رواية سفاح الملجأ الفصل الثاني 2 بقلم بيتر ايفانجل
رواية سفاح الملجأ الجزء الثاني
رواية سفاح الملجأ البارت الثاني
رواية سفاح الملجأ الحلقة الثانية
“عندما لا يكون هناك مكانً في الجحيم
سيمشي الموتى على الأرض ”
كانت صورة غريبة وغامضة ومتأكد إني مصورتهاش من الأساس وماشوفتهاش أثناء عملية تحميض الصور !!
شوفت فيها طاقم العمل في الملجأ فى لقطة تذكارية تبان إنها قديمة شوية ربما تكون إتصورت من سنة او أتنين ويمكن أكتر ..
ركزت بعيني على الاشخاص ولاحظت فيهم سيدة فى منتصف العمر ، رجحت إنها تكون في اواخر الثلاثينات كانت واقفة على يمين الصورة آخر واحدة فى اللي واقفين ، وعلى وشها علامات حزن ولاحظت دمعة محبوسة فى عينيها !!
حاولت أعصر ذاكرتي اذا كنت شوفتها فى الحفلة ولا لاء ، لكني أجزمت إني ماشوفتهاش هناك ، ياترى مين السيدة دي ؟ وليه ظاهره بالحالة دي في مشهد من المفترض إنه جميل للذكرى !! ، والأهم من كل ده ، الصورة دي دخلت اوضتي أزاي ؟؟؟!
كنت مشتت بين 3 إختيارات بين أني اروح الملجأ واسأل عنها هناك ؛ وبين إني اروح النيابة وأحكي عن اللي حصل وعن الصورة دي ! وبين إني أتجاهل الموضوع وأقفل القصة دي نهائياً ..
وإثناء لحظات التفكير والسرحان ، إتقطع النور والظلام سيطر على البيت ، وسمعت صوت بكاء طفل و,أنين سيدة وأتبدلت الاصوات بهمسات مش مسموعه ولا مفهومة ..
أرتجفت بقوة وحسيت أن في شئ مسيطر على جسمي ، ومش قادر أتحرك من مكاني نبضات قلبي كانت بتتزايد فى سرعة دقاتها ، كنت سامع صوت قلبي وكأنه بيستغيث مش بينبض ، كنت مشلول كلياً ولا قادر أقدم خطوة لقدام ولا ورا ثابت في مكاني ومافيش صوت بيطلع مني برغم إني كنت عايز أصرخ وأطلب المساعدة ..
رددت ذكر الله في سري ” يارب إنجدني ، انا لوحدي وماليش غيرك”
وبدأت الاصوات تتلاشى بالتدريج ، ووقتها قدرت أتحرك من مكاني ، دخلت المطبخ وانا بترعش وفاقد السيطرة على أعصابي كنت برتجف جداً كأني في مكان جليدي شديد البرودة
وأخيرا قدرت أوصل للكبريت وولعت عيون البوتاجاز اول حاجة وبعدها دورت على اللمبة الجاز لحد ما لاقتها وأشعلت فتيلها والانارة زادت ووضحت الرؤية أكتر ، بمجرد خروجي من المطبخ ، بقيت مطارد بخيالات على الحوائط ، بشوف أشخاص واقفه في وضع التصوير ولما بحاول اتأكد وأركز فى اللي شوفته. الخيالات بتتبخر وتتلاشى ، خيالات سريعة لا يمكن تحدد منها حاجه ولكن اللي كنت متأكد منه أنها بتلاحقني ، مع حركتي وانا شايل اللمبة الجاز واثناء مروري من مكان لمكان بتظهر على الحوائط صور متنوعة من الخيالات المرعبة وقتها قررت إني أهرب من الشقة برغم إني ببيچامة النوم ..
ولكن ..
بمجرد وصولي عند الباب النور رجع من تاني ..
التفت ببطئ وانا براقب الشقة بعيني ، كل ركن وكل زاوية فيها ولكن ضربتني صاعقة فزع وشهقت بهلع لما شوفت على الأرض مئات الصور مفروشين فى أرضية الشقة وكلهم نفس الصورة اللي لاقتها في أوضتي ، صور واحدة ومكررة بنسخ كتير ولكن المختلف فيهم ان راس السيدة كانت مقطوعة من الصور كأن حد تعمد إخفاء هويتها ..
كنت بتمشى في الشقة وانا بتفرج على الصور اللي إتوجدت في كل حتة ، كنت خايف أكيد ومهما أحاول اوصف الحالة اللي كنت فيها لايمكن هقدر أعبر عنها كما كنت وقتها ..
وقطع تركيزي صوت صراخ أنثوي مرعب وانتفضت ووقعت على الأرض ومن بعدها سمعت صوت خبط على باب شقتي ..
لما سمعت صوت خبط الباب وقبلها صوت الصراخ ، تخيلاتي أبتدت تقوم بدورها واعتقدت إن اللي خلف الباب شبح ، او كائن من سكان المقابر ، أو جايز يكون عزرائيل بنفسه قرر يرحمني من مخاوفي وينتشلني من الشقة والأرض كلها ..
الشخص اللي بيطرق على الباب غالباً كان بيهوى العزف ، كان بيزيد من دقات الخبط على الباب بنغمات مميزة توحي بإن في مصيبة ولازم أتحرك من مكاني فوراً
قومت بسرعة وفتحت الباب بعد تردد داخلي ولكن فتحت في النهاية وأطمنت والتقطت أنفاسي بشكل طبيعي لما لاقيت أم عبد الهادي جارتنا هي اللي واقفة قدامي ..
وقالت بنبرة حادة خلتني كنت هقفل الباب تاني في وشها :
– أنت إيه اللي بتهببه ده يااستاذ رمزي
= بهببه واستاذ ؟ خير ياست أم عبده ، انا غلطت في حاجة لا سمح الله
– هي غلطة واحدة ، قول خمس غلطات عشر غلطات ميت غلطة
= ياساتر ليه انا عملت ايه فهميني بهدوء حضرتك ، اقولك تعالي اتفضلي الأول
– ولا أتفضل ولا اتبندر ، انت فاكر نفسك عايش لوحدك في العمارة ايه مافيش بهايم ساكنين فيها غيرك
= ياستي العفو بس هدي أعصابك ، انا بس بدي أفهم انا عملت ايه لاذاعة مونت كارلو اللي بسمعها دي
– دب وخبط ورزع ودق وصوات ونسوان مع العلم انك عازب يعني بس هقول ايه جيل أخر زمن
= خشي شوفي بنفسك مش هتلاقي غيري فيها ، ومع ذلك فعلا في حاجات غريبة بتحصل في الشقة ..
– هتقولي غريبة هتقولي قريبة ده شئ مايخصنيش اللي يهمني ان الرزع والدق يخفوا عن راسي عايزين ننام وأديني طلعت كلمتك بالذوق والا قد أعذر من أنذر
ولاقتها مشيت وخدت معاها الثورة الفرنسية بالمتظاهرين من قدامي وقفلت الباب وانا مستعجب من حكاية انها كانت بتكلمني بالذوق ، ياترى ايه نوعية الذوق اللي تقصده ! ، وضربت كف على كف وقولت فى نفسي لا حول ولا قوة الا بالله ، يعني اخترت السكن في مصر الجديدة عشان اعيش وسط ناس راقية متحضرة يقوم ربنا مواعدني بجزار ومراته يسكنوا تحتيا ، حكمتك يارب ،
الست أم عبد الهادي للحظات معدودة قدرت تنسيني المصايب اللي بتحصل في شقتي وبمجرد مامشيت وانتهت وصلتها الاذاعية بسلام بصيت على الارضية ملاقتش اثر للصور ، كل الصور إختفت ماعادا الصورة الوحيدة الكاملة اللي لاقتها في غرفتي ، فقولت مابدهاش بقى
بصيت بعيني على ساعة الحيط ولاقيت إن الساعة ٢ بعد نص الليل وشوفت أن أسلم حل إني انزل وأسهر برة البيت لحد الصبح في قهوة “ريش”
بدلت هدومي ونزلت الشارع بعد مااخدت الصورة معايا ، وربنا أكرمني بسواق تاكس كان رايح وسط البلد يجرچ وأخدني في طريقه ، ودي معجزة أني الاقي مواصلات في التوقيت ده
فى خلال نص ساعة وصلت القهوة دخلت قعدت وحسيت براحة نفسية وإن الونس محاوطني في كل مكان حواليا ..
قهوة ريش للي مايعرفش ، هي من أقدم القهاوي في مصر اتأسست سنة 1908م وهي مكان مناسب للي زي حالاتي من اصحاب الطبقة المتوسطة ، هتلاقي فيها مثقفين وادباء وعازفين ومطربين شباب وحتى الثوريين بيتواجدوا عليها
وانتبهت لواحد بيتقال عنه أنه شاعر وحواليه مجموعة من المنافقين اللي بيمجدوا في كلماته الرنانة وكان بيقولهم اخر أعماله الشعرية وأستوقفني بيت بيقول :
” ياللي تخاف الليل
ماتقولي خايف ليه ؟
حالاً يجي النهار
ويوحشك حكاويه ”
أبتسمت ابتسامة لا ارادية وقولت في نفسي هو الشاعر ده محشش ولا ايه ؟! ليل ايه اللي هفتقد حكاويه ..؟ ياريته كان جه سهر فى بيتى الليلادي كان هيبطل شعر ويرحمنا من كلامه المستفز ده ..
مسكت الصورة اللي معايا وأعدت النظر والتركيز فيها ، ولاحظت تفصيلة جديدة وقفت عندها ..أن السيدة اللي في الصورة كانت حافية القدمين ، ومستخبي وراها طفل مش ظاهر منه الا جزء بسيط من راسه ..
يعني ايه ؟ ليه مخبيه طفل وراها وليه حافية ؟ ملحقتش تلبس حاجه في رجليها قبل ماتتصور مثلاً ؟
بدأت اكلم الصورة وأسألها ؟ انتي مين وأيه حكايتك ؟ وايه اللي وصل صورتك لعندي ؟
مع وقت طويل من التفكير جري الليل وشقشق النهار ، انتظرت لحد الساعة ٩ واتجهت بالصورة للملجأ عشان الاقي اجابة لتساؤلاتي
يتبع…..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية سفاح الملجأ)