روايات

رواية شبح حياتي الفصل السابع عشر 17 بقلم نورهان محسن

رواية شبح حياتي الفصل السابع عشر 17 بقلم نورهان محسن

رواية شبح حياتي الجزء السابع عشر

رواية شبح حياتي البارت السابع عشر

شبح حياتي
شبح حياتي

رواية شبح حياتي الحلقة السابعة عشر

تجنب الحديث أثناء الغضب⁣⁣ ، قد يكون كلامك صحيح⁣⁣ ، لكن حتماً أسلوبك خاطئ⁣⁣.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مر الوقت دون أحداث ، وأتى المساء سريعا وانجلى القمر بدرًا.
استدار مازن نحو حياة ، وهو يحمل بين يده كيسًا صغيرًا يحتوي على شطيرة ، بعد أن قدم إلى ميساء فنجانًا من القهوة ، متحدثًا مع الأولى بلطف بالغ : اتفضلي يا حياة .. انتي ماكلتيش حاجة من الصبح .. اختك اجدع منك كلت وبعدين شربت قهوة .. كفاياكي انتي شرب قهوة من غير اكل..
رفعت حياة بصرها نحوه ، وحدقت فيه بذهن شارد ، ومنحته ابتسامة لطيفة لتقول بامتنان ، متجاهلة ما قاله منذ لحظات : شكرا يا دكتور مازن .. انت تعبت معانا من امبارح و مانمتش حتي .. تقدر تسافر عشان ماتعطلش شغلك
حدق مازن في ابتسامتها لبضع ثوان ، و لم يخفى عليه بحة صوتها المرهقة ، ثم أجاب بلباقة : ايه اللي بتقوليه دا!! بدر جاري ومتربيين مع بعض وماينفعش اسيبو في الظروف دي وبعدين انا بلف علي العيانين هنا وبشتغل برده
أردف بإصرار ، ومدّ يده إليها من جديد ، وابتسامة جذابة تعلو شفتيه : اتفضلي كلي
هزت حياة كتفيها رفضًا ، و ردت بعد أن وجهت وجهها إلى الجانب الآخر : ماليش نفس
تتابع الموقف عينان بدر الذي يقف أمامها على الجانب الآخر فى الممر الموجود به غرفته ، يتكئ بهدوء على الحائط ، ليهمس بنبرة دافئة وحنونة جعلت جدران قلبها تقرع بجنون : خديه منه يا حياة عشان ماتتعبيش تاني وتقدري تكملي لو حياتي تهمك
امتثلت لأمره لا شعورياً ، وأخذت الشطيرة من مازن بابتسامة مجاملة بعد أن نظرت إلى بدر الذي كان ينظر إليها بابتسامته المميزة.
قضمت جزءًا صغيرًا منها ، ومضغتها دون أن تشعر بأي طعم لها ، لكنها أجبرت نفسها على الأكل حتى تتجنب الشعور بالصداع الذي يكاد يفتك برأسها.
ساد الصمت التام في رواق المستشفى بعد ذلك ، حتى سمعوا وقع الأقدام تسير باتجاههم.
نقلت حياة بصرها بين معاذ وأميرة والطبيب وكريم ، الذين وقفوا للحظة يتحدثون أمام باب غرفة بدر ، قبل أن تولج أميرة أولاً الغرفة بابتسامة متلهفة ليدخل الجميع بعدها ، بما في ذلك حياة التي رأت أميرة تندفع إلى بدر الذي كان مستلقيًا على السرير بكل هدوء و سكون ممسكة بيده بين كفها قائلة بنبرتها الرقيقة : خلاص يا حبيبي .. هاخدك من هنا ومش هسيبك ابدا
اتسعت عينا بدر الواقف بجوار حياة التى بدورها تقف تطبطب الأرض بقدمها فى غيظ من أسلوب أميرة وحديثها لبدر بكل هذا الشغف ، حتى لو كان يرقد في سبات عميق ، فليس لها مطلقًا الحق في لمسه.
لكن ما فاجأ بدر هو شيء آخر تماماً ، إذ لم يستطع أن يشعر بلمسة أميرة عليه.
حدث شيء مشابه أيضًا عندما جاءت الممرضة ، ولمسته للتحقق من حالته فلم يشعر بها.
محتمل هذا دليل على أنه بدأ يفقد إحساسه بالحياة تدريجياً ، وأنه على وشك مغادرة ذلك العالم إلى الأبد.
سرعان ما خرج من دوامة افكاره على صوت حياة التى نبست بسؤال : تقصدي بإيه هتاخديه من هنا!!
في حين أن عيون كريم شملت حياة بتعمق ، بدءًا من ملامح وجهها إلى جسدها بالكامل دون أن يلاحظه أحد ، فهو لديه أساليب خاصة بالنظر دون أن يتم فضح أمره ، في ذهنه يعترف أن عينيه أعجبت بها مثل الفتيات الأخريات اللائي يمررن به يوميًا ، لكن تلك البرتقالية لها جمال خاص تحاوطها هالة من الغموض يريد أن يستشفّ ما يدور في عقلها ، لأن تواجدها الغير مفهوم يثير شكوكه بشدة ، وهذا ما ناقشه مع أميرة قبل ساعات.
انتبه كريم لسؤالها وتولى مهمة الإجابة بدلاً من أميرة ، قائلاً بنبرة هادئة يشوبها الكثير من الخبث الخفي داخل مقل عينيه الذهبية : الدكتور سمح لينا اننا نسفر بدر علي القاهرة .. لانه خلاص مابقناش محتاجين نستني في اسكندرية و التحقيق هيتكمل من هناك .. مش كدا يا دكتور علاء؟
أومأ علاء بالموافقة قائلا بموضوعية : تمام مافيش مشكلة .. الصبح كل حاجة هتكون جاهزة ان شاء الله عشان يتنقل للمستشفي في القاهرة بشكل أمن من غير مايحصلو مضاعفات بالطريق
ضغطت حياة على قبضتها ، وصاحت فجأة احتجاجًا على هذا الكلام ، ثم تقدمت أكثر نحو سرير بدر بتلقائية ، ووضعت يدها على كتفه في حركة دفاعية : لا بدر مش هيتحرك من هنا
اتسعت كل العيون المثبتة على حركاتها بدهشة من كلامها ، بينما اتسعت حدقتا بدر حالما شعر بلمسة أصابعها ، التي كانت أشبه بلسعة كهربائية لذيذة جعلت الخلايا في جسده ترتعش دون أن تلحظ هى أيا من ذلك ، مثل المرة السابقة تماماً.
وقع عقله فى حيرة رهيبة مما يحدث ، وهو ينقل عينيه بين من يحاولون تقرير مصير حياته ، بينما يظل صامتا بعجز لا يستطيع التدخل في الأمر ، لينظر إلى جسده قائلا في سره : هتفضل كدا لحد امتي يا متر؟ ياريتك تصحي وتتصرف مع كل البلاوي دي
حاولت أميرة أن تتماسك ، رغم أن أعصابها توترت بسبب أسلوب حياة في الكلام ، إلا أنها قطبت حاجبيها عندما رأت حركة حياة ، لتسألها بغرابة : انتي بتزعقي كدا ليه!! واصلا ايه علاقتك ببدر عشان تقرري حاجة تخصه؟
عقدت حياة ذراعيها إلى صدرها بتحدى ، وحدجتها بعسليتها بتفحص ، ثم أجابت عليها بابتسامة ساخرة تقلب سؤالها ضدها ، بينما ترمقها بنظرة ذات مغزى : انتي اللي بصفتك ايه تقرري تاخديه لمستشفي دكتور كريم او اي مكان تاني!!
شعرت أميرة بسخرية حياة منها ، فتدحرجت عينيها تلقائيًا نحو كريم الذي كان يقف مثله مثل أي شخص آخر بالغرفة ، يتابع المشهد بريبة وعدم فهم.
ازدردت أميرة رمقها ، بينما ترمش بخفة ، و ردت دفاعًا عن نفسها : انا .. انا ابقي مراته
بدأ الغضب يندلع في بؤبؤ عينها من استمرار تلك المرأة فى الكذب ، واحتدت نبرتها الرقيقة لتصبح مثل نصل حاد ، ولم تستطع السيطرة على لسانها وهي تصيح في اندفاع : لا انتي مش مراته .. عشان هو رمي عليكي اليمين وانتي عارفة كدا كويس
طغت الصدمة على وجوه الجميع بلا استثناء.
أمعنت حياة النظر فى ملامح أميرة التي قفزت من ثناياها الصدمة العارمة ، حتى انها استطاعت شم رائحة الدخان المنبعث من أعصاب أميرة التى احترقت كليًا ، وتفتت قشرة الرقة والهدوء التي كانت تصتنعها منذ أن وصلت إلى هنا ، ولكن اغتالها الخوف مما سمعته منها للتو.
أسرعت أميرة تقول على الفور ، وارتجف جسدها في توتر شديد ، وهي تتجنب النظر إليها : ايه الجنان والتخريف اللي بتقوليه دا؟ انتي مجنونه!! انا مراته بالقانون يا حبيبتي .. انتي اللي وجودك هنا غير مرغوب فيه واتفضلي اطلعي برا وجودك مابقاش له لازمة هنا
أضاءت عينا معاذ بغضب نارى ، وغيظ من كلام حياة السخيف معتقدا أنها حجة منها لإبعاد بدر عن زوجته.
في هذا الوقت بالتحديد ، بدأت أجراس الإنذار تدق جدران عقله ، بل أنها نيران الغيرة مستعرة بداخله.
جز على أسنانه ، ووبخها بعنف : حياة .. اعقلي ايه الهبل اللي بتقوليه دا !! انتي اجننتي يلا اتفضلي معايا..
أنهى كلامه ممسكًا بذراعها يأسره بين قبضته ، محاولًا إنهاء ذلك الحوار الذي خرج عن سيطرة العقل والهدوء ، وصار مهزلة يجب عليه أن إحتوائها قبل أن تتفاقم أكثر ، ليجذبها معه بخفة لإخراجها من الغرفة ، ولكن حياة أبعدت يده عنها بقوة الدفع غير متقبلة فكرة لمسه لها ، و ذلك لاحظه حين حدجته ببغض ، وهي تصرخ محذرة إياه بغضب : اوعى سيبني .. مالكش دعوة بيا يا حضرة الظابط
استقرّت أعين حياة العسلية الثائرة في عيون أميرة الرمادية التى تقذف الصواعق من شدة الغضب بسبب تطاول الأخرى ، وكأنهم يعلنون الحرب من خلال النظرات.
قطعت أميرة التواصل البصري معها قائلة بتحدى مرتجف ، وتشير إلى الجميع : يا دكتور .. لو سمحت كفاية طلعهم كلهم برا والصبح بدري تجهز العربية اللي هتنقل بدر من هنا غصبن عن عين اي حد
فرجت حياة فمها راغبة في الصراخ في وجهها ، لكن الباب انفتح فجأة من خلفهم ، وجاءت اجابة حازمة من صوت رجولي بدلًا عنها ، مما زاد الحطب على نيران الأجواء المشحونة بالغضب في الغرفة : بدر مش هيروح اي مكان الا بعد موافقتي انا يا مرات اخويا
أنهى كلماته بصيغة المضارع لعدم وجود دليل قاطع على ما سبق أن قالته له حياة.
سألت أميرة في ارتباك منغمس بشئ من الجنون بعد أن فقدت السيطرة على نفسها تمامًا بسبب خوفها ، والصدمات التي تتلقاها واحدة تلو الأخرى دون فواصل : اخوك مين؟ لا اكيد انتو كلكم نصابين وعاملين مؤامرة علي جوزي
كادت حياة أن تسير إليها بعصبية مفرطة ، وهى تزمجر بشيء مثل إعصار الغيرة ، وقد حررت كل شياطينها التي حاولت بصعوبة حبسها : انتي لسه بتكذبي!! ماتقوليش جوزك دي والا هنتفك زي البطة البلدي في ايدي
معاذ تحدث بصوت حازم محاولا تهدئة الموقف بعد أن طوق جسد حياة بذراعيه مثل الأفعى ، ليمنعها من الانقضاض على أميرة التى انكمشت على نفسها خوفا من هجوم الآخري الشرس عليها : بس محدش يكلم كفاية .. يعني ايه اخوك يا استاذ و تطلع مين سيادتك؟!
رد عليه جاسر بنبرة واثقة وهو يمد له هويته الشخصية : انا جاسر عز الدين بدر المحامي .. اخو بدر و ليا الحق في الوصية عليه لحد ما يتعافي ودي بطاقتي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
: كفاياكي عناد يا حياة انا تعبت معاكي والله
أنهت ميساء كلامها بنبرة ملحة إلى حد ما ، بينما هزت حياة رأسها ، لتقول بإصرار : ماتتعبيش نفسك يا ميساء انا هسافر مع بدر
رفع معاذ حاجبيه مستنكرًا ما تقوله ، وهو يضغط على شفته السفلى من غل قلبه ، كأنه يفرغ الغضب بداخله نحو حياة في تلك الحركة ، وعيناه البارزة تكاد تلتهمها حية.
لم يستطع السيطرة على نفسه عند هذا الحد ، لقد جن جنونه منها ووصل للسماء.
صرخ بإنفعال دون أن يأخذ في الاعتبار مكان وقوفهم في الردهة ، بينما يرقد المرضى في الغرف بجوارهم : انتي مجنونة!! ماتظبطي ايه اللي بينك و بينه مخليكي لازقه فيه بالشكل دا؟
كان سؤاله الغاضب و كلماته الجارحة بمثابة صفعة قوية على وجه حياة جعل صبرها ينفذ ، و هتفت بغضب مشابه للبركان الكامن الذي تحررت حممه أخيرًا لتنفجر فيه : انت ماتدخلش في الموضوع من اساسو .. انت كل اللي كان همك تخلي اميرة تاخد بدر من المستشفي بأي طريقة عشان ابعد عنه .. رغم معرفتك ان في حد قاصد يقتلو وبدل ما تحميه وتشوف شغلك يا حضرت الظابط .. لا بتفكر في نفسك وبس لكن انا مش مستغربة هو دا انت معندكش دم وشكاك
شهقت ميساء ، ووضعت يديها دون وعي على فمها ، ثم هتفت في حياة بعتاب : حياة مايصحش اللي بتقوليه دا!!
لم تهتم حياة كثيرا بما قالته شقيقتها ، ورمقت معاذ مرة أخرى بنظرة نارية تليق بالقذيفة التي ألقتها عليه فى وسط حروفها : لو سمحتي يا ميساء سيبني براحتي .. انا مابقتش صغيرة ومش هسيب حد بين الحياة والموت عشان واحد اناني و همجي زيك يا معاذ فاهم .. عن اذنكم
أنهت حديثها بسرعة ، وهربت من أمام وجهه الذي لم تعد تتحمل النظر إليه خاصة في هذه اللحظة ، وأيضًا لا تنكر أنها خافت بسبب الغضب الذي كان واضحًا في نظراته النارية لها.
هتفت ميساء من ورائها بعد أن ابتعدت عنهم فى محاولة فاشلة منها حتى تجعلها تعود : يا حياة استني..
منع حازم زوجته قائلا بنبرة ذات مغزى ، وهو يحدق في معاذ ليقابله بنظرات باردة ، لكنها تفوح منها رائحة دخان نتيجة الحريق الناشب داخل ضلوعه من كلماتها القاسية له : خلاص سيبيها يا ميساء براحتها اللي جرالها من الباشا ماكنش قليل بس احنا واثقين فيها دي تربيتي
★★★
استمرت حياة في السير بالرواق الطويل بعد أن خرجت من المصعد حتى وصلت إلى فناء المستشفي الخلفى.
توقفت في مكان خافت الإضاءة لتنظيم أنفاسها ، حيث تلهث بشدة من انفعالها منذ قليل ، لكن على الرغم من ذلك ، فإنها تشعر براحة غريبة تسري بدفء في عروقها.
ظهر من العدم خلفها ، تاركًا مسافة بينهما ، مرتكزاً بنظراته على شعرها الذى يتطاير بفعل الرياح الباردة لبضع لحظات ، ثم حرك شفتيه يقول إسمها دون أن يصدر صوت.
شعرت بنبض قلبها يرتفع بلا سبب ، و أدارت رأسها تلقائيًا للخلف ، فاتسعت مقل عيناها بتفاجئ ، ونطقت بفم مبتسم ، وكأن مزاجها اعتدل بثوانٍ فور رؤيته : بدر!!
أسرت عيناه السوداوان المتلألأة كسماء مرصعة بالنجوم ، عسليتها المتوهجة مثل شروق الشمس ، لتجذبها إلى طريق مشع بالسحر.
لا تستطيع أن تفسر الشعور الذى يسيطر على حواسها ، وهو يحدق بها بنظرته العميقة ، والتي رغما عنها تخطف أنفاسها ، مما يجعلها تلهث وكأنها في سباق ماراثون.
استمرت تلك النظرات الصامتة دون محاولة منهم ، لنطق أي شيء حتى قرر بدر كسر ذلك التواصل البصري عندما تدحرجت عيناه بعيدا عنها ، قائلاً بهدوء : جاسر قاعد فوق في اوضتي قولت جيت اشوفك..
جعد بدر حاجبيه ، وأردف متسائلاً : ليه ماسمعتيش كلامه لما اقترح تاخدي اوضة المرافق تريحي فيها للصبح؟
اختفت ابتسامتها واستبدلتها بالعبوس ، وأجابت على الفور : ماعتقدش هيجيلي نوم بعد المشاكل اللي حصلت دي .. حياتك كانت هتبقي في خطر اكتر من الاول بسبب تصرفات معاذ الفظيعة
تأمل فيها بروية وتفكير يراجع ما سيقوله في ذهنه أولاً ، ثم قال بتردد : انا سمعت كلامك مع اهلك من شوية
ضيقت حياة عينيها تنظر إليه بإستغراب لحظة ، وقبل أن تبرر ما فعلته ، قال بنبرة حازمة : ماكنش يصح اللي عملتيه واللي قولتيه دا يا حياة
طرقت حياة رأسها ببراءة ، وكأنها عادت إلى الوراء سنوات عندما تخفق فى أمر ما وتحاول الدفاع عن نفسها أمام والدها ، لتقول بخفوت : طول الوقت بسمع كلام ميساء علي طول متحكمة في حياتي .. كأني ضيفة شرف و ان دي مش حياتي ومن حقي اختار المناسب ليا..
استأنف بدر حديثه ببرود متجاهل الرد على ما قالته للتو : حياة .. انتي لازم تسمعي كلامهم و تفضلي هنا
رفعت حياة عينيها ، ونظرت إليه وهي تفكر للوهلة من الزمن ، غير قادرة على استيعاب ما قاله ، لتتمتم بعدم تصديق : بتقول ايه!!
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
داخل ممر المستشفى
ظل معاذ في مكانه متصنما ، بينما تعصف الافكار المتشابكة رأسه بعد أن فرت حياة بسرعة من أمامه ، و رحيل ايضاً أخيه وزوجته.
رغب بشدة تهشيم فكها بسبب الكلمات السخيفة التي قالتها في وجهه بعيون ثابتة بتحدى وثقة كبيرة في صوتها ، وهذا جعله يفقد صوابه ، منذ متى كانت تتحلى بتلك القوة كما ظهرت عليها اليوم.
زفر الهواء بحنق ، وبأصابعه أعاد شعره إلى الخلف بغل وغيظ دفنهما في أبعد نقطة بداخله حتى يتمكن من التفكير بعقل.
قرر التريث في خطواته للأيام القادمة حتى يستعيد قبضته على اللجام بشكل صحيح للتحكم فيها كما يشاء ، لعلمه أنه إذا أطلق العنان لغضبه الجامح ، فإنه سينطحها بكل تأكيد ، لكنه لا يريد ذلك.
أغمض عينيه للحظة ، وفتحهما ، ثم اتجه إلى دورة المياه.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في فناء المستشفي
رفعت حياة عينيها ، ونظرت إليه وهي تفكر للحظة ، غير قادرة على استيعاب ما قاله ، لتتمتم بعدم تصديق : بتقول ايه!!
نظر إليها بدر بجمود تتذكره حياة جيداً ، هذا الوجه رأته من قبل ، وبالتحديد في اللحظة الأولى عندما التقيا ، ليردد صدى صوته الرجولي القاسي ، بإختصار مؤكداً على أذنها ما قاله منذ لحظات : اللي سمعتيه
شعرت حياة بنيران مشتعلة في قلبها وامتلأت عيناها بالدموع ، لتقول لا شعوريًا : لا انا مش هسيبك بعد ما لاقيتك
خفق قلبه بعنف حينما سمع تلك الكلمات البسيطة تخرج من شفتيها ، ليتمتم ، منتظرًا إجابتها بلهفة : ليه؟
رمشت حياة عدة مرات وكأنها استوعبت ما قالته بتسرع ، وأجابته بصوت خافت ، متلعثمة بحروفها : عشان .. عشان انت طلبت مساعدتي ولازم اكون قد كلمتي معاك
على الرغم من قناع البرود والجمود الذي يرتديه أمامها ، لم يكن الأمر كذلك من الداخل.
للحظة غمره الأمل ، وكاد أن ينسى اتفاقه مع نفسه ، وتمنى بأعماق روحه أن يسمع شيئًا آخر منها ، لكنه قال بثبات : جاسر معايا هو اكيد هياخد بالو عليا .. يعني وجودك مابقاش له داعي وكمان هيسبب مشاكل زي ماقولتي في اول كلامك ليكي و ليا كمان
استطاعت أن تلاحظ عينيه ، اللتين أنقشعت عنهما غيمة البرود ، لكن لم تتمكن من تفسير نظراته ، لأنه أبعدهما عنها سريعاً.
كافحت حياة لكبح دموعها المهددة بالنزول في محاولة فاشلة منها لإجبار لسانها المعقود على النطق ، لتخرج حروفها متلعثمة من الغصة المتشكلة في حلقها : يعني .. انت بتطردني .. من حياتك .. بعد ماوصلت للي كنت بتدور عليه
التفت بدر لينظر إليها ، و رأى بريق الدموع في عينيها ، ليقول بلامبالاة أزعجتها : الموضوع انتهي لحد هنا يا حياة .. خلاص انا بكرا هسافر مع جاسر وهكمل علاجي في القاهرة .. وانتي ارجعي لحياتك القديمة .. لمعاذ وابعدي خالص عن اي حاجة تخصني
أنهى بدر كلماته بصيغة آمر ، تاركًا وراءه حياة مُتصنمةً في مكانها ، والدموع تنهمر من عينيها بالألم والصدمة بينما تحدق في ظهره وهو يسير بثبات.
حينما ابتعد بدر عن مرمى بصرها ، توقف مغمضاً عينيه بقوة ، وبالكاد يحاول السيطرة على روحه ، التي تحثه على العودة إليها ، لكنه ببساطة لا يستطيع ذلك.
يريد أن يبكي ، وبداخله رغبة عارمة في ضرب شيء ما لإفراغ كل طاقته السلبية فيه ، لكنه غير قادر بتاتًا على فعل أي من تلك الأشياء ، فقد أصبح مجرد روح ضائعة بدون الحياة التي وقع لها متيمٍ اكثر من رغبته فى العودة لهذا العالم القبيح.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد فترة قصيرة من الزمن
ولجت حياة شقة أختها بعد أن فتحت لها الباب متجاهلة سيل الأسئلة التي أمطرتها بها بقلق ، وذهبت مباشرة إلى غرفتها لتضيء أضواءها.
تجولت عيناها في جميع أنحاء الغرفة ، وكان كل شيء بداخلها لا يزال كما تركته قبل مغادرتها ، وها هى عادت إليها مرة أخرى ، ولكن بمشاعر مختلفة تمامًا عن تلك التي شعرت بها أثناء مغادرتها منها.
حركت قدميها ألياً نحو السرير ، وهى تشعر بسكون تام بداخلها ، ربما مازالت تحت تأثير الصدمة ، لتجلس عليه بهدوء.
جعدت بين حاجبيها بألم حينما بدأت في خلع الحذاء ذو الكعب من قدميها ببطء ، لأنها كانت تتألم منه بشدة.
وقعت عيناها لا إرادياً على الحقيبة التي ألقتها بإهمال على الأرض ، وتذكرت ما حدث منذ أكثر من ساعة ، بالضبط عندما تركها بدر وراءه دون أن يكلف نفسه عناء سماع ردها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شبح حياتي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى