روايات

رواية شبح حياتي الفصل الرابع عشر 14 بقلم نورهان محسن

رواية شبح حياتي الفصل الرابع عشر 14 بقلم نورهان محسن

رواية شبح حياتي الجزء الرابع عشر

رواية شبح حياتي البارت الرابع عشر

شبح حياتي
شبح حياتي

رواية شبح حياتي الحلقة الرابعة عشر

ربما كانت فى العلاقة الأولى مشاعر حقيقية ، لكن مع طبيعة العلاقة والظروف المحيطة بها ، قتلت ذلك الحب ، أو ربما لم يكن حبًا على الإطلاق ، كان ظل الحب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نظرت حياة إلى بدر ، الذي كان جالسًا يستمع إلى ما يقولونه ، وعيناه متصلبتان ، محدقًا بشكل غامض في نقطة في الفراغ ، لتقول بعدها بسؤال : وهو بدر عرف ازاي الكلام دا؟
فور أن نطقت حياة بتلك الجملة ، أغمض بدر عينيه بشدة عندما هاجمت بعض المشاهد السريعة ذهنه من أحداث سابقة.
Flash Back
بدر جالسًا في مكتبه يفكر بعمق فيما قاله أخوه الصغير ، الذي يعرف جيدًا أنه لا يقول شيئًا إلا عندما يكون متأكدًا من مصداقيته ، ولكن يجب أن يتروي في تصرفاته ويبحث في الأمر بحذر و هدوء.
لم يخطر بباله سوى صديق طفولته كريم ، الذي يعمل داخل ذلك المستشفى ، من المؤكد سيساعده حتى يتوصل إلى حقيقة ما يحدث هناك.
بحث بعينيه في المكان عن هاتفه ، ليتمكن من الاتصال بكريم لكنه تذكر أنه تركه في غرفة نومه.
نظر بدر إلى الساعة الأنيقة الملفوفة حول معصمه ، وتفاجأ بفوات الأوان لإجراء المكالمات ، فمن غير المعقول أن يتصل به بعد منتصف الليل.
نهض بدر من مكانه ، ثم أطفأ أضواء غرفة المكتب قبل أن يغلق الباب خلفه ، متجهاً إلى غرفة نومه ، لكن عندما اقترب من الباب بخطوات هادئة ، وصل لمسامعه همهمات زوجته بصوت غير واضح.
قطب بدر بين حاجبيه متسائلاً مع من تتحدث في ذلك الوقت؟
دخل الغرفة مباشرة دون أن يطرق الباب.
في ذلك الوقت
أميرة تقف عند الشرفة الواسعة مرتدية طقم نوم جميل.
شاهدها بدر تضع الهاتف على أذنها ، ولكن عندما شعرت أميرة أن الباب إنفتح خلفها ، سرعان ما أنزلت الهاتف إلى جانبها.
حدق بها بدر بحاجب مرتفع ، ثم سألها بصوت هادئ : كنتي بتكلمي حد يا اميرة؟
ارتبكت أميرة عندما حدق بها بنظراته العميقة وكأنه يخترق عقلها بهم ، لكنها حاولت أن تتماسك وأجابت ببعض التوتر الذي ظهر في صوتها : ايوه حبيبي .. دي ماما كانت بتطمن علينا .. وقالتلي هترجع من السفر بعد اسبوع
تمتم بدر بلا مبالاة وهو يجلس على حافة السرير المريح ، فارجاً بين ساقيه ، وأصابعه متشابكة تحت ذقنه ، ومرفقيه يستريحان على ركبتيه : كويس
ابتسمت أميرة بارتياح عندما لم يلاحظ عليها شيئًا وبدا أنه منشغلاً بشيء ما ، فتوجهت نحوه بخطوات رشيقة ومغرية ثم جلست بجانبه ، تتحدث في دلال ، وأصابعها تتلاعب بالأزرار قميصه العلوية : حبيبي .. ممكن اطلب منك طلب صغنن قد كدهون
ابتسم بدر بلطف علي تحركاتها حين تريد منه شيئًا ، بينما كانت عيناه تتبعان شفتيها الممتلئتين باللون الوردى الرقيق ، ليقلد أسلوبها بسخرية مزيفة : من امتي وطلباتك قد كدهون يا اميرة؟
عضّت أميرة شفتيها بحرج ، وهي تلكمه بخفة في صدره ، وتقول بغضب ناعم : ببطل بواخة بقي يا بوده
قاوم بدر رغبته في الضحك عندما رأى ملامح وجهها العابسة ، ثم لف ذراعه حول خصرها قبل أن تبتعد عنه بدلع ، وقبلها برقة على وجنتها الناعمة كالحرير ، ثم سأل بابتسامة وهو يقرصهم بلطف : ايه الطلب يا روحي؟
أمسكت أميرة بذراعه ، وابتسمت بغنج ، ثم همست في أذنه بطريقة مغرية جدًا لرجولته ، جعلت قبلاته تنزلق أسفل رقبتها ، ويقبلها بقوة لطيفة : عجبني فستان اون لاين تحفة عايزاك تشتريهولي
عندما أنهت كلماتها ، التي لم يركز فيها أبدًا ، حدق في عيون أميرة الرمادية بإفتتان ، وقال بصوت منخفض رجولي : الفيزا معاكي هاتي اللي يعجبك يا حبييتي
بدأت قبلاته تزداد جموح وحرارة أنفاسه الملتهبة تلفح بشرتها ، وتجرأت يديه على لمس جسدها بحميمية فائضة ، وهنا دق جرس الإنذار في ذهن أميرة التي بدأ جسدها يذوب نتيجة ما يفعله به.
أدركت أميرة وضعهم ، والذي إذا لم تتحكم فيه الآن ، سوف تنجرف معه أكثر ، وهي لم تأخذ لهذا الأمر أي اعتبار كما تفعل في كل مرة ، وقد تكون نتائجه فيما بعد نطفة منه داخل رحمها.
ابتعدت أميرة عنه بقليل من الارتباك خوفا من اكتشاف كذبها ، وتمتمت متظاهرة بالحزن بعد أن عدلت روبها علي كتفها العاري : لا ماهو .. اصلها يعني .. فضيت
نظر بدر إليها مليًّا ، محاولًا التركيز على ما تقوله بصعوبة من فورة مشاعره الثائرة.
احتدت نظرات بدر نحوها بعد ثوانٍ ، وجعد حاجبيه بنوع من الغضب ، متسائلا بإنفعال طفيف ، وخرج صوته متحشرجا قليلا بسبب أنفاسه المتسارعة : نعم!! فضيت .. ازاي يعني؟
رمقته أميرة بنظرة محرجة للحظة قبل أن تلوح يديها في الهواء بقلة حيلة ، وتبرر بصوت خافت : كان نفسي في شوية حاجات و جبتهم .. ايه هتستخسر في مراتك حبيبتك!!
قبض بدر على كفه محاولا التغاضي عن أفعالها التي كثيرا ما تغضبه رغما عنه ، قائلا بتنهيدة خافتة : اكيد لا .. بس مش شايفة ان دا اسمه تبزير مالوش داعي!!
ابتسمت أميرة في ذهنها بشكل خبيث ، لأنها وصلت إلى ما أرادته منذ البداية كما خططت ، لتهب من مكانها فجأة ، وتصيح بإنفعال وهي تبتعد عنه عدة خطوات ، متظاهرة بالتذمر منه وهي تعقد ذراعيها على صدرها بعبوس : اوووف يا بدر .. هو كل ما اقولك حاجة يكون ردك علي بالجملة دي..
تجمد بدر للحظة من هذا التحول غير المبرر إليه ، لأنهم فقط يناقشون ، فلماذا هذا التقلب السريع الذي يلقاه منها؟
نهض بدر خلفها مباشرة بملامح مقتضبة ، حيث سئم من تكرار ذلك المشهد معها ، خاصة أنه لا يفهم سبب تقلبها المزاجي الغريب في الفترة الأخيرة.
زفر الهواء ببطء ، محاولًا تهدئة نفسه حتى يتمكن من تولي زمام الأمور معها ، ووضع كفيه على كتفيها من الخلف ، وهمس بحنان في أذنها : اميرة حبيبتي .. ليه النرفزة والعصبية اللي مالهاش داعي دي..!
