رواية سدفة الفصل السادس عشر 16 بقلم آية شاكر
رواية سدفة الجزء السادس عشر
رواية سدفة البارت السادس عشر
رواية سدفة الحلقة السادسة عشر
أخذت هيام تُقلب بين الصور على هاتفها وداخلها يشتغل غضبًا من ريم والتساؤلات تجول برأسها؛ هل هذا الشاب عشيقها وتحبه وقد أرغمها والدها على الزواج من رامي؟ أم ماذا يحدث هنا!! وكيف تُعانقه ريم بتلك الطريقة! فلم تعهد عن ريم بأنها عديمة الحياء! وهل تخبر رامي بما رأت أم تواجه ريم أولًا؟
هزت رأسها مستنكرة وأخذت تُقلب بين الصور وتحذفهم واحدة تلو الأخرى قبل أن ترنو نحو ريم وذلك الشاب الذي يجلس جوارها ويضم كفها بين كفوفه ويضحكان! فلم تعتد هيام على مثل تلك الأفعال لذا ستواجهها….
“ريــــــم”
انتفضت ريم أثر صوتها ونهضت واقفة وهي تبتلع ريقها وتبدل نظرها بين هيام ومحمد الذي تمشى القلق على ملامحه وكان يُطالع هيام هو الأخر بريب…
ابتسمت هيام بسخرية وقالت:
“مفاجأة مش كده؟!”
أردفت وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها:
“ويا ترى بقا كنتِ ناويه تهربي النهارده معاه ولا…..”
قاطعتها ريم قائلة بانفعال:
“هيام إنتِ فاهمه غلط دا….”
هيام باندفاع:
“هتقولي إيه؟! أنا شوفت كل حاجه… بس الغلط مش عليكِ الغلط على رامي اللي حبك من قلبه”
نظر محمد لـ ريم وسألها:
“مين دي يا ريم؟”
ريم بنبرة مرتعشة:
“دي هيام أخت رامي”
ابتسم محمد وهو يُطالع هيام:
“بنت عمي دياب؟”
اومأت ريم وهي تنطق بالإيجاب، فعقب محمد:
“طيب ممكن تدينا فرصه نشرحلك يا هيام”
هيام بتهكم:
“هتشرح إيه ما أنا شوفت بعيني…”
“تسمحيلي أقولك إنك متسرعه أوي وده غلط”
قالها محمد وهو يخرج حاويته من جيبه ثم بطاقة هويته ويصوبها نحو هيام التي قالت بتلعثم وهي تحدق بيده الممدودة لها:
“إيه ده!!”
قال برتابة:
“خدي بطاقتي واقري إسمي”
التفتت هيام تحدج ريم بنظرات مضطربة، فأومات لها ريم بعينيها لتفعل، فالتقطت هيام الهوية من يده ونطقت اسمه:
“محمد ضياء…”
صمتت للحظة ثم رفعت رأسها طالعته بدهشة وهي تردد:
“العقيد!”
التقط محمد يد ريم وقال بابتسامة محدقًا بريم المبتسمة:
“أنا أخوها…”
ثم وجه نظره لهيام وقال:
“وابن عمك ضياء”
بدلت هيام نظرها بينهما في ذهول مرددة:
“إزاي ده!!!”
ريم وهي تومئ رأسها:
“هحكيلك يا هيام… بس الموضوع ده مش لازم أي حد يعرفه أبدًا…”
بقلم آيه شاكر
استغفروا ❤️
★★★★★
“نــــــــــداء… بنتــــــي”
دوى صوت دينا المصدومة بالمكان وهي ترى جسد نداء المنكبة على وجهها تفترش الأرض بلا حول ولا قوة، تبعت تلك الكلمات بصرخات من شدة هلعها تزامنًا مع دخول الأخت الكبرى لـ دياب «داليا» من بوابة البيت مع بناتها الأربعة وعلى الفور حملن نداء لإحدى الغرف وساعدتها إحداهن في استعادة وعيها وفحصتها لتتأكد من سلامتها، هتفت شيرين بقلق:
“طمنينا عليها يا دكتوره!”
أخذت الفتاة تتفحص نداء وما يؤلمها ثم نطقت:
“الحمد لله مفيش كسـ ـور”
تبع جملتها خروج تنهيدات ارتياح من الواقفات حول نداء…
كانت نداء تتأملهن وهن يحمدن الله على سلامتها، وشردت تتذكر رائد الذي كان أخر شيء رأته قبل أن تفقد وعيها فلم يسبق لها أن فقدت وعيها مطلقًا وكانت تتمنى تجربة ذلك لكن ليس بتلك الطريقة المحرجة!!
أخرجها من خضم أفكارها صوت داليا وهي تشير نحو ابنتها مخاطبة دينا بابتسامة وزهو:
“دي الدكتورة غاده بنتي الكبيرة..”
استرسلت داليا بفخر أكبر:
“ومتجوزه دكتور صادق العدلي صيدلاني كبير أوي أكيد تسمعوا عنه”
خرجت وئام من الغرفة فهي تعرف عمتها وحبها الدائم للفخر ببناتها فلم تحضرهن للحفل إلا للحديث عنهن والتباهي بهن بين الناس….
وقفت وئام أمام باب الغرفة تتسائل في سريرة نفسها هل يحق لعمتها أن تفعل! فبعد أن توفى عنها زوجها وكانت أكبر بناتها في السادس من عمرها لم تتزوج بل آثرت الكد والتعب لتربيهن وحدها…
“وئام! إنتِ كويسه يا حبيبتي؟”
جذبها خارج أفكارها صوت رائد الذي ربت على كتفها وهو يُطالعها بقلق، أجابت:
“كويسه متقلقش”
أشار رائد للغرفة وسألها بخفوت ونظرات يتجلى بها الإضطراب:
“ونداء…..”
ارتسمت على شفتيها ابتسامة متفهمة وغمزت بعينيها قائلة
بعض المكر:
“فاقت وغاده قالت إنها كويسه… متقلقش عليها”
تنحنح رائد وأخذ يفرك أذنه وهو يرمق وئام بنظرات مذبذبة وهي عاقدة ذراعيها أمام صدرها وتبتسم بمكر فقال متلعثمًا ليغير مجرى الحديث:
“هاتيلنا حاجه ساقعه”
قالت وهي تومئ رأسها ومازالت نظرات الخبث تشع من مقلتيها:
“الساقع في التلاجه”
حدجها بنظرة مطولة ثم انصرف من أمامها دون أن يعقب….
وقفت وئام تُطالعه وهو يغادر ثم ابتسمت بحمـ ـاس زاعمةً بأن خطتها هي وهيام لتقريب رائد من نداء قد نجحت جذبها من أفكارها عامر الذي ضمها محاوطًا ساقيها بيديه وهو يقول بنبرة باكية:
“أنا آسف…”
انحنت وئام لمستواه وضمت وجهه بيدها وهي تقول بشفقة:
“بتعيط ليه يا حبيبي؟”
قال بنبرة متحشرجة:
“عشان أنا اللي وقعتكوا”
“إحنا كويسين والله متعيطش”
حاوط عمرو ظهرها من الخلف هو الأخر مرددًا ببكاء:
“أنا كنت خايف عليكوا”
جذبتهما وئام لحضنها وهي تربت على ظهرهما مرددة:
“والله إحنا كويسين… خلاص بقا يا عمرو”
رد عامر بعد أن جفف دموعه:
“أنا مش عمرو أنا عامر”
وئام بابتسامة:
“طيب خلاص يا عامر”
خرج عمرو من أحضانها وهو يمسح دموعه بيديه ويردد:
“أنا مش عامر أنا عمرو”
وانفـ جـ ـر ثلاثتهم بالضحك وشاركهم آدم الذي كان يتابع الحوار من زاوية قريبة….
وبعد أن غادرت وئام اقترب منهما آدم وهو يحرك زجاجة من قطرة العين بيده قائلًا بمكر:
“مش قولتلكم العياط هو الحل”
عمرو بابتسامة:
“إيه رأيك في تمثيلنا؟”
آدم بضحك:
“تمثيل؟ دا أنا صدقتكم واتأثرت”
التقط عامر القطرة من يده وأخذ يضعها بعنيه لتسيل على وجنتيه وأخذ يتظاهر بالبكاء ناطقًا:
“يلا بينا بقا على ست الحبايب”
بقلم آيه شاكر
لا حول ولا قوة الا بالله ❤️
★★★★★
“يعني عمو ضياء طلع متجوز واحده تانيه؟!”
أومات ريم رأسها بالإيجاب دون نطق، فأشارت هيام لـ محمد وهي تنظر لـ ريم مستطردةً:
“يعني ده أخوكي؟”
ريم وهو تُطالع محمد:
“أيوه محمد أخويا من بابا”
رمقت هيام محمد الذي يتابع حديثهما مرتديًا جلباب الصمت، أطلقت تنهيدة قصيرة وهي تُطالع ريم ثم قالت:
“تمام!… وزي ما اتفقنا مش هقول لحد حتى وئام”
أردفت:
“أنا همشي بقا عشان ماما كانت طالبه مني حاجات واتأخرت”
“استني هاجي معاكِ”
قالتها ريم…
مد محمد يده لها فكادت تقول أنها لا تصافح الرجال لكنه نطق:
“بطاقتي!”
قطبت جبينها في دهشة واستفهام:
“مالها؟”
نظر للبطاقة في يدها قائلًا بابتسامة:
“معاكي… هاتيها”
ارتبكت حين فهمت مقصده وقالت بتلعثم:
“اه… معلش مش مركزه… اتفضل”
وقبل أن تغادر اتفقت معها ريم أن تساعد محمد في الإلتقاء بها مساء دون أن يلاحظ أحد…
وغادرت ريم مع هيام التي رمقت محمد بطرف خفي قبل أن تنصرف، ومازالت مشدوهة ومصدومة من ظهور ابن عم مفاجئ…
لم يرمي محمد تركيزه إلا مع أخته التي تحققت أمنيته ورآها…
أما ريم فكانت مشاعرها مضطربة للغاية تكاد تطير فرحًا لأن محمد أخوها فكم تمنى قلبها أخ حنون تشعر معه بالدفء بعيدًا عن قـ ـسوة أخوتها ووالدتها وها قد تحققت أمنيتها دون أن تنطق بها، وفي نفس الوقت يُنغصها أن والدها تزوج أخرى غير والدتها…
مما يبعث الطمئنينة في النفس أن الله يرى؛ يرى الخبايا والنوايا ويعلم ما تكنه الصدور، وكل ما تتمناه القلوب ولم تنطق به الألسنه، وسبحانه يرزق على قدر النوايا…
بقلم آيه شاكر
صلوا على خير الأنام ❤️
★★★★
وفي المساء
جلست ريم جوار والدها تمسك القلم بيدها لتوقع الاوراق، كانت يداها ترتجفان وداخلها يختلج وكادت والتساؤلات تطيح برأسها هل تفعل الصواب أم أنها تسرعت بقبول تلك الزيجة، رفعت رأسها تُطالع رامي المبتسم فقال المأذون مداعبًا:
“إيه يا عروسه لسه بتفكري ولا ايه؟”
ابتسمت ريم بحياء ودقات قلبها تتسارع وأخذت توقع الأوراق واحدة تلو الأخرى حتى انتهت..
وفور انتهائها انهالت عليها المباركات
ثم رأت رامي يدنو منها فأسقطت بصرها أرضًا بحياء، مد يده ليصافحها ثم قبلها من مقدمة رأسها، أخرج الدبلة التي أخذتها منها وئام صباحًا، فمدت يدها اليمين لكنه تجاهلها وسحب يدها اليسار ووضع الدبلة في يدها ثم طبع قبلة عليها وسط زغاريد النساء، وارتباك ريم الظاهر جليًا لكل الحضور، وحين وقف رامي جوارها مال على أذنها وقال:
“إيه يا مسكر روقي… باين عليكِ التوتر أوي”
أشارت له ريم ليقترب فهمست في أذنه:
“أنا عايزه أدخل الحمام”
مسك يدها وقال بابتسامة:
“دقيقتين بس وهسيبك تروحي”
********
ومن ناحية أخرى أشارت هيام لـ محمد ليصعد الدرج وهي تلتفت حولها بتوجس، أدخلته لغرفتها في سرعة ثم أغلقت الباب وقالت بهمس:
“ريم قالتلي إنها هتيجي دلوقتي استناها بقا هنا”
“طيب ماشي شكرًا يا هيام”
وضعت هيام يدها على مقبض الباب لتخرج وهمت أن تفتحه فسمعت صوت والدتها تقبل نحو غرفتها، فاتسعت حدقتيها وأغلقت الباب وهي تقول:
“ماما جايه على هنا… ادخل الحمام بسرعه”
دلف إلى المرحاض وتبعته هيام ثم أوصدت الباب فقال بهمس:
“دخلتِ ليه!”
وضعت سبابتها على فمها أن صه…
ومن ناحية أخرى اتجهت شيرين صوب المرحاض وضعت يدها على المقبض لتفتحه فلم يفتح! نقرت على بابه وهي تقول:
“حد هنا يا ولاد؟”
ردت هيام بتوتر:
“أيوه… أنا هيام يا ماما عايزه حاجه؟”
“عايزه ادخل الحمام انجزي”
“حـ… حاضر…”
التفتت هيام حولها بارتباك وهي تقول بنزق:
“اعمل ايه دلوقتي يعني سابت كل حمامات البيت وجايه هنا!”
محمد بهمس:
“أنا آسف على الموقف ده”
هيام بحدة:
“اسكت”
عقد جبهته هامسًا بتعجب:
“اسكت! إنتِ بتعامليني كده ليه؟”
زمت شفتيها وهمست بحنق:
“اسكت دلوقتي”
قاطعها صوت شيرين من الخارج:
“يلا يا هيام…”
قالت بتلعثم:
“بطني وجعاني يا ماما شوفي حمام تاني”
“ايوه ما هي لازم توجعك ما إنتِ كنتِ عملالي ميكس بين الشاي السخن والعصير المتلج”
قالتها شيرين بنزق قبل أن تغادر الغرفة فقال محمد وهو يكبح ضحكاتهم:
“فعلا؟! كنتِ عامله الميكس ده؟”
وحين اطمئنت هيام أن والدتها غادرت فتحت باب المرحاض وهي تقول:
“وإنت مالك؟ إنت هتصاحبني!”
تركته واتجهت صوب باب الغرفة فسمعت صوته يقول:
“معاملتك جافه”
ارتسمت ابتسامة على شفتيها وكادت أن تغادر فطرأ في رأسها سؤال، التفتت له وسألته:
“هو إنت عندك كم سنه؟”
قال بسخافة مصطنعه:
“وإنتِ مالك! إنتِ هتصاحبيني!”
تجهم وجهها وكادت ان تغادر فضحك وأوقفتها إجابته:
“استني بس… أنا يا ستي هكمل ٢٥ كمان شهر”
قالت:
“يعني عمو متجوز بقاله أكتر من ٢٥ سنه واللي اسمها فاطمه دي متعرفش!”
قال مستفهمًا:
“فاطمه دي مامت ريم؟”
أومأت هيام رأسها إيجابًا فأردف محمد مستفهمًا:
“هي مجتش الحفله؟”
وكانه أطلق عقدة لسانها بسؤاله فقالت:
“لا دي ست صعبه أوي…”
أخذت هيام تحكي لـ محمد كيف تحقد عليهم تلك المرأة ومعاملتها القاسـ ـية لهم منذ الصغر مرورًا بسردها لتلك المشاجرة التي حدثت بين صالح ورامي وما فعلوه مع ريم، وأخيرًا ما فعله عمرو وعامر مع صالح، فضحكا الإثنان، وقال محمد بابتسامة:
“يا نهار أبيض إخواتك دول كـ ـارثه”
قالت من خلف ضحكاتها:
“فعلًا والله دول محيرين ماما”
أطلق محمد تنهيدة وقال:
“كان نفسي أتعرف عليكم من زمان أوي… ومازلت نفسي أتعرف على رامي ورائد وأخواتي برده”
“إن شاء الله تتعرف عليهم قريب وعمو ضياء يقول لفاطمه ويحـ ـرق دمها”
قال بضحك:
“للدرجه دي يا هيام!”
ضحكت ولم تعقب ثم سألته:
“هو إنت شغال إيه؟!”
“أنا خريج سياحه وفنادق وشغال في فندق في مطروح”
اومأت رأسها بابتسامة لكنه لم يسألها شيء عنها فقد سال والده سالفًا وألم بكل ما يريد..
“هيام”
كان صوت ريم التي طرقت باب الغرفة ففتحت ريم وهي تسحبها للداخل وتغلقه مجددًا…
بارك لها محمد وقبل رأسها وهو يقول:
“ربنا يسعدك يا ريم”
ابتسمت ثم قالت بحمـ ـاس:
“على فكره بابا قالي إني هاجي معاكم مطروح لحد ميعاد الفرح”
محمد بنفس الحمـ ـاس:
“الله يا ريم والله فرحت أوي”
اتسعت ابتسامة هيام وهي تراقبهما، ولاحظت نظرات محمد المختلسة نحوها بين وهلة وأخرى…
وبعد فترة خرجت ريم من الغرفة وتركت لهيام مهمة توصيل محمد لخارج البيت دون رؤية أحد له…
راقبت هيام المكان وأوصلت محمد لخارج البيت وقبل أن يغادر مدت يدها بعلبة من العصير وهي تقول:
“اتفضل”
أخذها من يدها وقال مبتسمًا وبامتنان:
“شكرًا مره تانيه يا هيام”
استدارت ولوحت له بيدها وهي تقول بمرح:
“سلام يابن عمي”
بقلم آيه شاكر
سبحان الله وبحمده ❤️
★★★★★
كانت نداء تقف جوار وئام في الشرفة، تحكي لها وئام عن عمتها داليا وبناتها أشارت وئام لإحداهن تُدعى «ريمان» وطفقت تخبر نداء أنها تحب رائد منذ الصغر وقد طلبت من وئام وهيام المساعدة للتتزوجه، فسألتها نداء بتوتر:
“ورائد بيحبها؟”
وقبل أن تجيبها باغتهما صوت رائد:
“وئام كلمي ماما”
بدلت وئام نظرها بين نداء المرتبكه ورائد الذي ينتظر خروج وئام وقالت بمكر:
“حاضر هكلم ماما”
غادرت وئام وابتلعت نداء ريقها باضطراب وهي ترى رائد يدلف للشرفة، خاطبها دون أن ينظر إليها:
“ابقي طلعي رقمي من قائمة الحظر”
لم ينتظر إجابتها فقط قال جملته وغادر…
نظرت لمكانه الفارغ ورفعت رأسها لأعلى عازمة ألا تفعل….
مرت الأيام
وبعد ثلاث أسابيع قضتهم ريم بمرسى مطروح برفقة أخيها وأبيها، ولم يتبقى على زفافها سوى إسبوع فقط….
ولم تحاول وئام إظهار صوتها ليسمعه يحيى حين يتحدث مع رائد عبر الهاتف بل كانت تحاول حبس أنفاسها كي لا يشعر بها بعد أخر موقف محرج بينهما…
أما نداء فلم ترى رائد أو تتواصل معه خلال الأسابيع الماضيه، وتركته يحاول التواصل معها بلا فائدة، وأخر شيء أرسل لها رسالة عبر الفيسبوك:
“لو مخرجتيش الرقم من قائمة الحظر ورديتي عليا هاجي أقول لباباكي كل حاجه بكره”
تجاهلت نداء الرسالة وخرجت من غرفتها لتجد دينا تقف قبالة الأريكة تتفحص ثياب من الواضح أنها مستعملة، ظنت أن خالتها من أرسلتها، دنت من والدتها وقالت:
“مين جايب الهدوم دي يا ماما؟!”
دينا وهي تتفحص الثياب:
“دي طنط شيرين بعتاهم قالتلي أوزعهم على أي حد بس والله هدوم جديده وتناسبك تعالي شوفي كده”
تجهم وجه نداء وصكت أسنانها، قالت وهي تحاول كظم غيظها:
“لا يا ماما مش هاخد منهم حاجه”
أخرجت دينا فستان أخر وقالت:
“ليه!!! طيب شوفي الفستان ده!”
قالت وهي تحاول التحكم بأعصابها:
“يا ماما دي هدوم هيام ووئام وأنا بقابلهم كل يوم تقريبًا مينفعش ألبس هدومهم”
“ليه مينفعش! يا بنتي الهدوم دي خسارة”
قالتها دينا وهي تُقلب بين الملابس، فخرجت نداء عن هدوئها وقالت بحدة:
“يا ماما افهميني… أنا كبرت بقيت أتحرج ألبس هدوم مستعمله!”
جذبت والدتها من ذراعها وهي تقول:
“تعالي يا ماما”
فتحت نداء مخدع ملابسها بقـ وة وقالت وهي تشير لملابسها:
“وريني كده إنتوا شارينلي ايه من الهدوم دي؟!”
أردفت بدموع وهي تُخرج الملابس واحدة تلو الأخرى:
“دي خالو جايبهالي من بره ودول تبع بنات خالتي… يا ماما أنا هدومي كلها مستعمله!”
قالت جملتها الأخيره بنبرة مرتفعة متحشرجة، ثم ارتشفت دموعها ومسحتها وهي تقول:
“مش معنى إني مبتكلمش يبقا مش محتاجه حاجه! أنا بس بتحرج أطلب منكم…”
كانت والدتها تُطالعها بشفقة، ربتت على كتفها ولم تنبس بكلمة وهمت لتغادر الغرفة تاركة نداء لكنها اوقفتها قائلة:
“أنا هشتغل وأصرف على نفسي وأشتري اللي أنا عايزاه مش عايزه منكم حاجه…”
توقفت دينا مكانها للحظة ومن ثم غادرت الغرفة دون أن تلتفت لإبنتها التي هوت على فراشها وأخذت تبكي بنشيج مسموع…
وقفت دينا قبالة الأريكة تنظر للملابس المبعثرة لملمتها ثم جلست تُطالع الفراغ فكلام ابنتها كان بمثابة صفعة جعلتها تستيقظ من غفوتها…
لم تتغاضى عما حدث وأقنعت رشدي أن يشتري لـ نداء ملابس جديدة لتلفت نظر رائد، فوافق رشديعلى مضض…
★★★★★
وفي اليوم التالي
دلفت وئام لغرفة رائد بعد عدة طرقات فلم تجده ولكن قبل أن تخرج دوى صوت هاتفه فأخذت ترنو إليه وكان إسم المتصل ”يَحيى” ابتسمت فمازال اسمه يبعث شيء في نفسها، أخذت الهاتف معها وخرجت من الغرفة، وبعد ثلاث رنات ولكثرة عدد الرنات… لا شيء أخر كما نعلم أجابت عليه، فسمعت صوته:
“إيه يا غالي تقلان عليا ليه؟”
ابتلعت ريقها ثم قالت:
“أ… أ… أنا وئام”
تجمد صوته فجأة وهو يسأل:
“فين رائد؟”
قالت:
“باين خرج ونسي الموبايل”
قال بنبرة جادة:
“تمام شكرًا”
وضعت هيام يدها على صدرها علها تُهدأ خفقاته وأخذت تنهر نفسها قائلة:
“يارتني ما رديت”
عادت تضع الهاتف في حجرة أخيها كما كان وتركت الغرفة…
من ناحية أخرى أغلق يحيى الهاتف وكان مضطربًا لأنها أجابته لكن لم يتخذ الموضوع حيز من تفكيره حين أبصر آدم يقف في الشارع حاملًا الديك بعدما ذ**بحته والدته وهو يصرخ ويصيح قائلًا:
“أمي خانتنـــــي”
بقلم آيه شاكر
صلوا على خير الأنام ♥️
★★★★
رآها «علي» وهي تقف في الشرفة فأخذ يطيل النظر إليها ويتفحصها وهي شاردة تُحملق أمامها في سكون، نظر له صاحبه وقال بخفوت:
“نزل عينك أبوها هياخد باله”
استجاب له علي فأردف صاحبه:
“إيه مفيش جديد!”
“للأسف طلعت ماشيه مع واحد تاني!”
صاحبه ساخرًا:
“كنت حاسس والله… مش قولتلك مفيش بنت تقدر تعيش من غير راجل يسمعها كلمتين… تلاقيك بس اتأخرت”
ابتسم علي ولم يعقب فاستطرد الشاب:
“بس أنا زعلان منك بقالك سنه بتكلم دعاء وإنت عارف إن عيني منها”
“يا عم متزعلش نفسك هديك رقمها…”
أردف علي وهو يخرج هاتفه:
“أكتب عندك ٠١١**”
★★★★★★
خرجت دينا للشرفة وخاطبت نداء:
“جهزي نفسك عشان هننزل نشتريلك هدوم بالليل”
التفتت لها نداء وقالت بندم:
“أنا آسفه يا ماما انفعلت عليكِ امبارح”
ربتت دينا على كتف ابنتها وهي تقول بابتسامة قبل أن تغادر:
“ولا يهمك”
ثم تركتها ودخلت فنظرت نداء لأثرها ثم عادت تنظر أمامها فجذب انتباهها سيارة تقف أمام بيتهم، تمعنت النظر فرأت رائد يرتجل منها ويدنو من والدها، أطبقت يدها على فمها تكتم شهقتها ثم ركضت للداخل تبحث عن هاتفها المحمول لتخرج رقمه من قائمة الحظر ثم تتصل به منتتظرة إجابته…
لم يجبها وما هي إلا لحظة وكان هاتفها يضيء برقمه فأجابت في سرعة وداخلها يختلج، انتظرت صوته ولكن باغتها صوت تألفه:
“طبعًا مستنيه تسمعي صوت تاني!”
ضحكت ثم أردفت:
“بترني على أخويا ليه بقا؟”
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية سدفة)