رواية سيف الفصل السادس 6 بقلم مريم محمود
رواية سيف الجزء السادس
رواية سيف البارت السادس
رواية سيف الحلقة السادسة
قعدت أفكر كتير لحد ما قاطع تفكيري صوت جه من ورايا، صوت مألوف ليا وكأني سمعته قبل كده، بصيت ورايا وكان البواب، رجع كرر جملته
– كُنت متأكد إنك بنتهم، مستحيل يبقى مجرد شبه بس.
قومت وأنا ببصله بعدم فهم، ضحك ببساطه ووضح كلامه – من أول يوم جيتوا فيه وأنا كُنت شاكك إنك تقربي حاجه لمريم، الشبه اللي بينك وبينها مش طبيعي وخصوصًا إني كُنت عارف إن مريم قبل ما تموت كانت حامل، ولما حازم بيه والمدام جم سألوني عليهم أتأكد.
– هما قالولك إني أبقى بنتهم؟
– محدش قال حاجه يا بنتي، بس أنا عرفت من اسم حازم بيه إنه يبقى قريب الست مريم، ولما جه اليوم اللي كلهم نزلوا فيه قُلت لنفسي أطلع أحكيلك الحكاية كلها لأن كان باين عليكِ متعرفيش حاجه، وأتفاجأت بيكِ واقفة قدام الشقة بتسألي عليها وساعتها حكيت ليكِ كل حاجه.
أخد شنطتي وكمل كلامه – تعالي يا بنتي أوصلك لأهلك.
اعترضت – حضرتك بتقول إيه، مينفعش، مفيش حد هيعرفني!
ضحك ببساطه – محدش هيعرفك إيه بس، إذا كان أنا لما شوفتك أول مرة قُلت إن أكيد فيه صلة قرابة بينك وبين الست مريم، مابالك بقى من الناس اللي أنتِ من دمهم مش هعرفوكِ ازاي؟
رديت بإحراج – بس أنا الفلوس اللي معايا مش هتكفي!
– فلوس إيه يا بنتي، ده لو آخر جنيه معايا مش هستخسره فيكِ، ده كفاية إن تبقي بنت الأستاذ سيف الله يرحمه، يلا عشان نمشي قدامنا مشوار طويل.
مشيت معاه وأنا جوايا طاقة غريبه قدر يدخلها جوايا، بعد ما كُنت من ثواني قاعدة بفكر هنام فين وهعيش ازاي، ربنا بعتهولي عشان يعرفني إني أتوكل بحمولي كلها عليه هو بس ومفكرش كتير في أي حاجه لأنه دايما موجود ومش بينسى عبد من عباده.
وصلنا القطر وبعد ما قعدنا في مكانا بدأ يحكيلي عن عيلتي وبعد ما كُنت خايفة من مواجهتهم بقى عندي فضول رهيب إني أشوفهم، بعد ما خلص كلامه نام على الكرسي وأنا طلعت مذكرة من الشنطة وبدأت أقرأ اللي فيها وأنا مُبتسمه، محستش بالوقت غير لما وصلنا، نزلنا من القطر وبدأنا نمشي في طريق البيت، بدأت أتوتر تلقائي وأفكر في رد فعلهم، وبعد ربع ساعة كُنا وصلنا البيت.
كان بيت كبير، حواليه أراضي زراعيه، وباين عليه من برا إنه بيت ريفي قديم، وصلنا لحد باب البيت وخبط عليه، وبعد ثواني أتفتح وظهرت من وراه ست في الأربعينات، ابتسمت بود وقالت:
– ازيك يا سليمان إيه الغيبه دي ومجبتش معاك مراتك والعيال ليه؟
– تتعوض مرة تانيه يا ست أميرة، الحاج منير موجود.
ردت وهي بتوسع لينا عشان ندخل وبتبصلي بإستفهام – آه موجود أتفضل هبلغه بوجودك.
دخلنا وبدأت أكتشف البيت من جوا، كان هادي ويشبه بيوت زمان الدافيه، حسيت بالراحه بمجرد ما دخلته، قعدنا على الكنبة وبدأت أفرك في إيدي بتوتر، شوية ولاقيت رجل كبير داخل علينا، عيونه تشبه عيون سيف، كان باين على وشه الكَبر، سلمان قام يسنده عشان يقعد، قعد على كرسي قدام الكنبه اللي قاعدين عليها، بصلي شويه كأنه بيشبه عليا ومفيش ثواني كان مفتح عينه بصدمه
– مريم!، ده ازاي؟، هي طلعت عايشة يا سلمان؟
– لأ يا حاج هي مريم فعلا، بس مش مريم اللي في دماغك، دي مريم سيف منير، حفيدك.
فضلت قاعدة مكاني متحركتش، براقب تعابير وشه، كان باين عليها الصدمه والذهول، بس مفيش ثواني لاقيته وقف وفتحلي إيده عشان أحضنه، وكأني كُنت مستنيه اللحظه دي من زمان، قومت أترميت في حضنه وقعدنا نعيط إحنا الأتنين، خرجت من حضنه ومسك وشي بإيده
– حاسس إني بمجرد ما شوفتك إن ابني رجعلي، حضنك ده داواى جراح وتعب كبير جوايا.
خرج صوتي مبحوح من كُتر العياط – إيه مخليك متأكد كده إني حفيدك بعد السنين دي كلها؟
– كفاية إن كل التعب اللي جوايا راح لما شوفتك، نفس شعوري لما كنت بشوف سيف، كان هم الدنيا كله بيروح لما بشوفه.
سلمان أتكلم – أظن كده عملت اللي عليا، أستأذنك يا حاج.
باس إيده ورجع بصلي وكمل كلامه – أنتِ دلوقتي عند أهلك اللي هيحبوكِ بجد، أطمني ومتقلقيش من حاجه، عن إذنكوا.
بعد ما مشي جدي بصلي وقال- تعالي عشان تشوفي جدتك، هتفرح أوي لما تشوفك.
حاوط كتفي بإيده، كأنه بيسند عليا، طلعنا على السلم ووصلنا قدام أوضة قديمة، فتحت الباب ودخلنا، كانت قاعدة على السرير بتقرأ في المصحف والسبحه في إيديها، جدي قعد جمبها على السرير وأنا قعدت قدامها على طرف السرير.
وقفت قراءة ورفعت رأسها تجاهي، بان على تعابير وشها الصدمه، وقبل ما جدي يكلمها ويعرفها عليا، نطقت هي:
– أنتِ بنت سيف، صح؟
حركت رأسي بمعني ” نعم ” وحضنتها، فضلت تقول كلام مش مفهوم وهي بتحضني، عدا دقايق على الوضع ده وكل واحد في حالة صدمة، حكيت ليهم كل اللي حصل، خلصت كلامي وجدي قال:
– أنا اتصدمت لما وصلي خبر موت مريم، مكنتش عارف أوصلها بعد ما نقلنا هنا، كُنت عاوزها تعيش معانا بس هي رفضت وكانت عاوزة تفضل في شقتها هي وسيف، كنا بنزورها لحد ما عمها خدها من الشقة ومعرفناش طريقهم.
جدتي أتكلمت – أنا كُنت بدعي ربنا إني أحصل ابني ومبقاش في الدنيا، بس بعد دلوقتي بعد ما شوفتك بقى نفسي أعوض كل السنين اللي أتحرمت فيها منك ومن ابني معاكِ.
بوست إيديها – ربنا يطول في عمركوا، أنا مليش غيركوا دلوقتي، هنعيش سوا وهنعوض كل حاجه فاتتنا في أيامنا الجايه، هفضل معاكوا ومش هسيبكوا أبدًا.
خلصت جملتي وحضنتها، لما بحضنها بحس بدفى غريب، كُنت بدور على الأمان بقالي سنين وملقتهوش غير هنا، في حضنهم!
قضينا ليلتنا كلها قاعدين على السرير إحنا التلاته ومش مبطلين كلام، قعدت في النص ما بينهم وقعدوا يحكولي عن حياتهم زمان، إزاي أتقابلوا، والدنيا كانت حلوة زمان، وعن فرحتهم يوم جواز سيف بمريم، وعن كسرة قلبهم يوم ما وصلهم خبر موته!
طلعت الشمس وبدأت معاها حكاية جديدة، حكاية هتمحي كل الذكريات اللي فاتت وتبدأ بذكريات جديدة، ذكريات أنا اللي هعملها، مش هسمح لحد إنه يكون سبب في أي شيء يضرني من تاني.
عدت سنة على وجودي معاهم، سنة ومحستش ولا مرة فيها إني غريبه في وسطهم، سنة وأنا بحاول أطور من نفسي ومن حياتي، سنة وعمي اللي عشت معاه عمري كله مفكرش إنه يسأل عني ولا يعرف أنا عايشه فين، سنة وأنا بدير شغل جدي وأقضي الليل مع تيته وكوباية الشاي وتبدأ تحكيلي نفس الحكايات اللي بنقولها كل مرة بس ولا مرة ملينا منها، وبدل ما كُنت بكره نفسي وبكره شخصيتي، بقيت أحب نفسي، لأني أستاهل إني أتحب.
كُنت نازلة أقعد مع تيته، بس وقفت لما شوفت صورة سيف ومريم وهي متعلقه على الحيطه، وقفت ثواني أتأملهم، جت نسمة هوا لطيفة طيرت شعري معاها، غمضت عيني وأنا حاسه بوجودهم حواليا، شامه ريحة البرفيوم بتاع سيف، فتحت عيني وقربت من الصورة وأنا بحرك إيدي عليها
– كُنت بمتنى حياة غير اللي عيشتها، كُنت بتمنى إني أكون وسطكوا وتكونوا موجودين، كان نفسي أجرب شعور إني يبقى عندي أم من وأنا صغيرة وتنزل تجبلي هدومي وتاخدني في حضنها، كان نفسي تبقى موجود ولجألك في مشاكلي عشان نحلها سوا وفحزني عشان تخفف عني.
مسحت دمعة نزلت من عيني وكملت – بس لولاكوا أنا كان زماني في نفس حياتي القديمة، لولا ظهركوا في حياتي كان زماني لسه بخدم مرات عمي وبلبس لبس ميار القديم، أنتوا غيرتوا حياتي حتى وأنتوا مش موجودين فيها!
أتنهدت وكملت كلامي – بس أوعدكم إني هغير من نفسي أكتر أنا هفضل أطور من نفسي لحد ما يجي اليوم اللي أحس فيه إنكم فخورين بيا، بس أنا حاسه أنكوا حواليا، حاسه بفرحتكوا بيا وأنا بنجح في حياتي، حاسه بدعمكوا وأنتوا مش موجودين..
سمعت تيته بتنده عليا عشان أتأخرت عليها، بصيت على الصورة نظرة أخيرة وابتسمت برضا – عوض ربنا جميل، وأنا ربنا عوضني بحياة جديدة، حياة أستاهلها وتستاهل قلبي، وعوضني بناس بيقدمولي الحنيه من غير مقابل، بتمنى يفضلوا موجودين وتفضل حنيتهم موجوده.
تمت.
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية سيف)