رواية سند الكبير الفصل الثامن عشر 18 بقلم شيماء سعيد
رواية سند الكبير الجزء الثامن عشر
رواية سند الكبير البارت الثامن عشر
رواية سند الكبير الحلقة الثامنة عشر
أسبوع كامل مر وهو بعيدا عنها كل البعد، لم ينهرها أو يحاول الاعتذار منها، بدأت مرحلة جديدة من العذاب بينهما وهي البعد.
وقفت مثل عادتها الجديدة بالشرفة تنتظر قدومه تراه فقط ثم تنام على فراشها بسلام، دق باب الجناح التفتت بلهفة لعله هو، خاب أملها عندما فتحت الباب ورأت همت أمامها تقف باعين باكية..
أخذتها وعد للداخل وهي تقول بتوتر :
_ مالك معيطة ليه بالشكل ده؟!..
نزلت دموع الأخرى بتعب وشهقاتها ترتفع شيئاً فشي، فتحت وعد ذراعيها لها بلا كلمة لتلقي بنفسها داخل أحضانها تبكي وتبكي حتي تعبت، تنهدت وعد قائلة :
_ ها مرتاحة دلوقتي وحاسة إنك احسن؟!…
أومات برأسها لتبعدها وعد مردفة :
_ طيب الحمد لله قوليلي مالك بقى؟!..
أخذت همت شهيق طويل بعدها قالت :
_ أنا عايزة أتجوز حمد..
ابتسمت وعد بسعادة :
_ طيب بتعيطي ليه يا عبيطة، مش حمد ده حبيبك واهو رجع أتجوزوا..
_ سند مش هيقبل..
زفرت وعد بضيق مرددة :
_ مش هيقبل ليه مش حمد ده حبيبك وهو عارف كدة وكان قابل بيه ايه اللي أتغير بقى…
انهارت همت في البكاء من جديد وهي تهمس :
_ أنتِ مش فاهمة حاجة خالص، الموضوع طلع أكبر من كدة بكتير..
حركت وعد كفها على ظهر الأخرى وقالت بنبرة حنونة :
_ طيب أهدى وقوليلي في إيه وأنا هفهم على طول، ويمكن كمان أقدر أساعدك..
توترت همت بالبداية وترددت بقول ما قاله حمد، فمهما حدث وعد زوجة سند ومن الممكن تأخذ عنه فاكرة خطئة خصوصاً بتلك المرحلة التي يمروا بها، شعرت بها وعد وقالت بصدق :
_ متخافيش وصدقيني هقف جنبك..
أومات لها وقالت كل شيء لتقوم وعد من مكانها بصدمة، ربما رأته يعذب رجل من قبل، عاشت بين يديه وظهر لها الجانب المظلم منه، الا قتل الروح لم ولن يفعلها، ولكن حمد هو الأخر عاشت معه سنوات، كان دائماً خير الظهر والسند هل بالفعل سند هكذا، حركت رأسها سريعا برفض ثم قالت :
_ أكيد في حاجة غلط أو سوء فهم سند مستحيل يبقى كدة.. تفتكري سندك هيبقى وحش كدة يا همت؟!..
حركت رأسها سريعا برفض وهي تقول :
_ سند مش بس أخويا ده كل دنيتي..
ابتسمت لها وعد مردفة :
_ يبقى تعالي ننام مع بعض النهاردة وأنسى الكلام الفارغ ده من دماغك..
ضحكت همت قائلة بخجل :
_ طيب وأبيه هينام فين؟!..
ردت عليها الأخرى بسخرية :
_ لأ ده غضبان عند أهله سيبك منه ويلا نعمل حاجة مفيدة بدل الكلام عليه..
_ زي ايه؟!..
_ اتكلمي معايا عن الحرباية بنت عمك وتفاصيل جوازه منها…
____ شيماء سعيد _____
بالمندرة الخاصة بسند..
كان صامت يتابع قول أحد الرجال :
_ يا كبير دي بت عمي وأنا أولى بيها من الغريب..
أشار اليه بالصمت ثم نظر الي والدتها لتقول بخوف :
_ من يوم ما أبوها مات وإحنا عايشين في خيرك يا كبير، أكل وشرب وعلام، لكن اسأله هو وابوه فين ورث بنتي هو عايز يتجوزها بس عشان تبقى تحت رجله، حمدي ابن اختي مربيها على ايده وبيعشق التراب اللي بتمشي عليه..
تدخل ابن العم قائلا :
_ ايه التخاريف دي يا ولية يا خرفانة، بت عمي محدش ياخدها غيري..
باشارة من كف الكبير صمتت كل القاعدة ليقول هو :
_ هاتي سمر بتك يا عزيزة والكلمة الأخيرة هتبقى ليا انا مش عايز صوت بعدها…
حركت عزيزة رأسها مردفة بطاعة :
_ أمرك يا كبير أمرك..
دقائق وكانت الفتاة تقف، نظر لها سند لتجلس على المقعد المقابل له ثم قال بصوت وصل للجميع :
_ عايزة مين فيهم يا سمر؟!..
تعالت دقات قلبها ونظرت لوالدتها التي بعثت لها نظرة حنان لتأخذ نفس عميق قائلة :
_ ولا واحد فيهم أنا عايزة أكمل تعليمي وأبقى زي الدكتورة وعد..
صرخت عزيزة :
_ إيه الكلام ده وابن خالتك يا قليلة الأدب..
_ أنا مش قليلة الأدب ياما، حمدي على عيني ورأسي ولو يستنا لحد ما أوصل لأحلامي مش هبقي لغيره، لكن لو مش قادر يبقى ربنا معاه..
قبل أن تتحدث عزيزة قال سند :
_ رايك ايه يا حمدي..
رد بصوت يفوح منه العشق :
_ هستنها العمر كله..
_ يبقي خلاص سمر لحمدي وأنت يا ابن زهران ورث بنت عمك يبقي عندي الليلة..
رحل الجميع لياخذ نفسه بتعب، دائماً عادل ومعها هي يجعلها تعيش كل أنواع الظلم، فاق على صوت فخر الذي قال :
_ ممكن أتكلم معاك شوية يا كبير..
_ قول اللي عندك يا فخر..
_ هدى بنت شيخة القبيلة عايزها تبقى مراتي..
ضحك سند ثم قال بسخرية :
_ مهي مراتك بقى لها شهرين وعايشة جوا دارك إيه الجديد؟!.. كل ده مش رافع راسنا يا خيبة أملي فيك…
خفض فخر عيناه ثم قال بخجل :
_ جوازنا كان الأول بأمرك وعشان احميها من أهلها، لكن دلوقتي أنا عايزها مراتي بجد وهعمل لها فرح كبير..
أبتسم اليه سند قائلا :
_ حبيتها.؟!..
_ بقت إدمان..
_ يبقى فرحك على حسابي يا فخر..
_____ شيماء سعيد _____
بحديقة المنزل..
كانت حبيبة تقرأ بعض آيات القرآن الكريم بوقت استراحتها من العمل، حتى آت إليها صوت فايز، أغلقت عينيها عدة لحظات مردفة لنفسها بتوتر :
_ اوعي تردي يا حبيبة أنتِ مش حمل وجع جديد..
جلس على المقعد المقابل لها متعجبا من طريقتها، كتم ابتسامته على طريقتها الطفولية في إغلاق عينيها ثم قال بجدية :
_ أنتِ نمتي والا ايه يا بيبة..
انتفضت فهي لم تتوقع أن تأتي له الجرأة ويجلس أمامها، جزت على أسنانها مردفة بغيظ :
_ ايه بيبه دي إحترم نفسك لو سمحت..
غمز لها مردفا :
_ إحنا عيلة زبالة اوي يا بيبة ومفيش عندنا حد محترم، وبعدين لو محترمتش نفسي هتعملي ايه يعني؟!…
كانت على وشك البكاء من شدة الخجل ثم همست :
_ يا أستاذ فايز عيب اللي حضرتك بتعمله ده، أنت عايز مني إيه بالظبط؟!..
رغم بساطة الحديث الا إنه عجز بالفعل عن الإجابة، ماذا يريد منها هو نفسه لا يعلم، فقط يتحمس لرؤيتها، رفض العودة للقاهرة ليبقى بجوارها وبجوار طفليها الذي شعر معهم بالمعنى الحقيقي لكلمة اب، ابتسامتها تعطي له طاقة رهيبة ليكمل يومه بكل نشاط، ليكن صادق أصبحت جزء لا يتجزأ من يومه الا إنه لا يعلم ما العنوان المناسب لتلك المشاعر، أخذ نفس عميق ثم أردف :
_ مش عارف عايز منك إيه بس اللي أعرفه إنك بقيتي حق ليا، وولادك بقوا حاجة مقدرش أكمل يومي الا لما أشوفهم، تفتكري ده إسمه إيه؟!..
ربما تعلم المسمى ولكنها ترفضه وبشده، قامت من مكانها ثم أردفت بقوة :
_ بص يا أستاذ فايز مهما كان أحساسك فده حاجة تخصك لوحدك، أنا معنديش حد في الدنيا غير ولادي فاريت تحترم ده..
آت لعقله فجأة صورتها بأول مرة رأها بها، تذكر ذكرها لاسم رجل وهي نائمة ومع الوقت علم إنه زوجها السابق، قام من مجلسه وسحبها لتبقى بين أحضانه مردفا بقوة :
_ لسه بتحبيه؟!..
تعجبت قائلة :
_ هو مين؟!..
_ طليقك اللي سابك وساب ولاده عشان يتجوز واحدة تانية..
جملة واحدة جعلتها تعود لنتقطة الصفر من جديد، تألم قلبها من فكرة معرفته لما مرت به من اوجاع، صرخت قائلة :
_ أنت قليل الذوق دي حاجة خاصة بيا..
صدمتها الحقيقة كانت في شفتيه التي سقطت على شفتيها منفذا رغبته في إسكاتها أو ليقول الحقيقة تقبيلها، تجمد جسدها من الذهول وظلت تفكر كيف تتصرف الي أن قال علقها، يا حمقاء إنك بداخل حالة مغزية من الاستسلام..
إنتهت القبلة وابتعد عنها متعجبا من سكوتها مردفا :
_ أنتِ كويسة والا حصل لك إيه..
سقطت بكفها على وجهه وفرت هاربة، وضع يده محل الصفعة مرددا :
_ والله لو عملتي ايه لافضل أبوسك يا بسبوسة..
على بعد أكثر من ثلاثون مترا كان يقف شادي وبيده هاتفه مصوراً تلك اللقطة قائلا :
_ حقك عليا يا خالي بس أنا لأزم أمشي من هنا..
____ شيماء سعيد _____
بجناح سند، بعد ما طال به التفكير قرر ولأول مرة يواجه مرضه، دلف ليرأها بعدما كان يهرب منها، أبتسم بحنان على مشهد ضمها لهمت ونومهما بهذا السلام المريح للاعصاب..
بخطوات هادئة أقترب منها ثم حملها بخفة لخارج الجناح، ذهب بها لجناح والده ولا يعلم لما فعلها الا أنها حدثت بالفعل، وضعها على الفراش ثم جلس على الاريكة يراقب تفاصيلها البسيطة أثناء نومها..
شعرت برائحة عطره بالغرفة، فتحت عيناها باشتياق رغم كل شيء، وجدته يتطلع بها كأنه لم يرى امرأة بحياته مثلها، بلعت تلك الغصة المريرة بحلقها ساخرة من نفسها، حمقاء!! قلبها الغبي يجعلها تشعر إنه يبادلها نفس الشعور..
اشاحت بوجهها بعيدا ليقف أخيراً بعدما طال صمته ثم أقترب منها بخطوات مترددة حتى جلس بجوارها على الفراش، رفع وجهها إليه بأحد أصابعه ثم همس :
_ وحشتك؟!..
نفت وقلبها يصرخ يرفض ما تحاول إيصاله إليه ليبتسم لها بوجع مردفا :
_ بس أنتِ وحشتيني وجدا كمان..
رأت ضعفه لتنهار بعض حصونها قائلة بعتاب :
_ أنت شوفت مني كل حاجة حلوة عشان كدة وحشتك، لكن أنت للأسف مش سايب ليا ذكري واحدة حلوة توحشني بيها، بالعكس كل ما أشوفك أحس قد ايه أنا كنت غبية لما وقعت في حبك…
مسح على شفتيها بطرف يده وهو يقترب منها أكثر مقبلا أعلى رأسها باعتذار، قائلا :
_ وعد أنا مريض نفسي، مريض ومن صغري بحاول أثبت العكس، حتى في جوازي الكتير العيب كان فيا مش فيهم، لحد ما قبلتك أنتِ غصب عندي حسيت بحاجات مكنتش عايز أحس بيها بذات معاكي، يمكن عشان كدة وصلنا لهنا..
صُدمت بالفعل صُدمت، لم تتخيل ابدأ أن يعترف بنفسه أن الخطأ به، والأغرب من ذلك لمعت الندم بداخل عينه وهي تعلمها جيدا.. تود لو تضرب بكل شيء عرض الحائط وتأخذه بين أحضانها إلا انها تحلت بالثبات وقالت :
_ اشمعنا أنا اللي مش عايز تحس بالحب معايا..
قام من على الفراش صارخا :
_ كنت رافض الحب من أي ست وخصوصا أنتِ، مش عايز أبقى زي عتمان الكبير وللأسف بقيت، وعد لو بتحبيني فعلا خليكي جانبي..
قامت من مكانها ووقفت أمامه رفعت كفيها لتضم وجهه إليها ثم أردفت :
_ تفتكر الحب لوحده كفاية عشان نكمل؟!..
تعجب قائلا :
_ يعني إيه؟!..
أخذت نفس عميق مردفة :
_ الحب لأزم يبقى معاه ثقة، أمان، إحترام، المفروض إن قيمتي تبقى من قيمتك بس أنت عملت العكس..
رد عليها بلفهة :
_ أنا كمان خايف ومش حاسس بالامان، صدقيني لو اضمن جودك هنعيش زي ما بتحلمي..
تنهدت هامسة :
_ عايزة أطمن في حضنك يا سند، نفسي تبقى سندي زي ما أنت سند الكل..
أخذها بين يديه بحنان وعيناه مثبته على شفتيها قائلا أخيراً ولأول مرة بصدق :
_ بحبك..
يتبع…
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية سند الكبير)