رواية سند الكبير الفصل السادس 6 بقلم شيماء سعيد
رواية سند الكبير الجزء السادس
رواية سند الكبير البارت السادس
رواية سند الكبير الحلقة السادسة
تملكته الصدمة لعدة لحظات مع رؤيته لخطيب شقيقته الهارب بليلة الزفاف زوج وعد، ترك المخزن مشيراً للغفير بغلق الباب صاعدا إليها و الدماء تغلي برأسه..
فتح باب غرفتها لتقوم من فراشها برعب تحاول ستر جسدها التي تظهر بعضه ملابسها البيتية المكونة من فستان نوم يصل إلى بعد ركبتها و بدون أكمام، رفعت الغطاء عليها قائلة بذهول :
_ إيه قلة الأدب دي إزاي تدخل كدة هي وكالة من غير بواب…
عقله بعيدا كل البعد عن تفكيرها الأحمق هو لا يرى جسدها من الأساس أو يركز به، واقف عند نقطة واحدة أهي هربت بليلة زفاف شقيقته مع زوجها؟!.. هل هي حقيرة لتلك الدرجة دون أن يأخذ حذره منها،أغلق الباب بساقه و عيناه تضرب عينيها مثل الرصاص، جذبها من مقدمة ملابسها لتقف أمامه ثم قال :
_ جوزك ده اتعرفتي عليه امتا و إزاي، انطقي…
لم تفهم نبرة صوته و لا حتى نظرة الاتهام الواضحة بعينيه، ابتلعت لعابها بخوف قائلة :
_ ووو… و أنت مالك بج….
قاطعها بكفه الذي ضرب به فمها بخفة ، لا يوجد أي وقت للعناد و المناقشة قلبه يحترق و كل ما يريده الآن الارتياح، تحسن صورتها أمامه بأي كلمة و هو سيصدقها، لمعت عينيه بالشر قائلا من بين أسنانه :
_ بلاش لف و دوران كتير، الزفت اللي تحت ده أول مرة شوفتيه كانت امتا و فين، و إياكي تكذبي سامعة إياكي…
عضت على شفتيها بوجع خفيف، يستحيل أن تقول الحقيقة، تعبيرات وجهها درسها بشكل دقيق، متوترة، خائفة، تحاول الهروب، تفكر بكذبة تخرج بها من الموقف رغم تحذيره لها بعدم الكذب، صمت مريب ينتظرها و هي لا تجد إجابة إلا أن صريخه بها أفاقها :
_ ووووعد…
نطقه لاسمها بتلك النبرة و النظرة بها تحذير واضح، أزالت يده من على فمها ثم أردفت بنبرة متهدجة و أنفاس متسارعة :
_ دي حاجة خاصة أنت دخلك فيها إيه، عايز تلعب و تضيع وقت في قصة حياتي و اتعرفت على جوزي إزاي عشان بس يفضل محبوس عندك، قولتلك قبل كدة خليني أمشي أنا و هو من هنا من غير غدر…
من منهما الذي يريد اللعب هو أم هي التي تلعب ببراعة؟!.. ابتعد عنها مبتسما نصف إبتسامة حكمت على نفسها بالإعدام و خسرت جزء كبير من قلبه، أغلق باب الغرفة بالمفتاح من الداخل ثم اتجه إلى المرحاض ليقف مع حديثها الغاضب :
_ أنت بتعمل ايه و رايح فين بالظبط…
أجابها بسخرية :
_ سلامة النظر، عندك ضعف فيه و الا ايه، زي ما أنت شايفة داخل حمام اوضتي عشان أستحمى قبل ما أنام…
صرخت به بجنون يفقدها دائماً صوابها و يأخذها إلى طريق مغلق :
_ لا دي شكلها هبت منك على الآخر، عايز تنام في اوضة نوم واحدة مع ست متجوزة راجل تاني…
وضع المنشفة على عنقه من الخلف قائلا ببراءة لا تليق أبداً به أو بما يرتبه لها :
_ اثبتي إنك متجوزة من راجل تاني و هاتي قسيمة جوازك و بطاقة جوزك وقتها بس هتبقي مرات راجل تاني غير كدة أنتي ملك سند الكبير يا وعد…
قسيمة زواج؟!… بطاقة زوجها؟!… توقف عقلها عن التفكير للحظات أو ربما لدقائق أو ساعات، بكلمات بسيطة أدخلها بدوامة ليس لها نهاية لم تشعر بنفسها إلا و هو يضرب خدها بهدوء مردفا :
_ إيه روحتي فين يلا زي الشاطرة تاخدي مخدة و الغطا اللي مكفنة نفسك بيه ده و على الأرض أو الكنبة اختاري…
_____________
قامت من حضن جدتها النائمة بجوارها، تريد الذهاب إلى ذلك الغريب الذي كان يبحث معها عن عروستها، سعدت كثيرا باللعب معه أخذت تتحرك على أطراف اصابعها حتى لا يشعر بها من بالمنزل…
دارت حول نفسها بخوف يا ليتها تعود إلى غرفتها و تلعب معه بالصباح، جزت على أسنانها بطفولية و غيظ فهو غير موجود ببيته، أين هو و كيف تصل إليه الآن؟!.. رأت الغفير يقترب منها بتوتر قائلا :
_ ست الناس تؤمري بحاجة؟!…
أومأت إليه بحزن قائلة :
_ فين اللي كان هنا الصبح أنا عايزة أشوفه؟!…
بلهفة أشار لها الغفير عن مكان وجوده مردفا :
_ اتفضلي يا ست الناس هو جوا هنا تعالي معايا…
ذهبت خلفه بحماس لرؤيتها إليه من جديد دلفت لتجده جالس على الأرض مغلق العينين، عقدت حاجبها بتعجب مردفة و هي تقترب من محل جلوسه لتجلس بجواره :
_ أنت نمت من قبل ما ندور على العروسة قوم بقى عشان أقولك أنا لقيتها فين…
فتح عينيه مبتسما تلك الفتاة لغز عجيب إلا أنه مستمتع بالعودة إلى سنوات من الطفولة معها، طفل صغير يبحث عن لعبته و هذه أكبر مشاكله يا الله لا يوجد أجمل من ذلك، اعتدل بجلسته حتى يكون مقابلا لها ثم قال بحماس :
_ لقيتي العروسة يا أستاذة همت…
حدقت به بغيظ قائلة :
_ إيه أستاذة دي بتتريق عليا عشان أنا مش بحب المذاكرة…
حرك رأسه بسرعة نافيا لا يريد اغضابها، فقط يود قضاء أكبر وقت ممكن معها، أجابها :
_ لأ مش بتريق عليكي قوليلي الأول لقيتي العروسة فين و بعدين ابقي قوليلي مش عايزة تذاكري ليه ماشي…
أومأت إليه و بدأت في الحديث معه بعفوية، تتعامل كأنها تعرفه من سنوات رغم خوفها من الجميع حتى أقرب الأقربين، تخشى التعامل مع أي شخص بالمنزل بخلاف سندها و جدتها و هذا الغفير الذي كان يتحدث معها فهو بداخل منزلهم من سنوات…
ضحكت بمرح متحدثة :
_ العروسة مكنتش ضايعة أنا بس نسيت إن أبيه سند أخدها يعالج عينيها و دلوقتي جابها من عند الدكتور…
رد عليها باهتمام شديد :
_ طيب و المذاكرة اللي عليكي بقى يا شاطرة مش بتذاكري ليه؟!..
مدت شفتيها إلى الأمام بحزن :
_ الكلام صعب عليا أنا مش بحب الحاجات دي بس أبيه سند مصمم و كمان الميسات كلهم وحشين و مش بيحبوا همت أبداً أبداً…
من ذلك الأحمق الذي لا يحبها و هي قابلة للأكل بمظهرها و بساطتها تلك، نهر نفسه بشدة أهو ينظر إلى فتاة مريضة ببراءة طفلة لا تعي أي شيء عن أفكاره القذرة، انتبه إلى حركة كفها أمام وجهه بغضب :
_ روحت فين مش بترد ليه، بتنام و أنت قاعد و الا ايه؟!…
ابتسم إليها ثم قال بلا وعي :
_ ايه رأيك لو أذاكر ليكي أنا بدل المدرسين..
_ بجد طبعاً موافقة…
__________
في الثانية بعد منتصف الليل…
جسدها يطلب النجدة من شدة الألم الذي يأكلها، الأرض كسرت عظمها اعتدلت بجلستها، شهقت من الاعتدال فجأة، أخذت تلعنه من بين أسنانها و تلعن اليوم الأسود الذي رأته به، وضعت كفها على رقبتها و ظهرها هامسة بغل :
_ الله ياخدك يا بعيد مش عارفة أتحرك… أقوم إزاي أنا بس..
قامت مثل شخص قائم من حادث سير تنظر للفراش الذي ينام عليه الآخر بسلام، لم تشعر بنفسها إلا و هي تأخذ الوسادة من على الأرض و تلقى بها على وجهه بغضب قائلة :
_ معدوم الرجولة بقى نايم مرتاح كأنها اوضتك و سيبني كدة على الأرض، و معدوم الدين كمان مخمود معايا في نفس الأوضة يا واطي…
_ خلصتي قلة أدب و الا لسة؟!…
اتسعت عيناه من استيقاظه و سماعه لها مع إن صوتها منخفض، أخذ الوسادة من على وجهه ثم ألقاها بكل سهولة على هدفه المحدد لتستقر على وجهها.. صرخت بوجع قوي قائلة :
_ ايه يا جدع أنت فاكر نفسك بتهزر مع غفير من بتوعك، وشي وجعني…
أجابها بسخرية و هو مازال متسطح :
_ مهو أنا مش عايزها بس توجعك عايزها تكسر رقبتك بس أوعي تخافي هجبسك… عند الدكتور فتحي في الزريبة تحت…
لماذا لم تنقض عليه و تنزل بكفها الرقيق على وجهه لتريح قلبها؟!.. بالحقيقة لا تعلم… لا هي تعلم خائفة من جبروت هذا الرجل، رفعت رأسها بشموخ مردفة التشهد قبل أن تجيبه :
_ و أنت بقى يا سند بيه فاكر إن أي دكتور ينفع معاك ينفع معايا؟!..
هبت بعدها عاصفة لتغلق عينيها بقوة منتظرة الضربة من أي مكان بلا سابق إنذار، طال انتظارها و لم تشعر بشيء، فقط تسمع تكسير أشياء من حولها، فتحت عين ترى بها ما يحدث و الأخرى مغلقة بأمان، لتجده كسر الطاولة الموضوعة بجانب الفراش، عادت إلى إغلاق الاثنتين مرة أخرى…
حاول بقدر المستطاع السيطرة على رد فعله، رغم أنه مستمتعا بها إلا أنها تخطت جميع الحدود، ضرب الطاولة ضربة واحدة ليريح أعصابه المشدودة قليلا، بالنهاية لم يتحمل يريد التهام تلك الفتاة ليتخلص منها…
قام من على الفراش بخطوات سريعة قبل أن يجذب الغطاء الموضوع بأحضانها إليه لتأتي مع الغطاء بشكل لا إرادي، ابتسم رغما عنه مع مظهرها الطفولي الرائع قائلا بهدوء :
_ اتعلمي لما تكوني مش اد الكلمة إياكي تخليها تخرج من بين شفايفك لأنها هتكون خلاص اتحسبت عليكي و لازم تتحملي رد الفعل… افتحي عينيك…
هزت رأسها برفض ليهمس لها بخبث ذكوري واضح من اللهجة و التلاعب بالكلمات :
_ شكلك كدة بيقول حاجات مش كويسة، أنتي صاحية في نص الليل و عملتي كل ده ليه يا وعد، مش أنا قولتلك قبل كدة يا روحي ماليش في الحرام…
نجح بمهارة بإثارة غضبها، فتحت عينيها قائلة بنبرة غاضبة :
_ أنت تقصد ايه؟ إحترم نفسك، أنا صحيت من وجع ضهري و جسمي مش أكتر و لما لقيتك نايم مرتاح قولت اديك بحاجة على دماغك عشان أقلق منامك زيي، أوعى دماغك تروح لتفكيرك القذر زيك ده…
ضم شفتيها على بعضهما بكفه قائلا بغيظ :
_ أنتي عارفة لو تبقى خرسة يا بت هتعيشي حياتك بسلام رهيب.. يلا غوري اتخمدي مش عايز أسمع عليكي نفس تاني… عدي ليلتك اللي شبه الكفن اللي لافة نفسك بيه ده…
_ و لو قولت مش هتنام معايا في اوضة واحدة لو مش خايف مني أو من الراجل الغلبان اللي مستقوي عليه و حابسه تحت ده… و محلل لنفسك تنام مع مراته في اوضة واحدة، خاف من ربنا و الا مش خايف منه تبقى مصيبة….
أصابته بمكان قاتل بكل براعة، ضغط على كفه بقوة عجز عن إصدار أي ردة فعل، أخذ ينظر إليها لبضع ثواني لترد إليه النظرة بأخرى متحدية، تغيرت معالم وجهه بشكل كامل و ارتفعت دقات قلبه بعنف، ابتعد عنها سريعا متجها لباب الغرفة قبل أن يردف بقوة :
_ خدي بالك المهزلة دي مش هتفضل كتير، أنا صابر بمزاجي يا دكتورة و الغلبان اللي تحت ده لسة حسابك عليه مجاش و لو طلع اللي في بالي صح هخرج بروحك، اتخمدي…
_______________
بعد مرور ساعة أخرى…
ارتدت ملابس الخروج خاصتها تاركة كل ما يخصها هنا حتى ملابسها لا تريدها ، فقط ستأخذ محمد و تعود إلى الإسكندرية من جديد..
نزلت إلى الحديقة لتجد الغفير يجلس بمكانه مثل العادة، أخفت نفسها خلف الجدران منتظرة معجزة من السماء تجعله يقوم من هنا، مرت ساعة أخرى و بدأ أذان الفجر ينتشر بالكفر، أخذت نفس مرتاح مع قيام الغفير للصلاة…
ذهبت سريعا لتلك الغرفة التي رأت سند يعذب بها أحد الرجال من قبل لتجد بابها شبه مفتوح تعجب بالبداية إلا أنه لا يوجد أي وقت للتفكير، دلفت لتجد محمد نايم براحة شديد عضت على شفتيها بغضب و هي تضربه بصدره هامسة من بين أسنانها :
_ قوم يا موكوس، ليك قلب تنام و أنت مخطوف كأنك نايم في بيت أبوك…
استيقظ الآخر بفزع من حركتها تلك وجدها أمامه ليقول بعدم فهم :
_ وعد أنتي بتعملي ايه هنا، لو الكبير شافك هيطلع بروحي و روحك..
ضربته من جديد قائلة :
_ الله يكسفك يا شيخ فين رجولتك و أنت خايف منه كدة، بقى ده كلامك ليا زمان أنا سندك و ضهرك و محدش هيقدر يقرب منك…
_ هو ده وقت حساب يا وعد أنا متنيل على عيني مربوط هعملك إيه ده أنا مش قادر أدافع عن نفسي أنتي قولتي إنه مفتري بس مقولتيش إنه لما بيجوع بيأكل فخد بني آدم….
أغلقت عينيها لعدة ثواني فهذا الرجل لا يوجد به أي فائدة ثم فتحتها مرة أخرى مردفة بنفاذ صبر :
_ طيب يلا يا سبعي نهرب قبل ما الغفير و سي سند ما ييجوا من صلاة الفجر، خليني أنقذك و أنقذ نفسي…
أجابها بضيق :
_ نمشي ليه بس يا وعد أنا لقيت شغل كويس هنا هدي همت دروس…
صرخت فجأة بغل :
_ محمد أنا مش بهزر سند ممكن يقتلك قوم بقى….
_ جوزك بنفسه مش عايز يمشي يا دكتورة.. القعدة هنا جات على مزاجه….
____________
يتبع…..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية سند الكبير)