اكتفت أميرة بالصمت كإجابة ، دون أن تتأثر بكلماته اللطيفة ، ثم خطت بضع خطوات أخرى إلى الأمام حتى يرفع يده عنها ، وقالت بعد لحظات قليلة بحنق ناعم دون أن تلتفت إليه : اعملك ايه يا بدر!! انت مصعب كل حاجة بينا بطريقة تخنق .. مش مكفيك اني جيت اقعد معاك في شقة باباك ومامتك زي ماكنت عايز ومشيت كلامك
سقطت يداه على جنبه ، وضاقت عينيه سخطًا على حركتها ، ثم أغمضهما مطولاً بصمت ، ليفتحهما مجددًا ، قائلاً بضيق : انتي مش شايفة انك بتكرري الجملة دي كتير برده كل ما بنتناقش مع بعض..
استدارت أميرة ، محدقة فيه بنصف عين فسرها بدر على أنها إستخفاف بما يقوله.
تجهمت ملامحه بغضب تمكن منه رغم محاربته حتى لا يتصاعد ، لكن تصرفاتها استفزازية للغاية.
فجأة مد يده على ذراعها وسحبها نحوه بخفة ، بينما أذهلتها حركته المفاجئة ، لكنه كان أسرع من ردة فعلها ، حيث صاح فيها بإنفعال بعد أن ضاق به ذرعا : انا جوزك يا أميرة .. يعني مطرح ما اكون موجود تبقي جنبي دا مش اوبشن انتي بتجامليني بيه .. وانتي عارفة اني مطلبتش منك تيجي كان ممكن تقعدي في الفيلا اللي مامتك قلبها نايت كلوب لأصحابها ومعارفها وانا مابرتحش في الجو دا .. بس انتي جيتي لما هي سافرت مش وهي موجودة لانك مابتحبيش تقعدي لوحدك .. يعني ماجتيش عشان تراضيني زي ماعايزة توصليلي دلوقتي
نظرت أميرة إليه بعد كانت عيناها محدقة في أزرار قميصه ، ثم قالت بملل يشوبه السخط : بدر انت مستحيل حاجة ترضيك ابدا .. انا غلطت لما جيت هنا عشان اصالحك وافضل معاك
أنهت أميرة كلماتها ، وسحبت ذراعها من قبضته ، وسارعت تمشي بعيدًا عنه متوجهة إلى الخزانة : بتعملي ايه؟ ورايحة علي فين الساعة دي!!
ردت عليه بإنفعال دون أن تنظر إليه : مالكش دعوة بيا يا بدر هروح في داهية
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
فى اليوم التالى
داخل مكتب بدر عز الدين الصمت هو سيد المكان
نظر إليه وهو ينفث الهواء بملل ، بينما يعبث بمفاتيح سيارته بين أصابعه ، وهو جالس أمامه لأكثر من عشر دقائق دون أن يتكلم الشخص الآخر بكلمة ، وتبدو ملامحه مقتضبة لدرجة أنه شك اذا منتبهاً لوجوده حقاً أم لا؟
حمحم بخفة ليخرجه من أفكاره بطريقة غير مباشرة ، وسأل بهدوء : مالك يا بدر مضايق كدا ليه؟
تنهد بدر بعمق بعدما انقطع حبل افكاره بصوت صديقه ، و نظر اليه قائلا بحيرة شديدة يشوبها إرهاق ذهني : مش عارف يا كريم اتعامل مع اميرة كل ما احاول اظبطلها دماغها البايظة دي بتزعل و نتخانق
اتسعت عينا كريم بدهشة متصنعة ، ثم عادت إلى طبيعتها بعد برهة ، وقهقة بخفة ليقول بعد ذلك : دي طبيعة الستات يا بدر .. بس بكلمتين حلوين وهدية تزغلل العين هتصالحك
سكت بدر لبضع ثوان ، ثم استأنف حديثه بغضب طفيف : انا تقريبا مابعملش غير كدا .. بس مفيش فايدة تتعدل يومين و ترجع لعادتها من تاني
ابتسم له كريم بهدوء ، وهو بداخله يرقص بفرح على حزن صديقه الواضح قبل أن يهتف مازحا : هدي اعصابك كدا بس واكيد هتتصالحو زي كل مرة .. روق يا أبو البدور
أومأ بدر بالإيجاب ، وطيف ابتسامة داعبت شفتيه ، فهذه عادة كريم ، الذي لا يأخذ أي شيء على محمل الجد بعكس طبع بدر ، ثم سرعان ما اختفت ابتسامته قبل أن يقول على الفور : ماشي .. انا كنت عايزك في موضوع مهم
قطب كريم بين حاجبيه ، وسأله بفضول : ايه .. خير!!
انحنى بدر إلى الأمام قليلًا بعد أن كان مستريحا بظهره على كرسي مكتبه ، قائلاً بدون مقدمات : انت تعرف ايه عن اصحاب المستشفي اللي شغال فيها؟
استنكر كريم بشدة ما قاله بدر ، وأجاب بتوجس ممتلئ بالحذر : ولا حاجة .. يعني معرفهمش شخصيا .. بس انت بتسأل ليه؟
أردف كريم بنبرة خافتة ، وهو يضيق عينيه محاولا إخفاء ارتباكه : في حاجة!!
رفع بدر إبهامه وسبابته ومسح بهما حول فمه في تفكير ، بينما نظرته ثابتة إلى الأمام ، ثم سأله بهدوء : مش ملاحظ ان عدد الوفيات فيها كتير و غريب
تصنع كريم الدهشة متفاجئًا مما يقول ، ويجيب على سؤال بدر بسؤال : غريب .. ازاي يعني!!
حدق به بدر بغرابة ، واستطرد كلماته : موت مفاجئ للمرضي ومن غير اسباب مقنعة
ازدرد كريم لعابه بعد أن هرب من النظر إليه ، ليتكلم بتبرير : لا يا بدر دي اعمار .. و وارد ان دا يحصل في اي مستشفي
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في مساء نفس اليوم
رمشت بعينها عدة مرات بعد أن عجزت عن إستيعاب كلماته ، ثم تساءلت بتعجب : يعني ايه سألك عن المستشفي!!
زفر كريم بغضب وهو يميل بمرفقه على نافذة سيارته الواقفة أمام منزله ، ويكرر ما قاله للتو : زي ماحكيتلك يا اميرة انا حاسس انه شاكك في اللي بيحصل فيها
سكتت أميرة بعض الوقت حتى فهمت الأمر ، ثم قالت بإرتياب : هو يعرف منين اللي بيجرا في المستشفي بتاعتك؟
أغمض كريم عينيه من الإرهاق الذي سيطر عليه من كثرة التفكير فيما حدث ، لكنه أردف مجدداً بنبرة قلق حيث شتم نفسه على تلك الثغرة التي أحدثها عن غير قصد ، ومن الواضح أن بسببها ستفتح عليه جبهات كثيرة : هو مايعرفش .. بس من فترة جت حالة عندنا تخص المساعد بتاعته اللي اسمه جاسر و نتيجة غباوة دكتور متدرب الواد بدل ماتتعالج رجله قلبه وقف
لا شعوريا ، وضعت يدها على فمها ، وبهتت ملامحها الفاتنة من الصدمة ، تمتمت بخوف : يا نهار اسود!!
تحدث كريم بتوتر واضح في لهجته المنفعلة : اليوم كلو مابيبطلش اسئلة عن المستشفي وحالات الموت فيها ولو الكلام كتر .. دي فيها خراب و مصيبة كبيرة علينا
سمعته أميرة بعينان جاحظتان من الصدمة ، وبقيت متصنمة في مكانها لوهلة ، والدموع متحجرة في مقل عينيها ، تأبى الإنسياب من الاضطراب المسيطر على كيانها ، ثم هتفت برعب : هنعمل ايه يا كريم!! احنا كدا ممكن نروح في داهية .. احنا والناس للي ورانا لو بدر ركز مع الموضوع دا اكتر من كدا وعرف اننا اصحاب المستشفي
شد كريم شعره إلى الوراء ، وأرجعه بإنفعال وغضب يسري في عروقه ، لم يكن يرغب في ذلك ، لكن الأمر تفاقم الآن عليه ولا شيء في يده إلا هذا الحل المؤقت ، ثم تمتم : خليني افكر كويس وبعدين هكلمك..
سحب كريم كمية كبيرة من الهواء إلى رئتيه ، والغضب ينهش صدره بعد أن كاد يصل إلى ما يريد ، و يدبر له طوال الفترة الماضية حتي يتمكن من الحصول على أميرة ، لم يصدق لسانه بينما يردف بهدوء و إستسلام للأمر الواقع : اسمعي انتي لازم ترجعيلو .. خديه و سافرو المهم تلهيه عننا لحد ما ارتب اموري فاهمة وماتخافيش انا هعرف اتصرف
همست أميرة بصوت مرتجف من الخوف بعد مسح دمعة ساخنة انزلقت لتحرق خدها الناعم : ماشي
★★★
وقف بدر متيبساً في حالة ذهول مريعة مما سمعه ، بينما كادت عينيه أن يبرزان من محجرهما من شدة الصدمة وعدم التصديق.
كان يقف خلف زجاج الشرفة الواسعة التي تطل على الصالة الفسيحة في صالة فيلا زوجته ، حيث جاء لمناقشتها والتصالح معها ، رغم أنه يشعر في كثير من الأحيان بأنها تخلق مشاكل لأسباب واهية أو تفعل ما يمقته حتى تخرجه عن طوره.
عاد مشياً إلى الخارج بخطوات سريعة مثل الركض حيث يركن سيارته ، ثم أدار المحرك ليغادر المكان بأقصى سرعة ، ونيران الغضب تنطلق من عينيه حتى أن الأوردة برقبته إنتفخت بقوة.
لا يعرف وجهته ، يشعر وكأنه قد ضل الطريق ، وعقله لا يستوعب ، ورافضًا تمامًا تصديق خيانة أقرب شخصين إليه ، صديق العمر وزوجته الحبيبة ، بالرغم من أن طبيعتها تغضبه ولا تعجبه إلا أنه يحبها ويسعى لإسعادها بكل طاقة ممكنة.
يسعى جاهداً لتصحيح عيوبها تدريجياً ، لكن ما سمعه الآن تجاوز حدود خياله.
كيف استطاعت أن تكذب عليه وتخدعه طوال هذا الوقت ، وكيف دفعها حبها للمال للمشاركة في هذه الجريمة الشنعاء؟
بينما هو رجل قانون ، ويتطلب منه واجبه المهني والأخلاقي الدفاع عن حقوق الناس وحياتهم.
كيف يمكن لزوجته أن تكون شريكة في سلب الناس حياتهم بهذه الطريقة الفظيعة وغير الإنسانية على الإطلاق؟
في اليوم التالي
اتصل بأخيه وأخبره بما سمعه ووصل إليه ، لكنه لم يذكر اسم زوجته في الأمر مؤقتًا ، وهو ناوي تركها قبل أن يرسلهما إلى السجن حتى ينال كلاهما العقوبة التي يستحقهما بحق ، لكن لابد من دراسة الموقف بتفكير و روية.
Back
عاد من الغرق في بحر ذكرياته على صوت نداء متكرر من أخيه لشخص ما.
قام بتحريك حدقتيه إلى الأمام حتى رأى امرأة سمينة إلى حد ما ، عادية الشكل ترتدي الحجاب ، ويبدو أنها في الثلاثينيات من عمرها تتجه نحوهم.
وصلت إليهم ، وقالت بابتسامة محرجة : مساء الخير .. اعذروني اتأخرت عليكو
دعاها جاسر للجلوس بلطف بإشارة من يده على أحد الكراسي.
استأنف القول بابتسامة ، وهو يشير إلى الفتاتين : خليني اعرفكو ببعض .. الانسة حياة .. و شذي خطيبتي
قالت بنبرة هادئة بعد أن جلست على كرسيها ، وحقيبة يدها في حجرها ، تعبث فيها بقليل من التوتر بسبب تحديق الفتاتين بتساؤل نحوها : اهلا بيكم
ساد الصمت فترة قبل أن يسترسل جاسر تعريفهم علي بعض : دي مدام هاجر .. بتشتغل ممرضة في مستشفي كريم زي ماحكيتلكم من شوية .. اتفضلي يا مدام هاجر احنا سامعينك
ازدردت هاجر لعابها بتوتر واضح في نبرتها المترددة عندما بدأت تسرد ما رأته : انا اتعينت في المستشفي من فترة بسيطة حوالي شهرين .. بس اللي شوفته فيها حاجة رهيبة ماقدرتش أفضل ساكتة كتير ..اخر حاجة كانت من كام يوم بس .. شوفت بعيني دكتور كريم في وضع محرج في اوضته بالمستشفي مع وحدة ست اللي صدمني اكتر اني شوفت نفس الست دي مع استاذ بدر صاحب دكتور كريم من فترة وعرفت من ممرضة زميلتي انها مراته ونفس الست دي بنت خالة دكتور كريم..
بدت الصدمة واضحة على وجوههم ، ليقول جاسر بعد صمت مريب : اميرة علي علاقة بكريم
خفضت هاجر عينيها في حرج قائلة بهدوء : دا اللي شوفته .. انا والله ماكنتش عايزة ابقي متطفلة ولا عايزة ادخل في مشاكل مش قدها عشان مستحيل حد هيصدقني
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في المساء
دخلت حياة منزل بدر الذي لم تسمع صوتًا منه منذ عدة ساعات.
زاد هذا من القلق في نفسها لدرجة أنها لم تعد قادرة على الصمت بعد الآن.
جلست بجانبه على الأريكة في لباسها الخارجي ، وعيناها تنظران إلى جانب وجهه وهو يحدق إلى الأمام مباشرة بجمود ، فهمست بتردد : ممكن تتكلم معايا .. من ساعة ما قابلنا شذي و جاسر وانت ماتكلمتش خالص
نظر بدر في عينيها ، وابتلع تلك الغصة المرّة في حلقه ، وهمس بحزن : معلش يا حياة .. حاسس اني هجنن من كتر التفكير و دماغي متلخبطة اوي .. لسه ماستوعبتش انها ماصدقت خلصت مني و راحت ترمي نفسها في حضن كريم
شدّت حياة شعرها بقهر شديد دون وعي ، وقالت بإندفاع بنبرة مرتفعة قليلاً : انا من الاول خالص وانا مش مستريحة للي اسمها اميرة دي
نظر بدر بعيداً عنها ، وأطلق زفيرًا عميقًا ، لعل أفكاره المتضاربة تخرج معه ، ثم قال بهدوء : الاكيد اني وصلت لحاجة خليتهم يحسوا انهم في خطر بسببه
تطلع إليها مجددا ، ووجدها تحدق في أصابعها وهي تضغط بشدة على شفتيها لمنع نفسها من البكاء حتى سمعته يتساءل بحيرة عارمة : بس ايه هي الحاجة دي ووصلتلها ازاي!!؟ واضح بعد ما اكتشفوا اني عرفت سرهم قتلوني…
قبل أن يتمكن من إنهاء جملته ، قاطعته قائلة بصوت منخفض ، بعد أن رفعت حدقتيها إليه بسرعة : بدر…
رن صوت الهاتف قاطعًا كلماتها.
أدارت عينيها إلى الهاتف على طاولة صغيرة بجوار الأريكة ، ثم نظرت إلى بدر وقالت بغرابة : دي اول مرة التليفون الأرضي يرن!!
رفع بدر كتفيه ، مبيناً جهله بالأمر ، قائلاً بنبرة هادئة : طب ردي
أومأت حياة بالإيجاب ، وهي تمد يدها ، والتقطت سماعة الهاتف لتجيب على الفور : الو!! ايوه .. دا بيته
اتسعت عيناها بدهشة ، وهي تستمع للطرف الآخر ، ثم قالت بذهول : بتقول ايه!!
هتفت بتساؤل ، وعينيها تبحث عن هاتفها ، ثم أمسكت به بسرعة : لحظة .. فين المستشفي دي..؟
صمتت حياة ، تستمع إليه بتركيز وتدون على الهاتف ما قاله بأصابع ترتجف ، ثم اردفت بتلعثم : تمام .. ماشي .. مع السلامة
قطب بدر جبهته ، وسألها بدهشة عندما لاحظ جمود نظرتها للأمام : حياة .. مالك متسمرة كدا ليه؟!!!
همست حياة بهدوء ، وهي تنظر إليه بعينين تتألقان من الدموع الكثيفة : بدر!!…
استفسر بدر بإلحاح ، عندما سكتت حياة ، ولم تتمكن من استكمال كلماتها : في ايه!! ومستشفي ايه اللي بيكلمو منها؟
مسحت حياة دمعة عالقة برموشها من هول المفاجأة عليها ، وتمتمت بصعوبة : دي المستشفي اللي انت راقد فيها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شبح حياتي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى