة فعل فاضح في مكان عام يا استاذ بدر
دوى ضحك بدر بصوت عالٍ ، وهو يشاهد وجنتيها تشتعلان بحمرة قانية ، وكأنهما تفاحة ناضجة وصالحة للأكل : بعشقك يا روح البدر
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور اسبوع
داخل قاعة كبيرة في فندق بالقاهرة على طراز فخم للغاية من الداخل.
حيث كان الاحتفال بزفاف جاسر عز الدين الجالس بجوار زوجته بفستانها الأبيض.
دخلت حياة بفستانها الأخضر الملائم كثيًرا مع شعرها البرتقالي المصفف للأعلى بتسريحة رقيقة مع مكياج ناعم ، جعلها فاتنة للغاية وجميلة.
كانت في الطابق العلوي تحضر شيئًا من الغرفة المستأجرة لتجهيز العروس.
اقتربت حياة منه ، رأته واقفا مع بعض المدعوين يجتذب الأحاديث.
سمع بدر صوت كعب يقترب منه ببطء ، وعيناه تعرجان تلقائيًا نحوها.
شرد فيها بإنبهار ، متأملًا في مظهرها الملائكي ، بينما ابتسمت له حياة برقة ، ووقفت على مسافة قصيرة من مكانه في انتظار أن يأتي إليها.
لبى نداءها الصامت ، فارجًا فمه بابتسامة عاشقة ، وهو يتقدم نحوها كما لو كانت قد ألقت تعويذة عليه جعلته مسحورًا بأصغر تفاصيلها ، غير مبال بمن حوله ، فقط مدركًا أنه واقع رأساً على عقب في حبها الذي يفاقم في قلبه كل يوم.
أما حياة ، كانت تراقب تقدمه بابتسامة جميلة ، و عندما وصل إليها ، بسط كفيه أمامه ، بعد أن أشارت بجفنيها له بخفة ، لتضع صندوقًا مخمليًا أسود في يديه قائلة بنفس الابتسامة : كل سنة وانت طيب يا بدر .. وان شاء الله الايام الجاية تكون سعيدة ومليانة فرحة يارب
أشرقت عيناه بابتسامة قبل شفتيه ، قائلا بدهشة ملطخة بالفرح من اهتمامها به : وانتي طيبة يا روحي .. تعرفي اني بطلت احتفل بعيد ميلادي من يوم وفاة امي الله يرحمها
لمحت في عينيه نظرة خاطفة من حزن ، لتبتلع لعابها ببعض التردد وهى تقول بنبرة حنونة : الله يرحمها .. بس بعد اذنك قررت اكسر القاعدة دي .. من هنا و رايح هنحتفل بيه مع بعض
ابتسم بدر لها كدليل على موافقته ، ثم فتح الصندوق بفضول ليجد قلمًا فاخرًا منقوشًا عليه حروف اسمه ومذكرة جلدية بمظهر مميز يليق بصاحبها ، لينظر إليها وهو يقول بحب : ربنا يخليكي ليا حبيبتي عجبوني اوي
ابتسمت شفتاها بفرح عندما لاحظت أن الهدية قد نالت إعجابه ، بادلها بأخرى جذابة ، هامسًا بصوت لا يسمعها إلا هي : مش كنا خلينا فرحنا معاهم كان اليوم دا بقي ميكس احتفالات
أجبته حياة بنفس الصوت بعد أن اقتربت منه قليلاً : ان شاء الله تكون حياتنا كلها احتفالات حبيبي
ارتفعت ضربات قلبه بجنون داخل صدره ، متأملاً في ملامحها الجميلة وحركاتها اللطيفة ، هامسًا بصوت عميق : انتي طلعتيلي منين يا حياة ؟
ضمت حياة شفتيها في تفكير ، مما جعله يشرد من لطافتها ، ثم سرعان ما نظرت إلى عينيه وهي تميل رأسها إلى اليسار وتهتف بمرح : من صندوق الحظ يا قلب حياة .. وبعدين دي لسه اول مفاجأة اتقل شوية
قالت جملتها الأخيرة بصوت عالٍ وهي تمشي معه إلى ركن من القاعة ، بعيدًا عن ضجيج الموسيقى الشعبية التي تعالت للتو ، ليسألها بفضول : لسه في مفاجأت تانية ؟
أجابت حياة عليه بنعومة بعدما شبكت أصابعها خلف ظهرها : كتير كتير
اندلعت الدهشة في ملامحه ، فظهرت ابتسامة عريضة على فمها لينظر إليها بعيون ضيقة ، بينما هتفت بحماس وهي تشير إلى وجهه : هي دي بالظبط النظرة اللي عايزة اشوفها فى عينك انهاردة .. بتبقي لذيذ اوي لما تكون حيران ومش متوقع الشئ اللي هيحصل
ابتسم بدر بخفة ولعق شفتيه بلسانه فى مكر ، وهو ينحني إليها وينظر إليها ومحذرًا إياها : طيب بس انا حابب انبهك لحاجة مهمة اذا ماقولتيش دلوقتي علي كل مفاجأتك .. هتلاقيني فجأتك ببوسة في اي لحظة .. بس يا تري هيبقي شكل وشك ايه وقتها؟
احتفظت حياة بابتسامتها ، وهي تحدق فيه بغباء قبل أن ترفع حاجبها الأيسر ، قائلة في استنكار : دا اللي هو ازاي لا مؤاخذة؟
رد بدر ببساطة ، وهو يطوق ذراعيه حول خصرها : مش انهاردة عيد ميلادي يعني حقي اعمل اللي انا عايزه
تسارعت خفقات قلبها بسبب شعورها بخطورة ما آل إليه الأمر في تلك الزاوية الحميمية ، لتناشد تعقله وتوازنه وهى تقول بهمس : لالا انت حبيب عاقل ماتعملش كدا
هز بدر رأسه مستنكرًا ، وابتسامة متلاعبة شقت شفتيه قائلاً بنبرة حب : مين قال كدا !! انا عاشق مجنون بحبك انتي وكل شئ في قانون عشقي ليكى تجوز
رفعت حياة إصبع السبابة أمام أنفه بتهديد ، وهي تتحدث في ثرثرة صارمة مضحكة : فكر مليون مرة قبل ماتحاول تعمل كدا قدام الناس دي كلها يا بدر .. عشان رد فعلي انا لسه مش متصورة هيبقي شكلو ايه .. اعقل بقي كدا وبلاش تتهور
فور أن أنهت جملتها الأخيرة ، اقترب بدر منها بعناد ، محاولًا تقبيل ثغرها ، لتحرك رأسها للخلف بعيدًا حتى لا يقتنص شفتيها ، بينما تضحك في عدم تصديق على حركاته المجنونة ، ليقول بإصرار هامس : انا اقدر ابوسك في الوقت اللي يعجبني تحبي تشوفي؟
خفض بدر بصره ، ثم رفعه بسرعة قائلا بسؤال عابث : حاسس ان قلبك متكهرب ؟
تناثرت كلمات غير مرتبة من شفتيها بسبب ارتباكها المفرط ، وهي تدفعه قليلاً من صدره حتى يترك خصرها : لا .. اه .. فعلا خليك بعيد بقي لا تصيبك صاعقة منه
رفع بدر يده إلى ذقنها ، وهو يتحدث بلهفة : هموت وانصعق من الشفايف الطعمين دول
زمجرت حياة بعبوس محاولة السيطرة على رعشة جسدها الذي أصابته حرارة شديدة من قربه : بدر وبعدين معاك حوالينا ناس ماتبقاش مجنون
لبى رغبتها على مضض ، وهو يتحرك قليلا للخلف ، وأبقى مسافة صغيرة بينهما حتى تسني لحدقتيه أن تتشرب كافة ملامحها المتوردة خجلًا منه ، ليهمس بابتسامة تظهر غمازاته : بعيدا عن كل حاجة .. انا اكتر واحد محظوظ في الدنيا لان ارق انسانة موجودة في حياتي
انخفض صوته أكثر مغمغمًا بهوادة مبعثرة ، وامتلأت عيناه بالعاطفة الجياشة : حبيني يا حياة .. علي قد ماتقدري .. انتي دلوقتي حياتي اللي خلتني عايش ليها .. محتاجلك تكوني جنبي علي طول .. ماتبعديش عني ابدا مهما حصل بينا
اهتزت حدقتيها بالدموع تأثرًا بكلماته التي خرجت من قلبه دون أن يفكر ، وهو ينظر إليها بشغف ودفء كأن قلبه في عينيه ، ثم أشارت بإصبعها السبابة نحوه وهمست بابتسامة رقيقة : قاعدة علي قلبك و مربعة
أمسك بدر بأصابعها ، ووضع راحة يدها على قلبه ، وربت عليه بلطف ، ليهمس بنبرة مكتظة بنار الشوق التي لا تخمد بداخله : يا حظه قلبي .. مش قادر اتخيل لو ماكنتيش معايا كانت حالتي هتكون ايه ولا عايز حتي افكر
ابتسمت حياة بهدوء ، وهي تهز رأسها نفيًا ، لتقول برقة : اوعي تفكر .. دايما اتفائل وان شاء الله نفضل مع بعض .. سيبها علي ربنا
وأضافت مازحة بنفاد صبر ، وهي تلف أحد خصلات شعرها المتناثر على جانب وجهها : كفاية دراما بقي هعيط و الميكاب هايسيح والجنية الشريرة اللي جوايا هتطلع فبلاش فضايح و يلا نروح للعرسان
تأملها بدر بحب شديد ، وهي تتحدث بتأثر ، و ثمة ابتسامة هادئة مرسومة على فمه.
خفض يده عن خصرها ، ممسكًا بكفها الناعم ، ليقول بحسم : لا احنا هنرقص مع بعض .. يلا تعالى
اتبع كلماته بالتحرك فعليًا نحو ساحة الرقص بعدما إنبثقت نغمات سحرية تملأ القاعة ، بينما أومأت برأسها بالموافقة في استسلام متوتر.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
تحركوا معًا بسلاسة وتناغم بالغ ، وشكلوا معًا رقصة حب مليئة بالمشاعر والانسجام ، ليبتسم بدر لها قائلاً بإعجاب : اتحسنتي اوي عن الاول
انفرجت شفتاها بابتسامة خجولة من مديحه اللطيف ، لتهمس له بحب ، بينما بزاوية عينيها رأت الناس يرقصون من حولهم ، كلً منهم مع شريكه في الرقص : البركة في المعلم بتاعي
أخذوا خطوة إلى الوراء ثم إلى الأمام ، بينما كلماتها جعلت ابتسامته تتسع ، وهو يقترب منها ويميل نحو أذنها ، هامسًا بهيام : عين و روح المعلم فداكي
تباطأت سرعة حركاتها بمرونة ، لتتناسب مع إيقاع حركات بدر أثناء الرقص ، ثم ردت ضحكة ناعمة : انت بتغازل تلميذتك يا استاذ و دا ممكن يعرضك لمشاكل انت مش قدها
التقت أعينهم وسط مشاعر مزدحمة جعلته يذوب بها ، لتستطرد حديثها بنفس النبرة العذبة : بس انا عندي محامي شاطر هيجيبلك حكم مخفف
خطى خطوة تلتها الأخرى ، وفعلت الشيء نفسه أمامه ، ثم استدارت بخطوة سريعة ، ورفعت يدها ووضعتها على كتفه ، فتلاحمت نظراتهما العاشقة معًا ، قائلاً بصوت خافت اجش : عايزو يجيبلي حكم بالجواز منها .. عشان انا حياتي مابقتش تكمل من غيرها
حدقت حياة فيه بذهول ، لتنبس بنبرة شقية أثناء تحركاتها : شوفو اللي بياكل و ينكر .. دا انا ساكنة قصاد منك .. يعني تفتح باب الشقة تشوفني .. باب البلكونة تشوفني .. باب الاسانسير تشوفني
هز بدر رأسه في رفض ، وتوقفت قدميه عن الحركة ، وتمتم بصوت منخفض بجانب اذنها : مش كفاية عايزك تسكني في شقتي بقي .. امتي هتخليها توافق؟
قال الجملة الأخيرة بإلحاح ، ثم صمت ، في انتظار ردها عليه بلهفة ، لتجيبه بجدية ، بعد أن ضمت شفتيها معًا : بدر .. انت عارف الفترة اللي فاتت دي كان لازم تعدي كدا .. يعني من غير ارتباط رسمي .. كنت عايزاك تاخد وقتك و تستوعب وتتعايش مع كل الظروف اللي حصلت
ظل بدر صامتًا ، يحدق في عيناها ، بينما أخذت نفسًا عميقًا قبل أن تستأنف الحديث قائلة بإبتسامة رقيقة : احنا اتخطبنا من فترة قريبة و كل يوم بيعدي بنعرف بعض اكتر و بنقرب لبعض اكتر يعني ماشيين خطوة خطوة علي مهلنا
أنهت حياة كلماتها ، ليتحرك معها مرة أخرى ، هامسًا بنبرة صادقة : وانا مش عايز اضغط عليكي .. بس فعلا مابقتش قادر اعيش من غيرك محتاجلك اوي و بتوحشيني اوي اوي
كان يتحرك بخطوات واثقة ، وعيناه لا تفارق عينيها التى سلبت لُبَّه ، مضيفًا بصوته العميق مثل السحر : لما بتكوني قدام عيني ببقي مطمن .. بس لما بتسافري لأختك حتي لو ايام قليلة .. ببقي هجنن من خوفي عليكي و هفضل خايف لحد ما يتقبض علي كريم .. لكن مش عايز اعيشك في الخوف دا معايا عايزك مطمنة وبس
تألقت عيناها بمزيج من المشاعر العاطفية وهي ترفع حاجبها بدهشة ، إزدردت لعابها بصعوبة ، بينما تستمع إلى كلماته النابعة من القلب والتى تجمع أحلى معانى الحب الذي يكنّه لها : تعرفي ان كل مرة اروح وراكي اسكندرية وافضل واقف تحت البيت وحرب جوايا بتقوم .. عايز اطلعلك بس ماببقاش عايزك تحسي اني خانقك ومش مديكي مساحة من الحرية والخصوصية لنفسك مع اهلك
تشدق صدغه بحرج ، ثم تنهد بعمق مازحا : انا اكلمت كتير مش كدا ؟
خطت خطوة استدارت فيها مرتين ، ليجذبها من خصرها ، فإلتصقت به ووضعت يدها الحرة على الجانب الأيسر من صدره ، ونبضه تحت أسفلها شعرت أنه يمر عبر أوردتها ، لتقول بنبرة مدهوشة ممزوجة بالعشق : دي اول مرة تكلم عن اللي جواك بالصراحة دي .. الحاجات الحلوة والمشاعر دي كلها جواك وكتمها ..؟
كلماته الجميلة مع تناغم الموسيقى ، جعلتها متحمسة وسعيدة تطير بفرح ، بينما ترقص بإريحية ، ثم واصلت حديثها : ماتخبيهاش تاني عليا كررها وكررها علي طول
ارتفعت قهقته ونظر إليها ، بابتسامة تعلو شفتيه من فرط حماسها وتحدث بنبرة خافتة : كدا هتملي
جادلته حياة بحب بعد أن صنعت تواصلا بصريًا معهُ ، لتطير إلى السماء المرصعة بالنجوم تلتمع بعينيه : مش هيحصل انا مبسوطة اوي بأحاسيسك دي لا همل ولا هتخنق .. بالعكس اهتمامك دا بيخليني طايرة من السعادة
همس بدر بدفء وعيناه تجولان على ملامحها الناعمة : ربنا يديمها يا حياتي اللي بعشقها
اطرقت حياة رأسها ، وتمتمت بخجل بينما تشبك كلتا يديها خلف رقبته : امين .. وانا بموت فيك .. بالمناسبة انا موافقة
عقد بدر حاجبيه بتساءل ، وهو يستمع إليها باهتمام بعد أن رفعت عينيها إليه في نهاية كلامها : علي ايه؟
توقفت قليلاً قبل أن ترد عليه بابتسامة ملتوية : اننا نتجوز مش قولتلك ان في مفاجأة انت لحقت تنسي
ابتلع بدر ريقه ونظر إليها واضعًا جبهته على جبهتها ، مشددًا اكثر على خصرها ، قائلاً بلهجة عميقة تفيض هيامًا : اخيرا يا جبارة ما كان من الاول تقولي لازم افضل اتحايل كدا
رفعت حياة كتفيها ، لتضحك بدلال ممزوجًا بالخجل قائلة : عروسة و بدلع فيها ايه ؟ لازم احس بمعزتي وقيمتي عندك طول الوقت
ضمها بدر على صدره وهم يرقصون هامسًا بأنفاسًا ساخنة بجوار أذنها : انتي اغلي عندي من روحي يا حياة
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور بعض الوقت
وقفت حياة بجانب العروس ، وهي تقبلها بلطف على خدها وتقول بابتسامة : الف مبروك يا شذي ربنا يهنيكي
ابتسمت لها شذى بنعومة ، وهتفت بسعادة : تسلميلي يا يويو مش مصدقة اني هطلع من هنا علي الطيارة علي طول
كانت على وشك الرد عليها ، لكن قاطعها وصول بدر وجاسر معه قائلا في عجلة : حبيبتي هروح اجيب الشنط من فوق و نتحرك علي طول
توترت ملامحها وهي تشير إلى فستان الزفاف قائلة بضيق : خدني معاك اغير الفستان يا جاسر
لم يكن يريد أن يتجادل معها ، مدركًا صعوبة التحرك في ذلك الفستان الضخم ، لذا أومأ برأسه بالموافقة ، قائلاً تحذيرًا بينما بساعدها على المشي بسرعة : ماشي يلا بينا .. بس بسرعة مابقيش كتير علي معاد الطيارة
تابع ابتعاد اخيه ليمدّ يده إليها قائلاً بنبرة هادئة : حياة تعالى معايا هجيب حاجة من العربية
قالت حياة وهي تهز رأسها بإيماءة صغيرة ، وتمسك بيده ليضغط عليها برفق : يلا
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
شعرت حياة بالهواء النقي يهاجم شعرها ليرفرف بنعومة حول وجهها ، عندما نزلوا من المصعد إلى المرآب ، لتساءله وهو يفتح باب السيارة بينما تقف بجانبه : ماقولتليش انت جاي تجيب ايه ؟
أجابها بدر ببساطة : دول
حدقت حياة بعدم فهم في التذكرتين اللتين رفعهما أمام عينيها ، لتتساءل بشك وهي تقوس شفتيها : ايه دول ؟
قام بدر بتحريك جانب فمه بابتسامة ، وهو يقفل باب السيارة باستخدام جهاز التحكم عن بعد ، ثم استدار بجسده كله إليها ، وليقول بغموض : مش انتي لوحدك اللي عملالي مفاجأت .. دي مفاجأتي فاكرة لما سألتك علي باسبورك
اتسعت عيناها في تفاجئ ، وتفوهت ببلاهة : احنا هنسافر!!
أخبرها بدر دون تحفظ ، مبتسمًا لها : بالظبط بس طبعا مش لوحدنا اختك وجوزها وعيالهم معانا
فتحت حياة فمها غير مصدقة ، ليهز رأسه مؤكدًا ، مستأنفًا حديثه : هنوصل جاسر و شذى و نستني معاد طيارتنا بعديهم بتلت ساعات
عانقته حياة بشكل عفوي وشكرته بامتنان ، وهي تضحك بسعادة غامرة : ربنا يخليك ليا يا روح قلبي
ربت بدر على شعرها سعيدًا لفرحتها ، مطوقًا خصرها باليد الأخرى قبل أن يبعدها قليلا عنه ، ليهمس لها بمحبة : ويخليكي ليا يا مانجتي .. يلا بينا نلحقهم
اِستقل كلاهما المصعد مرة أخرى ، متشابكين الايدي إلى القاعة ، حالما وصلوا لمفترق الرواق ، التفتت إليه وقالت بابتسامة : حبيبي شوفهم نزلو ولا لسه .. و انا هروح الحمام و بعدها هحصلك علي القاعة
: طيب بس ماتتأخريش
قالها بدر ثم رفع كفها إلى فمه ، ليقبلها برومانسية ، وقبل أن تبتعد ، لوحت له بإشارة صغيرة من يدها.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
دخلت ممرًا آخر يؤدى إلى الحمام ، بينما تحتل ثغرها ابتسامة سعيدة ، وهي تمرر أطراف أصابعها على الخاتم وتعض شفتيها بفرح ، ولكن بمجرد أن وضعت يدها على مقبض الباب لفتحه ، طوقها ذراعان قويتان ، قيدت حركة يديها ، لذا شهقت في تفاجئ وهي تحاول التملص بمقاومة ، بينما تدير رأسها للخلف للتعرف على الجاني.
اتسعت عيناها في نفس الوقت مع شهقة أخرى مليئة بالفزع ، وهي ترى وجهه من تحت القبعة السوداء التي كان يرتديها لإخفاء ملامحه ، لتهمس بصوت مكتوم بعد وضع راحة يده على فمها : انت!!
انفرج فمه بابتسامة لا تمت للمرح بأي صلة ، وأجاب بصوت مخيف بجوار أذنها : اهلا بالحلوة مرة تانية
هذا كل ما استطاعت سماعه قبل أن تغلق عينيها تدريجياً مستسلمةً ، حينما وضع قطعة قماش مليئة بمادة مخدرة على أنفها ممَ جعلها تشعر بدوران الأرض تحتها ، والظلام يسحبها نحوه لتغرق في فقدان طويل للوعي ، بينما يحملها الآخر بين ذراعيه ، ليخرج بها متسللاً من الباب الخلفي للفندق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شبح حياتي)