روايات

رواية سدفة الفصل السابع عشر 17 بقلم آية شاكر

رواية سدفة الفصل السابع عشر 17 بقلم آية شاكر

رواية سدفة الجزء السابع عشر

رواية سدفة البارت السابع عشر

سدفة
سدفة

رواية سدفة الحلقة السابعة عشر

ازدردت «نداء» لعابها باضطراب فمن ناحية هيام التي أجابت على الهاتف ومن الأخرى رائد الذي حتمًا يخبر والدها الآن!
وحين طال صمت نداء وسمعت هيام أنفاسها المضطربه قالت بارتياب:
” أنا أصلًا شاكه فيكوا من فترة من يوم ما شوفت رقمك عند رائد…”
أسدلت نداء ستارة جفونها وهي تضغط شفتيها معًا لا تدري أيعاندها القدر؟ لكن القدر لا يُعاند هو فقط يسوقنا للنصيب المحسوم منذ دخولنا من بوابة الدار الدنيا…
“يا بنتي ردي متخافيش هستر عليكوا أنا أصلًا كتومة أوي كتومه جدًا كتومه خالص”
قالتها هيام ثم أطلقت عدة ضحكات ساخرة…
نفخت نداء الهواء من فمها لتهدأ ثم نطقت بتلعثم وتوتر تجلى بنبرتها:
“هيام إنتِ…. إنتِ فاهمه غلط”
حمحمت هيام بعد أن عقدت أرجلها أعلى فراش رائد وقالت:
“اشطا فهميني بقا الصح”
حاولت نداء تأليف حكاية:
“أ… أ… وئام رنت عليا مره من الرقم ده و… وسجلته… وكنت برن عليكوا وبعدين…”
أدركت أنها فشلت في التأليف حين قاطعتها هيام:
“نداء متألفيش عشان باين عليكِ… وبعدين رائد مسجل رقمك هو كمان وأنا عرفت الموضوع ده من ٦ شهور تقريبًا عارفه عرفت إزاي؟…”
نداء بنبرة مرتعشة:
“عرفتِ إزاي؟!”
طفقت هيام تحكي ما حدث….
”رجوع بالزمن ستة أشهر”
كانت رائد يجلس على مكتبه أمام جهاز اللابتوب يُطالعه بتركيز حين قالت هيام:
“رائد هات موبايلك كده هعمل مكالمة ضروري”
قال دون أن يلتفت:
“عندك على السرير”
كتبت هيام رقم نداء وتفاجئت بأن رائد قد سجل رقمها سلفًا، فسألته:
“هو رقم نداء متسجل معاك إزاي؟!”
انتبه رائد حين نطقت اسم نداء، قطب جبينه مستفهمًا بتعجب:
“نداء!! وريني كده؟”
قالها وهو يمد يده ليأخذ هاتفه ويُطالع الرقم ثم ينظر لأخته قائلًا بذهول:
“هو… هو ده رقم نداء!!”
اومأت هيام رأسها وهي مبتسمة بخبث، فأخذ رائد يفرك ذقنه وهو يتذكر ما مضى؛ نظرات نداء التي كانت تشي بكل شيء لكنه لم يفطن لها إلا الآن، حركاتها وتوترها كلما رأته، واضطرابها الدائم بحضرته! تجهمت ملامحه وجذبه من شروده صوت هيام الماكر:
“إيه يا أبيه… مقولتليش رقم نداء بيعمل إيه هنا!”
قال بتوتر:
“هه… لأ… مـ… مش عارف هتلاقي وئام اللي مسجلاه…”
”عودة”
وبعد أن قصت عليها هيام ذلك الموقف أكملت:
“ولما سألت وئام أكدتلي إنها مسجلتش الرقم ولا عمرها كلمتك من تلفون رائد…. اتفضلي احكيلي بقا إيه اللي بينكوا؟ وكلي آذان صاغية”
إذًا رائد يعرف بحقيقها من فترة طويلة! فقد زعمت أنه عرفها حين طلبت السنامكي! وظنت أيضًا أنه حين يعرف تلك الحقيقة ستسقط من نظره ولن يفكر بها مطلقًا!
لا تدري بأنه بالفعل ابتعد عنها فتره بعد معرفته، لكنه عاد وراقبها لفترة أخرى وجذبه حيائها واحترامها والمواقف التي سردتها وئام وهيام عنها وكيف أنها تخجل من أن ترفع بصرها بأي شاب فانجذب لها رغمًا عنه وقرر أن يغفر لها ذلتها تلك! هي أخطئت وهو أيضًا لم ينفي عن نفسه حقيقة اقترافه لتلك الذلة التي وقع بها…
فمن منا معصوم؟! ومن منا مثالى! نحن بشر نخطئ ونصيب نتوه ونعود، وتتقلب قلوبنا بين خير وشر، ثبات وسقوط، استقامة وانحناء، والمهم أن نعرف طريقنا ونعلم أن مردنا إلى الله وندعوه بالثبات….
أغلقت نداء مع هيام على وعد بأن تحكي لها في وقت لاحق لأن هناك ما يشغلها الآن، فوافقت هيام بعد أن أعطتها موعد بعد يومين لتتقابلا وتعرف يما تواريه نداء…
وقفت نداء في الشرفة تُطالع رائد الذي يجلس جوار والدها وطفقت تبتلع ريقها بتوجس وتيار من التساؤلات يموج برأسها هل سيخبر والدها؟ أم أنه أخبره بالفعل؟ وما هذا التصرف المتهـ ـور الذي يفعله!!؟
جذب انتباهها «علي» الذي كان يرفع رأسه وينظر نحوها بين وهلة وأخرى ولكن نظراته تشي بمدى غضبه! ارتبكت أكثر فهل سمع علي ما قاله رائد لذا هو غاضب منها!
أخرج علي سيجارة من جيبه وأخذ يدخن وينفث الهواء من فمه بحنق شديد، ونداء تتابع ما يجري وداخلها يختلج هلعًا، ومما جعل فرائصها ترتعد هو نهوض رشدي من جوار رائد مندفعًا لداخل البيت، أطبقت يدها على فمها وهي تقول:
“يارب استر…”
ومن الجهة الأخرى انتبه «رائد» للإتجاه الذي يُحدق به علي، فضغط على أسنانه ونهض متجهًا نحو علي حتى وقف خلفه…
لم ينتبه له علي إلا حين خاطبه بنبرة جافية:
“إزيك يا غالي”
ارتبك علي حين بدل رائد نظره بينه وبين شرفة نداء كأنه يخبره بأنه رآه، فألقى علي السيجارة أرضًا ودعسها قبل أن يزيح قدمه عنها، وبعد ابتسامة صغيرة مضطربة قال علي:
“الحمد لله… ازيك يا باشا”
رائد ونظره منصب على السيجارة التي ألقاها علي لتوه:
“التدخين مضر بالصحة يــــا…. إنت اسمك إيه؟”
أجاب بنبرة متوترة:
“علي… اسمي علي”
استغفروا♥️
بقلم آيه شاكر
★★★★★
“أمي خانتنـــــي…”
أخد آدم يكررها ويبكي وهو يقف أمام بيته، ويُطالعه بعض الجيران من شرفتهم والبعض يقف حوله طفي الشارع، قالت والدته وهي تحاول جذبه ليدخل للبيت:
“يبني ده مش سونه… ادخل فضحتنا في الشارع”
آدم ببكاء:
“هو ثونه أنا متوهش عنه ابدًا… متبقيش خاينه وكذابه كمان”
أطلق صرخة عالية وهو يضم الديك وأخذ يبكي بنشيج مسموع، حتى ظهر يحيى الذي خرج من البيت قائلًا بقلق:
“إيه يا آدم؟!”
قال آدم وهو يضم الديك لصدره ببكاء:
“أمي خانتني”
كبح يحيى ضحكته وقال وهو يحمل آدم:
“طيب تعالى نحل الموضوع ده جوه”
دلفوا للبيت فاقتربت والدة آدم وأخذت الديك من يده فقال آدم بانهيار:
“من النهارده إنتِ مش أمي ولا أعرفك…وكلي لحمة ثونه مطرح ما يسري يهري”
اتسعت حدقتيها وهي تقول:
“شوف يا يحيى الوله بيتكلم إزاي؟”
يحيى بضحك:
“مش تربيتك دي يا مرات عمي!!”
صاح آدم من خلف بكاءه:
“لأ أنا محدش رباني”
ربت يحيى على ظهره وهو يقول:
“واضح يا حبيبي متعصبش نفسك…”
صعدت والدة آدم الدرج وهي تردد بإرهاق:
“أدي جزاء اللي يخلف بعد أربعين سنه أنا محدش حيرني في حياتي إلا آدم!”
نظر يحيى نحو آدم فصرخ آدم وهو يكرر عدة مرات:
“مطرح ما يسري يهـــــــري”
وضع يحيى يده على فم آدم وهو يقول:
“كفـــــــــــاية”
فتح يحيى باب شقته ودلف إليها مع آدم وصعدت السيده للطابق التالي لشقتها…
بقلم آيه شاكر
لا تغفلوا عن الدعاء لإخواننا في فلسـ ❤️ ـطين
★★★★
“مش هتيجي معانا؟”
قالتها ريم وهي تجلس قبالة محمد الذي يتأملها بابتسامة، قال:
“هحصلكوا وعلى ما بابا يأجرلنا شقه… وبعدين حتى لو جيت ما أنا مينفعش أظهر”
قالت:
“لكن أنا بطمن بوجودك جنبي… هتوحشني أوي يا محمد أنا اتعودت على وجودك”
ضم كفها الصغير بكفه وهو يقول بملامح عابسة:
“والله وإنتِ كمان… حقيقي يا ريم أنا مش عارف أفسر مشاعري هل أنا فرحان عشان هتتجوزي ولا زعلان عشان بعد ما لقيتك هتبعدي تاني!”
“تصدق لو قولتلك إني ندمانه إني وافقت على رامي…”
غصن محمد حاجبيه وارتسمت على ملامحه علامة استفهام، فاستطردت ريم:
“يعني لما قابلتك وقارنت مشاعري ناحيتك بمشاعري ناحية رامي خوفت أكون بحبه كأخ!!”
ضحك ثم عقب بابتسامة:
“وإيه يعني يا بت… حبيه بكل ألوان الحب أخ وأب وابن و… وفوق كل ده زوج…”
أردف:
“والله أنا حبيت رامي من كلامك عنه وواضح جدًا إنه راجل يا ريم وبيحبك فخلي بالك منه…”
ابتسمت ولكن أخذت التساؤلات تضج برأسها حتى خطر لها سؤال نهرت نفسها أنه جال في خاطرها؛ أن ماذا عن رائد؟! هل كانت تحبه كأخ هو الأخر أم أن مشاعرها نحوه كانت حقيقية!!
بقلم آيه شاكر
لا حول ولا قوة إلا بالله ❤️
★★★★★★
دلف رشدي للمنزل وهو ينادي بصخب:
“نـــــــداء…”
انتفضت نداء واختبئت خلف الباب ولم تجبه، فخرجت دينا تسأله عما يريد ونداء تصغي جيدًا لحوارهما فقال:
“البسي بسرعه إنتِ والعيال هنركب مع رائد وتلفوا شويه على ما نوصل عزال رامي للشقه..”
“طيب ماشي…”
نظرت نداء من الشرفة لترى العمال يضعون بعض الأثاث داخل سيارة النقل فأدركت أن رائد قد أتى لأخذه وأنها ارتبكت دون حاجه!
رفع رائد بصره إليها وأشار بسبابته لتدخل فدلفت للغرفة لتنتبه على صوت والدتها النازقة:
“هو أنا مش بنادي عليكِ! خلصي البسي عشان هننزل نشتري لبس”
“حـ… حاضر يا ماما”
تجهزت نداء في سرعة وكذالك والدتها وأخيها ونزلوا للأسفل..
وكان علي يرمق نداء بنظرة غاضبة لم تعهدها منه!
جذبت نظرات علي انتباه رائد فكان يقف أمامها ليخبئها عن عينه، وحين سئم من تلك اللعبه اتجه نحو نداء وقال وهو يشير لسيارته:
“اركبي”
ابتلعت نداء ريقها ولم تُحرك ساكنًا، ففتح رائد باب سيارته وخاطب دينا:
“اتفضلوا يا طنط”
وبعد فترة وجيزة غادروا ومعهم«علي» بعدما أمره رشدي بمرافقتهم وسط نظرات رائد الساخطة…
وقبل أن يصلوا للبيت قالت دينا:
“نزلنا هنا بقا يا رائد”
“هو حضرتك رايحه فين يا طنط”
“هنشتري هدوم وحاجات على ما عمك رشدي يخلص”
تنهد رائد بارتياح فلن تكون نداء تحت عين علي وهذا بعث في نفسه الطمأنينة، توقف لترتجل نداء مع والدتها وتترك نادر بعد أن حدثته بلغة الإشارة أنه سيلحق بهما مع والده…
بقلم آيه شاكر
صلوا على خير الأنام ❤️
★★★★★
“يا معلم ما أنا رنيت عليك قالولي إنك نسيت الموبايل وخرجت…”
قالها يحيى وهو يخاطب رائد عبر الهاتف، فقال رائد:
“ما أنا قايلك هروح أجيب عزال رامي يلا تعالى أنا في انتظارك”
“ماشي يا غالي مسافة السكه”
نظر يحيى صوب آدم المنزوي في ركن بعيد، متجهم الوجه وخاطبه:
“آدم تيجي معايا عند عمرو وعامر؟”
قالت بنبرة حزينة:
“ماشي بس روح هاتيلي هدوم من البيت”
وبعد فترة وقف يحيى جوار رائد بالشرفة بينما نظراتهم مسلطة على «علي» الذي يقف جوار رشدي يحتسى الشاي بعدما انتهى من عمله، فخاطب رائد يحيى هامسًا:
“الواد ده مش مظبوط”
طالع يحيى علي مرددًا بنفس الهمس:
“قصدك إيه بمش مظبوط؟!”
“يعني بيشرب حاجه…”
يحيى وهو يمعن النظر ليد علي:
“فعلًا دا بيشرب شاي الكوبايه في إيده”
“شاي ايه يا يحيى ركز معايا… قصدي حشيـ ـش… بودره كده يعني…”
يحيى بجدية:
“وإيه اللي خلاك تقول كده؟”
“باين عليه جدًا…”
أمعن يحيى النظر لـ علي الذي شعر بنظراتهما وارتبك أكثر!
هم يحيى أن يتحدث لولا صوت وئام الهادر:
“والله ما هسكت… مش هسكتلك يا رغدة”
كانت تقف بالشرفة أسفلهما وتُطالع رغدة التي نزلت من البيت قبل لحظات، نظرت لها رغدة وقالت:
“ادخلي يا طويله متفرجيش الناس عليكِ وإلا هيتأكدوا إنك هبـ ـله”
حاولت هيام أن تسحبها للداخل وهي تقول:
“خلاص بقا يا وئام…”
تسارعت أنفاس وئام ودفعت هيام قائلة بحدة:
“إوعي”
ثم أجهشت بالبكاء، فناداها رائد بلهفة:
“فيه إيه يا وئام؟!”
رفعت وئام رأسها فأبصرته يقف جوار رائد مما زاد من غضبها لأنه سمع ما قالت رغده، شهقت باكية ثم قالت بنبرة مرتفعة وبعصبية عارمة وهي تضـ ـرب سور الشرفة بقبضة يدها:
“أنا عايزه حقي… عايزه حقي”
ضـ ـربتها والدتها كفًا على وجهها وهي تصرخ بوجهها:
“اسكتـــــي…. اسكتـــــي بقــــا”
ربت رائد على كتف يحيى قبل أن يخرج في سرعة وهو يقول:
“ثواني وجايلك…”
أومأ يحيى رأسه دون أن ينطق لكنه شعر بالغضب حين رأى حالة وئام تلك!!
*********
“إيه اللي حصل يا ماما؟”
قالها راپد فركضت وئام وارتمت في حضنه وهي تبكي بمرارة، فربت على ظهرها وهو يقول:
“إيه يا حبيبتي؟!”
شيرين بانفعال:
“حبيبتك إيه وزفت إيه!! أختك اللي غلطانه… البت كانت جايه بيت عمها ودي قعدت تلقح عليها بالكلام وفي الأخر طردتها!”
قالتها شيرين وخرجت من الغرفة وهي تستشيط غضبًا من ابنتها وما فعلته!
صمت رائد لبعض الوقت وأخذ يُهدأ وئام التي لم تتوقف عن البكاء، فسأل هيام:
“إيه اللي حصل يا بنتي”
هيام:
“رغده دي مستفزه زي ما تكون كانت جايه تحـ ـرق دمنا وتمشي”
استرسلت تشرح ما فعلته رغدة:
“هي دخلت وقعدت… ماما رحبت بيها ونادتني أسلم عليها أنا ووئام فسلمت عليها لكن وئام عنديه وقعدت تجادل وشدوا مع بعض ولقحوا بالكلام لحد ما رغدة قالت لـ وئام يا طويله يا هبله إنتِ فاكره حد هيبصلك!”
قالتها هيام وهي تقلد طريقة رغدة المتهكمة ثم إستأنفت:
” فوئام اتعصبت ومسكت فيها وطردتها بس كده…”
ابتسم رائد وخاطب وئام مداعبًا:
“يا بت دا إنتِ زي القمر… دا إحنا مش ملاحقين على العرسان هي اللي متغاظه منك عشان إنتِ أحلى منها!”
ارتشفت وئام دموعها وهي تقول بحشرجه:
“أهـ ـانتني يا أبيه وماما سكتت…”
رائد:
“روقي بس كده عشان يحيى صاحبي سايبه لوحده فوق… ولينا كلام تاني”
مسحت وئام دموعها وولجت لغرفتها وهي تبكي وأكثر ما يزعجها أن يحيى سمع ما حدث!!!
**********
“مش هتاخدوا الفلوس إلا لما أسمع الغنه صح”
قالها يحيى لعامر وعمرو وآدم هو يردد سورة الناس وهم يرددون وراءه ثم أخذ كل واحد يقولها على حده ورائد يراقبهم حتى أعطاهم يحيى النقود وغادروا مبتهجين، فقال رائد:
“مش عارف إزاي كانت غايبه عني الفكره دي!… إيه رأيك تحفظهم قرآن”
“موافق… بس طمني الأول إيه اللي حصل؟”
كان يقصد ما حدث مع وئام فسرد عليه رائد التفاصيل فقال يحيى بضحك:
“ربنا يعينك يبني…”
شاركه رائد الضحك وهو يردد:
“يارب”
من ناحية أخرى اشترت نداء كل ما تمنت من الملابس وعادت للبيت مبتهجة كانت بقمة سعادتها، تكاد من فرط إعجابها بالملابس أن تأخذهم بين أحضانها وهي نائمة…
استغفروا
★★★★★
وبعد مرور يومين
في كافيه يطل على البحر كانت هيام تجلس قبالة نداء اتسعت ابتسامتها بعدما أنهت حياكة وتطريز فستان صغير بحجم كف يدها وأخذت تُلبسه لدمية صغيرة بيدها وهي تقول:
“إيه الجمال ده بس… حقيقي أنا مصممة أزياء منتازه… منتازه”
قالتها وهي تضغط على حرف النون فعقبت نداء وهي تصوب نظرها لتلك الدمية:
“إنتِ تافهه يا هيام!”
أخذت هيام تُحرك الدمية وهي تتحدث بنبرة مختلفة وكأن الدمية من يتحدث:
“بموت في الشتيمه… بموت في الشتيمه وبخني”
طالعتها نداء بسخط وتهكم ولم تنطق فضحكت هيام وقالت:
“خلاص خلاص يلا احكيلي أنا سامعه… إيه علاقتك بـ رائد؟”
مالت نداء بجزعها للأمام وقالت بنفاذ صبر:
“علاقة إيه!!! قولتلك مفيش بينا حاجه إنتِ ليه مش مصدقه؟!”
عادت هيام بظهرها للخلف ووضعت رجل فوق الأخرى وهي تردد:
“لا فيه بينكوا حاجه ونظراتكوا فضحاكوا”
أردفت بإصرار:
“اخلصي بقا واحكيلي….”
نفخت نداء بضجر ثم مالت بجزعها العلوي للأمام وقالت:
“طيب هحكيلك بس إوعديني يفضل سر بيننا وحتى وئام متعرفش”
“أوعدك والله… قولي بقا”
أخذت نداء تحكي لها كل شيء بداية من التقائها به وهو فاقد البصر ثم حديثها معه عبر الهاتف وحتى تلك اللحظة، فابتسمت هيام وفكرت قليلًا قبل أن تقول:
“رائد أخويا حنين أوي وراجل أوي ومحترم وإنتِ بنت جدعه يا نداء وحقيقي إنتوا لايقين على بعض”
نداء بنفاذ صبر:
“يبنتي افهمي مفيش حاجه بيننا أصلًا ما أنا حكيتلك…”
ضحكت هيام وقالت بسخرية:
“مفيش حاجه إزاي إنتِ مش واخده بالك من لمعة عينك وإنتِ بتتكلمي عنه؟”
أطرقت نداء بصرها لأسفل وابتسمت هيام وهي تلعب بدميتها الصغيرة وتتحدث معها ثم رفعت بصرها لتُحدث نداء، فابصرته يجلس على طاولة خلف ظهر نداء، طالعها محمد بابتسامة عذبة ولوح لها، فابتسمت له وحاولت ألا تُظهر أي رد فعل أمام نداء التي نهضت وهي تقول:
“أنا هدخل الحمام وأجي عشان نمشي”
اومأت هيام وهي تقول:
“ماشي هستناكِ هنا”
وبمجرد ابتعاد نداء أقبل محمد نحو هيام وقال بسخرية لطيفة ونظره على الدمية:
“حلوه العروسه… دي بنتك؟”
قالت بعد أن رمقته بغيظ زائف:
“إنت مالك هو إنت هتصاحبني؟”
جلس على المقعد جوارها وقال:
“افترضنا إن عايز أصاحبك هتوافقي؟”
تجاهلت كلامه وقالت:
” قوم امشي قبل ما نداء تيجي”
استند بمرفقيه على الطاولة وهو يقول:
“جاوبيني الأول”
“قولتلك قوم صاحبتي لو شافتك هتحقق معايا وهقولها الحقيقة وإنت حر بقا”
ضحك وهو ينهض ثم أشار لأكواب العصير على الطاولة قائلًا:
“طيب العصير ده على حسابي متدفعيش، اتفقنا؟”
قالت بابتسامة:
“عصير ايه!؟ لأ أنا ليا عندك عزومه على الغدا أو العشاء هقول لريم تبقى تقولك… ما أنا مش هتستر عليكوا كده لله وللوطن، اتفقنا؟”
أومأ مرددًا بابتسامة:
“اتفقنا… سلام”
قالت:
“سلام يابن عمي”
تابعته وهو يعود لطاولته وما أن عادت نداء نهضت وغادرت بعد أن لوحت له دون أن تلاحظ نداء..
سبحان الله وبحمده 🌹
بقلم آيه شاكر
★★★★★
كان يحيى جالسًا قبالة عمرو وعامر وجواره آدم يُقرأهم قرآن بصوته العذب ويصل صوته إليها وهي تجلس على فراشها…
وقفت والدتها قبالتها وقالت:
“قومي نضفي الشقه وشوفي أختك اللي قاعده تلعب بالعروسه زي العيال دي خليها تساعدك”
اومأت وئام ووجهها متجهم فرمقتها والدتها وقالت:
“لما يبقى حد في بيتنا مينفعش نعمل اللي عملتيه مع بنت عمك ده عيب! وعيب برده لما تعاملي أمك كده! يومين كاملين متجاهلاني… يا ست وئام يا متربيه مفيش حد بيعاقب أمه وأبوه معهما عملوا حتى لو غلطوا فيه!”
همت شيرين أن تغادر فوثبت وئام وضمتها وهي تقول:
“متزعليش مني”
شددت شيرين من ضمها وقالت بمرح:
“مش هزعل لو نضفتولي الشقه وغسلتوا المواعين دي”
ضحكت وئام وهي تشير لعينيها قائلة:
“من عنيا..”
اتجهت وئام نحو أختها وحين رأتها شاردة قالت:
“قومي بقا يا هيام خلينا نخلص شغل البيت”
طالعها هيام وهي تضع إحدى يديها التي تستند بمرفقها على المكتب على خدها بنظرات هائمة دون أن تعقب، فأردفت وئام:
“مش فاهمه مالك النهارده متغيره و…”
قاطعتها هيام وأخذت تحرك الدمية وكأنها ترقص وتغني:
“متغيره ومتحيره وكأني لسه صغيره لو بحلم أنا بالحلم ده مش عايزه أفـــــوق”
“لا بجد إنتِ مش على طبيعتك خالص من ساعة ما رجعتي من برد… أنا قلقت…”
نهضت هيام واقفة ثم عانقت أختها وقبلتها وهي تقول:
“متقلقيش دا أنا هعمل كل الشغل… هتشقلب في الشقه بس إوعي تزعلي نفسك يا قمر يا أحلى أخت في الدنيا… يا احلى حاجه في الحياة يا…”
تحسست وئام جبهة هيام بظهر كفها وقالت بتهكم:
“طيب ما هو مفيش سخونيه أهوه أومال مالك؟!”
تركتها هيام وخرجت من الغرفة تتمايل بجسدها وتغني بخفوت وكأنها فراشة ترفرف بأرجاء البيت، طالعتها وئام لبعض الوقت ثم قالت:
“مالها البت دي!!؟”
قاطعها صوت رائد الذي قال:
“وئام… مش كنتِ عايزه حد يحفظك قرآن!”
اومأت بحمـ ـاس وهي تقول:
“ايوه… لقيتلي مقرأة؟”
“لأ لقيتلك شيخ حافظ ومتقن”
قالت:
“مكانه فين ده؟”
أشار رائد للغرفة التي يجلس بقا يحيى وقال:
“في الأوضه دي”
ابتلعت وئام ريقها وقالت باضطراب:
“إيه!!”
قال بابتسامة:
“بعد فرح رامي هرتب معاه المواعيد اللي تناسبكم”
قالها رائد ثم انصرف من أمامها وتركها متصنمة مكانها بذهول…
★★★★★
مرت الأيام
وجاء يوم زفاف ريم ورامي
وفي المساء أمام البيوتي سنتر وقف محمد أمام سيارة قد أجرها، وحين أبصر خروج ريم مع عريسها ابتسم وكبح دمعته وهو يحملق بها كم تمنى لو يفرق الصفوف ويعانقها ويطمئنها أنه بجوارها….
لم يعرفه أحد من الموجودين سوى هيام التي التفتت حولها ثم لوحت له فابتسم لها، وحين لاحظت انشغال الجميع أقبلت نحوه، قال بقلق:
“امشي يا هيام أصل حد يشوفك معايا”
قالت:
“اكتب رقمي عندك عشان هتصرف وأخليك تقابل ريم”
أخذت تملي عليه الرقم ودونه ثم اتصل بها فدونت رقمه، ابتعدت خطوتين ثم عادت إليه وقالت:
“إنت معاك حد؟!”
هز رأسه نافيًا وهو ينطق:
“لوحدي”
كانت ملامحه عابسة يشعر بتلك الكلمة، فقد أضحى وحيدًا مجددًا، تزوجت ريم وستنشغل بحياتها وتنساه وكأنه لم يكن، هكذا ظن!
عقبت هيام بابتسامة:
“طيب متمشيش أنا هركب معاك…”
تركته وانصرفت ووقف هو ينتظرها حتى رآها تقبل نحوه ومعها وئام ونداء، سألتها وئام:
“هنركب فين يا بنتي العربيات كلها مشيت”
“لسه فيه صاحب رائد مستني هناك…”
هز محمد رأسه مستنكرًا مما تفعل تلك المعتـ ـوهه، وركبوا الثلاثة السيارة ليتبعوا موكب العروسين حتى البيت…
لم يكن هناك حفلًا صاخبًا فضلًا عن الأضواء المختلفة وأخذ الشباب يقرعون الطبول وينشدون إحتفالًا بهما…
حزنت هيام لأنها لن تستطيع جمع محمد وريم اليوم…
فنظرت نحو محمد الذي يقف مستندًا على سيارته يتابع الإحتفال وهزت رأسها يمنة ويسرة بأنها لن تستطيع فتفهم ذلك وأومأ رأسه بابتسامة مهزومة…
على الصعيد الأخر وقفت فاطمة جوار رغدة من ناحية وصالح ومؤمن من الناحية الأخرى كانوا متجهمين الملامح يشاهدون ما يحدث بجمود، أقبلت رغدة لتسلم على ريم همست بأذنها:
“صدقيني مش هتطولي وهتطـ ـلقي… مبروك”
سلمت فاطمة على ريم وقالت بأذنها بحزن:
“إنتِ خسرتيني للأبد…”
ابتعدت فاطمة ثم عانق صالح ريم بجفاء وهمس لها:
“إن شاء الله ترجعلنا بعد ما تاخدي فوق دماغك”
عانقها مؤمن وقال بتهكم هو الأخر:
“إنتِ صعبانه عليا اوي…”
لم تذق للفرحة طعمًا كانت مرتبكه وازداد خوفها وقلقها، واختنقت بدموعها التي جاهدت لتحبسها، مدت نظرها لترى محمد يقف قبالتها، ابتسم وقبل راحة يده وألقى لها القبلة فشعرت ببعض الإطمئنان….
وكان رامي يتابع ريم ونظراتها وكذالك ابتسامتها لـ محمد وتلك القُبل التي ألقاها محمد لها، فصُدم وتجهم وجهه، أخذ يتابع نظراتهما لبعضهما ثم ترك يدها وابتعد عنها قليلًا قبل أن يُنهي الإحتفال ويصعدا لشقتهما…
وبعد فترة خرجت رغدة من البيت بعد أن نزلت من شقة رامي وريم فأقبلت وئام نحوها وقالت باستخفاف:
“عقبالك يا رغده لما تلاقي حد يبص في وشك”
لم تلتفت لها رغده وكادت تغادر، فأردفت وئام بتهكم:
“يلا ربنا يدينا طول العمر عشان نشوف اليوم ده… ألا هو محدش بيعبرك خالص يا رغده يا حبيبتي”
ومن جهة أخرى أبصرت هيام محمد فمازال واقفًا مكانه يحملق بالأفق، فأقبلت نحوه…
من ناحية أخرى وقف رائد جوار نداء وقال دون أن ينظر إليها:
“استني مني مكالمة في ميعادنا بعد الفجر”
ابتلعت نداء ريقها باضطراب والتفتت حولها في توجس، بعد أن غادر رائد ليصافع يحيى بابتسامة واسعة لتتلاشى ابتسامته حين رأى هيام تدنو من شاب لأول مرة يراه!
كانت هيام تلتفت حولها في توجس وهي تتجه نحو محمد الذي أشار لها بعينه من بعيد ألا تقترب لكنها لم تفهم مقصده وأخذت ترنو منه، فولاها محمد ظهره حين لاحظ انتباه رائد لما يجري، وقفت هيام خلفه وقالت بحزن:
“أنا آسفه كان نفسي أساعدك لكن…”
ليباغتها صوت رائد الذي جز على أسنانه وهو يقول بنبرة حادة:
“هيام”
أجفلت هيام والتفتت تطالعه بخوف ولم ينقذها من سهام نظراته الحادة إلا صرخات وئام أثر اشتباكها مع رغدة التي دفعتها بقـ ـوة فكادت وئام أن تسقط على ظهرها لولا أن سندها يحيى بيديه…

يتبع….

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية سدفة)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى