روايات

رواية شبح حياتي الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم نورهان محسن

رواية شبح حياتي الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم نورهان محسن

رواية شبح حياتي الجزء الحادي والثلاثون

رواية شبح حياتي البارت الحادي والثلاثون

شبح حياتي
شبح حياتي

رواية شبح حياتي الحلقة الحادية والثلاثون

في عقيدة الحُب انت اجمل حظ ابتُليت به.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد عدة أيام
مرت الأيام التالية تغلف قلوبهم بسعادة ، ويستمتعون بصحبة بعضهم البعض ، كما أنها تنام بين ذراعيه يوميًا ،
لا ينكر إحساسه بالعذاب من عدم اكتمال زواجهما الذى زاد من شوقه إليها أضعاف ، محاولاً أن يتحكم بأحاسيسه بأعجوبة حتى لا يشعرها بالخوف أو الرهبة من الموقف برمته ، بل يتودد إليها كثيرًا حتى يشعرها بمدى حبه لها وشغفه بها ، ويركز تفكيره على الاستمتاع معها بأسعد الأوقات دون التسرع في شيء سيحدث في المستقبل القريب جدًا.
خرجت حياة من الحمام الخارجي في جناح الفندق ، لتتفاجأ بوقوف بدر أمام الباب ، فإبتسمت بهدوء وهي ترفع يدها نحو المنشفة فوق رأسها لإخفاء توترها من نظراته الثاقبة.
تحركت بسرعة من أمامه ، وتوجهت نحو الغرفة.
وقف بدر لبضع ثوان ، وأغمض عينيه مستنشق رائحة المانجو المنعشة ، وملأ أنفه بها بالنشوة.
فتح جفنيه ببطء ودخل الغرفة ، متناسيًا تمامًا أنه كان على وشك الشجار معها منذ برهة.
شعرت حياة بالإرتباك من دخوله دون أن يطرق الباب ، رغم أنها معتادة منه علي ذلك ، لتزفر بخفة ، فلا مفر ، الآن يجب أن تعد نفسها ، لخطاب توبيخ منه على الحماقة التي فعلتها في الطابق السفلي.
لمحته حياة من جانب عينها ، وهو جالس على السرير خلفها ، بينما هى جالسة على كرسي الطاولة أمام المرأة بشعرها المبلل وتمشطه ببطء ، ممَ يثير أعصاب الآخر الذي نهض من مكانه ، وبخطى متمهلة تحركت قدميه نحوها ، مسحورًا بدون إرادة منه ، مفتونًا بتلك الجنية الفاتنة.
وقف بدر خلفها مباشرة يمسك خصلاتها بين أصابعه ، قائلا بصوت أجش : سيبيه انا هسرحه..
مال رأسه نحوها ، يستنشق رائحة شعرها بعمق ، غير قادر على الإكتفاء ، ثم أردف بالهمس بجانب أذنها : ريحته اللي تجنن دي بتاخدني للجنة
أغلقت حياة جفنيها في محاولة للسيطرة على الفراشات التي ترفرف في معدتها دون توقف ، يدغدغ مشاعرها بصوته الدافئ ، فهو غير قادر على التحكم في أفعاله ، أنها مثالاً حيًا للفتنة الممزوجة برقة تعصف كيانه بأكمله ، ببساطة لا يمكنه التحمل و الصبر بعد الآن ، هو رجل عاشق بجنون ، وهي زوجته وحلاله.
لم تستطع حياة الصمت أكثر من ذلك لتنهض من مكانها في ارتباك ، وتستدير نحوه لتنظر إلى عينيه الداكنتين التى تنعكس فيها نار الحب بداخله في عسليتها المتوهجة بقوة ، لذلك عقد حاجبيه من حركتها المفاجأة.
سرعان ما أسبلت عينيها متجنبة النظر إليه بعد تصرفها المخجل ، وهمست بتردد مختلط بالندم : بدر .. انت زعلت مني عشان الجنان اللي عملته تحت مش كدا؟
مرت لحظات من الصمت ، ثم استقام وسار نحوها ، ليقف أمامها ، ووضع أصابعه تحت ذقنها ، ورفع رأسها إليه ، ليتحدث بنبرة سعى لجعلها موزونة ، لكنها خرجت ملَتهبة بنيران شوقه : حبيبي .. الراجل اللي يزعل من حبيته انها بتغير عليه يبقي مايستاهلهاش في حياته
تنفست الصعداء بعد جملته الممزوجة بالحنان ، لذا تابعت كلامها المملوء بالذنب : انا عارفة اني افورت .. بس الله ماكنت اعرف انها عميلة في المكتب
هز بدر رأسه يوافقها الرأي ، قائلاً بهدوء : فعلا افورتي شوية .. بس انا مبسوط بغيرتك دايما ليها نمط خاص بها .. مش فاكرة الممرضة واللي عملتيه عشان مسكت ايدي
عبست ملامحها على الفور ، وتحفزت خلاياها بسبب غضبها الشديد عندما ذكرها بهذا الموقف ، لتتذمر بغيرة : ماتفكرنيش والله دمي كان محروق يومها
رفع بدر حاجبه الأيمن عبثًا ، محاولًا خنق ضحكته ، مستمتعًا بغيرتها الحمقاء ، ثم أردف : ولا لما اميرة مسكت ايدي وقالت انها مراتي كنت هتجبيها من شعرها
تحدثت حياة بعيون متوهجة ، وهي تستعرض بحركات تمثيلية بما تريد القيام به ، مستخدمة كلتا يديها لأداء حركات قتالية مضحكة : كنت ناوية انتفها زي البطة في ايدي ..
ابتسم بدر منتصرًا لنجاح كلماته في إثارة غضبها ، وجعلها تتفاعل معه بمشاكسة كالعادة ، مفضلاً تلك القطة الشرسة التى تتصرف بمنتهى العفوية ، خاصة حينما تلتهمها الغيرة وتدافع بقوة عن حبها.
ارتجفت نبرتها قليلاً بإضطراب ، ووجهها متشبع بحمرة قانية : بدر حقك عليا .. بجد ماتزعلش مني .. انا عارفة اني احرجتك جامد وانت دلوقتي بتهون عليا الموضوع عشان ماتزعلنيش .. بس انا اسفة ووعد مش هكررها تاني
ضغط على حافة شفته ، مانعًا صدور ضحكة كانت على وشك أن تفلت منه ، ممَ جعله يتساءل بجدية مستنكرًا : مش هتغيري عليا تاني
اتسعت عيناها بذهول ، ثم اشاحت ببصرها عنه ، وتمتمت بصوت خافت وهي تتلعثم في حروفها : ماقصدش كدا .. يعني .. هتحكم في غضبي .. اكتر من كدا
أنحنى بدر برأسه عليها ، مشبعًا عينيه بتفاصيلها ، ليهمس لها بابتسامة متغزلاً بها : انا ميكس الجنان والعصبية دول مجننيني
أحاط وجهها بكلتا راحتيه ، ونظر في عينيها الدامعتين ، متسائلا بقلق حنون : ليه الدموع دي يا حياتي؟
ردت حياة عليه بتلقائية بعد أن رمشت رموشها المبللة : عشان صعب اعرف اخبي غيرتي عليك بصراحة صعبة
سحبها بدر إليه من ذراعها ، وأحتضنها بين ذراعيه هامسًا بحرارة في أذنها ، وهو يمسح ظهرها برفق : ولا انا بقدر اخبيها .. انا الغيرة عليكي مطيرة عقلي
تابع حديثه بإصرار شديد حيث أبعدها قليلاً عنه ، ليرى وجهها الذي كان مصبوغاً بالكامل باللون الأحمر : بس في خيط رفيع بين الغيرة والشك طول ما احنا عارفين نوازن بينهم هتكون الغيرة دي ليها مذاق حلو
نظرت حياة إليه بحب ، واضحًا في ملامحها الباسمة ، ثم همست بنبرة مرحة ، بعد أن تمكن من ضبط مزاجها ببضع كلمات حنونة : اهي حكمتك الفصيحة دي اللي وقعتني فيك يا متر
تمتم بدر بخفوت ، مسحًا الدموع التي بللت رموشها ، ثم ربت على خدها بإبهامه : وانا حبيتك زي ما انتي بكل حاجة فيكي الوحش قبل الحلو ومضطر استحمل بقي اصلي متيم بيكي وهيمان فيكي يا مانجة قلبي
ارتجف جسدها بتأثر شديد ، حيث تدفقت كلماته الأخيرة في قوقعة اذنها مباشرة إلى قلبها ، ممَ تسبب في ظهور ابتسامة مضمومة على شفتيها ، متزامنة مع إقترابها التلقائي ، طابعة قبلة عميقة بحب على خده الشائك : بموت فيك يا بدري
كان صوتها كالسحر يداعب أذنيه ، ممَ جعله ينظر إليها مطولاً بهيام ، ليتنهد قائلا بصوت أجش ملئ بالمشاعر الجياشة الملتهبة فى صدره : وانا بعشقك يا مجننة البدر في هواكي ومابيشوفش غيرك
أنهى بدر حديثه ، وأنزل جانبًا من كتف رداء الحمام الأبيض الخاص بها ، مقبلاً برقة بشرة رقبتها الناعمة وعظمة الترقوة البازرة ، ممَ جعلها تغمض عينيها مع ارتعاش في عمودها الفقري من لمساته الرقيقة لها ، بينما قلبها ينبض بجنون ، وتلقائيًا رفعت يدها وتدثر أصابعها في شعره بخدر.
ابتلعت حياة لعابها بصعوبة ، قبل أن تخرج جسدها من ذراعيه ، وتحول رأسها إلى الجانب الآخر ، ممَ تسبب في تحرك شعرها الطويل في الهواء ، وضرب وجهه برفق.
جف حلقه عقب حركتها ، يحدق فيه بلمعان غريب أضاء بؤبؤ عينه المتوسعة ، بينما الأخرى غافلة كونها قد ألهبت مشاعره اكثر عن غير قصد ، وحفزت خلاياه على التودد إليها برغبة أكبر وأعمق.
أما بالنسبة لها ، فكادت أن تذهب إلى الخزانة بأنفاسها السريعة من حماسها المفرط ، واحمرار وجهها من الحرج لإحضار ملابسها ، لكنه لم يمنحها الفرصة ، حالما فاجأها بلف ذراعيه حول خصرها ، وجعلها تلتفت إليه ، بينما جسدها ملاصقًا فى جسده ، وقال بصوت هامس مع أنفاس ثقيلة ، متأملاً شفتيها المغريتين : رايحة فين؟
اجابته حياة بعفوية : هغير هدومي عشان ننزل نتفسح زي كل يوم
أنهت كلماتها بالتزامن مع رفع يديها ، لفك حصار ذراعيه من خصرها ليرفض تركها ، قائلاً بتنهيدة حارقة ، وهو يعض شحمة أذنها الناعمة بعد أن عانقها أكثر : مابقتش عايز
وزعت أنظارها في كل مكان ما عدا عينيه ، وزادت أنفاسها ، لتسأل بصوت خافت : ليه؟
لوى بدر فمه بإبتسامة ملتوية ، ليمرر أصابعه بسلاسة بين خصلات شعرها الطويل وهو يقول لها : عايز افضل معاكي لوحدنا بمناسبة ان الحظر اتفك
حملقت به حياة فاغرة فمها بإنشداه ، وتمتمت بصدمة : عرفت ازاي؟
جاء الجواب حالما أحنى رأسه ، وأطبق شفتيه على شفتيها المنفرجتين قليلاً ، مقبلاً إياها بشوق قوي لم يعد بإمكانه السيطرة عليه.
مبتلعًا شهقتها الخافتة من فعلته المباغتة في جوفه ، لم تمر سوى لحظات ، لتتحفز حواسها بحرارة شديدة أدت إلى إذابة الحواجز بينهما.
فصل عناقهما المحموم حتى تتمكن من التنفس ، لكنه لم يطلق سراحها بالكامل.
أبعد بدر رأسه مسافة قصيرة حتى يتمكن من الهمس لها بنبرة شغوفة ، بينما أنفاسه الساخنة تلفح بشرتها بإغواء : انا بحسبها بالدقيقة يا روح قلبي
ضمها لصدره بخبرة رجل محنك يدفعها نحو سعادة لا توصف ، بينما شفتيه تلتهم شفتيها المكتنزة ، يتذوق من فمها حلاوة الشهد ، معلنًا فقدان سيطرته على نفسه ، وهو يجذبها نحو أنهار العشق الذي أتقن فنونه ببراعة ، لتشعر بأحاسيس جارفة جعلت مشاعرها وجسدها يستجيبان معه بحب.
استسلمت حياة لتيار حبه الغامر ، غارقة في موجاته المتدفقة ، وهى تختبر معه شعورًا لم تعرف جماله من قبل ، ليحلق معها في السماء ، مستنشقًا أكسيد الحب الذي حفز حواسهم بالكامل ليصبحوا تحت سيطرة العشق العميق فقط ، ليغرقوا معًا في سعادة وردية تتحد فيها أجسادهم وتلتقي أرواحهم العاشقة ، ويصبحون كيانًا واحدًا.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
في الصباح الباكر
استيقظ بدر مرتاحًا ، والسعادة تغمر قلبه ، لكنه شعر أن جسده مقيد بشيء ما.
نظر إلى الأسفل ليرى أنها نائمة فى سكون ، ورأسها مستلق على كتفه ، وخصلات شعرها البرتقالية متدلية على وجهها وصدره ، وتطوق قدميه بإحدى قدميها متشبثة به كما لو أنه سيختفى.
ابتسم مشرقاً وجهه ، مستمتعاً بأنفاسها على رقبته ورائحتها الجميلة ، بينما ذراعه الأخر ما زال ملفوفاً حولها رافضاً تركها تبعد شبر واحد منه.
أصبحت راحة قلبه وقربها لا ينفصلان عن بعضهما البعض.
مرت عدة دقائق
حدق بدر بها وهي نائمة ، في وداعة و براءة دوماً تسحره ، ليبدأ في نثر قبلاته على وجهها ، راغبًا في إيقاظها ، لأنه إشتاقها كثيرًا ، لكنها لم تتحرك أو تشعر بذلك ، لذا بنظرة شقية أمسك خصلة من شعرها يمررها ببطء على وجهها ، مبتسمًا بخبث.
قطبت حياة حاجبيها فى إنزعاج ، و تملمت قليلاً ، تغمغم في نعاس متذمر دون أن تفتح عينيها : بس بقي يا ميجو سيبني انام
اهتز جسده بضحكة صامتة ، وفمه مفتوحًا فى ابتسامة واسعة ، على ما يبدو تظن أنها لا تزال في شقتها مع القط الخائن الذي يشاكسها دومًا في نومها.
استيقظت حياة من نومها في دهشة أثر الاهتزاز تحتها ، فتحت عينيها عسليتين ببطء ، وسقطت عيناها مباشرة على صدره العاري ، وهي تعانقه بقوة مثل الوسادة.
انفرجت شفتاه بابتسامة سعيدة مشاكسة : صباحية مباركة يا عروسة
هربت شهقة خافتة من فمها نصف المغلق ، حالما ومضت بعض اللقطات من أحداث الليلة الماضية فى عقلها وما فعلوه معًا ، لتسحب الغطاء على وجهها للاختباء منه ، أثناء همسها بسرعة : الله يبارك فيك يا حبيبي
صوته الخشن الممزوج بضحكه الرجولي جاء من فوق الغطاء : بتستخبي ليه .. لسه مكسوفة مني؟
هزت حياة رأسها نفيًا ، ولا تزال مختبئة ، لتغمغم في رفض : لا انا لسه نعسانة وعايزة اكمل نوم
تمتم بدر بإصرار قبل أن يرفع الغطاء عنها بالقوة ، ليرى وجهها أحمر بالكامل ، وعيناها مغمضتان بإحكام : كذابة وشك كلو احمر من الكسوف وانا حافظ صوتك لما بتكوني نعسانة
نهضت حياة بجذعها فى استسلام ، لتدمدم بتلعثم وخجل : دا عيبو بقي .. لما يعيش معاك شبح مراقب كل حركة بتعملها .. مش هعرف اراوغك ابدا ولا ايه؟
عادت ابتسامته الماكرة مرة أخرى تتراقص على فمه ، وهو يقبل جبهتها قائلاً بنبرة لئيمة : ماتحاوليش
تقوس فمها في تبرم ساخط ، ثم أمسكت بالبطانية مرة أخرى ، عازمة على الاختباء تحتها من أنظار هذا الرجل الجريء ، قائلة في تذمر طفولي : طب بطل رخامة و نام بقي
بعد أن أدرك حركاتها ، لف ذراعه حولها ، ومنعها من المحاولة ، وهمس بمغازلة وابتسامة لعوب : ازاي هقدر وانتي صاحية قدامي بالجمال دا
تمتمت حياة ببحة مغرية ممزوجة بالسخرية : ومن فين هيجي الجمال يا حبيبي؟
أردفت ، بدلع محبب له ، وهي تومئ برأسها ليتحرك شعرها بعفوية ، لتزيد لطافتها في عينيه الجائعة على ملامحها الرقيقة : اهو منكوشة زي الكنافة الشعر .. شوف شعري شبه سلك المواعين ازاي؟
تحرك بدر لأسفل ، واضعًا إحدى يديه على خدها ، وبالأخرى يداعب شعرها ، وينظر بحب في عينيها ، ليتمتم بنبرة عاشقة : كنافة بالمانجة .. هو في احلي واطعم من كدا .. اعمل ايه بموت فيكي وانتي كدا بتجننيني اكتر
نبرته المتغازلة والصادقة في نفس الوقت جعلتها تخجل جدًا ، لتغمغم بنوع من المشاغبة : انت بتعاكسني؟
قام بتحريك جفنيه بإيماءة خافتة ، لتظهر إبتسامة على شفتيها المضمومة.
حدق بدر طويلاً فى ابتسامتها الرقيقة ، ممَ أغراه بالعودة مرة أخرى ، لتذوق طعم الحب المشبع بالعسل من شفتيها الذي طال انتظاره ، وقد حان الوقت أن يرتشف من شهدها الرائع كيفما يشاء.
قام بفصل قبلتهم ، ممَ سمح لبعض الهواء بالدخول إليهم ، بينما ينظر لها بأنفاس متهدجة ، تتسابق مع أنفاسها السريعة لتقول بلهاث ، و بخدين يحترقان من الخجل : هو الجو حرر فجأة ليه؟
فرك بدر أنفه بخفة على أنفها ، وبصوت تغلب عليه الحيرة الماكرة ، سألها : مش عجبك الجو دا يعني!!
حدقت حياة في عينيه ، وهي تحاول أن تجمع شتات قلبها المتناثرة على يد هذا الجريء ، بدت مثل الفراولة الطازجة بعيونها الواسعة ، وخدودها المتوردتين ، وتنفسها مرتعشًا.
ابتسمت بحب جارف ، ثم مدت يدها إلى رقبته ثم ذقنه ، تمررها عليهما ببطء ، قائلة بدلال مغرى بعد أن زادت ثقتها بنفسها من كلماته الجميلة : لا خليه يفضل كدا عشان قلوبنا تدفي و نوفر تشغيل الدفاية
أزاح خصلة من شعرها عن وجهها ، ومسح على خدها بكفه ، ليهمس بحنو بالغ أمام شفتيها : ماشي .. نامي
اتسعت عيناها بصدمة ، وبرزت شفتاها لتقول بتبرم : ازاي وانت مبحلق فيا كدا مش هعرف؟
: تعالي هنا وانتي هتعرفي
أنهى بدر جملته ، تزامنًا مع جذبها بين ذراعيه مجددًا ، وقبّل جبهتها بلطف قبل أن يغرس رأسه في رقبتها ، مضيفًا بنبرته العميقة الممزوجة بالمرح ، التي تغلق عليها كل سبل التفكير أو الرفض ، لتستسلم إليه برضا : وبعد كدا يا هانم مافيش نوم الا في حضني .. مش عايز اعتراض و الا هتجبريني اعمل حاجات هموت واعملها
رفعت حياة رأسها من صدره ، لتسأله بنبرة شقية : بتتلكلك يعني
أومأ بدر لها بالإيجاب ، مع غمزة من عينه ، لتغمس وجهها في تجاويف رقبته مرة أخرى ، وتستنشق الرائحة الجذابة لجسده ، وثمة ابتسامة مرتاحة على وجوههم.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
أمضوا أوقاتًا في سعادة وحميمية كبيرة ، بالفعل كانت أيام من الجنة والراحة استمتعوا فيها بجنون عشقهما الذي ولد في ظروف غامضة مستوطنة بالحزن والمعاناة والغدر ، من يعلم فمن الممكن أن يكون الله جعله يغير مساره في يوم الحادثة ، ليحدث كل ما حدث ويلتقي بها ، حتى ينعم بحب كان مثل الماء النقي الذي غسل أعماقه من كل آلامه وآثار الخذلان الذي تعرض له من قبل المقربين منه.
دخل بدر المنزل حاملاً إياها بين يديه ، قائلاً بلطف وهو يقبلها بخدها بخفة : نورتي بيتك يا حياة قلبي
رمقته حياة بنظرة مشاكسة ، وهى مطوقة عنقه بدلال ، لتسأله بلؤم : بنورك حبيبي .. غريبة شيلتني من غير ما اتحايل عليك المرة دي
أنزلها في منتصف الصالة بابتسامة ، لتقف على قدميها دون أن يجعلها تخرج من حضنه ، حيث طوق ذراعيه حول خصرها ، ليقول بنبرة متذمرة : انا دايما شايلك في قلبي يا ناكرة زي القطط
ضحكت حياة بخفة ، متكئة على صدره ، وهمست بمرح : بموت في رومانسيتك
نظر بدر إليها بعيون متلألئة ، محدقًا في خديها الحمراوين المغريين ، و رد عليها محافظًا على ابتسامته الهادئة : وانا بموت فيكي .. ها عجبك المكان؟
تهللت أسارير وجهها بفرح ، وهتفت بسرعة وحماس : عجبني ايه !! دا تحفة الديكورات الجديدة عاملة شغل عالي بقت تاخد العقل
همس بدر مبتسم الثغر ، وهو ينظر إلى وجهها المنبهر باللوحات الجميلة ذات المعانى الراقية : مش زي ما انتي واخدة عقلي
توردت وجنتيها خجلاً ، ثم مدت يدها لتلمس خده ، متابعة بامتنان يفيض بالعشق : ربنا يخليك ليا يا احلي ما في دنيتي .. بجد تسلم دماغك العبقرية و ذوقك الحلو
حدق بدر فيها بقلب مغمور بالسرور ، وأجابها بنبرة لينة : البيت بقي احلي بوجودك فيه
جادلته حياة بعفوية : لا هو اصلا حلو و دافي يشبهك
نبس بدر بضحك ، بينما أطراف أصابعه تتلاعب بخصلات شعرها المنسدل على جانب وجهها : بجد!!
انفرجت شفتى حياة بابتسامة ساحرة ، لتكمل حديثها بنبرة ناعمة لا تخلو من شقاوة : اها هنا عرفت روحك علي طبيعتها من غير قيود .. بس بصراحة .. اول ما شوفتك حسيت انك بارد و زي الصخر كان باين عليك كدا .. ماتزعلش مني يعني و كنت محبكها جامد
تحكم بدر في ضحكته بصعوبة ، حيث تشكلت ابتسامة جذابة على شفتيه ، ليغمغم في تساءل : اها وبعدين؟
عانقت حياة خده بيديها الصغيرتين ، قائلة بنبرة خافتة ، بينما أختلطت أنفاسهما ببعض : بعديها لاقيت شخص تاني خالص رغم اللخبطة و الحيرة اللي كنت فيها اتعاملت علي طبيعتك اوي..
أدار بدر وجهه قليلاً ، ليضع قبلة على راحة يدها بلطف ، ممَ أرسل لها شعورًا محببًا بالسعادة والرضا ، وهو ينظر في عينيها بعيونه العميقة ، ليتمتم بصدق عاشق : طول ما روحي معاكي مابقتش حاسس بحيرة و المكان اللي هتعيشي معايا فيه هيكون بالنسبالي راحتي وسعادتي عشان هكون جنبك
اتسعت ابتسامتها بسرور ، محدقة به بحب ، ثم سرعان ما ألقت بذراعيها حول رقبته ، وغرست رأسها في رقبته ، لتتنهد بارتياح.
غمر يده فى شعرها من الخلف ، وقبل جانب رقبتها ، بينما يستمع إليها تهمس بكلمات نابعة من صميم قلبها : انا بحب أي مكان هنكون فيه سوا و البيت دا عزيز علي قلبي عشان هنا كانت أول معرفتنا ببعض .. وبعد سنين اتقابلنا و نفس المكان جمعنا عشان مانفترقش تاني ان شاء الله
قال بدر بصوت خافت في أذنها ، ممَ تسبب في ارتعاش جسدها ، بينما أنفاسه تضرب رقبتها بحرارة : بدوب فيكي .. تعرفي اللي يغيظ ان وسط كل الدوامة دي .. كنت طول الوقت بفكر فيكي انتي والمعجبين حوالين سيادتك وانا كوز درة واقف جنبك
أنهى كلماته الحانقة ، بينما يقضم شحمة أذنها بخفة ، لتضحك بخجل ، وهي تنظر في اتجاهه تارة وتنخفض بصرها تارة أخرى ، وتحرك أصابعها على شكل دوائر وهمية على صدره ، مرسلة موجات كهربائية لذيذة إلى جسده بسبب لمساتها العابثة : دا انت غيرتك صعبة اوي..
واصلت حياة كلماتها بصوتها العذب السحري بجوار أذنه : بس اصلا مافيش مجال للغيرة عشان انا مابحبش غيرك انت…
داخل جسده تدفق بركان من المشاعر المحمومة ، حالما سمع كلماتها الرقيقة ، فاقترب من وجهها ، لاغيًا المسافة بينهما تمامًا ، وأوقف لسانها عن الكلام ، متحدثًا معه بلغته الخاصة ، بينما يقبلها بشوق ولهفة ، لتبادله ذلك الحديث الشغوف ، وهى تطوق رقبته بقلب متيم عشقًا.
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد حوالى شهرين
فى الصباح الباكر
داخل منزل بدر عز الدين
وقف بدر في غرفة نومه أمام المرآة ، يرتدى قميصه الأنيق حتى يذهب إلى عمله ، ليسمع صوتها الناعم ببحة نعاس من خلفه ، حيث كان عطره السحري الذى ملأ الغرفة داعب أنفها ، ممَ جعلها تستيقظ من نومها : صباح الورد حبيبي
رفع بدر عينيه إلى المرآة ، ناظرًا إلى انعكاس صورتها وهي ما زالت مستلقية على السرير ، ليجيب بابتسامة خفيفة : صباح السكر يا حياتي
نظرت حياة إليه بعيون نصف مفتوحتين من أشعة الشمس التي ملأت الغرفة ، وسألت بصوت أجش يشوبه بعض الغيرة من أناقته المهلكة : انت صاحي بدري و متشيك اوي كدا علي فين العزم يا متر
ارتفع حاجبه الأيمن بتعجب ، ثم أدار رأسه إليها قائلاً بسخرية ، مشيرًا إليها بإصبعه السبابة على ساعة الحائط : نسيتي ان عندي انهاردة محكمة !! الساعة 8 ونص يا حياة بدري ايه بس؟
أنهى بدر كلماته ، والتفت إلى المرآة مرة أخرى ليعقد ربطة عنقه ، بينما شهقت حياة على الفور ، وهي ترتفع بجذعها العلوى ، لتقول في تفاجئ : كام !! يالهوي اتأخرت علي المدرسة
سألها بدر بدهشة ، حينما استلقت مرة أخرى : يا كسلانة مش هتقومي
أجابت حياة بصوت خفيض وعيناها مغمضتين : لا خلاص الطابور فاتني هاخد اليوم راحة مش قادرة اقوم
قطب بدر بين حاجبيه ، وهو يدير رأسه ، ليسأل باهتمام : مالك؟
وضعت يدها على جبينها وفركتها برفق ، بينما شعرت بوهن غريب في جسدها ، ممَ جعله يترك ما في يده ويتحرك نحوها ، بينما هى تتكلم بخفوت : مش عارفة جسمي همدان و بيوجعني شوية
جلس بدر مقابلها ، وإنحنى عليها ، ليستكشف حرارة جبهتها بشفتيه ، وهو يجعد حاجبيه ، ليستقيم قائلا بتعجب : مفيش حرارة .. من ايه الوجع دا؟
لوحت حياة بأصابعها في الهواء ، وقالت بلا مبالاة بعد أن هدأ الدوار قليلاً : مش عارفة
مد بدر يده ليلمس وجنتها الناعمة ، ثم عينيها المغلقتين وشفتيها ممتلئتان فى رقة ، ثم دفع شعرها المجعد خلف أذنها ، لتحرك وجهها نحو راحة يده ، وهي لا تزال مغمضة عينيها بخدر ، تتمتع بهذا الدفء ، فتمتم بدر بابتسامة ملتوية : يمكن من فيلم السهرة بتاع امبارح؟
شهقت حياة مصدومة ، واحمرت وجنتيها خجلا ، لتزمجر بعبوس ، وهى تلقى عليه الوسادة : بدر!!!
ضحك بدر بصوت عالٍ وهو يغمز بعينيه ، ليتمتم بمكر : حياته
زفرت حياة بحنق ، محاولة تشتيت انتباهها عن هذا الإحراج ، وتحويل مسار النقاش : هقوم احضرلك الفطار
كانت على وشك النهوض بجذعها ، متكئة على مرفقيها ، ليدفعها بدر بخفة من كتفيها حتى تستلقي مجددًا ، قائلاً بنبرة مليئة بالحنان : لا خليكي مرتاحة انا هفطر في المكتب بعد المحكمة
هبت حياة على عقبيها ، ممسكة فى ذراعيه ، تزامنًا مع شقهة مرتفعة ، لتصيح بتحفز حاد ، ليس كما لو كانت قبل بضع دقائق تشعر بالمرض : نعم!! مكتب ايه؟
أرجع بدر رأسه متفاجئاً بما فعلته ، ليغمغم في فزع : بسم الله الرحمن الرحيم .. مالك اتنفضتي كدا ليه؟
سرعان ما تداركت حياة نفسها ، ولجأت إلى الحيلة الأخرى على الفور ، بينما عبست بلطف ورفعت إصبع السبابة أمام شفتيها ، لتقول بإصرار ناعم : هتفطر هنا قبل ما تنزل..
رمش بدر عدة مرات فى تساءل جليًا على ملامح وجهه ، ثم قال بتعجب : انا عايز راحتك مش بتقولي عيانه؟
رفع يده في نهاية كلامه ، ليضعها على خدها ، ويحرك إبهامه عليه بنعومة ، لتهز رأسها بخفة ، قائلة بابتسامة جميلة مليئة بالحب : بقيت كويسة .. المهم انك تفطر من إيدي زي كل يوم
بمجرد أن أنهت كلامها ، اقترب منها ، وطبع قبلة على جبهتها ، كدليل على موافقته ، على الرغم من عدم فهمه للتقلبات المزاجية الكثيرة التى تصيبها تلك الفترة.
أغمضت حياة عينيها ، لتتنفس الصعداء ، بينما تتحدث إلى نفسها سرا : ماهو انا اكيد ما اتجننش عشان اسيبك تاكل من ايد السكرتيرة الحيزبونة اللي في المكتب..
ابتعد بدر عنها قليلا وابتسم ، ناظراً إليها بعمق ، ليقول بنبرة تفيض بالعشق : ربنا يخليكي ليا يا ارق حياة في الكون
تشكلت ابتسامة عريضة على شفتيها ، وهي ترفع ذراعيها وتلف رقبتها حول رقبته ، وتطبع قبلة صغيرة عميقة على شفتيه ممَ جعله يذوب فيها أكثر ، بينما همست بهيام بالقرب من أذنه : قلب حياة من جوا جوا .. هسيبك تكمل لبسك وترش برفانك وتسبسب في شعرك علي ما اعملك احلي فطار
اختتمت جملتها بضحكة مرحة ، وهى تقبّل خده الشائك بسرعة ، ليرفع حاجبًا من مكرها الأنثوي الذي يعجبه كثيرًا ، ويعيث الفساد في داخله ، قائلاً بازدراء كاذب : اسبسب في شعري .. قومي يا حياة قومي
وضع كلتا يديه على خصرها ، ليبعدها عن حضنه ، فإستغلت الأمر بابتسامة خبيثة على وجهها ، وهي ترفع ذراعيها غارسة أصابعها فى شعره ، لتبعثره قائلة بضحكة شقية : اه تسبسبه كدا هو
صاح بدر بسخط ، بينما يمشط شعره بأصابعه : يخربيت عقلك بهدلتيه
جلست حياة على ركبتيها أمامه ، وتجعدت ملامحها ، وانتفخ خديها بالطفولة ، لتقول بصوت شرير يكاد يكون مسموعًا : الاحسن انا ابعزق شعرك احسن ما ابعزق شعر وكرامة ناس تانية
رفع بدر حاجبيه مستنكرًا ، ولم يفهم ما قالته للحظة : بتكلمي عن ايه؟
رمقته حياة بوجه مسترخي ، وهزت كتفيها قائلة بنبرة هادئة : ماتخدش في بالك
نظر بدر إليها بأعين ضيقة ، ولعق شفته السفلى ، وثمة ابتسامة لئيمة على وجهه ، بعد أن فهم معنى حركاتها المجنونة ، ليشير بإصبعه إلى قلبها قائلاً بخبث : شامم ريحة غيرة طالعة من هنا
صاحت حياة بنبرة إجرامية حادة ، وهي تحاول قضم إصبعه : اسكت احسن ما اخلي صباعك يوحشك
جذب على الفور إصبعه لبعيد ، وتمتم بامتعاض بعدما قام ، ليرتدي سترته : شرسة و مفترية .. يلا اتأخرت .. قومي حضريلي الفطار
★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••••★•••
بعد مرور يومين
مساءًا في منزل بدر
كانت حياة جالسة في الشرفة مرتدية بيجاما باللون الزهرى ، وتمسك هاتفها تتصفحه بملل ، وتنتظر عودة زوجها من العمل.
ابتسمت بحب ، وهي تفكر في الاتصال به ، لتسمع صوته الذي تفتقده كثيرًا ، لكنها تفاجأت أن الهاتف بحاجة إلى الشحن ، وبطاريته نفدت بسبب كثرة اللعب.
زفرت الهواء من فمها في تذمر وألقته على الطاولة ، متكئة على مرفقيها ، ورفعت عينيها لتتأمل البدر في وسط السماء المظلمة.
بعد فترة ، سمعت حياة صوت فتح الباب ، على الفور أمسكت بالهاتف ووضعته في أذنها.
أما بدر ، فقد دخل المنزل متلهفًا لرؤية من سرقت قلبه وعقله ، ليمشي نحو الضوء المنبعث من الشرفة ، ونسمات الهواء المنعشة تجعل الستائر تتطاير حاجبة المنظر من الداخل ، ليتسلل فى صمت من خلف ظهرها ، لكي يفاجئها بحضوره وهو يبتسم بمحبة ، سرعان ما تحول إلى الذهول ، حينما سمعها تقول بابتسامة عبثية لم يراها : ايوه يا مروة .. اه طبعا يا حبيبتي..
ظلت صامتة لبعض الوقت ، متظاهرة أنها تستمع إلى الطرف الآخر ، ثم هتفت بغرابة مزيفة : مازن مالو!!
أحتدت ملامحه بمجرد أن سمع هذا الاسم ، وتأججت النيران فى صدره بغيرة حارقة ، وهو ينصت لبقية حديثها : معقولة !! هو قالك كدا فعلا؟
تنحنحت حياة ، وتابعت بنوع من الإحراج الزائف : سامحيني يا مروة انا مش هقدر معلش
وضعت يدها على فمها حتى لا يتضح صوتها الضاحك ، واستطردت حديثها : لا بس مش عايزة تحصل مشاكل مع بدر
سعل بدر بخفة حتى ينبهها إلى وجوده ، ليجد ظهرها يرتعش بينما تقول في عجلة ، حيث أدارت رأسها تجاهه ، مستغلة كل طاقتها للحفاظ على ثبات ملامحها المصدومة من حضوره ، حينها غلف بدر وجهه ببرود كاذب : طيب .. سلام .. سلام دلوقتي هكلمك تاني
: كنتي بتكلمي مين؟
لم تستطع قراءة ملامحه المتجهمة ، لكنها متأكدة من أنه غاضبًا ويريد أن يفتك بها بلا شك ، لتقول بصوت جاهدت ليخرج بشكل طبيعي ولا يشوبه الضحك : ايه دا !! انت جيت امتي يا حبيبي؟
أجابها بدر بإختصار مقتضب : لسه داخل .. ماردتيش علي سؤالي؟
هبطت عيناها على الهاتف ، ثم أجابت بابتسامة مرتبكة دون النظر إليه : دي وحدة صحبتي كنا بندردش سوا عادي
تدحرجت عينيها تجاهه ، وهو يسير بخطوات بطيئة جعلت خفقاتها تدوى كالطبول ، ليسأل بنبرة لاذعة : لا والله؟
حاولت البقاء ثابتة ، لكنها لم تعد قادرة على كتم ضحكتها أكثر من ذلك ، لذا انفجرت تضحك بصوت عالٍ ، وهي تصفق بيدها فى انتصار على مظهره الحانق ، خاصةً حاجبيه المتشابكين بشدة.
رفع حاجبيه مندهشًا ، قائلا في استنكار : بتضحكي علي ايه؟
أخبرته حياة بنبرة ساخرة ، مستمتعة بملامحه المنزعجة ، ثم أعطته الهاتف : خد وانت تفهم
أمسك بدر بالهاتف ، وتفاجأ عندما وجده فارغ الشحن ، فالتفت إليها متسعة عيناه بإستغراب.
ارتفع صوت ضحكها أكثر من ذي قبل ، بمرح وجنون ، وهي تمسك بطنها قائلة وهي تلهث بين شهقاتها : ياريت الفون كان شغال عشان اصورك و اوريك شكلك لما بتكون غيران بيبقي حلو ازاي؟
جز بدر على أسنانه بإغتياظ ، وأغلق عينيه ، محاولا السيطرة على أعصابه الثائرة حتى لا ينقض عليها ، ويضربها بسبب مقالبها السخيفة الحمقاء التي جعلت الدم يغلي في عروقه.
: انا مش هسيبك انهاردة يا بنت مجدي
قالها بابتسامة خبيثة على فمه أثارت شكوكها كثيرًا ، ثم اقترب منها ببطء حارق لأعصابها ، لتتراجع حتى استلقت على الأريكة ، بينما يصعد عليها ليبدأ في دغدغتها بغيظ وحنق شديد.
تصاعدت ضحكاتها الرنانة في المكان ، وصرخت تعاطفًا ، بينما تتلوى بعشوائية : بس يا بدر كفاية .. يخربيتك تعبت صوابعك بتخترق البنكرياس خلاص
بدأت تضربه بكلتا يديها على صدره ، وذراعيه لإبعاده عنها ، لكنه رفض التحرك ، بل أمسك بيديها بقبضة واحدة ، ثم وضعهما فوق رأسها ليدنو اكثر ، هامسًا بسخط جزًا على أسنانه بقوة : عشان تحرمي تعملي فيا مقالبك المجنونة دي
صرخت مستسلمة لينهض عنها ، والدموع تنهمر من زاويتين من عينيها من الضحك : خلاص والله حقك عليا
همت حياة بالتحرك ، تنوي الهروب من براثينه بمجرد ابتعاده عنها ، تلهث من الضحك ، لكنه أوقفها عندما جلس على الأريكة ، متزامنًا مع شدها إلى جانبه ، محاطًا بذراعيه جسدها و ثنى رأسه ، عاضًا على شحمة أذنها بخفة.
أغمضت حياة عينيها بألم طفيف ممَ فعله ، والذي استمر لبضع ثوان ، لترمي رأسها براحة على صدره ، وقالت ، بمجرد أن هدأت نوبة الضحك التى انخرطت بها : الحمدلله كنت خايفة اوي لا تموتني زي ناصر ما عمل فى شهد في المسلسل
زفر بدر بقوة قبل أن يزمجر بإمتعاض و بملامح غاضبة : يخربيت ام المسلسلات اللي خربت عقلك .. الله يسامحك خليتي دمي يتحرق يا شيخة
وضعت رأسها على رقبته وأغمضت عينيها ، وتركت رائحته الرجولية تتخلل أنفها ، ثم همست بنبرة ناعمة جعلت غضبه يتلاشى : وحشتني اوي يا بدورتي .. الشغل واخدك مني قولت اشطشطك شوية صغننه بس
شد تطويق ذراعيه حول جذعها العلوي ، وقال بصدق بعد أن تنهد بعمق : انتي كمان وحشاني و عايز افضل اطول وقت معاكي .. هانت القضية اللي شغال عليها معاد جلستها بعد كام يوم و بعدها هزهقك مني
تمتمت حياة بشقاوة ، مشوبة بغيرة طفيفة : هنشوف مين هيزهق من التاني يا متر يا اللي قضاياك مابتخلصش
ابتسم بدر حتى حملت لهجته تلك الابتسامة ، وهو يضع رأسه على شعرها : غلباوية بتنقي علي جوزك
ازدردت حياة لعابها ، وتلفظت بصوت خافت : بالمناسبة مروة كلمتني فعلا الصبح
لوى فمه بابتسامة متهكمة ، وسأل على مضض : خير عايزة ايه؟
تنهدت حياة ثم قالت بهدوء دون أن تنظر إليه : كانت بتكلمني علي مازن
ضاقت عيناه فى الانزعاج ، وراح يزمجر محذرًا : حياة!!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية شبح حياتي)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى