روايات

رواية سند الكبير الفصل التاسع عشر 19 بقلم شيماء سعيد

رواية سند الكبير الفصل التاسع عشر 19 بقلم شيماء سعيد

رواية سند الكبير الجزء التاسع عشر

رواية سند الكبير البارت التاسع عشر

رواية سند الكبير الحلقة التاسعة عشر

بعد ثلاث أيام في وقت متأخر من الليل بعدما ذهب الجميع للنوم، قررت وعد بحركة طائشة النزول للمطبخ فهى لم تأكل بشكل جيد على العشاء، فتحت الثلاجة وبدأت بأخراج الطعام منها ومع أول معلقة سقطت من بين أصابعها برعب..
تقدم سند منها بغضب أعمى بصره عن خوفها ثم أردف وهو يجذبها من خصلاتها إليه :
_ نزلتي المطبخ في الوقت ده ليه كنتي عايزة تهربي تاني؟!..
الموت أفضل بكثير من وقفتها المرعبة بين حصونه المشتعلة بالنيران، أطلقت صرخة عالية تطلب منه السماح على شئ لم تفعله:
_ أرجوك بلاش ضرب..
سقطت فاقدة للوعي بعد جملتها لتفتح عينيها بفزع على نبرة صوته المتلهفة :
_ وعد حبيبتي مالك أفتحي عينك ده اكيد كابوس..
بالفعل كابوس مرعب بسببه فقدت جنينها ولا تعلم الي أين ستصل، رأته يقترب منها بحنان الا انها رفضته وبشدة ليأخذها بين احضانه بالقوة مردفا :
_ خدي نفسك واهدي ده كابوس مش أكتر أنتِ جوا حضني في أمان..
مع تكرار الحديث على مسامعها بدأت تهدأ رويدا رويدا حتى رفعت وجهها الجميل إليه أخيراً لا يعلم لما نظرة العتاب تلك؟!. مسح على خصلاتها عدة مرات هامسا :
_ أحسن دلوقتي؟!..
أومات إليه قبل أن تقول بتعب:
_ أنت صدقت إني سقطت البيبي بنفسي؟!.
أبتعد عنها وكأنه تذكر للتو فقدان جنينه الذي رحل دون ذنب، أعطى ظهره لها لا يحبذ المواجهة على الإطلاق قائلا بجمود :
_ أمال مات ازاي يا وعد؟!.. الدكتور نفسه قال إنه نزل بسبب العنف..
سقطت دموعها مع تذكرها لما فعلته وهي مغيبة ثم قالت بحسرة :
_ أنت اللي قتلت إبني، فضلت تضرب فيا لحد ما مات..
انتفض من على الفراش بذهول، ماذا قالت تلك الحمقاء فهو لم يرفع يده عليها ابدا، نظر لها ليجدها جادة بكل كلمة تتفوه بها ليقول :
_ أنتِ بتقولي ايه؟!.. هو أنا مديت أيدي عليكي قبل كدة؟!.. إبني نزل وأنتِ هربانة مني..
هذا صحيح؟!.. إذا من قتل صغيرها؟! هي بالفعل هي، صرخت به قائلة :
_ مش أنا بقولك ده إبني مستحيل اعمل فيه كدة، أنت سبب يا سند مش عايزاك في حياتي تاني..
حالتها أصبحت بالفعل خطيرة وربما حالته هو أكثر خطورة، أخذ نفس عميق قبل أن يجذبها لتقف أمامه ثم أردف بجدية :
_ أنا هطلقك يا وعد..
هذا ما كانت تبحث عنه لما إذا سقطت قلبها بتلك الطريقة؟!.. لماذا تألمت لتلك الدرجة التي لا تريدها، ردت بمعالم خالية :
_ ماشي طلقني..
_ بس أنا بحبك ومش هقدر أعمل كدة..
هو مجنون ويحاول بشتى الطرق أصابتها بنفس مرضه، وضعت كفها على عنقه ثم ضغطت بقوة مردفة بتقطع :
_ حاسس ان روحك بتروح منك وحاسس إنك مخنوق ومش قادر تاخد نفسك، هو ده بالظبط اللي بيعمله حبك فيا بتخنق ورحي بتطلع..
يعلم لانه يشعر بنفس الشعور، لم يستطيع الوقوف أمامها أكثر من ذلك حتى لا تنحدر هيبة سند الكبير، أبعدها عنه قائلا :
_ قبل ما أطلقك لأزم ارجعك زي ما اخدتك الأول..
ضحكت بسخرية قائلة :
_ كان على عيني يا كبير بس هتعمل ده إزاي؟!.. أنت ليك في العمليات الشمال والا ايه؟!..
فتح فمه بصدمة من معنى حديثها الا إن روحه الوقحة تغلبت عليه ليقهقه مردفا بغمزة جعلته أكثر وسامة :
_ لأ للأسف مش اللي في دماغك، ده أنا هسيبه ذكرى مني ليكي، اللي اقصده حاجة تانية..
رفعت حاجبها الأيمن بنفس السخرية قائلة :
_ آمال تقصد ايه؟!…
_ هنروح لدكتور نفسي إحنا الاتنين، العلاقة دي أخدت مني سنين واخدت منك أنتِ كمان يبقى الأفضل نتعالج بدل ما حد فينا يأذي التاني..
_____ شيماء سعيد _____
عند شادي..
وقف بإحدى الأراضي الزراعية مع شاب يبدو عليه الطمع، أخذ نفس عميق قبل أن يقول للشاب :
_ جبت الفون اللي طلبته منك؟!..
أوما الآخر قائلا :
_ مع إني مش فاهم ليه طلبت مني اجيب أنا الموبايل من المحل مع إن جنابك كان ممكن تروح لوحدك، بس وماله يا باشا أنت حر الموبايل أهو زي ما طلبته بالظبط..
أخذ منه شادي الهاتف بضجر قائلا :
_ خلاص هو انت ناوي تحكي ليا قصة حياتك، خد حسابك أهو واخفي من وشي..
أخذ الأموال بطمع وفر من المكان أما شادي أخذ نفس عميق يحاول به اخماد ضميره الذي يحثه ان لا يفعل الا انه أردف :
_ مش هيبقى في أذى يومين تلاتة والبلد كلها هتنسي وهرجع أنا وخالي نعيش في القاهرة..
جلست تحت شجرة الليمون وبدأ في إيصال الهاتف بشبكة الانتر نت، ثواني معدودة وكان أصبح لديه حساب مزيف على منصة الفيسبوك وطلب العضوية بالجروب الخاص بكفر الكبير هامسا :
_ حلو اوي كدة الجروب ده فيه كل أهل البلد كبير وصغير والكل هيشوف البوست بما فيهم الكبير..
دقيقتين وأصبح عضو بالجروب فتح القسم الخاص بالصور وقام بتنزل صور فايز وهو يقبل حبيبة وكتب فوقها ” فين كبير البلد والقرف ده بيحصل جوا بيته”
نشرها ومن بعدها تم رفضها سريعا ليبتسم مردفا :
_ لأ الأدمن راجل ياض يا فخر، روح بقى قول للكبير بتاعك.. مع إني كان نفسي البوست يقع تحت أيدي حد تاني عشان تبقى بجلاجل بس يلا مش مهم كدة كدة وصلت للكبير وده المهم..
_____ شيماء سعيد _____
بمنزل الكبير أخذت وعد في سقى الزرع بتعب أعصاب، انتبهت لصوت حمد خلفها فقالت بهدوء :
_ خير يا أستاذ حمد في حاجة؟!..
رفع حاجبه مستنكر حديثها ثم قال :
_ والله بقيت أستاذ فجأة كدة في إيه يا وعد؟!.. ده أنا محمد صاحبك بعيدا عن تغيير الأسم..
تنهدت قبل أن تقول بنفس الهدوء :
_ هو أنت كنت فاقد الذاكرة فعلاً والا كنت بتضحك عليا طول فترة وجودك في حياتي؟!..
رد عليها سريعاً :
_ إيه الكلام الفارغ ده يا وعد، أنتِ شاكة اني ممكن أكون كذبت عليكي طول الفترة اللي فاتت دي؟!..
_ مش عارفة وبصراحة أنا بقيت عايشة بالبركة كدة مش عايزة أعرف اي حاجة، بس الغريب بقى أنت دخلت هنا ازاي بعد ما سند طردك؟!.
أشار لها على الباب الخلفي للحديقة ثم رد بمنتهى البساطة :
_ دخلت من الباب ده ازاي بقى دي شغلتي..
ابتسمت إليه بسخرية :
_ مش قولتلك أنا طول عمري هبلة، عموماً أنت عايز مني إيه بالظبط أكيد جاي هنا عشان تقابل همت..
حرك رأسه نافيا :
_ لأ مش جاي لهمت.
_ أمال جاي لمين.؟.
_ جاي ليكي أنتِ محتاج مساعدة أختي ليا..
ضحكت ساخرة :
_ وأنا أقدر أساعدك في إيه يا حضرت الظابط، عايزني أساعدك تقبض على جوزي وتبقى الظابط الشجاع اللي قبض على الشرير بمساعدة مراته؟!..
نفذ صبره منها، يبدو أن سند صك عليها طبعه لتبقى جزء لا يتجزأ منه، مسح على خصلاته بضجر ثم قال :
_ هو سند حفظك الكلام وأنتِ بتردي وخلاص؟!..
_ آمال أنت عايز ايه بالظبط..
_ عايز أهرب أنا وهمت من هنا وده مش هيكون الا بمساعدة منك..
اتسعت عينيها بصدمة مرددة :
_ أنت مجنون والا ايه حكاية مستحيل طبعا ده غير اني هقول لسند، لو عايزة ادخل من الباب الحرامي بس اللي بيدخل من الشباك..
______ شيماء سعيد _____
بعد عناء يوم عمل طويل، وصل سند أخيراً لباب جناح نادت عليه شقيقته ليأخذ نفس عميق مردفا :
_ خير يا همت..
عضت على شفتيها بتوتر قبل أن تردف :
_ أنت قولت ان ليا كلام كتير مع بعض، بس واضح اني توهت منك في زحمة الدنيا..
تنهد وجذبها معه لغرفة نومها المجاورة لجناحه، أغلق الباب خلفهما وجلس بها على أقرب مقعد المقابل للحديقة قائلا :
_ لو الدنيا كلها تاهت مني أنتِ هتفضلي في مكان محدش يقدر يقرب منه..
خفضت رأسها أرضا وقالت بطريقة مباشرة :
_ أبيه هو أنت السبب في اللي حصل لحمد يوم الفرح؟!…
صمت لعدة ثواني قبل أن يقهقه بنبرة بساخرة، تعجبت من تلك الإجابة الغير مفهومة بالنسبة لها وقبل ان تسأله سألها هو :
_ مهما كانت اجابتي هتصدقيني والا هتصدقي اللي قالك الموضوع..
وضعت كفها بين كفه بلهفة مرددة :
_ لو الدنيا كلها في كفة وأنت في كفة هتبقى أنت الكسبان يا سندي وضهري من يوم ما فتحت عيني على الدنيا..
هذا ما كان يريد سماعه أقترب منها أكثر مقبلا أعلى رأسها بعمق ثم استقام بوقفته قائلا وهو ينوي الخروج من الغرفة :
_ مش أنا يا همت، رغم إني كنت عارف هو قد إيه زبالة بس حبك له كان كفاية يخليني اسيبه عايش..
خرج لتقول وهي تراه يغلق الباب :
_ أنا بحبك جدا يا ابيه..
أبتسم لها ورد :
_ وأنا بحبك يا قلب ابيه..
_____ شيماء سعيد _____
دلف للجناح ليجد وعد تنام على الاريكة، رفع حاجبه بتعجب وأقترب منها بخطوات هادئة، بداخله رغبة ملحة لرؤيتها بملامح ساكنة، خارج دائرة الوجع المستفزة المتواجدة بداخلهما، جلس بجوارها، لمس خصلاتها، ثم مرر أربع أصابعه بنعومة على تفاصيل وجهها الناعمة البارزة أمامه بطريقة أكثر من مغرية..
تنهد بتعب متحديثا :
_ عايز أحط عيل تاني جواكي يا وعد، حتى لو مش هنكمل يبقى على الأقل عندي حجة أشوفك بيها كل شوية..
ساعة كاملة مرت وهو فقط يشاهد طريقة نومها بلا ملل، اشتاق لسماع صوتها مقررا استيقاظها والحديث معها بأي موضوع حتى لو سخيفة سيسمعها فقط..
قرص خدها مردفا :
_ أنتِ يا ست هانم أصحى..
فتحت عيناها ،بالحقيقة لم يأتي النوم إليها من الأساس إلا انها هي الأخرى كانت مستمتعة بهذا الدفي الحنون، اعتدلت مردفة بنوم مزيف :
_ سند أنت هنا من أمتي؟!…
حاول رسم الوقار على معالم وجهه وهو يقول :
_ مش كتير لسة داخل، نايمة هنا ليه السرير في تعابين؟!..
حركت رأسها مجيبة بسخرية :
_ لأ فيه عقرب واحد بس والنوم جانبه مش مرياح..
لا تعلم لما هو وقح لتلك الدرجة معها اليوم؟!.. اجابها بكل بساطة :
_ بذمتك النوم جانبي مش مريح طيب ده مفيش راحة ولا واجب أكتر من اللي بعمله معاكي..
صدمت بالفعل صدمت قامت من على الاريكة مردفة بعصبية :
_ لو سمحت في حدود بنا يا ريت تحترمها..
شهقت فجأة عندما حملها على كتفه بطريقة همجية ثم ألقى بها على الفراش مردفا :
_ عندك حل من الاتنين الأول تحترمي نفسك وتنامي في حضن جوزك بكل أدب، أو تنامي على الكنبة ونام أنا جنبك فيها بمنتهى قلة الأدب..
نظرته كانت جادة لذلك أغلقت عينيها قائلة :
_ السرير واسع تصبح على خير..
ألقى بنفسه بجوارها واستيقظ بصباح يوم جديد على إتصال من جدته التي قالت برعب :
_ همت هربت مع حمد يا سند..

يتبع…

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية سند الكبير)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى