رواية سند الكبير الفصل الثاني عشر 12 بقلم شيماء سعيد
رواية سند الكبير الجزء الثاني عشر
رواية سند الكبير البارت الثاني عشر
رواية سند الكبير الحلقة الثانية عشر
لحظات أو ربما سنوات من الصمت مرت عليها، تحاول أن تقنع قلبها الصغير أن يتحمل أثر تلك الجملة التي لم تتخيل أن تسمعها بيوم، لمعت عينيها ببريق من اللهفة للتأكد من ما وصل إلى اذنيها، بلعت لعوبها ثم ابتعدت عنه خطوة واحدة لتعطي لنفسها مساحة لترى نظرة عيناه بعدما قالها..
صمت هو الأخر وعينه عليها أعطي لها تلك الكلمة التي كانت تلوع كل جزء به حتى تسمعها، ليكون صادق مع نفسه مل من لعبة البعد التي تلعبها معه تحت مسمى عناد حواء..
انطفت فرحتها فجأة من نظرته الباردة تعلم نظرة الحب جيدا و ما ترا الآن ما هو إلا مجرد تمثيل، أردفت بشك تتمنى لو يخيب ظنها :
_ بتحبني يا سند صح؟!..
إذا كان هذا طريق الوصال بينهما فحسنا سيقولها مرة أخرى، جاء ليفتح فمه لتضع كفها على فمه تمنع بهمس مقهور.
: بلاش أرجوك بلاش مش عايزة أسمعها منك تاني وخصوصا بالنظرة دي..
رفع حاجبه بضجر من تصرفاتها الطفولية الحمقاء التي تثبت له يوم بعد يوم طول المسافات بينهما، أبتعد عنها صارخا فجأة :
_ أنتِ عايزة توصلي لأيه بالظبط؟!.. مبسوطة باللعبة المستفزة إللي مش عايزة تطلعي منها دي، مش عايزة تسمعي ايه مش دي اللي بتبعدي عشان أقولها، انطقي..
صرخ بصوت قوى بأخر الجملة لينتفض جسدها الصغير وقدميها تسوقها للفرار من أي مكان موجود به، حركت رأسها عدة مرات هامسة :
_ ممكن اللسان يكذب عادي لكن العيون لأ، عينك باردة يا سند مفيش فيها دفئ الحب اللي بدور عليه، مين فينا دلوقتي اللي بيحاول بمشاعر التاني رد أنت..
ضرب كل ما يقع عليه عيناه بساقه، هذه الفتاة تقوده للجنون، سحبها من ذراعها إليه مرددا بنبرة نارية :
_ أنتِ عايزة إيه بالظبط؟!..
من أين أتت لها القوة لا تعلم، بعدت يده عنها ثم جلست على الفراش قائلة ببعض التقطع :
_ عايز تتجوزني صح يا كبير؟!..
أوما إليها قائلا:
_ طالب الحلال واظن مفيش حاجة غلط يا دكتورة..
ابتسمت إبتسامة كبيرة ساخرة ثم أردفت ونظرها معلق بنقطة غير محددة داخل الخيمة :
_ وبعد الحلال هيبقى مصيري إيه؟!..
ضيق بين حاجبيه قائلا بعدم تقبل لما يرمي إليه حديثها :
_ مصيرك؟!.. ماله مصيرك يا دكتورة هتبقى مرات سند الكبير شايفة إن ده هيبقى حاجة قليلة؟!…
قامت من مكانها ثم وقفت أمامه ولأول مرة يشعر بالتوتر من إمرآة ومن نظراتها التقييمية له، بلت شفتيها بطرف لسانها لتعطي لنفسها القليل من الدعم ثم أردفت:
_ والمدة قد إيه بقى يا ترا؟!…
صرخ بها :
_ مدة ايه بلاش تخرجي جناني عليكي؟!.
ردت عليه ببرود تحلت بها لتبقى على قوتها:
_ واحد زيك كان متجوز خمسة وأنا رقم ستة فأكيد ليا مدة مع الكبير لحد ما يزهق ويقولي مع السلامة زي الباقي، السؤال هنا بقى مدتي قد ايه؟!…
جذبها إليه عنادها هذا يزيد من اصرار عقله على قربها مهما كلفه الأمر، ثم همس بنبرة ناعمة :
_ مفيش مدة أنتِ هتبقى الأخيرة عايز منك عيالي يا وعد، يمكن مش بعرف أقول كلام حلو ويمكن كمان عصبي معظم الوقت، بس عايزك وعايز أحس معاكي بحاجات كتيرة ريحتك لوحدها قادرة تخليني ليكي الباقي من عمري، قولي موافقة يا وعد لأني مش هقبل بالرفض..
عادت للصمت من جديد لعدة لحظات قبل أن تأخذ نفس عميق تبث به الأمان لقلبها المتعلق بما يقف أمامها بكل قوته، الآن فقط تأكدت أنها تقف على حافة الهوية ثم قالت.
: موافقة اتجوزك يا سند…
______شيماء سعيد ______
بمكان لأ يوجد به إلا حبات الرمال الصفراء وقفت سيارة حمد وبجواره همت التي تحلت بلغة العظماء حتى تصل معه للنهاية، هبط من السيارة ثم ذهب إلى بابها وقام بفتحه قائلا بتوتر :
_ أنزلي يا همت أكيد في كلام بنا لأزم يتقال بعيد عن الناس..
بالفعل هبطت وبدون اعطاء أدنى إهتمام له جلست على أول صخرة قابلتها، ابتلع ريقه فهو يعلم شخصيتها جيدا قبل ما حدث، تتحلى بالبرود عندما يكون بداخلها بركان سينفجر مع أول ضغطة بسيطة، جلس على الصخرة المقابلة لها ثم قال :
_ مكنش بأيدي البعد ده قدر من عند ربنا، أول حاجة عملتها لما رجعت ليا الذاكرة إني كنت عايز أخدك في حضني..
قطعت حديثه باشارة من كفها مردفة :
_ وكنت وخدني بيت عيلتك زي ما بتقول ليه يا حمد؟!.
زاد توتره أضعاف يحبها رغم كل ما يحاول فعله مع سند، حرك راسه قائلا :
_ قولتك كنت محتاج أخدك في حضني مش أكتر، سند أخوكي كان عارف أنا مين من أول مرة شافني ومع ذلك فضل يلعب بيها، حتى لما روحت له وطلبت منه يقولي مين حمد وليه انا حاسس بحاجات غريبة نحيتك رفض يتكلم…
تنهدت وشريط حياتها يسير أمامها مثل إحدى الأفلام السنيمائية التي تأخذ لقب فيلم رعب عن جدارة، أشارت إليه ليقترب جلس بجوارها على الرمال لتأخذ كفه وتفتحه ثم رددت :
_ الكل كان بيقول عليا شاطرة في قراية الكف، وبرغم إن كفك قال كلام كتير لسانك مش عايز يقوله إلا أني صدقتك يا حمد تعرف ليه؟!…
تاه داخل مقلتها الساحرة لينسي من هو واين هو، همس بفيض من المشاعر دلفت مثل السهم بقلبها، بالفعل ما يخرج من القلب لا يدلف الا إليه :
_ ليه يا قلب حمد؟!..
غرفت هي بتلك الكلمة التي كانت تأخذها لعالم وردي بعيدا عن أي شيء، ثم ردت عليه :
_ عشان حبيتك ومراية الحب دايماً بتكون عامية، هعتبر فعلاً إنك كنت عايز بس تاخدي في حضنك، يعني أخدت واحدة فاقدة الأهلية في مكان فاضي عشان بس تأخد حضن صح؟!..
قام من مكانه فجأة بغضب حتى ينهي تلك المناقشة التي سوف تأخذه الي المجهول :
_ هو في ايه يا همت حاسس من لهجة كلامك بالشك، أنتِ عارفة كويس اوي حبي ليكي وكمان أخلاقي بتحاولي تلمحي لأيه؟!..
قامت هي الأخرى وقالت بقوة عجيبة :
_ أيوة فعلاً أنا بعرف أنت عايز تقول ايه من غير ما تنطق، زي ما أنا عارفة برضو أنك بتحاول تهرب من حاجة بصوتك العالي…
هذا فوق طاقته كل ما تعلمه وتمرن عليه يضيع أمامها في هباء الرياح، ضم كفها بحنان قائلا :
_ ليه حاسس اني مش وحشك زي ما أنا هموت عليكي؟!…
ابتسمت مردفة :
_ مهو أنت كنت جنبي من اول ما دخلت كفر الكبير بشخصية محمد، بصراحة كنت مسيو فرنساوي هايل.
ضحك على حديثها ثم تنهد بارتياح بعدما استطاع ترويض قلبها بلحظات بسيطة وبدون أدنى مجهود منه :
_ أعملك مسيو من أول وجديد أنا بحبك يا همت نفسي بقى أحقق حلمنا وتبقى معايا تحت سقف بيت واحد…
جذبته خلفها ثم صعدت هي بمكان القائد مردفة بمرح :
_ طيب اتفضل بقى عشان انا اللي هسوق، مش مطلوب منك أي حاجة غير أنك تقولي أمشي من أي طريق خلينا نرجع الكفر قبل ما ابيه سند يرجع..
توتر قائلا :
_ طيب والجواز يا همت مش كفاية بعد لحد كدة؟!..
هزت كتفها مردفة بدلال :
_ كلم ابيه سند والقرار هيبقى له ده كبيرنا كلنا، وبعدين أنت متأكد انه بيحبك بس الظروف اللي حصلت بوظت الدنيا…
جلس على المقعد بجوارها بابتسامة مصطنعة قائلا بداخله :
_ أخدك بس وحسابي هيكون طويل اوي مع الكبير مش هرتاح الا لما حبل المشنقه يتلف عليه…
_______ شيماء سعيد ______
بصباح اليوم التالي..
عند سند ووعد…
استيقظ سند على رنين هاتفه ألقى نظرة سريعة على وعد النائمة بالأرض ثم حمل هاتفه خارج الخيمة ليري رقم صديقه المقرب صالح الحداد، إبتسم بتلقائية ثم فتح المكالمة قائلا :
_ دكتور صالح بنفسه على التليفون غريبه دي..
ضحك صالح الذي كان يباشر بعض الأعمال بغرفة مكتبه بالمشفى مردفا :
_ جرا ايه يا كبير أنا عن نفسي بتصل كتير الدور والباقي عليك نسيني خالص..
رفع سند حاجبه مردفا بذكاء :
_ صوتك ماله يا صالح شكلك مش مبسوط..
تنهد الآخر بتعب يحاول أن يتغلب عليه مردفا :
_ حبيبة أختي محتاجة تبعد عن القاهرة فترة بصراحة أنا مش هأمن عليها غير عندك..
رد سند بقوة :
_ أختك أختي وكفر الكبير كله هينور بيها، بس دي متجوزة حسن وعندها منه أولاد معقول هتقدر تبعد عنهم؟!..
_ حبيبة وحسن أطلقوا ده غير أن البيه اتجوز، الاولاد هيبقوا معاها لحد بس ما ترتاح نفسينا وترجع القاهرة تاني..
حرك سند رأسه متفهما ثم أردف بهدوء :
_ ماشي يا صالح العربية هتكون عندها الصبح عشان توصلها الكفر، وبالمرة تيجي انت تحضر فرحي…
لم يتحمل صالح الخبر أكثر من ذلك وانفجر بالضحك قائلا :
_ سادس يا كبير؟!.. يا جدع أرحم نفسك شوية مش كدة خلصت على ستات البلد كأن مفيش راجل في الدنيا غيرك…
إجابه سند بغرور :
_ مهو مهما كان في رجالة مش هيبقى زي سند الكبير، بس المرة دي هتبقى الأخيرة..
قبض صالح حاجبيه مردفا :
_ على كدة بقى السنارة غمزت ووقعت في الحب؟!..
تنهد سند قائلا بهدوء :
_ لأ يا صالح مفيش حاجة إسمها كدة ده مجرد كلام فارغ بنزين بيه العلاقة بين الراجل وست عشان تبقى أشيك مش أكتر، أنا شايف فيها زوجة تملي عيني وأم لأولادي واظن مفيش راجل بيبقى محتاج أكتر من كدة.
صالح:
_ الكلام مش هينفع في التلفون بس لينا قاعدة كبيرة مع بعض..
أغلق سند الخط مع صديقه ثم عاد للخيمة ليجدها قد استيقظت و رفعت كفيها لتزيل أثر النوم من عينيها أبتسم قائلا :
_ ده ايه الجمال ده صباح الخير..
تبسمت مردفة :
_ انا عن نفسي طول عمري حلوة بس الغريب بقى ان أنت تقول كلام حلو..
سحبها لتجلس على الفراش بجواره وعيناه تريد أنت تأخذها بداخلها حتى لا يراها غيره بهذا القدر العالي من الجمال، ثم أردف :
_ مش أنتِ نفسك تسمعي مني على طول كلام حب لأنك بتحبيني يا وعد؟!..
وجدت نفسها بلا لحظة تفكير واحدة تحرك رأسها إليه سريعا ليضحك بحلاوة قائلا :
_ من النهاردة مش هتشوفي مني إلا كل الحلو…
اتسعت مقلتها من تغيره الغريب والجذري معها مرددة بتوتر :
_ بجد يا سند؟!..
_ بجد يا روح سند أنا هعملك مفاجأة حلوة اوي أول ما ندخل البلد..
تحمست لتلك المفاجأة قبل أن تعرف ما هي يكفي عليها انها ستكون من سندها، ربما تغرق إذا وضعت يدها بيده الا أنها قررت خوض تلك التجربة مهما كانت نهايتها، ستستمتع بكل لحظة بينهما وتعيش ما حلمت به، ضغطت على يده مردفة بلهفة :
_ قولي بسرعه ايه هي…
قام من جوارها مردفا بغرور :
_ وهتبقى مفاجأة إزاي حضري نفسك هنفطر ونمشي..
وقفت أمامه مردفة ببعض التوتر :
_ والبنت يا سند ارجوك خليها ترجع معانا..
بدأ هدوئه المزيف يزول من عليه وأردف بغضب :
_ بنت مين يا وعد العروسة اللي عرضتي حياتك للخطر من غير ما تعرفي عواقب أفعالك اساسا؟!.. هنأخدها معانا فين وبأي صفة أبوها ممكن يشيل رأسها من مكانها لو أنا طلبت أنها تيجي…
غضبت هي الأخرى من حديثه وقالت :
_ أنت عارف كويس ايه اللي ممكن يحصل فيها لما نمشي، وبعدين كلمتك فوق رقبة الكل بما فيهم أبوها على الأقل اعمل ده من باب الصدقة بلاش عشاني…
تحرك في الغرفة بتعب من تصرفاتها ثم قال :
_ ماشي يا وعد هتمشي معانا بس إزاي دي حاجة تخصني أنا، فاهمة..
لا تريد أن تعرف الطريقة كل ما يهمها إنقاذ تلك المسكينة لذلك اومات برأسها عدة مرات مردفة:
_ فاهمة فاهمة…
________ شيماء سعيد _______
عند الشيخ كان يجلس بجوار بعض النيران ليقترب منه سند قائلا :
_ صباح الخير يا شيخ..
الشيخ :
_ صباح الخير يا ولدي صباحية مباركة ارتاحت في النوم عندينا؟!..
جلس سند على أحد المقاعد ثم قال بجدية :
_ مرتاح، طول عمر دارك دار خير يا شيخ، بس ليا عندك طلب والمرة دي أنا مش هقرر القرار ليك وبس يا شيخ…
تعجب الرجل من طريقة سند المختلفة كل الإختلاف بالحديث ليقول بقلق :
_ أطلب يا كبير ولو أقدر عليه مش هتخرج من غيره..
_ بنتك العروسة فخر مش بس شاغل معايا فخر ده أيدي اليمين طالب ايد بنتك له.. وزي ما قولتك القرار ليك أنت..
رد عليه الرجل ببعض التوتر :
_ بس أنت عارف يا كبير إحنا بناتنا مش بتخرج برة…
وضع سند يده على كتف الرجل مردفا :
_ قولتك من بداية كلامي القرار ليك، بس لو وفقت بنتك هتكون تحت حمايتي مش هتجيلك يوم زعلانة..
ابتسم الشيخ بسعادة :
_ مواقف يا كبير العريس اختيارك وهي تحت حمايتك وأنا زي أي أب مش عايز لبنتي غير الأمان…
_______ شيماء سعيد ______
بعد ساعة بسيارة سند قالت وعد بسعادة :
_ بجد يا سند يعني البنت دي هتبقى في امان؟!..
طيبة قلبها وبساطة ردودها تجذبه إليها مثل المغناطيس دون أن يشعر، ابتسم على ابتسامتها وليكون أكثر صدقنا هو فعل كل هذا من أجل تلك الإبتسامة فقط، أوما إليها وكل تركيزه على القيادة :
_ هي حاليا في أمان وهتفضل تحت حمايتي طول ما أنتِ في حضني يا وعد، بس قوليلي بتعملي كل ده على واحدة متعرفش إسمها حتى؟!..
اجابته بصدق :
_ مش مهم أعرف إسمها كفايه جدا إني عرفت مشكلتها وقدرت اساعدها، مش هي بس اللي محتاجة المساعدة في بنات كتير كدة يا سند، يا ريت طالما القبيلة دي تحت حمايتك تأخد بالك من الحاجات اللي زي دي…
أبتسم بوقار قائلا :
_ طيب نامي بقى لحد ما نوصل الطريق طويل..
أومات إليه بترحيب لتلك الفكرة ثم أغلقت عينيها بنعاس قائلة قبل أن تذهب إلى عالم الأحلام الوردية خاصتها :
_ تصبح على خير..
_ وأنتِ من أهل الخير…
مرت ساعات الطريق عليها بسرعة أما هو كان متلهف لردت فعلها على مفاجأته الخاصة، وصلوا لقصر الكبير ليقول سند بصوت دافي بث بداخلها الأمان والكثير من الثقة بالنفس :
_ وعد يلا أصحى احنا وصلنا..
فتحت عينيها وهنا كانت المفاجأة حفل كبير وجميع أهل البلد في حالة من الرقص والسعادة لتقول بذهول :
_ هو ايه ده؟!.. في ايه؟!…
أجابها بابتسامة مشرقة :
_ فرحنا..
_ ومين قالك إني موافقة على كدة؟!..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية سند الكبير)